You cannot copy content of this page
أولا : تعريف محل الالتزام : –
محل الالتزام هو الشيء الذي يلتزم المدين القيام به . والمدين يلتزم كما قدمنا أما بنقل حق عيني أو بعمل أو بالامتناع عن عمل .
والالتزام بنقل حق عيني إنما هو التزام بعمل . ولكن لما كان الأصل أن هذا لالتزام يتم تنفيذه بمجرد نشوته ، فقد صار من المألوف أن يقال إن محل الالتزام بنقل حق عيني هو هذا الحق العيني ذاته . فإذا كان الحق العيني حق ملكية امتزج بالشيء الملوك وأصبحا شيئاً واحداً ، فصار الالتزام بنقل الملكية محله هو الشيء ذاته الذي تنتقل ملكيته .
ثانيآ : الشروط الواجب توافرها في محل الالتزام : –
يستخلص من نصوص القانون الجديد ( م 131 – 135 ) أن محل الالتزام يجب أن يكون : ( 1 ) موجوداً إذا كان شيئاً ( أي محلا لالتزام بنقل حق عيني ) ، أو ممكناً إذا كان عملا أو امتناعاً عن عمل . ( 2 ) معيناً أو قابلا للتعيين . ( 3 ) قابلا للتعامل فيه ( ) .
ثالثآ : السند القانونى : –
مادة (١٣١) من القانون المدنى : –
(١) يجوز أن يكون محل الالتزام شيئا مستقبلا.
(٢) غير أن التعامل في تركة إنسان على قيد الحياة باطلا، ولو كان برضاء، الا في الأحوال التي نص عليها في القانون.
مادة (١٣٢) من القانون المدنى : –
إذا كان محل الالتزام مستحيلا في ذاته كان العقد باطلا.
مادة (١٣٣): من القانون المدنى : –
(١) إذا لم يكن محل الالتزام معينا بذاته، وجب أن يكون معينا بنوعه ومقداره والا كان العقد باطلا.
(٢) ويكفي أن يكون المحل معينا بنوعه فقط إذا تضمن العقد ما يستطاع به تعيين مقداره. وإذا لم يتفق المتعاقدان على درجة الشيء، من حيث جودته ولم يمكن استخلاص ذلك من العرف أو من أى ظرف آخر، التزم المدين بأن يسلم شيئا من صنف متوسط.
مادة (١٣٤) من القانون المدنى : –
إذا كان محل الالتزام نقودا، التزم المدين بقدر عددها المذكور في العقد دون أن يكون لارتفاع قيمة هذه النقود أو لانخفاضها وقت الوفاء أي أثر.
مادة (١٣٥) من القانون المدنى : –
إذا كان محل الالتزام مخالفا للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلا.
مادة (١٣٦) من القانون المدنى : –
إذا لم يكن للالتزام سبب، أو كان سببه مخالفاً للنظام العام أو الآداب، كان العقد باطلاً.
مادة (١٣٧) من القانون المدنى : –
١- كل التزام لم يُذكر له سبب في العقد يفترض أن له سبباً مشروعاً، ما لم يقم الدليل على غير ذلك.
٢- ويعتبر السبب المذكور في العقد هو السبب الحقيقي حتى يقوم الدليل على ما يخالف ذلك، فإذا قام الدليل على صورية السبب فعلى من يدّعي أن للالتزام سبباً آخر مشروعاً أن يُثبِت ما يدّعيه.
رابعآ : الشرح : –
1 – محل الإلتزام هو الشئ الذى يلتزم المدين للقيام به (نقل حق عينى- عمل- امتناع عمل). ويشترط فى محل الإلتزام ان يكون موجودا (حق عينى)، أو ممكنا (عمل- امتناع عن عمل)، وان يكون معينا أو قابلا للتعيين، وان يكون قابلا للتعامل فيه.
فيجوز ان يكون محل الإلتزام شيئا مستقبلا (بيع محصول قبل ان يثبت) بسعر الوحدة أو بثمن يقدر جزافا.
