You cannot copy content of this page

أسباب الاباحة وموانع العقاب وفقآ لقانون العقوبات المصرى ” المادة 61 ,62 ,63 من قانون العقوبات المصرى “

أسباب الاباحة وموانع العقاب وفقآ لقانون العقوبات المصرى " المادة 61 ,62 ,63 من قانون العقوبات المصرى "

 

 

– مادة رقم 60 من قانون العقوبات المصرى رقم (16) لسنة 1960م: –

لا تسري أحكام قانون العقوبات علي كل فعل ارتكب بنية سليمة عملا بحق مقرر بمقتضى الشريعة.

 

((( الشروح الفقهية والتعليقات العملية )))

مــادة 60

 

تعليق
أسبـاب الإبـاحة (1)

أسباب الإباحة : إلي جانب نصوص التجريم يشتمل قانون العقوبات علي نصوص تبيح الجريمة. فنصوص التجريم تعين الجرائم والعقوبات المقررة لها ، وهدفها حماية مصالح معتبرة للمجتمع وللأفراد. وقد ترتكب الجريمة في ظروف لا يصح معها تطبيق نص التجريم ، لأن هذا التطبيق لا يحقق في تلك الظروف الغرض المقصود منه ، وهو حماية مصلحة معتبرة ، أو لأن إباحة الجريمة يحقق مصلحة أولي بالاعتبار. فرضاء المجني عليه سبب من أسباب الإباحة إذا كان من شئونه التصرف في الحق المعتدي عليه ، فبديهي أن تطبيق نص التجريم علي المعتدي لا يحقق مصلحة. ومثل ذلك المدين المحجوز عليه الذي يتصرف في المحجوزات بعد تنازل الدائن عن الدين أو عن الحجز ، فتجريم التبديد لم يقصد به إلا حماية مصلحة للدائن ، ومتي تنازل الدائن عن هذه الحماية فلا جدوى من العقاب . وقد يكون الاعتداء متبادلا ، فيؤثر الشارع مصلحة علي أخري ، وهذا ما يحصل في إباحة الدفاع الشرعي ، فالشخص الذي يدفع الحريق العمد بالقتل لا تطبق عليه نصوص القتل العمد ، لأن الفائدة التي تكتسب من إباحة القتل أكبر من الفائدة التي تتحقق بالمعاقبة عليه ، أو لأن مصلحة المدافع أولي بالرعاية من مصلحة من بادر بالاعتداء.
ومن هذا يتبين قيام التناسق بين نصوص التجريم ونصوص الإباحة ، فالأولي تحقق هدفا معينا وتحول نصوص الإباحة دون تطبيق نصوص التجريم إذا ارتكبت الجريمة في ظروف لا يتحقق معها الهدف المقصود من التطبيق.
استقلال أسباب الإباحة : قد يرتكب شخص فعلا أو امتناعا يضر بالغير ومع ذلك لا يعاقب ، لأسباب مختلفة. فقد لا يعد الفعل جريمة ويدخل في هذا عدم اكتمال العناصر اللازمة لقيام الجريمة. ومع اعتبار الفعل جريمة قد لا ينطبق النص ، لأنه لا يسري في الوقت أو علي المكان الذي وقع فيه الفعل أو علي من وقع منه لأنه غير مكلف بمراعاة مقتضى النص. وقد ينطبق النص وتتوافر عناصر المسئولية الجنائية في حق المسئول عن الجريمة ومع ذلك لا يعاقب ، لقيام سبب من الأسباب القانونية التي تحول دون العقاب. وقد يكون هناك سبب من أسباب الإباحة فيعطل مؤقتا نص التجريم أي يمحو عن الفعل في الظروف التي وقع فيها صفة الجريمة. فبين هذه الأسباب المختلفة تستقل أسباب الإباحة بطابعها الخاص وبما يترتب علي قيامها من آثار. وفيما يلي بيان ما يميزها عن غيرها من الأسباب التي تتفق معها في نتيجة واحدة ، وهي عدم توقيع عقوبة علي مرتكب الفعل أو الامتناع .
الإباحة وعدم قيام الجريمة : يجب عدم الخلط بين عمل أو امتناع لم ينص علي تجريمه وبين عمل أو امتناع نص علي تجريمه ولكنه يباح لقيام سبب من أسباب الإباحة . فأسباب الإباحة تطرأ وقت ارتكاب أمر يعده القانون جريمة ، بحيث لو لم يقم السبب وتوافرت الأهلية الجنائية لكان الفاعل مسئولا . أما الأمر الذي يعده القانون جريمة فهو مباح بصفة أصلية من الناحية الجنائية ، بصرف النظر عن الظروف التي وقع فيها ، بحيث لا يكون علي القاضي لكي يحكم بالتبرئة إلا أن يتحقق من عدم النص علي تجريم الواقعة المسندة . وليست التفرقة المذكورة نظرية ، إذ ينبني عليها نتائج هامة . من هذه النتائج أن العمل أو الامتناع قد لا يعد جريمة ومع ذلك ينص القانون علي تطبيق إجراء واق ، لما يدل عليه الأمر الذي وقع من انحراف لدي فاعله . أما سبب الإباحة فينفي بذاته قيام الحالة الخطرة ولا يتصور مع وجوده تطبيق إجراء أمن لا جدوى منه علي الإطلاق . كذلك من نتائج التفرقة المذكورة أن الفعل أو الامتناع ولو أنه لا يعد جريمة قد يرتب مسئولية أخري غير جنائية ، فقد ينطوي علي خطأ ويسبب ضررا للغير فيلزم من ارتكبه بالتعويض بناء علي المادة 163 من القانون المدني. أما سبب الإباحة فيمنع قيام مسئولية من أي نوع ، إذ لا يمكن مساءلة شخص عن فعل يبيحه القانون وقد يأمر به.

الإباحة وعدم تطبيق القانون : يتفق الموضوعان في أن القانون ينص علي تجريم الفعل أو الامتناع وفي أن النص لا يسري ، ولكن بين الأمرين أوجه اختلاف. ففيما يتعلق بتطبيق القانون علي الزمان لا يمكن بقانون لاحق تجريم فعل لم يكن محرما وقت ارتكابه ، فسند الإعفاء هو عدم وجود نص التجريم. أما في الإباحة فهذا النص يكون قائما وقت ارتكاب الجريمة ساريا في الظروف العادية ، وكل ما هناك أن حكمه يتعطل في الظروف الاستثنائية التي يتكون منها سبب الإباحة . وفيما يتعلق بسريان القانون علي المكان ، قد تقع جريمة خارج إقليم الدولة من الجرائم الضارة بمصالحها أو علي أحد رعاياها ، ومع ذلك لا يسري عليها قانونها ، إذ ينازعه في ذلك وتكون له الغلبة قانون الدولة التي وقعت الجريمة في إقليمها . أما في الإباحة فلا يوجد تنازع بين قانوني بلدين مختلفين ، وإنما التنازع بين قاعدتين في قانون داخلي واحد ، قاعدة تجريم وقاعدة إباحة ، فالأفضلية في التطبيق تكون لقاعدة الإباحة.
وفيما يتعلق بتطبيق القانون علي الأشخاص ، يعفي بعض الأشخاص من تطبيق القانون الجنائي لاعتبارات شخصية ويقال أن الشارع لم يقصدهم بأوامره ونواهيه . أما الإباحة فلا ترجع إلي اعتبارات شخصية ، بل إلي ظروف مادية تكتنف الجريمة وقت ارتكابها فتبررها لأي شخص وجد في هذه الظروف إذ تعدم جسامتها أو تقلل منها بالقدر الذي لا يستأهل تطبيق نص التجريم.
وعدم انطباق النص الجنائي لأي الأسباب الثلاثة ، كعدم النص علي تجريم الفعل ، يمنع من قيام المسئولية الجنائية دون غيرها ، بخلاف سبب الإباحة فهو يحول دون قيام أية مسئولية ، علي ما تقدم.

الإباحة والأسباب المانعة من المسئولية : يتفق النوعان في أن الفاعل يأتي الركن أو المظهر المادي للجريمة ، وفيما عدا هذا يختلفان . فالمسئولية الجنائية تستلزم توافر عنصرين : الركن المعنوي في الجريمة والأهلية أو الإدراك الكافي لحمل المسئولية . والركن المعنوي بدوره يقتضي توافر عنصرين : إرادة النشاط والقصد الجنائي ، في الجرائم العمدية ، أو الخطأ ، في الجرائم غير العمدية.
وهناك فرقان جوهريان بين سبب الإباحة والسبب المانع من المسئولية ، فالأول يرجع إلي ظروف خارجة عن إرادة شخص الفاعل ومن ثم فإنه من الأسباب الموضوعية التي تؤثر في الفعل أو الامتناع . أما الثاني فيرجع إلي ظروف أو عوامل داخلية متصلة بالفاعل ولذلك لا يؤثر علي الفعل أو الامتناع وإنما علي مسئولية من قام به السبب. والفارق الثاني مترتب علي الأول ؛ فسبب الإباحة يعطل نص التجريم أما مانع المسئولية فلا يؤثر علي سلطان النص غاية ما هناك أن النص لا ينطبق لفقدان شرط أو أكثر من الشروط اللازمة لتطبيقه. وبعبارة أخري قد تتوافر في حق الفاعل عناصر المسئولية الجنائية ومع ذلك لا يسأل عن الجريمة لقيام سبب الإباحة ، ولما كان قيام هذا السبب وقت ارتكاب الفعل أو الامتناع يشل نص التجريم فإن سبب الإباحة يدعو إلي التبرئة دون حاجة إلي بحث غير مجد في توافر عناصر المسئولية . وفيما يلي تفصيل ذلك.

الإباحة وعدم توافر الإرادة : –
قد لا تقوم المسئولية الجنائية لعدم توافر الإرادة أو لعدم توافر القدر اللازم من حرية الاختيار . ومن الأسباب المؤثرة علي الإرادة الإكراه المادي والمعنوي والقوة القاهرة والحادث الفجائي وحالة الضرورة ، فكلها أسباب مانعة من المسئولية لتأثيرها في عنصر من عناصر الركن المعنوي وهو الإرادة أو حرية الاختيار في العمل أو الامتناع . أما سبب الإباحة فلا يؤثر علي الإرادة ، فالطبيب الذي يجري عملية جراحية استعمالا لحقه في ذلك يتوافر لديه القدر اللازم من حرية الاختيار ، وكذلك الموظف الذي ينفذ القانون أو أمر الرئيس. علي أن المسألة قد تدق في حالة الدفاع الشرعي ، فقيل إنه يؤثر في الإرادة وبالتالي في المسئولية ، لأن الجريمة التي يرتكبها المدافع تكون ثمرة إرادة يعيبها ضغط الظروف التي تحيط به . ولكن نصوص الدفاع الشرعي حاسمة في أن المشرع يفترض سلامة الإرادة وأن لدي المدافع القدر الكافي من حرية الاختيار. ودليل هذا أنه يقتضي من المدافع سلامة التقدير ، في عدم رد الاعتداء إلا إذا كان من غير الممكن الالتجاء إلي السلطات ، وفي مراعاة تناسب فعل الدفاع مع فعل الاعتداء. ثم إنه لو كانت إرادة المدافع معيبة إلي الحد الذي يمنع المسئولية لما عاقبه القانون إذا تجاوز حدود الدفاع . وأخيرا فإن من يدافع عن نفس الغير أو ماله لا يفعل ذلك تحت تأثير ضغط مؤثر في إرادته.

– الإباحة وعدم توافر القصد الجنائي : –
القصد هو انصراف الإرادة إلي النشاط ونتيجته ، والخطأ هو الركن المعنوي في الجرائم غير العمدية ، وفيها تنصرف الإرادة إلي النشاط دون النتيجة التي تتحقق بسبب ما ينطوي عليه النشاط من خطأ . فالركن الأدبي في الجريمة أمر داخلي يبطنه الجاني في نفسه ويستدل عليه بمظاهر خارجية ، وإذا لم يتوافر لا تقوم المسئولية الجنائية ، إذ لا يكفي لقيامها توافر الركن المادي والأهلية الجنائية. أما سبب الإباحة فلا عاقة له بنفسية الجاني بل هو مترتب علي ظروف استثنائية محسوسة ، ومتي توافر فإنه يبرر الفعل أو الامتناع بغير حاجة إلي البحث في توافر الركن الأدبي أو عدم توافره.
الإباحة وعوارض الأهلية : لا يكون أهلا للمساءلة جنائيا من لا يتوافر لديه القدر اللازم من الإدراك لحمل المسئولية ، فنصوص التجريم لا توجه إلا إلي الأشخاص ، والمجنون وفاقد الشعور لغيبوبة والصغير دون السابعة لا يعتبرون من الأشخاص في نظر القانون الجنائي . وظاهر أن عدم الأهلية يرجع إلي سبب شخصي أو داخلي متعلق بالإدراك أو التمييز ، بخلاف سبب الإباحة علي ما تقدم ، فالعمل يكون مباحا سيان كان مرتكبه من المكلفين أو من غيرهم.

– آثار التفرقة بين الإباحة وامتناع المسئولية :-
إن الفارق الجوهري بين سبب الإباحة ومانع المسئولية هو أن الأول يمحو الفعل فيجعله كأن لم يكن فلا يعتبر بالتالي جريمة أو حتى فعلا ضارا ، أما مانع المسئولية فيحول فقط دون تطبيق النص الجنائي علي من قام به السبب المانع ولكنه لا يمحو الفعل ولا يمنع ترتيب نتائج أخري . وينبني علي هذا أن الشريك في أمر مباح لا يعد شريكا في جريمة ، بينما يسأل عديم الأهلية لأن عدم الأهلية سبب شخصي لا يؤثر علي غير من يقوم به (المادة 42 عقوبات) . وتمنع الإباحة من تطبيق أي تدبير واق بينما لا يحول دون ذلك قيام مانع من المسئولية. ولما كان سبب الإباحة يمحو الفعل ونتائجه فإنه مع قيامه لا تترتب علي الفعل مسئولية من أي نوع ، فلا يسأل الفاعل أو شريكه عن تعويض الأضرار المترتبة علي الفعل . أما مانع المسئولية فلا يمحو الفعل ولا نتائجه الضارة فيبقي باب المسئولية المدنية مفتوحا ، وقد يقضي بالتعويض علي الفاعل إذا كان مميزا أو لم يكن هناك من هو مسئول عنه أو إذا تعذر الحصول علي تعويض من المسئول (تراجع المادتان 164 و 168 من القانون المدني). وقد يقضي بالتعويض علي من يجب عليه قانونا أو اتفاقا رقابة مرتكب الفعل. (تراجع المادتان 164 و 173 من القانون المدني).
الإباحة وحالة الضرورة : تنص المادة 61 عقوبات علي أنه ” لا عقاب علي من ارتكب جريمة ألجأته إلي ارتكابها ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله ولا في قدرته منعه بطريقة أخري “. فالقانون المصري يعد الضرورة مانعا من موانع المسئولية ، شأنها في ذلك شأن الإكراه المعنوي ، فهي لا تؤثر علي نص التجريم ولا تمحو عن الفعل الوصف الضار. ومن هذا القبيل الطبيب الذي يجري عملية جراحية ، تلجئه إليها ضرورة وقاية مريض من خطر جسيم حال يهدد حياته ، دون أن يحصل علي رضاء هذا المريض. واعتبار الضرورة من موانع المسئولية يستند إلي أن الظروف الملجئة تؤثر في إرادة الفاعل فيضيق مجال الاختيار لديه إلي حد كبير لا يقدر علي مواجهتها إلا غير العاديين من الناس وهؤلاء لا يقاس عليهم . فالظروف الخارجية تنعكس علي النفس وتؤثر في الإرادة ، كما هو الشأن في حالة الإكراه المعنوي . وينبني علي هذا الاعتبار أن الفاعل وإن كان لا يسأل جنائيا فإنه يسأل مدنيا عن تعويض الضرر الذي قد ينشأ عن الفعل . وتنص المادة 168 من القانون المدني علي أن ” من سبب ضررا للغير ليتفادى ضررا أكبر ، محدقا به أو بغيره لا يكون ملزما إلا بالتعويض الذي يراه القاضي مناسبا.

ويقول الدكتور/ محمود محمود مصطفي : –
وقد اعتبر القانون الإيطالي حالة الضرورة من أسباب الإباحة (المادة 54) ، وهو ما كان يجب الأخذ به في التشريع المصري – ذلك لأن حالة الضرورة تجمع مقومات الإباحة ويجب عدالة أن يكون لها نفس الأثر . فالضرورة تتسع لصور لا يتحقق فيها التأثير علي إرادة الشخص ، ويكون ذلك إذا كان الخطر غير محدق بالشخص نفسه أو بمن يهمه أمره ، كما في المثل المتقدم وكما في حالة الطبيب الذي يجهض الحامل إنقاذا لحياتها ، ومن يتلف باب منزل مشتعل لتنجيه من تحصرهم النيران ، وهكذا. ثم إن حالة الضرورة تقوم علي أساس تضحية حق في سبيل صيانة آخر يعول أو يتساوى معه في قيمته ، وهو نفس الأساس في الإباحة . فكان يجب أن يترتب علي الضرورة تعطيل نص التجريم واعتبار الفعل كأن لم يكن . ومن ناحية العدالة لا يكفي عدم ترتيب المسئولية الجنائية وإنما كان يجب أيضا عدم مساءلة الفاعل عن تعويض ما يحدث من ضرر . علي أنه مع صراحة النص تدخل الضرورة في موانع المسئولية لا في أسباب الإباحة.

– الإباحة والإعفاء من العقوبة : –  يقوم سبب الإباحة أو مانع المسئولية وقت ارتكاب المظهر المادي للجريمة ، أما الأسباب المانعة من العقاب فتطرأ بعد اكتمال عناصر المسئولية الجنائية ، فيتوافر لدي الفاعل العنصر المعنوي والقدر اللازم من الإدراك أو التمييز لحمل المسئولية . وكما أن للمجتمع حق العقاب فمن حقه كذلك العفو عن العقوبة ، يستعمله كلما وجد من ورائه فائدة . وتقدير هذه الفائدة متروك بصفة عامة لرئيس الدولة فيعفو عن العقوبة بعد الحكم بها ، واستثناء من هذا ينص القانون علي أسباب محدودة للإعفاء لا يترك التقدير فيها للقاضي أو لرئيس الدولة ، فمتي قام السبب تعينت التبرئة . وتخصيص هذه الأسباب بالنص يرجع إلي الفائدة الظاهرة التي تعود علي المجتمع من إعفاء الفاعل من العقوبة . وهذه الفائدة قد تظهر في تشجيع الجاني علي الكف عن التوغل في الإجرام (تراجع المادة 100 عقوبات) ، أو في تشجيعه علي كشف الجريمة للسلطات أو الإرشاد عن زملائه فيها (تراجع المواد 48 و 107مكررا و 108 و 205 و 210 عقوبات) ، أو في تشجيع الجاني علي تخفيف أو محو الآثار المتخلفة عن الجريمة. وتتفق الأسباب المعفية من العقاب مع موانع المسئولية في أن الإعفاء لا ينفي الحالة الخطرة ولا الضرر المترتب علي الفعل ولا يستفيد منه إلا من قام به السبب ، فيصح النص علي تطبيق تدبير واق ويصح الحكم علي المعفي بتعويض الضرر ويحكم بالعقوبة علي باقي المساهمين فاعلين أو شركاء.

– حصر أسباب الإباحة : –  هناك قلة من التشريعات تخول للقاضي الفصل في تطبيق نص التجريم أو تعطيله واعتبار الفعل أو الامتناع مباحا . ومن هذه التشريعات قانون العقوبات الروسي. أما الغالبية العظمي من التشريعات فتجري علي خطة حصر أسباب الإباحة ، ومن هذه التشريعات القانون المصري . وينبني علي هذا الحصر أن القاضي يكون مقيدا بالأسباب الواردة في القانون ، فلا يقضي بإباحة الفعل بناء علي سبب آخر. ولكن عليه أن يستظهر مدي تطبيق السبب ، وله في هذا السبيل أن يلجأ إلي التفسير المفسح وإلي القياس ، بل له أن يلجأ إلي مصادر أخري غير القانون المكتوب. فإذا كان القانون المكتوب هو المصدر الوحيد بالنسبة لقواعد التجريم والعقاب ، فإنه ليس كذلك بالنسبة لقواعد الإباحة ، بمعني أنه يصح الالتجاء في تفسير النص إلي مصادر أخري حقيقية كالعرف المتفق مع أهداف القانون . فاستعمال الحق كسبب عام من أسباب الإباحة ، يدخل فيه إباحة النقد واستعمال العنف في بعض الألعاب الرياضية ، ولو أن القانون المكتوب لا ينص علي ذلك.

– تقسيم أسباب الإباحة : –  ترجع أسباب الإباحة إلي سببين رئيسيين ، وهما استعمال الحق وأداء الواجب. وهي من حيث مدي تطبيقها يمكن تقسيمها علي أساس موضوعي كما يمكن تقسيمها علي أساس شخصي ، فعلي الأساس الأول تقسم أسباب الإباحة إلي أسباب عامة وأسباب خاصة ، وعلي الأساس الآخر تقسم أسباب مطلقة وأسباب نسبية . فالسبب العام يبيح أية جريمة ، كاستعمال الحق أو السلطة علي العموم ، والسبب الخاص هو ما يسري مفعوله بالنسبة لجرائم معينة ، كالدفاع الشرعي ورضاء المجني عليه والسبب المطلق هو ما يستفيد منه الناس كافة ، كالدفاع الشرعي ، أما السبب النسبي فيستفيد منه أشخاص معينون ، كالموظف الذي ينفذ أمر الرئيس والخصم الذي يرتكب القذف أثناء المدافعة . وقد يكون السبب عاما ونسبيا ، فإطاعة أمر الرئيس سبب عام ، من حيث أنه يؤثر في أية جريمة وهو نسبي من حيث أنه لا يفيد إلا الموظف الأميري . وقد يكون السبب خاصا ومطلقا كالدفاع الشرعي ، فهو لا يبرر كل جريمة ويستفيد منه أي شخص.

– الإباحة ومراحل الجريمة : –  يبدأ الجاني بالتفكير في الجريمة والتصميم عليها ، ثم يقوم بالأعمال التحضيرية ، وبعدها يقوم بالأعمال التنفيذية التي تنتهي بتمام الجريمة أي بالاعتداء علي الحق الذي يحميه القانون . وليس بلازم أن يقوم سبب الإباحة في مرحلتي التفكير والتحضير ، فما يصدر من الشخص في هاتين المرحلتين لا يعد جريمة (تراجع الفقرة الأخيرة من المادة 45 من قانون العقوبات) . كذلك لا يحدث سبب الإباحة مفعوله إذا طرأ بعد تمام الجريمة ، لأنه يشترط للإباحة أن يكون الفاعل غير مكلف بمراعاة حق الغير عند الاعتداء عليه. إذن يكفي ويلزم أن يقوم سبب الإباحة في مرحلة التنفيذ طالما أنها لم تتم ، فرضاء المجني عليه بالجريمة يبررها طالما أن الجريمة في حالة التنفيذ ، ولا عبرة بالرضاء السابق أو اللاحق علي هذه المرحلة.
والأمر يحتاج إلي إيضاح بالنسبة للجرائم المستمرة والجرائم المتتابعة. فالجريمة المستمرة تتم ولكن الحالة الإجرامية الخطرة تستمر وقتا يتوقف في مداه علي إرادة الجاني ، كحبس شخص بغير وجه حق وإخفاء شئ متحصل من جناية أو جنحة فتنتهي الحالة الخطرة بالإفراج عن المحبوس أو التخلي عن الشيء. وفي الجريمة المستمرة يجب أن يقوم سبب الإباحة قبل تمام الجريمة أي قبل مرحلة الاستمرار ، لأنه إذا طرأ في هذه المرحلة الأخيرة فإنه لا يمحو عدم مشروعية الفعل قبل ذلك . وبناء عليه فإن حبس شخص بغير وجه حق يعاقب عليه بمقتضى المادة 280 من قانون العقوبات ، ولا يصحح الحبس المذكور صدور أمر صحيح بالحبس بعد ذلك من السلطة المختصة . أما الجرائم المتتابعة فهي جرائم منفصلة ولكنها تعتبر في نظر القانون جريمة واحدة ، بالنظر لوحدة الغرض المقصود منها ووحدة الحق المعتدي عليه فيها ، كسرقة أشياء من مجني عليه واحد علي عدة دفعات أو ضرب مجني عليه واحد عدة ضربات فإذا فرض أن كان الفاعل يستعمل حق التأديب في بعض هذه الضربات دون البعض الآخر ، فإن سبب الإباحة لا يؤثر إلا علي الضرب الذي توافرت فيه شروط الإباحة.

– الإباحة وتعدد المساهمين في الجريمة : –  قد يساهم في الجريمة أكثر من شخص فيكون هناك فاعلان أو فاعل وشريك . فما هو أثر الإباحة التي تقوم بالنسبة للبعض دون البعض الآخر.
القاعدة أنه في حالة تعدد الفاعلين لا يستفيد أحدهم من سبب يقوم بالنسبة للآخر ، فلو عاون شخص أبا في ضرب ابنه استعمالا لحق التأديب فإن ذلك الشخص يعاقب علي الضرب. وهذا نتيجة لمبدأ مقرر في التشريع المصري مقتضاه أن الفاعل مع غيره يستعير إجرامه من فعله ويعتبر كأنه ارتكب لجريمة وحده فلا يتأثر بظروف الآخرين وأحوالهم (تراجع الفقرة الأخيرة من المادة 39 وتعليقات الحقانية عليها). علي أنه لا يجوز إعمال هذه القاعدة علي إطلاقها ، إذ قد يؤدي هذا الإطلاق إلي تفويت غرض القانون ولا تكون هناك جدوى من العقاب. فالقانون يجيز الدفاع عن الغير ، فمن يفعل ذلك يستعير حق المهدد بالاعتداء ، ويستنتج بعض الفقهاء من هذا أنه إذا قام سبب مطلق استفاد منه جميع الفاعلين ، لأن من لم يقم لديه السبب يستعمل حق الآخر برضائه فيكون عمله مباحا. أما إذا كان السبب نسبيا أو شخصيا فقد قصد القانون أن يستفيد من السبب شخص بعينه فلا يكون من حقه التنازل ولا يصحح رضاؤه عمل من ساهم معه في الفعل بوصف فاعل. وهذا التفسير لا يتعارض مع الفقرة الأخيرة من المادة 39 ، بل يتفق وحكمها ، لأن السبب النسبي يعتبر من الأحوال الخاصة التي يستقل بالانتفاع بها من قام لديه السبب.
وفيما يتعلق بالشريك القاعدة أنه يستعير إجرامه من الفعل الأصلي ، وبمعني آخر لا يعاقب الشريك إلا إذا ارتكب الفاعل جريمة ، ومن ثم فإنه إذا كان عمل الفاعل مباحا لا يكون عمل الشريك معاقبا عليه . علي أن في الأمر تفصيل ، فقد يقوم سبب الإباحة بالنسبة للفاعل ، وقد يقوم بالنسبة للشريك.
فإذا قام سبب الإباحة لدي الفاعل دون الشريك فإن المادة 42 من قانون العقوبات تنص علي أنه ” إذا كان فاعل الجريمة غير معاقب لسبب من أسباب الإباحة أو لعدم وجود القصد الجنائي أو لأحوال أخري خاصة به وجبت مع ذلك معاقبة الشريك بالعقوبة المنصوص عليها قانونا ” . فعبارة ” سبب من أسباب الإباحة ” بالإضافة لعبارة ” أو لأحوال أخري خاصة به ” تفيد أن سبب الإباحة النسبي أو الخاص بالفاعل لا يفيد الشريك ، بينما السبب المطلق يفيد جميع المساهمين. وبناء عليه فشريك الموظف في تنفيذ أمر الرئيس لا يستفيد من الإباحة المقررة للموظف الأميري في المادة 63 ، بيد أن شريك المدافع عن نفسه أو ماله يستفيد من إباحة الدفاع لأنه من الأسباب المطلقة.
وقد يقوم السبب لدي الشريك دون الفاعل ، فإذا كان السبب مطلقا استفاد الشريك والفاعل معا ، كما إذا وجد شخص في حالة دفاع شرعي فبدلا من أن يدافع عن نفسه أو ماله حرض آخر علي ذلك. أما إذا كان السبب نسبيا أو خاصا فإن الشريك يستفيد منه دون الفاعل ، فلو كان مأمور الضبط القضائي يحمل أمرا باطلا بالقبض فإنه لا يعاقب علي تنفيذه الأمر متي توافرت شروط المادة 63 من قانون العقوبات أما لو عهد مأمور الضبط إلي أحد الأفراد بتنفيذ الأمر فإن هذا الأخير لا يستفيد من حكم المادة 63 مع إمكان استفادة مأمور الضبط.

– تجاوز حدود الإباحة : –  يكون الفعل مباحا طالما لم يخرج فاعله عن الحدود المقررة للإباحة ، فإذا تجاوزها أصبح غير مشروع . ولم ينظم القانون المصري أحكام التجاوز ، وكل ما ورد فيه نص المادة 251 وهو خاص بتجاوز حدود الدفاع الشرعي ، وهذا النص يعمل به في الحالة التي ورد بشأنها ، أما التجاوز في غيرها فيخضع للقواعد العامة . فتجاوز الحدود المقررة قانونا للإباحة قد يكون متعمدا ، وقد يتسبب عن خطأ ، وقد يحدث بسبب لا دخل لإرادة الفاعل فيه . والتجاوز المتعمد هو الذي يحدث عن علم وإرادة ويسأل عنه فاعله كما يسأل عن جريمة عمدية وكل ما هناك أن المحكمة تراعي ظروفه عند تقدير العقوبة ؛ فتطبق المادة 17 من قانون العقوبات في حالة الجنايات وتخفف العقوبة في الجنح في الحدود المقررة . أما إذا لم يقصد الفاعل تجاوز الحدود المقررة قانونا ، وإنما حدث هذا نتيجة إهمال أو عدم احتياط لا يصدر عن الشخص العادي إذا وجد في نفس الظروف ، فإن المتسبب في النتيجة بخطئه يسأل عنها إذا كان القانون يجرمها بوصف الخطأ . أما إذا حدث التجاوز نتيجة حادث فجائي أو قوة قاهرة فإن الفاعل لا يكون مسئولا.

– الغلط في الإباحة : –  ومثل ذلك أن يسند شخص إلي موظف بحسن نية واقعة غير صحيحة ، أو يبلغ السلطات بحسن نية بأمر مستوجب لعقوبة فاعله ثم يتبين أن الأمر مكذوب ، وهكذا ولم يرد في القانون المصري نص عام في هذا الصدد ، ولكن وردت فيه بعض التطبيقات ، فالمادة 63 من قانون العقوبات تبيح العمل غير المشروع الذي يرتكبه الموظف إذا كان يعتقد بمشروعيته وكان اعتقاده مبنيا علي أسباب معقولة ، ونصوص الدفاع الشرعي لا تستلزم في الخطر المسوغ للدفاع الشرعي أن يكون خطرا حقيقيا في ذاته ، بل تكتفي بأن يبدو كذلك في اعتقاد المدافع . وقد وجهت محكمة النقض النظر إلي نظرية الغلط في الإباحة ، فقالت في حكم لها : ” إن حسن النية المؤثر في المسئولية عن الجريمة رغم توافر أركانها … هو معني لا تختلف مقوماته باختلاف الجرائم ، ويكفي أن يكون الشارع قد ضبطه في نص معين أو مناسبة معينة ليستفيد القاضي من تلك القـاعدة العامـة الواجبـة الاتبـاع ” . وبعد أن عرفت المحكمة حسـن النية قالت ” وليست هذه الإشارة إلا تطبيقا لقاعدة اعتمدها قانون العقوبات في المادة 63 الواردة في باب الأحكام العامة .. الخ ” . وهذا قاطع في أن المحكمة العليا تعتبر ما جاء في المادة 63 تطبيقا لقاعدة عامة مقتضاها أن الاعتقاد بمشروعية الفعل يقوم مقام مشروعيته.
ونظرية الغلط في الوقائع أو الظروف التي تقوم عليها الإباحة تبني علي مبدأ عام في القانون مقتضاه أن الإنسان لا يكلف بما ليس في وسعه ، فلا يكلف الموظف أو المدافع في الظروف التي وجد فيها بالامتناع عن العمل . فكما أن الغلط في الوقائع ينفي القصد الجنائي فكذلك لا تجوز المساءلة بوصف العمد إذا كان هناك غلط في الوقائع التي تبني عليها الإباحة ، فالفاعل لم يقصد مخالفة القانون . ويكون العمل عندئذ مباحا إذا ثبت أن الفاعل لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري وأنه كان يعتقد مشروعية وأن اعتقاده كان مبنيا علي أسباب معقولة. فالغلط عندئذ يقع فيه الشخص العادي ولا يتداركه إلا من يسمو بذكائه ويقظته عن المستوي العادي ، والقانون لا يوجه إلي هؤلاء فقط . أما إذا لم يتصرف الفاعل تصرف الشخص العادي ، فأتي الفعل بغير التثبت والتحري اللازمين ، فإن غلطه في تقدير الظروف أو الوقائع لا يبرر عمله ، وإنما يكون شأنه شأن من يوجه إرادته توجيها خاطئا فتتسبب عن ذلك نتيجة غير مقصودة ، فيسأل عن هذه النتيجة إذا كان القانون يجرم التسبب بالخطأ في إحداثها.
ومما تنبغي ملاحظته أنه لا يجوز الخلط بين الغلط في الوقائع والغلط في القانون ، فالغلط في الوقائع يصلح دفعا ويبرر الفعل متي توافرت عناصر حسن النية. أما الغلط في قانون العقوبات فلا يصلح دفعا ولا يبرر الجريمة ، ومثل ذلك من يرتكب جريمة معتقدا أن قانون العقوبات يتضمن سببا يبيح ارتكاب الجريمة بينما هو لا يتضمن السبب المزعوم. فيعتبر مسئولا عن التبديد من يتصرف في المحجوزات ثم يدفع قيمة الدين ولو كان يعتقد وقت التصرف أن قانون العقوبات يجيز له ذلك.

– الجهل بالإباحة : –  قد يأتي شخص أمرا وهو يعتقد أن القانون يعاقب عليه بينما يكون هناك سبب من أسباب الإباحة يجهله . وهذا الجهل قد يرجع إلي غلط في القانون ، وقد يرجع إلي غلط في الوقائع . وتنص بعض القوانين صراحة علي أن الأسباب التي تحول دون توقيع العقوبة تحدث أثرها ولو كان الفاعل يجهلها. ولم يرد في القانون المصري نص في هذا الخصوص . وقد عرض الأمر علي محكمة النقض ، بصدد جهل مأمور الضبط القضائي بصدور إذن يخوله التفتيش ، فقررت في حكم لها أن تفتيش ضابط البوليس منزل المتهم بغير رضاه لا يكون صحيحا إلا إذا كان الضابط مأذونا من النيابة بإجراء هذا التفتيش وعالما بهذا الإذن قبل إجراء التفتيش فعلا. وهذا القضاء غير سديد ، إذ جاء علي خلاف الأصول العامة في القانون والتي لا تحتاج إلي نص صريح يقررها . فأسباب الإباحة من الأسباب الموضوعية تحدث أثرها من حيث تعطيل نص التجريم بغض النظر عن الحالة النفسية لمرتكب الأمر ، فسيان كان عالما بقيام السبب أو كان جاهلا بوجوده فالفعل لا يعد جريمة في الحالتين ويمكن تشبيه هذه الصورة بحالة شخص ينتزع منقولا من حيازة آخر علي زعم أنه مملوك لمن كان يحوزه ثم يتضح أنه مملوك لمن انتزعه. فكما أن الاعتقاد بعدم ملكية الشيء لا يقوم مقام عدم الملكية فكذلك لا يستوي الجهل بالإباحة مع قيامها بعدم قيامها بالفعل.

 

– أسباب الإباحة في التشريع المصري (1) : –

لم ينظم المشرع المصري أسباب الإباحة تنظيما مستقلا في القسم العام من القانون ، وإنما تحدث عن بعضها في ذلك القسم ونص علي البعض الآخر بصدد بعض الجرائم في القسم الخاص.
ويمكن القول بأن أسباب الإباحة المستفادة من نصوص قانون العقوبات هي :-

أولا : استعمال الحق.                         ثانيا : أداء الواجب.
ثالثا : الدفاع الشرعي.                     رابعا : رضاء المجني عليه.

 

– استعمــال الحق : – 
إذا كان القانون يعطي للأفراد حقوقا معينة فمعني ذلك أنه خولهم إتيان الأفعال التي يمارسون بها حقوقهم. ولذلك فإن ممارسة الحق لا يمكن أن تشكل فعلا غير مشروع حتى ولو كانت تتطابق مع نموذج من النماذج التجريمية. فلا يتصور منطقيا أن يكون الفعل مشروعا وفقا لقاعدة قانونية معينة وغير مشروع وفقا لقانون العقوبات.
وقد نص المشرع المصري علي استعمال الحق كسبب للإباحة في المادة 60 منه والتي جاء بها ” لا تسري أحكام قانون العقوبات علي كل فعل ارتكب بنية سليمة عملا بحق مقرر بمقتضى الشريعة “. كما نصت المادة السابعة من ذات القانون علي أنه ” لا تخل أحكام هذا القانون في أي حال من الأحوال بالحقوق الشخصية المقررة في الشريعة الغراء “.

– تبرير الإباحة : 
أن الإباحة استعمالا للحق تجد تبريرها في المفاضلة بين المصالح المتعارضة . فحينما تمنح قاعدة قانونية معينة للفرد حقا معينا فمعني ذلك أن القانون قد أعطي أفضلية للمصالح التي من أجلها منح الحق علي المصالح الأخرى التي تضار نتيجة ممارسة هذا الحق. فمما لا شك فيه أن الحقوق المقررة قانونا إنما تمنح للأفراد تحقيقا لمصالح معينة ، ولذلك يقرر لها حماية قانونية . ولما كانت ممارسة الحق قد تضر بآخرين فقد أعطي القانون لمصلحة أصحاب الحق أولوية علي المصالح الأخرى ، طالما كان استخدام الحق في إطار الشروط الموضوعة له قانونا.

– مصدر الحق :
تطلب القانون في المادة 60 منه أن يكون الحق مقررا بمقتضى الشريعة . ولذلك فأول ما يتبادر إلي الذهن في هذا الصدد هو ما تقرره الشريعة الإسلامية من حقوق شخصية. كما هو الشأن في حق تأديب الولي للقاصر وتأديب الزوج لزوجته.
غير أن مصدر الحق كسبب للإباحة لا يقف عند حد الحقوق المقررة بمقتضى الشريعة ، بل يمتد إلي كل حق مقرر بمقتضى قاعدة قانونية تدخل في تكوين النظام القانوني العام . ولذلك لا يلزم أن تكون القاعدة مصدر الحق قد نص عليها في قانون العقوبات بل تشمل أيضا القواعد المنصوص عليها في أي فروع القانون العام أو الخاص . إذ يكفي في هذا الصدد أن تكون القاعدة معترف بها من النظام القانوني للدولة بوصفها مصدرا للحقوق. وذلك فإن القاعدة العرفية في الأحوال التي يعترف فيها بقيمتها القانونية تعتبر مصدرا للحق الذي يبيح الأضرار بالمصالح المحمية جنائيا.

– شروط استعمال الحق كسبب للإباحة :
لا يكفي لاعتبار استعمال الحق سببا للإباحة أن توجد قاعدة قانونية تقرر الحق ، وإنما يلزم لذلك توافر الشروط الآتية :-

1- أن يتواجد الحق قانونا لمن يمارسه :
ويتوافر هذا الشرط متي تحقق فيمن يستعمل الحق الشروط القانونية التي تتطلبها القاعدة القانونية في صاحب الحق. ومتي ثبت ذلك أعملت الإباحة أثارها ولو كان الحق الثابت للشخص محل نزاع أو مطالبة قضائية من قبل الغير. ولكن لا يجوز للغير الذي يدعي الحق أن يستعمله جبرا وإنما عليه الالتجاء إلي القضاء لاستيفاء حقه ، فإن استعمال الحق جبرا عن صاحبه لا يستفيد من سبب الإباحة المتمثل في استعمال الحق.
2- أن يكون استعمال الحق في نطاق الحدود التي رسمتها القاعدة القانونية لممارسة الحق :  . فإذا خالف الشخص تلك الحدود كنا في نطاق التجاوز في استعمال الحق وبالتالي يتصف الفعل بعدم المشروعية . ويرجع إلي القاعدة التي تقرر حقا لمعرفة الحدود التي تتطلبها لممارسة الحق قانونا.
3- حسن النية :
عبر المشرع عن هذا الشرط بقوله ” كل من ارتكب بنية سليمة ” . ويقصد بذلك أن يكون استعمال الحق يتفق والغاية التي من أجلها تقرر لصاحبه . فلا يكفي لمشروعية الفعل المرتكب استعمالا للحق أن يكون صاحبه قد التزم بالحدود الموضوعية المنصوص عليها قانونا ، وإنما يلزم أن تكون ممارسته للحق قد روعي فيها الجانب النفسي المتمثل في تحقيق المصالح التي تقرر الحق من أجلها . وبعبارة أخري يلزم أن تكون القاعدة القانونية مصدر الحق تسمح ، ولو ضمنا ، بممارسته عن طريق السلوك المتحقق والذي يعتبر غير مشروع من الناحية الجنائية لولا استعمال الحق . فإذا انتفت النية السليمة علي حد تعبير المشرع كنا في نطاق التعسف في استعمال الحق والذي ينفي عن الفعل الصفة المشروعة ليندرج تحت نطاق عدم المشروعية . فالزوج الذي يعتدي علي زوجته ليس بقصد التأديب وإنما بهدف التنكيل أو الإيذاء لا يستطيع أن يحتج بسبب الإباحة . كذلك الطبيب الذي يمارس جراحة ليس بقصد العلاج وإنما بهدف تشويه المريض لضغينة بينهما يرتكب فعلا غير مشروع مستوجب العقاب إذا اكتملت شرائطه.

 الإنابة في استعمال الحق :
يجيز القانون المدني في استعمال الحق بمقتضى قانون أو اتفاق طالما أن طبيعة الحق لا تتعارض وتلك الإنابة . ولذلك يتحقق سبب الإباحة ولو كان الذي مارس الحق ليس هو صاحبه الأصيل وإنما نائبه بمقتضى نص أو اتفاق . واستعمال الحق في هذه الفروض يبيح الفعل وينفي عنه الصفة غير المشروعة . وعليه فإن الوكيل في ممارسة الحق في الدفاع أمام المحاكم له أن ينسب إلي الخصم وقائع تشكل في مادياتها قذفا أو سبا ويستفيد بسبب الإباحة المقرر لموكله الناتج عن حقه في الدفاع.
والإنابة كما قد تكون في الحقوق المالية تكون أيضا في غير ذلك من الحقوق . ولذلك استقر الفقه والقضاء علي مشروعية أفعال التأديب التي يرتكبها صاحب الحرفة علي الصغار الذين يتعلمون لديه ، وأيضا أفعال التأديب التي يمارسها المعلم علي التلاميذ طالما كانت في الحدود المقررة قانونا . وعموما فإن من ينتقل إليه واجب الإشراف والرقابة علي الصغار سواء بمقتضى نص أو اتفاق يجوز له ممارسة أفعال التأديب التي يملكها صاحب الحق فيها . فإذا كان الحق بطبيعته غير قابل للإنابة وقع الفعل غير مشروع . فمثلا لا تجوز الإنابة في تأديب الزوجة. إذ أن هذا الحق يثبت للزوج علي زوجته ولا ينتقل إلي غيره بإرادة صاحبه.
وإذا كان القانون المدني يجيز الفضالة في استعمال الحقوق . فإن الفضولي يرتكب فعلا مشروعا من الناحية الجنائية طالما الحق جائزا استعماله وفق قواعد الفضالة. وعليه ، فإذا جاز بيع المال المودع خوفا من تلفه وهلاكه دون أن يرتكب المودع لديه جريمة التبديد ، فلا تجوز الفضالة في استعمال حق التأديب مثلا.

