You cannot copy content of this page
ماذا لو وجد شخص ما أثناء عبوره الطريق محفظة ملقاة على الأرض وتحوى مبلغ مالى فإستولى عليها بنية تملكها !!
ماذا لو وجد شخص ما مصوغات ذهبية مفقودة فى أوتوبيس أو قطار فإستولى عليها بنية تملكها ؟
ماذا لو وجد شخص ما تليفون محمول ضائع فإستولى عليه بنية تملكه !!
هل تشكل هذه الأفعال جرائم سرقة ؟؟؟
……….
إبتداءاً ….. يجب أن أضع تفرقة بين الشئ الضائع والشئ المباح
فالشئ الضائع مازال مملوكا لشخص معين ولكنه فقد حيازته المادية لظروف خارجة عن إرادته ، بينما الشئ المباح ليس مملوكا لأحد فلا يحوزه أو يملكه أى شخص أو جهة معينة .
كما يجب التفرقة بين الشئ الضائع والشئ المتروك
فالشئ المتروك هو الشئ الذى تخلى مالكه عن ملكيته بإرادته الحرة الواعية تخليا ثابتا على نحو لاشك فيه ، ومعنى ذلك أن للترك عنصرين الأول مادى يتمثل فى إخراج الشئ من الحيازة ، والثانى معنوى يتمثل فى نية إنهاء الملكية عليه .
– وأرى لزاما قبل البدء فى عملية التحليل القانونى لهذه الوقائع وهل تشكل جرائم سرقة أم لا ؟
من وضع تأصيل قانونى لمفهوم التسليم .. ومفموم الإلتقاط : –
– فالتسليم يفترض حركة مادية تتمثل فى المناولة أو النقل ، وهذه الحركة تفترض وجود طرفين أحدهما المسلم والآخر هو المتسلم ، وتفترض كذلك أن المسلم له السيطرة المادية على الشئ بتمامها ، ومن البديهى أن من يفقد السيطرة المادية على الشئ لا يمكنه أن يناوله أو ينقله ، وفى حالة الشئ الضائع فإنه لا يمكن القول بأن مالكه قد سلمه لمن عثر عليه ، وإنما يصل الشئ الى يد الأخير بفعل الإلتقاط ، ومن ثم يمكن القول بأن الإلتقاط والتسليم فعلان مختلفان من نواحى متعددة إذ بينما يفترض الإلتقاط وجود شخص واحد ، فإن التلسيم يفترض وجود شخصين .
* أما فعل الإلتقاط يفترض أن الشئ وقت إلتقاطه لم يكن فى حيازة أحد ، فمالكه قد فقد حيازته المادية ولكنه لم يفقد ملكيته ، ومعنى ذلك أن المالك قد فقد مظاهر سيطرته المادية على الشئ ، فلم يعد فى مكنته إستعماله أو التصرف فيه .
وهذا الإلتقاط يفترض أمرين : –
الأول : – أنه لم تتم عملية تسليم مادية من مالك الشئ الى من عثر عليه ، فالمالك فقد سيطرته المادية على الشئ ومن ثم فلا يمكن أن يسلمه .
الثانى : – أن الإلتقاط يفترض أن الشئ المعثور عليه فى وقت العثور عليه .. ليس فى حيازة أحد .
أما عن التكييف القانونى لهذه الوقائع فالرأى أن هذه الأفعال تخرج عن نطاق جرائم السرقة بل تعتبر جريمة خاصة .
فمن ناحية أولى : – فإن فعل العاثر فى هذه الحالة يتمثل بفعل الإلتقاط وهذا الفعل لا يمكن إعتباره صورة من صور الإعتداء على الحيازة ، فهو ليس بأخذ أو سلب لها ، فقد يكون الإلتقاط وسيلة لغاية مشروعة هو تسليم الشئ الضائع الى صاحبه أو الى الشرطة ، وقد يكون الإلتقاط وسيلة لغاية غير مشروعة هى إمتلاك الشئ الضائع ، إلا أن تحديد وقت توافر هذه الغاية المشروعة أو غير المشروعة أمر نفسى لا يمكن الجزم به فور وقوع الفعل ، إذ أنه يتعين التعرف عليه ملاحظة المظاهر الخارجية التى تدل عليه ، كعدم تسليم الشئ الضائع خلال مدة الإبلاغ مثلا .
ومن ناحية ثانية : – فإن القانون لم يفصح عن إرادته الصريحة فى تطبيق أحكام السرقة على هذه الوقائع ، ولو قصد تطبيق تلك الأحكام لنص عليها صراحة فى مواد قانون العقوبات .
ومن ناحية ثالثة : – فإن القواعد المقررة فى القانون الجنائى أنه يتعين فى الجرائم العمدية أن يكون القصد الجنائى معاصرا للركن المادى ، والسرقة بطبيعة الحال جريمة عمدية تتطلب هذه التعاصر الزمنى .
فلو إستولى العاثر على مال الغير بنية تملكه ، ظنا منه أن هذا المال مباح أو متروك ، ثم إتضح له فيما بعد خطأ إعتقاده إلا أنه إستمر مع ذلك فى الإحتفاظ بهذا المال بنية تملكه ، فلا تتحقق جريمة السرقة فى هذه الحالة لعدم تعاصر الإستيلاء والقصد الجنائى .
