You cannot copy content of this page
أهم مبادئ المعارضة والاستئناف وما يترتب عليهم من أحكام
– نظم المشرع المصري طرق الطعن علي الأحكام الجنائية وجاء هذا التنظيم في قانون الإجراءات الجنائية حماية لحقوق المتقاضين ولضمان حق التقاضي وسيادة القانون .
– وقد جاء القانون بمراحل مختلفة للطعن علي الأحكام الجنائية , وذلك لضمان حق المواطنين في الحصول علي حقه في الدفاع عن نفسه , خاصة فيما يتعلق بقضايا الجنح والتي تمثل عبأ كبير علي القضاء لكثرة التجريم في المجال الجنائي للأفعال التي تشكل جرائم من هذا النوع , ووصفها المشرع هذه الجرائم أنها أقل خطورة وضرر من الأفعال التي وصفها القانون بالجنايات والتي هي أكثر خطورة وضرر علي المجتمع .
– إن المشرع عندما صنف القضايا الجنائية طبقا للضرر الناتج عنها علي المجتمع أو النتيجة الإجرامية التي تترتب علي الفعل المجرم , جاء في المقدمة بالجنايات , ثم تلاها بعد ذلك بالجنح وهي أقل ضرر علي المجتمع , وفي النهاية جاء بالمخالفات .
ونجد أن الجنح هي من أكثر أنواع القضايا من حيث التصنيف طبقا لوسطية الضرر والعقوبة , حيث جعل القانون من الضرر مقدار لتقدير العقوبة , وجعل من مقدار العقوبة أساس للتفرقة بين أنواع الجرائم جناية أو جنحة أو مخالفة .
– ولما كانت الجنح تحتل مكانه الصدارة في المجال الجنائي نظرا لكثرة أنواعها وتعددها , هذا من ناحية ومن ناحية أخري مراعاة من المشرع لظروف المجتمع المصري وثقافة القانونية والتي تحتاج إلي كثيرا من العناية والاهتمام والتوعية , الأمر الذي جعل المشرع المصري يرتكب العديد من الأخطاء عند وضع قانون الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بتحديد طرق الطعن علي الأحكام الجنائية الصادرة في قضايا الجنح علي وجهة التحديد .
– ومن هذا المنطلق سوف نتعرض لبحث هذا الموضوع والذي يتعلق بطرق الطعن علي الأحكام الصادرة في قضايا الجنح من المعارضة والاستئناف والمعارضة الاستئنافية وما يتعلق بها من الإعلان والحضور ويتصل بتلك الإجراءات , موضحا بالعديد من أحكام محكمة النقض .
الفصل الأول
إعلان الدعوي الجنائية
وضع المشرع نظام هاما في قانون الإجراءات الجنائية يرتبط ارتباط وثيق باتصال المحكمة بالدعوي الجنائية وكذلك بالأوضاع والحالات المتعلقة بطرق الطعن علي الأحكام الجنائية , كما يرتبط بكيفية صيرورة الحكم الجنائي نهائي غير قابل للطعن علية بفوات مواعيد الطعن علية , وجعل الحكم وأجب النفاذ , كما يرتبط بانقضاء الدعوي الجنائية , وسقوط العقوبة .
وهذا الإجراء هو إعلان أمر الإحالة من قبل النيابة العامة أو قاضي التحقيق إلي المتهم , وهو ما يناظره في جميع القضايا إعلان الدعوي إلي المدعي علية .
وإعلان الأمر بإحالة الدعوي الجنائية هو من الإجراءات القانونية اللازمة لاتصال المحكمة بالدعوي الجنائية ولا يمكن للمحكمة أن تتصل بالدعوي الجنائية إلا بعد التأكد من صحة الإعلان , علما بأن قانون الإجراءات الجنائية لم يرتب البطلان علي عدم إعلان المتهم بأمر الإحالة إلي المحكمة المختصة لمحاكمة المتهم .
وقد استقر قضاء محكمة النقض علي العمل بهذا المبدأ وقضت في العديد من أحكامها بأنه :-
( النقص أو الخطأ الذي يشوب أمر الإحالة في بيان اسم المتهم ولقبه وسنه وعنوانه وصناعته واختصاص مصدر الأمر بإصداره، لا يترتب عليه البطلان مادام ليس من شأنه التشكيك في شخص المتهم واتصاله بالدعوى الجنائية المقامة ضده ) .