 

– أهم تطبيقات استعمال الحق :-

أولا – حق التأديب :
حق التأديب هو من الحقوق المقررة بمقتضى الشريعة الإسلامية وهو يشمل حق تأديب الزوج لزوجته وحق تأديب الصغار.
1- حق تأديب الزوج زوجته :
تقرر الشريعة الإسلامية للزوج حق تأديب زوجته إذا ارتكبت معصية لم يرد في شأنها حد مقرر. غير أن تأديب الزوج لا يبيح الفعل إلا بالقيود التي تنص عليها الشريعة في هذا الصدد. فلا يجوز له أن يلجأ إلي الضرب إلا بعد استنفاد وسيلة الوعظ ووسيلة الهجر في المضجع. والضرب المباح شرعا هو الضرب غير المبرح والذي لا يترك أثرا. فإذا خالف الزوج تلك القواعد اندرج فعله تحت نطاق التجريم إذ يكون متجاوزا لحدود الحق. فإن كان تجاوزه عمدا كانت الجريمة عمدية أو متجاوزة القصد بحسب الأحوال. فضرب الزوج زوجته علي رأسها مما سبب لها الوفاة يعتبر ضربا مفضيا إلي موت. وإن كان التجاوز بحسن نية ونتيجة خطأ في توجيه الفعل كنا بصدد جريمة غير عمدية. فإذا شرع الزوج في ضرب زوجته بما لا يخالف قواعد التأديب ولكن الضربة أصابتها في عينها فأحدثت لها عاهة نتيجة إهمال الزوج وعدم اتخاذ الحيطة اللازمة في توجيه ضرباته كنا بصدد جريمة غير عمدية وليست جريمة ضرب أفضي إلي عاهة.
وغني عن البيان أن فعل التأديب لابد له من عنصر نفسي يتمثل في قصد مرتكبه في التأديب والتهذيب . فإذا بوشر الفعل بنية التشفي أو الانتفاع كنا خارج نطاق الإباحة وفي محيط الفعل غير المشروع.
ولا تجوز الإنابة أو الفضالة في استعمال حق تأديب الزوج زوجته ، نظرا لأن طبيعة الحق تحول دون ذلك.
2- تأديب الصغار :
تجيز الشريعة الإسلامية للولي الشرعي والوصي والأم تأديب الصغير بوسيلة الضرب . كما تجيز أيضا ضرب الصغير من هؤلاء للتعليم . غير أنها تشترط لذلك أن يكون الضرب باليد وليس باستخدام العصا أو السوط . ويجب ألا يتجاوز الإيذاء الخفيف الذي لا يترك أثرا في الجسم ، وألا يتجاوز الضرب ثلاث ضربات.
ويجوز أن يكون التأديب بغير وسيلة الضرب كالتوبيخ الذي قد يتضمن سبا أو قذفا ، وتقييد الحرية. غير أن كله مشروط بالنية الخاصة وهي قصد التأديب. فإذا انتفي ذلك القصد لم نكن في نطاق الإباحة وإنما في مجال الفعل غير المشروع.
ويجوز لمن انتقل إليه واجب الإشراف والرقابة بمقتضى نص أو اتفاق ممارسة حق الولي في التأديب. ولذلك يجيز فقهاء الشريعة للمعلم أن يضرب الصغير للتأديب وللتعليم بإذن ولي النفس الصريح أو الضمني . ويتحدد حق المعلم في التأديب بذات الحدود المقررة لولي النفس. وقد ذهب بعض الفقه إلي أنه لا يكون للمعلم حق التأديب بوسيلة منعها المشرع بنص صريح ولو كانت جائزة بالنسبة للأب أو الوصي. فمثلا الضرب للتأديب تمنعه القواعد المنظمة للمعاهد التعليمية وإن كان جائزا للوالي أو الوصي. ويقول الدكتور/ مأمون سلامه : غير أننا نري خلاف ذلك إذا كان صاحب الحق في التأديب قد أناب المعلم في استعمال حقه بالنسبة للصغير تطبيقا لقواعد الإنابة في استعمال الحق . كذلك يجوز للمخدوم أن يؤدب خادمه الصغير إذا كانت هناك إنابة صريحة من ولي النفس. ويسري علي أرباب الحرف ما يسري علي المعلم بالنسبة لتأديب الصغار الذين يتدربون علي أيديهم.

 

ثانيا – حق الأطباء في ممارسة الأعمال الطبية :
من المعلوم أن ممارسة الأعمال الطبية تتطلب المساس بسلامة الجسم. وسواء كان هذا المساس عن طريق العمليات الجراحية أو عن طريق التغييرات التي تحدثها الأدوية المختلفة في أجهزة الجسم الداخلية ووظائف الأعضاء. ولما كان المشرع يجرم أفعال المساس بالجسم سواء تمثلت في ضرب أو جرح أو إزهاق روح . فإن العمليات الطبية تتطابق من الناحية المادية مع الجرائم السابقة . إلا أن أفعال الطبيب تنتفي عنها الصفة غير المشروعة متي توافرت شروط استعمال حق التطبيب . غير أن مشكلة أثر هذا الحق في الإباحة لا تتعلق بكل فعل من أفعال التطبيب وإنما بطائفة منها فقط ، وهي الطائفة التي تتطابق ماديا مع النموذج التجريمي للضرب أو الجرح أو القتل. أما أعمال التطبيب الأخرى فلا مجال للبحث في أثر الإباحة نظرا لانتفاء المطابقة ونقصد بذلك التمييز بين أفعال التطبيب ذات النتيجة المتمثلة في الشفاء وأفعال التطبيب التي ينتج عنها ضرر للمريض. فالتدخل الطبي الذي ينتج عنه شفاء لا يندرج ماديا تحت نصوص الضرب والجرح نظرا لأنه لا يمثل انتقاصا من سلامة الجسم بل تحسينا للظروف الصحية للمريض. ولذلك فإن مثل تلك الأفعال الطبية لا تثير مشكلة الإباحة إذ تنعدم بالنسبة لها صفة المطابقة مع النموذج التشريعي للجريمة.
ولذلك فإن مشكلة الإباحة تنحصر فقط في نطاق التدخل الطبي الذي يترتب عليه انتقاص من سلامة جسم المريض أو تدهور في وظائف أعضائه إذ في هذه الحالة يعتبر فعل التطبيب فعلا مطابقا وبالتالي تتوقف مشروعيته وعدم مشروعيته علي توافر شروط استعمال الحق من عدمه.

شـــروط الإباحة

يشترط لإباحة أعمال التطبيب الشروط الآتية :-
1- الترخيص بمزاولة مهنة الطب :
يلزم للإباحة أن يكون مرتكب الفعل مرخصا له قانونا بمزاولة مهنة الطب. ويصدر هذا الترخيص بالتطبيق للقوانين المنظمة لمزاولة تلك المهنة. فإذا لم يكن هناك ترخيص بمزاولة المهنة فإن جميع الأفعال المرتكبة تعتبر غير مشروعة حتى ولو ترتب عليها الشفاء الفعلي للمريض. وتكون المسئولية عنها عمدية أو متجاوزة القصد بحسب الأحوال. فالتومرجي الذي يقوم بأعمال العلاج أو يجري عملية جراحية يرتكب جريمة جرح عمدي. فإذا ترتب علي ذلك الوفاة كان مسئولا عن جريمة جرح أفضي إلي موت.
والترخيص القانوني ضروري للإباحة حتى ولو كان الجاني حاصلا علي بكالوريوس الطب والجراحة . طالما لم يكن مرخصا له بمزاولة مهنة الطب ومن ناحية أخري قد يسمح القانون لغير الأطباء بمزاولة بعض الأعمال المتعلقة بالطب ، كما هو الشأن بالنسبة للحكيمات والممرضين. ولذلك فإن الإباحة تنصرف فقط إلي الأعمال المصرح لهم بالقيام بها.
والأعمال الطبية تشمل جميع حالات التدخل الطبي لتحسين الحالة الصحية للمريض أو عضو من أعضائه . ولذلك فهي تشمل أعمال الجراحة وأيضا طب التجميل . كما تشمل أيضا جميع الأعمال الأخرى اللازمة لمزاولة المهنة كحيازة المواد المخدرة التي يتطلبها العلاج أو التدخل الجراحي. والإباحة تحدث أثرها بالنسبة لجميع تلك الأفعال.
2- رضاء المريض :
من شروط إباحة التدخل الطبي أن يكون هناك رضاء للمريض بذلك التدخل. وقد يكون هذا الرضاء صريحا كما قد يستفاد ضمنا من ظروف الحال. فإذا كان المريض غير أهل للرضاء أو في ظروف صحية لا تسمح له بالتعبير عن إرادته ينبغي رضاء وليه أو المكلف قانونا بالإشراف والرقابة عليه.
غير أنه يستغني عن رضاء المريض في حالتين : الأولي إذا كان هناك خطر جسيم يتهدده ولم تكن الظروف تسمح بأخذ رضائه أو رضاء وليه أو أنه رفض صراحة التدخل الطبي. وفي هذه الحالة يتوافر في حق الطبيب حالة الضرورة والتي هي مانع من موانع المسئولية ، ولا يتوافر سبب الإباحة الذي نحن بصدده. والثانية إذا كان التدخل الطبي ليس استعمالا للحق في التطبيب وإنما أداء للواجب المفروض بمقتضى قاعدة قانونية ، كما يحدث في حالات تكليف الأطباء في ظروف الأوبئة أو الأخطار العامة. وفي هذه الحالة يكون فعل الطبيب مباحا استنادا إلي سبب آخر من أسباب الإباحة وهو أداء الواجب.
3- قصد العلاج :
يلزم أن يكون التدخل الطبي هو بقصد العلاج . ذلك أن الحق في مزاولة مهنة الطب إنما تقرر لمصلحة معينة وهو العمل علي تحسين الظروف الصحية للمرضي . وهذا الشرط يعبر عن حسن النية أو النية السليمة التي تطلبها المشرع في استعمال الحق كسبب للإباحة. ويترتب علي انتفاء قصد العلاج أن يكون الفعل المرتكب غير مشروع حتى ولو ترتب عليه شفاء المريض بالرغم من سوء القصد . ومعني ذلك أن ارتكاب الفعل بنية أخري خلاف العلاج ينفي عن الفعل كونه استعمالا للحق ليدخل في نطاق التجريم . والجريمة المرتكبة في هذه الحالة تعتبر جريمة عمدية أو متجاوزة القصد بحسب الأحوال . ويستوي بعد ذلك أن تكون النية شريفة أو غير شريفة ، كما يستوي أن يكون التدخل يحقق صالحا خاصا للمريض من عدمه . فبتر عضو من الأعضاء لتسهيل التهرب من الخدمة العسكرية يعتبر فعلا غير مشروع ولا يستفيد مرتكبه من سبب الإباحة. وكذلك الحال بالنسبة للتدخل الطبي لتمكين المريض من تناول مواد مخدرة ، أو لإجراء بحث علمي . وقد يستفاد قصد العلاج من كون حالة المريض تتطلب التدخل الطبي الذي تحقق فعلا . وأن تكون الأفعال المرتكبة من شأنها أن تؤدي إلي تحسين الحالة الصحية للمريض . ومع ذلك ينتفي قصد العلاج بالرغم من أن حالة المريض تستدعي التدخل الطبي بمثل الأفعال المرتكبة إلا أن ظروف الحال تنطبق بأن التدخل الطبي لم يكن بهدف العلاج وإنما بقصد آخر . ولذلك فإن قيمة القرينة السابقة هو في نقل عبء الإثبات.
4- أن تراعي جميع القواعد الطبية لمزاولة العمل الطبي :
يجب لتحقق سبب الإباحة أن يكون الطبيب قد راعي جميع القواعد والواجبات المفروضة وفقا للأصول الطبية. ويقصد بذلك القواعد التي تفرض الانتباه والحيطة والحذر وأيضا الواجبات التي تفرضها طبيعة الأعمال الطبية . ومثال ذلك تعقيم الأدوات المستخدمة ومتابعة المريض بعد إجراء العملية وغير ذلك من قواعد السلوك الواجب . فإذا أهمل الطبيب في مراعاة تلك القواعد وترتب علي ذلك تسوئ حالة المريض أو وفاته كان الطبيب مسئولا عن جريمة غير عمدية.

 

ثالثا – مزاولة الألعاب الرياضية : –
أن ممارسة الألعاب الرياضية وخاصة العنيفة منها ، أي التي تتطلب استخدام القوي العضلية ضد الأشخاص ، كثيرا ما تكون أفعالا تتطابق مع النماذج التشريعية للضرب والجرح . بل أن هذه الممارسة قد تؤدي في بعض الأحيان إلي الوفاة.
ولا شك في أنه إذا كانت أفعال الضرب أو الجرح أو الوفاة قد حدثت بالمخالفة للقواعد التي تمليها اللعبة ذاتها فإن المسئولية الجنائية للاعب تكون ثابتة سواء في صورتها العمدية ، إذا كان اللاعب تعمد إحداث الإصابة أو الوفاة . أو في صورتها غير العمدية إذا كانت إرادته لم تتجه إلي الإصابة أو الوفاة.
أما إذا كانت قواعد اللعبة قد روعيت من قبل اللاعب ومع ذلك ترتب عليها الإصابة أو الوفاة فإن الفعل يكون مشروعا وتنتفي عنه صفة عدم المشروعية الجنائية . وأساس الإباحة في هذه الحالة هو أن النشاط الرياضي مسموح به من الدولة التي تشجع عليه لاعتبارات تتعلق بالمصلحة الصحية للمواطنين ، وبالتالي فإن مزاولة الألعاب الرياضية يعتبر استعمالا للحق الذي تقرره القواعد القانونية للنشاط الرياضي في الدولة.

– وشروط الإباحة هي :-
1-أن تكون اللعبة يعترف بها النظام القانوني للأنشطة الرياضية المسموح بها. ذلك أن الاعتراف باللعبة يتضمن وضع قواعد ممارستها والأصول الواجب اتباعها من قبل لاعبيها. ولذلك إذا لم تكن اللعبة مسموحا بممارستها من قبل القوانين المنظمة للرياضة فلا يستفيد ممارستها من سبب الإباحة حتى ولو كان العرف المحلي يسمح بها.
2-أن تكون ممارسة اللعبة في الأمكنة المخصصة لمزاولتها ووفقا للنظام الذي تفرضه القواعد المنظمة للعبة. ولذلك فممارسة ألعاب كرة القدم بالطريق العام لا تنتج أثرها في الإباحة. وهذا الشرط تتطلبه مقتضيات إشراف الدولة وأجهزتها المختصة علي ممارسة الألعاب الرياضية.
3-أن تكون الإصابة أو الوفاة قد حدثت أثناء الفترة المحدودة لممارسة اللعبة. فإذا اعتدي لاعب علي زميله قبل بداية المباراة أو بعدها أو أثناء توقف اللعبة لسبب معين ، فإننا نكون في نطاق الفعل غير المشروع ولسنا في مجال الإباحة.
4-أن يكون اللاعب قد راعي جميع القواعد والأحكام الخاصة بممارسة اللعبة. فإذا حدثت الإصابة نتيجة مخالفة تلك القواعد كانت مسئولية اللاعب عمدية أو غير عمدية أو متجاوزة القصد بحسب الأحوال.
متي توافرت الشروط السابقة كان الفعل مشروعا لعدم تعارضه والمصالح المحمية جنائيا. ذلك أن المشرع قد أباح في هذه الحالة الأضرار بالمصالح المحمية بغية تحقيق مصلحة عامة أكبر وهي تحسين الصحة العامة للمواطنين.
تعقيب علي المـادة 60 عقوبات
يقول المستشار/ مرتضي منصور :
أخطأ المشرع في صياغة نص المادة 60 عندما قرر إباحة الفعل الذي يرتكب عملا بحق مقرر بمقتضى الشريعة ، إذ قد يفهم من ذلك أنه اقتصر الإباحة علي الأفعال المرتكبة بمقتضى الشريعة الإسلامية فقط ، مع أن النص يطبق علي جميع الأفعال التي ترتكب بنيه سليمة سواء كان ذلك عملا بحق مقرر بمقتضى الشريعة الإسلامية أو بمقتضى قوانين وضعية أخري كقانون العقوبات أو بمقتضى العرف ، ولذلك كان من الأوفق أن يصاغ صياغة شاملة تساير التطبيقات العملية للمبدأ بأن تكون صياغته علي النحو التالي هي أنه ” لا تسري أحكام قانون العقوبات علي كل فعل ارتكب بنية سليمة عملا بحق مقرر بمقتضى القانون “.

 

أحكــام النقض

التأديب المباح شرعا لا يجوز أن يتعدى الضرب البسيط الذي لا يحدث كسرا أو جرحا ولا يترك أثرا ولا ينشأ عنه مرض . فإذا ربط والد ابنته بحبل ربطا محكما في عضديها أحدث عندها غرغرينا سببت وفاتها فهذا تعذيب شنيع يقع تحت طائلة المادة 200/1 عقوبات.

(الطعن 1671 لسنة 3 ق – جلسة 5/6/1933 مجموعة القواعد القانونية جـ3 ص190)

أن حق الزوج في تأديب زوجته مبين بالمادة 209 من قانون الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية التي نصها ” يباح للزوج تأديب المرأة تأديبا خفيفا عن كل معصية لم يرد في شأنها حق مقرر. ولا يجوز له أصلا أن يضربها ضربا فاحشا ولو بحق ” . وقد قالوا أن حد الضرب الفاحش الذي تشير إليه المادة هو الذي يؤثر في الجسم ويغير لون الجلد. فإذا ضرب زوج زوجته فأحدث بها سحجين في ظاهر الخنصر وسحجا آخر في الصدر ، فهذا القدر كاف لاعتبار ما وقع منه خارجا عن حدود حقه المقرر بمقتضى الشريعة ومستوجبا للعقاب عملا بالمادة 206 عقوبات.

(الطعن رقم 178 لسنة 4 ق – جلسة 18/12/1933 مجموعة القواعد القانونية جـ3 ص225)

أن انتفاء المسئولية الجنائية عن الوالد الذي يضرب ابنه في الحدود المعقولة تأديبا له لا يرجع إلي انتفاء القصد الجنائي عنده لسلامة نيته وابتغائه الخير لابنه ، بل يرجع إلي الإباحة القانونية المنصوص عليها في المادة 61 عقوبات التي تقضي بأن حكم القانون لا يسري علي كل فعل يرتكب بسلامة نية عملا بحق مقرر قانونا . ولذلك فإذا تجاوز الوالد حدود التأديب المباح حق عليه العقاب المقرر لجريمة الضرب العمد.

(الطعن رقم 959 لسنة 8 ق – جلسة 28/3/1938 مجموعة القواعد القانونية جـ4 ص184)

أن المادة 37 من المرسوم بقانون الصادر في 27 إبريل سنة 1931 باعتماد اللائحة الداخلية للمعاهد الدينية قد نصت علي منع التأديب الجسماني منعا باتا ، فلا يصح إذن التمسك بأحكام الشريعة في صدد وسائل التأديب . ومع ذلك فإنه إذا صح للمدرس بتلك المعاهد (مدرس بالأزهر) أن يؤدب أحد الطلبة جسمانيا ، فإن هذا ليس معناه أنه لا يعاقب إذا هو تخطي في ذلك الحدود المقبولة عقلا.

(الطعن رقم 111 لسنة 12 ق – جلسة 5/1/1942 مجموعة القواعد القانونية جـ5 ص603)

 

إذا كان الولي قد رأي في سبيل حمل ابنته القاصرة علي إطاعة أوامره التي لا يبغي من ورائها إلا تهذيب أخلاقها وتقويم سلوكها أن يضع في رجليها قيدا حديديا عند غيابه عن المنزل ، ملاحظا في ذلك ألا يمنعها عن الحركة بداخل المنزل وألا يؤلم بدنها ، فذلك لا تجاوز فيه لحدود حق التأديب المخول له قانونا.

(الطعن رقم 2286 لسنة 12 ق – جلسة 4/1/1943 مجموعة القواعد القانونية جـ6 ص85)

 

يقتضي التبليغ عن الجرائم في بعض صوره الاحتفاظ بجسم الجريمة وتقديمه إلي السلطة العامة ، وقد يكون جسم الجريمة مما يحظر القانون حيازته أو إحرازه إلا أن الاحتفاظ به في هذه الحالة مهما طال أمده لا يغير طبيعته مادام القصد منه وهو التبليغ لم يتغير وإن كان في ظاهره يتسم بطابع الجريمة وذلك عملا بالمادة 60 من قانون العقوبات.

(الطعن رقم 81 لسنة 27 ق – جلسة 11/3/1957 س8 ص228)

توقيع الحجز علي زراعة قمح المتهم يفرض عليه واجب احترام هذا الحجز والمحافظة علي المحجوز وعدم التصرف فيه علي أي وجه وهو في أدائه لهذا الواجب إنما يستعمل حقا مقررا له بمقتضى القانون ، فإن انطوي هذا الاستعمال علي ارتكاب فعل يحرمه القانون ارتفعت عنه صفة التجريم عملا بالمادة 60 من قانون العقوبات ، هذا إلا إذا ثبت سوء نيته – كما إذا كان الحجز الموقع علي القمح قد اصطنع اصطناعا – فإنه في هذه الحالة لا يتمتع بالإباحة المقررة في القانون – فإذا كان مفاد ما أورده الحكم أن القمح المحجوز عليه والذي ورده ناظر زراعة المتهم إلي بنك التسليف هو بقية القمح الناتج من التقاوي المنتقاه التي حصل عليها المتهم وأن ثمة عذرا قهريا حال دون وفائه بالتزامه ، هو توقيع حجز إداري علي محصول هذه التقاوي المنتقاه ، فإن هذا الذي أورده الحكم سديد في القانون.

(الطعن رقم 139 لسنة 29 ق – جلسة 16/3/1959 س10 ص304)

أنه وإن أبيح للزوج تأديب المرأة تأديبا خفيفا علي كل معصية لم يرد في شأنها حد مقرر إلا أنه لا يجوز له أصلا أن يضربها ضربا فاحشا – ولو بحق – وحد الضرب الفاحش هو الذي يؤثر في الجسم ويغير لون الجلد.

(الطعن رقم 715 لسنة 35 ق – جلسة 7/6/1965 س16 ص552)

لا تلتزم المحكمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها ما لم يدفع به أمامها ، وإذ ما كان الثابت أن الطاعن لم يتمسك أمام المحكمة بقيام سبب من تلك الأسباب فليس له أن ينعى علي حكمها إغفاله التحدث عن ذلك.

(الطعن 1354 لسنة 36 ق – جلسة 12/12/1966 س17 ص1242)

من المقرر أن إباحة عمل الطبيب مشروطه بأن يكون ما يجريه مطابقا للأصول العلمية المقررة ، فإذا فرط في اتباع هذه الأصول أو خالفها حقت عليه المسئولية الجنائية بحسب تعمده الفعل ونتيجته أو تقصيره وعدم تحرزه في أداء عمله.

(الطعن رقم 1566 لسنة 42 ق – جلسة 11/2/1973 س24 ص180)
(نقض جلسة 8/1/1968 س19 ص21)
(نقض جلسة 27/1/1959 س10 ص91)

من المقرر أن التأديب من مقتضاه إباحة الإيذاء ، ولكن لا يجوز أن يتعدى الإيذاء الخفيف . فإذا تجاوز الزوج هذا الحد فأحدث أذى بجسم زوجته كان معاقبا عليه قانونا حتى ولو كان الأثر الذي حدث بجسم الزوجة لم يزد عن سحجات بسيطة. لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده قد اعتدي بالضرب علي زوجته وأحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي وكان البين من هذا التقرير – المرفق بالمفردات المضمومة – أن بالمجني عليها كدمات بالفخذ الأيسر فإن هذا كاف لاعتبار ما وقع منه خارجا عن حدود حقه المقرر بمقتضى الشريعة ومستوجبا للعقاب عملا بالفقرة الأولي من المادة 242 من قانون العقوبات. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه والإحالة.

(الطعن رقم 1132 لسنة 45 ق – جلسة 2/11/1975 س26 ص672)

من لا يملك حق مزاولة مهنة الطب يسأل عما يحدثه الغير من جروح وما إليها باعتباره معتديا علي أساس العمد ولا يعفي من العقاب إلا عند قيام حالة الضرورة بشروطها القانونية.

(الطعن رقم1927 لسنة 37 ق – جلسة 20/2/1968 س19 ق46 ص254)

إذا كان الثابت أن الطاعنة الثانية قد عادت المجني عليها بإجراء مس لها في عينها ووضعت لها ” البنسلين ” كدواء وقامت الطاعنة الأولي بعملية حقنها بهذه المادة فإنه لا مراء في أن ما اقترفه الطاعنتان من أفعال يعد مزاولة منهما لمهنة الطب لدخولهما في الأعمال التي عددتها المادة الأولي من القانون رقم 415 لسنة 1954 ، وإذ كان ذلك ، وكانت المتهمتان المذكورتان لا تملكان مزاولة مهنة الطب ولم تكن حالة المجني عليه من حالات الضرورة المانعة للعقاب ، فإن الحكم المطعون فيه إذ دانهما عن تهمة مزاولة مهنة الطب وساءل الطاعنة الأولي عن جريمة إحداث جرح عمدا بالمجني عليها يكون قد طبق القانون علي وجهه الصحيح.

(الطعن رقم1927 لسنة 37 ق – جلسة 20/2/1968 س19 ق46 ص254)

احتفاظ المدعي بالحق المدني (المستفيد) بالشيك بعد تخالصه مع الطاعن لا يندرج تحت مفهوم حالة الضياع التي أبيح فيها للساحب أن يتخذ من جانبه ما يصون به ماله بغير توقف علي حكم القضاء.

(الطعن رقم 544 لسنة 38 ق – جلسة 6/5/1968 س19 ق100 ص518)

أن قضاء الهيئة العامة للمواد الجنائية الذي صدر بتاريخ أول يناير سنة 1963 في الطعن رقم 1084 لسنة 32 ق لم يشأ الخروج علي الأصل الذي استقر عليه قضاء محكمة النقض من حماية الشيك في التداول وقبوله في المعاملات علي أساس أنه يجري مجري النقود – والذي حرصت علي تأييده في الحكم المشار إليه ولم تستثن فيه إلا الحالات التي تندرج تحت مفهوم حالة الضياع التي أباح الشارع فيها للساحب أن يتخذ من جانبه ما يصون به ماله بغير توقف علي حكم القضاء تقديرا من الشارع بعلو حق الساحب في تلك الحال علي حق المستفيد ، وهو ما لا يصدق علي الحقوق الأخرى التي لابد لحمايتها من دعوى ولا تصلح مجردة سببا للإباحة.

(الطعن رقم 335 لسنة 38 ق – جلسة 29/4/1968 س19 ق95 ص497)

البين من استقراء أحكام القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر والتعديلات التي طرأت عليه أن المشرع قد راعي فيما قرره من عقوبات القصد من الحيازة أو الإحراز فقرر لجريمة حيازة أو إحراز الأسلحة بصفة مجردة مقصودة لذاتها عقوبة الجناية المنصوص عليها في المادة (26) منه ، بينما قرر للحيازة أو الإحراز بقصد الاتجار أو الاستيراد أو الصنع أو الإصلاح بغير ترخيص عقوبة الجنحة التي نص عليها في الفقرة الثانية من المادة (28) . أما إذا كان الإحراز أو الحيازة في نطاق الاتجار المرخص بمزاولته فقد ارتفع عن الفعل التأثيم وحقت له الإباحة المستفادة من ممارسة الحرفة بترخيص سواء بموجب قانون الأسلحة والذخائر أو وفقا للأحكام العامة في قانون العقوبات.

(الطعن رقم 696 لسنة 38 ق – جلسة 27/5/1968 س19 ق123 ص615)

المراد بالغياب في حكم المادة (58/1) من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 هو ذلك الذي يقطع بالكلية بين صاحب المحل وبين الإشراف عليه حتى يستحيل عليه منع وقوع المخالفة بما هو قرين استحالة المراقبة .

(الطعن رقم 1178 لســنة 38 ق – جلســة 7/10/1968 س19 ق157 ص803)

مؤدي نص المادة (58/1) من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 أن صاحب المحل يكون مسئولا مسئولية مديره مستحقا لعقوبتي الحبس والغرامة معا متي وقعت في المحل جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المرسوم بقانون المشار إليه ومسئوليته هذه فرضية تقوم علي افتراض إشرافه علي المحل ووقوع الجريمة باسمه ولحسابه وهي قائمة علي الدوام – ما لم يدحضها سبب من أسباب الإباحة أو موانع العقاب والمسئولية وإنما تقبل تلك العقوبة التخفيف بما يسقط عقوبة الحبس دون الغرامة إذا أثبت صاحب المحل أنه كان غائبا أو استحالة عليه المراقبة فتعذر عليه منع وقوع المخالفة.

(الطعن رقم1178 لسنة 38 ق – جلسة 7/10/1968 س19 ق157 ص803)

إن المادة (18) من القانون رقم 213 لسنة 1956 في شأن التعليم الابتدائي – الذي حدثت الواقعة في ظله – تنص علي أن العقوبات البدنية ممنوعة ، ومن ثم فإنه لا يحق للمدرسة المطعون ضدها أن تؤدب أحدا بالضرب ، فإن فعلت كان فعلها مؤثما وتسأل عن نتائجه . وإذا كان ما تقدم وكانت الواقعة كما حصلها القرار المطعون فيه تخلص في أن المطعون ضدها تعمدت ضرب أحد التلاميذ فتطاير جزء من آلة الاعتداء وأصاب عين المجني عليه وتخلفت لديه من هذه الإصابة عاهة مستديمة هي فقد إبصار العين فإن ركن العمد يكون متوفرا لأن الخطأ في شخص المجني عليه لا يغير من قصد المتهم ولا من ماهية الفعل الجنائي الذي ارتكبه تحقيقا لهذا القصد لأنه إنما قصد الضرب وتعمده والعمد يكون باعتبار الجاني وليس باعتبار المجني عليه وإذ خالف القرار المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون متعين النقض.

(الطعن رقم 241 لسنة 40 ق – جلسة 6/12/1970 السنة 21 ص1157)

الأصل أنه ليس علي مرؤوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه فإن طاعة الرئيس لا ينبغي بأية حال أن تمتد إلي ارتكاب الجرائم.

(نقض13/5/1946 طعن936 لسنة 16 ق – الربع قرن جـ1 ص174 بند26)

عدم جواز إثارة الدفاع باستعمال حق مقرر بمقتضى الشريعة لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه يقوم علي واقع يتطلب تحقيقا.

(الطعن رقم 6549 لسنة 53 ق – جلسة 18/12/1984 السنة 35 ص907)

حق الدفاع الشرعي كسبب من أسباب الإباحة يبيح الفعل ويمحو عنه وصف الجريمة فلا مسئولية علي فاعله مادام مناسبا للاعتداء حتى لو أصاب هذا الدفاع غير المعتدي عن غير قصد إما لغلط في الشخص أو نتيجة الحيدة عن الهدف مادام لم ينسب للمدافع أدني قدر من الإهمال أو عدم التبصر . وإلا فيسأل عن جريمة غير عمدية.

(الطعن رقم 40331 لسنة 57 ق – 3/2/1988 السنة 39 ص240)

الأصل أن سحب الشيك وتسليمه للمسحوب له يعتبر وفاء كالوفاء الحاصل بالنقود بحيث لا يجوز للساحب أن يسترد قيمته أو يعمل علي تأخير الوفاء به لصاحبه . إلا أن ثمة قيدا يرد علي هذا الأصل هو المستفاد من الجمع بين حكمي المادتين (60) من قانون العقوبات و (148) من قانون التجارة ، فقد نصت المادة (60) عقوبات علي أن أحكام قانون العقوبات لا تسري علي كل فعل ارتكب بنية سليمة عملا بحق مقرر بمقتضى الشريعة بما مؤداه أن استعمال الحق المقرر بالقانون أينما كان موضع هذا الحق من القوانين المعمول بها – باعتبارها كلا متسقا مترابط القواعد – يعتبر سببا من أسباب الإباحة إذا ما ارتكب بنية سليمة فالقانون يفترض قيام مصلحة يعترف بها ويحميها يسمح باتخاذ ما يلزم لتحقيقها واستخلاص ما تنطوي عليه من مزايا وهو في ذلك إنما يوازن بين حقين يهدر أحدهما صيانة للآخر. وعلي هذا الأساس وضع نص المادة 148 من قانون التجارة – الذي يسري حكمه علي الشيك – وقد جري بأنه (لا تقبل المعارضة في دفع قيمة الكمبيالة إلا في حالة ضياعها أو تفليس حاملها) فأباح بذلك للساحب أن يتخذ من جانبه إجراء يصون ماله بغير توقف علي حكم من القضاء لما قدره المشرع من أن حق الساحب في حالتي الضياع وإفلاس الحامل يعلو علي حق المستفيد ، وإذ جعل هذا الحق للساحب يباشره بنفسه بغير حاجة إلي دعوى وعلي غير ما توجبه المادة 337 عقوبات فقد أضحي الأمر بعدم الدفع في هذا النطاق قيدا واردا علي نص من نصوص التجريم وتوفرت له بذلك مقومات أسباب الإباحة لاستناده – إذا ما صدر بنية سليمة – إلي حق مقرر بمقتضى الشريعة . والأمر في ذلك يختلف عن سائر الحقوق التي لابد لحمايتها من دعوى فهذه لا تصلح مجرد سببا للإباحة. لما كان ما تقدم ، وكان من المسلم أنه يدخل في حكم الضياع السرقة البسيطة والسرقة بظرف والحصول علي الورقة بالتهديد ، كما أنه من المقرر أن القياس في أسباب الإباحة أمر يقره القانون بغير خلاف فإنه يمكن إلحاق حالتي تبديد الشيك والحصول عليه بطريق النصب بتلك الحالات من حيث إباحة حق المعارضة في الوفاء فهي بها أشبه علي تقدير أنها جميعا من جرائم سلب المال وأن الورقة فيها متحصلة من جريمة ، ولا يغير من الأمر ما يمكن أن يترتب علي مباشرة الساحب الحق من الإخلال بما يجب أن يتوفر للشيك من ضمانات في التعامل ، ذلك بأن المشرع رأي أن مصلحة الساحب في الحالات المنصوص عليها في المادة 148 من قانون التجارة – التي هي الأصل – هي الأولى بالرعاية . لما كان ذلك ، وكان هذا النظر لا يمس الأصل الذي جري عليه قضاء هذه المحكمة في تطبيق أحكام المادة (337) عقوبات وإنما يضع له استثناء يقوم علي سبب من أسباب الإباحة وكان الحكم المطعون فيه لم يفطن إليه فإنه يتعين نقضه والإحالة.

(الطعن رقم 1084 لسنة 32 ق – جلسة 1/1/1963 س14 ص1 هيئة عامة)

إن مراد الشارع من العقاب علي الجريمة المنصوص عليها في المادة (337) عقوبات هو حماية الشيك من التداول وقبوله في المعاملات علي أساس أنه يجري فيها مجري النقود . ولا عبرة بالأسباب التي دعت ساحب الشيك إلي الأمر بعدم الدفع لأنها دوافع لا أثر لها علي قيام المسئولية الجنائية ، كما أنه لا وجه للتحدي بقضاء الهيئة العامة للمواد الجزائية الذي صدر بتاريخ أول يناير سنة 1963 في الطعن رقم 1084 لسنة 32 قضائية وذلك بأن هذا القضاء لم يشأ الخروج علي ذلك الأصل الذي استقر عليه قضاء محكمة النقض وحرصت علي تأييده في الحكم المشار إليه ولم تستثن منه إلا الحالات التي تندرج تحت مفهوم حالة الضياع التي أباح الشارع فيها للساحب أن يتخذ من جانبه ما يصون له ماله بغير توقف علي حكم القضاء تقديرا من الشارع بعلو حق الساحب في تلك الحالة علي حق المستفيد ، وهو مالا يصدق علي الحقوق الأخرى التي لابد لحمايتها من دعوى ولا تصلح مجردة سببا للإباحة.

(الطعن رقم1779 لسنة 35 ق – جلسة 17/1/1966 س17 ق10 ص57)

تفليس حامل الشيك من الأسباب التي تخول للساحب المعارضة في صرف قيمته بغير حاجة إلي دعوى ، ولذلك أضحي الأمر بعدم الدفع في هذا النطاق – المؤثم بالمادة (337) من قانون العقوبات قيدا واردا علي نص من نصوص التجريم – وتوفرت له بذلك مقومات أسباب الإباحة لاستناده – إذا ما صدر بنية سليمة – إلي حق مقرر بمقتضى القانون ، ولما كان يبين من الاطلاع علي المفردات أن الطاعن أسس دفاعه علي أنه أصدر أمره إلي البنك بعدم صرف قيمة الشيك لأن المطعون ضده كان في حالة إفلاس واقعي وقدم مستندات لتأييد دفاعه ومنها صورة دعوى رفعت ضده من آخر يطلب إشهار إفلاسه من قبل تاريخ استحقاق الشيك مما كان يتعين علي المحكمة مواجهة ما أبداه الطاعن من دفاع في هذا الخصوص وتحقيقه قبل الحكم بإدانة المتهم إذ هو دفاع جوهري من شأنه إن صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى . أما وقد خلا حكمها من إيراد هذا الدفاع الجوهري ولم يتناوله بالتمحيص فإنه يكون قد انطوي علي إخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب مما يعيبه ويبطله ويتعين نقضه والإحالة.

(الطعن رقم 1774 لسنة 35 ق – جلسة 7/3/1966 س17 ق44 ص230)

الأصل أن أي مساس بجسم المجني عليه يحرمه قانون العقوبات وقانون مزاولة مهنة الطب . وإنما يبيح القانون فعل الطبيب بسبب حصوله علي إجازة علمية طبقا للقواعد والأوضاع التي نظمتها القوانين واللوائح . وهذه الإجازة هي أساس الترخيص الذي تتطلب القوانين الخاصة بالمهنة الحصول عليه قبل مزاولتها فعلا.

(الطعن رقم 1927 لسنة 37 ق – جلسة 20/2/1968 س19 ق46 ص254)

يؤدي نص المادة الأولي من القانون رقم 415 لسنة 1954 في شأن مزاولة مهنة الطب أنه لا يملك مزاولة هذه المهنة ومباشرة الأفعال التي تدخل في عداد ما ورد بها بأية صفة كانت إلا من كان طبيبا مقيدا اسمه بسجل الأطباء بوزارة الصحة وبجدول نقابة الأطباء البشريين ذلك مع مراعاة الأحكام المنظمة لمهنة التوليد.

(الطعن رقم 1927 لسنة 37 ق – جلسة 20/2/1968 س19 ق46 ص254)

الأصل أن أي مساس بجسم المجني عليه يحرمه قانون العقوبات وقانون مزاولة مهنة الطب ، وإنما يبيح القانون فعل الطبيب بسبب حصوله علي إجازة علمية طبقا للقواعد واللوائح ، وهذه الإجازة هي أساس الترخيص الذي تتطلب القوانين الخاصة بالمهن الحصول عليه قبل مزاولتها فعلا . وينبني علي القول بأن أساس عدم مسئولية الطبيب استعمال الحق المقرر بمقتضى القانون أن من لا يملك حق مزاولة مهنة الطب يسأل عما يحدثه بالغير من جروح وما إليها باعتباره معتديا – أي علي أساس العمد ولا يعفي من العقاب إلا عند قيام حالة الضرورة بشروطها القانونية ، ولما كان الحكم المطعون فيه اعتمادا علي الأدلة السائغة التي أوردها والتي لا تماري الطاعنة في أن لها معينها الصحيح من الأوراق قد خلص إلي إحداث الطاعنة جرحا عمدا بالمجني عليه بقيامها بإجراء عملية الختان التي تخرج عن نطاق الترخيص لها والذي ينحصر حقها بمقتضاه في مباشرة مهنة التوليد دون غيرها وذلك علي تخلف العاهة المستديمة نتيجة فعلها ، وكانت حالة الضرورة منتفية في ظروف الدعوى المطروحة وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعنين وفنده وأطرحه بأسباب سائغة التزم فيها التطبيق القانوني الصحيح فإن النعي عليه يكون غير سديد.

(الطعن رقم 249 لسنة 44 ق جلسة 11/3/1974 س25 ق59 ص263)

مؤدي نص المادة الأولي من كل من القانون رقم 415 لسنة 1954 والقانون رقم 481 لسنة 1954 إن حق القابلة لا يتعدى مزاولة مهنة التوليد دون مباشرة غيرها من الأفعال ومن بينها عمليات الختان التي تدخل في عداد ما ورد بالمادة الأولي من القانون رقم 415 لسنة 1954 التي تقتصر فيها علي من كان طبيبا مقيدا اسمه بسجل الأطباء بوزارة الصحة وبجدول نقابة الأطباء البشريين.

(الطعن رقم 249 لسنة 44 ق – جلسة 11/7/1974 س25 ق59 ص263)

من المقرر أن مناط تطبيق المادة 309 من قانون العقوبات أن تكون عبارات السب التي أسندت من الخصم لخصمه في المرافعة مما يستلزمه الدفاع عن الحق مثار النزاع ، ولما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى فيما قال به المدعي بالحقوق المدنية من أن الطاعن وجه إليه عبارة السب الثابتة بمحضر جلسة 29 من أبريل سنة 1973 في الدعوى 231 لسنة 1973 مدني فارسكور الذي قدم صورة منه خلص إلي أن التهمة ثابتة في حق الطاعن مما ورد بمحضر الجلسة المذكورة من أنه وجه للمدعي بالحقوق المدنية عبارة ” أنت موسخ سمعة العائلة ” وإن تلك العبارة ليس لها ما يبررها إذ لا صلة لها بالدفاع في الدعوى المدنية وليست من مقتضيات الدفاع المنصوص عليها بالمادة 102 من قانون المرافعات ، وكان الحكم قد خلا من بيان موضوع الدعوى المدنية محل النزاع ومما ورد بأصل محضر الجلسة من سياق القول الذي اشتمل علي عبارة السب ومدي اتصال هذه العبارة بالنزاع القائم والقدر الذي تقتضيه مدافعة الخصم عن حقه حتى يتضح من ذلك وجه استخلاص الحكم أن عبارات السب ليست مما يستلزمه حق الدفاع في هذا النزاع ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصرا يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون علي واقعة الدعوى.

