You cannot copy content of this page
تصحيح بطلان الاجراء الجنائى
** المقصود بتصحيح البطلان الاجرائى : –
هو عدم تحقق آثاره ، وهو أمر موضوعي يطرأ على العمل الإجرائي الباطل ، فيزيل عنه هذا الوصف .
وقد أعطى القانون القاضي أن يصحح ولو من تلقاء نفسه كل إجراء تبين له بطلانه . م335 . ويستوي أن يكون البطلان مطلقا أو نسبيا . فتصحح الإجراء الباطل ليس مفاده الحكم بالبطلان حتى ولو لم يطلب من الخصوم . فالمحكمة ليس لها أن تقضي بالبطلان إلا إذا كان مطلقا أو كان نسبيا وتمسك به الخصوم ، وإنما المقصود بذلك التصحيح هو أن المحكمة منوط بها واجب التطبيق السليم للقانون بالنسبة للدعوى المنظورة أمامها وإجراءاتها . (مأمون سلامة ، مرجع سابق)
ومن صور تصحيح الإجراء الباطل ما يستخلص من حضور المتهم جلسة المحاكمة بنفسه أو بواسطة وكيل عنه عقب تكليف بالحضور باطل . ففي هذه الحالة لا يحق للمتهم التمسك ببطلان التكليف ، وإنما يطلب تصحيحه أو استيفاء أى نقص فيه ، ويتم منحه أجلا جديدا لنحضير دفاعه قبل البدء في سماع الدعوى . (م334 أ.ج.م)
ومن الصور الخاصة لتصحيح الإجراء المعيب (وإن لم يكن باطلا بالمعنى الدقيق للكلمة) ما يعرف بتصحيح الأخطاء المادية .
فقد نصت المادة 337 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه ” إذا وقع خطأ مادي في حكم أو في أمر صادر من قاضي التحقيق أو من محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة ، ولم يترتب عليه البطلان تتولى الهيئة التي أصدرت الحكم أو الأمر تصحيح الخطأ من تلقاء نفسها ، أو بناء على طلب أحد الخصوم وذلك بعد تكليف الخصوم بالحضور ، ويقضي التصحيح في غرفة المشورة بعد سماع أقوال الخصوم ، ويؤشر بالأمر الذي يصدر على هامش الحكم أو الأمر ، ويتبع هذا الإجراء في تصحيح اسم المتهم ولقبه .
وثمة فروق أساسية بين إعادة الإجراء الباطل وتصحيح الخطأ المادي في إجراء صحيح . فالإعادة تكون بمباشرة الإجراء من جديد ، أما التصحيح فيكون بالتأشير بالأمر الصادر بالتصحيح على هامش الورقة التي أثبت فيها الإجراء ، وينتح الإجراء المعاد أثره من وقت إعادته ، أما الإجراء الذي صحح خطؤه المادي فترجع آثاره الى وقت مباشرته في أول الأمر . (سليمان عبد المنعم ، مرجع سابق)
ويشترك الخطأ المادي والبطلان في افتراضهما عيبا شاب الإجراء ، ولكنهما يختلفان في أن الأول يفترض عيبا ماديا في حين يفترض الثاني عيبا قانونيا ، ويتضح الاختلاف بينهما في صورة أوضح من حيث أن التصحيح المادي يفترض انتفاء البطلان ، ذلك أنه يرد على إجراء صحيح . (د/ عمر السعيد رمضان رقم 33 ص49)
وأهمية ذلك أنه إذا كان الإجراء باطلا تعين الالتجاء الى السبيل الذي يقرره القانون للاحتجاج ببطلانه ، ومن ثم يكون غير مقبول سبيل تصحيح الخطأ المادي ، وتطبيقا لذلك ، فإنه إذا شاب الحكم بطلان تعين الالتجاء الى طرق الطعن التي يقررها القانون ، ولا يجوز الالتجاء الى طريق تصحيح الخطأ المادي .