غير ان التعامل فى تركة مستقبلة باطل، فلا يصح حتى ولو اجازه المورث، والتعامل المحرم هو الذى يقع على تركة مستقبلة فى مجموعها أو فى جزء من هذا المجموع أو فى مال معين بالذات ينظر فيه الى انه يدخل ضمن أموال التركة، سواء اكان التعامل فى نصيب من التركة عن طريق الميراث أو الوصية، وكل ضرب من ضروب فى التركة المستقبلية محرم، فلا يجوز للوارث ان يبيع ميراثه المستقبل، أو يهبه، أو يقسمه، أو يقايض به، أو يقدمه حصه فى شركة، أو يصالح عليه، ولا ان يؤجره، أو يجرى عليه اى تعامل الا ما اجازه القانون(1).
2 – تحريم التعامل فى التركة المستقبلية يرجع الى ان اجازة هذا التعامل قد تغرى صاحب المصلحة فيه بالتعجيل بقتل صاحب هذه التركة، كما انه قد يساعد الوارث على تبديد التركة قبل ان يتقر حقه فى ميراثها، كما أنه يتضمن نوعا من الرهان، فقد يموت الموصى له أو من يظن انه وارث قبل موت الموصى أو المورث، كما ان هذا التعامل يمسى غالبا قواعد الميراث، وكل هذه الإعتبارات تتعلق بالنظام العام، ولهذا عدم مراعاتها يجعل التعامل باطلا بطلانا مطلقا، كما ن رضا صاحب التركة بالتعامل فيها امر لا يؤبه له لنفس هذه الإعتبارات(2).
3 – التعامل فى التركة المستقبلة حسب القانون المدنى الجديد، تعامل باطل، سواء صدر من الوارث أو من المورث نفسه، وفى الحالتين يقع باطلا بطلانا مطلقا ولا تلحقه الاجازة، ويجوز لكل ذى مصلحة ان يتمسك به، وللحكمة ان تقضى به من تلقاء نفسها- الا ان من الحالات المستثناه التى نص عليها القانون حالة قسمة المورث تركته بين الورثة (م908 مدنى) وقد اعتمد المشرع فى استثناء هذه الحالة على حكمة التشريع، فالمورث انما يقصد من تقسيم تركته بين ورثته بالانفاق بينهم حال حياته وفقا لقواعد الميراث، ان يتفادى النزاع بينهم بعد وفاته على هذا التقسيم، فهنا ولو انه يوجد تعامل فى تركة مستقبلة، الا ان هذا التعامل مندوب فى حد ذاته، وليس به ايه مخالفة للنـظام الـعام أو الاداب التى هى أساس حظر التعامل فى التركات المستقبلية(3).
___________________
(1) الوسيط – 1- الدكتور السنهوري – ط 1952-المرجع السابق – ص 375 وما بعدها ، وكتابه : الوجيز – ص 146 وما بعدها ، والقانون المدني السوري – للاستاذمصطفي الزرقا – ص 116 وما بعدها ، والقانون المدني العراقي – الدكتور حسن الدنون- ص 60وما بعدها .
(2) نظرية الإلتزام – الدكتور عبد الناصر العطار – المرجع السابق – ص 112- وما بعده.
(3) عقد التأمين في الشريعة الإسلامية – والقانون – مقال – للاستاذ أحمد طه السنوسي المحاماه – السنة 34- العدد 6- ص 926.
_______________
– الوجود والإمكان : – إذا كان محل الالتزام إعطاء شئ فيشترط فيه أن يكون موجودا أو محتمل الوجود وفقا لقصد المتعاقدين، لأن المتعاقدين قد يقصدا التعامل في شئ موجود وقت التعاقد، وقد يقصدا التعامل في شئ محتمل الوجود، وإذا كان محل الالتزام عملا أو امتناعا عن عمل فيجب أن يكون ممكنا، وعلي هذا نصت المادة 132 بقولها “إذا كان محل الالتزام مستحيلا في ذاته كان العقد باطلا”. والتفرقة بين نوعى الالتزام علي هذا النحو ليست في الواقع إلا تفرقة مدرسية، لأن محل الالتزام إذا لم يكن موجودا أو محتمل الوجود كان مستحيلا (سلطان بند 331 مرجع سابق).