(الطعن رقم 42 لسنة 45 ق – جلسة 17/2/1975 س26 ق39 ص175)

متي كانت المحكمة بما لها من سلطة تقدير عناصر الدعوى وأدلتها – لم تر غياب المتهم عن المخبز بدعوى إحضار من يصلح آلته ما يدفع عن كاهله عبء الإشراف والرقابة ودانته بالعقوبة غير المخففة فإنها لا تكون قد جانبت صحيح القانون.

(الطعن رقم1178 لسنة 38 ق – جلسة 7/10/1968 س19 ق157 ص803)

إن البين من استقراء نصوص المواد الأولي والخامسة والثامنة والسابعة والعشرين من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر والمعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والقانون رقم 155 لسنة 1956 والقانون رقم 57 لسنة 1958 أن القانون بعد أن حظر حيازة السلاح أو إحرازه أو حمله بغير ترخيص بصفة عامة أباحه علي سبيل الاستثناء لطائفتين من الأشخاص . الطائفة الأولي كميزة أولها إياهم بصفاتهم الشخصية ولا ترتبط بوظائفهم وهؤلاء نص في المادة الخامسة علي إعفائهم من الترخيص وأوجب عليهم الإخطار. والطائفة الثانية لم يجر عليهم أحكام القانون جملة بنصه علي عدم سريانه عليهم وهم رجال القوة العامة لضرورة السلاح لهم لأداء وظائفهم ، وإنما اجتزأ في الفقرة الثانية من المادة الثامنة بإلزام العمد والمشايخ ومن في حكمهم بواجب الإخطار المبين في الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة بشرط ألا يجاوز ما لديهم من السلاح قطعة واحدة من النوع المبين بالجدول رقم 2 المرافق للقانون ، وفي كلتا الحالتين بالنسبة لكلتا الطائفتين تتحقق الإباحة المستمدة من الصفة المبينة علي مباشرة الوظيفة كما أن واجب الإخطار طبقا لهذه الإباحة هو بعينه واحد لا يتغير بما يترتب علي مخالفته من تطبيق العقوبة التي ربطها القانون في المادة السابعة والعشرين ، وإذا كانت هذه المادة لم تشر إلا إلي واجب الإخطار المنصوص عليه في المادة الخامسة ، فإن من البداهة أن مخالفة الأمر يقتضي حكما واحدا لوروده علي محل واحد هو السلاح المعفي من الترخيص به في ذات القانون ، كما أن المادة الثامنة وقد أحالت إلي المادة الخامسة في شأن واجب الإخطار فقد اندمجت فيها بطريق اللزوم بحيث لم تعد بالشارع حاجة في المادة (27) إلي ترديد الإحالة المذكورة لهذا ولأن من يلوذ بالإباحة المستمدة من أداء الوظيفة أقوي سندا ممن يلوذ بالإباحة المبينة علي الميزة التي أولاها القانون لصفته ولا يعقل أن يكون من ثم أسوأ حظا منه في مجال التجريم والعقاب. وكان الثابت من مدونات الحكم أن الطاعن شيخ للبلد لم يضبط لديه سوي قطعة واحدة من السلاح غير المششخن المشار إليه في الجدول رقم 2 المرافق للقانون فإنه لم يكن يلزمه أن يطلب الترخيص به حتى يحق عقابه بمقتضى المادة (26/أ) من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل ، وإنما كان يجب عليه الإخطار عنه طبقا للمادة الخامسة ويكون ما وقع منه – في صحيح القانون – جنحة عدم الإخطار المعاقب عليها في المادة سالفة الذكر ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجناية إحراز السلاح بدون ترخيص يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.

(الطعـن رقم 1268 لســنة 38 ق – جلســة 25/11/1968 س19 ق202 ص994)

المادة (145) من قانون العقوبات – التي تعفي الزوجة من العقاب إن هي أخفت أدلة الجريمة التي قارفها زوجها – تقتضي لإعمالها أن يكون عمل الزوجة غير منطو علي جريمة فرض القانون عقابا علي ارتكابها ، ولما كان القصد الجنائي في جريمة إحراز المواد المخدرة يتحقق – علي ما جري به قضاء هذه المحكمة في ظل قوانين المخدرات المتعاقبة – بإحراز المتهم للمادة المخدرة وهو عالم بكنهها بصرف النظر عن الإحراز سواء كان عرضيا طارئا أم أصليا ثابتا وهو ما قننته المادة (38) من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها إذ جري نصها علي أنه ” مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها القانون يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة السابقة كل من حاز أو اشتري أو سلم أو نقل أو انتج أو استخرج أو فصل أو صنع جواهر مخدرة وكان ذلك بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وذلك في غير الأحوال المصرح بها قانونا ” فاخضع الشارع للتجريم – علي ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية المصاحبة للقانون – كافة الحالات التي يتصور أن تحدث عملا وقد يفلت فيها حائز المادة المخدرة بغير قصد الاتجار أو التعاطي من العقاب وسوي في العقوبة بين الإحراز بباعث التعاطي وبين الإحراز بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وبرأ المطعون ضدها الثانية. تأسيسا علي أن إمساكها بالمخدر ومحاولة إلقائه إنما أرادت به تخليص زوجها وبأنه أمر غير مؤثم . يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.

(الطعــن رقــم 1319 لسـنة 38 ق – جلسة 25/11/1968 س19 ق203 ص1000)

من المقرر أنه يشترط قانونا لإباحة الطعن المتضمن قذفا في حق الموظفين العموميين أو من في حكمهم أن يكون صادرا عن حسن نية أي عن اعتقاد بصحة وقائع القذف ولخدمة المصلحة العامة. أما إذا كان القاذف سيئ النية ولا يقصد من طعنه إلا التشهير والتجريح شفاء لضغائن وأحقاد شخصية فلا يقبل منه إثبات صحة وقائع القذف وتجب إدانته ولو كان يستطيع إثبات ما قذف.

(الطعن رقم 2208 لسنة 38 ق – جلسة 7/4/1969 س20 ق96 ص458)

أن من المقرر شرعا أن التأديب المباح لا يجوز أن يتعدى الضرب البسيط الذي لا يحدث كسرا أو جرحا ولا يترك أثرا ولا ينشأ عنه مرض.

(نقض جلسة 15/5/1977 س28 ص596)

الأصل أن أي مساس بجسم المجني عليه يحرمه قانون العقوبات وقانون مزاولة مهنة الطب ، وإنما يبيح القانون فعل الطبيب بسبب حصوله علي إجازة علمية طبقا للقواعد واللوائح ، وهذه الاجازة هي أساس الترخيص الذي تتطلب القوانين الخاصة بالمهنة الحصول عليه قبل مزاولتها فعلا وينبني علي القول بأن أساس عدم مسئولية الطبيب استعمال الحق المقرر بمقتضى القانون ، أن من لا يملك حق مزاولة مهنة الطب يسأل عما يحدثه بالغير من جروح وما إليها باعتباره معتديا أي علي أساس العمد – ولا يعفي من العقاب إلا عند قيام حالة الضرورة بشروطها القانونية.

(الطعن رقم 2260 لسنة 50 ق – جلسة 2/3/1981 س32 ص196)

لما كانت المادة 60 من قانون العقوبات إنما تبيح الأفعال التي ترتكب عملا بحق قرره القانون ، وإذ كان الأصل أن أي مساس بجسم الإنسان يجرمه قانون العقوبات ، وكان ليس من حق المدرس التعدي بالضرب علي التلاميذ . فإن ما يثيره الطاعن من هذا الصدد يكون غير مقبول . فضلا عن أنه لا يبين من الاطلاع علي محاضر جلسات المحاكمة أنه أثار هذا الدفاع وهو من الدفوع الموضوعية – أمام محكمة الموضوع ولا يدعي إثارته أمامها.

(الطعن رقم 2601 لسنة 50 ق – جلسة 2/4/1981 س32 ص315)

من المقرر أن التأديب وإن كان حقا للزوج من مقتضاه إباحة الإيذاء ، إلا أنه لا يجوز أن يتعدى الإيذاء الخفيف ، فإذا تجاوز الزوج هذا الحد فأحدث أذى بجسم زوجته ، كان معاقبا عليه قانونا ، حتى ولو كان الأثر الذي حدث بجسم الزوجة لم يزد عن سحجات بسيطة.

(الطعن رقم 570 لسنة 51 ق – جلسة 11/11/1981 س32 ص867)

من المقرر أن إباحة عمل الطبيب مشروطة بأن يكون ما يجريه مطابقا للأصول العلمية المقررة ، فإذا فرط في اتباع هذه الأصول أو خالفها حقت عليه المسئولية الجنائية والمدنية متي توافر الضرر بحسب تعمده الفعل ونتيجته أو تقصيره وعدم تحرزه في أداء عمله وأيا كانت درجة جسامة الخطأ.

(الطعن 2152 لسنة 53 ق – جلسة 11/1/1984 س35 ص34)

لما كان التأديب المباح شرعا لا يجوز أن يتعدى الضرب البسيط الذي لا يحدث كسرا أو جرحا ولا يترك أثرا ولا ينشأ عنه مرض فإذا ربط والد ابنته بحبل ربطا محكما وسكب عليها كيروسينا وأشعل النار فيها فحدثت بها الحروق التي تسببت في وفاتها لخلاف بينه وبين زوجته فإنه يكون قد تجاوز حدود التأديب المباح وحق عليه القضاء بالعقوبة المقررة لجريمة الضرب المفضي إلي الموت وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحي منعي الطاعن علي الحكم في هذا الخصوص غير سديد.

(الطعن 16767 لسنة 60 ق – جلسة 11/2/1992 س43 ص237)

? من المقرر أن إباحة عمل الطبيب مشروطة بأن يكون ما يجريه مطابقا للأصول العلمية المقررة فإذا فرط في اتباع هذه الأصول أو خالفها حقت عليه المسئولية الجنائية والمدنية متي توافر الضرر بحسب تعمده الفعل ونتيجته أو تقصيره وعدم تحرزه في أداء عمله وأيا كانت درجة جسامة الخطأ.

(الطعن 25133 لسنة 59 ق – جلسة 8/11/1992 س43 ص995)

لما كان لا يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة قد أثارت أنها كانت في حالة ضرورة ألجأتها إلي استدراج المجني عليها إلي داخل منزلها انصياعا لرغبة الطاعن الأول والد زوجها والذي يقيم معها في معيشة واحدة ومن ثم فإنه لا يقبل منها إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض هذا فضلا عن أن الأصل في القانون أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلي الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله وأن العلاقة الزوجية أو علاقة النسب في ذاتها لا تصلح سند للقول بقيام الضرورة الملجئة إلي ارتكاب الجرائم أو خرق محارم القانون ويكون منعي الطاعن في هذا الشأن غير سديد .

(الطعن 9679 لسنة 61 ق – جلسة 13/4/1993 س44 ص379)

من المقرر أنه وإن أبيح للزوج تأديب المرأة تأديبا خفيفا علي كل معصية لم يرد في شأنها حد مقرر إلا أنه لا يجوز له أن يضربها ضربا فاحشا ولو بحق – وحد الضرب الفاحش هو الذي يؤثر في الجسم ويغير لون الجلد وإذ كان الطاعن قد اعتدي علي المجني عليها اعتداء بلغ من الجسامة الحد الذي أوردها حتفها فليس له أن يتعلل بما يزعمه له حقا يبيح له ما جناه.

(الطعن 7570 لسنة 61 ق – جلسة 9/1/1994 س45 ص71)

من المقرر أن التأديب حق للزوج ولكن لا يجوز أن يتعدى الإيذاء الخفيف فإذا تجاوز الزوج هذا الحد ، فأحدث أذى بجسم زوجته ، كان معاقبا عليه قانونا ، حتى ولو كان الأثر الذي حدث بجسم الزوجة لم يزد عن سحجات بسيطة. لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد اعتدي بالضرب علي زوجته وأحدث بها الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ، وكان البين من هذا التقرير أن بالمجني عليها كدمة رضيه بأقصى الجزء الأسفل ليسار الصدر وأعلي مقدم يسار البطن تحدث من المصادمة بجسم صلب راض ثقيل نوعا ما مثل قالب طوب أحدثت تهتكا اصابيا بجوهر ونسيج الطحال نجم عنه نزيف دموي داخلي غزير بداخل التجويف البطني أدي إلي الوفاة ، فإن هذا كاف لاعتبار ما وقع منه خارجا عن حدود حقه المقرر بمقتضى الشريعة ومستوجبا للعقاب عملا بالفقرة الأولي من المادة 236 من قانون العقوبات ، ولا جناح علي المحكمة إن هي التفتت عن هذا الدفاع القانوني الظاهر البطلان.

(الطعن 6848 لسنة 63 ق – جلسة 22/12/1994 س45 ص1230)

أن صاحب المحل يكون مسئولا مسئولية مديره مستحقا ً لعقوبتي الحبس والغرامة معا ً متي وقعت في المحل جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 ومسئوليته هذه فرضية تقوم علي افتراض إشرافه علي المحل ووقوع الجريمة باسمه ولحسابه وهي قائمة علي الدوام – ما لم يدحضها سبب من أسباب الإباحة وموانع العقاب والمسئولية – وإنما تقبل تلك العقوبة التخفيف بما يسقط عقوبة الحبس دون الغرامة إذا أثبت صاحب المحل أنه كان غائبا أو استحالت عليه المراقبة فتعذر عليه منع وقوع المخالفة ، ولما كان الحكم المطعون قد دان الطاعن بمقولة إن مسئوليته مفترضة وأن المرض والغياب لم يمنعا من تشغيل المخبز لحسابه دون أن يعني بتحقيق ما أثاره من عدم مسئوليته عن العجز لانقطاع صلته بالمخبز لمرضه وإقامته في مكان بعيد عنه وهو دفاع يعد في هذه الدعوى هاما ومؤثرا في مصيرها مما كان يقتضي من المحكمة أن تمحصه لتقف علي مبلغ صحته بلوغا إلي غاية الأمر فيه أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون مشوبا بالقصور في التسبيب مما يعيبه ويوجب نقضه.

(الطعن رقم 831 لسنة 45 ق – جلسة 1/6/1975 س26 ق111 ص478)

لا تلتزم المحكمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها ما لم يدفع به أمامها ، وإذ ما كان الثابت أن الطاعن لم يتمسك أمام المحكمة بقيام سبب من تلك الأسباب فليس له أن ينعى علي حكمها إغفاله التحدث عن ذلك.

(نقض جنائي جلسة 12/12/1966 السنة 17 ص1242)

إن الإباحة إنما تستمد بالنسبة إلي كل من يلوذ بها من حكم القانون لا من توارث بسببها بين الوالد وولده ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه متي كان قد ذكر صفة الطاعن وكان إخطار والده عن السلاح – بفرض حصوله – لا يعفيه من هذا الواجب متي آل إليه ، وكان الطاعن لم يطلب – فضلا عن ذلك – إلي محكمة الموضوع تحقيق شئ مما يعيبه في طعنه فليس له أن يثير ذلك لأول مرة لدي محكمة النقض.

(نقض جنائي جلسة 25/1/1968 السنة 19 ص994)

التأديب المباح شرعا لا يجوز أن يتعدى الضرب البسيط الذي لا يحدث كسرا أو جرحا ولا يترك أثرا ولا ينشأ عنه مرض . فإذا ربط والد ابنته بحبل ربطا محكما في عضديها أحدث عندها غرغرينا سببت وفاتها فهذا تعذيب شنيع يقع تحت طائلة المادة (200 فقرة أولي ع).

(جلسة 5/6/1933 طعن رقم 1671 س3 ق)

المادة (60) من قانون العقوبات إنما تبيح الأفعال التي ترتكب عملا بحق قرره القانون بصفة عامة ، وتحريم الشارع للإسقاط يحول دون اعتبار هذا الفعل مرتبطا بحق وإنما يجعل منه إذا وقع جريمة يستحق جانيها العقاب الذي فرضه الشارع لفعلته ، فلا يكون مقبولا ما عرض إليه المتهم في دفاعه أمام محكمة الموضوع من أن الشريعة الإسلامية تبيح إجهاض الجنين الذي لم يتجاوز عمره أربعة شهور وأن المادة (60عقوبات) تبيح ما تبيحه الشريعة.

(طعن رقم 1193 لسنة 29 ق – جلسة 23/11/1959 س10 ص952)

إباحة الشريعة الإسلامية إجهاض الجنين الذي لم يتجاوز عمره أربعة شهور ليس أصلا ثابتا في أدلتها المتفق عليها وإنما هو اجتهاد للفقهاء انقسم حوله الرأي فيما بينهم.

(الطعن رقم 1193 لسنة 29 ق – جلسة 23/11/1959 س10 ص952)

من المقرر أن حالة ضياع الشيك وما يدخل في حكمها – وهي الحالات التي يتحصل فيها علي الشيك عن طريق جرائم سلب المال كالسرقة البسيطة والسرقة بظروف والنصب والتبديد وأيضا الحصول عليه بطريق التهديد – هي التي أبيح فيها للساحب أن يتخذ من جانبه ما يصون به بغير توقف علي حكم القضاء تقديرا من الشارع بعلو حق الساحب في تلك الحال علي المستفيد استنادا إلي سبب من أسباب الإباحة وهو ما لا يصدق علي الحقوق الأخرى التي لابد لحمايتها من دعوى ولا تصلح مجردة سببا للإباحة . لما كان ذلك فإنه لا يجدي الطاعن ما يتذرع به لنفي مسئوليته الجنائية بقوله : أن المدعي بالحقوق المدنية قد خان أمانة التوقيع وملأ بيانات الشيكين علي خلاف الواقع بما كان يتعين معه أن تمتد إليهما أسباب الإباحة علي ما جرت به أحكام محكمة النقض هذا فضلا عن أن الحكم قد دلل تدليلا سائغا علي أن دفاع الطاعن في هذا الشأن يفتقر إلي الدليل المثبت له.

(الطعن رقم 248 لسنة 44 ق – جلسة 10/3/1974 س25 ق55 ص242)

? جري قضاء محكمة النقض علي أن حكم المادة (309) من قانون العقوبات ليس إلا تطبيقا لمبدأ عام هو حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه وأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطا بالضرورة الداعية ، وما أورده الطاعن في مذكرته من عبارات نسب فيها إلي المدعي بالحق المدني أنه طابت نفسه لأخذ مال الغير وأنه ليس له أن يطمع فيما لا يطمع فيه غيره من الخصوم وأنه ليس قاضيا فحسب بل شريك في جراج للسيارات وأنه ليس قاضيا خالصا للقضاء بل يعمل بالتجارة فإنها عبارات لا يستلزمها الدفاع في القضية المرفوعة منه علي المدعي بالحق المدني.

(الطعن رقم 772 لسنة 42 ق – جلسة 8/10/1972 س23 ق221 ص995)
(والطعن رقم1495 لسنة 45 ق – جلسة 29/3/1976 س27 ق79 ص369)

لما كان من المقرر أن مناط تطبيق المادة (302) من قانون العقوبات أن تكون عبارات القذف التي أسندت من الخصم لخصمه في المرافعة مما يستلزمه الدفاع عن الحق مثار النزاع ، وكان حكم هذه المادة والمادتين (91 ، 134) من قانون المحاماة رقم 61 سنة 1968 ليس إلا تطبيقا لمبدأ عام هو حرية الدفاع الذي يستلزمه وأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطا بالضرورة الداعية إليه ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد خلا من بيان ما ورد بمحضر الجلسة من سياق القول الذي اشتمل علي عبارات القذف ومدي اتصالها بالنزاع القائم أمام المحكمة عند نظر الدعوى وما إذا كان قد استلزمها حق الدفاع أو أنها تخرج عن مقتضيات القدر الذي تقتضيه مرافعة الخصم عن حقه حتى يتضح من ذلك وجه استخلاص الحكم أن عبارات القذف التي فاه بها الطاعن لا تمتد إليها حماية القانون ، فإنه يكون قاصرا قصورا يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون علي واقعة الدعوى مما يعيبه بما يوجب نقضه والإحالة.

(الطعن رقم 1701 لسنة 50 ق- جلسة 6/11/1980 س31 ق189 ص975)

دل الشارع بما نص عليه في المادتين (189 – 190) من قانون العقوبات أن حصانة النشر مقصورة علي الإجراءات القضائية العلنية والأحكام التي تصدر علنا وأن هذه الحصانة لا تمتد إلي ما يجري في الجلسات غير العلنية ولا إلي ما يجري في الجلسات التي قرر القانون أو المحكمة الحد من علنيتها ، كما أنها مقصورة علي إجراءات المحاكمة ولا تمتد إلي التحقيق الابتدائي ولا إلي التحقيقات الأولية أو الإدارية لأن هذه كلها ليست علنية إذ لا يشهدها غير الخصوم ووكلائهم ، فمن ينشر وقائع هذه التحقيقات أو ما يقال فيها أو يتخذ في شأنها من ضبط وحبس وتفتيش واتهام وإحالة علي المحاكمة فإنما ينشر ذلك علي مسئوليته ويجوز محاسبته جنائيا عما يتضمنه النشر من قذف وسب وإهانـة.

(الطعن رقم 1363 لسنة 28 ق – جلسة 24/3/1959 س10 ص348)

لا عقاب علي من ارتكب جريمة ألجأته إلي ارتكابها ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله ولا في قدرته منعه بطريقة أخري.

 

((( الشروح الفقهية والتعليقات العملية )))

مــادة 61

تعليق
الإكــراه وحـالة الضرورة (1)
نص الشارع علي هذا السبب لامتناع المسئولية في المادة (61) من قانون العقوبات وقد تضمن نص المادة (61) بيانا لشروط امتناع المسئولية سواء تعلقت بالخطر الذي يهدد الفاعل أم بالفعل الذي يرتكبه وتمتنع مسئوليته عنه. ويبدو لأول وهلة أن هذا النص خاص بحالة الضرورة ، ولكن الحقيقة أنه يشمل الإكراه المعنوي كذلك باعتبار صورة من الضرورة ، أما الإكراه المادي فلا تصدق عليه ألفاظ النص ، ولم يرد في شأنه نص في القانون ، وتعليل ذلك تقدير الشارع أن حكمه من الوضوح بحيث يغني عن نص يقرره صراحة . ولا صعوبة في تبرير امتناع المسئولية بالإكراه المعنوي أو حالة الضرورة ، فالإرادة غير حرة وإن كانت مميزة ، ويعني ذلك أنه قد انتفي عنها أحد الشروط المتطلبة لتكون ذات قيمة قانونية ، ومن ثم فهي غير صالحة ليقوم بها الركن المعنوي للجريمة.

الإكراه المادي (2)
تعريف : الإكراه المادي هو محو إرادة الفاعل علي نحو لا تنسب إليه فيه غير حركة عضوية أو موقف سلبي مجردين من الصفة الإرادية . وبهذا التعريف يتضح الدور القانوني للإكراه المادي : فهو بمحوه الإرادة يمحو الفعل ذاته إذ الإرادة عنصر أساسي فيه. فالحركة العضوية والموقف السلبي غير الإراديين لا يقوم بهما فعل إيجابي أو امتناع في لغة القانون ، وإذا انمحى الفعل زال الركن المادي للجريمة ، إذ لا قيام لهذا الركن بغير فعل ، ومن ثم لا يكون محل للبحث في الركن المعنوي للجريمة . ويعني ذلك أن الإكراه المادي ليس مانع مسئولية ، إذ محل البحث في امتناع المسئولية أن تتوافر الإرادة ثم يثور التساؤل حول مالها من قيمة قانونية . أما إذا كانت الإرادة أصلا غير متوافرة فلا محل للبحث في قيمتها. وعلي هذا النحو يتضح الفرق بين الإكراه المادي من ناحية والإكراه المعنوي أو حالة الضرورة من ناحية أخري : فالأول تنمحي به الإرادة فينتفي الركن المادي ، والثاني تزول فيه عن الإرادة صفة الحرية فينتفي الركن المعنوي.
وتجمع بين الإكراه المادي في كل حالاته استحالة أن ينسب إلي المتهم أنه تصرف علي نحو معين ، أي استحالة أن ينسب إليه أنه أتي فعلا ، فثمة قوة لا سيطرة له عليها أفقدته سيطرته علي أعضاء جسمه فسخرتها في حركة أو امتناع علي نحو معين ، فماديات الجريمة تنسب إلي هذه القوة لا إلي من سيطرت عليه ، فإن كانت قوة إنسانية نسبت الجريمة إلي من صدرت عنه وكان مسئولا عنها ما لم يحل دون ذلك سبب ، أما إذا كانت غير إنسانية فلا قيام لجريمة . ويعني ذلك أنه سواء نوع القوة التي محت الإرادة : فقد تكون قوة طبيعية كالفيضان يقطع المواصلات فيحول بين المتهم وبين الذهاب إلي المحكمة لأداء شهادته أو الرياح تطفئ المصباح الذي وضعه المتهم علي حفرة بالطريق العام أو الإعصار يلقي به إلي شواطئ دولة أصدرت قرارا بإبعاده عن إقليمها ، وقد تكون قوة حيوان كدابة تجمح فيعجز قائدها عن السيطرة عليها فتصيب شخصا بجراح أو الحشرات تتلف غلالا أؤتمن المتهم عليها فيعجز عن تسليمها ، وقد تكون قوة إنسانية كمن يمسك بيد غيره ويحركها علي نحو يثبت به بيانات مخالفة للحقيقة في محرر ، ومن يحمل بين يديه غيره ثم يدفعه علي طفل فيقتله أو يصيبه بجراح ، وسواء كذلك أن تكون القوة خارجة عن جسد المتهم كالوضع في الحالات السابقة أو أن تكون كامنة فيه كما لو أصيب بشلل مفاجئ فوقع علي طفل فقتله أو غلبه النوم في سفر طويل فجاوز المسافة التي دفع أجرها . وعلة المساواة بين مصادر القوة هي اتحاد آثارها باعتبار أن الإرادة تنمحي في كل الحالات فينمحي الفعل وينتفي الركن المادي.

– الإكراه المادي والقوة القاهرة والحادث الفجائي : –
الإكراه المادي يتسع لجميع الحالات التي تسيطر فيها علي جسد المتهم قوة تسخر علي نحو معين ، أي ” قوة قاهرة ” فتنمحي بذلك إرادته ، ومن ثم يكون الإكراه المادي والقوة القاهرة تعبيرين مترادفين ، ولكن تخصص أحيانا دلالة الإكراه المادي فتقتصر علي حالة ما إذا كانت القوة إنسانية ، أما سائر حالاتها كالقوة الطبيعية أو قوة الحيوان فيطلق عليها تعبير ” القوة القاهرة ” ؛ وأهمية هذا التخصيص أن الإكراه المادي في مدلوله الضيق يبقي الجريمة قائمة وأن نسبت إلي من صدر الإكراه عنه دون من خضع له ، أما القوة القاهرة فتنفي الجريمة إطلاقا. والفرق أساسي بين الإكراه المادي أو القوة القاهرة من ناحية وبين ” الحادث الفجائي ” من ناحية أخري ، فالحادث الفجائي لا يمحو الإرادة ، بل أنه لا يجردها من التمييز وحرية الاختيار ، ولكن يزيل عنها العمد والخطأ فيجردها بذلك من الصفة ” الإجرامية ” ، ومن ثم لا يقوم بها الركن المعنوي للجريمة ، مثال ذلك قائد السيارة الذي يصيب شخصا اندفع فجأة من طريق جانبي فكان تفاديه مستحيلا.
شروط الإكراه المادي : ترد شروط الإكراه المادي كافة إلي وجوب أن يكون من شأنه محو الإرادة ، ذلك أنه إذا ثبت أن الإرادة كان لها نصيب في السيطرة علي الفعل أو النتيجة الإجرامـية فليس للإكراه المادي محل ، وهذه الشروط اثنان : كون القوة التي صدر الإكراه عنـها غيـر متوقعة وكون مقاومتها مستحيلة : فالشرط الأول يعني ألا يكون المتهم قد توقع خضوعه للقوة التي أكرهته علي الفعل وألا يكون ذلك في استطاعته ، إذ كان متعينا عليه عند التوقع الفعلي أو عند استطاعة هذا التوقع أن يتفادى الخضوع لهذه القوة ، فإن كان لم يفعل فمعني ذلك أنه كان لإرادته نصيب في هذا الخضوع وفي الفعل أو الامتناع الذي صدر عنه ، فلا يكون للإكراه المادي محل : فمن يعلم بخطورة دابة وجموحها عند سماعها أصوات غير مألوفة لها فيمتطيها في طريق مزدحم بالسيارات فتجمح وتصيب شخصا يكون مسئولا عن ذلك ، ومن يضبط في الطريق العام في حالة سكر بين فيقبض عليه فلا يذهب إلي المحكمة لأداء شهادته يسأل عن امتناعه. والشرط الثاني يعني أن يكون من المستحيل علي المتهم أن يتجنب الفعل أو الامتناع الذي تقوم به الجريمة ، أما إذا كان من شأن القوة التي وجهته إلي السلوك الإجرامي أن جعلت اجتنابه أمرا عسيرا عليه فإن الإكراه المادي لا يتوافر بذلك ، إذا ما زال لإرادته وجودها ، وقد كان في وسعه أن يوجهها إلي التغلب علي هذه الصعوبات ، فإن لم يفعل فمعني ذلك أنه قد استعمل إرادته علي نحو ما ، ويناقض ذلك القول بتوافر الإكراه المادي : فمن يستحم فتسرق ملابسه أو تذهب بها الرياح فيظهر عاريا لا ينسب إليه الفعل الفاضح المخل بالحياء ، ولكن من تصرفه صعوبات المواصلات عن الذهاب إلي المحكمة لأداء شهادته يسأل عن امتناعه ، وإذا كان المتهم قام بتحويل عملة أجنبية إلي الخارج وكان ينبغي عليه طبقا للقانون استيراد البضائع التي حولت عنها تلك العملة ، فإن ارتفاع الأسعار في الخارج لا يعتبر قوة قاهرة تعفيه من الالتزام القانوني.

– الإكراه المعنوي وحالة الضرورة
تعريف الإكراه المعنوي : الإكراه المعنوي هو ضغط شخص علي إرادة آخر لحمله علي توجيهها إلي سلوك إجرامي ، ومن ثم كان أهم ما يميز الإكراه المعنوي أمرين : صدوره عن إنسان ، وصدوره بقصد الحمل علي فعل أو امتناع معين. وينقص الإكراه المعنوي من حرية الاختيار ، ذلك أنه ينذر بشر أن لم يوجه الخاضع له إرادته إلي السلوك المطلوب منه . ولا جدال في الفقه حول تأثير الإكراه المعنوي علي المسئولية ، ولكن الجدل قد يثور حول تحديد شروطه ، إذ ليس كل إكراه مانعا من المسئولية ، وإنما يتعين أن ينقص من حرية الاختيار علي نحو يجرد الإرادة من القيمة القانونية . وللإكراه المعنوي صورتان : صورة تفترض استعمال العنف للتأثير علي الإرادة ، مثال ذلك حبس شخص أو ضربه وتهديده باستمرار ذلك حتى يقبل ارتكاب الجريمة ، وتلحق بالعنف كل الوسائل المادية التي تؤثر علي الإرادة دون أن تعدمها كإعطاء شخص مادة مخدرة أو مسكرة علي نحو لا يفقده الوعي ولكن يقلل منه . أما الصورة الثانية فتتجرد من العنف ويقتصر الإكراه علي مجرد التهديد , مثال ذلك تهديد شخص بالقتل إن لم يزور محررا أو تهديد أم باختطاف ابنها إن لم ترتكب الزنا. والصورة الأولى من الإكراه المعنوي تقترب من الإكراه المادي باعتبارها تفترض عنفا , ولكنها تفترق عنه في أن العنف لا يبلغ حد السيطرة علي أعضاء الجسم وتسخيرها في ارتكاب الجريمة , وإنما يقتصر علي مجرد التأثير علي الإرادة لحملها علي اتجاه معين عن طريق إشعارها في صورة محسوسة بالإيلام المنتظر أن له تتجه علي النحو المطلوب.
تعريف حالة الضرورة : حالة الضرورة هي مجموعة من الظروف تهدد شخصا بالخطر وتوحي إليه بطريق الخلاص منه بارتكاب فعل إجرامي معين . والغالب في حالة الضرورة أنها ليست ثمرة عمل الإنسان ، وإنما هي وليدة قوي الطبيعة ، وإذا كانت من عمل إنسان فهي ليست بقصد حمل شخص علي ارتكاب فعل إجرامي معين ، وإنما يتعين علي من يهدده الخطر أن يتصور الوسيلة إلي تفاديه مستوجبا الظروف المحيطة به : ومثال الضرورة أن تغرق سفينة فيتعلق شخصان بقطعة من الخشب طافية ثم يتبين أنها لا تقوي علي حملها معا فيبعد أحدهما الآخر عنها فينجو بنفسه ويهلك زميله ، أو أن تشتعل النار في مبني فيندفع شخص إلي الفرار فيصيب طفلا بجراح أو يقتله ، أو أن يقضي الطبيب علي الجنين إنقاذا لحياة الأم في ولادة عسرة ، أو أن يشهد شخص بناء حاصرت فيه النيران سكانه فيحطم باب مسكن مجاور ويستولي علي الماء المملوك لحائزه ويستعمله في إطفاء الحريق ، أو أن يجري ممرض عملية جراحية لشخص يهدده الموت في ظروف يستحيل فيها الاستعانة بطبيب.

– الفرق بين الإكراه المعنوي وحالة الضرورة :
الفرق الأساسي بينهما أن الخاضع للإكراه المعنوي يحدد له السلوك المطلوب منه كي يتفادى الخطر المهدد به ، ولكن من يوجد في حالة ضرورة لا يحدد له ذلك ، بل عليه أن يلحظ الظروف المحيطة به ويتصور وسيلة اجتناب الخطر. وثمة فارق آخر : فالإكراه يصدر عن إنسان دائما ولكن ظروف الضرورة يغلب ألا تكون من خلق الإنسان . وتضيق حرية الاختيار عند الإكراه المعنوي أكثر مما تضيق في حالة الضرورة ذلك أن من يصدر عنه الإكراه يعين لمن يخضع له طريقا محددا كي يسلكه ، أما من يوجد في حالة ضرورة فعلية أن يتصور طريق الخلاص منها ، وقد تتعدد الطرق أمامه ويستطيع أن يختار من بينها. ويعني ذلك أن تبرير امتناع المسئولية واضح بالنسبة للإكراه ولكنه أقل وضوحا في حالة الضرورة.
علة امتناع المسئولية : يعلل امتناع المسئولية بتجرد الإرادة من الحرية : فإذا هدد الخطر المتهم أو شخصا مقربا إليه ، فإن غرائزه تسيطر عليه وتدفعه إلي الخلاص من هذا الخطر ، وتوصد أمامه كل طريق آخر لا يكون من شأنه هذا الخلاص ، ومن ثم لا يكون أمامه غير طريق واحد أو طرق محددة لا يملك اختيار سواها . أما إذا هدد الخطر شخصا لا تربطه به صلة كالطبيب يقضي علي الجنين إنقاذا للأم أو من يري شخصا تحاصره النيران فيستولي علي الماء المملوك للغير ليطفئها به فإن حرية الاختيار يضيق من الوجهة الاجتماعية نطاقها ، إذ أن تقاليد المهنة أو البيئة أو مجرد الشعور بالتضامن الاجتماعي يحمل الشخص علي اختيار طريق معين ويستبعد عليه اختيار طريق سواه ، ويعني ذلك أن إرادته لا تتمتع بالحرية في الاختيار علي النحو الذي يصلح لتقوم به المسئولية.
شروط الإكراه المعنوي وحالة الضرورة : حدد الشارع شروط حالة الضرورة في المادة 61 من قانون العقوبات ، ولكنه لم يشر إلي شروط الإكراه المعنوي . وليس بمقبول القول بأن الشارع لا يتطلب في الإكراه شروطا ، إذ من الإكراه صورة قليلة الخطر بحيث لا يمكن القول بأن الشارع أراد أن تمتنع المسئولية فيها. ويقول الدكتور/ نجيب حسني : ونعتقد أن الشروط التي تذكرها المادة 61 من قانون العقوبات تنصرف كذلك إلي الإكراه المعنوي : إذ من السائغ اعتبار الإكراه صورة من الضرورة تنصرف إليه شروطها ، ومن ثم تكون عبارة ” ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم …. ” منطبقة علي الإكراه كذلك . ونبين فيما يلي هذه الشروط :-
يفترض الإكراه المعنوي وحالة الضرورة خطرا يهدد من يتعرض لهما وفعلا يرتكب تحت تأثير التهديد به ، وثمة شروط يتعين أن تتوافر في الخطر ، وشروط يتعين أن تتوافر في الفعل الذي يرتكب تحت تأثير التهديد به . فشروط الخطر هي : كونه مهددا النفس وجسيما وحالا وكوان إرادة المتهم ليس لها دخل في حلولـه. أما شروط الفعل فهي : أن من شأنه التخلص من الخطر وأنه الوسيلة الوحيدة لذلك.
– شروط الخطر وشروط جريمة الضرورة (3)

 

ويلزم لتطبيق المادة 61 :- أولا – شروط متعلقة بالخطر ، وهي : 1- خطر علي النفس ، 2- يكون جسيما ، 3- لا دخل لإرادة الفاعل في حلوله. وثانيا – شروط متعلقة بجريمة الضرورة ، وهي : 1- أن تكون لازمة لدفع الخطر ، 2- وتكون هي الوسيلة الوحيدة لذلك.
1- الخطــر
خطر علي النفس : وهذه العبارة يدخل في معناها ، علي ما تقدم في الدفاع الشرعي ، كل خطر يهدد الحياة أو الجسم ، وكذلك كل خطر يهدد الإنسان في حريته أو عرضه أو سمعته أو اعتباره . فلا مسئولية علي من يغلق عليه الباب بقوة قاهرة أو حادث فجائي فلا يجد وسيلة تخلصه من الاعتقال سوي كسر الباب ، ولا علي من يضطره حريق مشتعل إلي الخروج عاريا في الطريق العام فيمد يده إلي رداء الغير يستر به عورته.
والنص صريح في أنه لا يشترط أن يكون الفاعل نفسه مهددا بوقوع الضرر ، بل يصح ارتكاب الفعل لوقاية الغير . فلا مسئولية علي الطبيب الذي يسقط امرأة لإنقاذ حياتها ، أو الربان الذي يلقي بعض الأمتعة في اليم لإنقاذ ركاب السفينة من الغرق ، أو قائد السيارة إذا انحرف إلي اليسار ليتفادى قتل طفل جري إلي السيارة فجأة ، أو الأم إذا سرقت رغيفا لإطعام طفلها إذا لم يكن لإرادتها دخل في حالة العوز.
والأصل أن يكون الخطر حقيقيا ، ولكن طبقا للقواعد العامة في الغلط يصح أن يكون الخطر الوهمي سببا للإعفاء من المسئولية متي كانت هناك أسباب معقولة تدعو الشخص المتوسط إلي الاعتقاد بقيام خطر جدي.
ويخرج من معني الخطر هنا ما يكون منه مشروعا ، وما يكون الموجه إليه ملزما قانونا بمواجهته ، كحالة المحكوم بإعدامه فمن يساعده علي الهرب لا يجوز أن يدفع بحالة الضرورة ، وكحالة الجندي في الميدان فلا يجوز أن يدفع مسئوليته عن الفرار من الميدان بحالة الضرورة.
والمادة 61 صريحة في أنها لا تطبق إلا إذا كان الخطر محدقا بالنفس ، فإذا كان مهددا للمال فلا إعفاء. فالقانون لا يعفي من المسئولية من يضحي بحق الغير في سبيل وقاية المال ، وذلك علي خلاف ما هو مقرر في شأن الدفاع الشرعي حيث يجوز الدفاع عن المال. وهي تفرقة لها ما يبررها في أن الدفاع الشرعي يكون ضد اعتداء ، بينما يقع الفعل في حالة الضرورة علي برئ. ومع ذلك يبدو المبدأ الذي أخذ به الشارع المصري غير مقبول خصوصا إذا كان الفعل واقعا علي مال في سبيل صيانة مال أعلي قيمة ، كما لو شبت النار في مال شخص فاضطر لإخمادها إلي أن يتلف مالا لآخر أو يأخذ ماء من صهريج لآخر. ولذلك تجري التشريعات الحديثة علي التسوية في الضرورة بين الخطر المهدد للنفس وبين الخطر المهدد للمال.
علي أن الشارع المصري يشترط للمعاقبة علي بعض جرائم المال ألا يكون هناك مقتض لارتكاب الفعل . من ذلك جرائم قتل الدواب والمواشي والإضرار بها (المادة 355عقوبات) ، وقتل الحيوانات المستأنسة وسمها والإضرار بها (المادة 357) . فلا يرتكب الجريمة من يقتل حيوانا بمقتض ، والمقتضي هو الضرورة الملجئة إلي قتل حيوان أو الإضرار به ، ويتوافر متي كان الحيوان خطرا علي نفس إنسان أو ماله.
وقد اعتبر القانون عدم المقتضي في هذه الجرائم ركنا قائما بذاته مستقلا عن القصد الجنائي ، ولكن الضرورة في المادة 61 تؤثر في الركن المعنوي للجريمة.
خطر جسيم : لا يشترط القانون في الاعتداء الذي يبيح الدفاع أن يكون جسيما ، ولكنه يشترط في حالة الضرورة أن يكون الخطر جسيما ، ويبرره أن جريمة الضرورة تقع علي برئ بينما يقع الدفاع علي معتد ، فإذا كان الأذى الذي ينجم عن الخطر ضئيلا فإنه لا يجيز الإعفاء من المسئولية . وجسامة الخطر تقدرها محكمة الموضوع ، وفقا لمعيار مجرد هو معيار الشخص المتوسط الذي يوجد في ظروف المتهم ، فإذا كانت هذه الظروف تلجئه إلي ارتكاب الفعل المكون للجريمة صح تطبيق المادة 61 عليه ، وقد حكم بأنه لا يعفي من المسئولية من كان صغير السن واشترك في جريمة إحراز مواد مخدرة مع متهم آخر من أهله هو مقيم معه ومحتاج إليه ، لأنه ليس في صغر سنه وإقامته مع المتهم الآخر وحاجته إليه ما يجعل حياته في خطر جسيم لو لم يشترك مع هذا المتهم في إحراز المواد المخدرة . وحكم بأنه لا يجوز للمتهم القاصر أن يعتذر عن جريمة ارتكبها بأنه مكره علي ارتكابها بأمر والده.
خطر حال : يشترط أن يكون الضرر واقعا أو علي وشك الوقوع ؛ فلا تكون ثمة ضرورة إذا كان الضرر قد وقع أو كان بعيدا بحيث يمكن توقيه بوسيلة أخري غير الجريمة ، علي تفصيل ما تقدم في الدفاع الشرعي.
لا دخل لإرادة الفاعل في حلولـه : يشترط القانون ألا يكون لإرادة الفاعل دخل في حلول الخطر المحدق به. وجاء في التعليقات علي هذا الشرط أنه ” قد قصد به الحالة التي يأتمر فيها الجاني مع آخرين لارتكاب جريمة ثم يدعي أنه لم يكن يقصد في آخر لحظة إتيان الجريمة ولكن عاقه الآخرون عن الامتناع “. ولكن هذه الحالة التي ذكرتها التعليقات ليست هي الحالة الوحيدة التي تدخل في حكم النص ، وإنما هي مجرد مثال ، فلا يعفي من إسناد الفعل إليه من يضع النار عمدا في مكان إذا ما أحاطت النيران به واضطر إلي قتل شخص أو جرحه وهو يحاول النجاة ، و لا من يسرق أو يتلف أوراقا للغير خشية نشر ما فيها من فضائح تشينه ، ولا الفتاة التي تحمل سفاحا إذا أجهضت نفسها أو قتلت طفلها خشية العار . والحكمة في كل ذلك واضحة فلا مفاجأة ولا عذر لمن تسبب بنفسه في إحداث الخطر.
والنص صريح في أن يكون تدخل الإرادة في حدوث الخطر متعمدا أي أن الجاني أراد عمدا إحداث الخطر ، والعبارة الفرنسية أظهر في الدلالة علي هذا ، وينبني علي هذا أنه إذا كان الخطر قد نشأ عن إهمال الجاني وعدم احتياطه فلا يمنعه ذلك من أن يدرأ مسئوليته عن الجرائم التي يرتكبها دفعا لهذا الخطر بحالة الضرورة . ومثال ذلك من تسبب في حريق بإهمال ثم يرتكب جريمة لتنجيه نفسه من النيران.
2- جريمة الضرورة
لزوم الجريمة لدفع الخطر : يتوافر هذا الشرط متي كان من شأن الجريمة دفع الخطر ، وفي توافر هذا الشرط لا يبحث القاضي عما إذا كان الفاعل حسن النية أو سيئ النية ، فالقانون لم يستلزم في المادة 61 حسن نية الفاعل . وعلي ذلك يكون الشخص في حالة ضرورة ولو انتهز فرصة حلول الخطر فارتكب الفعل المكون للجريمة لشفاء أحقاد وضغائن ، فالفعل علي أي حال حصل دفعا لخطر فهو جريمة ضرورة وإن تحقق به غرض ثانوي. أما البحث في الحالة النفسية للفاعل فلا يكون إلا إذا لم يكن هناك خطر حقيقي بل كان هناك خطر وهمي فعندئذ يكون علي القاضي أن يتثبت من صحة اعتقاد الفاعل وأن اعتقاده بني علي أسباب معقولة.
ومتي كان من شأن الجريمة دفع الخطر فإنها تكون جريمة ضرورة ، سواء كانت من جرائم النفس أم المال ، من الجرائم العمدية أم من جرائم التقصير ؛ فمن يحاول النجاة من حريق فيجري بغير احتياط ويتسبب في موت شخص أو إصابته لا يسأل عن الوفاة أو الإصابة.
– ألا يكون في قدرة الفاعل منع الضرر بوسيلة أخري :
لم يشترط القانون أن يكون هناك تناسب بين جريمة الضرورة والضرر المدفوع ، وعلي ذلك يصح مبدئيا أن يكون الضرر المدفوع أقل من ضرر الجريمة ، علي أن القانون يشترط من جهة أخري أن تكون الجريمة التي وقعت هي الوسيلة الوحيدة لتفادي الضرر ، بمعني أن الفاعل لا يكون في حالة ضرورة إذا كان في إمكانه تفادي الضرر بغير الالتجاء إلي جريمة أو بالالتجاء إلي جريمة أخف. فالخطر الذي يهدد النفس يجوز دفعه بجريمة من جرائم المال ، كما يجوز دفعه أيضا بجريمة من جرائم النفس ، ولكن لا يجوز الالتجاء لواحدة من الأخيرة متي تيسر الإفلات من الخطر بواحدة من الأولي . فإذا أوشكت سفينة علي الغرق يلقي ما بها من البضائع أولا ، وإذا أمكن دفع الخطر بجريمة أقل جسامة فلا يعفي من المسئولية من لجأ إلي جريمة أشد . وإذا كان يسهل تطبيق ذلك علي جرائم الأموال ، فإن الأمر لا يكون بهذه السهولة في الاعتداء علي النفس . ولكن يمكن القول إنه إذا دعت الضرورة إلي تضحية نفس لوقاية نفس أخري فالإعفاء واجب إذ للأنفس قيمة واحدة في نظر القانون ، وسواء كان من ارتكب الفعل هو المهدد بالخطر أو تطوع بالعمل مؤثرا نفسا علي أخري . ولكن هل ترتفع المسئولية عمن يرتكب جريمة تودي بأرواح عديدة اتقاء لخطر التهديد بقتل نفس واحدة ؟ ومثال ذلك أن يهدد شخص بالقتل إذا لم يلق قنبلة في جمع من الناس . أن القانون لا يفرض التضحية علي الناس في الظروف العادية ، ولذلك يتوقف الحل في هذه الأمور علي ما تقضي به غريزة الإنسان ، فالغريزة تدفع الشخص إلي إيثار نفسه أو شخص عزيز لديه علي أية تضحية مهما كانت جسيمة بالنسبة للآخرين ، ومتي كان الأمر كذلك فلا يمكن القول إن الفاعل كان متمتعا بحرية الاختيار ، فلم يكن أمامه سوي السبيل الذي لجأ إليه . ولكن مجال الاختيار يتسع عندما يكون الخطر مهددا شخصا لا يرتبط بالفاعل بصلة تدفعه إلي إيثاره علي أكثر من نفس ، فعندئذ لا يعفي من المسئولية . وفي بعض الظروف الاستثنائية ، كما في حالة الحرب مثلا ، تفرض التضحية علي الأفراد ، وفي هذه الحالة تعلو مصلحة الوطن علي أية مصلحة فردية ، فلا يعذر من يضحي بالجنود في سبيل تنجية نفسه أو عزيز لديه.

