You cannot copy content of this page
المقصود بالبطلان الجنائى والفرق بين البطلان وغيرة من النظم القانونية المشابهة
– هو جزاء يترتب على عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بأى إجراء جوهري (م 331) ، ويستوى أن تكون الأحكام المتعلقة بالإجراء الجوهري تتعلق بمضمون وجوهر الإجراء أو كانت تتعلق بالشكل الذي يصاغ فيه . كما يستوي أن تكون هذه الأحكام قد وردت بقانون الإجراءات الجنائية أو وردت بقانون العقوبات .
– وقد نظم المشرع المصري البطلان كجزاء إجرائي في الفصل الثاني عشر من الباب الثاني من قانون الإجراءات الجنائية وذلك في المواد 331 وما بعدها .
– ولأن البطلان كثيرا ما يختلط بغيره من الجزاءات الإجرائية فسوف نميز بينه وبين غيره من الجزاءات الإجرائية المشابهة وذلك على النحو التالي : –
– بطلان الإجراء الجنائي هو جزاء إجرائي يلحق كل إجراء معيب وقع بالمخالفة لنموذجه المرسوم قانونا ، فيعوقه عن أداء وظيفته ، ويجرده من آثاره القانونية التي كان يمكن ترتيبها فيما لوقع صحيحا . (سليمان عبد المنعم – بطلان الإجرائي الجنائي ص1)
والسقوط جزاء إجرائي يرد على السلطة أو الحق في مباشرة العمل الإجرائي إذا لم يقم به صاحبه خلال الفقرة التي حددها القانون . (عبد الحميد الشواربي في الدفوع الجنائية ص815)
وعليه لا يفترض السقوط عيبا شاب الإجراء ولكنه يفترض أن الإجراء الصحيح لم يتخذ في خلال الوقت الذي يحدده القانون ، مثال ذلك الطعن في الحكم بعد فوات الميعاد الذي حدده القانون ، وإلغاء النائب العام الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى بعد فوات مهلة الثلاثة شهور التي حددها القانون . (محمود نجيب حسني في شرح قانون الإجراءات الجنائية ص357)
ويبدو التشابه بين السقوط والبطلان ، في أن السلطة أو الحق في مباشرة العمل الإجرائي شرط موضوعي لصحته ، فإذا تخلف هذا الشرط كان العمل باطلا ، ففوات ميعاد الطعن يؤدي الى سقوط الحق في الطعن ، فإذا بوشرت الإجراءات على الرغم من هذا السقوط كانت باطلة . (عبد الحميد الشواربي ، مرجع سابق)
أما الفرق بينهما فينحصر في أن الإجراء الباطل معيب بالضرورة ، أما الإجراء الذي سقط الحق في مباشرته فهو في الغالب إجراء صحيح ، ويعني ذلك أن البطلان يرد على الإجراء في ذاته ، ولكن السقوط يرد على الحق في مباشرة الإجراء ، ويرتبط بذلك أن الإجراء الباطل يجوز تجديده طالما أن الحق في مباشرته مازال باقيا ، أما السقوط – فباعتباره يفترض انقضاء الحق في مباشرة الإجراء – فإنه لا يتصور معه تجديد ذلك الإجراء . (أحمد فتحي سرور ، الوسيط ص320)
وأمثلة السقوط عديدة في قانون الإجراءات الجنائية ، يجمعها على تنوعها فكرة تقييد الحق أو السلطة في مباشرة العمل الإجرائي بمدة معينة ، فإن بوشر الحق أو السلطة خلال هذه المدة احتفظ العمل الإجرائي بفعاليته وصار صالحا لإنتاج الثر القانوني المرجو من ورائه ، وإن مضت هذه المدة دون مباشرة العمل فقد هذا الأخير فعاليته ولم يعد محلا لحق أو لسلطة ، ومثال ذلك ما يستخلص من المادة 211 من قانون الإجراءات الجنائية المصري من سقوط الحق في إلغاء الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى من جانب النائب العام بعد مضى ثلاثة أشهر من صدوره ، وكذلك سقوط الحق في الطعن في الحكم بعد فوات المهلة المقررة قانونا ، وسقوط الحق في تنفيذ أوامر الضبط والإحضار وأوامر الحبس كأصل عام بعد مضى ستة أشهر من تاريخ صدورها . (م139/2 أ.ج) . (سليمان عبد المنعم ص132 ، مرجع سابق)
– عدم قبول العمل الإجرائي ليس جزاء لتعييب هذا العمل ذاته ، وإنما هو جزاء لتخلف أحد المفترضات الإجرائية التي يستلزمها القانون والتي تمنح العمل الإجرائي الذي يرتكز عليها قابلية الاعتراف القانوني به وقبوله . (سليمان عبد المنعم ص138 ، مرجع سابق)
فعدم القبول يجب أن يفهم على أنه رفض الحكم في الموضوع لعدم توافر الشروط الشكلية أو الموضوعية التي تسمح للمحكمة بالقضاء في موضوع الطلب أو الدعوى ، وهو من أجل ذلك قد يقترن بجزاءات إجرائية أخرى كالبطلان أو السقوط أو الحرمان بحيث يكون الحكم بعدم القبول بمناسبة توافر عيب من العيوب المتعلقة ببعض الإجراءات أو كلها المستوجبة لجزاء من هذه الجزاءات .