– المحل موجود : – إذا قصد المتعاقدان التعامل في شئ موجود فعلا وقت التعاقد ثم ظهر أنه غير موجود، كما لو باع وارث نصيبه في تركة، ثم تبين أنه ليس بوارث، أو باع شخص القطن الموجود في مخزنه، ثم اتضح أن المخزن لا يوجد فيه قطن، فإن الالتزام لا يقوم، والعلة في عدم قيام الالتزام في الفرض الأخير أن محل الالتزام كان من بادئ الأمر شيئا معينا بالذات ولذا فإن الالتزام يقوم إذا كان محله شيئا معينا بالنوع لأن تعيين الشئ بالذات سيتم وقت فرزه (سلطان بند 132- انظر السنهوري مرجع سابق ومرقص مرجع سابق) والحكم السابق في عدم قيام الالتزام إذا لم يكن الشئ موجودا وقت التعاقد، يؤخذ به كذلك إذا كان الشئ موجودا ولكن هلك قبل نشوء الالتزام سواء في ذلك كان الهلاك ماديا كمنزل احترق أو جواد نفق، أم كان الهلاك قانونيا كرخصة سبق أن ألغيت أو حق انتفاع انقضي بانتهاء مدته. وعدم قيام الالتزام التعاقدي لا يمنع الطرف الذي أصابه ضرر من جراء ذلك من الرجوع علي الطرف الآخر كالبائع بالتعويض علي أساس المسئولية التقصيرية، إذا كان هذا الطرف (أي البائع) يعلم وحده وقت التعاقد بعدم وجود المحل أو بهلاكه السابق أو كان من الممكن أن يعلم به وثبت إهماله (سلطان بند 176 وما بعدها).
بهلاكه السابق أو كان من الممكن أن يعلم به وثبت إهماله (سلطان بند 176 وما بعدها).
– المحل محتمل الوجود : – والتعاقد كما قد يقع علي شئ موجود فعلا وقت العقد في قصد المتعاقدين، قد يقع علي شئ محتمل الوجود أي علي شئ مستقبل. وقد نص عليها التقنين المدني الحالي صراحة في الفقرة الأولي من المادة 131 بقوله “يجوز أن يكون محل الالتزام شيئا مستقبلا”. والأمثلة علي التعامل في الأشياء المستقبلة كثيرة منها: بيع صاحب المصنع كمية معينة من منتجات مصنعه قبل أن يبدأ في صنعها، وبيع المالك منزله قبل بنائه، وبيع المزارع محصولات أرضه أو ثمار شجرة قبل ظهورها. غير أنه يرد علي القاعدة السابقة بعض الاستثناءات كبطلان رهن المال المستقبل رهنا رسميا (م1033/2) أو رهنا حيازيا (م1098) وبطلان التعامل في التركة المستقبلة (سلطان بند 133).
وقد قضت محكمة النقض بأن : – ” إذا كان الواقع في الدعوى أن الطاعنين باعا المطعون عليه الأقطان الناتجة من زراعتهما في سنة 1950 البالغة 750 قنطارا تحت العجز والزيادة بسعر 13 جنيها و520 مليما للقنطار بحسب إقفال البورصة في يوم 28/2/1950 لعقود شهر أكتوبر سنة 1950 ودفع الثمن مقدما علي أن يكون التسليم في ميعاد غايته 20/2/1950 فإذا زاد الناتج عن هذا المقدار تكون الزيادة علي أساس سعر العقود المؤجلة لشهر أكتوبر 1950 في يوم إقفال البورصة الذي يحدده البائع مع زيادة جنيه و400 مليم في القنطار وفي حالة العجز يقدر ثمن الكمية علي أساس سعر العقود في يوم تسليم آخر رسالة من المحصول بحيث إذا قل السعر عن السعر المقطوع به فلا رجوع لأحد علي الآخر أما إذا زاد السعر عن ذلك فإن الفرق يرجع به المشتري علي البائع –فإن هذا العقد هو تعاقد علي بيع محصول في المستقبل وهو جائز بحكم المادة 131 من القانون المدني، فإذا حصلت محكمة الموضوع أن العاقدين قصدا بيع 750 قنطارا من القطن محددة علي الأقل واستندت في ذلك إلي أسباب سائغة فإن هذا مما يدخل في سلطتها الموضوعية التي لا تخضع لرقابة محكمة النقض”
(الطعن رقم 52 لسنة 25ق جلسة 12/11/1959)،