وقد قضت محكمة النقض بأنه ” إذا كان الحكم ينطوي على خطأ في تطبيق القانون لا على مجرد خطأ مادي فلا تملك المحكمة تعديله أو تصحيحه لزوال ولايتها في الدعوى بإصدار الحكم فيها ، ولا يسوغ قانونا تدارك هذا الخطأ إلا عن طريق الطعن في الحكم ” (نقض 16/5/1958 مجموعة أحكام محكمة النقض س9 رقم 138 ص550)
وتصحيح الخطأ المادي ليس تصحيحا لإجراء باطل ، بل لإجراء معيب ، ويترتب على ذلك أن بطلان الحكم يفتح الطريق للطعن فيه بإحدى طرق الطعن المقررة قانونا . أما الخطأ المادي الذي يعتور الحكم فلا يجيز الطعن فيه ، وإن أجاز طلب تصحيحه. (مأمون سلامة ، مرجع سابق)
وتختص بتصحيح الخطأ المادي السلطة التي صدر عنها العمل المشوب بهذا الخطأ ، ولها أن تصححه من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم ، وعليها أن تكلف الخصوم بالحضور وتسمع أقوالهم ، ويصدر القرار بالتصحيح في غرفة المشورة. (سليمان عبد المنعم ، مرجع سابق)
** أسباب تصحيح البطلان الاجرائى : –
(1) تحقق الغاية :
فتحقق الغاية سبباً من أسباب تصحيح الإجراء الباطل والمقصود بتحقق الغاية كسبب للتصحيح هو تحققها في الظروف التي تمر بها الدعوى .
فلقد شرع البطلان لحماية الغايات الإجرائية التي نظمها القانون ، فإذا تحققت الغاية التي شرع الشكل من أجلها ، كان التمسك بالبطلان متجافيا مع القانون ، ويمتنع على الخصم التمسك بالبطلان .
وتنطبق هذه القاعدة على البطلان بنوعيه : سواء تعلق بالنظام العام أو بمصلحة الخصوم ، ويشترط أن تتحقق الغاية بالنسبة الى جميع ذوي الشأن ، لا بالنسبة الى خصم واحد فحسب ، فتحقق الغاية هو سبب موضوعي يتعلق بالعمل الإجرائي وليس سببا شخصيا يتعلق بواحد من الخصوم .
(عبد الحميد الشواربي ، مرجع سابق)
(2) قوة الأمر المقضى :
كما يصحح الحكم الباطل قاعدة قوة الأمر المقضي ، فالقاعدة أنه متى حاز الحكم قوة الأمر المقضي أصبح عنوانا للحقيقة والصحة ، فلا يجوز تخطئته في قضائه أو إبطاله بأى طريق ، سواء كان البطلان لعيب ذاتي أو في الإجراءات التي بنيت عليها أو كان متعلقا بالنظام العام أو متعلقا بمصلحة الخصوم . (عبد الحميد الشواربي ، مرجع سابق)
(3) التنازل :
كما يصحح البطلان أيضا بالتنازل لمن له حق التمسك بالبطلان سواء كان صريحا أو ضمنيا .
والمقصود بالتنازل هو إعلان ممن له التمسك بالبطلان برغبة في عدم توقيع البطلان .
ويترتب على التنازل عن التمسك بالبطلان تصحيحه في مواجهة الكافة أى بزوال أثره وهو تنازل بات لا رجوع فيه .
(4) السقوط :
والسقوط يتم بانقضاء ميعاد معين لمباشرة العمل ويكون كذلك بحصول واقعة معينة .
وقد نصت المادة 333 إجراءات على أنه ” في غير الأحوال التي يتعلق فيها البطلان بالنظام العام يسقط الحق في الدفع ببطلان الإجراءات الخاصة بجمع الاستدلالات أو التحقيق الابتدائي أو التحقيق بالجلسة في الجنح والجنايات إذا كان للمتهم محام وحصل الإجراء بحضوره بدون اعتراض منه أما في مواد المخالفات فيعتبر الإجراء صحيحا إذا لم يعترض عليه المتهم ولو لم يحضر معه محام في الجلسة وكذلك يسقط حق الدفع بالبطلان بالنسبة للنيابة العامة إذا لم تتمسك في حينه .
ويلاحظ أن التصحيح بالسقوط يتم بقوة القانون بمجرد حصول الواقعة المحددة في القانون بغض النظر عن عدم علم صاحب الشأن بالعيب الذي أدى الى البطلان بخلاف التنازل الذي لا يتم إلا عن علم بالعيب .
ومن ثم يجوز للمتهم الذي سقط حقه في الدفع بالبطلان بسبب عدم الاعتراض عليه وقت مباشرته أن يدعى أنه كان جاهلا بالعيب الذي أدى الى البطلان .