إلا أن عدم القبول في هذه الحالة لا ينصرف الى الأجزاء المشوب بعيب مستوجب البطلان أو السقوط و الحرمان وإنما ينصرف الى الطلب أو الدعوى التي بوشر الإجراء المعيب بمناسبتها والذي كانت مباشرته شرطا شكليا لاتصال المحكمة بموضوع الدعوى ، وعليه فالتقدم بالشكوى بعد فوات الميعاد المحدد قانونا وهو ثلاثة أشهر يترتب عليه عدم قبول الدعوى لسقوط الحق في رفعها بفوات الميعاد المحدد للتقدم بالشكوى . كذلك تخلف شرط الصفة المتمثلة فيه الأهلية الإجرائية يجعل الإجراء المباشر ممن ليسن له الصفة المطلوبة باطلا ومع ذلك فالمحكمة لا تحكم ببطلان الإجراء وإنما تحكم بعدم قبول الطلب أو الدعوى . (مأمون سلامة في الإجراءات الجنائية ص398)
ولما كان عدم القبول يفترض عدم توافر الشروط الشكلية والموضوعية لاتصال المحكمة بالدعوى ، فمعنى ذلك أنه يفترض عدم توافر الرابطة الإجرائية صحيحة ومن ثم فهو يتعلق بالنظام العام لاتصاله بولاية القاضي للحكم في موضوع الدعوى ، ومن أجل ذلك فإن المحكمة لها أن تقضي بعدم القبول من تلقاء نفسها ، كما أنه يجوز الدفع به من قبل الخصوم في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض طالما أن تحقيق الدفع لا يحتاج الى تحقيق موضوعي لا يجوز لمحكمة النقض مباشرته .
– ويبدو الشبه بين البطلان وعدم القبول في سبب كل منهما ، فسبب البطلان هو عدم توفر شروط صحة العمل ، وهو ذات سبب عدم قبول الطلب ، فالبطلان خطوة أولى يليها عدم القبول . (عبد الحميد الشواربي ، مرجع سابق)
** أما الفرق بينهما فيتمثل في أن : –
1- البطلان كجزاء إجرائي أوسع نطاقا من عدم القبول ، إذ أنه يلحق كل عمل إجرائي معيب ، ويغطي ذلك كل إجراء يتخذ في إطار الخصومة الجنائية أو في المرحلة السابقة عليها والممهدة لها ، وبالتالي يتصور أن ينصب البطلان على إجراءات التحقيق والمحاكمة . أما عدم القبول فهو جزاء يقتصر على الدعاوى والطلبات كصور للأعمال الإجرائية ، وهو من هذا المنظور يبدو أوثق صلة والرابطة الإجرائية ذاتها منها الى العمل الإجرائي .