آثار الإكراه المعنوي أو حالة الضرورة (4)
امتناع المسئولية : يترتب علي توافر الإكراه المعنوي أو حالة الضرورة بالشروط السابقة أن تمتنع مسئولية من ارتكب الفعل ، ويستفيد من امتناع المسئولية كل شخص آخر ساهم في هذا الفعل ، وليست علة ذلك كون مانع المسئولية عام الأثر ، وإنما العلة أن شروط الإكراه أو الضرورة يغلب توافرها بالنسبة لكل من يساهم في الفعل ، إذ أن القانون يجعل درء مرتكب الفعل الخطر الذي يهدد غيره سببا لامتناع مسئوليته بنفس الصورة التي تمتنع بها مسئوليته لو ارتكب هذا الفعل لدرء خطر يهدده نفسه. ويعني ذلك أن القانون يقرر لكل مساهم سببا خاصا به لامتناع مسئوليته.

– سلطة القضاء في إثبات حالة الضرورة (5) :
القول بتوافر شروط الإكراه أو حالة الضرورة أو انتفاء هذه الشروط من شأن قاضي الموضوع ، إذ يتطلب ذلك بحثا في وقائع الدعوى وظروفها ، ولا يشترط ” أن يتحدث الحكم عن كل ركن من أركان حالة الضرورة …. في عبارة مستقلة ، بل يكفي أن يكون ذلك مستفادا من الظروف والملابسات طبقا للواقعة ” . ويلتزم القاضي بالرد علي دفع المتهم بالإكراه أو الضرورة باعتباره دفعا جوهريا ، ولا يلام حين يغفل الرد إلا إذا دفع المتهم بأحدهما أو كان واضحا من وقائع الدعوى كما بينها الحكم ، ولا يجوز إبداء هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ، ويجوز للقاضي من تلقاء نفسه أن يعتبر حالة الضرورة أو الإكراه متوافرا ، إذ أنه يلتزم قبل إدانة المتهم أن يتحقق من توافر كل أركان الجريمة وشروط المسئولية عنها.
_________________________
(1) دكتور/ محمود نجيب حسني – المرجع السابق ص578 وما بعدها.
(2) دكتور/ محمود نجيب حسني – المرجع السابق ص579 وما بعدها.
(3) دكتور/ محمود محمود مصطفي – المرجع السابق ص438 وما بعدها.
(4) دكتور/ محمود نجيب حسني – المرجع السابق ص597 .
(5) دكتور محمود نجيب حسني – المرجع السابق ص598 .

 

أحكــام النقض

يشترط في حالة الضرورة التي تسقط المسئولية الجنائية أن تكون الجريمة التي ارتكبها المتهم هي الوسيلة الوحيدة لدفع الخطر الحال به ولما كان قرار الطاعن من مركز الشرطة لم يكن ليسوغ له أن ينطلق في الطريق فيدفع المارين تلك الدفعة التي ألقت بالمجني عليه في طريق السيارة خاصة وأن الطاعن لا يدعي أن المجني عليه حاول منعه أو الإمساك به ولم يرد بالأوراق ولا بمدونات الحكم أو تقرير أسباب الطعن شئ من ذلك ، ومن ثم فإن دفاعه بقيام حالة الضرورة في هذه الصورة إنما يكون دفاعا قانونيا لا يستأهل من المحكمة ردا.

(نقض 30/3/1964 طعن 11 سنة 34 ق ، السنة 15 ص221)

الأصل أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلي الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله.
كما أنه ليس للمرء أن يرتكب أمرا محرما ثم يقارف جريمة في سبيل النجاة منه.
كما أنه ليس للطاعن أن يثير لأول مرة أمام النقض بأنه كان في حالة ضرورية ألجأته إلي عرض الرشوة تخلصا من خطر القبض عليه.

(الطعن رقم 1367 السنة 27 ق – جلسة 28/2/1967 السنة 18 ص1196 والطعن رقم 462 لسنة 41 ق – جلسة 13/6/1971 السنة 22 ص472)

للإعفاء من العقوبة المؤسس علي الإكراه شروط خاصة منصوص عليها في المادة 56 عقوبات لا يقوم صغر السن وحده مقامها فلا يجوز لمتهم قاصر أن يعتذر عن جريمة ارتكبها بأنه كان مكروها علي ارتكابها بأمر والده.

(الطعن392 لسنة 5ق – جلسة 21/1/1935 مجموعة القواعد القانونية جـ3 ص414)

تقدير حالة الضرورة . موضوعي .

(الطعن رقم 3172 لسنة 57 ق – جلسة 24/2/1988 السنة 39 ص5)

الأصل أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلي الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله ، فليس للمرء أن يرتكب أمرا محرما ثم يقارف جريمة في سبيل النجاة مما ارتكبه.
لا يسوغ من المتهم القول باضطراره إلي ارتكاب الجرم انصياعا لرغبة رؤسائه في العمل حتى يتستروا علي ما ارتكبه مادام أن أفعال الاختلاس والتزوير والاستعمال التي أتاها من قبل عمدا واتجهت إليها إرادته واستمر موغلا في ارتكابها وانتهت المحكمة إلي إدانته بها – هي أعمال غير مشروعة ونية الإجرام فيها واضحة مما لا يشفع للمتهم ما يدعيه من عدم مسئوليته.

(الطعن 1913 لسنة 38 ق – جلسة 6/1/1969 السنة 20 ص24)

علاقة الزوجية لا تصلح سندا للقول بتوافر حالة الضرورة لخرق محارم القانون.

(الطعن 802 لسنة 39 ق – جلسة 13/10/1969 السنة 20 ص1027)

أنه يشترط لتوافر حالة الضرورة أو حالة الإكراه الأدبي التي تمنع المسئولية الجنائية ، أن يثبت أن الجاني قد أراد الخلاص من شر محيق به وأنه كان يبغي دفع مضررة لا يبررها القانون. ولا يتصور أن يكون الطعن في حكم صادر ضد مصلحة الدولة بالطرق القانونية المقررة للطعن في الأحكام ، عملا جائزا يتغيا المتهم منعه أو الخلاص منه باقتراف جريمة.

(الطعن 1580 لسنة 39 ق – جلسة 18/1/1970 س21 ص94)

إذا كان الحكم قد ذهب إلي أن تهديد المطعون ضدهم بالوضع تحت الحراسة وأيلولة أرضهم للإصلاح الزراعي يعد حالة ضرورة معفية من العقاب مع أنه انصب علي المال فحسب فإنه يكون قد انطوي علي تقرير قانوني خاطئ لأن حالة الضرورة تستلزم أن يكون الخطر مما يهدد النفس.

(الطعن 150 لسنة 42 ق – جلسة 27/3/1972 السنة 23 ص479)

من المقرر أن حالة الضرورة لا تتوافر إلا إذا وجد خطر يهدد النفس دون المال.

(الطعن 137 لسنة 43 ق – جلسة 11/2/1974 السنة 25 ص119)

حالة الضرورة هي التي تحيط بالشخص وتدفعه إلي الجريمة وقاية لنفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس وشيك الوقوع ولم يكن لإرادته دخل في حلوله شريطة أن تكون الجريمة هي الوسيلة الوحيدة لدفع ذلك الخطر.

(نقض 2/11/1975 طعن 1123 س45 ق – السنة 26 ص675)

أن تراخي جهة الإدارة في إخلاء عقار آيل للسقوط بعد صدور قرار بإخلائه . لا يعفي المالك من المسئولية.

(الطعن رقم527 لسنة 46ق – جلسة 1/11/1976 السنة 27 ص811 والسنة 20 ص696)

يشترط في الحادث القهري ألا يكون للجاني يد في حصول الضرر أو في قدرته منعه ، فإذا اطمأنت المحكمة إلي توافر الخطأ في حق الطاعن وأوردت صورة الخطأ الذي وقع منه ورتبت عليه مسئوليته ، فإن ذلك مما ينتفي به القول بحصول الواقعة عن حادث قهري.

(الطعن رقم1007 لسنة 46ق – جلسة13/2/1977 السنة 28 ص237 . والسنة 10 ص451)

اعتبار الخطر الذي يهدد المال حالة ضرورة . خطأ في القانون . ولكن الاعتداء علي المال يجيز الدفاع الشرعي عنه.

(السنة 26 ص675 والسنة 29 ص305)

أن اطمئنان المحكمة إلي توافر الخطأ في حق المتهم ، ينتفي معه صدق القول بحصول الواقعة نتيجة حادث قهري.

(الطعن 1254 لسنة 47 ق – جلسة 21/3/1978 السنة 29 ص322)

أن مجرد الفقر في حد ذاته ليس من حالات الضرورة.

(الطعن رقم 3390 لسنة 55 ق – جلسة 30/10/1985)

عدم جواز إثارة حالة الضرورة لأول مرة أمام محكمة النقض مادامت الوقائع الثابتة في الحكم لا تحمله.

(الطعن رقم 1265 لسنة 30 ق – جلسة 7/11/1960 السنة 11 ص774)

إن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلي الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره وأن تكون الجريمة التي ارتكبها الطاعن هي الوسيلة الوحيدة لدفع الخطر الحال به ، وإذ كان قصارى ما أورده الدفاع عن الطاعن أن المجني عليها هددته بفضح علاقتهما الآثمة إذا ما أقدم علي قطعها وكان هذا القول بفرض صحته لا يوفر حالة الضرورة ولم يقترن بخطر جسيم علي النفس فلا يعيب الحكم أن يلتفت عنه لأنه دفاع ظاهر البطلان بعيد عن محجة الصواب.

(الطعن رقم 23095 – جلسة 10/5/2000 السنة 69)

يشترط في الحادث القهري ألا تكون للجاني يد في حصول الضرر أو في قدرته منعه ، فإذا اطمأنت المحكمة إلي توافر الخطأ في حق الطاعن وأوردت صورة الخطأ الذي وقع منه ورتبت عليه مسئوليته فإن ذلك مما ينتفي به القول بحصول الواقعة عن حادث قهري.

(الطعن رقم 1007 لسنة 46 ق – جلسة 1/11/1977 السنة 28 ص337)

من المسلم به أنه ليس للإنسان أن يرتكب أمرا مجرما ثم يقارف جريمة في سبيل النجاة مما أحدثه بيده ، ولما كان الثابت من الحكم أن الطاعن أما قدم الرشوة ليتخلص من جريمة الإخفاء التي ارتكبها فإن الدفاع الذي يستند إليه الطاعن من أنه كان في حالة ضرورة ألجأته إلي دفع الرشوة تخلصا من خطر القبض عليه هو دفاع قانوني ظاهر البطلان لا يستأهل ردا ً.

(الطعن رقم 2612 لسنة 30 ق – جلسة 13/3/1961 س12 ص330)

عدم التزام المحكمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب ما لم يدفع به أمامها.

(الطعن رقم 2388 لسنة 49 ق – جلسة 26/5/1980 السنة 31 ص670)

عدم جواز التمسك بالإكراه المعنوي أو حالة الضرورة لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام أن الواقعة كما أثبتها الحكم لا أثر للإكراه فيها ولا يتوافر الإكراه أو الضرورة في عرض رشوة علي الموظف بالإجراء المقرر قانونا.

(الطعن رقم 1265 لسنة 30 ق جلسة 7/11/1960 السنة 11 ص774)

الأصل أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلي الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله ، فليس للمرء أن يرتكب أمرا ً محرما ثم يقارف جريمة في سبيل النجاة مما ارتكبه .

(الطعن 1913 لسنة 38 ق – جلسة 6/1/1969 س20 ص24)
(الطعن رقم 1367 لسنة 37 ق – جلسة 28/11/1967 س18 ص1196)

ليست التحقيقات أو جمع الاستدلالات بحالة الضرورة المعرفة في القانون والتي ترفع المسئولية الجنائية عن المتهم بعرض الرشوة إذ يشترط في حالة الضرورة ألا يكون لإرادة الجاني دخل في حلولها وإلا كان للمرء أن يرتكب أمرا مجرما ثم يقارف جريمة في سبيل النجاة مما ارتكبه.

(الطعن 462 لسنة 41 ق – جلسة 13/6/1971 س22 ص472)

إذا كان الحكم المطعون فيه قد تساند في قضائه بامتناع مسئولية المطعون ضده إلي أنه لجأ إلي إقامة البناء بدون ترخيص لضرورة وقاية نفسه وماله بسبب خارج عن إرادته لا يد له فيه ولا في قدرته منعه ، وهو تهدم البناء بسبب هطول الأمطار ، فإن هذا الرأي اتخذه الحكم أساسا لقضائه ينفي المسئولية الجنائية لا يصلح في ذاته سببا للقول بقيام حالة الضرورة الملجئة إلي ارتكاب جريمة إقامة البناء بدون ترخيص وبأن إعادة البناء كانت الوسيلة الوحيدة لدفع خطر حال علي النفس أو وشيك الوقوع ، وإذ كان الحكم قد اتخذ من واقعة تهدم البناء علي هذا النحو ذريعة للقول بقيام حالة الضرورة التي تسقط المسئولية الجنائية فقد كان يتعين عليه أن يستظهر الصلة بين واقعة تهدم البناء بسبب هطول الأمطار والضرورة التي ألجأت المطعون ضده إلي إقامته علي خلاف أحكام القانون ، وأن يستجلي هذا الأمر ويستظهره بأدلة سائغة للوقوف علي ما إذا كانت الجريمة التي ارتكبها المطعون ضده هي الوسيلة الوحيدة لدفع خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله ، أو أنه كان في وسعه أن يتجنب ارتكابها بالالتجاء إلي وسائل أخري يتمكن بها من وقاية نفسه أو غيره من ذلك الخطر الجسيم الحال بفرض قيامه ، مما قصر الحكم في بيانه.

(الطعن 1133 لسنة 45 ق – جلسة 2/11/1975 س26 ص675)

أن تقدير ما إذا كان المتهم مكرها أم مختارا فيما أقدم عليه من مقارفته للجرم المسند إليه أمر موكول إلي قاضي الموضوع يستخلصه من عناصر الدعوى في حدود سلطته التقديرية بلا معقب عليه مادام استخلاصه سائغا لا شطط فيه.

(الطعن 2015 لسنة 48 ق – جلسة 5/4/1979 س30 ص443)

متي كان لا يبين من الاطلاع علي محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أثار دفاعا مؤداه أنه كان في حالة ضرورة ألجأته إلي ارتكاب الجريمة المسندة إليه ، فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض.

(الطعن 768 لسنة 49 ق – جلسة 3/12/1979 س30 ص869)
(نقض جلسة 6/1/1969 س20 ص24)

الأصل أن أي مساس بجسم المجني عليه يحرمه قانون العقوبات وقانون مزاولة مهنة الطب ، وإنما يبيح القانون فعل الطبيب بسبب حصوله علي إجازة علمية طبقا للقواعد واللوائح ، وهذه الإجازة هي أساس الترخيص الذي تتطلب القوانين الخاصة بالمهنة الحصول عليه قبل مزاولتها فعلا وينبني علي القول بأن أساس عدم مسئولية الطبيب استعمال الحق المقرر بمقتضى القانون ، أن من لا يملك حق مزاولة مهنة الطب يسأل عما يحدثه بالغير من جروح وما إليها باعتباره معتديا – أي علي أساس العمد – ولا يعفي من العقاب إلا عند قيام حالة الضرورة بشروطها القانونية.

(الطعن 2260 لسنة 50 ق – جلسة 2/3/1981 س32 ص196)

من المقرر أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلي الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله ، ويشترط في حالة الضرورة التي تسقط المسئولية الجنائية أن تكون الجريمة التي ارتكبها المتهم هي الوسيلة الوحيدة لدفع الخطر الحال به.

(الطعن 6533 لسنة 52 ق – جلسة 24/3/1983 س34 ص432)

لما كان الأصل في القانون أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلي الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله. وكان قصارى ما أورده الدفاع عن الطاعن تبريرا لقيام حالة الضرورة أنه كان في حالة فقر أثناء وجوده في الأردن . وكان الفقر بمجرده لا تتحقق به حالة الضرورة ما لم يقترن بالخطر الجسيم وبشرط ألا يكون لإرادته دخل في حلوله وهو ما لم يدعه الطاعن ولا يعيب الحكم أن يلتفت عنه لأنه دفاع ظاهر البطلان بعيد عن محجة الصواب.

(الطعن 3390 لسنة 55 ق – جلسة 30/10/1985 س36 ص957)

من المقرر أن حالة الضرورة التي عدها الشارع سببا من أسباب المسئولية الجنائية والتي يتذرع الطاعن بتوافرها في حقه عند ذبحه الحيوان بالمخالفة لأحكام القانون – ينبغي لتوافرها أن يكون ثمة خطر محدق بالنفس ، وكان الخطر الذي يهدد المال مهما بلغ قدره من الجسامة لا يوفر حالة الضرورة المنصوص عليها في المادة 61 من قانون العقوبات ، فإن الحكم إذ انتهي إلي إطراح دفاع الطاعن في شأن اضطراره إلي ذبح الحيوان يكون مقترنا بالصواب.

(الطعن 3162 لسنة 57 ق – جلسة 16/12/1987 س38 ص1093)

تقدير توافر حالة الضرورة . موضوعي .
مثال لتسبيب سائغ في إطراح دفع بقيام حالة الضرورة .
لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن قد أثار أن إكراها قد وقع عليه من مالك الباخرة ، وهو في حقيقته دفع بامتناع المسئولية الجنائية لقيام حالة الضرورة المنصوص عليها في المادة 61 من قانون العقوبات ، وكان تقدير حالة الضرور من إطلاقات محكمة الموضوع ، وكان الحكم قد نفي قيام هذه الحالة في قوله : ” وأما ما ذكره المتهم الأول من إكراه فإنه لو صح قوله فإن أثر الإكراه يكون قد زال بوصوله إلي المياه المصرية واتصاله بسلطات هيئة القنال وعدم إبلاغه السلطات بما يحمله من مادة محرمة……… ” وهو رد سديد وكاف في إطراح الدفع ، فإن منعي الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل.

(الطعن رقم3172 لسنة 57 ق – جلسة 24/2/1988 ” هيئة عامة ” س39 ص5)

الأصل في القانون أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلي الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله . وكان قصارى ما أورده الدفاع عن الطاعن الخامس أنه كان في عرض البحر بصحبة مسلحين وكان هذا القول – بفرض صحته – لا يوفر حالة الضرورة ما لم يقترن بالخطر الجسيم وبشرط ألا يكون لإرادة الطاعن دخل في حلوله وهو ما لم يزعمه الطاعن فلا يعيب الحكم أن يلتفت عنه لأنه دفاع ظاهر البطلان بعيد عن محجة الصواب.

(الطعن رقم 54 لسنة 60 ق – جلسة 15/1/1991 س42 ص67)

حالة الضرورة التي تسقط المسئولية . ماهيتها ؟ .
الدفع بأن المتهم كان في حالة ضرورة ألجأته إلي ارتكاب الجريمة عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض.
العلاقة الزوجية أو النسب. عدم صلاحيتها لقيام الضرورة الملجئة لمقارفة الجرائم.
لما كان لا يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة قد أثارت أنها كانت في حالة ضرورة ألجأتها إلي استدراج المجني عليها إلي داخل منزلها انصياعا لرغبة الطاعن الأول والد زوجها والذي يقيم معها في معيشة واحدة ومن ثم فإنه لا يقبل منها إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض هذا فضلا عن أن الأصل في القانون أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلي الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله وأن العلاقة الزوجية أو علاقة النسب في ذاتها لا تصلح سند للقول بقيام الضرورة الملجئة إلي ارتكاب الجرائم أو خرق محارم القانون ويكون منعي الطاعن في هذا الشأن غير سديد.

(الطعن 9679 لسنة 61 ق – جلسة 13/4/1993 س44 ص379)

عرض الطاعن مبلغا علي الضابط لمنعه من تحرير محضر ضبط سيارة لاذ قائدها بالفرار لعدم حمله رخصة قيادة في وقت متأخر من الليل لا يعد ضرورة تمنع مساءلته عن جريمة عرض الرشوة.

(الطعن رقم 4345 لسنة 57 ق – جلسة 3/2/1988)

من المقرر أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلي الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله ويشترط في حالة الضرورة التي تسقط المسئولية الجنائية أن تكون الجريمة التي ارتكبها المتهم هي الوسيلة الوحيدة لدفع الخطر الحال به.

(الطعن رقم 1133 لسنة 45 ق – جلسة 3/11/1975 السنة 26 ص675)

يشترط في حالة الضرورة التي تسقط المسئولية الجنائية أن تكون الجريمتان اللتان ارتكبهما الطاعن هما الوسيلة الوحيدة لدفع الخطر الحال به.

(نقض جنائي جلسة 25/1/1995 السنة 46 ص272)

اعتبار الخطر الذي يهدد المال حالة ضرورة خطأ في القانون ولكن الاعتداء علي المال يجيز الدفاع الشرعي عنه مثال.

(الطعن رقم 1133 لسنة 45 ق – جلسة 3/11/1975 السنة 26 ص675)

أن اطمئنان المحكمة إلي توافر الخطأ في حق المتهم ينتفي معه صدق القول بحصول الواقعة نتيجة حادث قهري.

(الطعن رقم 4225 لسنة 52 ق جلسة 3/11/1982)

عدم جواز إثارة حالة الضرورة لأول مرة أمام النقض مادام أن مدونات الحكم تثبت عدم توافرها وتحقق قيام الطاعن بعرض رشوة علي موظف عام للإخلال بواجب التبليغ.

(الطعن رقم 1367 لسنة 37 ق – جلسة 28/11/1967 السنة 18 ص1196)

لا عقاب علي من يكون فاقد الشعور أو الاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل ، إما لجنون أو عاهة في العقل ؛
وإما لغيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أيا كان نوعها إذا أخذها قهرا عنه أو علي غير علم منه بها.

 

 

((( الشروح الفقهية والتعليقات العملية )))

مــادة 62

تعليق
الجنون : يقصد بالجنون في معناه الخاص اضطراب في القوى العقلية بعد تمام نموها ، يؤدي إلي اختلاف المصابين به في تصوراتهم وتقديراتهم عن العقلاء . وينشأ هذا الجنون عن أسباب متعددة ، كالإدمان علي المخدرات أو الشهوات ، أو نتيجة لصدمة عنيفة في الحياة ، أو لشدة الانشغال بأمر معين ، وما إلي ذلك . وهذا النوع من الجنون قد يكون مستمرا ، وقد يكون متقطعا يأتي في فترات مختلفة تعقبها فترات إفاقة . ولا يثير الجنون المستمر صعوبة ، فهو يمنع الأهلية وقيام المسئولية ، وكذلك الشأن بالنسبة للجنون المتقطع متى كان معاصرا للجريمة . ولكن الخلاف يقوم في هذه الحالة الأخيرة إذا ارتكبت الجريمة في فترة الإفاقة ، والراجح – متى ثبت ذلك – أن الفاعل يكون مسئولا ، وإن كانت حالته تدعو القضاء إلي الرأفة به.
علي أن الجنون بمعناه العام يشمل العته أيضا ، وهو عدم تمام نمو المدارك أي القـوى العقليـة. ويبحث العلمـاء في هذا الصدد نوعا من الجنون يطلق عليه ” الجنون الخلقي” وهو ما يجمع فيه الشخص بين النقص في ملكاته الذهنية والنقص بالشعور الخلقي أو الاجتماعي ، ولا نزاع في أن المسئولية الجنائية تنعدم في هذه الحالة متى كان إدراك الفاعل منعدما وقت ارتكاب الجريمة . ويجب الاحتراس لعدم الخلط بين هذه الطائفة وطائفة أخرى يتمتع أفرادها بقواهم العقلية كاملة ولكنهم يتميزون بميل شديد إلي الإجرام إلي حد اعتبارهم له هواية ، وذلك تحت تأثير انعدام الشعور بالخلق الطيب.
العاهة العقلية : يدخل تحت هذا الاصطلاح صور من الأمراض العصبية والنفسية التي قد تجرد الإنسان من الإدراك ، وأهمها :
الصرع ، وقد يصطحب بأعراض خارجية تتمثل في نوبات يفقد فيها المريض رشده ، وقد لا يصطحب بأعراض خارجية ، ويسمى بصرع الفكر وهو يمحو الذاكرة أو يضعفها إلي أدني حد ، وقد يندفع المريض أثناء النوبة إلي ارتكاب جريمة ولكنه لا يسأل عنها . ويختلف الصرع عن الهستيريا ، وهي لا تعدم الشعور كلية في معظم الأحوال ، فتكون سببا للتخفيف فقط ، وذلك ما لم تنقلب إلي نوع من الجنون ، فعندئذ لا تقوم المسئولية . ويدخل تحت العاهات العقلية حالة اليقظة النومية ، فالمصاب بها يقوم من نومه ويأتي أفعالا مختلفة قد يكون من بينها جرائم ، وعندئذ لا يكون مسئولا . كما يدخل فيها كذلك حالة ازدواج الشخصية ، فلا مسئولية علي من يرتكب الجريمة وقت تقمص الشخصية العارضة. ومن المسائل التي يثار الجدل فيها حالة التنويم المغناطيسي ، والخلاف منحصر في مدي سيطرة المنوم علي النائم ، وهل في استطاعة الأول أن يؤثر علي الثاني فيدفعه إلي ارتكاب الجرائم علي غير إرادته. وعلي أية حال إذا أثبت العلم أن ذلك في الإمكان فإن مسئولية النائم لا تقوم ، لا علي أساس عاهة عقلية لديه ، وإنما بسبب الإكراه المادي الواقع من المنوم والذي يعدم إرادة النائم كلية.
أحوال أخري : ومن المسائل التي تثار بهذا الصدد حالات الصمم والبكم ، وارتكاب الجرائم تحت تأثير العواطف ، وسنجمل فيما يلي خلاصة القول في هاتين المسألتين.
الصمم والبكم : إن الإنسان لا يولد مميزا ، وإنما تنمو ملكاته الذهنية علي مر الزمن بتأثير البيئة التي يعيش فيها ، فإذا ولد الإنسان أصما أو أبكما أو أصابه المرض قبل أن تكتمل مداركه العقلية فإنه لا يكون طبيعيا ، لعدم توافر الوسائل اللازمة لذلك ومن أهمها السمع والكلام . ولكن العلم قد يسر السبل لتنمية مدارك الأصم الأبكم بواسطة العلامات ، وقد شوهد أن منهم من لا يقل في ملكاته الذهنية عن أي شخص عادي . ومن ثم يمكن القول إن نقص الملكات الذهنية لا يصاحب دائما هذه الحالة ، وإنما الأمر يختلف بحسب الأحوال . فقد يكون الأصم الأبكم طبيعيا ، وقد يكون غير ذلك ولا سيما إذا كان قد ولد مريضا ثم لم تتيسر له فرصة تنمية ملكاته ، كما قد تقف مداركه عند حد معين . ولذلك فإن أغلب التشريعات التي تتعرض لهذه الحالة تكتفي بتخويل القاضي تقدير المسئولية على أساس التمييز ، وهذا ما يتبعه القاضي في مصر رغم عدم وجود نص ، إذ تقضي به القواعد العامة في التفسير.
أما العواطف و الاحساسات ، فمنها ما يكون من الشدة بحيث يدفع بعض الناس إلى ارتكاب الجريمة ، كالغيرة و الانتقام والغضب والخوف والبغضاء وما إليها. كما أن من الناس من يقع تحت تأثير أفكار دينية أو اجتماعية يتعصب لها إلى حد أن يهون في نظره ارتكاب الجرائم في سبيل الانتصار لها . ومن المسلم به أن العواصف أيا كانت لا تفقد صاحبها القدرة على الإدراك ، كما أنها لا تعدم القدر اللازم من حرية الاختيار . وإن كان لا ينكر أن لبعضها تأثير على نطاق هذه الحرية ، وهو أمر يدخل في سلطة القاضي التقديرية عند الحكم بالعقوبة. وقد رأت بعض التشريعات أن تنص على هذه النتيجة منعا لكل محاولة لإدخال العواطف ضمن العاهات العقلية ؛ فالقانون الإيطالي مثلا ينص على أن حالات التأثر بالعاطفة لا تمنع ولا تنقض من الإسناد ، وعلى هذا نص أيضا في المادة 123من مشروع القانون الفرنسي. أما القانون المصري فخلو من النص على حكم هذه الحالة ، ولا شك أنه لم يقصد الخروج على القاعدة المتقدمة ، وآية ذلك أنه يتكلم على تأثير بعض العواطف على المسئولية الجنائية. فالمادة 237، وهى تتكلم على قتل الزوج لزوجته عند ضبطها متلبسة بالزنا ، لا تعفي الزوج من المسئولية كلية ، وإنما تنقص منها فقط ، وكذلك المادة 251 ، وهى تتكلم على تجاوز حدود الدفاع الشرعي ، لا تعفي الفاعل من الإسناد كلية ، وإنما تقرر له عقوبة مخففة. ومن هذا يتبين أن الشارع قد اختار من العواطف أشدها ، فاعتبرها أعذارا مخففة ، أما ماعداها فلا يكون له من تأثير إلا في الحدود الممكنة للقاضي.
يجب أن يكون الجنون تاما : أي أن يكون المرض من الجسامة بحيث يعدم الشعور أو الإدراك كلية. والملاحظ أن المشرع المصري يتكلم علي انعدام الأهلية فقط ، أي علي فقد الشعور أو الإدراك كلية ، ولا يتكلم علي حالة نقص الأهلية . فمن الناس من يصاب باضطراب عقلي ينقص من إدراكه ، بحيث لا يتأتى حسبانه بين العقلاء ولا بين المجانين ، فمثل هذا الشخص يعد مسئولا ، ولكن العدالة تقضي بتخفيف مسئوليته . ومن القوانين ما ينص علي هذا صراحة ، كالقانون الإيطالي ، وفي نفس المعني المشروع الفرنسي ، والمشرع الألماني. وليس في القانون المصري نص من هذا القبيل ، ولكن هذا لا يعني أن المشرع المصري يسوي في الحكم بين العقلاء وأنصاف المجانين ، فهو قد جعل من الجنون مانعا مطلقا من إسناد الفعل ، وترك حالة الإسناد النسبي لتقدير القضاء ، يطبق عليها المادة 17 عقوبات ، فيصل إلي عقوبة تتناسب وحال الفاعل من حيث الإدراك.
علي أنه يجب عدم الخلط بين هذه الحالة وحالة الجنون الجزئي الذي ينبني عليه إسناد جزئي ، وفيه يكون الشخص سليم القوى العقلية ، فيما عدا ناحية خاصة ، فيجد ميلا شديدا لإتيان أفعال إجرامية بعينها كالسرقة والحريق والأفعال المنافية للحياء أو الماسة بالعرض والراجح لدى الفقهاء أن الجنون يعد كاملا في الناحية الخاصة ، فلا يعد الفاعل مسئولا عن الجرائم التي يرتكبها تحت تأثير العلة العقلية الخاصة ، ويكون مسئولا عن أفعاله الأخرى لأنه يرتكبها وهو غير خاضع لتأثير أي اضطراب عقلي. بل إن من الفقهاء من يرى أن مسئولية الفاعل عن النوع الأخير لا تكون كاملة ، وإنما مخففة ، كما في حالـة أنصـاف المجانين ، إذ لا يعقــل أن يكـــون إدراك هــذا الشخــص كـإدراك العقلاء.
معاصرة الجنون لوقت ارتكاب الجريمة : يجب أن يكون الجنون وما إليه معاصرا لوقت ارتكاب الجريمة ، وسيان كان جنونا مستمرا أو جنونا متقطعا ، فالفعل قد ارتكب تحت تأثير عاهة عقلية علي كل حال. ولا يثير هذا الشرط صعوبة بالنسبة للجريمة الوقتية ، ولكنه يقتضي إيضاحا بشأن الجرائم الأخرى. ففي جرائم الاعتياد ، لا يحسب في تكوين العادة سوي الأفعال التي يأتيها الشخص وهو محتفظ بإدراكه وحريته في الاختيار ، وفي الجرائم المستمرة لا يعفي من المسئولية إلا إذا كان تحت تأثير العلة العقلية في مدة الاستمرار كلها ، أما إذا استرجع قواه العقلية في جزء من هذه المدة كان مسئولا ، وفي الجرائم المتتابعة أي التي تكون سلسلة في مشروع إجرامي واحد يكون الإعفاء قاصرا علي ما ارتكب منها تحت تأثير العلة العقلية.
أما الجنون الذي يحدث بعد ارتكاب الجريمة فلا تأثير له علي المسئولية ، وإنما يستتبع إجراءات معينة.
ثبوت الجنون : إن عدم المسئولية مترتب علي ثبوت الجنون ، والقول بثبوته هو فصل في أمر موضوعي لا إشراف لمحكمة النقض عليه ومحكمة الموضوع هي الخبير الأعلى في كل ما يستدعي خبرة فنية ، فلها أن تتحقق بنفسها من توافر الجنون أو عاهة العقل . ويكون حكمها مسببا تسبيبا كافيا إذا قالت إنها قد استبانت أن المتهم كان فاقد الإدراك أو الشعور وقت ارتكاب الفعل ، ولو لم تدخل المرض تحت وصف من الأوصاف المتعارف عليها في العلم الطبي. فهي ليست ملزمة قانونا بندب خبير ، إذا رأت أن ما لديها من الأدلة والقرائن يكفي للحكم علي حالة المتهم العقلية . ولكن العمل قد جرى في الحالات المشتبه فيها علي ندب الأخصائيين ، ورأي هؤلاء استشاري بحت لا تلتزم به المحكمة ، فمتى ذكرت في حكمها أنها استبانت حالت المتهم العقلية ، بما تجمع لديها من أدلة في الدعوى ، كان حكمها صحيحا ، ولو خالفت به رأي الخبراء. وإذا دفع المتهم بالجنون فلا يجوز لها أن تستند في إثبات عدم جنونه إلي أنه لم يقدم دليلا عليه ، بل إن من واجبها هي أن تتثبت من أنه لم يكن مجنونا وقت ارتكاب الحادث ولا تطالبه هو بإقامة الدليل علي دعواه . كما لا يصح الاعتماد علي أن من يدعى الجنون لم يبد أنه مجنون في الوقت المناسب أثناء المحاكمة ، لأن ذلك لا يصح الاستدلال به إلا في حق من لم يطعن في سلامة عقله.
الجنون الطارئ بعد الجريمة : لا يكون للجنون الطارئ بعد ارتكاب الجريمة من أثر في المسئولية الجنائية. ويقتصر أثره في هذه الحالة علي إجراءات الدعوى إذا طرأ في أثنائها أو علي تنفيذ العقوبة إذا حدث بعد الحكم النهائي ، ويكون بوقف الإجراءات أو وقف تنفيذ العقوبة.
وفيما يتعلق بوقف إجراءات الدعوى ، تنص المادة 339/1 من قانون الإجراءات الجنائية علي أنه ” إذا ثبت أن المتهم غير قادر علي الدفاع عن نفسه بسبب عاهة في عقله طرأت بعد وقوع الجريمة يوقف رفع الدعوى عليه أو محاكمته حتى يعود إليه رشده “. ويترتب علي وقف الإجراءات أن تقف جميع المواعيد ، كمواعيد الطعن في الأحكام ، فلو حدثت العاهة بعد الحكم الابتدائي يقف سريان ميعاد الاستئناف حتى يعود إلي المتهم رشده فيكون له أن يستأنف في خلال المدة الباقية من الميعاد. علي أن الوقف لا يشمل جميع الإجراءات ، فتنص المادة 340 من قانون الإجراءات الجنائية علي أن إيقاف الدعوى لا يحول دون اتخاذ إجراءات التحقيق التي يرى أنها مستعجلة أو لازمة. والمقصود بذلك الإجراءات غير المتصلة بشخص المتهم والتي قد لا تتحقق الفائدة منها إذا أجلت حتى يعود للمتهم رشده ، كالمعاينة وانتداب الخبراء والتفتيش وســؤال الشهـود وفيمـا يتعلـق بوقف تنفيذ العقوبـة ، تنص المادة 487 أ. ج علي أنه ” إذا أصيب المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية بجنون وجب تأجيل تنفيذ العقوبة حتى يبرأ ، ويجوز للنيابة العامة أن تأمر بوضعه في أحد المحال المعدة للأمراض العقلية ، وفي هذه الحالة تستنزل المدة التي يقضيها في هذا المحل من مدة العقوبة المحكوم بها ” . ذلك لأن العقوبة المقيدة للحرية لا يتحقق الغرض منها من حيث الزجر في هذه الحالة ، فإذا استرد المحكوم عليه رشده نفذت العقوبة.
وقد كانت المادة 476/1 من قانون الإجراءات الجنائية تنص علي أنه ” إذا أصيب المحكوم عليه بالإعدام بجنون يوقف تنفيذ الحكم عليه ويوضع في أحد المحال المعدة للأمراض العقلية بالمكان المخصص للمسجونين بناء علي أمر من النيابة حتى يبرأ “. وقد ألغى هذا النص بمقتضى المرسوم بقانون رقم 116 لسنة 1952 ، ذلك أن عقوبة الإعدام عقوبة استئصال لا وجه لإيقاف تنفيذها علي المجنون ، لأن الجنون لا يتعارض مع تحقيق الغرض منه.
أما العقوبات المالية فلا توقف ، لأن تنفيذها لا يقتضي إجراء ضد شخص المحكوم عليه ، ومنها ما لا يستلزم تنفيذه إجراء كالمصادرة لأن الشيء لا يصادر إلا إذا كان مضبوطا ، وحكم الغرامة إذا أصبح نهائيا صار دينا متعلقا بذمة المحكوم عليه يستوفي منه بوسائل استيفاء الديون العادية. علي أنه لا يجوز تنفيذ الغرامة علي المجنون بطريق الإكراه البدني (انظر المادتين 513 و487 من قانون الإجراءات الجنائية) ، ذلك أن الإكراه البدني إذا نظر إليه علي أنه عقوبة فحكمه يكون كالعقوبات المقيدة للحرية ، وهو يكون فعلا بالحبس البسيط ، وإذا نظر إليه علي أنه وسيلة لإكراه المحكوم عليه علي دفع الغرامة فهو وسيلة غير مجدية في حق المجنون.
التدابير الواقية والمصابين بقواهم العقلية : إذا لم يرتكب المجنون جريمة يكون حجزه بالطريق الإداري . وقد نظم ذلك القانون رقم 141 لسنة 1944 ، كما نظم الإشراف والرقابة علي المحال المعدة لإيداع المجانين.
فنصت المادة الأولي منه علي إنشاء مجلس مراقبة للأمراض العقلية يختص بالنظر في حجز المصابين بأمراض عقلية والإفراج عنهم وفي الترخيص بالمستشفيات المعدة لهم والتفتيش عليها . ونصت المادة الرابعة من هذا القانون علي أنه ” لا يجوز حجز مصاب بمرض في قواه العقلية إلا إذا كان من شأن هذا المرض أن يخل بالأمن أو النظام العام أو يخشى منه علي سلامة المريض أو سلامة الغير ..”.
أما إذا ارتكب المجنون جريمة فإن المادة 342 أ. ج تنص علي أنه ” إذا صدر أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى ، أو حكم ببراءة المتهم , وكان ذلك بسبب عاهة في عقله , تأمر الجهة التي أصدرت الأمر أو الحكم ، إذا كانت الواقعة جناية أو جنحة عقوبتها الحبس ، بحجز المتهم في أحد المحال المعدة للأمراض العقلية إلي أن تأمر الجهة التي أصدرت الأمر أو الحكم بالإفراج عنه وذلك بعد الاطلاع علي تقرير مدير المحل وسماع أقوال النيابة العامة وإجراء ما تراه لازما للتثبت من أن المتهم قد عاد إلي رشده “. وإخلاء سبيل المجنون موقوت بشفائه ، ويصدر الأمر بذلك من السلطة الإدارية ، لأن السلطة القضائية تستنفد سلطتها بالقرار بالأوجه أو بالحكم بالبراءة.
الغيبـوبة
المخدرات والمسكرات من الآفات التي تصيب المجتمع بشر المحن ، من ذلك أنها كثيرا ما تدفع الناس إلي ارتكاب الجرائم ، ولهذا تعني الدول بمكافحتها بطرق شتى . والقانون المصري يعاقب علي الاتجار بالمخدرات وإحرازها بقصد التعاطي (القانون رقم 351 لسنة 1952) ويعتبر من وجد بحالة سكر بين في الطرق العمومية أو في المحلات العمومية مرتكبا لمخالفة. والبحث في هذا المجال مقصور علي تأثير الغيبوبة الناشئة عن تناول مادة مخدرة أو مسكرة علي المسئولية الجناية.
وقد بين الشارع حكم ذلك في المادة 62عقوبات بقولـه ” لا عقاب علي من يكون فاقد الشعور أو الاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل … لغيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أيا كان نوعها إذا أخذها قهرا عنه أو علي غير علم منه بها”.
وقد أتي الشارع في هذا النص بحل لإحدى مسألتين يثيرهما البحث ، فهو قد تكلم علي الشروط اللازم توافرها لانعدام المسئولية بسبب تعاطي عقاقير مخدرة وسكت عن الصورة التي يتناول فيها الفاعل العقاقير المخدرة باختياره وعن علم بحقيقتها.
امتناع المسئولية : اعتبر القانون السكر مانعا من المسئولية إذا توافر شرطان :
الأول – أن يكون الفاعل فاقد الشعور وقت ارتكاب الفعل المكون للجريمة ، أما إذا لم يكن فقد الشعور تاما فإن الجاني لا يعفي من إسناد الفعل إليه ، وإنما تكون حالته ظرفا لتخفيف العقوبة عليه حسبما يراه القاضي وفي حدود سلطته التقديرية ، ولا إعفاء بطبيعة الحال إذا كان فقد الشعور لاحقا لارتكاب الجريمة.
والثاني – أن يكون ذلك لغيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة ، أيا كان نوعها ، إذا أخذها الفاعل قهرا عنه أو علي غير علم منه بها . وعبارة النص تتسع لكل العقاقير التي قد ينشأ عنها فقد الشعور ومنها المواد الكحولية والكوكايين والهروين ، والمورفين في أحوال نادرة . وينص القانون رقم 351 لسنة 1952 علي ما يعتبره الشارع من المواد المخدرة ، ولكن القاضي غير مقيد بما ورد فيه ، فله أن يعتبر من المواد المخدرة ما لم يرد ذكره في هذا القانون أو الكشوف الملحقة به ، كما له أن يعتبر الفاعل مسئولا ولو تناول مادة من المواد المبينة في القانون متى ظهر له أن تناول هذه المادة لم يفقد الفاعل شعوره فقدا تاما . ومتى توافر الشرطان فلا مسئولية علي الفاعل أيا كانت الجريمة ، جناية أو جنحة أو مخالفة ، عمدية أو غير عمدية.
السكر عن علم وإرادة : يعفي القانون من المسئولية من تناول العقاقير المخدرة قهرا أو عن غير علم ، والنتيجة المنطقية لهذا أن يكون مسئولا من يتناولها عن علم وإرادة ولو كان وقت ارتكاب الجريمة فاقد الشعور.
هذا هو قصد الشارع بلا نزاع . علي أن الذي يستلفت النظر أن تقرير المسئولية في هذه الحالة يخالف المبادئ التي تقوم عليها المسئولية الجنائية علي العموم ، فهذه المبادئ كانت تقتضي التسوية في الحكم ، متى كان الفاعل فاقدا لشعوره ، بين من يتناول المسكر بإرادته وبين من يتناوله قهرا عنه . ولكن المفسر لا يبغي حقيقة طبيعية وإنما حقيقة قانونية ، فمتى أراد الشارع الخروج علي المبادئ العامة في مسألة من المسائل فلا مفر من النزول علي حكمه. وللخروج في هذه الحالة ما يبرره في خطأ الجاني بتعاطيه بإرادته عقاقير مخدرة يحتمل أن يكون لها من التأثير ما يدفعه إلي ارتكاب الجريمة.

