You cannot copy content of this page
تعريف حجية الامر المقضى وتعلقة بالنظام العام
– النصوص القانونية : –
تنص المادة 101 من قانون الإثبات : الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق ، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية ، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوص أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلا وسببا .
وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها .
تنص المادة 102 من قانون الإثبات : لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي يصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضروريًا .
– تعريف حجية الأمر المقضي به : –
ينصرف مفهوم حجية الأمر المقضي به ، كدليل ، إلى ما يضفيه المشرع علي الأحكام القضائية من جلال واحترام يحول دون العبث والمساس بها بإعادة طرح موضوع النزاع مرة أخري علي المحاكم ؛ فالحكم القضائي طبقاً لقاعدة حجية الأمر المقضي به يحوز الحجية فيما بين الخصوم فيما فصل فيه من الحقوق ، فلا يجوز لأحد الخصوم أن يعود مرة أخرى إلى المنازعة فيما قضى به الحكم ، عن طريق رفع دعوى جديدة على الخصم الأخر عن ذات الموضوع . فإذا حسم الحكم القضائي النزاع بين الطرفين فهو حجة عليهما معاً .
تقول محكمة النقض : حجية الحكم . مفادها . امتناع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة الي مناقشة المسألة التي فصل فيها في دعوى تاليه ولو بأدلــة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولي .
واضح أن غاية هذه الحجية إذن حسم المنازعات على الحقوق بين الخصوم بصفة نهائية ، دون الحاجة إلى العودة إليها مرة أخرى ، مما يؤدي إلى تأبيد النزاعات مما يحقق الاستقرار في الأمن الاجتماعي . كما أنه يحقق الاحترام الكامل للأحكام القضائية .
ولا يمكننا القول مع البعض من الفقه أن الحجية تؤذي العدالة في جوهرها بتأييد الأحكـام القضائية فيما قضت به ولو خالفت قواعد العدالة وروحها ، فالحكم القضائي لا يصدر إلا بعد سماع أطراف الخصومة ودفاعهم ودفوعهم ، وبالأدنى تمكينهم من ذلك ، وما يستندون إليه من أدلة ، ثم تقدر هذه الأدلة وتقيم من جانب المحكمة ، من حيث الواقع والقانون معاً ، ما يؤدي إلى أن يصدر الحكم القضائي في الغالب من الأمور معبراً عن الحقيقة ، صحيح أن الخطأ في الأحكام القضائية أمر وارد ، فهي انتهاءً جهد بشري ، ولكن مبررات الاستقرار توجب التضحية في سبيل استقرار الأوضاع في المجتمع وتحقيق الاستقرار للأفراد في نزعاتهم ، ومن ناحية أخيرة فإن السماح للأفراد بنقض هذه الحجية بتجديد موضوع النزاع مرات ومرات ، يضر العدالة ، فهو يفتح الباب واسعاً أمام محاولات غير مشروعة للحصول علي ما يدعون أنه حق بأي طريق .
وقد قضت محكمة النقض في هذا الصدد : الفصل نهائياً في مسألة تجادل فيها الخصوم في دعوى سابقة مانع من التنازع فيها بين ذات الخصوم في أي دعوى تالية تكون هذه المسألة بذاتها الأساس لما يدعيه أحدهما من حقوق مترتبة عليها . لا يغير من ذلك اختلاف الطلبات في الدعويين .
والتساؤل : كيف يمكن القول بأن الحجية دليل …؟
الرأي أنه يجب أن يسبق الحديث عن الحجية كدليل التعرض لتلك التفرقة القائمة بين حجية الأمر المقضي به وقوة الأمر المقضي به ، ويمكننا القول بأن حجية الأمر المقضي به تثبت لكل حكم قضائي قطعي ، أي يفصل في موضوع النزاع أو في جزء منه ، سواء أكان قابلاً للطعن فيه بطرق الطعن العادية أم غير قابل للطعن فيه ، وعلى ذلك لا يجوز للخصم إعادة رفع دعوى قضائية أخرى عن الموضوع أو الشق الذي فصل فيه الحكم القضائي فإذا رفعت دعوى جديدة أمكن للخصم أن يتمسك بهذه الحجية . وتبقى هذه الحجية قائمة للحكم القضائي حتى يلغى أو يزول حتى ولو طعـن فيه بطريق من طرق الطعن العادية بالاستئناف أو بطـرق الطعـن غير العادية النقض والتماس إعادة النظر .
أما قوة الأمر المقضي به ، فهي لا تثبت إلا للأحكام القضائية النهائية ، أي الأحكام التي لا تقبل الطعن فيها بطريق الطعن العادية في الأحكام أي الطعن بالاستئناف ، حتى وإن كان جائزاً الطعن فيها بطريق النقض أو التماس إعادة النظر . فإن قوة الأمر المقضي به تظل قائمة للحكم القضائي النهائي حتى وإن طعن فيه بالنقض أو التماس إعادة النظر حتى يلغى الحكم ، وتظهر أهمية التفرقة بين قوة الأمر المقضي به وحجية الأمر المقضي به ، في ان الحكم القضائي تثبت له الحجية ويظل متمتعاً به ، وإن لم تثبت له قوة الأمر المقضي به ، فالحكم القضائي وإن كان قابلاً للطعن فيـه بالاستئناف ، فإنه يتمتع بحجية الأمر المقضي به .
فقوة الأمر المقضي هي المرتبة الثانية التي صل إليها الحكم إذا أصبح غير قابل للطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن غير العادية ، فالحكم الحائز لقوة الأمر المقضي يحوز في نفس الوقت الحجية أي حجية الشيء المحكوم فيه .
– عودة إلى التساؤل المطروح : كيف يمكن القول بأن الحجية دليل …؟
إذا قلنا أن جوهر قاعدة حجية الأمر المقضي به أنها تقرر قاعدة موضوعية جوهرها عدم جواز إعادة المنازعة في الحكم القضائي ، طالما كان قائما لم يلغى بطريق من طرق الطعن العادية أو غير العادية ولا يجوز نقض هذا الحكم الموضوعي عن طريق الإقرار من الخصم الذي صدر الحكم لصالحة أو توجيه اليمين إليه .
أمكننا القول وببساطة أن الحجية دليل ، فهي قرينة قانونية أقامها المشرع ونص عليها صراحة
والتساؤل : إذا كانت الحجية دليل ؛ علي أساس أنها قرينة ، فهل تعد حجية الأحكام قرينة قانونية قاطعة ..؟
تعرف القرائن القانونية القاطعة بأنها قرائن نص المشرع عليها ، أي نص قانوناً ، سواء في قانون الإثبات أو في أي قانون آخر ، ويجوز نقض هذه القرينة بالدليل العكسي ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك ، وفي ذلك تنص المادة 99 من قانون الإثبات : القرينة القانونية تغني من قررت لمصلحته عن أيـة طريقة أخرى من طرق الإثبات ، على أنه يجوز أن تقضي هذه القرينة بالدليل العكسي ، ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك .
وما يهمنا في تعريف القرائن القانونية القاطعة في هذا المقام أنـه وطبقاً للمادة 99 من قانون الإثبات يجوز هدم حجيتها بالإقرار واليمين ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك .
لما سبق لا يمكن القول بأن الحجية قرينة قانونية قاطعة ، إذ يجوز وكما سبق إثبات عكس هذه القرينة القانونية القاطعة بالإقرار واليمين ، أما الحجية فلا يجوز مطلقاً إثبات عكسها ، لذا عالج مشرع قانون الإثبات الحجية كدليل في فصل مستقل بقانون الإثبات ، وفي بيان غايات ذلك قررت المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون الإثبات : أورد المشرع أحكام حجية الأمر المقضي في فصل مستقل عن الفصل الخاص بالقرائن ، وإن جميعها في الباب الرابع منه ، ذلك على أن حجية الأمر المقض ، وإن اشترطت مع القرائن القانونية في الأساس ، واتحدت معها في أن استنباطها مبنى على الغالب من الأحوال ، إلا أنها تختلف عنها في أنها لا يجوز إثبات عكسها ، بأي طريق من طرق الإثبات ، ولو بإقرار أو يمين ، وهو ما جعل الفقه الحديث يعتبرها من القواعد الموضوعية . مما تقدم يتضح أن قاعدة حجية الأمر المقضي به ، تعتبر من قبيل القواعد الموضوعية التي لا يجوز نقضها بأي طريق من طرق الإثبات ولو بالإقرار أو اليمين .