(نقض 11/11/1987 س 38 ق 172 ص 935)
ومن مبادئ محكمة النقض :- إن عدم إعلان أمر الإحالة لا ينبني عليه بطلانه .
(نقض 3/1/1993، الطعن رقم 6460 س 61 ق)
من المقرر أن الدعوى الجنائية ليست ملكاً للنيابة العامة ، بل هي من حق الهيئة الاجتماعية، وليست النيابة إلا وكيله عنها في استعماله، وهي إذا كانت تملك التصرف فيها بالحفظ إلا أنه إذا قدمتها إلى القضاء فإنه يصبح وحده صاحب الحق في احكم فيها بما يشاء غير مقيد بطلبات النيابة الشفوية، ولا المكتوبة، ولا بكيفية وصفها التهمة، وليس لها من حق سوى إبداء طلباتها فيها أن شاء أخذ بها وإن شاء رفضها ولا يقبل الاحتجاج عليها بقبولها الصريح أو الضمني لأي أمر من الأمور الخاصة باستعمال الدعوى الجنائية، فلها أن تطعن في الأحكام ولو كانت صادرة طبقاً لطلباتها وهي غير مقيدة بذلك أيضاً حين مباشرتها سلطتها القانونية أمام محكمة النقض باعتبارها طرفاً منضماً تقتصر مهمتها على مجرد إبداء الرأي في الطعون التي ترفع لهذه المحكمة. (2/3/1964 س 15 ق 33 ص 159)
إن شرط الحظر على النيابة العامة بإجراء تحقيق في الدعوى ـ تطبيقاً للمادة 558 إجراءات جنائية ـ هو اتصال سلطة الحكم بالقضية ، أما والقضية لم ترفع بعد إلى المحكمة المختصة ، فإن للنيابة سلطة إجراء التحقيق ، واتصال مستشار الإحالة بالدعوى لا ينهي اختصاص النيابة العامة أو قاضي التحقيق , وليس جزءاً من قضاء الحكم . (28 /6/1965 س 16 ق 123 ص 632 )
إن القانون والقضاء المصري قد أستقر علي عدم ترتيب أي أثار علي بطلان إعلان أمر الإحالة ( إعلان الحضور ) علي خلاف جميع القوانين الإجرائية الأخرى والتي ترتب البطلان علي عدم مراعاة هذا الإجراء , وتبطل جميع الإجراءات والأحكام التي تصدر بناء علي دعوي لم تعلن أو إعلانها باطل .
إحالة الدعوي الجنائية للمحكمة المختصة :-
تتولي النيابة العامة القيام بتكليف المتهم للحضور أمام المحكمة وهذا الإعلان هو بمثابة أمر بالإحالة في قضايا الجنح , كما يتولي المدعي بالحق المدني إعلان الدعوي المدنية والتي تشتمل علي طلب بتحريك الدعوي الجنائية أمام محكمة الجنح , وذلك في صورة الجنحة المباشرة .
وقد نصت المادة 232 إجراءات جنائية علي أنه :-
تحال الدعوى إلى محكمة الجنح والمخالفات بناء على أمر يصدر من قاضي التحقيق أو محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة أو بناء على تكليف المتهم مباشرة بالحضور من قبل أحد أعضاء النيابة العامة أو من المدعى بالحقوق المدنية.
– ويجوز الاستغناء عن تكليف المتهم بالحضور إذا حضر الجلسة ووجهت إليه التهمة من النيابة العامة وقبل المحاكمة .
ومع ذلك فلا يجوز للمدعى بالحقوق المدنية أن يرفع الدعوى إلى المحكمة بتكليف خصمه مباشرة بالحضور أمامها في الحالتين الآتيتين :-
أولا : – إذا صدر أمر من قاضي التحقيق أو النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى ولم يستأنف المدعى بالحقوق المدنية هذا الأمر في الميعاد أو استأنفه فأيدته محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة.
ثانيا : – إذا كانت الدعوى موجهة ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها ما لم تكن من الجرائم المشار إليها في المادة 123 من قانون العقوبات.
علما بأن قانون الإجراءات الجنائية قد نظم عملية الإعلان تفصيلا , ومنها ما يتعلق بإعلان المحبوس والذي يجب أن يتم في مواجهه مأمور السجن , وإعلان أفراد القوات المسلحة والذي يجب أن يتم في مواجهه الإدارة الجنائية للقوات المسلحة مصحوب ببيان كامل عن بيانات ومكان عمل المراد إعلانه .