وبأنه ” إذ كان عقد الإيجار الصادر من المالك والمؤجر لا يسري في حق المشتري إلا بالنسبة لما كان قائما من المباني فعلا وقت البيع.. فإن عقد الإيجار الصادر من المالك السابق في شأن عين النزاع التي لم تكن وقت البيع قد قامت علي نحو يجعلها قابلة للانتفاع بها، لا ينفذ في حق –المشترية- المطعون عليها الأولي” (الطعن رقم 1278 لسنة 48ق جلسة 17/3/1979)، وبأنه “النص في المادة 131/1 من القانون المدني علي أنه يجوز أن يكون محل الالتزام شيئا مستقبلا “فإنه لا يشترط –في الأصل- لصحة عقد الإيجار أن تكون العين المؤجرة موجودة وقت التعاقد بل يكفي أن تكون ممكنة الوجود مستقبلا”
(طعن رقم 334 لسنة 58ق جلسة 30/12/1992)،
وبأنه “بيع المحاصيل المستقبلة قبل نباتها في ظل القانون المدني القديم صحيح، ذلك أنه لم يرد فيه نص بتحريمه كما جاء بالقانون المدني المختلط (مادة330) وقد قضي القانون المدني الجديد في المادة 131 منه علي ما كان من خلاف في هذا الشأن بين القانونين الوطني والمختلط” (مجموعة القواعد القانونية في 25 عام بند18 ص347 جلسة 30/4/1953)، وبأنه “لما كان الاستشفاع حقا يخول كسب الملك فأنه يجوز التنازل عنه مقدما وفقا للقواعد العامة، ولا يغير من هذا النظر أن محل الالتزام هو حق محتمل الوجود متى كان الملتزم بعلم مقدما مكنه هذا العقد ومداه وأثر التنازل عنه وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه إذ قضي بصحة التنازل عن الشفعة مقدما بني قضاءه علي أن قانون الشفعة الصادر بتاريخ 26/3/1900 والذي تسري أحكامه علي موضوع النزاع وإن لم يورد من مسقطاتها إلا النزول عنها بعد البيع أخذا برأي بعض أئمة الفقه الإسلامي إلا أنه لم ينص علي تحريم الاتفاق علي التنازل عنها مقدما وأن هذا الاتفاق صحيح لعدم مخالفته للنظام العام وليس ثمة ما يوجب التقيد برأي فقهاء الشريعة في هذا الخصوص، فإن ما قرره هذا الحكم صحيح في القانونالشريعة في هذا الخصوص، فإن ما قرره هذا الحكم صحيح في القانون”
(مجموعة القواعد القانونية في 25 عام بند 187 ص738 جلسة 20/3/1952).
– التعامل في تركة مستقبلة : – تستثني التشريعات المختلفة من إباحة التعامل في الأشياء المستقبلة حالة التركة المستقبلة إذ تحظر التعامل فيها ومصدر هذا الخطر هو القانون الروماني، فقد كان هذا القانون يحرم ضروب التعامل في التركات المستقبلية لما فيها من مخالفة للآداب ولما تحمله من معنى المضاربة علي حياة صاحب التركة. إلا أن هذا القانون أتى باستثناء لهذا الحظر فأباح التعامل في التركة المستقبلة إذا تم هذا برضاء المورث. وقد انتقلت هذه المبادئ إلي القانون الفرنسي القديم وإن اختلف في تطبيقها، فأخذت بعض الأحكام بقاعدة الحظر وما تتضمنه من استثناء، وأخذ البعض الآخر منها بالقاعدة علي إطلاقها فحرم التعامل في التركة المستقبلية ولو تم برضاء صاحبها وعند وضع قانون نابليون، فضل واضعو المجموعة المدنية إتباع الرأي الثاني يأخذ بالحظر المطلق ومنعا لكل غموض أتى المشرع المصري في التقنين المدني الحالي بنص عام حرم فيه كافة أنواع التعامل في التركات المستقبلة، فقرر في الفقرة الثانية من المادة 131 “غير أن التعامل في تركة إنسان علي قيد الحياة باطل، ولو كان برضاه، إلا في الأحوال التي نص عليها في القانون” ومثال الأحوال التي أباح فيها القانون التعامل في التركة المستقبلة الوصية في حدود معينة (م915) وقسمة الأعيان بطريق الوصية (م908) (سلطان بند 134).
