You cannot copy content of this page
أولا : نصت المادة رقم 12 من القانون رقم 25 لسنة 1929 على أنة : –
(( اذا غاب الزوج سنة فأكثر بلا عذر مقبول جاز لزوجته أن تطلب الى القاضى تطليقها بائنا اذا تضررت من بعده عنها ولو كان له مال تستطيع الانفاق منه ))
** الأصل فى الزواج أن يكون كل من الزوجين أنسا لصاحبه وسكنا يطمئن إليه فى نعماء الحياة وبؤسها والإنسان بوجه عام والمرأة على الخصوص تستوحش الوحدة وتتضرر منها ومن هنا أعطى القانون للزوجة الحق فى طلب التطليق على الزوج إذا غاب عنها ولو كان له من الأموال ما تستطيع أن تنفق منها .
ومصدر النص المطروح هو مذهب الإمام مالك .
ونحن نرى أنه يتعين أن تكون الزوجة مدخولا بها حتى يكون لها طلب التطليق للغياب المحكوم بالمادتين 12 و 13 فلا يكفى مجرد العقد دون الدخول لإعطاء الزوجة الحق فى طلب التطليق للغياب إذ يمثل الأمر فى تلك الحالة الأخيرة إحدى صور الإيذاء التى تلحق بالزوجة من تركها معلقة بغير دخول والتى تدخل ضمن صور الضرر التى تحكمها المادة السادسة من القانون .
ثانيآ : شروط قبول التطليق لغياب الزوج
التطليق لغياب الزوج كما أورده النص يتعين أن تتوافر له أربعة شروط هى : –
1- أن يغيب الزوج عن زوجته فى بلد أخر غير الذى تقيم فيه
والمقصود بالغيبة هنا هو ترك الزوج لزوجته والسفر إلى بلد آخر غير الذى تقيم فيه لأنه إذا ترك بيت الزوجية وظل مقيما فى ذات البلد التى تقيم الـزوجة بها دون أن يعايشها اعتبر ذلك هجرا منه وليس غيابا تحكمه المادة السادسة لا المادة الثانية عشر ، وتقوم المحكمة بإضفاء التكيف الصحيح على الدعوى و تحديد ما إذا كانت تستند فى طلب التطليق للهجر أم للغياب .
ومفهوم البلد الواحد فى هذا المقام لا يقصد به الدول أى لا يشترط أن يغادر الزوج الدولة التى تقيم بها الزوجة إلى دولة غيرها وانما يتحدد المفهوم فى ضوء تعريف الموطن كما جاء بالمواد 40 و42 و43 من القانون المدنى إعمالاً للمادة 15 من القانون رقم 1 لسنة 2000 .
وهو ما يعنى وجوب قيام الزوج بترك محل إقامة الزوجة إلى بلد أخر ليس لها فيه محلاً للإقامة ومن أمثلة ذلك أن يكون محل إقامة الزوجة فى أحد المراكز التابعة لإحدى المحافظات فيتركها وينتقل للإقامة فى قريته التابعة لذلك المركز وهكذا .
ولا يغير من اعتبار الزوج غائبا قصر المسافة فيما بين البلد التى تقيم فيها الزوجة والبلد التى سافر إليها الزوج .
ويتعين أن تقيم الزوجة الدليل على إقامة الزوج فى غير البلد التى تقيم فيها ويكون ذلك أما بالتحريات التى يجريها المحضر المختص عن محل إقامة الزوج عند إعلانه بصحيفة الدعوى أو بتقديم شهادة الجهات الرسمية المختصة إذا ما كان الزوج قد غادر البلاد إلى الخارج أو بشهادة الشهود .
2- أن يمتد غياب الزوج سنة فأكثر
وقد اشترط النص مضى مدة عام كامل أو اكثر على غياب الزوج لأنها المدة التى تستوحش فيها الزوجة وتتضرر فعلاً لأن الفرقة بسبب ذلك الضرر الواقع لا التضرر المتوقع فقط .
و السنـة التى يجوز للزوجة أن تطلب التطليق بعد أن تمضى من وقت الغيبة هي السنة الشمسية التى عدد أيامها 365 يوماً كما جاء بالمادة 23 من القانون وليست السنة الهجرية .
ويتعين اكتمال مدة السنة قبل يوم من رفع الدعوى وليس قبل النطق بالحكم فإذا رفعت الدعوى قبل اكتمال مدة سنة على الغياب حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان .
وكثيرا ما لوحظ تداخل طلبات المدعية حيث تدعى إصابة الزوج بالعنة مثلاً وأن هذه الحالة أدت به إلى اعتدائه عليها ضربا وسبا حيث انتهى به المطاف إلى أن غاب عنها إلى جهة غير معلومة وتنتهي المدعية إلى طلب التطليق للضرر ولقد جرى العمل لدى المحاكم على إضفاء التكييف الصحيح على طلبات المدعية
وحيث تكون فى هذه الحالة بطلب التطليق للغياب باعتبارها الطلبات الختامية فى الدعوى وما العنة أو الضرب سوى أسباب للغياب ، كما قد يهجر الزوج زوجته لعدة سنوات مع إقامته فى ذات البلد (المادة 6) ثم بعد ذلك يسافر إلى بلد آخر ويمكث بها لأكثر من عام (المادة 12) وفى هذه الحالة يكون الحكم فى الدعوى وفقاً لطلبات المدعية وفى ضوء توافر شروط انطباق أيا من المادتين .