وقد ذكرت بأن الإلتقاط قد يكون وسيلة لغاية مشروعة أو لغاية غير مشروعة وتحديد نوع الغاية أو بمعنى آخر تحديد وقت تحقق القصد الجنائى لدى العاثر فى جريمة العثور على على شئ فاقد وحبسه بنية تملكه أمر فيه كثير من الصعوبة ، وتحديده لا يخلو من التحكم والإفتراض .
ومن ثم فإنه لا يمكن الجزم بتعاصر القصد الجنائى مع فعل الإلتقاط أو عدم تعاصره .
قد يقال بأن العاثر فى هذه الحالة يلتزم قانونا برد الشئ الى صاحبه خلال فترة معينة من الزمن فإذا إنتهت هذه الفترة عد ممتنعا عن رد الشئ الى صاحبه ، ومن ثم يعد مرتكبا لجريمة السرقة بطريق الإمتناع ، أى أن فعله يتحقق فيه الإختلاس .
- وهذا القول لن يكون فى محله : -
فالسرقة من الجرائم الوقتية التى تتم وتنتهى بإرتكاب الإختلاس ، وحبس الشئ فى يد السارق لا يعد سوى أثر من آثار الإختلاس .
والإختلاس فى مفهوم السرقة لا يتحقق فى فعل الإلتقاط فى واقعة الإستيلاء على شئ ضائع .
كما أن السرقة هى فى الأصل جريمة إعتداء على الحيازة ، ومن ثم فإنه لا يمكن القياس عليها إلا فى الحالات التى يقع فيها إعتداء على الحيازة ، أما الشئ الضائع فلا يتصور فيه الإعتداء على حيازة أحد ، إذ أنه وقت العثور عليه لم يكن فى حيازة أحد .
صحيح أن فعل الإلتقاط لا يعنى أن المالك ينقل حيازة الشئ الضائع الى العاثر ، فالمال قد فقد من مالكه بسبب خارج عن إرادته وقد دخل فى حيازة العاثر لسبب طارئ هو مصادفة وجود الشئ فى طريق سيره .
إلا أنه من ناحية أخرى لا يمكن القول بأن إلتقاط الشئ الضائع يعد إعتداء على حيازة الغير .
إذ أن الشئ سالف الذكر ليس فى حيازة أحد ، فقد فقده صاحبه وفقد لذلك حيازته ، ومن ثم فإن الإعتداء على الحيازة أمر غير متوافر فى هذه الحالة ، إذ أن الحيازة لا تقوم بمجرد توافر عنصرها المعنوى فقط ، بل إنها تقوم بالعنصرين المادى والمعنوى معا ، ويستوى فى ذلك أن يتمثل العنصر المادى فى سيطرة الحائز الفعلية أو الحكمية على الشئ ، أما فى حالة الشئ الضائع فإن العنصر المادى قد فقد من الحائز تماما ، إذ أنه لم يعد له أى من السيطرة الفعلية أو الحكمية على الشئ .
وأخيرا فإن السلوك المكون لهذه الحالات لا يمكن وصفه بأنه إختلاس ، مادام ملتقط الشئ لم يكن هو الذى أخرجه من دائرة السيادة المادية لصاحبه عليه ، وإنما كان هذا الأخير هو الذى زالت سيادته على الشئ بفقدانه إياه ، ولم يفعل واجد الشئ سوى إلتقاطه من المكان الذى عثر عليه فيه ، دون أن يكون هذا المكان فى حوزة صاحب الشئ .
ومن ثم يكون تكييف هذه الوقائع بأنها سرقة أمر غير صحيح.
– ملحوظة هامة : –
يخرج عن نطاق هذا التحليل الجريمة الخاصة المنصوص عليها فى المادة ٣٢١ مكرر من قانون العقوبات .
فالفرض فى الحالات التى تناولتها بالتحليل أن إرادة العاثر لم تتجه على الإطلاق الى رد الشئ الضائع الى مالكه أو إبلاغ الشرطة عنه .. وإنما عاصرت نية تملكه للشئ فعل إلتقاطه إياه .
أما الحالة المنصوص عليها فى المادة ٣٢١ مكرر من قانون العقوبات
فالواضح من الإطلاع على الفقرة الأولى منها أن القانون قد فرض على من يعثر على الشئ المفقود أن يرده متى تيسر ذلك ، ثم رخص له إستثناء أن يحتفظ به المدة المقررة للتسليم ، وبناء على ذلك فإن النص سالف الذكر قد مكن العاثر من اليد العارضة على الشئ حتى يحقق إلتزامه بالرد .
وبناء على هذا التكييف القانونى لصفة واضع اليد العارضة على الشئ المفقود ، فإن هذه المادة تفترض تغيير نية العاثر بعد العثور الى نية التملك . أى أن يعثر الشخص على الشئ المفقود فيلتقطه بنية رده الى صاحبه أو التبليغ عنه ، ثم تسول له نفسه بعد ذلك أن يحتفظ بهذا الشئ بنية تملكه .
وهذا يخرج عن نطاق هذا التحليل الذى يفترض أن نية التملك عاصرت فعل الإلتقاط .
مكتب محامى مصر للمحاماة والاستشارات القانونية
مكتب المستشار القانونى / أحمد سيد حسن
” المحامى بالنقض والدستورية والإدارية العليا “
(whats app ) واتس أب : 201220615243+
للتواصل : 201103004317+