ولكن مع التسليم بمسئولية الفاعل في هذه الحالة فعلي أي وجه تكون مسئوليته ؟
من الشراح من يرى أن الشارع قد قطع بحكم السكر غير الاختياري ، أما السكر الاختياري فيرجع في شأنه إلي المبادئ العامة للمسئولية الجنائية ، والتي تأبي أن يسأل شخص عن جريمة عمدية وهو لا قصد عنده ، وبذلك لا يسأل الجاني إلا علي أساس الإهمال وعدم الاحتياط ، ومظهره أن الجاني قد تعاطي المخدر لدرجة أفقدته الوعي فلم يقو علي ضبط نفسه . ويستند أصحاب هذا الرأي علي أن الشارع المصري قد استقي حكم السكر غير الاختياري من قوانين نظمت أيضا مسئولية الجاني في حالة السكر الاختياري ، فإغفال هذا التنظيم الأخير قصد به عدم الأخذ بقواعد تتعارض مع أحكام المسئولية الجنائية. ويؤخذ علي هذا الرأي : أولا – أن منطقه يؤدي إلي الإعفاء من المسئولية في حالة السكر الاختياري ، لأن المسئولية تبني علي الإدراك في الجرائم العمدية وغير العمدية علي السواء ، والفرض أنه منعدم ، وبذلك تكون المادة 62 فضلة لا فائدة منها ، ثانيا – إن القول بمسئولية السكران علي أساس الإهمال دون العمد يؤدي إلي الإعفاء فيما إذا كانت الجريمة لا ترتكب إلا عمدا كما في اغتصاب الإناث وهتك العرض والقذف والسب ، بينما يكون العقاب علي أساس الإهمال واجبا في القتل والجرح ، وهذه نتيجة غير مقبولة ولا يعقل أن يكون المشرع قد رمي إليها.
وهناك رأي آخر مقتضاه أن السكران في هذه الحالة يعاقب كما لو كان في حالة الإفاقة عن الجريمة التي حددها القانون ، فيسأل عن الجرائم العمدية رغم انعدام القصد الجنائي المباشر لديه ، لأن القانون يحمله في هذه الحالة نتائج تدخل في قصده الاحتمالي ، وهو توسع في نظرية القصد الاحتمالي مقصود من الشارع في هذه الحالة للاعتبارات التي تقوم عليها. ويؤخذ علي هذا الرأي بدوره أن الشارع المصري لا يأخذ بنظرية القصد الاحتمالي ، وكل ما هناك أنه قد حمل الفاعل النتائج المحتملة لفعله في حالات وردت علي سبيل الحصر ، وفضلا عن هذا فالقصد الاحتمالي لا يقوم إلا استنادا علي قصد جنائي مباشر ، فإذا أنكرنا هذا القصد الأخير لا يكون هناك محل للقول بوجود القصد الأخر.
أما قضاء النقض فقد كان مستقرا علي أن الجاني ، متى تعاطى المخدر عن علم وإرادة ، يكون مسئولا عن كل جريمة يرتكبها ولو كانت من الجرائم العمدية ، بل ولو كانت من الجرائم العمدية التي لا يكتفي القانون فيها بالقصد الجنائي العام وإنما يستلزم فيها قصدا خاصا ، كالقتل العمد . وقد عدلت محكمة النقض عن قضائها في هذا النوع الأخير من الجرائم العمدية ، ففي حكم لها بتاريخ 13 مايو سنة 1946 ذكرت المحكمة أن ” السكران متى كان فاقد الشعور أو الاختيار في عمله لا يصح أن يقال عنه أنه كانت لديه نية القتل ، وذلك سواء أكان قد أخذ المسكر بعلمه ورضاه أم أخذه قهرا عنه أو علي غير علم منه ، مادام السكر قد أفقده شعوره أو اختياره ، فمثل هذا الشخص لا تصح معاقبته عن القتل العمد إلا أن يكون قد انتوى القتل من قبل ثم أخذ المسكر ليكون مشجعا له علي ارتكاب جريمته . ولا يرد علي ذلك بأنه يؤخذ من نص المادة 62من قانون العقوبات أن السكران لا يعفي من العقاب إلا إذا كان قد أخذ المسكر بغير إرادته ، ما دام القانون يوجب في جريمة القتل العمد أن يكون الجاني قد انتوى إزهاق روح المجني عليه ، ومادامت هذه النية باعتبارها ركنا من أركان الجريمة لا يصح القول بقيامها إلا إذا تحققت بالفعل . ويلزم عن ذلك أن المادة 62 المذكورة لا تنطبق في حالة الجرائم التي يجب توافر قصد جنائي خاص لدى المتهم ، إذ لا يتصور في هذه الحالة اكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد باعتبارات وافتراضات قانونية ، فإن القصد الجنائي باعتباره واقعة يجب أن يكون ثبوتها بناء علي حقيقة الواقع. هذا هو التفسير الذي يجب أن يعطي للمادة المذكورة ، وهو المعول عليه في القانون الهندي الذي أخذت عنه المادة 62 ” عقوبات. وقضاء المحكمة صريح في أن السكران لا يعفي من المسئولية عن الجرائم العمدية التي لا يستلزم القانون فيها قصدا خاصا ويكتفي بالقصد العام ، ومؤدي هذا أن جريمة القتل متى استبعدت منها النية الخاصة أصبحت ضربا أفضى إلي موت فيسأل عنها السكران .
ويقول الدكتور/ محمود مصطفي :
وقضاء النقض الأخير بدوره منتقد من ناحيتين : الأولى – أن منطقه يؤدي إلي عدم مساءلة السكران عن الجريمة بوصفها عمدية ، وسواء كان القانون يشترط فيها قصدا خاصا أو يكتفي بالقصد العام ، فما قالته المحكمة عن القصد الخاص يصدق علي القصد العام ، والثانية – إذا صح أن المحكمة قد توصلت في القضايا التي عرضت عليها إلي حلول معقولة ، فإن القاعدة التي وضعتها ستؤدي إلى نتائج غير مقبولة ؛ إذ ينبني عليها عدم مساءلة السكران عن السرقة والبلاغ الكاذب والتزوير والشروع في القتل الذي لا ينجم عنه أذى ، لانتقاء القصد الخاص. فعلى أي أساس تنحصر مساءلة الفاعل في جرائم دون أخرى. لا شك أن هذا تفسير تحكمي خالفت به المحكمة إرادة الشارع والواقع من الأمر أن إرادة الشارع واضحة في أنه قصد معاقبة السكران كما لو كان في حالة الإفاقة ، متى تعاطى المخدر عن علم وإرادة ، مفترضا – افتراضا لا يقبل إثبات العكس – أن الجاني كان وقت الجريمة مالكا لشعوره ، وعلي ذلك يكون مسئولا عن الجرائم كما حددت في القانون ، عمدية أو غير عمدية . ومن جهة أخرى لا يصح الخلط بين الأسباب المانعة من الإسناد ، وهي فقد التمييز وفقد الاختيار ، وبين الركن الأدبي في الجريمة ، فلا تناقض بين الأمرين ، فالمجنون أو الصغير عن المميز يرتكب أفعالا عن عمد فيتوافر لديه القصد الجنائي ولكن مسئوليته تنعدم بسبب عدم أهليته . فالقصد يقوم في الرابطة بين نشاط الفاعل وملكاته الذهنية ، ويستوي أن تكون هذه الملكات طبيعية أو غير طبيعية ، فالسكران كما قد يخطئ قد يتعمد ، وكما يقصد النتيجة القريبة قد يقصد النتيجة البعيدة . فلا محل إذن – مع الصراحة في إرادة الشارع – أن تقصر مسئوليته علي جرائم غير عمدية أو علي جرائم عمدية لا يشترط القانون فيها قصدا خاصا . فهو يسأل كما لو كان غير فاقد الشعور ، فإذا تعمد النتيجة كان مسئولا عـن جريمة عمدية ، وإذا حدثت بإهمال منه كان مسئولا عن جريمة غير عمدية.
أما الاعتبار الخاص بإغفال تنظيم أحكام السكر الاختياري ، فيرد عليه بأن الشارع المصري لم يجد حاجة إلي اقتباسه. فمن التشريعات ما ينص علي عقوبة مخففة في بعض الأحوال ، أو علي تشديد العقوبة في حالة السكر مع سبق الإصرار علي ارتكاب الجريمة أو في حالة الاعتياد (القانون الإيطالي) ولم يجد الشارع المصري حاجة إلي النص علي ذلك ، اكتفاء بالسلطة التقديرية المخولة للقاضي ، وهو نظر أفضل من تدخل الشارع الإيطالي بطريقة تحكمية . وهذه السلطة التقديرية تكفل حلولا عادلة في جميع المسائل دون المساس بالأسس القانونية ، ففي استطاعة القاضي أن يوقع في جريمة قتل عمد ارتكبت في حالة سكر اختياري عقوبة ضرب أفضي إلي موت ، بل له ، إذا كان في الظروف ما يبرره ، أن ينزل بالعقوبة إلي ما دون ذلك عملا بالمادة 17 من قانون العقوبات.
إثبات حالة السكر : إثبات حالة السكر ، سواء من حيث ظروف تناول المادة المخدرة أو المسكرة أو من حيث أثرها في الإدراك ، من المسائل التي تختص بها محكمة الموضوع بغير رقابة من محكمة النقض . وعلي المحكمة إذا ما استظهرت حالة السكر أن تبين مبلغ تأثيره في المتهم وما إذا كان هذا قد أخذ المسكر بإرادته أو بغير إرادته . وإذا كان المتهم لم يدفع أمام محكمة الموضوع بأنه كان فاقد الشعور وقت مقارفة الجريمة ، حتى كان يتعين عليها أن تحقق هذا الدفاع وتفصل فيه موضوعا ، وكان الحكم لا يبين منه أن المتهم كان فاقد الشعور بفعل المسكر ، فلا يكون له أن يثير ذلك لدى محكمة النقض.
تناول العقاقير المخدرة أو المسكرة بقصد ارتكاب الجرائم
حكم هذه الحالة في قانون العقوبات (1) :
تنص المادة (35/2) من مشروع قانون العقوبات المصري الذي يقرر بأنه ” إذا أوجد المجرم نفسه في حالة السكر أو التخدير عمدا بغية ارتكاب الجريمة التي وقعت منه كان ذلك سببا مشددا للعقوبة “.
تفترض هذه الحالة أن الجاني قد تناول العقاقير أو المواد المخدرة أو المكسرة ” بغية ارتكاب الجريمة ” ، أي أنه قد تناول هذه العقاقير حتى يستمد منها الجرأة والإقدام علي تنفيذها . وفي هذه الحالة يسأل الجاني عن هذه الجريمة مسئولية كاملة . ذلك لأنه بتعمده تناول هذه العقاقير أو المواد المخدرة أو المسكرة يعتبر قد بدأ في تنفيذ الجريمة وهو في حالة إدراك واختيار . ويعني ذلك أن جميع عناصر القصد الجنائي قد توافرت لديه إزاء هذه الجريمة ، وقد اعتبرت بعض التشريعات الجنائية هذا النوع من السكر ظرفا مشددا للجريمة نظرا لما ينتج عنه من خطورة إجرامية ، كقانون العقوبات الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة الذي نص في الفقرة الثانية من المادة (61) منه علي أنه :” فإذا كان الجاني قد تناول العقاقير أو المواد المخدرة أو المسكرة عمدا بغية ارتكاب الجريمة التي وقعت منه عد ذلك ظرفا مشددا للعقوبة “.
حكم السكر المزمن (2) :
إن إدمان السكر والمخدرات تنشأ عنه اضطرابات عقلية ونفسية مزمنة بحيث تؤثر علي قدرة الشخص في تفهم قيمة سلوكه كما تؤثر علي قدرته علي الاختيار . وهذا الإدمان يخضع في حكمه للسكر الاختياري بحيث لا ينفي الأهلية ولا يؤثر علي المسئولية الجنائية لمرتكب الجريمة كل ذلك ما لم يتحول الإدمان إلي مرض عقلي أو عاهة عقلية ففي هذه الحالة تتحدد المسئولية الجنائية وفقا للقواعد التي تحكم انعدام الأهلية الجنائية أو عاهة في العقل.
_________________________
(1) د شوقي عمر أبو خطوه – شرح الأحكام العامة لقانون العقوبات الجزء الأول ص550.
(2) دكتور/ مأمون محمد سلامه – المرجع السابق ص229 .

 

أحكــام النقض

من المقرر أن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية قانونا هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك أما سائر الأمراض والأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سببا لانعدام المسئولية ولما كانت المحكمة غير ملزمة بندب خبير فني في الدعوى تحديدا لمدى تأثير مرض المتهم علي مسئوليته الجنائية إلا فيما يتعلق بالمسائل الفنية البحتة التي يتعذر عليها تقديرها إذ أن تقدير حالة المتهم العقلية ومدى تأثيرها علي مسئوليته الجنائية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى – في قضاء سليم لا مخالفة فيه للقانون إلي أن نوع المرض الذي يدعيه الطاعن – علي فرض ثبوته لا يؤثر في سلامة علقه وصحة إدراكه وتتوافر معه مسئوليته الجنائية عن الفعل الذي وقع منه فإن النعي علي الحكم بمخالفة القانون والإخلال بحق الطاعن في الدفاع يكون غير سديد.

(نقض 26/3/1963 طعن 3 سنة 33ق ، السنة 14 ص254)

من المقرر أن الحالات النفسية ليست في الأصل من حالات موانع العقاب كالجنون والعاهة في العقل اللذين يجعلان الجاني فاقد الشعور والاختيار في عمله وقت ارتكاب الجريمة وفقا لنص المادة 62 من قانون العقوبات وقد جرى قضاء محكمة النقض علي أن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة في العقل وتنعدم به المسئولية الجنائية قانونا هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك أما سائر الأمراض والأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سببا لانعدام المسئولية.

(نقـض 29/6/1964 طعــن 486 ســـنة 34 ق – س 15 ص 516 – ونقض 12/3/1972 طعن 117 سنة 42 ق ، س23 ص357)

الأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها مادامت تقيم تقديرها علي أسباب سائغة.

(نقــض 29/6/1964 طعــن 486 ســـنة 34 ق – س 15 ص 516 – ونقض 7/12/1978 س29 ص888)

لا تلتزم المحكمة بندب خبير فني آخر في الدعوى تحديدا لمدى تأثير مرض المتهم علي مسئوليته الجنائية طالما أن الدعوى قد وضحت لها.

(نقض 29/6/1964طعن 486 سنة 34 ق ، س15 ص516)

لم ينص القانون علي أن مجرد الصمم والبكم من حالات موانع العقاب أو تخفيف المسئولية.

(الطعن 7 لسنة 39 ق – جلسة 19/4/1966 السنة 17 ص455)

الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية علي مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهرا عنه أو علي غير علم منه بحقيقة أمرها , بحيث تفقده الشعور والاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل.
وتقدير حالة المتهم وقت ارتكاب الجريمة فيما يتعلق بفقدان الشعور أو التمتع به ، والفصل في امتناع مسئوليته تأسيسا علي وجوده في حالة سكر وقت الحادث أمر يتعلق بوقائع الدعوى يقدره قاضي الموضوع دون معقب عليه.

(الطعن رقم 306 لسنة 38 ق – جلسة 15/4/1968 السنة 19ص424)

توجب المادة 342 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1962 علي المحكمة – في حالة الحكم ببراءة متهم بجناية أو جنحة عقوبتها الحبس بسبب عاهة في عقله – أن تأمر بحجزه في أحد المحال المعدة للأمراض العقلية ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أثبت في حق المطعون ضده جريمة القتل العمد انتهى إلي تبرئته منها بسبب عاهة في عقله وقت ارتكابها دون أن تصدر المحكمة أمرا بحجز المتهم في أحد المحال المعدة للأمراض العقلية فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه وتصحيحه وفق القانون.

(نقض24/6/1968 طعـن 619 ســـنة 38 ق – الســـنة 19 ص 748 ونقض 20/3/1972 طعن 122 سنة 42ق – السنة 23 ص445)

يجري القانون حكم المدرك التام الإدراك علي من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة مختارا أو عن علم بحقيقة أمرها مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه في الجرائم ذات القصد العام ومن ثم فإنه يكون مسئولا عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها.

(نقض 13/1/1969 طعن 1772 سنة 28 ، السنة 20 ص104)

لا يتطلب القانون في جريمة الضرب المفضي إلي الموت قصدا خاصا وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن تناول المسكر باختياره – وهو ما لم يجادل فيه الطاعن – فإنه ليس له من بعد أن يعيب علي الحكم قعوده عن بحث درجة هذا السكر الاختياري ومبلغ تأثيره في إدراكه وشعوره في صدر جريمة الضرب المفضي إلي الموت إلي دين بها ، مادام لقانون لا يستلزم فيها قصدا خاصا اكتفاء بالقصد العام.

(الطعن 1772 لسنة 38 ق – جلسة 13/1/1969 السنة 20 ص 104)

أن الشارع لا يكتفي في ثبوت القصد الخاص بالأخذ باعتبارات وافتراضات قانونية بل يجب التحقق من قيامه من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع ، ومن ثم فإنه لا محل للتسوية في الجرائم ذات القصد العام وتلك التي يتطلب فيها قصدا جنائيا خاصا.
أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصا – مادام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلا مع هذا الاستنتاج.
ومتى كان الحكم قد استظهر ظرف سبق الإصرار – في قوله ” أن العمد وسبق الإصرار متوافران في حق المتهمين من ذلك التخطيط والتدبير واحتساء الثاني والثالث للخمر حتى يفقدا شعورهما ويقوى قلبهما تأخذهما بالمجني عليه شفقة ولا رحمة وإنهما تدبر الأمر فيما بينهما بهدوء وودية وتؤدة علي ذلك النحو ” فإن ذلك سائغ ويتحقق به ظرف سبق الإصرار كما هو معرف به في القانون.

(الطعن رقم 648 لسنة 39 ق – جلسة 2/6/1969 السنة 20ص832)

من المقرر أن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية قانونا مما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك أما سائر الأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سببا لانعدام المسئولية ومن ثم فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من أن مرض الطاعن (الشخصية السيكوباتية) – بفرض صحته لا يؤثر علي سلامة عقليته وصحة إدراكه وتتوافر معه مسئوليته الجنائية عن الفعل الذي وقع منه صحيح في القانون.

(نقض 31/10/1971 طعن 766 سنة 41 ق ، السنة 22 ص590)

المحكمة غير ملزمة بندب خبير فني في الدعوى تحديدا لمدى تأثير مرض الطاعن علي مسئوليته الجنائية بعد أن وضحت لها الدعوى إذ الأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها مادامت تقيم تقديرها علي أسباب سائغة.

(نقض 31/10/1971 طعن 766 سنة 41 ق ، س22 ص590)

تبرئة المتهم بسبب عاهة في عقله من جناية عاهة دون الأمر بحجزه في أحد المحال المعدة للأمراض العقلية تطبيقا للمادة 342 إجراءات ، خطأ في تطبيق القانون.

(نقض 20/3/1972 طعن 122 سنة 42 ق ، س23 ص445)

لا يعيب الحكم خطؤه في التسوية بين حالة السيكوباتية ومرض الفصام من حيث أثر كل منهما في قيام المسئولية الجنائية ، مادام الثابت من مطالعة الحكم أن ما تزيد إليه في هذا الصدد لم يكن له أثر في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها ، وأنه لم يورده إلا بعد أن كان قد فرع وخلص – في منطق سائغ واستنادا إلي دليل فني يكفي وحده لحمل قضائه – إلي خلو الطاعن من الأمراض العقلية المؤثرة في مسئوليته أيا كانت مسمياتها وإلي أنه قد ارتكب جريمته باختياره وهو في كامل شعوره وإدراكه واطرح في حدود سلطته التقديرية قالة إصابته بمرض الفصام.

(الطعن رقم 240 لســـنة 43 ق – جلسة 28/4/1973 السنة 24ص586 ، والسنة 22 ص490)

استدلال الحكم بأقوال الطاعن وتصرفاته التي صدرت منه بعد الحادث ، علي سلامة قواه العقلية وقت وقوعه . استدلال سليم لا غبار عليه ، مادام الواضح من الحكم أنه اتخذ من هذه الأقوال وتلك التصرفات قرينة يعزز بها النتيجة التي انتهى إليها التقرير الطبي عن حالة الطاعن العقلية.

(الطعن رقم 240 لسنة43 ق – جلسة 29/4/1973 السنة 24 ق ص586)

أن مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني شعوره واختياره في عمله وقت ارتكاب الفعل ، هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعا – علي ما تنص عليه المادة 62 من قانون العقوبات – لجنون أو عاهة في العقل دون غيرهما ، ولما كان المستفاد من دفاع الطاعنين هو أنهما كانا في حالة من حالات الإثارة والاستفزاز والغضب تملكتهما عقب الاعتداء علي عمهما وكبير أسرتهما ، فإن الدفاع علي هذه الصورة لا يتحقق به الدفع بالجنون أو العاهة في العقل ، لما كان ذلك وكانت حالات الإثارة والاستفزاز أو الغضب لا تنفي نية القتل ، كما أنه لا تناقض بين قيام هذه النية لدى الجاني وكونه قد ارتكب فعله تحت تأثير أي من هذه الحالات وأن عدت أعذارا قضائية محققة يرجع الأمر في تقديرها إلي محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة النقض.

(الطعن 401 لسـنة 42 ق – جلســـة 13/5/1973 الســنة 24 ص631 ، والسنة 17 ص 1242 ، والسنة 29 ص350)

متى كان يبين من الإطلاع علي المفردات المضمونة أن المدافع عن الطاعن قدم طلبا للنيابة العامة – أثناء التحقيق – جاء به أن الطاعن أصيب في حرب أكتوبر سنة 1973 مما أثر في تمييزه وأن تصرفاته تدل علي انعدام إدراكه وبالتالي انتفاء مسئوليته عن الحادث وانتهى إلي طلب ضم ملف خدمته وإحالته إلي الطبيب الشرعي لفحصه وتقرير مدى مسئوليته عن أفعاله ، كما أنه دفع بذلك أمام قاضي المعارضات وأثار هذا الدفاع أيضا أمام مستشار الإحالة وقدم شهادة طبية تفيد علاج الطاعن في فترات مختلفة خلال عامي 74 /1975 من تخلف عقلي نسبي وضعف في القدرة علي التركيز . لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل هذا الدفاع ولم يرد عليه رغم جوهريته ، إذ مؤداه لو صح انتفاء مسئولية الطاعن عملا بنص المادة 62 من قانون العقوبات ، وكان من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية ، وإن كان في الأصل من المسائل الموضوعية التي تختص محكمة الموضوع بالفصل فيها ، إلا أنه يتعين ليكون قضاؤها سليما أن تعين خبيرا للبت في هذه الحالة وجودا وعدما , لما يترتب عليها من قيام أو انتفاء مسئولية المتهم ، فإن لم تفعل كان عليها أن تبين في القليل الأسباب التي تبني عليها قضاءها برفض هذا الطلب بيانا كافيا ، وذلك إذا ما رأت من ظروف الحال ووقائع الدعوى وحالة المتهم أن قواه العقلية سليمة وأنه مسئول عن الجرم الذي وقع منه ، فإذا هي لم تفعل شيئا من ذلك فإن حكمها يكون مشوبا بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع مما يبطله.
(الطعن رقم 166 لســـنة 47 ق – جلســة 22/5/1977 السنة 28 مدونات صفحتي645 ، 646)
تقديم الدفاع عن المتهم دفاعا بأن لديه شهادات بأن يعامل موكله معاملة الأطفال ، ثم طلبه تحقيق هذا الدفاع . طلب جوهري وجوب التعرض له والرد عليه ، أما عن طريق خبير أو بأسباب سائغة تطرحه ، وإلا كان الحكم قاصرا.

(الطعن 1294 لسنة 48 ق – جلسة 1/10/1978 ، السنة 29 ص 649)

انتهاء مستشار الإحالة إلي امتناع عقاب المطعون ضده دون استظهار أن مرضه العقلي جنون أو عاهة عقلية بعدم شعوره وإدراكه وقت ارتكاب الجريمة والاكتفاء بشهادة طبية من مستشفى الأمراض العقلية تفيد مرض المطعون ضده باضطراب عقلي كان يعالج منه قبل الحادث وتذكرة علاج في تاريخ لاحق له يعد قصورا.

(نقض 7/12/1978 طعن 1303س 48 ق)

أن الأصل علي ما جرى به قضاء محكمة النقض – أن الغيبوبة المانعة من المسئولية علي مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهرا عنه أو علي غير علم منه بحقيقة أمرها.

(نقض13/1/1969 طعن1772 سنة 38ق السنة20 ص104 ، السنة 29 ص 888)

إن مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني شعوره في عمله وقت ارتكاب الفعل هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعا علي ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل دون غيرهما وكان المستفاد من دفاع المحكوم عليه أمام محكمة الموضوع أنه كان في حالة من حالات الإثارة أو الاستفزاز تمتلكه فألجأته إلي فعلته دون أن يكون متمالكا إدراكه فإن ما دفع به علي هذه الصورة من انتفاء مسئوليته لا يتحقق به الجنون أو العاهة في العقل وهما مناط الإعفاء من المسئولية ولا يعد في صحيح القانون عذرا معفيا من العقاب بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقرونا بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ، ومن ثم فإن الحكم قد أصاب صحيح القانون في هذا الخصوص.

(الطعن رقم 33899 جلسة 16/2/2002 السنة 68)

إن مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني شعوره في عمله وقت ارتكاب الحادث هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعا علي ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل دون غيرها ، وكان دفاع المتهم بانعدام اعترافه لسذاجته وصغر سنه لا يتحقق به دفع بانعدام مسئوليته لهذا السبب أو ذاك بل دفاع يتوافر به عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ، ومن ثم فلا يعيب الحكم قعوده عن الرد علي هذا الدفاع.

(الطعن رقم 31556 جلسة 6/12/2001 السنة 69)

لما كانت المادة (342) من قانون الإجراءات الجنائية تنص علي أنه ” إذا صدر أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية أو حكم ببراءة المتهم وكان ذلك بسبب عاهة في عقله تأمر الجهة التي أصدرت الأمر أو الحكم – إذا كانت الواقعة جناية أو جنحة عقوبتها الحبس – بحجز المتهم في أحد المحال المعدة للأمراض العقلية إلي أن تأمر الجهة التي أصدرت الأمر أو الحكم بالإفراج عنه وذلك بعد الإطلاع علي تقرير مدير المحل وسماع أقوال النيابة العامة وإجراء ما تراه للتثبت من أن المتهم قد عاد إلي رشده ” وإذ كان الحكم المطعون فيه علي الرغم من قضائه ببراءة المطعون ضده من التهمة المسندة إليه لم يأمر بحجزه في أحد المحال المعدة للأمراض العقلية تطبيقا لما توجبه المادة المار ذكرها فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون – ولا يغير في ذلك ما تحدث به الحكم في أسبابه من إيداع المتهم أحد المحال المعدة الأمراض العقلية ما دام لم ينته في منطوقة إلي القضاء بذلك لما هو مقرر من أن حجية الشيء المحكوم فيه لا ترد إلا علي منطوق الحكم ولا يمتد أثرها إلا ما كان مكملا للمنطوق.

(الطعن رقم 10170 جلسة 6/1/2002 السنة63)

حيث أن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن دفع بأنه تناول مادة مخدرة مما أفقده الشعور والإدراك ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد في مدوناته أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر من أنه كان مدرا أو سكرانا وأطرحه استنادا إلي أن القانون يجري حكم المدرك علي من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة وهو عالم بحقيقة أمرها ويكون مسئولا عن الجرائم التي تقع تحت تأثيرها . لما كان ذلك وكان الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية – علي مقتضى المادة (62) من قانون العقوبات – هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهرا عنه أو علي غير علم منه بحقيقة أمرها بما مفهومه أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولا عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها. فالقانون يجرى عليه ، في هذه الحالة حكم المدرك التام الإدراك مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه ، إلا أنه لما كانت بعض الجرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائي خاص لدي المتهم ، فإنه لا يتصور اكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد باعتبارات وافتراضات قانونية ، بل يجب في هذه الجرائم – وعلي ما استقر عليه قضاء محكمة النقض في تفسير المادة (62) من قانون العقوبات – التحقق من قيام القصد الجنائي الخاص من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد تحدث عن إحتساء الطاعن للخمر وتعاطيه المخدر دون أن يبين مبلغ تأثيرهما في شعور الطاعن وإدراكه بالرغم من اتصال هذا الأمر بتوافر القصد الخاطئ ، وأوقع علي الطاعن عقوبة القتل العمد المرتبط بجنحة السرقة وقضى بإعدامه ، فإن الحكم يكون قاصر البيان بما يبطله ويوجب نقضه.

(الطعن رقم 39918 لسنة 72 ق – جلسة 5/2/2003)

لما كان من المقرر أن مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني لشعوره واختياره وقت ارتكاب الحادث هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعا علي ما تقضي به المادة (62) من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل دون غيرهما ، وكان المستفاد من دفاع الطاعن أمام المحكمة هو أن الحادث وقع منه وهو تحت تأثير ما كان يعانيه من حالة نفسية وعصبية فإن دفاعه علي هذه الصورة لا يتحقق به دفع بانعدام المسئولية لجنون أو عاهة في العقل وهما مناط الإعفاء من المسئولية بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقرونا بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض.

(الطعن رقم 14254 لسنة 64 ق – جلسة 19/3/2003)

لما كان مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني شعوره واختياره في عمله وقت ارتكاب الفعل ، هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعا – علي ما تنص عليه المادة 62 من قانون العقوبات – لجنون أو عاهة في العقل دون غيرهما ، وكان المستفاد من دفاع الطاعن هو أنه كان في حالة من حالات الإثارة والاستفزاز والغضب تملكته عقب علمه بأن شقيقته المجني عليها حملت سفاحا ، فإن الدفاع علي هذه الصورة لا يتحقق به الدفع بالجنون أو العاهة في العقل ، ولما كانت حالات الإثارة أو الاستفزاز أو الغضب مجرد أعذار قضائية مخففة يرجع الأمر في تقديرها إلي محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة النقض.

(الطعن 5878 لسنة 52 ق – جلسة 18/1/1983 س 34 ص123)

من المقرر أن الحالات النفسية ليست في الأصل من موانع المسئولية والعقاب كالجنون والعاهة في العقل ، اللذين يجعلان الجاني فاقد الشعور والاختيار في عمله وقت ارتكاب الجريمة ، وفقا لنص المادة 62 من قانون العقوبات ، وقد جرى قضاء هذه المحكمة علي أن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة في العقل وتنعدم به المسئولية الجنائية قانونا , هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور أو الإدراك ، أما سائر الأمراض والأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره أو إدراكه ن فلا تعد سببا لانعدام المسئولية.

(الطعن 8242 لسنة 58 ق – جلسة 16/3/1989 س40 ص403)

لما كان مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني لشعوره واختياره وقت ارتكاب الحادث هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعا علي ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل دون غيرها وكان المستفاد من دفاع الطاعن أمام المحكمة هو أنه ارتكب جريمته تحت تأثير ما كان يعانيه من حالة نفسية وعصبية فإن دفاعه علي هذه الصورة لا يتحقق به دفع بانعدام المسئولية لجنون أو عاهة في العقل وهما مناط الإعفاء من المسئولية بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقرونا بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم رده علي هذا الدفاع.

(الطعن 15049 لسنة 59 ق – جلسة 20/2/1990 س41 ص397)

إن مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني لشعوره واختياره وقت ارتكاب الحادث هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعا علي ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل دون غيرها وكان المستفاد من دفاع الطاعن أمام المحكمة هو أنه ارتكب جريمته بغير وعي فإن دفاعه علي هذه الصورة لا يتحقق به دفع بانعدام المسئولية لجنون أو عاهة في العقل وهما مناط الإعفاء من المسئولية بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقرونا بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض.

(الطعن 3419 لسنة 62 ق – جلسة 21/11/1992 س44 ص1049)

من المقرر أن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية الجنائية قانونا – علي ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات – هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك ، أما سائر الأحوال النفسية التي تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سببا لانعدام المسئولية ، فإن ما انتهي إليه الحكم المطعون فيه أخذا بتقرير الطبيب الشرعي أن مرض الطاعن وهو الاضطراب العصبي والهبوط العام لا يؤثر علي سلامة عقله وصحة إدراكه وتتوافر معه مسئوليته الجنائية عن الفعل الذي وقع منه يكون صحيحا في القانون.

(الطعن 600 لسنة 62 ق – جلسة 22/12/1993 س44 ص1238)

مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني شعوره واختياره في عمله وقت ارتكاب الفعل . أن يكون سببه راجعا لجنون أو عاهة في العقل دون غيرهما من حالات الإثارة والاستفزاز أو الغضب. المادة 62 عقوبات.
طلب المتهم المؤيد بالتقارير الطبية البراءة تأسيسا علي أنه مريض بمرض عصبي ونفسي من جراء آفة عطلت ملكاته . يتحقق به الدفع بالجنون أو العاهة في العقل.
إطراح الحكم لهذا الدفاع تأسيسا علي أنه مجرد دفع بأن المتهم كان في حالة من حالات الإثارة والاستفزاز . فهم لهذا الدفاع علي غير مرماه.
من المقرر أن مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني شعوره واختياره في عمله وقت ارتكاب الفعل هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعا – علي ما تنص عليه المادة 62 من قانون العقوبات – لجنون أو عاهة في العقل دون غيرهما من حالات الإثارة والاستفزاز أو الغضب ، وكان الحكم المطعون فيه – علي ما يبين من مدوناته – قد أطرح هذا الدفاع تأسيسا علي أنه مجرد دفع بأن المتهم كان في حالة من حالات الإثارة والاستفزاز تملكته فألجأته إلي فعلته دون أن يكون متمالكا إدراكه لما كان ذلك ، وكان دفاع الطاعن الثابت بمحضر جلسة المحاكمة يتحقق به الدفع بالجنون أو العاهة في العقل ، وكان الحكم المطعون فيه قد فهم دفاع الطاعن في هذا الصدد علي غير مرماه وبالتالي لم يرد عليه رغم جوهريته إذ مؤداه لو صح انتفاء مسئولية الطاعن عملا بنص المادة 62 من قانون العقوبات.

(الطعن 1380 لسنة 63 ق – جلسة 14/12/1994 س45 ص1161)

من المقرر أن الحالات النفسية ليست في الأصل من موانع المسئولية والعقاب كالجنون والعاهة في العقل اللذين يجعلان الجاني فاقد الشعور والاختيار في عمله وقت ارتكاب الجريمة ، وفقا لنص المادة 62 من قانون العقوبات ، وقد جري قضاء هذه المحكمة علي أن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة في العقل وتنعدم به المسئولية الجنائية قانونا هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور أو الإدراك ، أما سائر الأمراض والأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره أو إدراكه ، فلا تعد سببا لانعدام المسئولية وكان تقدير حالة المتهم العقلية ومدي تأثيرها علي مسئوليته الجنائية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ومن ثم فإن منعي الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.

(الطعن 3072 لسنة 65 ق – جلسة 16/3/1997)

لما كان مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني شعوره واختياره في عمله وقت ارتكاب الفعل هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعا – علي ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات – لجنون أو عاهة في العقل دون غيرهما ، وكان المستفاد مما أورده الطاعن في أسباب طعنه هو أنه كان في حالة من حالات الهياج أو الاستفزاز تملكته من سلوك المجني عليها الأولي فألجأته إلي فعلته دون أن يكون متمالكا إدراكه ، فإن نعيه علي هذه الصورة لا يتحقق به مناط الإعفاء من المسئولية ولا يعد في صحيح القانون عذرا معفيا من العقاب بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مؤذنا بتوفر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليهـا من محكمة النقض.

(الطعن رقم 13338 لسنة 67 ق – جلسة 7/6/1999)

الإعفاء من العقاب وفقا لنص المادة 62 إجراءات. مناط تحققه ؟.
حالات الإثارة أو الاستفزاز . أعذار قضائية مخففة . تقدير توافرها . موضوعي.
إن مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني لشعوره واختياره في عمله وقت ارتكاب الفعل هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعا – علي ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات – لجنون أو عاهة في العقل دون غيرهما ، وكان المستفاد من دفاع المحكوم عليه أمام محكمة الموضوع أنه كان في حالة من حالات الإثارة أو الاستفزاز تملكته فألجأته إلي فعلته دون أن يكون متمالكا إدراكه ، فإن ما دفع به علي هذه الصورة من انتفاء مسئوليته لا يتحقق به الجنون أو العاهة في العقل – وهما مناط الإعفاء من المسئولية – ولا يعد في صحيح القانون عذرا معفيا من العقاب ، بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقرونا بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ، ومن ثم فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون في هذا الخصوص.