لماذا تتعلق حجية الأمر المقضي بالنظام العام ..؟
لعل تساؤل يثار عن ماهيـة هذا النظام العام الذي ترتبط به الحجية ، وفي ذلك يقرر الفقيه الدكتور فتحي سرور : فكرة النظام العام هي من الأفكار السائدة في جميع فروع القانون وتلعب دوراً هاماً في النظام القانوني ، والاعتقاد السائد في نظرية النظام العام تنطوي علي فكرة عامة مجردة قد تترتب عليها نتائج بالغة الخطورة من بينهما أن القاضي ربما أباح لنفسه أن يتخذ من النظام العام نظرية فلسفية أو دينية يؤسسها علي مجموعة من المبادئ الدستورية أو سياسة التشريع العامة أو علي رأيه الخـاص في المسائل الاجتماعيـة أو الفلسفة الأخلاقية أو الدينية .
والواضح أن محاولات تعريف النظام العام – لم تفلـح – ويقرر الدكتور محمد المنجي : وقد كانت فكرة النظام العام محل تعريفات عديدة لم تفلح إحداها نحو الوصول إلى الغرض المنشود حتى قيل بأن النظام العام يستمد عظمته من ذلك الغموض الذي يحيط به ، فمـن مظاهر سموه أنه ظل متعالياً علي كل الجهود التي بذلها القضاء لتعريفه . وفي هذا المعني قالت الدائرة الجنائية لمحكمة النقض المصرية : أنه إن كان الشارع قد حاول تنظيم النظام العام إلا أن النصوص تدل في عبارتها الصريحة أن الشارع لم يحصر وما كان في مقدوره أن يحصر – والقوانين السياسية والإدارية والماليـة والجنائية أبداً متغيرة – المسائل المتعلقة
بالنظام العام .
وفي رأينا أن النظام العام لا يعدوا أن يكون مجموعة القيم الجماعية – الأخلاقية والدينية والقانونية والسياسية والاقتصادية – التي ارتضي جماعة من الناس في وقت معلوم العيش في ظلها اختياراً .
والتعريف المبسط لنا للنظام العام يتفادى من ناحية أزمة ثبات مفهوم النظام العام ، فهو يقر بتغير المفهوم بتغير مكونات هذا النظام ، وهو من ناحية أخري يقر بوجود تعدد لمدخلات النظام العام وترتيب هذه المدخلات باهيتها بحيث لا يشكل ملامح هذا النظام العام سوى ما احتل مرتبة متقدمة من الأهمية .
والنظم القانونية علي التعريف السابق من مكونات النظام العام ، هي تتغير نعم لكنها وهي تتغير تشغل حيزاً زمنياً واسعاً يسمح بأن يستقر البعض منها ردحاً من الزمن يمكن معه القول بأن قاعدة ما من النظام العام إلى أن تتغير وتحل محلها أخري .
وعن ارتباط حجية الأمر المقضي بالنظام العام تقرر المذكرة الإيضاحية لقانون الإثبات : وعملاً على استقرار الحقوق لأصحابها ومنعاً من تضارب الأحكام نص المشرع في المادة 101 منه المقابلة للمادة 405 من القانون المدني القائم ، على تعلق حجية الأمر المقضي به بالنظام العام . مسلماً به بالنسبة للأحكام الجنائية ، فهي تقوم في المسائل المدنية على ما يفرضه القانون من ثقة مطلقة في حكم القضاء رعاة لحسن سير العدالة ، واتقاء لتأبيد المنازعات وضماناً للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي ، وهي أغراض تتصل اتصالاً وثيقاً بالنظام العام ، وغنى عن البيان ، أن إقرار الخصم على حق التنازل عن هذه الحجية ومنع القاضي من إثارتها من تلقاء نفسه ، يمكن لاحتمال تعارض الأحكام وتجديد المنازعات ، وهو احتمال قصد المشرع اتقائه .
زمن نتائج ارتباط الحجية بالنظام العام التزام محكمة الموضوع – بالحجية – ولو لم يتمسك بها خصوم الدعوى : –
ارتباط حجية الأمر المقضي به بالنظام العام علي النحو الذي أوردناه تخول لمحكمة الموضوع إثارتها من تلقاء نفسها ، وكما أن علي محكمة الموضوع القضاء بها من تلقاء نفسها ، ولذات السبب يجوز التمسك بالحجية ولو أمام محكمة النقض .
وفي ذلك تنص المادة 101 من قانون الإثبات : الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق ، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية ، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوص أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلا وسبباً .
وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها .
وفي ذلك تنص المادة 116 من قانون المرافعات أيضاً : الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها.
ما هو الحكم الذي يصلح أساساً للحجية .. ؟
ينصرف مفهوم الحجية كدليل إلى حجية الأحكام ، والتساؤل الذي يبدوا منطقياً ماذا يقصد بالحكم القضائي ..؟
يقصد بالحكم القضائي الحكم الذي يصدر من سلطة قضائية مشكلة طبقاً للقانون ، ويكون الحكم كذلك سواء كان صادراً من المحاكم العادية بدوائرها المدنية أو التجارية ، أو المحاكم الاستثنائية كالمحاكم العسكرية أو من اللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائي .
لذا
لا تعد القرارات الإدارية التي تصدر من السلطات الإداريـة أو القـرارات التي تصدر من النيابة العامة أو من لجان الضرائب ، فهي لا تعتبر أحكام لصدورها من سلطات إدارية بما لها من سلطة بمقتضى القانون .
ولكي يكون الحكم قضائياً – علي النحو السابق – يجب أن يكون القرار صدر من المحكمة بمقتضى سلطتها القضائية في الفصل في المنازعات بين طرفين ، سواء قضى في النزاع كله أو في شق منها فصلاً نهائياً .
لذا
لا تعد القرارات التي تصدر من المحاكم بمقتضى سلطتها الولائية أحكاماً قضائيـة لأنها لا تفصل في نزاع بين طرفين على حق معين ، وإنما هـي
تصدر أمر أو قرار لتقرير وضع قانوني معين .
ولكي يكون الحكم قضائياً – علي النحو السابق – يجب أن يكون الحكم صادراً من محكمة مختصة نوعياً ومحلياً بإصداره .
ويراعي أن الحكم القضائي الصادر من جهة قضائية تكون له حجية الأمر المقضي بالنسبة لجهات القضاء التي يتبعها ، أما جهات القضاء الأخرى فإن الحكم لا تكون له حجية الأمر المقضي أمامها . وعلى ذلك فإن الحكم الذي يصدر من المحاكم العادية لا تكون له حجية الأمر المقضي أمام محاكم مجلس الدولة . ولكن يحوز حجية الأمر المقضي بالنسبة للمحكمة التي أصدرته وغيرها من محاكم الجهة القضائية ذاتها .
قضت محكمة النقض في ذات السياق : المحاكم صاحبة الولاية العامة للقضاء فتختص بالفصل في كافة المنازعات أيا كان نوعها ، وأياً كان أطرافها ، ما لم تكن إدارية أو يكون الاختصاص بالفصل فيها مقرراً بنص الدستور أو القانون لجهة أخرى استثنائية لعلة أو لأخرى فليست العبرة بثبوت العلة وإنما بوجود النص … مؤدي نص المادة 92 من الدستور أن اختصاص مجلس الشعب بالفصل في صحة عضوية أعضائه اختصاص استثنائي ، فلا يتوسع فيه ولا يقاس عليه فيقصر على الطعن في صحة العضوية به ، ويكون لقراره في شأنها حجية الأمر المقضي به طبقاً لشروط الحجية المنصوص عليها في المادة 101 من قانون الإثبات .