– صور التصرف في التركة المستقبلة : – التصرف في التركة المستقبلة قد يصدر من الوارث كما قد يصدر من المورث، وفي الحالتين يقع باطلا بطلانا مطلقا فلا تلحقه الإجازة، ويجوز لكل ذي مصلحة التمسك به، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها (م141/1)
– التصرف الصادر من الوارث : – قد يصدر التصرف من وارث أو من موصى له لوارث أو لموصى له آخر أو لأجنبي عن التركة، وهذا التصرف قد يرد علي جميع التركة أو علي جزء شائع فيها أو علي عين ملحوظ فيها أنها داخلة ضمن أموال التركة، وفي جميع هذه الحالات يقع التصرف باطلا بطلانا مطلقا. وحكمة البطلان أن هذا التصرف مخالف للآداب العامة لأنه يتضمن معنى المضاربة علي حياة المورث، فضلا عما يؤدي إليه من وقوع الشبان في براثن المرابين ولكن إذا وقع التصرف علي عين من الأعيان المملوكة للمورث وكان المشتري يعتقد أنها مملوكة للوارث البائع، فإن التصرف يأخذ حكم بيع ملك الغير ويقع باطلا بطلانا نسبيا، بخلاف ما لو كان المشتري يعلم أنها مملوكة للمورث واشتراها علي أن تسلم إليه بعد وفاته، فإن البيع يقع باطلا بطلانا مطلقا لأنه تعامل في تركة مستقبلة. كذلك يعتبر تعاملا في تركة مستقبلة التصرف الذي لا يعين فيه الوارث المحتمل تركة بالذات، بل يبيع حقوقه في أية تركة تؤول إليه. والتصرف الصادر من الوارث يقع باطلا ولو تم برضاء صاحب التركة وقد قيل في تعليل هذا الحكم أن هذا التصرف سيضر حتما بمصلحة الوارث المتصرف سواء تم التصرف بين ورثة أو بين وارث وأجنبي، وأن رضاء المورث لا يعتبر ضمانا كافيا علي أن حقوق الوارث المتصرف قد روعيت، لأن المورث لا يتدخل عادة إلا في التصرفات التي تقع بين الورثة، ويكون المقصود من تدخله محاباة أحد الورثة علي حساب وارث آخر وهو ما لا يقره القانون (انظر توفيق فرج مرجع سابق- سلطان مرجع سابق- السنهوري مرجع سابق).
– التصرف الصادر من المورث : – قد يصدر التصرف في التركة من المورث نفسه، وهو أيضا باطل بطلانا مطلقا لأن نص المادة 131 فقرة ثانية نص عام لا يفرق بين التصرف الصادر من الوارث والتصرف الصادر من المورث. والحكمة من إبطال التصرف الصادر من المورث في تركته ترجع إلي أن هذا التصرف سيخل بأحكام الميراث، وأحكام الميراث من النظام العام، فلا يجوز الخروج عليها إلا عن طريق الوصية وفي الحدود التي رسمها القانون، والوصية كما هو معلوم علي عكس التصرفات الأخرى لا تقيد الموصي إذ له الرجوع فيها حتى وفاته، وهو ما يحرص عليه القانون وعلي هذا الرأي استقر قضاء محكمة النقض ويعتبر من قبيل التصرف في التركة، أن يبيع شخص لآخر شيئا ويحتفظ لنفسه بحق الانتفاع به والتصرف فيه، علي أن يكون للمشتري في حالة تصرف البائع في المبيع مرة ثانية الرجوع علي تركته بقيمته، أو أن يبيع شخص كل أمواله الحاضرة والمستقبلة، لأن حصر جميع المبيع لن يكون إلا عند وفاته فيعتبر تركة (سلطان مرجع سابق- انظر مرقص مرجع سابق- السنهوري مرجع سابق).