** أحكام نقض فى تصحيح بطلان الاجراء الجنائى : –
-البطلان – طبقا للمادة 336 إجراءات لا يلحق إلا بالإجراء المحكوم ببطلانه والآثار المترتبة عليه مباشرة ، وهو لا يعلق بما سبقه من إجراءات كما أنه في حالة بطلان التحقيق الابتدائي لا يؤثر في قرار النيابة بإحالة الواقعة الى غرفة الاتهام أو قرار غرفة الاتهام بإحالة الدعوى الى محكمة الجنايات ، ولا يمكن أن يرتب على مثل هذا البطلان إن صح – إعادة القضية الى النيابة كما طلب الطاعن ، لأن في ذلك إهدار الحجية أمر الإحالة بل يكون للمحكمة أن تصحح الإجراء الباطل طبقا للمادة 335 إجراءات .
(نقض 12/3/1956 مجموعة القواعد القانونية س7 ص361)
-لما كان ما ورد بالحكم من صدوره يوم سماع المرافعة ومن ورود قرار المحكمة – بمحضر الجلسة – تاليا لعبارة صدر الحكم الآتي ، لا يعدو كل منهما أن يكون خطأ ماديا بحتا ليس من شأنه أن يبطل الحكم أو ينال من سلامته إذ أنه لا يغير عن حقيقة الواقع عن سماع الدعوى في جلسة سابقة ثم إصدار المحكمة قراراها بحجزها لإصدار الحكم فيها بالجلسة التي صدر فيها بالفعل وهو ما لم يجادل فيه الطاعن .
(نقض 27/3/1984 مجموعة القواعد القانونية س35 ص353)
-إن مجرد حصول تعديل في إحدى العبارات في محضر الجلسة بغرض حصوله – لا يدل على عدم صحة العبارة الجديدة ، بل يفيد التصحيح بما يتفق من حقيقة الواقع .
(نقض 10/6/1953 مجموعة القواعد القانونية س3 ص1081)
-يجب أن تكون الأخطاء المادية المطلوب تصحيحها واردة في منطوق الحكم دون الوقائع أو الأسباب ، ما تكن الأسباب جوهرية مكونا جزءا من منطوق الحكم أو مؤثرة فيما يستنفد منه .
(جلسة 18/7/1993 الطعن رقم 1800 س52ق)
-وقوع خطأ مادي في الحكم أو في أمر صادر من قاضي التحقيق أو من محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة ولم يترتب عليه البطلان ، يجوز تصحيحه بمعرفة الهيئة التي أصدرته ، من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم بعد تكليفهم بالحضور ، إعمالا لنص المادة 337 إجراءات .
(جلسة 18/7/1993 الطعن رقم 1800 س52ق)
-لم يجز قانون المرافعات في المادة 191 منه الطعن في القرار الصادر بتصحيح الحكم من الأخطاء المادية البحتة كتابية كانت أم حسابية ، إلا أن تكون المحكمة قد أجرت التصحيح متجاوزة حقيها فيه ، وذلك بطرق الطعن الجائزة في الحكم بموضوع التصحيح ، أما القرار الذي يصدر برفض التصحيح فلا يجوز الطعن فيه على استقلال ، ولا يرسم قانون الإجراءات الجنائية طريقا للطعن في أوامر التصحيح التي تصدر إعمالا لحكم المادة 337 منه كما فعلت المادة 191/2 مرافعات التي أجازت الطعن استثناء في حالة رفض الطلب ، ولما كان حكم المادة 191/2 مرافعات هو من الأحكام التي لا تتعارض مع أحكام قانون الإجرءاات الجنائية وإنما تكمل نقصا فيها يتمثل في عدم رم طريق الطعن في قرار التصحيح عند تجاوز الحق فيه فإنه يتعين الرجوع الى هذا الحكم والأخذ بمقتضاه في الحدود الواردة فيه.
(نقض 1/11/1970 مجموعة القواعد القانونية س21 ص1030)
-سلطة المحكمة في تصحيح ما يقع في منطوق الحكم قاصر على الأخطاء المادية البحتة التي لا تؤثر على كيانه وتفقده ذاتيته ، يجب أن يكون للخطأ المادي الجائز تصحيحه أساس في الحكم يدل على الواقع الصحيح منه في نظرية الحكم .
(جلسة 18/7/1993 الطعن رقم 1800 س52ق)