( الطعن رقم 538 لسنة 46 ق ـ جلسة 27/2/1983 )
كما قضت محكمة النقض في ذات السياق : الاختصاص بنظر الطعون التي ترفع عن القرارات الإدارية النهائية سواء صدرت من الإدارة أو من الجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي ينعقد ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره ، عدا ما يرى المشرع بنص خاص إعطاء القضاء العادي ولاية نظره ، وإذا تنص المادة الثانية من القانون 272 لسنة 1959 بتنظيم وزاره الأوقاف على أن تشغل بوزارة الأوقاف لجنة شئون الأوقاف وحدها بالمسائل الآتية : أولا : … ثانياً : إنهاء الحكر . ثالثاً : … وتبين اللائحة التنفيذية الإجراءات التي تتبع في هذه المسائل خصوصاً فيما يتعلق بتقديم الطلبات وبحثها وتقدير الأعيان وإجراءات النشر والمزاد … ، مما مفاده أن القانون المذكور ناط باللجنة المنصوص عليها في المادة الثانية من ولاية الفصل في الطعون التي يرفعها ذو الشأن ، عن الإجراءات التي تتبع لإنهاء الحكر ، وأن قرار هذه اللجنة هو قرار إداري نهائي صادر من لجنة ذات اختصاص قضائي ، إذا لم يرد في القانون نص خاص يخول القضاء العادي ولاية الفصل في الطعون التي ترفع عن قرارات اللجنة المذكورة ، فيكون الاختصاص بالفصل فيها ، منعقداً لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري ، وكان البين من مدونات الحكم ، رقم 779 لسنة 12ق ـ إدارية عليا ـ المقدم مفردات الطاعن ـ أن القرار المطلوب إلغائه في تلك الدعوى ، صادر من لجنة شئون الأوقاف برفض طلب مورث الطاعنين الخمسة الأول والطاعنة السادسة ، بأحقيتها وتفضيلها في شراء الأراض الموقوفة ، موضوع الحجة الشرعية ـ في غرة ربيع الأول سنة 1208هـ باعتبار أن لها حق الحكر عليها فيكون الحكم الصادر في تلك الدعوى قد صدر من جهة ذات ولاية ومن ثم تكون له حجية أمام القضاء العادي .
( الطعن رقم 2479 لسنة 52 ق ـ جلسة 23/1/1986 )
ولكي يكون للحكم القضائي حجية يجب أن يكون حكماً قطعياً ، والحكم القطعي هو الحكم الذي يحسم موضوع النزاع كله أو شق من أو في دفع من الدفوع الشكلية كالدفع بعد الاختصاص أو الدفوع الموضوعية كالدفع بعدم توافر الصفة أو بطلان صحيفة الدعوى
لذا :
فالأحكام غير القطعية ، فليس لها حجية الأمر المقضي به ، والأحكام غير القطعية هي الأحكام التي لا تفصل في موضوع النزاع أو شق منه أو في دفع من الدفوع . ومن أمثله الأحكام غير القطعية . الأحكام التحضيرية كالحكم بإحالة الدعوى للتحقيق أو الأحكام التمهيدية كالحكم بتعيين خبير في الدعوى للقيام بإجراء قانوني معيـن أو الأحكام الوقتية كالحكم بتعين حارس قضائي . فكل هذه الأحكام غيـر قطعية لأن المحكمة غير مقيدة بنتيجتها .
– ولذات السبب : –
لا يعتبر الحكم القضائي حكم قطعي إذا قضي برفض الدعوى لقيام عقبـة
قانونية تحول دون قبولها في الوقت الذي رفعت فيه دون أن يفصل في موضوع النزاع فإن ذلك لا يمنع طرف النزاع من إعادة طرح الموضوع مرة أخرى أمام المحكمة دون أن يكون لأحدهما حق التمسك بقاعدة حجية الأمر المقضي ، لأن الحكم الصادر من المحكمة غير قطعي .
في هذا الصدد قضت محكمة النقض : لكي يجوز التمسك بحجية الحكم يتعين كشرط أساسي أن يكون هناك حكم قضائي صادراً من جهة قضائية لها ولاية في النزاع المطروح عليها ، وأن يظل هذا الحكم قائماً ولم يتم إلغاؤه من جهة القضاء المختصة .
والحكم القطعي ـ وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض ـ هو ذلك الذي يضع حداً للنزاع في جملته أو في جزء منها أو في مسألة متفرعة عنه بفصل حاسم لا رجوع فيه من جانب المحكمة التي أصدرته ، ولا حجية للحكم إلا فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بفصه صريحة أو ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق إلا بها .
_____________________
م . شبل محروس – الدفع بعدم الجواز مدنياً وجنائياً – دار الفكر – 2002م ويقرر سيادته مثال : الحكم الصادر برفض تدخل شخص معين في الدعوى لعدم توافر الصفة لديه ، فإن هذا الحكم لا يمنعه من رفع دعوى مستقبلاً عن ذات النزاع والخصوم ، متى ثبت له هذه الصفة . أو الدعوى التي يرفعها الدائن للمطالبة بدين لم يحل ميعاد استحقاقه فإن الحكم الذي يصدر برفض دعواه لا يحول دون رفع دعوى جديدة عند حلول وقت سداد الدين ، دون أن يكون لخصمه حق التمسك بقاعدة حجية الأمر المقضي به ، لكون الحكم القضائي الصادر غير قطعي.
( الطعن رقم 306 لسنة 59ق ـ جلسة 29/4/1993 )
( الطعن رقم 501 لسنة 49 ق ـ جلسة 13/1/1983 )
اقتصار الحجية على منطوق الحكم والأسباب التي لا يقوم الحم إلا بها
( لا تثبت حجية الأمر المقضي إلا لمنطوق الحكم )
لا تثبت حجية الأمر المقضي إلا لمنطوق الحكم ، وهي لا تثبت لكل المنطوق ، وإنما لما ورد في منطوق الحكم وكان حاسماً للنزاع بين طرف الخصومة ، والذي كان معروضاً على المحكمة ، وأبدى لكل من طرفي النزاع بشأنه دفاعهم ودفوعهم . فإذا تطرق منطوق الحكم إلى أمور لم تكن معروضة على المحكمة في النزاع بنين الطرفين لم يقدم بشأنها دفاع أو دفوع ، فلا ثبت لها الحجية مثلا : فإذا وضعت المحكمة المدعى عليه المدين بدين مدني بأنه تاجر ، ولم تكن هذه الصفة معروضة علي المحكمة بين عناصر النزاع ، فلا حجية لوصف المحكمة له بصفة
التاجر ، ولا حجية لما ورد في منطوق الحكم .
( تثبت حجية الأمر المقضي به أيضاً لأسباب الحكم التي يرتبط بها المنطوق )
تثبت حجية الأمر المقضي به أيضاً لأسباب الحكم التي يرتبط بها المنطوق ، والتي
لا يقوم إلا بها ، مثال : إذا انتهى منطوق الحكم إلى أن المدعى عليه يملك الأرض المتنازع عليها ملكية مفرزة غير شائعة ، وكانت أسباب الحم قد أوضحت أن ذلك يرجع إلى قسمة نهائية ، بين المدعى عليه وشركائه على الشيوع ، فإن ما جاء في الأسباب من وقوع القسمة يجوز حجية الأمر المقضي ، فلا يحوز مرة أخرى إعادة عرضة على المحكمة في دعوى جديدة .
قضت محكمة النقض : الحكم بإحالة الدعوى للتحقيق سواء أكان بندب خبيراً أو بأي طريق أخر من طرق الإثبات لا يحوز حجية بالنسبة لما يثيره من وجهات نظر قانونية أو افتراضات موضوعية ما دام لم يتضمن حسماً لخلاف بين الخصوم ، ولا يجوز العدول عنه والالتفات عما تضمنه من أراء قانونية أو افتراضات واقعية ، بقصد إنارة الطريق أمام التحقيق المأمورية حتى تتهيأ الدعوى للفصل في موضوعها .
( الطعن رقم 311 لسنة 48 ق ـ جلسة 30/3/1983 )
كما قضت محكمة النقض : من المقرر ـ في قضاء هذه المحكمة ـ أنه إذا صدر حكـم حائز قوة الأمر المقضي بثبوت أو نفي حق في دعوى سابقة بالبناء على مسألة أولية ، فإن الحكم يحوز الحجية في تلك المسألة بين الخصوم أنفسهم ويمنعهم من التنازع بطريق الدعوى أو الدفع في شأن أي حق آخر يتوقف بثبوته من التنازع بطريق الدعوى أو الدفع في شأن أي حق آخر يتوقف بثبوته أو انتفاؤه على ثبوت أو نفي تلك المسألة الأساسية السابق الفصل فيها بين الخصوم أنفسهم ، فإن الحكم المطعون فيه إذا انتهى في قضائه إلى رفض دعوى الطاعنة بمطالبة الشركة المطعون ضدها بالرسوم الجمركية المستحقة عن ذات العجز في الرسالة موضوع النزاع يكون قد أهدر الحجية التي أضفاها الحكم النهائي ـ الذي قضى برفض معارضة الشركة وتأييد قرار الغرامة لوجود عجز غير مبرر في الرسالة السابق صدوره في الدعوى رقم / … على المسألة الأساسية الواحدة في الدعويين وهي وجود أو نفي العجز في الرسالة موضوع التداعي .