3- أن تكون غيبة الزوج بلا عذر مقبول
ويشترط في غياب الزوج عن زوجته أن يكون قد تعمد فى غيابه عنها الإضرار بها وإلا فلا طلاق .
ومدى مقبولية العذر ينصرف هنا إلى المحكمة وليس إلى الزوجة أو الزوج ويكون تقدير توافر الغيبة المتعمدة خاضعا لتقدير قاضى الموضوع دون رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض متى كان استخلاصه سائغا له أصله الثابت بالأوراق فإذا ارتأت المحكمة أن غياب الزوج كان بغير عذر أو أن العذر الذي دفع به الدعوى لم يصل إلى الحد الذى اضطر معه الزوج إلى ترك زوجته تعانى الوحدة طلق عليه القاضى .
أما إذا كانت غيبة الزوج بعذر فأنه لا يكون قد قصد الإضرار بالزوجة مما لا يجدر معه إجابتها إلى طلبها بالطلاق .
ومن أمثلة الإعذار المقبولة خروج الزوج للدراسة أو التجارة أو بسبب انقطاع المواصلات مهما طالت غيبته .
وهذا الشرط يختلف عن التطليق لضرر الإيذاء والهجر حيث لا يفرق فى الأخير بين ما إذا كان الهجر بعذر أو بدون عذر وحيث العبرة فيه يتحقق وقوع الضرر فعلا .
4- أن تتضرر الزوجة من غياب الزوج عنها
والضرر هنا لا يعرف إلا من جهة الزوجة فتصدق فى قولها به ولا تكلف إثباتا عليه ودائما يعد قيامها برفع الدعوى قرينة على تضررها .
فإذا توافرت الشروط الأربعة السالفة طلقت الزوجة على الزوج حتى ولو كان له مال تستطيع الإنفاق منه على نفسها وأولادها.
ويجب على المحكمة قبل الحكم بالتطليق عرض الصلح على الطرفين كما يجب عليها تكرار عرض الصلح مرتين إذا كان للزوجين ولد وذلك إعمالاً للنص المستحدث بالمـادة 18 من القـانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم أوضاع وإجراءات التقاضى فى مسائل الأحوال الشخصية .
والتطليق للغياب يبقع به طلقة بائنة كما هو مذهب الإمام مـالك المأخوذ عنه الحكم .
ولما كان مصدر النص المطروح هو مذهب الإمام مالك – وفق ما جاء بالمذكرة الإيضاحية فإن نصاب الشهادة عليه وفق هذا المذهب هو رجلان لا امرأه فيهما .
وتثور فى العمل مشكلة اختلاف طلبات المدعية فى الدعوى مع عناصر الإثبات الواقعية فيها وآية ذلك أن تطلب المدعية التطليق على الزوج للضرر إعمالاً لمقتضى المادة السادسة محـل التعليق إلا أن شاهديها يشهدا بأن الزوج قد هجرها لمدة تزيد على سنة بسبب سفره إلى خارج البلاد بغير عذر وهو ما يثير شبهه توافر شروط التطليق للغياب – ومن ثم – انطباق المادة 12 من القانون وهو ما يتعارض مع طلبات المدعية فى الدعوى .
ونحن نرى أنه لما كان المقرر أن السبب فى الدعاوى بطلب الطلاق هو الأساس القانونى الذى تبنى عليه الدعوى وهو اما أن يكون السجن او المرض او الاعتداء أو الغياب أو الزواج من أخرى
وهكذا باعتبار أن ذلك السبب يعد الواقعة التى يستمد منها المدعى الحق فى الطلب (الذى هو الطلاق) وان هذا السبب لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية والحجج القانونية التى يستند اليها الخصوم فى دفاعهم باعتبار أنه ولئن كان يجوز تكييف الطلبات إلا أنه لا يجوز تعديل السبب من قبل المحكمة
وعلى ذلك فأنه فى مثل تلك الحالة من اختلاف أسباب طلب الطلاق الوارد بصحيفه الدعوى عن أدلة الأثبات الواقعية فيها وجب على المحكمة تبصير الخصوم بوجوب تعديل الطلبات فى الدعوى بما يتفق والسبب المستفاد من الأدلة المقدمة فى الدعوى عملاً بالمادة الرابعة من القانون رقم 1 السنة 2000
والا وجب الحكم برفض الدعوى لاختلاف الطلب فيها (الطلاق) عن السبب الذى تستند إليه المدعية بهدف رفع الضرر الواقع عليها باعتباره يمثل موضوع الدعوى المطروحة على المحكمة .
مكتب المستشار القانونى / أحمد سيد حسن
” المحامى بالنقض والدستورية والإدارية العليا “
محامى متخصص فى تأسيس الشركات الاجنبية فى مصر
(whats app ) واتس أب : 201220615243+
للتواصل : 201103004317+