2- أثر البطلان يتمثل في عدم الاعتراف بالعمل الإجرائي المعيب وتعطيله عن أداء دوره الإجرائي وإنتاج آثاره القانونية ، وفي عبارة أخرى يعتبر الإجراء الباطل كقاعدة عامة كأن لم يكن . أما عدم القبول فهو لا ينصرف الى الإجراء المعيب ذاته بعيب البطلان أو السقوط ، وإنما يقتصر أثره على رفض الدعوى أو الطلب المبنى على الإجراء المعيب ، وليس ثمة ما يمنع في غالب الأحيان من إمكان تصحيح الإجراء المعيب الموصوم بوصم البطلان وذلك بإعادته أو بتحوله الى الإجراء الذي توافرت عناصره ، ويكون ذلك على وجه الخصوص في حالات البطلان غير المتعلق بالنظام العام . أما عدم القبول فلا يجوز للمحكمة أن تتجاهله ويتعين عليها إنزال حكمه ، وبالتالي يكون لها أن تقضي بعدم قبول الدعوى أو الطلب من تلقاء نفسها . كما لا يجوز الدفع به من جانب الخصوم في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو كان ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض متى كان تحقيق هذا الدفع بعدم القبول لا يستوجب تحقيقا موضوعيا مما يمتنع على محكمة النقض مباشرته . (مأمون سلامة ص370 ، مرجع سابق)
3- الدور الوظيفي للبطلان يتمثل في التقرير بما اعترى العمل الإجرائي من عيب لتخلف أحد مقوماته الموضوعية أو انتفاء أحد شروط صحته الشكلية ، وعلى خلال ذلك فالدور الوظيفي لعدم القبول يفترض سلفا توافر عيب من العيوب الإجرائية المستوجبة لجزاء إجرائي كالبطلان أو السقوط ، ولكن هذا العيب يظل كامنا ، ولا تحين الفرصة لكشفه والتقرير به إلا عند مباشرة الدعوى أو الطلب المرتبطين بهذا الإجراء المعيب ، فرفع الدعوى الجنائية عن جريمة من جرائم الشكوى يمثل في ذاته عيبا إجرائيا يستوجب البطلان متى كانت هذه الشكوى لم تقدم بعد . فإذا بوشر الإجراء (رفع الدعوى) تجسد الجزاء في صورة عدم القبول .
وهناك فرق بين عدم القبول ، وعدم الجواز ، فعدم القبول يرجع الى عيب في شخص الطاعن أو في شكل الطعن ، أما عدم الجواز فيرجع الى عيب في محل الطعن وهو الحكم .
فالطعن مثلا يكون غير مقبول إذا قدم من غير ذي صفة أو لم يستوف الشكل المقرر بالقانون . أما عدم الجواز فيتحقق متى انصب الطعن على حكم لم يجز القانون الطعن فيه .
وعلى هذا فجزاء عدم القبول بعيب كل إجراء يتخذه من لا يكون قد نشأن له حق ما في اتخاذه ، لتحلف الشروط التي استلزمها القانون في سبيل نشأة هذا الحق ، ومنها ما يتعلق بالمضمون الموضوعي للدعوى الجنائية ، وقد يتعلق بالمضمون الشكلي . (عبد الحميد الشواربي ، مرجع سابق)
إلا أن محكمة النقض غير مستقرة على استخدام تعبير عدم القبول إذ تميل أحيانا الى القول بعدم الجواز أى عدم جواز نظر الدعوى أو الطعن في حالات عدم القبول .
(نقض جنائي 9 يناير 1967 ، مجموعة أحكام النقض ، س18 ق7 ص46 – 21 نوفمبر 1967 س18 ق241 ص1147)
كما أن المشرع نفسه يستخدم تارة تعبير عدم القبول ، مثال ذلك نص المواد 401/3 من قانون الإجراءات الجنائية و32 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات إجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، ويستخدم تارة أخرى تعبير عدم الجواز ، مثال ذلك المادة 31 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المشار إليه ، وتؤثر محكمة النقض في مجال الطعن في الأحكام استخدام تعبير عدم القبول حين يتعلق الأمر بعيب في شخص الطاعن أو في شكل الطعن وتميل الى التقرير بعدم جواز الطعن حين يتمثل العيب في الحكم محل الطعن . (سليمان عبد المنعم ص142 ، مرجع سابق)
يتبين مما تقدم أن العلاقة بين البطلان والسقوط وعدم القبول تتمثل في أن البطلان يترتب على سقوط الحق في مباشرة العمل ، وأن عدم القبول يترتب على بطلان تقديم الطلب ، وقد يجتمع السقوط والبطلان وعدم القبول معا ، إذا ورد العمل على صورة طلب ، مثال ذلك أن يقرر الطاعن بالطعن بعدم الميعاد القانوني ، فقد أسقط حقه في الطعن بانقضاء ميعاد الطعن ، فإذا ما قرر بعد ذلك بالطعن كان طعنه باطلا وتعين الحكم بعدم قبوله .
وقد جرت محكمة النقض على أن تقضي بسقوط الطعن إذا لم يتقدم الطاعن المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية للتنفيذ قبل الجلسة تمييزا لهذا الجزاء الإجرائي المترتب على سبب طارئ عن بقية الجزاءات الإجرائية .