( الطعن رقم 552 لسنة 46 ق ـ جلسة 5/6/1980 )
كما قضت محكمة النقض : المقرر في ـ قضاء هذه المحكمة ـ أن المعول عليه في الحكم والذي يحوز منها حجية الأمر المقضي هو قضاؤه الذي يرد في المنطوق دون الأسباب ، إلا أن تكون هذه الأسباب ، قد تضمنت الفصل في أوجه النزاع التي أقيم عليها المنطوق كلها أو بعضها أو متصلة به اتصالاً حتمياً ، بحيث لا يقوم له قائمة إلا بها ، إذ في هذه الحالة تكون الأسباب هي المرجع في تفسير المنطوق وفي تحديده أو في الوقوف على حقيقة ما فصلت فيه المحكمة ، والذي يعتد به منها هي الأسباب الجوهرية الأساسية التي تتضمن الفصل في أمر يقوم عليه المنطوق فتكون مرتبطة به وتحوز الحجية معه ، دون ما يرد بالحكم من تقريرات ، في شأن موضوع لم يكن مطروحاُ بذاته على المحكمة ، ولو كان له صلة بالموضوع المقضي فيه ولما كان البين من الاطلاع على صورة الحكم المقدمة من الطاعنة في الدعوى المشار إليها بسبب النعي أن المطعون عليه اختصاصها طالباً الحكم بتمكينه من الانتفاع بالشقة بإقرار صادر عنه فأجاب المطعون عليه بأنه أكره على توقيعه في ظروف خاصة تأثرت بها إرادته . وقد رفض الحم ما ساقه المطعون عليه من دفاع استناداً إلى تحرير الإقرار أثناء التحقيق الذي كانت تجريه النيابة العامة ، وأنه بذلك ينتفي عنه شبهة البطلان ، وأن له أثره وإن لم يصدر في مجلس القضاء .
لما كان ذلك وكانت هذه الواقعة هي مدار ما تجاذبه الطرفان في الخصومة السالفة ، دفعاً ورداً ، وكان الأخذ بالتنازل الذي جحده المطعون عليه كافياً للقضاء برفض الدعوى ،فإن ما استطرد إليه الحم من أن المطعون عليه يعتبر مستأجراً أصلياً رغم أن زوجته هي التي حرر باسمها عقد الإيجار ، وأنه يستفاد من الإقرار السالف ومن قيامة بتسليم الشقة رضاءه الضمني بفسخ العلاقة الايجارية القائمة بينه وبين الطاعنة ـ ما استطر إليه الحكم لا يعدو أن يكون تزيداً منه في مسالة خارجة عن حدود النزاع المطروح عليه ، ولم يكن به من حاجة للفصل فيه ، وما عرض له في خصوصة لا يكون له حجية الشيء المحكوم فيه .
( الطعن رقم 184 لسنة 48 ق ـ جلسة 14/3/1983 )
قوة الأمر المقضي لا تلحق من الحكم إلا ما يكون قد قضى به في منطوقة في نطاق ما كان مطروحاً على المحكمة من طلبات :
من المقرر أن قوة الأمر المقضي لا تلحق من الحكم إلا ما يكون قد قضى به في منطوقة في نطاق ما كان مطروحاً على المحكمة من طلبات ، وما يكون متصلاً بهذا المنطوق من الأسباب اتصالاً وثيقاً بحيث لا تقوم له قائمة إلا به ، لما كان ذلك وكان ورثة البائع ـ المطعون ضدهم ـ لم يطلبوا في الدعوى الحكم لصالحهم بصورية العقد وإنما اقتصروا على التسليم بطلب المدعى فيها ـ صورية عقد الطاعن ـ وانضموا إليه فيه ، فإن هذه الأسباب لا تتضمن قضاء في صورية عقد الطاعن بين طرفية لأن هذه الصورية لم تكن معروضة على المحكمة ، بل رفضاً لدفاع المطعون ضدهم في الطلب الأصلي الذي كان مطروحاً من المشتري بالعقد الأخر ، يحوز حجية في الدعوى المطعون في حكمها .
( الطعن رقم 1480 لسنة 48ق ـ جلسة 28/1/1982 )
الحجية تثبت لمنطوق الحكم والأسباب التي ترتبط بمنطوقة ارتباطاً وثيقاً .
لما كان ذلك وكان الطاعن قد أقام الالتماس رقم 3947 لسنة 8 ق طعناً على الحكم الصادر بإخلاء الشقة التي يستأجرها من المطعون ضده الأول تأسيساً على أنه بعد الحكم الصادر في الاستئناف تمكن من الحصول على عقد الاتفاق المؤرخ 23/12/1967 وفيه صرح له المطعون ضده بتأجير شقة النزاع مفروشة ، ولم يحصل على هذا الاتفاق إلا بتاريخ _/_/____م ، حيث كان مودعاً عند المطعون ضده الثاني لحين سداد مبلغاً من المال ، ولما حصل هذا الاتفاق بادر برفع الالتماس ، وقدم صورة فوتوغرافية لعقد الاتفاق ، وقضت محكمة الالتماس بقبوله شكلاً ، ثم قضت بتاريخ 17/6/1982 برفضه موضوعياً وتأييد لحكم الملتمس فيه ، وقد أورد الحم في مدوناته وفقاً لتلك الأسباب أن محكمة الالتماس لم تعول على الصورة الفوتوغرافية للمستند التي أنكرها المطعون ضده وانتهت إلى عدم صحة هذا المستند ، وإلا كان قد تمسك به الطاعن عند نظر دعوى الإخلاء ، ومن ثم فإن هذا الحكم تناول في أسبابه المرتبطة بالمنطوق مناقشة المستند المؤرخ 23/1/1967 وطرحه لعدم صحته ، وهو في مقام تقرير الدليل المقدم في دعوى الالتماس ، ولما كان هذا الحكم نهائياً بشأنه مرة أخرى باعتبار أنه قد فصل نهائياً في مسألة تجادل فيها الخصوم ،ولا يغير من ذلك اختلاف الطلبات في الدعويين ، إذ لا يجوز طلب صحة التوقيع على محرر سبق الحكم بعدم صحته بين ذات الخصوم ـ إذ الحكم في الكل الحائز للحجية يمنع إعادة النظر في جزء منه ، وإذ التزم الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر ، وقضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الالتماس رقم 3947 لسنة 98 ق ـالقاهرة فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون .
( الطعن رقم 1122 لسنة 58 ق ـ جلسة 26/11/1992 )
والتساؤل : هل تثبت للحكم حجية إذا قضي بغير ما طلب خصوم الدعوى …؟
تثبت الحجية للحكم القضائي ولو كانت المحكمة قد قضت بأكثر مما طلبه الخصم أو قضت بما لم يطلبه ، ولو أن الحكم في هذه الحالة يكون قابلاً للطعن فيه بطريق التماس إعادة النظر ، وثبوت الحجية للحكم لا ينال منه أن تكون المحكمة التي أصدرته قد أخطأت في تطبيق القانون ، في ولو كان خطؤها بالحكم مسألة متعلقة بالنظام العام ، إذ أن حجية الأمر المقض تعلو على قواعد النظام العام ، وإن كان الحكم مشوباً بعيب من العيوب التي يكون يكون جزاؤها بطلان الحكم ، فإن هذا العيب الذي شاب الحكم لا يؤدي إلى زوال هذه الحجية عنه إلا إذا طعن فيه بإحدى الطرق المقررة قانوناً لطعن في الأحكام القضائية وألغى بناء على هذا الطعن الحكم ، أما وقائع الدعوى فهي في الأصل لا حجية لها في دعوى أخرى ، وإنما هي حجية بما جاء فيا من نفس الدعوى ، كما أن محكمة النقض في ضوء رقابتها على محكمة الموضوع ، تتقيد بما أثبته الأخيرة من وقائع ، ولا تبسط رقابتها إلا على مسائل القانون ، ولكن قد تكمل بعض وقائع الدعوى منطوق الحكم بحيث يكون المنطوق ناقصاً بدونها . فتكون للوقائع عندئذ حجية الأمر المقضي به ، بينما تكمل فيه ـ منطوق الحكم . فقد قضى بأنه إذا لم يوضح في منطوق الحكم مقدار الشيء المحكوم به وكان هذا المقدار مبنياً في عريضة الدعوى وفي وقائع الحكم ، ولم ينازع فيه الخصم ، ولم تمس المحكمة من جهتها المقدار المذكور بأي نقصان ، فإنه يتعين اعتبار وقائع الحكم ومنطوقه مكونين في هذه النقطة لمجموع واحد لا يتجـزأ ، بحيث يكون للحكم فيما يختص بذلك المقدار حجية الأمر المقضي .