(الطعن رقم 33899 لسنة 68 ق – جلسة 16/2/2000)

الأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ، مادامت تقيم تقديرها علي أسباب سائغة ، وهي لا تلتزم بالالتجاء إلي أهل الخبرة إلا فيما يتعلق بالمسائل الفنية البحتة التي يتعذر عليها أن تشق طريقها فيها.

(الطعن رقم 91 لسنة 45 ق – جلسة 3/3/1975 س26 ص207)
(الطعن رقم 1033 لسنة 44 ق – جلسة 12/1/1975 س26 ص23)
(نقض جلسة 28/10/1981 س32 ص775)

من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية وإن كان في الأصل من المسائل الموضوعية التي تختص محكمة الموضوع بالفصل فيها إلا أنه يتعين عليها ليكون قضاؤها سليما أن تعين خبيرا للبت في هذه الحالة وجودا وعدما لما يترتب عليها من قيام أو امتناع عقاب المتهم فإن لم تفعل كان عليها أن تورد في القليل أسبابا سائغة تبني عليها قضاءها برفض هذا الطلب وذلك إذا ما رأت من ظروف الحال ووقائع الدعوى وحالة المتهم أن قواه العقلية سليمة وأنه مسئول عن الجرم الذي وقع منه ، ولما كانت المحكمة لم تفعل شيئا من ذلك فإن حكمها يكون مشوبا بعيب القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يبطله.

(الطعن رقم 1294 لسنة 48 ق – جلسة 1/10/1978 س29 ص649)

متي كان الأمر المطعون فيه قد أسس قراره بامتناع عقاب المطعون ضده علي ما تضمنته الشهادة الطبية الصادرة من مستشفي الأمراض العقلية بالعباسية من أن المطعون ضده مريض باضطراب عقلي وأنه كان يعالج من هذا المرض قبل الحادث بأربعة أشهر ، وعلي تذكرة علاج للمتهم بمستشفي الأمراض العقلية في تاريخ لاحق علي تاريخ الواقعة المسندة إليه ، وكان الأمر لم يستظهر أن المرض العقلي الذي أصيب به المطعون ضده يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وأن من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك وقت ارتكاب الجريمة المسندة إليه ، فإنه يكون مشوبا بقصور يوجب نقضه والإعادة.

(الطعن رقم 1303 لسنة 48 ق – جلسة 7/12/1978 س29 ص888)

أن تقدير حالة المتهم العقلية وإن كان في الأصل من المسائل الموضوعية التي تختص محكمة الموضوع بالفصل فيها ، إلا أنها يتعين أن تبني قضاءها علي أساس سليم.

(الطعن رقم 1303 لسنة 48 ق – جلسة 7/12/1978 س29 ص888)

متي كان مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني لشعوره واختياره وقت ارتكاب الحادث هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعا علي ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل دون غيرها وكان المستفاد من دفاع الطاعن أمام المحكمة هو أنه ارتكب جريمته تحت تأثير ما كان يعانيه من حالة نفسية وعصبية ، فإن دفاعه علي هذه الصورة لا يتحقق به دفع بانعدام المسئولية لجنون أو عاهة في العقل وهما مناط الإعفاء من المسئولية ، بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقرونا بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ، ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم رده علي هذا الدفاع.

(الطعن رقم 1532 لسنة 49 ق – جلسة 17/2/1980 س31 ص246)

لما كان من المقرر أن المرض العقلي الذي وصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية الجنائية قانونا علي ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات ، هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك ، أما سائر الأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سببا لانعدام المسئولية ، فإن ما انتهي إليه الحكم المطعون فيه من أن مرض الطاعن النفسي المشار إليه – بفرض صحته – لا يؤثر علي سلامة عقله وصحة إدراكه وتتوافر معه مسئوليته الجنائية عن الفعل الذي وقع منه يكون صحيحا في القانون.

(الطعن رقم 2225 لسنة 49 ق – جلسة 11/2/1980 س31 ص218)

مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني لشعوره واختياره في عمله وقت ارتكاب الفعل هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعا علي ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل دون غيرهما . وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بأدلة سائغة سلامة إدراك الطاعن وقت ارتكابه للجرائم التي دين بها وقت اعترافه بارتكابها في التحقيقات فإن النعي عليه في هذا الصدد لا يكون له محل.

(الطعن رقم810 لسنة 39 ق – جلسة 16/6/1969 س20 ص912)

لا يتطلب القانون في عاهة العقل أن يفقد المصاب الإدراك والتمييز معا وإنما تتوافر بفقد إحداهما.

(الطعن رقم1863 لسنة 40 ق – جلسة 7/3/1971 س22 ص199)

مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني شعوره واختياره في عمله وقت ارتكاب الفعل هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعا – ما تنص عليه المادة 62 من قانون العقوبات – لجنون أو عاهة في العقل دون غيرها ولما كان المستفاد من دفاع الطاعنين وهو أنهما كانا في حالة من حالات الإثارة والاستفزاز والغضب تملكتهما عند الاعتداء علي عمهما كبير أسرتهما ، فإن الدفاع علي هذه الصورة لا يتحقق به الدفع بالجنون أو العاهة بالعقل.

(نقض جلسة 29/4/1973 س24 ص631)
(الطعن رقم 71 لسنة 42 ق – جلسة 12/3/1972 س23 ص340)

البله عاهة في العقل يوقف نمو الملكات الذهنية دون بلوغ مرحلة النضج الطبيعي ، ولا يتطلب في عاهة العقل أن يفقد المصاب الإدراك والإرادة معا وإنما تتوافر بفقد أحدهما. وإذ ما كان الأمر المطعون فيه قد اقتصر في التدليل علي توافر الرضاء لدي المجني عليها في جناية هتك العرض باستظهار إدراكها للنواحي الجنسية بغير أن يبحث خصائص إرادتها وإدراكها العام توصلا للكشف عن رضاها الصحيح الذي يجب تحققه لاستبعاد ركن القوة أو التهديد في جناية هتك العرض ، فإن الأمر يكون قد استخلص توافر الرضا لدي المجني عليها من دلائل لا تكفي بذاتها لحمل النتيجة التي رتبها عليها مما يجعله معيبا بالقصور. بما يتعين معه نقضه.

(الطعن رقم 438 لسنة 36 ق – جلسة 23/5/1966 س17 ص674)

إذا كان لا يبين من الاطلاع علي محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن المتهم قد طلب عرض هذا الأخير علي الطبيب الشرعي أو وضعه تحت الملاحظة بمستشفي الأمراض العقلية ، فليس له من بعد أن ينعى علي المحكمة قعودها من إجراء لم يطلب منها.

(الطعن رقم 243 لسنة 38 ق – جلسة 25/3/1968 س19 ص350)

إذا كان المستفاد من دفاع المتهم أمام المحكمة هو أنه كان في حالة من حالات الإثارة والاستفزاز تملكته فألجأته إلي فعلته دون أن يكون متمالكا إدراكه ، فإن ما دفع به علي هذه الصورة من انتفاء مسئوليته لا يتحقق به الجنون أو العاهة في العقل ، وهما مناط الإعفاء من المسئولية ، ولا يعد دفاعه هذا في صحيح القانون عذرا معفيا من العقاب ، بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقرونا بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض.

(الطعن رقم 243 لسنة 38 ق – جلسة 25/3/1968 س19 ص350)

إذا كان مما أثاره الدفاع عن الطاعن من أن الصورة التي قارف بها جريمته إنما كانت نتيجة حالة نفسية تجعله غير مسئول عن عمله وطلب إحالته إلي معهد نفساني لفحصه ، وكان مؤدي هذا الدفاع أن النفس شئ آخر متميز تماما عن العقل وأن أمراضا قد تصيبها فتكون أمراضا نفسية مختلفة عن الأمراض العقلية – وكان الحكم المطعون فيه بعد أن ناقش حالة المتهم العقلية ونفي عنه إصابته بأي مرض عقلي قد رد علي هذا الدفاع بأن التشريع الجنائي المصري لا يعرف هذه التفرقة ولم ينص عليها وكل ما في الأمر أن قانون العقوبات قد نص في المادة 62 منه علي أنه لا عقاب علي من يكون فاقد الشعور أو الاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل إما لجنون أو عاهة في العقل وبالتالي فإن هاتين الحالتين اللتين أشارت إليهما هذه المادة دون غيرهما ورتبت عليهما الإعفاء من العقاب هما اللتان تجعلان الجاني وقت ارتكاب الجريمة فاقدا للشعور والاختيار في عمله ، وكان تقدير حالة المتهم العقلية التي يترتب عليها الإعفاء من المسئولية الجنائية أمر يتعلق بوقائع الدعوى يفصل فيه قاضي الموضوع بما لا معقب عليه طالما أنه يقيمه علي أسباب سائغة – كما هو الحال في واقعة الدعوى – فإن النعي علي الحكم بالإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب يكون في غير محله.

(الطعن رقم 901 لسنة 32 ق – جلسة 16/10/1962 س13 ص640)

لا يحق لمحكمة الموضوع أن تستند في إثبات عدم جنون المتهم إلي القول بأنه لم يقدم دليلا ، بل أن من واجبها في هذه الحالة أن تتثبت هي من أنه لم يكن مجنونا وقت ارتكاب الحادث ولا تطالبه هو بإقامة الدليل علي دعواه ، كذلك لا يصح الاعتماد علي أن من يدعي الجنون لم يبد أنه مجنون في الوقت المناسب أثناء المحاكمة لأن ذلك لا يصح الاستدلال به إلا في حق من لم يطعن في سلامة عقله.

(الطعن رقم 1952 لسنة 18 ق – جلسة 13/12/1948)

إذا كانت المحكمة لم تلاحظ علي المتهم أن به جنونا أو عاهة بعقله ، وكان المدافعون عنه لم يثيروا شيئا في صدد هذا أمامها ، وكانت جميع الأوراق المقدمة في طعنه علي الحكم لا تفيد أنه كان وقت المحاكمة مصابا في عقله فلا يكون ثمة وجه للمساس بالحكم الصادر بإدانة هذا المتهم.

(الطعن رقم 2172 لسنة 18 ق – جلسة 24/5/1949)

يشترط لانعدام المسئولية الجنائية أن يكون المتهم فاقد الشعور أو الاختيار وقت ارتكاب الفعل طبقا للأحوال المشار إليها في المادة 62 من قانون العقوبات ، أما الإصابة المرضية بالدرن والإرهاق في العمل فليست من الأحوال المنصوص عليها في تلك المادة .

(الطعن رقم 796 لسنة 28 ق – جلسة 23/6/1958 س9 ص698)

المصاب بالحالة المعروفة باسم الشخصية السيكوباتية وإن عد من الناحية العملية مريضا مرضا نفسيا إلا أنه لا يعتبر في عرف القانون مصابا بجنون أو عاهة في العقل مما يصح معه اعتباره فاقدا الشعور أو الاختيار في عمله.

(الطعن 2313 لسنة 31 ق – جلسة 28/11/1961 س12 ص942)

متي تحققت محكمة الموضوع أن الجاني قد تعاطي الخمر بمحض اختياره فليس لسكره في هذه الحالة تأثير ما في مسئوليته الجنائية.

(الطعن 1627 لسنة 4 ق – جلسة 29/10/1934)

أن الغيبوبة المانعة من العقاب هي التي تكون ناشئة عن مادة مخدرة يكون المتهم قد تناولها قهرا عنه أو علي غير علم منه بها ، أما إذا كان قد تعاطاها مخدرا عن علم بحقيقة أمرها فإنه يكون مسئولا عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها مهما كانت ملابسات تناوله إياها.

(الطعن رقم 523 لسنة 10 ق – جلسة 12/2/1940)

السكران متي كان فاقد الشعور أو الاختيار في عمله فلا يصح أن يقال عنه أنه كانت لديه نية القتل ، وذلك سواء أكان قد أخذ المسكر بعلمه ورضاه أم كان قد أخذه قهرا عنه أو علي غير علم منه مادام المسكر قد أفقده شعوره واختياره ومثل هذا الشخص لا تصح معاقبته علي القتل العمد إلا إذا كان قد انتوي القتل ثم أخذ المسكر ليكون مشجعا له علي تنفيذ نيته.

(الطعن رقم 732 لسنة 16 ق – جلسة 13/5/1946 مجموعة القواعد القانونية جـ7 ص140)

إذا كانت المحكمة قد استدلت علي توافر نية القتل لدي المتهم لظروف الحادث واستعماله آلة قاتلة وطعنه بها المجني عليه في مقتل معرضة عن حالة السكر التي تمسك الدفاع عنه بقيامها عنده ، بمقولة أنه تعاطي الخمر باختياره فيكون مسئولا قانونا عن فعله ، فإن حكمها يكون معيبا.

(نقض جلسة 23/12/1946مجموعة القواعد القانونية جـ7 ص263)

قد استقر قضاء محكمة النقض في تفسير المادة 62 من قانون العقوبات علي أن السكران ولو شرب باختياره لا يمكن أن يسأل عن القتل العمد لما تستلزمه هذه الجريمة من قصد جنائي خاص يجب أن يتحقق قيامه بالفعل عند المتهم ويجب أن تستدل المحكمة علي قيامه في حكمها ، وهو ما لا سبيل إليه إذا كان السكر قد ذهب بإدراك المتهم وإرادته.

(الطعن رقم 721 لسنة 17 ق – جلسة 21/4/1947)

الغيبوبة الناشئة عن السكر لا تعفي من العقاب إلا إذا أخذ الجاني المسكر قهرا عنه أو علي غير علم منه به فإذا كان الحكم الذي أدان المتهم في جريمة إحداث عاهة لم يذكر أنه كان في حالة سكر شديد بل ذكر أنه كان ثملا مما لا يفيد أنه كان فاقد الشعور أو الاختيار في عمله ، وكان المتهم لم يثر أمام المحكمة شيئا في هذا الصدد فلا يحق له أن يطالبها بالتحدث عن مدي تأثير السكر في مسئوليته مادامت هي قد اقتنعت بمسئوليته جنائيا عما وقع منه.

(الطعن رقم 18 لسنة 18 ق – جلسة 2/2/1948)

إذا كان المتهم لم يدفع أمام محكمة الموضوع بأنه كان فاقد الشعور وقت مقارفة الجريمة حتى كان يتعين عليها أن تحقق هذا الدفاع وتفصل فيه موضوعا وكان الحكم لا يبين منه أن المتهم كان فاقد الشعور بفعل المسكر فلا يكون له أن يثير ذلك لدي محكمة النقض.

(الطعن رقم 1332 لسنة 20 ق – جلسة 11/12/1950 س2 ص365)

الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية – علي مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات – هي التي تكون ناشئة عن عقاقير تناولها الجاني قهرا عنه أو علي غير علم منه بحقيقة أمرها ، ومفهوم ذلك أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة مختارا وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولا عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها فالقانون في هذه الحالة يجري عليه حكم المدرك التام الإدراك ، مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه إلا أنه لما كانت هناك بعض الجرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائي خاص لدي المتهم فإنه لا يتصور اكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد باعتبارات وافتراضات قانونية ، بل يجب التحقق من قيامه من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع ، وهذا ما استقر عليه قضاء محكمة النقض في تفسيرها للمادة 62 من قانون العقوبات ، وهو المعول عليه في القانون الهندي التي أخذت عنه المادة المذكورة.

(الطعن رقم 626 لسنة 29 ق – جلسة 30/6/1959 س10 ص742)

يجري القانون حكم المدرك التام الإدراك علي من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة مختارا أو عن علم بحقيقة أمرها ، مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه في الجرائم ذات القصد العام ، ومن ثم فإنه يكون مسئولا عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها.

(الطعن رقم 1772 لسنة 38 ق – جلسة 13/1/1969 س20 ص104)

الغيبوبة المانعة من المسئولية علي مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي تلك التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهرا عنه أو علي غير علم بحقيقة أمرها ، ومفهوم ذلك أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة مختارا أو عن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولا عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها ، فالقانون في هذه الحالة يجري عليه حكم المدرك التام الإدراك ، مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي في الجرائم ذات القصد العام.

(الطعن رقم 2388 لسنة 49 ق – جلسة 26/5/1980 س31 ص670)

الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية – علي مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات – هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهرا عنه أو علي غير علم منه بحقيقة أمرها بما مفهومه أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولا عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها ، فالقانون يجري عليه ، في هذه الحالة ، حكم المدرك التام الإدراك ، مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه ، إلا أنه لما كانت هناك بعض الجرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائي خاص لدي المتهم ، فإنه لا يتصور اكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد باعتبارات وافتراضات قانونية ، بل يجب في هذه الجرائم – وعلي ما استقر عليه قضاء محكمة النقض في تفسير المادة 62 من قانون العقوبات – التحقق من قيام القصد الجنائي الخاص من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع. لما كان ذلك وكان الحكم قد تحدث عن احتساء الطاعن للخمر دون أن يبين مبلغ تأثيره في شعور الطاعن وإدراكه بالرغم من اتصال هذا الأمر بتوافر القصد الخاص ، وأوقع علي الطاعن عقوبة القتل العمد المقتـرن بجنحة السرقة ، فإن الحكم يكون قاصر البيان بما يبطله ويوجب نقضه.

(الطعن 4118 لسنة 57 ق – جلسة 12/1/1988 س39 ص122)

لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه رد علي دفع الطاعن الوارد بوجه الطعن بقوله : ” وإذ كان المقرر بأن تعاطي الجواهر المخدرة علي فرض أن ما تعاطاه المتهم بالفعل منها – عن اختيار ورغبة دون أن يكره علي ذلك لا يعدم مسئولية متعاطيها عما يرتكبه من أفعال مؤثمة ” . لما كان ذلك وكان قضاء هذه المحكمة – محكمة النقض – قد استقر علي أن الغيبوبة المانعة من المسئولية علي مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات – هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهرا عنه أو علي غير علم منه بحقيقة أمرها ، فإن مفهوم ذلك أن من يتناول مادة مخدرة مختارا وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولا عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها ، فالقانون في هذه الحالة يجري عليه حكم المدرك التام الإدراك مما ينبني عليه توفر القصد الجنائي لديه ، إلا أنه لما كانت هناك بعض جرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائي خاص فإنه لا يمكن القول باكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد بافتراضات قانونية ، بل يجب التحقق من قيامه من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع ، لما كان ذلك ، وكانت جرائم السرقة مما يتطلب القانون فيها قصدا جنائيا خاصا ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة السرقة بإكراه واقتصر في الرد علي دفعه بانتفاء مسئوليته لتناوله عقاقير مخدرة أفقدته الشعور والإدراك – علي مطلق القول بأن تناول العقاقير المخدرة اختيارا لا ينفي المسئولية الجنائية دون أن يحقق هذا الدفاع بلوغا إلي غاية الأمر فيه – ويبين مبلغ تأثير هذه العقاقير المخدرة في إدراك الطاعن وشعوره علي الرغم مما لهذا الدفاع – لو صح – من أثر في قيام القصد الخاص في الجريمة التي دانه بها أو انتفائه أو يبين أنه كانت لديه النية علي ارتكاب الجريمة من قبل ثم أخذ العقاقير المخدرة لتكون مشجعا له علي اقترافها فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه . وإذ كان هذا الخطأ قد حجب محكمة الموضوع عن تحقيق واقعة تناول العقاقير المخدرة التي قال بها الطاعن وأثرها في توافر القصد الجنائي لديه أو انتفائه فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة.

(الطعن 8210 لسنة 60 ق – جلسة 24/10/1991 س42 ص1067)

الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية علي مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهرا عنه أو علي غير علم منه بحقيقة أمرها بحيث تفقده الشعور والاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل ، وكان تقدير حالة المتهم وقت ارتكاب الجريمة فيما يتعلق بفقدان الشعور أو التمتع به ، والفصل في امتناع مسئوليته تأسيسا علي وجوده في حالة سكر وقت الحادث أمر يتعلق بوقائع الدعوى يقدره قاضي الموضوع دون معقب عليه.

(الطعن 4363 لسنة 61 ق – جلسة 3/11/1992 س43 ص981)

لا جريمة إذا وقع الفعل من موظف أميري في الأحوال الآتية :-
أولا : إذا ارتكب الفعل تنفيذا لأمر صادر إليه من رئيس وجبت عليه إطاعته أو اعتقد أنها واجبة عليه.
ثانيا : إذا حسنت نيته وارتكب فعلا تنفيذا لما أمرت به القوانين أو ما اعتقد أن إجراءه من اختصاصه.
وعلي كل حال يجب علي الموظف أن يثبت أنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري ، وأنه كان يعتقد مشروعيته وأن اعتقاده كان مبنيا علي أسباب معقولة.

تعليق
ويبيح هذا النص عمل الموظف في حالتين : الأولي – إذا كان العمل قانونيا أي مطابقا للقانون ، والثانية – إذا كان العمل غير مطابق للقانون وكان الموظف حسن النية.
الموظف الأميري : لم يرد في قانون العقوبات تعريف للموظف الأميري ، فيرجع في ذلك إلي الأحكام العامة في القانون الإداري.
فيشترط لاعتبار الشخص موظفا عموميا توافر شرطين : الأول أن يكون قائما بعمل دائم ، والثاني – أن يكون هذا العمل في خدمة مرفق عام أو مصلحة عامة.
أما عن الشرط الأول : فإن المناط في دائمية الوظيفة هو بحسب طبيعتها والعلاقة التي تقوم بين الموظف والحكومة علي أساسها . فمتي كان الشخص يشغل وظيفة علي وجه الاستمرار ، بحيث لا تنفك عنه إلا بالوفاة أو بالاستقالة أو بالعزل ، فإنه يعتبر من الموظفين العموميين متي توافر الشرط الثاني. ولا يؤثر في هذا الاعتبار ألا يتقاضى لشخص عن عمله راتبا من خزانة الدولة لأن الراتب ليس من الخصائص اللازمة للوظيفة العامة أو شرطا من الشروط الواجبة في اعتبارها . وإذا كان الأصل أن يقصر الموظف جهوده علي القيام بأعباء الوظيفة , إلا أن صفته لا تتأثر إذا جمع إلى وظيفته عملا آخر.
وأما عن الشرط الثاني : فإن الشخص لا يعد موظفا عموميا إلا إذا ساهم بعمله في مرفق عام أو مصلحة عامة. ويدخل في هذا موظفو السلطة التنفيذية المركزية والسلطات اللامركزية والمصلحية والسلطة القضائية السلطة التشريعية والمؤسسات العامة. وتعريف الموظف الأميري علي الوجه المتقدم يدخل في مدلولـه المستخدمون العموميين , ولكنه لا يتناول المكلفون بخدمات عامة من غير الموظفين. وبديهي أنه لا يستفيد من المادة 63 المستخدمون في المؤسسات الأهلية ولو كانت خاضعة لرقابة الحكومة , كشركات المياه والكهرباء والغاز والبنوك , ومن باب أولى المستخدمون والخدم لدى الأفراد.
العمـل القانوني

إطاعة القانون واستعمال السلطة : إطاعة القانون سبب للإباحة عام مطلق , يؤثر في آيه جريمة ويفيد كل إنسان , وسواء أكان بتنفيذ القانون مباشرة أم بإطاعة أوامر السلطات العامة . ولم يرد بهذا نص في القانون المصري , اكتفاء بالنص الذي يأمر بالفعل أو ينهي عنه , فهو سند الإباحة . وخص الموظفين بنص المادة 63 يستوقف النظر , لأن عمل الموظف داخل في عموم تنفيذ ما تأمر به القوانين. ومن ثم قيل أن المادة 63 ليست إلا تطبيقا لسبب مطلق من أسباب الإباحة هو إطاعة القوانين . علي أنه من غير المقبول أن ينسب إلى الشارع الغفلة في أمر بديهي , فلابد أنه قصد بالمادة 63 معني خاصا يصدق علي الموظفين دون غيرهم . فالقانون قد يعهد إلى الموظف باختصاص محدد , أي يحدد له الشروط اللازمة لإجراء العمل , فلا يترك له مجالا للتقدير , وإذا جاء العمل مطابقا لهذه الشروط كان مباحا , وفقا لسبب مطلق هو إطاعة القوانين . فالموظف بالنسبة للاختصاص المحدد شأنه شأن الأفراد , ومن يساهم معه في عمله يستفيد بدوره من السبب. ومن قبيل الاختصاص المحدد أن القانون يوجب علي مأمور السجن حبس أي إنسان متي كان هناك أمر بذلك موقع عليه من السلطة المختصة (المادة 41 أ. ج) , ومتي توافر هذا الأمر فإن عمل المأمور يكون قانونيا فلا تطبق عليه المادة 280 من قانون العقوبات إذا تبين أن الأمر بالقبض أو بالحبس صدر في غير الأحوال المقررة قانونا , وكذلك الشأن بالنسبة لمأمور الضبط القضائي الذي ينفذ أمرا صادرا من النيابة بالقبض علي شخص أو تفتيش منزلـه. في هذه الأحوال لا يمكن القول أن الموظف يستعمل سلطة , بل هو يؤدي واجبا أو ينفذ القانون علي وجه لا مجال للتقدير فيه , وإعمال الموظف من هذا القبيل ليست هي الأعمال التي عناها الشارع بالمادة 63 من قانون العقوبات. علي أن القانون لا يلتزم النهج المذكور دائما , فهو كثيرا ما يترك للموظفين شيئا من الحرية أو من السلطة التقديرية , ومتي خلا عمل الموظف من عيب مخالفة القانون ومن عيب سوء استعمال السلطة فانه يكون مباحا . مثل هذا العمل الذي يجيء استعمالا لسلطة هو الذي تعنيه المادة 63 , وهو عمل ينفرد به الموظفون فيباح لهم دون غيرهم ممن قد يساهمون معهم فيه.

شـروط الإباحة
يكون عمل الموظف قانونيا أو مباحا إذا توافرت الشروط الآتية : أولا – أن تكون هناك سلطة تقديرية , ثانيا – أن يكون هناك سبب يدعو إلى استعمال هذه السلطة , ثالثا – أن يكون العمل الذي تتمثل فيه مباشرة السلطة مطابقا لأوضاع القانون من حيث الشكل والموضوع , رابعا – أن يرمي به الموظف إلى الغاية التي يستهدفها القانون من تخويل السلطة . وهى الشروط اللازمة لصحة العمل الإداري.
وجود السلطة التقديرية : من العسير حصر السلطات التي يخولها القانون الموظفين لرعاية مصالح الدولة المتشعبة. وهذه السلطات موزعة في فروع القانون المختلفة ، ويحتوي القانون الإداري علي الجانب الأكبر منها . ويخول قانون الإجراءات الجنائية سلطات تقديرية لمأموري الضبط القضائي وأعضاء النيابة وقضاة التحقيق في إجراء التحريات والقبض علي المتهمين وحبسهم وتفتيش منازلهم ، وما إليها. من ذلك تخويل مأمور الضبط القضائي القبض علي المتهم الذي توجد دلائل علي اتهامه (انظر المادة 34 إ. ج) ، وتخويله تفتيش منزل المتهم في حالة التلبس إذا اتضح له من إمارات قوية أن بالمنزل ما يفيد في كشف الحقيقة (انظر المادة 47 ا. ج). فتقدير الدلائل أو الأمارات القوية متروك لمأمور الضبط ، ومتي كان عمله مطابقا للقانون خاليا من عيب سوء استعمال السلطة فإنه يكون مباحا ، ولو تبين فيما بعد أن المتهم برئ مما اتهم فيه ، فهذا لا يؤثر في مشروعية العمل.
أن يكون هناك سبب يدعو إلي استعمال هذه السلطة : والسبب أو الدافع هو المحرك للنشاط الإرادي ، وهو هنا حالة واقعية أو قانونية تدفع الموظف إلي إجراء العمل.
فالعمل الذي يقوم به الموظف لا يكون مشروعا إذا لم يستند إلى سبب مشروع يبرره. وقد حكم بأنه إذا كان المتهم متلبسا بجريمتي حمل السلاح بدون رخصه وإهانة ضابط البوليس بالقول أثناء تأدية وظيفته , فهذه الحالة تسوغ قانونا للضابط أن يقبض على المتهم ويجرده من سلاحه , وأن يستعمل القوة الضرورية لذلك , فإذا ما حاول المتهم الهرب لتفادى القبض عليه كان للضابط أن يعطله , فإذا اضطر في سبيل ذلك إلى إطلاق النار على الفرس التي استعان بها المتهم على الفرار قاصدا تعطيلها عن العدو فقتلها فإنه لا يكون متجاوزا حقه , والفعل الذي وقع منه لا يكون جريمة. فالدافع إلى القبض هو تلبس المتهم بالجريمة , والدافع إلى استعمال القوة هو محاولة الهرب. فالقبض أو قتل الفرس يكون عملا مبررا استنادا إلى استعمال السلطة. أما إذا لم يحاول المتهم الهرب ومع ذلك استعمال مأمور الضبط القضائي العنف معه فإنه يسأل عن الضرب لأنه كان بغير سبب. كذلك تنص المادة 39 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه ” إذا كانت الجريمة المتلبس بها يتوقف رفع الدعوى عنها على شكـوى , فـلا يجوز القبض على المتهم إلا إذا صـرح بالشكـوى من يملك تقديمها “. فالشكوى هي السبب الذي يجب أن يسبق عمل الموظف وهو القبض ، فإذا لم تقدم يكون القبض بغير سبب وبالتالي غير مشروع , وكذلك العنف الذي يستعمل في تنفيذه.
وبديهي أن السبب يجب أن يكون مشروعا , وإلا كان العمل الذي يبنى عليه مخالفا للقانون. فحالة التلبس تجيز لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم وتفتيشه وتفتيش منزله في الجنيات والجنح , ولكن التلبس لا يقوم قانونا إذا كان بناء على مشاهدات يختلسها مأمور الضبط من خلال ثقوب أبواب المساكن , لما في هذا من المساس بحرمة المساكن والمنافاة للآداب , ولا بناء على اقتحام المسكن , فإن ذلك يعد جريمة في القانون . والأصل أن يوجد السبب بغير سعي من الموظف ، فهو أمر لا دخل لإرادة الموظف في وجوده . ولكن القانون قد يخول الموظف أو يوجب عليه البحث عن السبب ، ومن هذا القبيل واجب مأمور الضبط القضائي في البحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات التي تلزم للتحقيق والدعوى ( مادة 21إ. ج) . وعندئذ يجب أن تكون الإجراءات السابقة علي الكشف عن السبب صحيحة حتى يكون صحيحا ويبرر استعمال السلطة.
مطابقة العمل للقانون : يكون عمل الموظف مطابقا للقانون إذا كان داخلا في اختصاص الوظيفة وروعيت فيه الشروط التي يستلزمها القانون من حيث الموضوع والشكل.
فالاختصاص في القانون العام يقابل الأهلية في القانون الخاص ويترتب علي عدم توافره عدم مشروعية العمل ، وسواء كان عدم الاختصاص راجعا إلي المكان أو إلي النوع أو إلي الشخص . وفي هذا تقول محكمة النقض إذا خرج مأمور الضبط القضائي عن دائرة اختصاصه لا تكون له سلطة ما ، وإنما يعتبر فردا عاديا ، وهذه هي القاعدة العامة لأداء كل وظيفة رسمية ومن قبيل عدم الاختصاص النوعي أن يقبض مأمور الضبط علي متهم في مخالفة أو يفتش منزله ، لأن القبض والتفتيش جائزان في الجنايات والجنح فقط كذلك يكون تفتيش منزل غير المتهم باطلا إذا حصل من النيابة بغير إذن من القاضي الجزئي ، فهو المختص بإصدار الإذن بالنسبة لغير المساهمين في الجريمة . في هذه الأحوال إذا استعمل الموظف العنف في القبض فإنه يسأل عن الضرب وإذا أتلف باب المسكن فإنه يسأل عن الإتلاف ، فضلا عن مساءلته عن انتهاك حرمة المسكن والقبض بغير وجه حق ، وهو ما نص عليه القانون صراحة في المادتين 128 و 280 عقوبات إذا حصل دخول المسكن أو القبض في غير الأحوال وبغير الأوضاع المقررة قانونا . كذلك تنص المادة 46/2 من قانون الإجراءات الجنائية علي أنه إذا كان المتهم أنثي وجب أن يكون التفتيش بمعرفة أنثي يندبها لذلك مأمور الضبط القضائي . وبناء عليه إذا أجري المأمور التفتيش بنفسه فإن عمله لا يكون مشروعا وقد تترتب عليه مساءلته عن جناية هتك العرض.
وإذا كان الموظف ينفذ أمر رئيسه فإنه لا يخول إلا ما ورد في الإذن ، فالإذن بتفتيش منزل المتهم لا ينسحب علي شخصه ، والإذن بتفتيش متهم لا يخول القبض عليه . وعلي ذلك لا يباح للمندوب أن يستعمل القوة لتنفيذ ما خرج عن الإذن ، لأنه يخرج عن اختصاصه.
ولا يكون العمل مطابقا للقانون إلا إذا كان لازما لتحقيق الغرض المقصود من تخويل السلطة ، فإذا أمكن القبض علي المتهم بقليل من العنف فلا يجوز الالتجاء إلي فعل يحدث موتا أو جروحا بالغة. وعندئذ يسأل الموظف عن هذا التجاوز بوصف العمد إذا كان مقصودا وبوصف الإهمال إذا كان نتيجة للرعونة.
الغاية المشروعة : هذا هو العنصر المعنوي في العمل القانوني ، فهو يمثل الحالة المعنوية للموظف عندما يقوم بالعمل . وغني عن القول إن تخلف هذا الشرط يجعل عمل الموظف غير مشروع ولو تحققت الشروط السابقة . وكل سلطة يخولها القانون يقصد بها تحقيق غرض معين يمت دائما للمصلحة العامة بسبب ، ويجب أن تنصرف إرادة الموظف إلي تحقيق هذا الغرض . فيكون عمله غير مشروع إذا باشر السلطة لتحقيق أغراض ومآرب أخرى بعيدة عن الصالح العام ، كاستهداف مصلحة شخصية أو حزبية . وفي هذا تقول محكمة القضاء الإداري ” إن سوء استعمال السلطة الذي يعيب القرار الإداري هو توجيه إرادة مصدرة إلى الخروج عن روح القانون وغاياته وأهدافه وتسخير السلطة التي وضعها القانون بين يديه في تحقيق أغراض ومآرب بعيدة عن الصالح العام “.
فالقانون يخول رجال البوليس سلطة فض المظاهرات ولو بالقوة بقصد تدارك الإخلال بالأمن أو السكينة العامة. ففي حدود هذا الغرض يكون العنف مشروعا أما إذا قصد به مجرد إشباع شهوة الانتقام أو تحقيق مصلحة حزبية فإنه يكون عملا غير مشروع ويعاقب عليه فاعله.
وتدق المسألة فيما إذا كان الموظف يهدف إلي تحقيق غرضين أحدهما مشروع والأخر غير مشروع ، وفي هذه الحالة يكون تدخل الموظف مبررا بتوافر الغرض المشروع ، ولو صادف أن العمل الذي قام به في هذا السبيل قد حقق له بالتبعية مصلحة خاصة وبعبارة أخري يعد الغرض الشخصي ثانويا فلا يؤثر في صحة العمل الذي يقوم به الموظف. تماما كالشخص الذي يسند إلي ذي صفة عمومية واقعة صحيحة تعد قذفا ، مستهدفا المصلحة العامة بالكشف عن الواقعة المسندة وإيقاع العقاب بالموظف ، فحسن النية يتوافر بهذا ويكون القذف مباحا بالتالي ، ولو رمى القاذف إلي غرض أخر ثانوي كإشباع رغبة الانتقام من الموظف لأحقاد وضغائن بينهما.
العمل غير القانوني
ما يشترط لإباحة العمل غير القانوني : تنص المادة 63 علي حالتين تندرج تحتهما كل صور العمل غير القانوني : الأولي – إذا ارتكب الموظف العمل تنفيذا لأمر غير قانوني صادر من رئيس ، إما لأن العمل المأمور به في ذاته غير جائز في القانون ، أو لأنه لم يكن مسبوقا بسبب يبرر اتخاذه ، أو لأنه لا يدخل في اختصاص الأمر ، أو لأنه صدر في غير الأحوال أو علي خلاف الأوضاع المقررة قانونا ، أو لأنه لم تستهدف به المصلحة العامة ومثال ذلك أن يقبض مأمور الضبط القضائي علي شخص بمقتضى أمر بالقبض باطل لأحد الأسباب المتقدمة . والحالة الثانية – أن تكون المخالفة قد وقعت من الموظف الذي قام بالعمل ، وكأن يقبض علي شخص غير الذي عين في أمر بالقبض مستجمع بالشروط القانونية ، أو يقبض علي شخص أو يدخل منزله مع تخلف شرط من شروط العمل القانوني. ومع أن العمل غير قانوني في الحالتين فإن القانون لا يعتبره جريمة إذا توافر شرطان : – الأول – أن يكون الموظف حسن النية معتقدا مشروعية العمل ، والثاني – أن يثبت أنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري وأن اعتقاده بمشروعيته بني علي أسباب معقولة.
المادة 63 ونظرية الغلط في الإباحة : هناك خلاف بين شراح القانون حول تفسير الفقرة الأخيرة من المادة 63 ، ويدور الخلاف حول مسألتين : الأولي – هل نصت المادة المذكورة علي ميزة خاصة بالموظفين أو علي قاعدة عامة يستفيد منها كل من يقع في الغلط. والمسألة الثانية – هل توافر الشروط المذكورة يعد من موانع المسئولية أو يؤدي إلي إباحة الفعل.
أما عن المسألة الأولي – فقد أجابت محكمة النقض بأن قانون العقوبات قد اعتمد قاعدة في المادة 63 الواردة في الأحكام العامة ، وقالت ” إن حسن النية المؤثر في المسئولية عن الجريمة رغم توافر أركانها هو من كليات القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض ، وهو معني لا تختلف مقوماته باختلاف الجرائم ، ويكفي أن يكون الشارع قد ضبطه وأرشد إلي عناصره في نص معين أو مناسبة معينة ، كما تقدم ، ليستفيد القاضي من ذلك القاعدة العامة الواجبة الاتباع ” . وبناء عليه تطلبت المحكمة لقبول الدفع بإباحة القذف في حق ذي الصفة العمومية أن يثبت القاذف أنه لم يرتكب القذف إلا بعد التثبت والتحري. وإن كانت المحكمة لم تقل كلمتها صريحة في أن حسن النية بعنصرية يقوم مقام ثبوت صحة الواقعة المسندة ، إلا أن سياق الحكم وعلي الأخص ما جاء فيه من الاستناد علي القاعدة العامة الواردة في المادة 63 يدل علي إقرار لنظرية الغلط في الإباحة والواقع أن هذه النظرية واجبة الإتباع ولو لم يرد بها نص ، فالقانون لا يمكن أن يسوي في الحكم بين من يتعمد مخالفته ، وبين من يهمل في التثبت من شروط صحة العمل ، وبين من تقع منه المخالفة رغم التثبت الواجب. ومن ثم فإن ما جاء في الفقرة الأخيرة من المادة 63 هو قاعدة عامة يستفيد من حكمها في مجال الإباحة الموظفون وغيرهم.
أما عن المسألة الثانية – فمن شراح القانون من يري أن توافر شروط الفقرة الأخيرة من المادة 63 لا يؤدي إلي اعتبار الفعل مباحا فلا يمحوه كلية ، وإنما يؤثر فقط في مسئولية الفاعل ، وهو لا يسأل عن جريمة عمدية لأن الغلط في الواقع يؤثر في قيام القصد الجنائي ، ولكن تصح مساءلته عن جريمة غير عمدية إذا كان القانون يجرم فعله إذا حصل بإهمال كما يسأل مدنيا عن تعويض الضرر الذي قد يترتب علي خطئه . وهذا الرأي سليم فيما لو توافر الشرط الأول فقط وهو سلامة الاعتقاد مع الإهمال. أما إذا توافر الشرط الآخر فإن الفاعل لا يكون مخطئا ولا تترتب علي عمله مسئولية من أي نوع ، وبالتالي يكون عمله في الظروف التي وقع فيها مباحا. ويبدو هذا النظر في حكم لمحكمة النقض قضت فيه بأنه إذا أفش الطبيب سر مريض ، بناء علي ما قام باعتقاده من أن المريض هو الذي طلب الإفشاء ، فإن جريمة إفشاء السر تنتفي وكذلك المسئولية المدنية عن هذا العمل . وقد أزالت المادة 167 من القانون المدني كل شبهة في ذلك ، إذ نصت علي ما يأتي : ( لا يكون الموظف العام مسئولا عن عمله الذي أضر بالغير إذا قام به تنفيذا لأمر صدر إليه من رئيس ، متي كانت إطاعة هذا الأمر واجبة عليه ، أو كان يعتقد أنها واجبة وأثبت أنه كان يعتقد مشروعية العمل الذي وقع منه وكان اعتقاده مبنيا علي أسباب معقولة وأنه راعي في عمله جانب الحيطة). وظاهر أن ما ورد في هذا النص من شروط مانعة من قيام المسئولية المدنية هي بعينها الشروط اللازمة لإباحة العمل غير القانوني بمقتضى المادة 63 من قانون العقوبات ، والتي أجملتها التعليقات في أن هذه المادة ” تلزم الموظف بصريح العبارة بتقديم ما يثبت أنه فعل ما فعل مع كل الاحتراس الواجب قانونا وأن اعتقاده بني علي أسباب معقولة “.
شرط حسن النية : حسن النية بالمعني الضيق ينصرف إلي مجرد الاعتقاد بمشروعية العمل ، فيتوافر إذا كان الموظف جاهلا ما ينطوي عليه عمله من مخالفة للقانون . وقد يرجع الجهل بالمخالفة إلي غلط في الواقع ، وعندئذ يتوافر حسن النية بلا شبهة ، لأن الغلط في الواقع ينفي القصد الجنائي. ومثال ذلك أن ينفذ الموظف أمر القبض أو التفتيش خطأ علي غير الشخص المطلوب القبض عليه أو في غير المنزل المطلوب. وقد يرجع الجهل بالمخالفة إلي غلط في حكم قانون غير قانون العقوبات ، ومن المسلم به أن هذا الغلط يأخذ حكم الغلط في الواقع ، لأنه جهل بواقعة تعد ركنا في الجريمة . ومن هذا القبيل أن المادة 131 من قانون العقوبات تعاقب ” كل موظف عمومي أوجب علي الناس عملا في غير الحالات التي يجيز فيها القانون ذلك أو استخدم أشخاصا في غير الأعمال التي جمعوا لها بمقتضى القانون ” ، فإذا كان الموظف يجهل أحكام القانون الخاص بذلك فإنه يكون حسن النية ويقبل منه الاعتذار بجهل القانون المذكور. أما الجهل بأحكام قانون العقوبات فلا يصلح عذرا ولا ينفي سوء النية ، فيسأل الموظف عن عمله كما لو كان يعلم بالحكم الذي خالفه ، ذلك لأن قانون العقوبات لا يدخل في أركان الجريمة حتى يلزم انصراف علم الجاني إليه ، وإنما هو مصدر الجريمة أو خالقها والخالق لا يكون عنصرا في المخلوق. وعلي هذا فالموظف أو المستخدم العمومي الذي يأمر بتعذيب متهم أو يفعل ذلك بنفسه لحمله علي الاعتراف يعاقب بمقتضى المادة 126 من قانون العقوبات يحظر عليه التوسل بالتعذيب للحصول علي الاعتراف.
فيكون الموظف سيئ النية إذا كان غير جاهل ما ينطوي عليه عمله من مخالفة للقانون ، أو كان جاهلا حكم قانون العقوبات ليس إلا . وفي الحالتين يسأل عن عمله طبقا للقواعد العامة . وبناء عليه حكم بأنه إذا أمر عمدة بعض الخفراء بإطلاق النار علي أناس كانوا يتشاجرون مع أهل بلدة ، فأطلقوا النار عليهم وأصابوا بعضهم ، فإن الواقعة بالنسبة للخفراء لا يمكن اعتبارها مما يجيز لهم قانونا استعمال الأسلحة النارية والقتل بها ، لأن الغرض منها لم يكن في الحقيقة المحافظة علي النظام ، وإنما رغبة المتهمين في الانتصار لأهل بلدهم ، ولأن المادة 39 من قانون الخفر تحرم علي الخفير استعمال الأسلحة النارية إلا لمصلحة الأمن العام أو في حالة الدفع الشرعي ، فإطاعة الخفراء لأمر العمدة قد جاء مخالفا لهذا النص الذي كان يجب عليهم مراعاته أو كان يجب عليهم علي الأقل إقامة الدليل علي حسن نيتهم عن ارتكابهم جريمة القتل عملا بنص المادة 58 من قانون العقوبات (63من القانون الحالي).
وسوء القصد لا يؤدي فقط إلي مساءلة الموظف عن فعله جنائيا ، وإنما يبيح أيضا للمعتدي عليه أو غيره أن يدفع الاعتداء بما له من حق شرعي في ذلك. وبناء عليه قضى بأنه إذا كان الحكم قد أدان المتهم في جريمة التعدي علي رجال البوليس ومقاومتهم ، بعد أن كان قد أثبت في واقعة الدعوى أن المتهم إنما فعل ذلك ليفلت من أيديهم الشخص الذي كانوا قد قبضوا عليه بغير حق ولا مسوغ قانوني ، وذلك دون أن يتحدث في صراحة عن أن رجال البوليس كانوا حسنى النية في هذا القبض الذي وقع منهم مخالفا للقانون ويورد الأدلة والاعتبارات التي تدعم ما يقول به في هذا الخصوص ، فإنه يكون قد أخطأ ، إذ العقاب في هذه الحالة لا يكون صحيحا إلا عند توافر حسن النية لدى رجال البوليس.
التحري والتثبت : تنص الفقرة الأخيرة من المادة 63 علي هذا الشرط ، وهو داخل في حسن النية بمعناه الواسع ، وقد أضيفت بناء علي طلب مجلس شورى القوانين ، ” حتى لا يحتج بمجرد حسن النية وسلامة الاعتقاد مع الإهمال “. وقالت عنه محكمة النقض : ” إن حسن النية ليس معنى باطنيا بقدر ما هو موقف أو حالة يوجد فيها الشخص نتيجة ظروف تشوه حكمه علي الأمور رغم تقديره لها واعتماده في تصرفه فيها علي أسباب معقولة . وقد ذكرت تعليقات وزارة الحقانية علي هذه المادة أن حكمها مأخوذ من المادتين 77 و 78 من قانون العقوبات الهندي الذي عرف حسن النية في المادة 52 صراحة بقوله ” لا يقال عن شيء إنه عمل أو صدق بحسن نية إذا كان قد عمل أو صدق بغير التثبت أو بغير الالتفات الواجب “.
وهذا الشرط كثيرا ما يثار في العمل بصدد استعمال العساكر والخفراء أسلحتهم عند الاشتباه . وتقضي التعليمات المرعية بأنه إذا ما اشتبه خفير في شخص نادي عليه ثلاث مرات ، فإذا لم بحبه وأمعن في سيرة أطلق الخفير في الفضاء عيار ناريا للإرهاب , فإذا ما حاول المشتبه فيه الهرب أطلق الخفير صوب ساقيه عيارا آخر ليعجزه عن الفرار . فإذا روعيت هذه التعليمات كان شرط التحري والتثبت متوفرا . وقد حكم بأنه إذا كانت الواقعة أن ثلاثة أشخاص سرقوا قمحا من منزل مجاور للمزارع وساروا في الطريق الموصل للمزارع ، فأبصرهم خفير ورأى اثنين منهم فرا هاربين في المزارع ولم يدركهما ، وأن ثالثهم كان يحمل زكيبة من القمح المسروق ، فناداه مرتين فلم يجبه بل ألقى الزكيبة علي الأرض وحاول الفرار مثل زميليه الذين أفلتا واندسا في المزارع بعد أن ألقيا علي حافتها ما كان معهما من القمح فعندها ارتكز الخفير علي ركبتيه وأطلق عليه عيارا ناريا في الجزء الأسفل من جسمه أصابه في ساقيه من الخلف ، ولم يكن بين المكان الذي أصيب المجني عليه فيه وبين المزارع سوى خمسة عشر قدما علي أكبر تقدير ، وقد توفي هذا السارق بسبب تلك الإصابة -تلك المقدمات مجتمعة تشير إلي أن المتهم كان معذورا فيما فعله من المبادرة إلي إطلاق النار علي المجني عليه الذي يعتقد أنه لص ، قبل اتخاذ خطوة التهديد بالإطلاق في الهواء حتى لا يفلت منه قبل أن يجهز بندقيته لإطلاقها لثاني مرة.
أما إذا لم يتوافر هذا الشرط فإن الفاعل تصح مساءلته ، لا علي أساس العمد لأن العمد يتنافى مع حسن النية ، ولكن علي أساس الإهمال إذا كان القانون يجرم الفعل بهذا الوصف . ومن ثم لا يسأل الفاعل عن قتل أو ضرب عمد وإنما عن قتل أو إصابة بإهمال.
وقد يتوافر الشرطان – حسن النية والتثبت والتحري – ولكن الموظف يتجاوز حدود سلطته ، وقد سبق القول إنه يسأل عن هذا التجاوز بمقتضى القواعد العامة ، فإن تعمده يسأل عن جريمة عمدية ، وإن حدث بتقصير منه يسأل عن جريمة غير عمدية ، ولا يسأل بطبية الحال إذا حصل التجاوز بسبب لا دخل لإرادته فيه.
إثبات حسن النية والتثبت والتحري : إن قاعدة علي صاحب الدفع عبء إثباته لا يعمل بها في المسائل الجنائية لخطورتها فعلي النيابة أن تثبت – ليس فقط توافر أركان الجريمة – بل أيضا عدم قيام سبب يحول دون معاقبة المتهم. وعلي المحكمة أن تتحرى بنفسها حقيقة الظروف التي ارتكب فيها الفعل ، فلا تقضي بالإدانة إلا إذا توافرت العناصر اللازمة لذلك .وعلي خلاف هذا الأصل جاءت الفقرة الأخيرة من المادة 63 فألقت علي عاتق المتهم عبء إثبات حسن النية والتثبت والتحري . وجاء في تعليقات الحقانية أنه ” مما يؤمل أن تشدد المحاكم فيما يختص بالإثبات المقدم ” . وليس في هذا الشرط مغالاة من المشرع ، لأنه إذا كان القانون يسوي بين العمل القانوني والعمل غير القانوني ، حتى لا يدفع تهديد الموظف بمسئولية مطلقة إلي تردده فيما هو من وظيفته مما يلحق ضررا بالمصلحة العامة ، فمن الواجب أيضا ألا يغفل جانب الأفراد الذين يعتدي علي حقوقهم ، مما مقتضاه التنبيه إلي عدم الإقدام علي العمل ما لم يكن بيد الفاعل الدليل علي قيام أسباب معقولة تبرر اعتقاده بمشروعية العمل.