إلا أن الطعن قد يكون غير مقبول شكلا ثم لا يتقدم الطاعن المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية للتنفيذ ، وحينئذ يتعين الحكم بسقوط الطعن ، لأن السقوط بمس الحق في الطعن وهو مسالة سابقة مباشرة على الطعن في الميعاد أو بعده ، كذلك إذا اجتمع عدم جواز الطعن مع عدم قبوله شكلا يحكم بعدم جواز الطعن . (عبد الحميد الشواربي ، مرجع سابق)
– أن الحكم بعدم القبول يفترض توافر الاختصاص بنظر الدعوى للمحكمة ، ويقصد بالاختصاص هنا ولاية المحكمة بالحكم في الدعوى . فإذا انعدمت تلك الولاية فالمحكمة تقضي بعدم اختصاصها ، ومن ثم فإن عدم الاختصاص يفترض تخلف شرط من شروط انعقاد الولاية للمحكمة للفصل في موضوع الدعوى ، بينما عدم القبول يفترض تخلف شرط من شروط الحكم في موضوع الدعوى رغم ولاية المحكمة بالحكم فيها .
– يجب أولاً أن نفرق بين مخالفة القانون والخطأ في تطبيق القانون والخطأ في تأويل القانون .
فمخالفة القانون يتحقق بترك العمل بنص قانوني ، كعدم الحكم بالمصادرة مع وجوب الحكم بها ، أما الخطأ في تطبيق القانون فيتحقق عند إعمال نص قانوني لا ينطبق على واقعة الدعوى ، أما الخطأ في تأويل القانون يتحقق بإعطاء النص الواجب تطبيقه معنى غير معناه الصحيح .
ونجد أن القانون قد عنى بالتمييز بين البطلان والخطأ في القانون في مواضع كثيرة فقد نصت المادة (30) من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض على جواز الطعن بطريق النقض في الأحوال الآتية : –
-إذا كان الحكم المطعون فيه مبنياً على مخالفة للقانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله .
-إذا وقع بطلان في الحكم .
-إذا وقع في الإجراءات بطلان أثر في الحكم .
كما نصت الفقرة الثانية من المادة (415) إجراءات على أن ” للنائب العام أن يطعن في قرار المحكمة الاستئنافية بنظر الجناية بطريق النقض إذا كان قد بنى على خطأ في تطبيق نصوص القانون أو في تأويلها ” .
كذلك نصت المادة (35) من القانون رقم 57 لسنة 1959 على أن “ لمحكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبنى على مخالفة للقانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله ولم يجز لها هذا النص أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها بسبب البطلان إلا في حالتين هما إذا كانت المحكمة التي أصدرته لم تكن مشكلة وفقا للقانون أولا ولاية بالفصل في الدعوى .
ومشكلة التمييز بين الخطأ في القانون والبطلان لا تبدو أهميتها إلا بالنسبة للأحكام فعندما يطبق القاضي القاعدة الإجرائية ، فإن خالفها كان عمله باطلا ، وعندما يطبق قاعدة موضوعية ، فإن أخطأ في تطبيقها اعتبر ذلك خطأ في القانون .
وقد ينطوي الحكم في الوقت ذاته على بطلان أو خطأ في القانون . مثال ذلك . الحكم الذي يخلو من البيانات الجوهرية أو الذي يؤسس على إجراءات باطلة ويخطئ في العقوبة ففي هذه الحالة يتغلب أثر البطلان على الخطأ في القانون . (عبد الحميد الشواربي ص820 ، مرجع سابق)
ولما كانت مشكلة التمييز بين الخطأ في القانون والبطلان لا تبدو أهميتها إلا بالنسبة الى الأحكام وأوامر غرفة الاتهام فإنه لحل هذه المشكلة يتعين التفرقة بين نشاط القاضي باعتباره مجرد شخص إجرائي ونشاطه باعتباره قاضيا فهو بوصفه شخصا إجرائيا يتعين عليه أن يمارس نشاطه وفقا للقواعد الإجرائية الجوهرية فإن خالف هذه القواعد في ذات الحكم أو في الإجراءات التي يبنى عليها الحكم كان قضاؤها باطلا .
أما بوصفه قاضيا فعلية أن ينزل كلمة القانون (الموضوعي والإجرائي) على الوقائع المعروضة عليه ، فإن أخطأ في تطبيق قانون العقوبة أو القوانين المكملة له على النشاط العادي للأفراد أو أخطأ في تطبيق قانون الإجراءات الجنائية على النشاط الإجرائي للأشخاص الإجرائيين اعتبر ذلك خطأ في القانون . (إيهاب عبد المطلب في الموسوعة الجنائية الحديثة في البطلان)