هل تثبت الحجية ضمنياً …؟
قد يفصل المنطوق في بعض نقاط النزاع بطريق ضمني فتثبت الحجية لهذا المنطوق الضمني ، ما دام هو النتيجة الحتمية ـ للمنطوق الصريح ، فالحكم الذي قضى بصمة الإجراءات التي اتخذت لتنفيذ سند تكون له حجية الأمر المقضي في صحة هذا السند ونفاذه ، لأن الحكم بصحة الإجراءات يقتضي ضرورة صحة السند وقابليته للتنفيذ ، كذلك يشتمل المنطوق الذي تثبت له الحجية ما قضى به لا في الدعوى الأصلية فحسب ، بل أيضاً في الدعاوى والدفوع التبعية .
– حجية الحكم الصادر بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان : –
الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان ، له حجية مؤقتة تدوم بدوام الدواعي التي أدت إلى عدم قبولها وتزول بزوالها . الحكم بعدم قبول دعوى تمكين من عين مفرزة لرفعها قبل الأوان على سند من أنها لازالت شائعة له حجية التي تمنع من نظر الدعوى اتحدت معها أطرافا ومحلاً وسباً ، ما لم يثبت حصول قسمة رضائية أو قضائية بين الشركاء . الحكم في دعوى تالية بين الخصوم أنفسهم ولذات السبب بالتمكين ورفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها ، لما أورده الخبير في تقريره من أن الأراضى المبيعة – على خلاف الثابت بعقد البيع – مفرزة على الطبيعة دون استظهار مدى موافقة باقي الشركاء أو حصول قسمـة بينهم . قصور وخطأ في تطبيق القانون .
– حجية الحكم الصادر برفض الدعوى بالحالة التي هي عليها : –
الحكم برفض الدعوى بالحالة التى هى عليها يكون له حجية مؤقتة تقتصر على الحالة التى كانت عليها الدعوى حين رفعها أول مرة ، وتحول دون معاودة طرح النزاع من جديد متى كانت الحالة التى انتهت بالحكم السابق هي بعينها لم تتغير ، ولما كان الثابت أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى الماثلة على مورث الطاعنين بذات الطلبات في الدعوى السابقة – والتي قضى فيها بعدم قبولها بحالتها – دون أن يطرأ تغيير على ظروف الدعوى ، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى تأسيسا على مجرد القول بأن الحكم السابق ليست له حجية في الدعوى الحالية لأنه لم يفصل في موضوعها . فإنها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون .
– حجية الحكم الصادر في طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه : –
القضاء في طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بالتطبيق للمادة 257 من قانون المرافعات – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو قضاء وقتي لا يحوز قوة الأمر المقضى لأن الفصل فيه إنما يستند إلى ما تتبينه المحكمة من جسامة الضرر الذي يخشى وقوعه من التنفيذ وإمكان تداركه ، وليس لهذا الحكم من تأثير على الفصل في الطعن ولا على الفصل في طعن آخر يتردد بين الخصوم أنفسهم مهما كان الارتباط بين الخصومتين .
الموضوع الأول : شروط الدفع بحجية الأمر المقضي
انتهينا فيما سبق إلى أن لحجية الأمر المقضي ، ونعني حجية الأحكام القضائية ، مبررها ، وتبدوا هذه المبررات أكثر وضوحاً وجلاء حال الحديث عن شروط الدفع بعدم جواز الدعوى لسابقة الفصل فيها .
ويبدوا هاماً إعادة قراءة نصوص المواد 101 من قانون الإثبات ، 116 من قانون المرافعات ، فالمادة 101 من قانون الإثبات تقرر : الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق ، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية ، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوص أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلا وسبباً .
وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها .
والمادة 116 من قانون المرافعات تقرر : الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها.
– وعلي هدي هاتين المادتين يمكنا القول أن للدفع بحجية الأمر المقضي ثلاث شروط هي علي التوالي : –
الشرط الأول للدفع بالحجية : وحده الخصوم
يقصد بوحدة الخصوم أن يكون النزاع في الدعوى القضائية الأولى الصادر فيها الحكم القضائي القطعي والنزاع في الدعوى القضائية الثانية الجديدة بين ذات الخصوم أنفسهم بصفاتهم . أي يشترط فضلاً عن وحدة الخصوم وحدة صفاتهم أيضاً . فالحكم الذي يصدر في الدعوى التي يرفعها النائب أو الوكيل يكون حجة على الأصل ، ولكن ذلك لا يمنع الوكيل أو النائب من رفع دعوى جديدة عن ذات النزاع مستنداً إلى ذات السبب في الدعوى الأولى بصفة الشخصية .
– القاعدة إذا : –
إن الحكم لا تثبت له الحجية إلا بالنسبة لطرفي الخصومة ، ويشترط للتمســك
بحجية الحكم أن يكون الخصوم في الدعوى الأولي هم بذواتهم الخصوم قي الدعوى التالية ، فلا تقوم الحجية متي كان الخصمان في الدعوى الأولي قد تغير أحدهما أو كلاهما في الدعوى الثانية .
وتمتد حجية الحكم القضائي لتشمل خلف الخصم ، سواء أكان خلفاً عاماً كالوراثة أو خلفاً خاصاً كالمشتري للعين . فهؤلاء يكون محكوماً لهم أو عليهم بحسب ما يكون الحكم قد صدر لمصلحة مورثهم أو ضده .
القاعدة إذن :
الحكم يعتبر حجة علي الخلف سواء كان خلفاً عاماً أو خاصاً ، ويكون الحكم حجة علي الخلف العام في حدود الحقوق التي يتلقاها عن المورث ، والحكم حجة علي الخلف الخاص في حدود ما تلقاه منه .
غير أن هذا الحكم ليس مطلقاً ، فالوارث لا يكون الحكم الصادر لمورثه أو ضده حجة له أو عليه إلا في الحقوق التي يتلقاها مباشرة عن المورث وفي حدود نصيبه منها . وعلى ذلك يعتبر الوارث من الغير بالنسبة للتصرفات التي تصدر من مورثه في مرض الموت ، وأو التي تنطوي في حقيقتها على وصية ، لأن القانون أعطى الوارث الحق في الطعن فيها ، فلا تنفذ في حقه إلا في حدود الثلث ، فالوارث يستمد حقه في ذلك من القانون ، وليس من مورثه .
كما أنه لا حجية للأمر المقضي به إلا بالنسبة للخصوم الحقيقيين في الدعوى ، التي كان النزاع قائما بينهم ، وفصلت فيه المحكمة لصالح أياً منهم ، أما من تم إدخاله في الدعوى سواء من جانب الخصوم الحقيقيين في الدعوى أو المحكمة ، بغير أن توجه إليه طلبات ما ، فهو غير ملزم بإبداء دفاع أو دفوع ، ما دام لم توجه إليه طلبات ، ومن ثم فإن الحكم لا تكون له حجية الأمر المقضي في مواجهة ، فيجوز له رفع دعوى جديدة على ذات الخصوم بذات صفاتهم عن ذات موضوع النزاع محلاً وسبباً ، دون أن يمكن التمسك في مواجهته بقاعدة حجية الأمر المقضي تأسيساً على أنه كان خصم مخل في الدعوى السابقة . لأنه وإن كان خصماً في الدعوى السابقة ، إلا أنه ليس خصـم حقيقي وإنما خصم مدخل لم توجه إليه طلبات .
القاعدة إذن
إن حجية الأحكام القضائية في المسائل المدنية لا تقوم إلا بين من كانوا طرفاً في الخصومة حقيقة أو حكماً ولا يستطيع الشخص الذي قد صدر لمصلحته حكم سابق الاحتجاج به علي من كان خارجاً عن الخصومة ولم يكن ممثلاً فيها .
وإذا تعدد المدينون – المدعي عليهم – في التزام غير قابل لانقسام ، فإن كلاً منهم يعتبر ملزماً استقلالاً بالوفاء بالدين كاملاً قبل الدائن ، فأي مدين من المدينين المتعددين تعتبر ذمته مشغولة قبل الدائن بكل الالتزام ، ولا توجد إنابة تبادلية بينهم ، فلا يمثلون بعضهم البعض أمام القضاء ، ويترتب على ذلك أن الحكم الذي يصدر ضد أحدهم لا يكون حجة على الباقين ، الذين لم يختصموا في الدعوى التي صدر فيها الحكم .