وقد قضت محكمة النقض في كل ما سبق بأن : – ” إذ كان الحكم المطعون فيه قد نهج في تكيف العقد محل التداعي تكييفا صحيحا ولم يخرج في تفسيره عما تحتمله نصوصه فلقد استخلص من عباراته الظاهرة أن تصرف الأب المطعون ضده لأبنه الطاعن في حق الانتفاع بالأرض الزراعية التي سلمها إياه كان بغير عوض مما يعتبر من المتصرف تبرعا أي هبة وقد وقعت الهبة باطلة لعدم مشروعية سببها المخالف للنظام العام بانصرافه إلي تعامل في تركة مستقبلة، وكان من المقرر أن تعيين الورثة وأنصبتهم وانتقال الحقوق في التركات بطريق التوريث لمن لهم الحق فيها شرعا مما يتعلق بالنظام العام وتحريم التعامل في التركات المستقبلة يأتي نتيجة لهذا الأصل فلا يجوز قبل وفاة إنسان الاتفاق علي شئ يمس بحق الإرث وإلا كان الاتفاق باطلا، وكان الحكم قد استدل علي قيام ذلك السبب غير المشروع –وهو الباعث الدافع إلي التبرع- بما ورد في الاتفاق من بيان صريح يفصح عن أن ما تسلمه الابن الطاعن –أرض زراعية- يمثل مقدار نصيبه ميراثا عن أبيه الذي لم يزل علي قيد الحياة ومن اشتراط علي هذا الابن بعدم المطالبة بميراث أرض أخرى من بعد وفاة الأب، وهو ما يعد استدلالا سائغا له مأخذه الصحيح من واقع ما اثبت بالاتفاق الذي انعقد بين الطرفين، فإن الحكم يكون قد التزم صحيح القانون في تفسير الاتفاق وتكييف التصرف الثابت به الذي لحقه البطلان”
(الطعن رقم 626 لسنة 46ق جلسة 29/11/1979)،
وبأنه ” كون الإنسان وارثا أو غير وارث وكونه يستقل بالإرث أو يشاركه فيه غيره، إلي غير ذلك من أحكام الإرث وتعيين الورثة وانتقال الحقوق في التركات بطريق التوريث لمن لهم الحق فيها شرعا، كل هذا مما يتعلق بالنظام العام.. والتحايل علي مخالفة هذه الأحكام باطل بطلانا مطلقا لا تلحقه الإجازة ويحكم القاضي به من تلقاء نفسه في أية حالة كانت عليه الدعوى.. وتحريم التعامل في التركات المستقبلة يأتي نتيجة لهذا الأصل فلا يجوز قبل وفاة أي إنسان الاتفاق علي شئ يمس بحق الإرث عنه، سواء من جهة الزيادة أو النقص في حصصهم الشرعية أو من جهة المتصرف في حق الإرث قبل انفتاحه لصاحبه واستحقاقه إياه، وجميع هذه الاتفاقات وما شابهها مخالف للنظام العام” (مجموعة القواعد القانونية في 25 عام بند 39 ص1004 جلسة 14/6/1934)، وبأنه “صفة الوارث التي تخوله حقا في تركة المورث وتحقق له مصلحة قانونية في الطعن علي تصرفات مورثه التي تضر بحقه في الميراث تحايلا علي قواعد الإرث –هذه الصفة- لا تثبت للوارث إلا بوفاة المورث”
(الطعن رقم 756 لسنة 45ق جلسة 12/6/1978)،
وبأنه “مفاد نص المادة 131/2 من القانون المدني أن جزاء حظر التعامل في تركة إنسان علي قيد الحياة هو البطلان المطلق الذي يقوم علي اعتبارات تتصل بالنظام العام لمساسه بحق الإرث”
(الطعن رقم 1083 لسنة 52ق جلسة 6/2/1986).