أحكــام النقض
أورد الشارع المادة 63 من قانون العقوبات ليجعل في حكمها حصانة للموظفين العموميين حتى لا يتحرجوا في أداء واجباتهم أو يترددوا في مباشرتهم لهذه الواجبات خشية الوقوع في المسئولية الجنائية وقد جعل الشارع أساسا لمنع تلك المسئولية أن يكون الموظف فيما قام به حسن النية ومن أنه قام أيضا بما ينبغي من وسائل التثبيت والتحري وأنه كان يعتقد مشروعية الفعل الذي قام به وأن اعتقاده كان مبنيا علي أسباب معقولة ومن ثم فإذا كان المتهم يعمل في ظروف تجعله يعتقد أنه يقوم بخدمة الملك السابق في الوظيفة المخصصة له إنما كان يباشر عملا له صيغته الرسمية وارتكب فعلا ينهي عنه القانون تنفيذا لأمر صادر أليه من رئيسه الذي تجب عليه طاعته فإنه لا يكون مسئولا علي إي الأحوال.

(نقض 25/12/1956 طعن 1095 سنة 26 ق ، السنة 7 ص1331)

من المقرر أن طاعة المرؤوس لرئيسه لا تكون في أمر من الأمور التي يحرمها القانون وقد جعل القانون أساسا في المادة 63 من قانون العقوبات لمنع مسئولية الموظف الجنائية -أن يكون فيما قام به حسن النية وأنه قام أيضا بما ينبغي له من وسائل الثبت والتحري وأنه كان يعتقد مشروعية الفعل الذي قام به إطاعة لأمر رئيسه وأن اعتقادهم كان مبنيا علي أسباب معقولة.

(نقض 14/4/1964 طعن 2040 سنة 23 ق ، السنة 15 ص314)

من المقرر أن طاعة الرئيس لا تمتد بأي حال إلي ارتكاب الجرائم وأنه ليس علي مرؤوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدوا أن يكون دفاعا قانونيا ظاهر البطلان مما يستأهل من المحكمة ردا.

(نقض 6/1/1969 طعن 1913 سنة 38 ق ، والسنة 20 ص24)

أن قيام مفتش الجهة التابعة لها السيارة العامة التي يقودها المتهم بتنبيهه إلي تأخيره عن موعده – بفرض حصوله – لا يبيح للمتهم مخالفة القوانين واللوائح وقيادة السيارة بحالة ينجم عنها الخطر علي حياة الجمهور ، ولا يعيب الحكم التفاته عن الرد علي دفاع المتهم في هذا الشأن لأنه دفاع ظاهر البطلان.

(الطعن رقم 860 لسنة 39 ق – جلسة 27/10/1969 لسنة 20 ص1144. وقارن أيضا الطعن رقم1647 لسنة 47ق – جلسة 2/4/1978 السنة 29 ص 333)

دفع وزارة الداخلية ( المسئولة عن الحقوق المدنية ) الدعوى المدنية بعدم مسئوليتها لوقوع جريمة القتل الخطأ من تابعها المتهم بصفته موظفا عاما تنفيذا لواجبات وظيفته علي المحكمة تحقيق هذا الدفاع أو الرد عليه . وإلا كان حكمها مشوبا بالقصور والإخلال بحق الدفاع ، لخلو حكمها من الرد علي ما أثاره الدفاع في صدد قيام حالة من حالات الإباحة في الدعوى.

(الطعن رقم 1198 لسنة 40 ق – جلسة 22/11/1970 السنة11 ص1140)

الأحكام التي تتضمنها المادة 63 من قانون العقوبات خاصة بالموظف العام ، فلا يستفيد منها من لم يكن له هذه الصفة وإن كانت العلاقة بينه وبين من أصدر الأمر تقضي عليه بطاعته.

(الطعن رقم 1321 لسنة 42 ق – جلسة 21/1/1973 السنة 24 ص78 والسنة 19 ص 1016)

أن المادة 63 من قانون العقوبات إذ نصت بأنه لا جريمة إذا وقع الفعل من موظف عام تنفيذا لما أمرت به القوانين أو ما اعتقد أن إجراءه من اختصاصه متي حسنت نيته ، قد أوجبت عليه – فوق ذلك أن يثبت أنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبيت والتحري وأنه كان يعقد مشروعيته اعتقادا مبنيا علي أسباب معقولة.

(الطعن911 لسنة 49 ق – جلسة 2/1/1977 لسنة 28 ص14)

التزام قائد المركبة بالكشف عليها والتحقق من سلامتها وصلاحيتها للسير دون خطر عليها أو علي الغير ، وذلك قبل تحركها . المادة الرابعة من اللائحة التنفيذية لقانون المرور رقم 66 لسنة 1973.
صدور الأمر بتسيير المركبة من أية جهة ولو كانت الجهة المكلفة بالصيانة ، لا يعفيه من المسئولية ، متي تبين له عدم خلو المركبة من العيوب.

(الطعن 1647 لسنة 47 ق – جلسة 2/4/1978 السنة 29 ص333)

متي كان المتهم قد عين طبقا للأوضاع القانونية في وظيفة بديوان الخاصة الملكية السابق الذي نظم علي غرار المصالح الأميرية وطبق علي موظفيها ومستخدميها نفس الأنظمة واللوائح التي تطبق علي موظفي الحكومة ومستخدميها سواء بسواء ، فإنه يكون في هذا القدر من الكفاية ما يخوله الحق من الإفادة من الإعفاء الوارد في المادة (63) من قانون العقوبات.

(الطعن رقم 1095 لسنة 26 – جلسة 25/12/1956 س7 ص1331)

أن المادة (63) من قانون العقوبات في فقرتها الأولي لا تنطبق إلا إذا ثبت في صدور أمر من رئيس وجبت طاعته – ولا يغني اعتقاد الموظف بصدور الأمر عن حقيقة صدوره فعلا ، والتثبيت من صدور الأمر لا غني عنه لتوافر حسن النية.

(الطعن رقم 1412 لسنة 26 – جلسة 28/1/1957 س8 ص76)

ما يقولـه الطاعن خاصا بعدم مسئوليته عن جريمة اختلاس أموال أميرية طبقا لنص المادة (63) من قانون العقوبات لأنه انصاع لرغبة رئيسه – المتهم الأول – هذا القول مردود بأن فعل الاختلاس الذي أسند إليه ودانته المحكمة به هو عمل غير مشروع ونية الإجرام فيه واضحة بما لا يشفع للطاعن فيما يدعيه من عدم مسئوليته ، بل أن إقدامه علي ارتكاب هذا الفعل يجعله أسوة المتهم الأول في الجريمة ، وفضلا عن ذلك فالذي يبين من الإطلاع علي محضر الجلسة أن الطاعن لم يثر هذا الدفاع أمام محكمة الموضوع حتى تستطيع التثبت من حقيقة الصلة التي تربطه بالمتهم الأول بصفة هذا الأخير رئيسا له.

(الطعن رقم 1775 لسنة 29 ق – جلسة 11/4/1960س 11 ص237)

الأحكام التي تتضمنها المادة (63) من قانون العقوبات خاصة بالموظف العام ، ومن ثم لا يستفيد منها من لم تكن له هذه الصفة ، وإن كانت العلاقة بينه وبين من أصدر الأمر تفرض عليه طاعته ، وإذ كان ذلك ، وكان من الواضح من سياق نصوص القانون رقم 38 لسنة 1963 بتأميم منشآت تصدير القطن وكذلك محالج القطن الموجودة في الجمهورية العربية المتحدة وإخضاعها لإشراف المؤسسة المصرية العامة للقطن وما دل عليه قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة رقم 1106 لسنة 1965 بشأن إعادة تنظيم الشركات التابعة للمؤسسات المصرية العامة للقطن وما تلاها من قرارات جمهورية ، أن الشارع احتفظ لهذه الشركات بشكلها القانوني واستمرارها في مزاولة نشاطها مما مؤداه عدم اعتبار موظفي وعمال هذه الشركات من الموظفين والمستخدمين العامين في حكم المادة (63/1) من قانون العقوبات.

(الطعن رقم1907 لسنة38 – جلسة 16/12/1968 س19 ق222 ص1086)

لا يسوغ من المتهم القول باضطراره إلي ارتكاب الجرم انصياعا لرغبة رؤسائه في العمل حتى يتستروا علي ما ارتكبه ما دام أن أفعال الاختلاس والتزوير والاستعمال التي أتاها من قبل عمدا واتجهت إليها إرادته واستمر موغلا في ارتكابها وانتهت إلي أدانته بها – هي أعمال غير مشروعة ونية الإجرام فيها واضحة مما لا يشفع للمتهم ما يدعيه من عدم مسئوليته.

(الطعن رقم 1913 ق 38 – جلسة 6/1/1969 س20 ق6 ص24)

لما كان من المقرر أن طاعة المرؤوس لا تمتد بأي حال إلي ارتكاب الجرائم وأنه ليس علي المرؤوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه ،فإن الحكم المطعون فيه إذ طرح دفاع الطاعن المؤسس علي أن إحرازه السلاح الناري كان صدوعا لأمر رئيسه يكون بريئا من قالة الخطأ في تطبيق القانون.

(الطعن رقم 925 لسنة 42 ق جلسة 19/11/1972 س23 ق274 ص1216)

متى كان الثابت أن الحاضر عن الطاعنة (وزارة الداخلية ) قد دفع بعدم مسئوليتها لوقوع فعل القتل – من تابعها المتهم – بصفته موظفا عاما تنفيذا لواجبات وظيفته ، وكان هذا الدفاع من شأنه – لو صح – أن يؤثر في مسئولية الطاعنة طبقا لنص المادتين (63) من قانون العقوبات و (167) من القانون المدني – ومن ثم فإنه كان من المتعين علي المحكمة أن تحققه أو ترد عليه بما ينفيه ، أما وهي لم تفعل واكتفت باعتناق أسباب الحكم المستأنف علي الرغم من خلوها من الرد علي ما أثاره الدفاع في صدد قيام حالة من حالات الإباحة في الدعوى ، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بالقصور والإخلال بحق الدفاع ، مما يستوجب نقضه والإحالة بالنسبة للدعوى المدنية فيما يتعلق بالطاعنة والمحكوم عليه الأخر (المتهم) لوحدة الواقعة واتصال وجه النعي به ولحسن سير العدالة.

(الطعن رقـم 1198 لسـنة 40 ق – جلسة 23/11/1970 س21 ق275 ص1140)

 

من المقرر أن الأحكام التي تتضمنها المادة (63) من قانون العقوبات إنما تنصرف بصراحة نصها إلي الموظف العام ، فلا يستفيد منها من لم تكن له هذه الصفة وبالتالي فإن حكمها لا يمتد إلي العاملين بالشركات العامة سواء منها المؤممة أو التي تساهم الدولة أو إحدى الهيئات العامة في مالها بنصيب ، إذ أن المشرع قد أفصح عن اتجاهه إلي عدم اعتبار موظفي وعمال مثل هذه الشركات من الموظفين العموميين في هذا الشأن بما نص عليه في المادة الأولي من لائحة نظام موظفي وعمال الشركات التي تتبع المؤسسات العامة الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 سنة 1961 من سريان قوانين العمل والتأمينات الاجتماعية علي موظفي وعمال الشركات المذكورة واعتبار هذا النظام متمما لعقد العمل. وقد عاد المشرع إلي تأكيد هذا الحكم بإيراده إياه في المادة الأولي من لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 3546 سنة 1962 التي حلت محل اللائحة السابقة وامتدد سريان أحكامها بالنسبة إلي العاملين بالمؤسسات العامة بمقتضى القرار الجمهوري رقم 800 لسنة 1963 بإصدار نظام العاملين بالمؤسسات العامة والذي حل محله فيما بعد القرار الجمهوري رقم 3309 في شأن المؤسسات العامة وشركات القطاع العام ، وكلما رأي المشرع اعتبار العاملين بالشركات في حكم الموظفين العامين في موطن ما أورد به نصا كالشأن في جرائم الرشوة واختلاس الأموال الأميرية والتسبب بالخطأ الجسيم في إلحاق ضرر جسيم بالأموال الأميرية وغيرها من الجرائم الواردة بالبابين الثالث والرابع من الكتاب الثاني بقانون العقوبات حين أضاف بالقانون رقم 120 لسنة 1962 إلي المادة 111 من قانون العقوبات فقرة مستحدثة نصت علي أن يعد في حكم الموظفين العموميين في تطبيق نصوص الجرائم المشار إليها مستخدمي الشركات التي تساهم الدولة أو إحدى الهيئات العامة في مالها بنصيب ما بأية صفة كانت ، فجعل هؤلاء العاملين في حكم أولئك الموظفين العموميين في هذا المجال المعين فحسب دون سواه فلا يجاوزه إلي مجال المادة (63) من قانون العقوبات ، لما كان ذلك ، وكان الطاعن وهو يعمل سائقا بالشركة العربية لاستصلاح الأراضي البور لا يعد موظفا أو مستخدما عاما في حكم هذه المادة ، فلا يجوز له الاحتماء بما ورد فيها.

(الطعن رقم 869 لسـنة 44 – جلسة 24/11/1974 س25 ق163 ص756)

إن المادة (63) من قانون العقوبات إذ نصت بأنه لا جريمة إذا وقع الفعل من الموظف تنفيذا لما أمرت به القوانين أو ما اعتقد أن إجراءه من اختصاصه متى حسنت نيته قد أوجبت عليه – فوق ذلك – أن يثبت بأنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري وأنه كان يعتقد مشروعيته اعتقادا مبنيا علي أسباب معقولة.

(الطعن رقم911 لسنة 46 ق – جلسة 2/1/1977 س28 ق2 ص14)

إن مظهر التثبت والتحري اللذين يتطلبهما القانون في الحالة المنصوص عليها في المادة (63) من قانون العقوبات هو ألا يلجأ الموظف إلي استخدام سلاحه ضد من يشتبه في أمرهم إلا بعد التيقن من أن لشبهته محلا واستنفاد وسائل الإرهاب والتهديد التي تعينه علي القبض علي المشتبه فيهم بغير حاجة إلي استعمال سلاحه ، ولذا قضت التعليمات المرعية بأنه إذا ما اشتبه شرطي في شخص ، نادي عليه ثلاث مرات ،فإذا لم يجبه وأمعن في سيره أطلق عيارا ناريا للإرهاب فإذا حاول المشتبه فيه الهرب أطلق صوب ساقه عيارا آخر ليعجزه عن الفرار ، ولما كان الثابت أن الشرطي لم يعمل بهذه التعليمات المستمدة من روح القانون بل بعد أن لحق بالمجني عليه أطلق عليه عيارا ناريا صوبه عليه مباشرة فأصابه في وجهه وهو مقتل ولم يكن لإطلاق النار من مبرر.

(الطعن رقم 8981 لسنة 64 ق جلسة 2/4/1996 السنة 47 ص431)

من المقرر أن أعضاء الاتحاد الاشتراكي العربي ليسوا من طائفة الموظفين العامين وإن كانوا مكلفين بخدمة عامة ، ومن ثم فإن الطاعنين – بصفتهم أعضاء إحدى لجان هذا الاتحاد – لا يستفيدون من حكم البند الثاني من المادة 63 من قانون العقوبات .

(نقض جنائي – جلسة 5/2/1978 السنة 29 ص132)

من المقرر أن الأحكام التي تتضمنها المادة (63) من قانون العقوبات إنما تنصرف بصراحة نصها إلي الموظف العام فلا يستفيد منها من لم تكن له هذه الصفة وبالتالي فإن حكمها لا يمتد إلي العاملين بالشركات العامة سواء منها المؤممة أو التي تساهم الدولة أو إحدى الهيئات العامة في مالها بنصيب.

(نقض جنائي في جلسة 24/11/1974 السنة 25 ص756)

لما كان الثابت من استقراء أوراق الدعوى وتحقيقاتها أن المتهم بوصفه شرطيا سريا في دائرة ميناء الإسكندرية شاهد المجني عليه وهو من اللصوص المعروفين له ومطلوب ضبطه وكان يحمل صندوقين متجها بهما إلي باب الخروج من الدائرة الجمركية وبادر إلي إلقائهما والتخلص منهما في محاولة للفرار والهرب من وجهة المتهم وزميله مما دفعهما إلي تعقبه للقبض عليه ، الأمر الذي تري معه المحكمة أنه وإن توافر لدى المتهم وقام الاعتقاد بمشروعية وضرورة هذا الفعل ، إلا أنه – في ذات الوقت – تجاوز الإجراء المعقول في هذه الظروف في ضوء ما تقضي به النظم وتعليمات الشرطة من حظر وعدم اللجوء إلي استخدام السلاح الناري إلا إذا استحال عليه إنذار الهارب وبعد استنفاذ وسائل التهديد والإرهاب وأن يكون إطلاق النار في الهواء ثم في الأجزاء السفلية من جسمه فحسب وفي اتجاه رجليه ، فيكون إقدام المتهم علي إطلاق النار من مسدسه وهو يجري خلف المجني عليه الذي لم يستجيب إلي إنذاره بالتوقف عن الهرب دون أن يتحرى عدم إصابته أو يتثبت من أحكام التصويب سواء في الهواء أو غير مقتل منه ، إذ كان في وسعه أن يصوب سلاحه إلي رجلي المجني عليه ليعوقه عن الحركة ، أو أنه أطلق النار دون هذا التحري وذلك ما تنحسر معه قاله مشروعية ما ارتكب من جرائم ويستحيل عليه التمسك بأحكام المادة (63) من قانون العقوبات ويضحي ما لاذ به من دفاع في غير محله مفتقرا إلى سنده من القانون.

(نقض جنائي في جلسة 31/3/1985 السنة 36 ص508)

صدور الأمر بتسيير المركبة من أية جهة ولو كانت المنوط بها صيانتها ، لا يعفيه من المسئولية ،متى تبين له عدم خلو المركبة من العيوب.

(الطعن رقم 1647 لسنة 47 ق – جلسة 2/4/1978 س 29 ص333)

طاعة الرئيس في مفهوم المادة 63 عقوبات عدم امتدادها إلي ارتكاب الجرائم.
من المقرر أن طاعة الرئيس بمقتضى المادة 63 من قانون العقوبات لا تمتد بأي حال إلى ارتكاب الجرائم ، وأنه ليس على المرؤوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه.

(الطعن 4424 لسنة 52 ق – جلسة 30/11/1982 س33 ص937)

طاعة الرئيس لا تمتد بأي حال إلي ارتكاب الجرائم.
لما كان من المقرر أن طاعة الرئيس لا تمتد بأي حال إلي ارتكاب الجرائم انه ليس على المرؤوس أن يطيع الأمر الصادر إليه من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه . فان الحكم المطعون فيه إذ اطرح دفاع الطاعن المؤسس على قيام حالة الضرورة استنادا إلي أنه ارتكب الواقعة صدوعا لأمر رئيسه يكون بريئا من قاله الخطأ في تطبيق القانون.

(الطعن 6533 لسنة 52 ق – جلسة 24/3/1983 س34 ص432)

 

موجبات إعمال المادة 63 عقوبات ؟ .
مثال لتسبيب سائغ في رفض الدفع بحسن نية الطاعن في جريمة ضرب أفضى إلي الموت.
لما كان الحكم قد عرض لما تمسك به الطاعن من أحكام المادة 63 من قانون العقوبات ورد عليه بقوله ” وحيث أنه ردا على ما أثاره الدفاع عن المتهم بانتفاء مسئوليته استنادا إلى ما تقضى به المادة 63 من قانون العقوبات فان المتهم أطلق النار على المجني عليه وهو على مقربه منه وكان في مقدوره إلقاء القبض عليه دون حاجه إلى اللجوء إلى استعمال سلاحه الناري على نحو ما سلف بيانه , وليس في تعليمات الشرطة ما يوجب أو يبيح لرجل الأمن إطلاق النار على الجناة وهم في قبضتهم وطالما كان في إمكانهم ضبطهم بغير قوه أو عنف “. ولما كان هذا الذي أورده الحكم سائغا في الرد على دفاع الطاعن الخاص بحسن نيته . ذلك بان المادة 63 من قانون العقوبات إذ قضت بأنه لا جريمة إذا وقع الفعل من الموظف تنفيذا لما أمرت به القوانين أو ما اعتقد أن إجراءه من اختصاصه متى حسنت نيته , قد أوجبت عليه – فوق ذلك – أن يثبت انه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري وانه كان يعتقد مشروعيته اعتقادا مبنيا على أسباب مقبولة. وأن مظهر التثبت والتحري اللذين يتطلبهما القانون في هذه الحالة هو إلا يلجأ الموظف إلى استخدام سلاحه ضد من يشتبه في أمرهم إلا بعد التيقن من أن لشبهته محلا واستنفاد وسائل الإرهاب والتهديد التي قد تعينه على القبض على المشتبه فيهم بغير حاجه إلى استعمال سلاحه. وإذ كان ما ساقه الحكم – على النحو المتقدم بيانه – من شانه أن يؤدي إلى انتفاء حسن النية الذي تمسك به الطاعن على نحو مرسل , فإن تعييبه الحكم في هذا الصدد يكون على غير أساس.

(الطعن 5868 لسنة 56 ق – جلسة 1/2/1987 س 38 ص172)

طاعة الرئيس . لا تمتد إلى ارتكاب الجرائم .
من المقرر أن طاعة الرئيس لا تمتد بأي حال إلي ارتكاب الجرائم وأنه ليس على المرؤوس أن يطيع الأمر الصادر إليه من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه.

(الطعن 6860 لسنة 59 ق – جلسة 16 /2 1993 س44 ص187)

طاعة الرئيس في مفهوم المادة 63 عقوبات. عدم امتدادها إلى ارتكاب الجرائم.
الدفاع القانوني ظاهر البطلان. عدم التزام المحكمة بالرد عليها.
من المقرر أن طاعة الرئيس بمقتضى المادة 63 من قانون العقوبات لا تمتد بأي حال إلى ارتكاب الجرائم , وأنه ليس على المرؤوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم أن القانون يعاقب عليه ، ومن ثم فان دفاع الطاعن في هذا الخصوص يكون دفاعا قانونيا ظاهرا البطلان ولا على المحكمة أن هي التفتت عنه ولم ترد عليه.

(الطعن 19153 لسنة 61 ق – جلسة 18 /5 / 1993 س44 ص499)

الأصل أنه ليس على مرؤوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه , فإن طاعة الرئيس لا ينبغي بأية حال أن تمتد إلى ارتكاب الجرائم.

( الطعن رقم869 لسنة 44 – جلسة 4/11/1974 س25 ق163 ص756)

إن المادة (58) ” قديم” تشترط لتبرير الفعل الواقع من الموظف فوق أنه يكون حسن النية وجوب تحريه وتثبته من ضرورة التجائه إلي ما وقع منه ووجوب اعتقاده مشروعية عمله اعتقادا مبنيا على أسباب معقولة ، فإذا كان المفهوم مما أثبته الحكم المطعون فيه أن ما وقع من المتهم كان عن طيش ولم يكن منبعث عن أسباب معقولة فلا يحق له التمسك بهذه المادة.

(جلسة 11/3/1935 طعن رقم826 سنة 5 ق)

إن مظهر التثبت والتحري اللذين يتطلبهما القانون في الحالة المنصوص عليها بالمادة (58) من قانون العقوبات ” قديم” هو ألا يلجأ الموظف إلي استخدام سلاحه ضد من يشتبه في أمرهم إلا بعد التيقن من أن لشبهته محلا واستنفاد وسائل الإرهاب والتهديد التي قد تعينه علي القبض علي المشتبه فيهم بغير حاجة إلي استعمال سلاحه.

(جلسة 31/10/1932 طعن رقم 2420 سنة 2 ق)

 

 

أحكــام النقض

 

يشترط في حالة الضرورة التي تسقط المسئولية الجنائية أن تكون الجريمة التي ارتكبها المتهم هي الوسيلة الوحيدة لدفع الخطر الحال به ولما كان قرار الطاعن من مركز الشرطة لم يكن ليسوغ له أن ينطلق في الطريق فيدفع المارين تلك الدفعة التي ألقت بالمجني عليه في طريق السيارة خاصة وأن الطاعن لا يدعي أن المجني عليه حاول منعه أو الإمساك به ولم يرد بالأوراق ولا بمدونات الحكم أو تقرير أسباب الطعن شئ من ذلك ، ومن ثم فإن دفاعه بقيام حالة الضرورة في هذه الصورة إنما يكون دفاعا قانونيا لا يستأهل من المحكمة ردا.

(نقض 30/3/1964 طعن 11 سنة 34 ق ، السنة 15 ص221)

الأصل أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلي الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله.
كما أنه ليس للمرء أن يرتكب أمرا محرما ثم يقارف جريمة في سبيل النجاة منه.
كما أنه ليس للطاعن أن يثير لأول مرة أمام النقض بأنه كان في حالة ضرورية ألجأته إلي عرض الرشوة تخلصا من خطر القبض عليه.

(الطعن رقم 1367 السنة 27 ق – جلسة 28/2/1967 السنة 18 ص1196 والطعن رقم 462 لسنة 41 ق – جلسة 13/6/1971 السنة 22 ص472)

للإعفاء من العقوبة المؤسس علي الإكراه شروط خاصة منصوص عليها في المادة 56 عقوبات لا يقوم صغر السن وحده مقامها فلا يجوز لمتهم قاصر أن يعتذر عن جريمة ارتكبها بأنه كان مكروها علي ارتكابها بأمر والده.

(الطعن392 لسنة 5ق – جلسة 21/1/1935 مجموعة القواعد القانونية جـ3 ص414)

تقدير حالة الضرورة . موضوعي .

(الطعن رقم 3172 لسنة 57 ق – جلسة 24/2/1988 السنة 39 ص5)

الأصل أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلي الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله ، فليس للمرء أن يرتكب أمرا محرما ثم يقارف جريمة في سبيل النجاة مما ارتكبه.
لا يسوغ من المتهم القول باضطراره إلي ارتكاب الجرم انصياعا لرغبة رؤسائه في العمل حتى يتستروا علي ما ارتكبه مادام أن أفعال الاختلاس والتزوير والاستعمال التي أتاها من قبل عمدا واتجهت إليها إرادته واستمر موغلا في ارتكابها وانتهت المحكمة إلي إدانته بها – هي أعمال غير مشروعة ونية الإجرام فيها واضحة مما لا يشفع للمتهم ما يدعيه من عدم مسئوليته.

(الطعن 1913 لسنة 38 ق – جلسة 6/1/1969 السنة 20 ص24)

 

علاقة الزوجية لا تصلح سندا للقول بتوافر حالة الضرورة لخرق محارم القانون.

(الطعن 802 لسنة 39 ق – جلسة 13/10/1969 السنة 20 ص1027)

أنه يشترط لتوافر حالة الضرورة أو حالة الإكراه الأدبي التي تمنع المسئولية الجنائية ، أن يثبت أن الجاني قد أراد الخلاص من شر محيق به وأنه كان يبغي دفع مضررة لا يبررها القانون. ولا يتصور أن يكون الطعن في حكم صادر ضد مصلحة الدولة بالطرق القانونية المقررة للطعن في الأحكام ، عملا جائزا يتغيا المتهم منعه أو الخلاص منه باقتراف جريمة.

(الطعن 1580 لسنة 39 ق – جلسة 18/1/1970 س21 ص94)

إذا كان الحكم قد ذهب إلي أن تهديد المطعون ضدهم بالوضع تحت الحراسة وأيلولة أرضهم للإصلاح الزراعي يعد حالة ضرورة معفية من العقاب مع أنه انصب علي المال فحسب فإنه يكون قد انطوي علي تقرير قانوني خاطئ لأن حالة الضرورة تستلزم أن يكون الخطر مما يهدد النفس.

(الطعن 150 لسنة 42 ق – جلسة 27/3/1972 السنة 23 ص479)

 

من المقرر أن حالة الضرورة لا تتوافر إلا إذا وجد خطر يهدد النفس دون المال.

(الطعن 137 لسنة 43 ق – جلسة 11/2/1974 السنة 25 ص119)

حالة الضرورة هي التي تحيط بالشخص وتدفعه إلي الجريمة وقاية لنفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس وشيك الوقوع ولم يكن لإرادته دخل في حلوله شريطة أن تكون الجريمة هي الوسيلة الوحيدة لدفع ذلك الخطر.

(نقض 2/11/1975 طعن 1123 س45 ق – السنة 26 ص675)

أن تراخي جهة الإدارة في إخلاء عقار آيل للسقوط بعد صدور قرار بإخلائه . لا يعفي المالك من المسئولية.

(الطعن رقم527 لسنة 46ق – جلسة 1/11/1976 السنة 27 ص811 والسنة 20 ص696)

يشترط في الحادث القهري ألا يكون للجاني يد في حصول الضرر أو في قدرته منعه ، فإذا اطمأنت المحكمة إلي توافر الخطأ في حق الطاعن وأوردت صورة الخطأ الذي وقع منه ورتبت عليه مسئوليته ، فإن ذلك مما ينتفي به القول بحصول الواقعة عن حادث قهري.

(الطعن رقم1007 لسنة 46ق – جلسة13/2/1977 السنة 28 ص237 . والسنة 10 ص451)

اعتبار الخطر الذي يهدد المال حالة ضرورة . خطأ في القانون . ولكن الاعتداء علي المال يجيز الدفاع الشرعي عنه.

(السنة 26 ص675 والسنة 29 ص305)

أن اطمئنان المحكمة إلي توافر الخطأ في حق المتهم ، ينتفي معه صدق القول بحصول الواقعة نتيجة حادث قهري.

(الطعن 1254 لسنة 47 ق – جلسة 21/3/1978 السنة 29 ص322)

أن مجرد الفقر في حد ذاته ليس من حالات الضرورة.

(الطعن رقم 3390 لسنة 55 ق – جلسة 30/10/1985)

عدم جواز إثارة حالة الضرورة لأول مرة أمام محكمة النقض مادامت الوقائع الثابتة في الحكم لا تحمله.

(الطعن رقم 1265 لسنة 30 ق – جلسة 7/11/1960 السنة 11 ص774)

إن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلي الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره وأن تكون الجريمة التي ارتكبها الطاعن هي الوسيلة الوحيدة لدفع الخطر الحال به ، وإذ كان قصارى ما أورده الدفاع عن الطاعن أن المجني عليها هددته بفضح علاقتهما الآثمة إذا ما أقدم علي قطعها وكان هذا القول بفرض صحته لا يوفر حالة الضرورة ولم يقترن بخطر جسيم علي النفس فلا يعيب الحكم أن يلتفت عنه لأنه دفاع ظاهر البطلان بعيد عن محجة الصواب.

(الطعن رقم 23095 – جلسة 10/5/2000 السنة 69)

يشترط في الحادث القهري ألا تكون للجاني يد في حصول الضرر أو في قدرته منعه ، فإذا اطمأنت المحكمة إلي توافر الخطأ في حق الطاعن وأوردت صورة الخطأ الذي وقع منه ورتبت عليه مسئوليته فإن ذلك مما ينتفي به القول بحصول الواقعة عن حادث قهري.

(الطعن رقم 1007 لسنة 46 ق – جلسة 1/11/1977 السنة 28 ص337)

من المسلم به أنه ليس للإنسان أن يرتكب أمرا مجرما ثم يقارف جريمة في سبيل النجاة مما أحدثه بيده ، ولما كان الثابت من الحكم أن الطاعن أما قدم الرشوة ليتخلص من جريمة الإخفاء التي ارتكبها فإن الدفاع الذي يستند إليه الطاعن من أنه كان في حالة ضرورة ألجأته إلي دفع الرشوة تخلصا من خطر القبض عليه هو دفاع قانوني ظاهر البطلان لا يستأهل ردا ً.

(الطعن رقم 2612 لسنة 30 ق – جلسة 13/3/1961 س12 ص330)

عدم التزام المحكمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب ما لم يدفع به أمامها.

(الطعن رقم 2388 لسنة 49 ق – جلسة 26/5/1980 السنة 31 ص670)

عدم جواز التمسك بالإكراه المعنوي أو حالة الضرورة لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام أن الواقعة كما أثبتها الحكم لا أثر للإكراه فيها ولا يتوافر الإكراه أو الضرورة في عرض رشوة علي الموظف بالإجراء المقرر قانونا.

(الطعن رقم 1265 لسنة 30 ق جلسة 7/11/1960 السنة 11 ص774)

الأصل أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلي الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله ، فليس للمرء أن يرتكب أمرا ً محرما ثم يقارف جريمة في سبيل النجاة مما ارتكبه .

(الطعن 1913 لسنة 38 ق – جلسة 6/1/1969 س20 ص24)
(الطعن رقم 1367 لسنة 37 ق – جلسة 28/11/1967 س18 ص1196)

ليست التحقيقات أو جمع الاستدلالات بحالة الضرورة المعرفة في القانون والتي ترفع المسئولية الجنائية عن المتهم بعرض الرشوة إذ يشترط في حالة الضرورة ألا يكون لإرادة الجاني دخل في حلولها وإلا كان للمرء أن يرتكب أمرا مجرما ثم يقارف جريمة في سبيل النجاة مما ارتكبه.

(الطعن 462 لسنة 41 ق – جلسة 13/6/1971 س22 ص472)

إذا كان الحكم المطعون فيه قد تساند في قضائه بامتناع مسئولية المطعون ضده إلي أنه لجأ إلي إقامة البناء بدون ترخيص لضرورة وقاية نفسه وماله بسبب خارج عن إرادته لا يد له فيه ولا في قدرته منعه ، وهو تهدم البناء بسبب هطول الأمطار ، فإن هذا الرأي اتخذه الحكم أساسا لقضائه ينفي المسئولية الجنائية لا يصلح في ذاته سببا للقول بقيام حالة الضرورة الملجئة إلي ارتكاب جريمة إقامة البناء بدون ترخيص وبأن إعادة البناء كانت الوسيلة الوحيدة لدفع خطر حال علي النفس أو وشيك الوقوع ، وإذ كان الحكم قد اتخذ من واقعة تهدم البناء علي هذا النحو ذريعة للقول بقيام حالة الضرورة التي تسقط المسئولية الجنائية فقد كان يتعين عليه أن يستظهر الصلة بين واقعة تهدم البناء بسبب هطول الأمطار والضرورة التي ألجأت المطعون ضده إلي إقامته علي خلاف أحكام القانون ، وأن يستجلي هذا الأمر ويستظهره بأدلة سائغة للوقوف علي ما إذا كانت الجريمة التي ارتكبها المطعون ضده هي الوسيلة الوحيدة لدفع خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله ، أو أنه كان في وسعه أن يتجنب ارتكابها بالالتجاء إلي وسائل أخري يتمكن بها من وقاية نفسه أو غيره من ذلك الخطر الجسيم الحال بفرض قيامه ، مما قصر الحكم في بيانه.

(الطعن 1133 لسنة 45 ق – جلسة 2/11/1975 س26 ص675)

أن تقدير ما إذا كان المتهم مكرها أم مختارا فيما أقدم عليه من مقارفته للجرم المسند إليه أمر موكول إلي قاضي الموضوع يستخلصه من عناصر الدعوى في حدود سلطته التقديرية بلا معقب عليه مادام استخلاصه سائغا لا شطط فيه.