القاعدة إذن :
يشترط لوحدة الخصوم ، أن يكون أحد هؤلاء الخصوم خصماً للأخر في النزاع الذي صدر فيه الحكم لا خصماً معه ، فإذا رفعت دعوى على شخصين من شخص ثالث ، فإن الحكم الذي يصدر في الدعوى وإن كان حجة على المدعى عليهما قبل الشخص الثالث ، إلا أنه ليس حجة لأحدهما على الأخر ، إذ لم يكن أحداً منهما خصماً لزميلة .
قضت محكمة النقض في هذا الصدد : يشترط للتمسك ـ بحجية الأمر المقضي ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ اتحاد الموضوع والخصوم والسبب في الدعوى التي سبق الفصل فيها والدعوى المطروحة . وإذ كان الطاعن المطعون ضدها مدعى عليها أمام لجنة الفصل في المنازعات الزراعية ولم يكن أحدهما خصماً للأخر ، فإن شرط اتحاد الخصوم يكون قد تخلف ، ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب صحيح القانون ، إذ لم يعتد بحجية قرار اللجنة المشار إليها .
( الطعن رقم 676 لسنة 48 ق ـ جلسة 20/12/1982 )
كما قضت محكمة النقض في هذا الصدد : … ، ويشترط لكي يحوز الحكم حجية الشيء المقضي فيه اتحاد الخصوم والموضوع والسبب ، وإذا كانت دعوى صحة العقد تختلف عن دعوى الفسخ سبباً وموضوعاً ، فإن الحكم بعدم قبول دعوى صحة التعاقد لعدم قيام المشتري بالتزامه بدفع كامل الثمن ، لا يمنع المشتري من العودة إلى دعوى صحة التعاقد ، إذا ما قام بإيفاء الثمن ، ومن ثم فإن هذا القضاء لا يتضمن قضاء ضمنياً بفسخ العقد .
( الطعن رقم 963 لسنة 47 ق ـ جلسة 18/3/1982 )
كما قضت محكمة النقض في هذا الصدد : من المقرر أن مناط حجية الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي وحدة الخصوم والسبب والموضوع . وكان الثابت بالحكم رقم 2684 لسنة 92 ق القاهرة الذي قضى بعدم جواز الاستئناف المرفوع من بعض المطعون ضدهم عن حكم إيقاع البيع باعتبار أنهم لم يكونوا طرفاً في إجراءاته وبالتالي فإنهم يعتبرون من الغير بالنسبة لهذا الحكم ، ويكون من حقهم التمسك ببطلانه بطريق الدعوى الأصلية ، دون أن يكون لقضائه حجة قبلهم ، وإذ إلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ، وقضى على أساسه ببطلان حكم إيقاع البيع ، بالنسبة للعقار جميعه ، فإنه يكون قد صادف صحيح القانون .
( الطعن رقم 623 لسنة 48ق ـ جلسة 23/11/1982 )
قضت محكمة النقض في هذا الصدد : في المقرر أن الحكم السابق لا يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة للدعوى اللاحقة ، إلا إذا اتحد الموضوع والسبب في كل من الدعويين فضلا عن وحدة الخصوم . لما كان ذلك البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن القضية السابق الفصل فيها من لجنة الفصل في المنازعات الزراعية ، تختلف في موضوعها وسببها عن موضوع وسبب الدعوى الحالية . فإن التمسك بحجية الحكم السابق يضحى بلا سند قانوني صحيح فلا يعد دفاعا طالما أنه ليست له هذه الحجية ، لما كان ذلك فإن إغفال الحكم المطعون فيه الرد على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها لا يعيبه بالقصور .
( الطعن رقم 1125 لسنة 48 ق- جلسة 2/5/1979 )
قضت محكمة النقض في هذا الصدد : من المقرر على ما جرى به قضاء هذه المحكمة ألا تكون للأحكام حجية إلا إذا توافرت في الحق المدعى به شروط ثلاث ، اتحاد الخصوم ووحدة الموضوع والمحل والسبب ، ولا تتوافر هذه الوحدة إلا أن تكون المسألة المقضى فيها مسالة أساسية لا تتغير وبشرط أن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً جامعاً مانعاً ، فتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه بالدعوى الثانية .
لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم الصادر في الدعوى رقم … المؤيد بالاستئناف رقم / … ، أن المدعية في هذه الدعوى إقامتها ضد المطعون ضده والطاعة طلبت فيها الحكم بإلزامها متضامنين نتيجة خطأ المطعون ضده ، وإعمالا نص المادة 163مدنى وأساس مسئولية الطاعنة خطأها عن عمل تابعها عملا بالمادة 174 من القانون المدنى ، أما الدعوى الراهنة فهي دعوى الحلول التى يرجع بها المتبوع ، وهو في حكم الكفيل المتضامن على تابعه عند وفائه للمضرور ، وبالتالي فإن الدعويين يختلفان في الخصوم والسبب .
( الطعن رقم 905 لسنة 48 ق – جلسة 1/1/1982 )
الشرط الثاني للدفع بالحجية : وحدة المحل أو الموضوع .
موضوع الدعوى هو الحق الذي يطلبه الخصم ، أو المصلحة التي يسعي إلى تحقيقها ، ويجب أن يتوافر وحدة الموضوع بين الدعويين ، ووحدة الموضوع مسألة موضوعية تستقل بالفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها متي اعتمدت المحكمـة مصدرة الحكم علي أسباب من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها .
ويقول المستشار الدكتور أحمد فاضل : في مجال تقييم توافر الشرط الثاني من شروط الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها ، يقصد بمحل الدعوى أو موضوع الدعوى الحق الذي يطلبه الخصم أو المصلحة التي يسعى إلى تحقيقها بالتداعى ، سواء أكان هذا الحق المطلب به أو المصلحة التي يسعى إلى تحقيقها بالتداعى ، متعلقين بشيء مادي أو معنوي . ويشترط لإعمال قاعدة حجية الأمر المقضي به أن يكون موضوع الدعوى الجديدة هو ذات الموضوع الذي فصل فيه الحكم السابق ، أي أن يكون الحكم الجديد سوف يكون تكرار للحكم السابق صدوره . فالحكم برفض دعوى تعويض للضرر ، يمنع الخصم من إعادة رفع دعوى جديدة ، بالتعويض عن ذات الضرر .
قضت محكمة النقض في هذا الصدد : من المقرر في قضاء هذه المحكمة ، أن المنع من إعادة طرح النزاع في المسألة المقضي فيها ، يشترط فيه أن تكون المسألة واحدة في الدعويين ، ولا تتوافر هذه الوحدة إلا أن تكون هذه المسألة أساسية لا تتغير ، وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى ، واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً جامعاً مانعاً ، وأن تكون هي بذاتها الأساس فيما يدعى به في الدعوى الثانية بين نفس الخصوم .
وكان البين من الإطلاع على القرار الصادر من محكمة الأحول الشخصية بتاريخ _/_/___م أنه لم يصدر في خصومة ما بل صدر بناء على الطلب الذي تقدم به المطعون ضده الثاني لنيابة الأحوال الشخصية للإذن له ببيع عشرة أفدنه من المساحة التي يمتلكها لنجله القاصر ،والتي باعها له توفيقاً لأوضاع ملكية الأسرة ، طبقاً لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 ، وأنه قرر في التحقيقات التي أجرتها النيابة أن هذا البيع كان تبرعاً منه لنجله القاصر . وقد صدر قرار المحكمة متضمناً الإذن له بالبيع مزاداً ، دون أن يتضمن في منطوقة أو في أسبابه أي إشارة ، عما إذا كان عقد البيع سند ملكية القاصر الصادر له من الولي الشرعي يعتبر بيعاً بعوض أو هبة مستترة ، وبدون أن يكون أطراف الخصومة الحالية ـ المشترون لقدر من هذه الأطيان من الولي الشرعي بعقد بيع ابتدائي والمشترون لها بطريق المزاد العلني ـ ممثلين عند نظر حجية تمنع هؤلاء الخصوم من أن يطرحوا على القضاء النزاع حول حقيقة الحكم المطعون فيه حين قضى بأن عقد بيع الأطيان الصادر من الولي لابنه القاصر ، يستر هبة له من والده ، فإنه لا يكون قد خالف قضاء سابقاً حائزاً قوة الأمر المقضي .
( الطعن رقم 957 لسنة 49 ق ـ جلسة 19/5/1980 )
اختلاف موضوع الدعويين وأثرة علي قبول الدفع بالحجية
اختلاف موضوع الدعويين ، الدعوى المحكوم فيها مسبقـاً ، والدعوى الأخـرى
المتداولة لا يمكن معه التمسك بحجية الأمر المقضي به ، وعلى ذلك فالحكم بملكية عين لا يمنع من المطالبة من جديد بالإرفاق عليها ، ورفض دعوى إبطال العقد ، لا يمنع الخصم من العودة إلى المطالبة بفسخه والحكم الصادر في طلب الريع عن مدة معينة لا يمنع عن طلب الريع عن مدة لاحقة ،مادام أنها لم تكن محل مطالبة في الدعوى الأولى .