وقد قضت محكمة النقض أيضا بأن : – ” التحايل الممنوع علي أحكام الإرث –لتعلق الإرث بالنظام العام- هو –علي ما جرى به قضاء محكمة النقض- ما كان متصلا بقواعد التوريث وأحكامه المعتبرة شرعا كاعتبار شخص وارثا وهو في الحقيقة غير وارث أو العكس وكذلك ما يتفرع عن هذا الأصل من التعامل في التركات المستقبلة كإيجاد ورثة قبل وفاة المورث غير من لهم حق الميراث شرعا أو الزيادة أو النقص في حصصهم الشرعية ويترتب علي هذا أن التصرفات المنجزة الصادرة من المورث في حالة صحته لأحد ورثته أو لغيرهم تكون صحيحة ولو كان يترتب عليه حرمان بعض ورثته أو التقليل من أنصبتهم في الميراث لأن التوريث لا يقوم إلا علي ما يخلفه المورث وقت وفاته أما ما يكون قد خرج من ماله حال حياته فلا حق للورثة فيه. ومت كانت هذه التصرفات المنجزة جائزة شرعا فإنه لا يجوز الطعن فيها بعدم مشروعية السبب بمقولة أن الباعث الدافع إليها هو المساس بحق الورثة في الميراث إذ لا حق لهؤلاء في الأموال المتصرف فيها يمكن المساس به”
(الطعن رقم 351 لسنة 33ق جلسة 7/12/1967)،
وبأنه “من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الاتفاق الذي ينطوي في حق الإرث قبل انفتاحه لصاحبه واستحقاقه إياه أو يؤدي إلي المساس بحق الإرث في كون الإنسان وارثا أو غير وارث وكونه يستقل بالإرث أم يشاركه فيه غيره هو اتفاق مخالف للنظام العام إذ يعد تحايلا علي قواعد الميراث فيقع باطلا بطلانا مطلقا لا تلحقه الإجازة ويباح إثباته بكافة الطرق ولو كان الوارث طرفا في الاتفاق”
(الطعن رقم 58 لسنة 41ق جلسة 11/11/1975)،
وبأنه “إجازة الوارث للتصرف الصادر من مورثه لا يعتد بها إلا إذا حصلت بعد وفاة المورث، ذلك لأن صفة الوارث التي تخوله حقا في التركة لا تثبت له إلا بهذه الوفاة.. ولما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فإن النعي عليه –بالخطأ في تطبيق القانون إذ قضي بصورية عقدي البيع الصادرين للطاعن رغم أن المطعون عليها الثانية وقعت عليهما ويعتبر ما ورد فيهما من شروط حجة عليها بحيث يمتنع عليها الطعن فيهما بالصورية- يكون علي غير أساس”
(الطعن رقم 58 لسنة 41ق جلسة 11/11/1975).
– كفالة الالتزام المستقبل ،
فقد قضت محكمة النقض بأن : – ” إذا عين الكفيل في الالتزام المستقبل مدة الكفالة، فإنه يكون ضامنا لما ينشأ في ذمة المدين من التزامات خلال هذه المدة بشرط ألا تجاوز هذه الالتزامات الحد الأقصى المتفق علي كفالته، وإذ كان الطاعن الثاني قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأنه ضمن الديون التي تنشأ في ذمة الطاعن الأول حتى.. في حدود مبلغ.. جنيها كما هو ثابت من عقد الكفالة المعقود بينه وبين البنك المطعون ضده في.. وأن الطاعن الأول قد ورد للبنك خلال تلك المدة أقطانا تزيد قيمتها عن المبلغ المكفول فبرئت المكفول فبرئت ذمته بذلك من هذا المبلغ، وكان الحكم المطعون فيه لم يحقق هذا الدفاع الجوهري أو يرد عليه، فإنه يكون معيبا قاصر البيان”
(نقض 14/6/1976 س27 ص1345)
– المسئولية عن عدم تحقق المحل ،
وقد قضت محكمة النقض بأن : – ” متى كان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تقل ببطلان التعاقد علي بيع المحصول المستقبل، بل قررت أن البيع المتنازع علي تكييفه هو بيع معلق علي شرط واقف هو وجود المبيع في المستقبل وأن هذا ليس معناه القول ببطلان التعاقد علي محصول مستقبل، وأنها إذا كانت قد ألزمت الطاعن بالتعويض الذي قضي عليه به، فإن هذا كان علي أساس ما استخلصته بالأدلة السائغة التي أوردتها من أنه هو وزميله المطعون عليه الثاني قد قصرا في القيام بما التزما به من تعهدات تضمنها العقد المبرم بين الطرفين، إذ لم يتبعا نصوص العقد فيما يتعلق بعملية الزراعة من تسميد وبذر التقاوي والري وتعليمات مهندس الشركة، وكان من أثر ذلك التقصير هبوط نسبة المحصول، فليس فيما قررته المحكمة أي تناقض أو مخالفة للقانون”
(نقض 30/4/1953 ج1 في 25 سنة ص347).
مكتب المستشار القانونى / أحمد سيد حسن
” المحامى بالنقض والدستورية والإدارية العليا “
(whats app ) واتس أب : 201220615243+
للتواصل : 201103004317+