(الطعن 2015 لسنة 48 ق – جلسة 5/4/1979 س30 ص443)

متي كان لا يبين من الاطلاع علي محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أثار دفاعا مؤداه أنه كان في حالة ضرورة ألجأته إلي ارتكاب الجريمة المسندة إليه ، فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض.

(الطعن 768 لسنة 49 ق – جلسة 3/12/1979 س30 ص869)
(نقض جلسة 6/1/1969 س20 ص24)

الأصل أن أي مساس بجسم المجني عليه يحرمه قانون العقوبات وقانون مزاولة مهنة الطب ، وإنما يبيح القانون فعل الطبيب بسبب حصوله علي إجازة علمية طبقا للقواعد واللوائح ، وهذه الإجازة هي أساس الترخيص الذي تتطلب القوانين الخاصة بالمهنة الحصول عليه قبل مزاولتها فعلا وينبني علي القول بأن أساس عدم مسئولية الطبيب استعمال الحق المقرر بمقتضى القانون ، أن من لا يملك حق مزاولة مهنة الطب يسأل عما يحدثه بالغير من جروح وما إليها باعتباره معتديا – أي علي أساس العمد – ولا يعفي من العقاب إلا عند قيام حالة الضرورة بشروطها القانونية.

(الطعن 2260 لسنة 50 ق – جلسة 2/3/1981 س32 ص196)

من المقرر أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلي الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله ، ويشترط في حالة الضرورة التي تسقط المسئولية الجنائية أن تكون الجريمة التي ارتكبها المتهم هي الوسيلة الوحيدة لدفع الخطر الحال به.

(الطعن 6533 لسنة 52 ق – جلسة 24/3/1983 س34 ص432)

لما كان الأصل في القانون أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلي الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله. وكان قصارى ما أورده الدفاع عن الطاعن تبريرا لقيام حالة الضرورة أنه كان في حالة فقر أثناء وجوده في الأردن . وكان الفقر بمجرده لا تتحقق به حالة الضرورة ما لم يقترن بالخطر الجسيم وبشرط ألا يكون لإرادته دخل في حلوله وهو ما لم يدعه الطاعن ولا يعيب الحكم أن يلتفت عنه لأنه دفاع ظاهر البطلان بعيد عن محجة الصواب.

(الطعن 3390 لسنة 55 ق – جلسة 30/10/1985 س36 ص957)

من المقرر أن حالة الضرورة التي عدها الشارع سببا من أسباب المسئولية الجنائية والتي يتذرع الطاعن بتوافرها في حقه عند ذبحه الحيوان بالمخالفة لأحكام القانون – ينبغي لتوافرها أن يكون ثمة خطر محدق بالنفس ، وكان الخطر الذي يهدد المال مهما بلغ قدره من الجسامة لا يوفر حالة الضرورة المنصوص عليها في المادة 61 من قانون العقوبات ، فإن الحكم إذ انتهي إلي إطراح دفاع الطاعن في شأن اضطراره إلي ذبح الحيوان يكون مقترنا بالصواب.

(الطعن 3162 لسنة 57 ق – جلسة 16/12/1987 س38 ص1093)

 

تقدير توافر حالة الضرورة . موضوعي .
مثال لتسبيب سائغ في إطراح دفع بقيام حالة الضرورة .
لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن قد أثار أن إكراها قد وقع عليه من مالك الباخرة ، وهو في حقيقته دفع بامتناع المسئولية الجنائية لقيام حالة الضرورة المنصوص عليها في المادة 61 من قانون العقوبات ، وكان تقدير حالة الضرور من إطلاقات محكمة الموضوع ، وكان الحكم قد نفي قيام هذه الحالة في قوله : ” وأما ما ذكره المتهم الأول من إكراه فإنه لو صح قوله فإن أثر الإكراه يكون قد زال بوصوله إلي المياه المصرية واتصاله بسلطات هيئة القنال وعدم إبلاغه السلطات بما يحمله من مادة محرمة……… ” وهو رد سديد وكاف في إطراح الدفع ، فإن منعي الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل.

(الطعن رقم3172 لسنة 57 ق – جلسة 24/2/1988 ” هيئة عامة ” س39 ص5)

الأصل في القانون أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلي الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله . وكان قصارى ما أورده الدفاع عن الطاعن الخامس أنه كان في عرض البحر بصحبة مسلحين وكان هذا القول – بفرض صحته – لا يوفر حالة الضرورة ما لم يقترن بالخطر الجسيم وبشرط ألا يكون لإرادة الطاعن دخل في حلوله وهو ما لم يزعمه الطاعن فلا يعيب الحكم أن يلتفت عنه لأنه دفاع ظاهر البطلان بعيد عن محجة الصواب.

(الطعن رقم 54 لسنة 60 ق – جلسة 15/1/1991 س42 ص67)

 

حالة الضرورة التي تسقط المسئولية . ماهيتها ؟ .
الدفع بأن المتهم كان في حالة ضرورة ألجأته إلي ارتكاب الجريمة عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض.
العلاقة الزوجية أو النسب. عدم صلاحيتها لقيام الضرورة الملجئة لمقارفة الجرائم.
لما كان لا يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة قد أثارت أنها كانت في حالة ضرورة ألجأتها إلي استدراج المجني عليها إلي داخل منزلها انصياعا لرغبة الطاعن الأول والد زوجها والذي يقيم معها في معيشة واحدة ومن ثم فإنه لا يقبل منها إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض هذا فضلا عن أن الأصل في القانون أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلي الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله وأن العلاقة الزوجية أو علاقة النسب في ذاتها لا تصلح سند للقول بقيام الضرورة الملجئة إلي ارتكاب الجرائم أو خرق محارم القانون ويكون منعي الطاعن في هذا الشأن غير سديد.

(الطعن 9679 لسنة 61 ق – جلسة 13/4/1993 س44 ص379)

عرض الطاعن مبلغا علي الضابط لمنعه من تحرير محضر ضبط سيارة لاذ قائدها بالفرار لعدم حمله رخصة قيادة في وقت متأخر من الليل لا يعد ضرورة تمنع مساءلته عن جريمة عرض الرشوة.

(الطعن رقم 4345 لسنة 57 ق – جلسة 3/2/1988)

من المقرر أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلي الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله ويشترط في حالة الضرورة التي تسقط المسئولية الجنائية أن تكون الجريمة التي ارتكبها المتهم هي الوسيلة الوحيدة لدفع الخطر الحال به.

(الطعن رقم 1133 لسنة 45 ق – جلسة 3/11/1975 السنة 26 ص675)

يشترط في حالة الضرورة التي تسقط المسئولية الجنائية أن تكون الجريمتان اللتان ارتكبهما الطاعن هما الوسيلة الوحيدة لدفع الخطر الحال به.

(نقض جنائي جلسة 25/1/1995 السنة 46 ص272)

اعتبار الخطر الذي يهدد المال حالة ضرورة خطأ في القانون ولكن الاعتداء علي المال يجيز الدفاع الشرعي عنه مثال.

(الطعن رقم 1133 لسنة 45 ق – جلسة 3/11/1975 السنة 26 ص675)

أن اطمئنان المحكمة إلي توافر الخطأ في حق المتهم ينتفي معه صدق القول بحصول الواقعة نتيجة حادث قهري.

(الطعن رقم 4225 لسنة 52 ق جلسة 3/11/1982)

عدم جواز إثارة حالة الضرورة لأول مرة أمام النقض مادام أن مدونات الحكم تثبت عدم توافرها وتحقق قيام الطاعن بعرض رشوة علي موظف عام للإخلال بواجب التبليغ.

(الطعن رقم 1367 لسنة 37 ق – جلسة 28/11/1967 السنة 18 ص1196)

الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية علي مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهرا عنه أو علي غير علم منه بحقيقة أمرها , بحيث تفقده الشعور والاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل . وتقدير حالة المتهم وقت ارتكاب الجريمة فيما يتعلق بفقدان الشعور أو التمتع به ، والفصل في امتناع مسئوليته تأسيسا علي وجوده في حالة سكر وقت الحادث أمر يتعلق بوقائع الدعوى يقدره قاضي الموضوع دون معقب عليه.

(الطعن رقم 306 لسنة 38 ق – جلسة 15/4/1968 السنة 19ص424)

يجري القانون حكم المدرك التام الإدراك علي من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة مختارا أو عن علم بحقيقة أمرها مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه في الجرائم ذات القصد العام ومن ثم فإنه يكون مسئولا عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها.

(نقض 13/1/1969 طعن 1772 سنة 28 ، السنة 20 ص104)

لا يتطلب القانون في جريمة الضرب المفضي إلي الموت قصدا خاصا وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن تناول المسكر باختياره – وهو ما لم يجادل فيه الطاعن – فإنه ليس له من بعد أن يعيب علي الحكم قعوده عن بحث درجة هذا السكر الاختياري ومبلغ تأثيره في إدراكه وشعوره في صدر جريمة الضرب المفضي إلي الموت إلي دين بها ، مادام لقانون لا يستلزم فيها قصدا خاصا اكتفاء بالقصد العام.

(الطعن 1772 لسنة 38 ق – جلسة 13/1/1969 السنة 20 ص 104)

حيث أن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن دفع بأنه تناول مادة مخدرة مما أفقده الشعور والإدراك ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد في مدوناته أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر من أنه كان مدرا أو سكرانا وأطرحه استنادا إلي أن القانون يجري حكم المدرك علي من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة وهو عالم بحقيقة أمرها ويكون مسئولا عن الجرائم التي تقع تحت تأثيرها . لما كان ذلك وكان الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية – علي مقتضى المادة (62) من قانون العقوبات – هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهرا عنه أو علي غير علم منه بحقيقة أمرها بما مفهومه أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولا عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها. فالقانون يجرى عليه ، في هذه الحالة حكم المدرك التام الإدراك مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه ، إلا أنه لما كانت بعض الجرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائي خاص لدي المتهم ، فإنه لا يتصور اكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد باعتبارات وافتراضات قانونية ، بل يجب في هذه الجرائم – وعلي ما استقر عليه قضاء محكمة النقض في تفسير المادة (62) من قانون العقوبات – التحقق من قيام القصد الجنائي الخاص من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد تحدث عن إحتساء الطاعن للخمر وتعاطيه المخدر دون أن يبين مبلغ تأثيرهما في شعور الطاعن وإدراكه بالرغم من اتصال هذا الأمر بتوافر القصد الخاطئ ، وأوقع علي الطاعن عقوبة القتل العمد المرتبط بجنحة السرقة وقضى بإعدامه ، فإن الحكم يكون قاصر البيان بما يبطله ويوجب نقضه.

(الطعن رقم 39918 لسنة 72 ق – جلسة 5/2/2003)

متي تحققت محكمة الموضوع أن الجاني قد تعاطي الخمر بمحض اختياره فليس لسكره في هذه الحالة تأثير ما في مسئوليته الجنائية.

(الطعن 1627 لسنة 4 ق – جلسة 29/10/1934)

السكران متي كان فاقد الشعور أو الاختيار في عمله فلا يصح أن يقال عنه أنه كانت لديه نية القتل ، وذلك سواء أكان قد أخذ المسكر بعلمه ورضاه أم كان قد أخذه قهرا عنه أو علي غير علم منه مادام المسكر قد أفقده شعوره واختياره ومثل هذا الشخص لا تصح معاقبته علي القتل العمد إلا إذا كان قد انتوي القتل ثم أخذ المسكر ليكون مشجعا له علي تنفيذ نيته.

(الطعن رقم 732 لسنة 16 ق – جلسة 13/5/1946 مجموعة القواعد القانونية جـ7 ص140)

إذا كانت المحكمة قد استدلت علي توافر نية القتل لدي المتهم لظروف الحادث واستعماله آلة قاتلة وطعنه بها المجني عليه في مقتل معرضة عن حالة السكر التي تمسك الدفاع عنه بقيامها عنده ، بمقولة أنه تعاطي الخمر باختياره فيكون مسئولا قانونا عن فعله ، فإن حكمها يكون معيبا.

(نقض جلسة 23/12/1946مجموعة القواعد القانونية جـ7 ص263)

قد استقر قضاء محكمة النقض في تفسير المادة 62 من قانون العقوبات علي أن السكران ولو شرب باختياره لا يمكن أن يسأل عن القتل العمد لما تستلزمه هذه الجريمة من قصد جنائي خاص يجب أن يتحقق قيامه بالفعل عند المتهم ويجب أن تستدل المحكمة علي قيامه في حكمها ، وهو ما لا سبيل إليه إذا كان السكر قد ذهب بإدراك المتهم وإرادته.

(الطعن رقم 721 لسنة 17 ق – جلسة 21/4/1947)

الغيبوبة الناشئة عن السكر لا تعفي من العقاب إلا إذا أخذ الجاني المسكر قهرا عنه أو علي غير علم منه به فإذا كان الحكم الذي أدان المتهم في جريمة إحداث عاهة لم يذكر أنه كان في حالة سكر شديد بل ذكر أنه كان ثملا مما لا يفيد أنه كان فاقد الشعور أو الاختيار في عمله ، وكان المتهم لم يثر أمام المحكمة شيئا في هذا الصدد فلا يحق له أن يطالبها بالتحدث عن مدي تأثير السكر في مسئوليته مادامت هي قد اقتنعت بمسئوليته جنائيا عما وقع منه.

(الطعن رقم 18 لسنة 18 ق – جلسة 2/2/1948)

إذا كان المتهم لم يدفع أمام محكمة الموضوع بأنه كان فاقد الشعور وقت مقارفة الجريمة حتى كان يتعين عليها أن تحقق هذا الدفاع وتفصل فيه موضوعا وكان الحكم لا يبين منه أن المتهم كان فاقد الشعور بفعل المسكر فلا يكون له أن يثير ذلك لدي محكمة النقض.

(الطعن رقم 1332 لسنة 20 ق – جلسة 11/12/1950 س2 ص365)

الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية – علي مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات – هي التي تكون ناشئة عن عقاقير تناولها الجاني قهرا عنه أو علي غير علم منه بحقيقة أمرها ، ومفهوم ذلك أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة مختارا وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولا عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها فالقانون في هذه الحالة يجري عليه حكم المدرك التام الإدراك ، مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه إلا أنه لما كانت هناك بعض الجرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائي خاص لدي المتهم فإنه لا يتصور اكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد باعتبارات وافتراضات قانونية ، بل يجب التحقق من قيامه من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع ، وهذا ما استقر عليه قضاء محكمة النقض في تفسيرها للمادة 62 من قانون العقوبات ، وهو المعول عليه في القانون الهندي التي أخذت عنه المادة المذكورة.

(الطعن رقم 626 لسنة 29 ق – جلسة 30/6/1959 س10 ص742)

يجري القانون حكم المدرك التام الإدراك علي من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة مختارا أو عن علم بحقيقة أمرها ، مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه في الجرائم ذات القصد العام ، ومن ثم فإنه يكون مسئولا عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها.

(الطعن رقم 1772 لسنة 38 ق – جلسة 13/1/1969 س20 ص104)

الغيبوبة المانعة من المسئولية علي مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي تلك التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهرا عنه أو علي غير علم بحقيقة أمرها ، ومفهوم ذلك أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة مختارا أو عن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولا عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها ، فالقانون في هذه الحالة يجري عليه حكم المدرك التام الإدراك ، مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي في الجرائم ذات القصد العام.

(الطعن رقم 2388 لسنة 49 ق – جلسة 26/5/1980 س31 ص670)

الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية – علي مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات – هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهرا عنه أو علي غير علم منه بحقيقة أمرها بما مفهومه أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولا عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها ، فالقانون يجري عليه ، في هذه الحالة ، حكم المدرك التام الإدراك ، مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه ، إلا أنه لما كانت هناك بعض الجرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائي خاص لدي المتهم ، فإنه لا يتصور اكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد باعتبارات وافتراضات قانونية ، بل يجب في هذه الجرائم – وعلي ما استقر عليه قضاء محكمة النقض في تفسير المادة 62 من قانون العقوبات – التحقق من قيام القصد الجنائي الخاص من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع. لما كان ذلك وكان الحكم قد تحدث عن احتساء الطاعن للخمر دون أن يبين مبلغ تأثيره في شعور الطاعن وإدراكه بالرغم من اتصال هذا الأمر بتوافر القصد الخاص ، وأوقع علي الطاعن عقوبة القتل العمد المقتـرن بجنحة السرقة ، فإن الحكم يكون قاصر البيان بما يبطله ويوجب نقضه.

(الطعن 4118 لسنة 57 ق – جلسة 12/1/1988 س39 ص122)

لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه رد علي دفع الطاعن الوارد بوجه الطعن بقوله : ” وإذ كان المقرر بأن تعاطي الجواهر المخدرة علي فرض أن ما تعاطاه المتهم بالفعل منها – عن اختيار ورغبة دون أن يكره علي ذلك لا يعدم مسئولية متعاطيها عما يرتكبه من أفعال مؤثمة ” . لما كان ذلك وكان قضاء هذه المحكمة – محكمة النقض – قد استقر علي أن الغيبوبة المانعة من المسئولية علي مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات – هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهرا عنه أو علي غير علم منه بحقيقة أمرها ، فإن مفهوم ذلك أن من يتناول مادة مخدرة مختارا وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولا عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها ، فالقانون في هذه الحالة يجري عليه حكم المدرك التام الإدراك مما ينبني عليه توفر القصد الجنائي لديه ، إلا أنه لما كانت هناك بعض جرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائي خاص فإنه لا يمكن القول باكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد بافتراضات قانونية ، بل يجب التحقق من قيامه من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع ، لما كان ذلك ، وكانت جرائم السرقة مما يتطلب القانون فيها قصدا جنائيا خاصا ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة السرقة بإكراه واقتصر في الرد علي دفعه بانتفاء مسئوليته لتناوله عقاقير مخدرة أفقدته الشعور والإدراك – علي مطلق القول بأن تناول العقاقير المخدرة اختيارا لا ينفي المسئولية الجنائية دون أن يحقق هذا الدفاع بلوغا إلي غاية الأمر فيه – ويبين مبلغ تأثير هذه العقاقير المخدرة في إدراك الطاعن وشعوره علي الرغم مما لهذا الدفاع – لو صح – من أثر في قيام القصد الخاص في الجريمة التي دانه بها أو انتفائه أو يبين أنه كانت لديه النية علي ارتكاب الجريمة من قبل ثم أخذ العقاقير المخدرة لتكون مشجعا له علي اقترافها فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه . وإذ كان هذا الخطأ قد حجب محكمة الموضوع عن تحقيق واقعة تناول العقاقير المخدرة التي قال بها الطاعن وأثرها في توافر القصد الجنائي لديه أو انتفائه فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة.

(الطعن 8210 لسنة 60 ق – جلسة 24/10/1991 س42 ص1067)

الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية علي مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهرا عنه أو علي غير علم منه بحقيقة أمرها بحيث تفقده الشعور والاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل ، وكان تقدير حالة المتهم وقت ارتكاب الجريمة فيما يتعلق بفقدان الشعور أو التمتع به ، والفصل في امتناع مسئوليته تأسيسا علي وجوده في حالة سكر وقت الحادث أمر يتعلق بوقائع الدعوى يقدره قاضي الموضوع دون معقب عليه.

(الطعن 4363 لسنة 61 ق – جلسة 3/11/1992 س43 ص981)

 

أحكــام النقض

أورد الشارع المادة 63 من قانون العقوبات ليجعل في حكمها حصانة للموظفين العموميين حتى لا يتحرجوا في أداء واجباتهم أو يترددوا في مباشرتهم لهذه الواجبات خشية الوقوع في المسئولية الجنائية وقد جعل الشارع أساسا لمنع تلك المسئولية أن يكون الموظف فيما قام به حسن النية ومن أنه قام أيضا بما ينبغي من وسائل التثبيت والتحري وأنه كان يعتقد مشروعية الفعل الذي قام به وأن اعتقاده كان مبنيا علي أسباب معقولة ومن ثم فإذا كان المتهم يعمل في ظروف تجعله يعتقد أنه يقوم بخدمة الملك السابق في الوظيفة المخصصة له إنما كان يباشر عملا له صيغته الرسمية وارتكب فعلا ينهي عنه القانون تنفيذا لأمر صادر أليه من رئيسه الذي تجب عليه طاعته فإنه لا يكون مسئولا علي إي الأحوال.

(نقض 25/12/1956 طعن 1095 سنة 26 ق ، السنة 7 ص1331)

من المقرر أن طاعة المرؤوس لرئيسه لا تكون في أمر من الأمور التي يحرمها القانون وقد جعل القانون أساسا في المادة 63 من قانون العقوبات لمنع مسئولية الموظف الجنائية -أن يكون فيما قام به حسن النية وأنه قام أيضا بما ينبغي له من وسائل الثبت والتحري وأنه كان يعتقد مشروعية الفعل الذي قام به إطاعة لأمر رئيسه وأن اعتقادهم كان مبنيا علي أسباب معقولة.

(نقض 14/4/1964 طعن 2040 سنة 23 ق ، السنة 15 ص314)

من المقرر أن طاعة الرئيس لا تمتد بأي حال إلي ارتكاب الجرائم وأنه ليس علي مرؤوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدوا أن يكون دفاعا قانونيا ظاهر البطلان مما يستأهل من المحكمة ردا.

(نقض 6/1/1969 طعن 1913 سنة 38 ق ، والسنة 20 ص24)

أن قيام مفتش الجهة التابعة لها السيارة العامة التي يقودها المتهم بتنبيهه إلي تأخيره عن موعده – بفرض حصوله – لا يبيح للمتهم مخالفة القوانين واللوائح وقيادة السيارة بحالة ينجم عنها الخطر علي حياة الجمهور ، ولا يعيب الحكم التفاته عن الرد علي دفاع المتهم في هذا الشأن لأنه دفاع ظاهر البطلان.

(الطعن رقم 860 لسنة 39 ق – جلسة 27/10/1969 لسنة 20 ص1144. وقارن أيضا الطعن رقم1647 لسنة 47ق – جلسة 2/4/1978 السنة 29 ص 333)

دفع وزارة الداخلية ( المسئولة عن الحقوق المدنية ) الدعوى المدنية بعدم مسئوليتها لوقوع جريمة القتل الخطأ من تابعها المتهم بصفته موظفا عاما تنفيذا لواجبات وظيفته علي المحكمة تحقيق هذا الدفاع أو الرد عليه . وإلا كان حكمها مشوبا بالقصور والإخلال بحق الدفاع ، لخلو حكمها من الرد علي ما أثاره الدفاع في صدد قيام حالة من حالات الإباحة في الدعوى.

(الطعن رقم 1198 لسنة 40 ق – جلسة 22/11/1970 السنة11 ص1140)

الأحكام التي تتضمنها المادة 63 من قانون العقوبات خاصة بالموظف العام ، فلا يستفيد منها من لم يكن له هذه الصفة وإن كانت العلاقة بينه وبين من أصدر الأمر تقضي عليه بطاعته.

(الطعن رقم 1321 لسنة 42 ق – جلسة 21/1/1973 السنة 24 ص78 والسنة 19 ص 1016)

أن المادة 63 من قانون العقوبات إذ نصت بأنه لا جريمة إذا وقع الفعل من موظف عام تنفيذا لما أمرت به القوانين أو ما اعتقد أن إجراءه من اختصاصه متي حسنت نيته ، قد أوجبت عليه – فوق ذلك أن يثبت أنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبيت والتحري وأنه كان يعقد مشروعيته اعتقادا مبنيا علي أسباب معقولة.

(الطعن911 لسنة 49 ق – جلسة 2/1/1977 لسنة 28 ص14)

التزام قائد المركبة بالكشف عليها والتحقق من سلامتها وصلاحيتها للسير دون خطر عليها أو علي الغير ، وذلك قبل تحركها . المادة الرابعة من اللائحة التنفيذية لقانون المرور رقم 66 لسنة 1973.
صدور الأمر بتسيير المركبة من أية جهة ولو كانت الجهة المكلفة بالصيانة ، لا يعفيه من المسئولية ، متي تبين له عدم خلو المركبة من العيوب.

(الطعن 1647 لسنة 47 ق – جلسة 2/4/1978 السنة 29 ص333)

متي كان المتهم قد عين طبقا للأوضاع القانونية في وظيفة بديوان الخاصة الملكية السابق الذي نظم علي غرار المصالح الأميرية وطبق علي موظفيها ومستخدميها نفس الأنظمة واللوائح التي تطبق علي موظفي الحكومة ومستخدميها سواء بسواء ، فإنه يكون في هذا القدر من الكفاية ما يخوله الحق من الإفادة من الإعفاء الوارد في المادة (63) من قانون العقوبات.

(الطعن رقم 1095 لسنة 26 – جلسة 25/12/1956 س7 ص1331)

أن المادة (63) من قانون العقوبات في فقرتها الأولي لا تنطبق إلا إذا ثبت في صدور أمر من رئيس وجبت طاعته – ولا يغني اعتقاد الموظف بصدور الأمر عن حقيقة صدوره فعلا ، والتثبيت من صدور الأمر لا غني عنه لتوافر حسن النية.

(الطعن رقم 1412 لسنة 26 – جلسة 28/1/1957 س8 ص76)

ما يقولـه الطاعن خاصا بعدم مسئوليته عن جريمة اختلاس أموال أميرية طبقا لنص المادة (63) من قانون العقوبات لأنه انصاع لرغبة رئيسه – المتهم الأول – هذا القول مردود بأن فعل الاختلاس الذي أسند إليه ودانته المحكمة به هو عمل غير مشروع ونية الإجرام فيه واضحة بما لا يشفع للطاعن فيما يدعيه من عدم مسئوليته ، بل أن إقدامه علي ارتكاب هذا الفعل يجعله أسوة المتهم الأول في الجريمة ، وفضلا عن ذلك فالذي يبين من الإطلاع علي محضر الجلسة أن الطاعن لم يثر هذا الدفاع أمام محكمة الموضوع حتى تستطيع التثبت من حقيقة الصلة التي تربطه بالمتهم الأول بصفة هذا الأخير رئيسا له.

(الطعن رقم 1775 لسنة 29 ق – جلسة 11/4/1960س 11 ص237)

الأحكام التي تتضمنها المادة (63) من قانون العقوبات خاصة بالموظف العام ، ومن ثم لا يستفيد منها من لم تكن له هذه الصفة ، وإن كانت العلاقة بينه وبين من أصدر الأمر تفرض عليه طاعته ، وإذ كان ذلك ، وكان من الواضح من سياق نصوص القانون رقم 38 لسنة 1963 بتأميم منشآت تصدير القطن وكذلك محالج القطن الموجودة في الجمهورية العربية المتحدة وإخضاعها لإشراف المؤسسة المصرية العامة للقطن وما دل عليه قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة رقم 1106 لسنة 1965 بشأن إعادة تنظيم الشركات التابعة للمؤسسات المصرية العامة للقطن وما تلاها من قرارات جمهورية ، أن الشارع احتفظ لهذه الشركات بشكلها القانوني واستمرارها في مزاولة نشاطها مما مؤداه عدم اعتبار موظفي وعمال هذه الشركات من الموظفين والمستخدمين العامين في حكم المادة (63/1) من قانون العقوبات.

(الطعن رقم1907 لسنة38 – جلسة 16/12/1968 س19 ق222 ص1086)

لا يسوغ من المتهم القول باضطراره إلي ارتكاب الجرم انصياعا لرغبة رؤسائه في العمل حتى يتستروا علي ما ارتكبه ما دام أن أفعال الاختلاس والتزوير والاستعمال التي أتاها من قبل عمدا واتجهت إليها إرادته واستمر موغلا في ارتكابها وانتهت إلي أدانته بها – هي أعمال غير مشروعة ونية الإجرام فيها واضحة مما لا يشفع للمتهم ما يدعيه من عدم مسئوليته.

(الطعن رقم 1913 ق 38 – جلسة 6/1/1969 س20 ق6 ص24)

لما كان من المقرر أن طاعة المرؤوس لا تمتد بأي حال إلي ارتكاب الجرائم وأنه ليس علي المرؤوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه ،فإن الحكم المطعون فيه إذ طرح دفاع الطاعن المؤسس علي أن إحرازه السلاح الناري كان صدوعا لأمر رئيسه يكون بريئا من قالة الخطأ في تطبيق القانون.

(الطعن رقم 925 لسنة 42 ق جلسة 19/11/1972 س23 ق274 ص1216)

متى كان الثابت أن الحاضر عن الطاعنة (وزارة الداخلية ) قد دفع بعدم مسئوليتها لوقوع فعل القتل – من تابعها المتهم – بصفته موظفا عاما تنفيذا لواجبات وظيفته ، وكان هذا الدفاع من شأنه – لو صح – أن يؤثر في مسئولية الطاعنة طبقا لنص المادتين (63) من قانون العقوبات و (167) من القانون المدني – ومن ثم فإنه كان من المتعين علي المحكمة أن تحققه أو ترد عليه بما ينفيه ، أما وهي لم تفعل واكتفت باعتناق أسباب الحكم المستأنف علي الرغم من خلوها من الرد علي ما أثاره الدفاع في صدد قيام حالة من حالات الإباحة في الدعوى ، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بالقصور والإخلال بحق الدفاع ، مما يستوجب نقضه والإحالة بالنسبة للدعوى المدنية فيما يتعلق بالطاعنة والمحكوم عليه الأخر (المتهم) لوحدة الواقعة واتصال وجه النعي به ولحسن سير العدالة.

(الطعن رقـم 1198 لسـنة 40 ق – جلسة 23/11/1970 س21 ق275 ص1140)

من المقرر أن الأحكام التي تتضمنها المادة (63) من قانون العقوبات إنما تنصرف بصراحة نصها إلي الموظف العام ، فلا يستفيد منها من لم تكن له هذه الصفة وبالتالي فإن حكمها لا يمتد إلي العاملين بالشركات العامة سواء منها المؤممة أو التي تساهم الدولة أو إحدى الهيئات العامة في مالها بنصيب ، إذ أن المشرع قد أفصح عن اتجاهه إلي عدم اعتبار موظفي وعمال مثل هذه الشركات من الموظفين العموميين في هذا الشأن بما نص عليه في المادة الأولي من لائحة نظام موظفي وعمال الشركات التي تتبع المؤسسات العامة الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 سنة 1961 من سريان قوانين العمل والتأمينات الاجتماعية علي موظفي وعمال الشركات المذكورة واعتبار هذا النظام متمما لعقد العمل. وقد عاد المشرع إلي تأكيد هذا الحكم بإيراده إياه في المادة الأولي من لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 3546 سنة 1962 التي حلت محل اللائحة السابقة وامتدد سريان أحكامها بالنسبة إلي العاملين بالمؤسسات العامة بمقتضى القرار الجمهوري رقم 800 لسنة 1963 بإصدار نظام العاملين بالمؤسسات العامة والذي حل محله فيما بعد القرار الجمهوري رقم 3309 في شأن المؤسسات العامة وشركات القطاع العام ، وكلما رأي المشرع اعتبار العاملين بالشركات في حكم الموظفين العامين في موطن ما أورد به نصا كالشأن في جرائم الرشوة واختلاس الأموال الأميرية والتسبب بالخطأ الجسيم في إلحاق ضرر جسيم بالأموال الأميرية وغيرها من الجرائم الواردة بالبابين الثالث والرابع من الكتاب الثاني بقانون العقوبات حين أضاف بالقانون رقم 120 لسنة 1962 إلي المادة 111 من قانون العقوبات فقرة مستحدثة نصت علي أن يعد في حكم الموظفين العموميين في تطبيق نصوص الجرائم المشار إليها مستخدمي الشركات التي تساهم الدولة أو إحدى الهيئات العامة في مالها بنصيب ما بأية صفة كانت ، فجعل هؤلاء العاملين في حكم أولئك الموظفين العموميين في هذا المجال المعين فحسب دون سواه فلا يجاوزه إلي مجال المادة (63) من قانون العقوبات ، لما كان ذلك ، وكان الطاعن وهو يعمل سائقا بالشركة العربية لاستصلاح الأراضي البور لا يعد موظفا أو مستخدما عاما في حكم هذه المادة ، فلا يجوز له الاحتماء بما ورد فيها.

(الطعن رقم 869 لسـنة 44 – جلسة 24/11/1974 س25 ق163 ص756)

إن المادة (63) من قانون العقوبات إذ نصت بأنه لا جريمة إذا وقع الفعل من الموظف تنفيذا لما أمرت به القوانين أو ما اعتقد أن إجراءه من اختصاصه متى حسنت نيته قد أوجبت عليه – فوق ذلك – أن يثبت بأنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري وأنه كان يعتقد مشروعيته اعتقادا مبنيا علي أسباب معقولة.

(الطعن رقم911 لسنة 46 ق – جلسة 2/1/1977 س28 ق2 ص14)

إن مظهر التثبت والتحري اللذين يتطلبهما القانون في الحالة المنصوص عليها في المادة (63) من قانون العقوبات هو ألا يلجأ الموظف إلي استخدام سلاحه ضد من يشتبه في أمرهم إلا بعد التيقن من أن لشبهته محلا واستنفاد وسائل الإرهاب والتهديد التي تعينه علي القبض علي المشتبه فيهم بغير حاجة إلي استعمال سلاحه ، ولذا قضت التعليمات المرعية بأنه إذا ما اشتبه شرطي في شخص ، نادي عليه ثلاث مرات ،فإذا لم يجبه وأمعن في سيره أطلق عيارا ناريا للإرهاب فإذا حاول المشتبه فيه الهرب أطلق صوب ساقه عيارا آخر ليعجزه عن الفرار ، ولما كان الثابت أن الشرطي لم يعمل بهذه التعليمات المستمدة من روح القانون بل بعد أن لحق بالمجني عليه أطلق عليه عيارا ناريا صوبه عليه مباشرة فأصابه في وجهه وهو مقتل ولم يكن لإطلاق النار من مبرر.

(الطعن رقم 8981 لسنة 64 ق جلسة 2/4/1996 السنة 47 ص431)

من المقرر أن أعضاء الاتحاد الاشتراكي العربي ليسوا من طائفة الموظفين العامين وإن كانوا مكلفين بخدمة عامة ، ومن ثم فإن الطاعنين – بصفتهم أعضاء إحدى لجان هذا الاتحاد – لا يستفيدون من حكم البند الثاني من المادة 63 من قانون العقوبات .

(نقض جنائي – جلسة 5/2/1978 السنة 29 ص132)

من المقرر أن الأحكام التي تتضمنها المادة (63) من قانون العقوبات إنما تنصرف بصراحة نصها إلي الموظف العام فلا يستفيد منها من لم تكن له هذه الصفة وبالتالي فإن حكمها لا يمتد إلي العاملين بالشركات العامة سواء منها المؤممة أو التي تساهم الدولة أو إحدى الهيئات العامة في مالها بنصيب.

(نقض جنائي في جلسة 24/11/1974 السنة 25 ص756)

لما كان الثابت من استقراء أوراق الدعوى وتحقيقاتها أن المتهم بوصفه شرطيا سريا في دائرة ميناء الإسكندرية شاهد المجني عليه وهو من اللصوص المعروفين له ومطلوب ضبطه وكان يحمل صندوقين متجها بهما إلي باب الخروج من الدائرة الجمركية وبادر إلي إلقائهما والتخلص منهما في محاولة للفرار والهرب من وجهة المتهم وزميله مما دفعهما إلي تعقبه للقبض عليه ، الأمر الذي تري معه المحكمة أنه وإن توافر لدى المتهم وقام الاعتقاد بمشروعية وضرورة هذا الفعل ، إلا أنه – في ذات الوقت – تجاوز الإجراء المعقول في هذه الظروف في ضوء ما تقضي به النظم وتعليمات الشرطة من حظر وعدم اللجوء إلي استخدام السلاح الناري إلا إذا استحال عليه إنذار الهارب وبعد استنفاذ وسائل التهديد والإرهاب وأن يكون إطلاق النار في الهواء ثم في الأجزاء السفلية من جسمه فحسب وفي اتجاه رجليه ، فيكون إقدام المتهم علي إطلاق النار من مسدسه وهو يجري خلف المجني عليه الذي لم يستجيب إلي إنذاره بالتوقف عن الهرب دون أن يتحرى عدم إصابته أو يتثبت من أحكام التصويب سواء في الهواء أو غير مقتل منه ، إذ كان في وسعه أن يصوب سلاحه إلي رجلي المجني عليه ليعوقه عن الحركة ، أو أنه أطلق النار دون هذا التحري وذلك ما تنحسر معه قاله مشروعية ما ارتكب من جرائم ويستحيل عليه التمسك بأحكام المادة (63) من قانون العقوبات ويضحي ما لاذ به من دفاع في غير محله مفتقرا إلى سنده من القانون.

(نقض جنائي في جلسة 31/3/1985 السنة 36 ص508)

صدور الأمر بتسيير المركبة من أية جهة ولو كانت المنوط بها صيانتها ، لا يعفيه من المسئولية ،متى تبين له عدم خلو المركبة من العيوب.

(الطعن رقم 1647 لسنة 47 ق – جلسة 2/4/1978 س 29 ص333)

طاعة الرئيس في مفهوم المادة 63 عقوبات عدم امتدادها إلي ارتكاب الجرائم.
من المقرر أن طاعة الرئيس بمقتضى المادة 63 من قانون العقوبات لا تمتد بأي حال إلى ارتكاب الجرائم ، وأنه ليس على المرؤوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه.

(الطعن 4424 لسنة 52 ق – جلسة 30/11/1982 س33 ص937)

 

طاعة الرئيس لا تمتد بأي حال إلي ارتكاب الجرائم.

لما كان من المقرر أن طاعة الرئيس لا تمتد بأي حال إلي ارتكاب الجرائم انه ليس على المرؤوس أن يطيع الأمر الصادر إليه من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه . فان الحكم المطعون فيه إذ اطرح دفاع الطاعن المؤسس على قيام حالة الضرورة استنادا إلي أنه ارتكب الواقعة صدوعا لأمر رئيسه يكون بريئا من قاله الخطأ في تطبيق القانون.

(الطعن 6533 لسنة 52 ق – جلسة 24/3/1983 س34 ص432)

 

موجبات إعمال المادة 63 عقوبات ؟ .

مثال لتسبيب سائغ في رفض الدفع بحسن نية الطاعن في جريمة ضرب أفضى إلي الموت.
لما كان الحكم قد عرض لما تمسك به الطاعن من أحكام المادة 63 من قانون العقوبات ورد عليه بقوله ” وحيث أنه ردا على ما أثاره الدفاع عن المتهم بانتفاء مسئوليته استنادا إلى ما تقضى به المادة 63 من قانون العقوبات فان المتهم أطلق النار على المجني عليه وهو على مقربه منه وكان في مقدوره إلقاء القبض عليه دون حاجه إلى اللجوء إلى استعمال سلاحه الناري على نحو ما سلف بيانه , وليس في تعليمات الشرطة ما يوجب أو يبيح لرجل الأمن إطلاق النار على الجناة وهم في قبضتهم وطالما كان في إمكانهم ضبطهم بغير قوه أو عنف “. ولما كان هذا الذي أورده الحكم سائغا في الرد على دفاع الطاعن الخاص بحسن نيته . ذلك بان المادة 63 من قانون العقوبات إذ قضت بأنه لا جريمة إذا وقع الفعل من الموظف تنفيذا لما أمرت به القوانين أو ما اعتقد أن إجراءه من اختصاصه متى حسنت نيته , قد أوجبت عليه – فوق ذلك – أن يثبت انه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري وانه كان يعتقد مشروعيته اعتقادا مبنيا على أسباب مقبولة. وأن مظهر التثبت والتحري اللذين يتطلبهما القانون في هذه الحالة هو إلا يلجأ الموظف إلى استخدام سلاحه ضد من يشتبه في أمرهم إلا بعد التيقن من أن لشبهته محلا واستنفاد وسائل الإرهاب والتهديد التي قد تعينه على القبض على المشتبه فيهم بغير حاجه إلى استعمال سلاحه. وإذ كان ما ساقه الحكم – على النحو المتقدم بيانه – من شانه أن يؤدي إلى انتفاء حسن النية الذي تمسك به الطاعن على نحو مرسل , فإن تعييبه الحكم في هذا الصدد يكون على غير أساس.

(الطعن 5868 لسنة 56 ق – جلسة 1/2/1987 س 38 ص172)

 

طاعة الرئيس . لا تمتد إلى ارتكاب الجرائم .

من المقرر أن طاعة الرئيس لا تمتد بأي حال إلي ارتكاب الجرائم وأنه ليس على المرؤوس أن يطيع الأمر الصادر إليه من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه.

(الطعن 6860 لسنة 59 ق – جلسة 16 /2 1993 س44 ص187)

طاعة الرئيس في مفهوم المادة 63 عقوبات. عدم امتدادها إلى ارتكاب الجرائم.
الدفاع القانوني ظاهر البطلان. عدم التزام المحكمة بالرد عليها.
من المقرر أن طاعة الرئيس بمقتضى المادة 63 من قانون العقوبات لا تمتد بأي حال إلى ارتكاب الجرائم , وأنه ليس على المرؤوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم أن القانون يعاقب عليه ، ومن ثم فان دفاع الطاعن في هذا الخصوص يكون دفاعا قانونيا ظاهرا البطلان ولا على المحكمة أن هي التفتت عنه ولم ترد عليه.

(الطعن 19153 لسنة 61 ق – جلسة 18 /5 / 1993 س44 ص499)

الأصل أنه ليس على مرؤوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه , فإن طاعة الرئيس لا ينبغي بأية حال أن تمتد إلى ارتكاب الجرائم.

( الطعن رقم869 لسنة 44 – جلسة 4/11/1974 س25 ق163 ص756)

إن المادة (58) ” قديم” تشترط لتبرير الفعل الواقع من الموظف فوق أنه يكون حسن النية وجوب تحريه وتثبته من ضرورة التجائه إلي ما وقع منه ووجوب اعتقاده مشروعية عمله اعتقادا مبنيا على أسباب معقولة ، فإذا كان المفهوم مما أثبته الحكم المطعون فيه أن ما وقع من المتهم كان عن طيش ولم يكن منبعث عن أسباب معقولة فلا يحق له التمسك بهذه المادة.

(جلسة 11/3/1935 طعن رقم826 سنة 5 ق)

إن مظهر التثبت والتحري اللذين يتطلبهما القانون في الحالة المنصوص عليها بالمادة (58) من قانون العقوبات ” قديم” هو ألا يلجأ الموظف إلي استخدام سلاحه ضد من يشتبه في أمرهم إلا بعد التيقن من أن لشبهته محلا واستنفاد وسائل الإرهاب والتهديد التي قد تعينه علي القبض علي المشتبه فيهم بغير حاجة إلي استعمال سلاحه.

(جلسة 31/10/1932 طعن رقم 2420 سنة 2 ق)

 

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Howdy,
Search exact
Search sentence
Ad2
Ad1