ولكن الحكم برفض ثبوت ملكية عين يمنع الإدعاء من جديد بريع عن هذه العين . والحكم برفض المطالبة بالتعويض عن مدة معنية ، يمنع المطالبة بالتعويض عن مدة لاحقه ، إذا كانت هذه المطالبة مستنده إلى السبب ذاته ، الذي قامت عليه المطالبة بالتعويض في المدة السابقة . فالحكم في شيء حكم فيما يتفرغ عنه .
وتتوافر وحدة الموضوع في الدعويين ، متى كان الأساس فيهما واحد . حتى ولو تغيرت الطلبات فيهما ، فالعبرة بموضوع الدعوى وأساسه لا بنوع الطلبات التي يقدمها الخصوم أو قيمتها فلا يؤثر في وحدة الموضوع كون المبلغ المطالب به في الدعوى الثانية أكبر منه في الدعوى الأولى ، كما لا ينال من وحدة الموضوع إذا أصابه زيادة فيه أو نقص ، ذلك أن وحدة المحل تظل قائمه ، أياً كانت المتغيرات التي تصيب المحل من زيادة أو نقص . فإذا كان موضوع الدعوى المطالبة بملكية عقار مكون من ثلاث طوابق وقضي برفض الدعوى ، فلا يجوز رفع دعوى جديدة تأسيساً على أن العقار أصبح أربعة طوابق أو طابقين ، وإنما يمكن للخصم التمسك في الدعوى الجديدة ، بحجية الأمر المقضي به .
من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المنع من إعادة نظر النزاع المقضي فيه يستلزم أن تكون المسألة واحدة في الدعويين ، ويشترط لتوافر هذه الوحدة أن تكون المسألة المقضي فيها نهائياً مسألة أساسية لا تتغير وأن تكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه في الدعوى الثانية ، وأن مجال إعمال قاعدة الالتزام بحجية الأحكام هي صدور حكم سابق في ذات المسألة المطروحة في دعوى تالية مرددة بين ذات الخصوم ، فيتقيد الحكم الصادر فيها بالحكم السابق .
( الطعن رقم 166 لسنة 59ق ـ جلسة 9/12/1993 )
قضت محكمة النقض في هذا الصدد : إذا كان البين من مدونات الحكم رقم 4537 لسنة 96 ق استئناف القاهرة ، أن المطعون هذه الأول سيق أن أقام على الطاعنين الدعوى رقم 628 لسنة 1978 مدني شمال القاهرة الابتدائية يطلب الحكم بتمكينه من استلام الأرض محل النزاع مفرزة على سند من تملكه لها بعقد بيع مسجل الحكم الصادر بصحته ونفاذه ، وقد قضى فيها بعدم قبولها لرفعها قبل الأوان ، على سند أن ما اشتراه هو أرض شائعة وليت له أن يطلب التسليم مفرزا قبل حصول القسمة إلا بموافقة باقي الشركاء جميعا ، فإن هذا الحكم ، يحوز حجية تمنع من نظر الدعوى المطروحة التى اتحدت معها أطرافا ومحلا وسببا ما لم يثبت حصول قسمة رضائية أو قضائية بين الشركاء ، ووقوع المبيع في نصيب البائع للمطعون ضده الأول أو موافقة باقى الشركاء جميعا . وكان البين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه – أنه قد أقام قضاءه برفض الدفع المبدي من الطاعنين بعدم جواز نظر الدعوى السابقة الفضل فيا على قوله : ” عن الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة والقاضي بإلغاء الحكم المستأنف رقم 628 لسنة 1978 وعدم قبول دعوى المستأنف ضده – المطعون ضده الأول – لرفعها قبل الأوان استنادا إلى أن قطعة الأرض المملوكة للمدعى – المدعى ضده الأول – بموجب عقد بيع قضى في الدعوى رقم 5083 لسنة 1974 مدني كلى شمال القاهرة بصحته ونفاذه وسجل الحكم بتاريخ 24/1/1976 برقم 555 لسنة 1976 لم تفرز بعد وأنه لا زالت على الشيوع ” .
ولما كان الأمر كذلك فإن هذا الحكم لا يعدو أن يكون فصلا في الموضوع وبالتالي يحوز حجية الأمر المقضى ، فمن ثم يجوز للمدعى – المطعون ضده الأول – أن يقيم دعوى أخرى لذات الموضوع ، سيما وأنه وقد تم إفراز ملكيته من الشيوع ، وذلك طبقا لما أورده الخبير ضده الأول – وعلى خلاف عقده – مفرزة على الطبيعة وهو ما ليس مؤداه موافقة باقى الشركاء أو حصول قسمة بينهم ، فإن الحكم المطعون فيه ، إذ عول على هذا التقرير وحده في قضائه برفض الدفع المبدى من الطاعنين بعدم جواز نظر الدعوى كسابقة الفصل فيها دون أن يعنى ببحث موافقة باقى الشركاء أو حصول قسمة بينهم ورتب على ذلك قضاءه بإجابة المطعون ضده الأول إلى طلبه مناقضا بذلك الحكم السابق ، يكون فضلا عن قصوره ، قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه .
( الطعن رقم 150 لسنة 60 ق – جلسة 6/1/1994 )
كما قضت محكمة النقض في هذا الصدد : ومن حيث أن هذا السبب مردود أولاً بأنه فضلاً عن كون الشركة الطاعنة لم تقدم دليلاً على أن الحكم السابق حاز قوة الأمر المقضى [ وهو شرف لازم التطبيق المادة 426 مرافعات ] ، فإن الطلب الأول في الدعوى السابقة كان موضوعه إلزام الشركة الطاعنة بأن تطلع المطعون عليه على دفاترها ومستنداتها في مدة لا تتأخر عن ميعاد إنعقاد الجمعية العمومية بينما أن الطلب الأول فى الدعوى الحالية الصادر فيها الحكم المطعون فيه موضوعية تكليف الخبير بتحرير محضر يثبت يه إيداع صور من تقرير مجلس الإدارة والميزانية وتسليم أو عدم تسليم المطعون عليه صورا منها ، ويتضح من ذلك أن كلاً من الموضوعين مختلف عن الآخر . ومردود ثانيا : بأن الطلب الثاني وإن كان في الدعويين هو تكليف الخبير بحضور انعقاد الجمعية العمومية للشركة الطاعنة لاثبات ما يدور فيها من مناقشات إلا أن في الدعوى السابقة كان خاصا بانعقاد سابق للجمعية العمومية مما لا يصح معه القول بأن الحكم بعدم اختصاص قاضى الأمور المستعجلة بنظر هذا الطلب في الدعوى السابقة يكون له حجية الأمر المقضى في أية دعوى تالية خاصة بحضور الخبير أى انعقاد آخر للجمعية العمومية ، بعد أن تفاقم النزاع بين مجلس إدارة الشركة والمطعون عليه ، وقامت الخصومة الموضوعية بينهما ، ذلك أن الأحكام التي تصدر من قاض الأمور المستعجلة هي أحكـام بطبيعتها وقتية ، ولا يكون لها حجية متى تغيـرت ظروف الطلب .
ومن حيث أنه لما كان ما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه .
( الطعن رقم 107 لسنة 54 ق – جلسة 5/1/1992 )
الشرط الثالث للدفع بالحجية : وحدة السبب
يقصد بالسبب في مقام الحديث عن شروط الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها الواقعة القانونية التي نشأ عنها الحق المدعى به ، أو المصدر القانوني للحق المطالب به ، وتتعدد الأسباب بتعدد مصادر نشوء الحق ، فقد يكون هذا السبب إرادة منفردة ، كما قد يكون عقد أو عمل غير مشروع أو إثراء بلا سبب أو نصاً في القانون .
والنتيجة الطبيعة لاختلاف السبب في الدعويين ، الدعوى الصادر فيها الحكم القضائي والأخرى أنه لا محل للدفع بحجية الأمر المقضي به.
وبناء علي ذلك :
1- إذا رفضت دعوى الملكية التي تستند إلى العقد ، فلا يمنع ذلك من رفع دعوى جديدة بكسب الملكية بالحيازة أو الميراث أو بالوصية .
2- إذا رفضت دعوى بإبطال عقد للتدليس ، فلا يمنع ذلك من رفع دعوى جديدة بطلب إبطال العقد للإكراه .
3- إذا قضى برفض الدعوى أو بعدم قبولها لعدم نفاذ الحوالة في حق المدين ، فإن ذلك لا يمنع من الحق في التقاضي بشأن الحق موضوع الحوالة ، متى أضحت نافذة في حق المدين .
4- وإذا قضى برفض دعوى الإخلاء فإن ذلك لا يمنع من رفع دعوى استرداد الحيازة .
5- إذا رفضت دعوى الشفيع المبنية على الشركة في المال المشفوع فيه جاز له رفع دعوى شفعه جديدة يستند فيها إلى الجوار .
6- إذا رفضت دعوى مطالبة بمبلغ مستندة إلى قرض فإن ذلك لا يكون مانعاً من المطالبة بالمبلغ ذاته باعتباره متبقياً من ثمن بيع .
القاعدة إذن
إذا نشأ عن ذات السبب الحق في دعويين ، وقام المدعي برفع أحدهما وخسر دعواه ، فالحكم الصادر فيها يحوز الحجية بالنسبة للأخرى .
– التمييز بين السبب في الدعوى وبين الأدلة أو الوسائل للوصول إلى الحق : –
يجب دائماً التمييز بين السبب في الدعوى وبين الأدلة أو الوسائل للوصول إلى الحق ، فسبب الدعوى هو الواقعة القانونية التي يتولد عنها الحق المطالب به أو المصلحة التي يسعى المتداعي إلى حمايتها . أما الأدلة أو الوسائل فهي آليات الوصول إلى الحق . وعلى ذلك فإنه يتصور وحدة السبب في دعويين على الرغم من اختلاف الأدلة في كل منها . فالعبرة لأعمال قاعدة حجية الأمر المقضي به ، بوحدة السبب لا بوحدة الدليل فإذا حكم برفض دعوى الدائن لعدم اقتناع المحكمة بشهوده على القرض الذي يدعيه ، فلا يجوز له العودة إلى المطالبة بذات الدين ولو قدم محرر مكتوب ، لأن سبب الدعوى واحد في الحالتين وهو عقد القرض . أما الوسائل أو الأدلة فيتصور دائماً تجديدها حسب ما يتوصل إليه ذهن الخصوم ، فالعبرة لإعمال الدفع بحجية الأمر المقضي به بوحدة السبب لا بوحدة الدليل ، كما أن لا يؤثر في وحدة السبب في الدعوى تعدد الحجج القانونية التي يستند إليها الخصم ، فلا اتحد السبب في الدعويين ولكن اختلفت الحجج فلا يؤثر ذلك في وحدة السبب ، واعتماد حجية الأمر المقضي به . مثال ذلك : دعوى المطالبة بالتعويض عن العمل غير المشروع ، سببها العمل الغير المشروع ، فإذا رفضت هذه الدعوى بعد ان أقيمت على أساس المسئولية عن العمل الشخصي ، فلا يجوز رفعها مـرة أخرى على أساس المسئولية عن عمل الغير .
القاعدة إذن
ما لا يمكن للمدعي المطالبة به عن طريق الدعوى الأصلية أي الدعوى المبتدئة لا يمكن المطالبة به عن طريق الدفع .
كذلك لا أثر على سبب الدعوى اختلاف الغرض منها . فمن يطالب بملكية أرض لإقامة بناء عليها ثم ترفض دعواه ، لا يجوز له إقامة دعوى أخرى بالمطالبة بالملكية لنفس السبب إذا عدل في عرضه الأول وأراد أن يقيم مدرسة أو مستشفى ، إذ القانـون لا يعنى بالغرض من الدعـوى ، ولا يرتب عليه أثر على وحدة السبب ويراعي في مقام الحديث عن وحدة السبب كشرط لقبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها : –
تنص المادة 124من قانون المرافعات : للمدعى أن يقدم من الطلبات العارضة :-
1. ما يتضمن تصحيح الطلب الأصلي أو تعديل موضوعه لمواجهة ظروف طرأت أو تبينت بعد رفع الدعوى.
2.ما يكون مكملاً للطلب الأصلي أو مترتبا عليه أو متصلا به اتصالا يقبل التجزئة.
3. ما يتضمن إضافة أو تغييرا في سبب الدعوى مع بقاء موضوع الطلب الأصلي علي حالة.
4. طلب الأمر بإجراء تحفظي أو وقتي.
5. ما تأذن المحكمة بتقديمه مما يكون مرتبطا بالطلب الأصلي.
تنص المادة 235من قانون المرافعات : لا تقبل الطلبات الجديدة فى الاستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها.
ومع ذلك يجوز أن يضاف إلى الطلب الأصلي الأجور والفوائد والمرتبات وسائر الملحقات التي تستحق بعد تقديم الطلبات الختامية أمام محكمة الدرجة الأولى وما يزيد من التعويضات بعد تقديم هذه الطلبات.
وكذلك يجوز مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حالة تغيير سببه والإضافة إليه.
ويجوز للمحكمة أن تحكم بالتعويضات إذا كان الاستئناف قد قصد به الكيد.
وتنص المادة 58 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بشأن تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية : تنظر المحكمة الاستئنافية الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط.
ومع ذلك يجوز مع بقاء الطلبات الأصلية على حالها تغيير أسبابها أو الإضافة إليها, كما يجوز إبداء طلبات جديدة بشرط ان تكون مكملة للطلبات الأصلية أو مترتبة عليها أو متصلة بها اتصالا لا يقبل التجزئة.
وفى الحالتين تلتزم المحكمة الاستئنافية بمنح أجلا مناسبا لرد على الأسباب او الطلبات الجديدة.
قضت محكمة النقض في هذا الصدد : إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن المسألة الواحدة بعينها إذا كانت أساسية فكان ثبوتها أو عدم ثبوتها ، هو الذي ترتب عليه القضاء بثبوت الحق المطالبة به في الدعوى أو بانتفائه ، فإن هذا القضاء يحوز قوة الشيء المحكوم به في تلك المسألة الأساسية بين الخصوم أنفسهم ، ويمنعهم من التنازع بطريق الدعوى أو بطريق الدفع في شأن أى حق آخر يتوقف ثبوته أو انتفاؤه على ثبوت تلك المسألة الكلية السابق الفصل فيها بين الخصوم أنفسهم أو على انتفائها . لما كان ذلك وكان الحكم في الدعوى رقم 2229 سنة 1971 ، كلى جنوب القاهرة والمؤيد في الاستئناف رقم 579 لسنة 91ق القاهرة ، بأحقية المطعون ضده في اقتضاء العولمة من الطاعة بواقع 2% وبأحقيته في صرف مكافأة سنوية ، مكان قوام الدعوى الحالية هو طلب المطعون ضده الحكم بفروق العمولة المستحقة عن المدة عن 1/7/1970 وحتى 28/5/1977 ، والمكافأة السنوية استناداً لذات الأساس الذي أقيمت عليه طلباته في الدعوى السابقة ، والتي حسم الخلاف بين الطرفين بشأنها الحكم النهائي الصادر فيها ، فإن ذلك يمنع الطاعة من إعادة طرح المنازعة بخصوصها سواء بطـريق الدعوى أو بطريق الدفع .
لما كان ذلك وكان السبب في معنى المادة 101من قانون الإثبات ، هو الواقعة التي يستمد منها المدعى الحق في الطلب وهو لا يتغير بتغير الأدلة الواقعة والحجج القانونية التي يستند إليها الخصوم ، وكان الثابت من واقع الدعوى الذي سجله الحكم المطعون فيه ، أنه أخذ بحجية الحكم السابق صدوره لصالح المطعون ضده – والسابق بيانه – في صدد استحقاق العمولة والمكافأة عن المدة من 1/7/1976 وحتى 30/6/1970 ( وهى لاحقة على نفاذ أحكام القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 ، وبعد إصدار المؤسسة العامة للتأمين القرار الجمهوري رقم 15 لسنة 1966 والمنشور رقم 4 لسنة 1967 وإصدار لائحة موحدة للعاملين بالشركات التابة لها ومن بينها الطاعة ) ، ومن ثم لا يحق للطاعة معاودة طـرح هذه المنازعة والمجادلة .
لما كان ما تقدم ، وكان الحكم المطعون فيه – قد إلتزم هذا النظر ، فإن النعي عليه يكون على غير أساس .
[ نقض في 26/4/1987 – مجموعة أحكام النقض السنة 38 – الجزء الأول – ص 601 ]