إن إعلان الدعوي الجنائية هو أمر لا يثير أي مشاكل في الحياة العملية طبقا لما استقرت علية الأحكام القضائية والتي لا تأخذ بمبدأ تحقيق مدي علم المتهم وإعلانه بأمر الإحالة أعلانا قانونيا صحيحا ثم اتصال المحكمة بالدعوي الجنائية بعد التأكد من صحة الإعلان .
ولكن في حقيقة الأمر أن هناك أمرا هام فيما يتعلق بالإعلان الدعوي الجنائية من الواجب أن نتعرض له , وهو يتعلق بالأحوال التي ترتبط بكيفية تسليم الإعلان إلي المتهم فيما إذا كان الإعلان قد تم إلي شخص المتهم أو في محل إقامته , وما يرتبه القانون علي حالات التسليم, وذلك بخلاف أن يكون المتهم قيد الحبس الاحتياطي ويحضر جلسات المحاكمة منذ بداية الاتهام .
إذا كانت المادة 234 أ . ج من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت حالتين يتم فيهما تسليم الإعلان للمتهم وهما شخص المتهم أو محل إقامته .
– نص المادة رقم 234 أ . ج ) تعلن ورقة التكليف بالحضور لشخص المعلن إليه ، أو في محل إقامته بالطرق المقررة في قانون المرافعات في المواد المدنية أو التجارية ، وإذا لم يؤدي البحث إلى معرفة محل إقامة المتهم ، يسلم الإعلان للسلطة الإدارية التابع لها أخر محل كان يقيم فيه في مصر ويعتبر المكان الذي وقعت فيه الجريمة أخر محل إقامة للمتهم ما لم يثبت خلاف ذلك.
ويجوز في مواد المخالفات إعلان ورقة التكليف بالحضور بواسطة رجال السلطة العامة كما يجوز ذلك في مواد الجنح التي يعينها وزير العدل بقرار منه بعد موافقة وزير الداخلية .
أثر إعلان الدعوي الجنائية :-
يرتب قانون الإجراءات الجنائية علي إعلان المتهم لشخصه بأمر الإحالة في قضايا الجنح ما استقرت علية جميع القوانين الإجرائية من أحكام هامه وبيانها علي النحو التالي :-
1 :- أن الحكم الصادر يكون حكم حضوري اعتباري ولا يجوز الطعن علية بطريق المعارضة إذا لم يحضر المتهم الجلسة المحددة في الإعلان ولا يجوز الطعن عليه إلا بطريق الاستئناف , فهو حكم حضوري اعتباري , طبقا لنص المادة 238 أ . ج والتي تقضي بأنه إذا لم يحضر الخصم المكلف بالحضور حسب القانون في اليوم المبين بورقة التكليف بالحضور ، ولم يرسل وكيلا عنه في الأحوال التي يسوغ فيها ذلك يجوز الحكم في غيبته بعد الاطلاع على الأوراق ، إلا إذا كانت ورقة التكليف بالحضور قد سلمت لشخصه وتبين للمحكمة أنه لا مبرر لعدم حضوره فيعتبر الحكم حضورياً .
2 :- إذا صدر حكم حضوري اعتباري لا يبدأ سريان ميعاد الاستئناف في حق المتهم إلا بعد إعلان الحكم الحضوري الاعتباري وفوات ميعاد الحق في الاستئناف .
3 :- يكون الحكم الصادر وأجب النفاذ مثل الأحكام الحضوري , ولا يجوز وقف التنفيذ مؤقتا إلا بسداد الكفالة إذا كان الحكم قد فرض كفالة لوقف التنفيذ ولكن في الحالات التي لا تفرض فيها كفالة يتم التنفيذ فورا لحين نظر الاستئناف .
4 :- ويكون الحكم حضوري في حق المتهم الذي يحضر عند النداء علية ثم يغادر الجلسة أو يتخلف عن الحضور في الجلسات التالية لتلك الجلسة , لم يقدم دفاعه أمام المحكمة .
– تلك الأحكام التي يرتبها القانون علي إعلان الدعوي الجنائية فيما يتعلق بكيفية الطعن علي الحكم الصادر في الدعوي , ولكن يوجد أمر أخر هام يرتبط بالدعوي الجنائية , وهل هذا الإعلان وما ترتب علية من حكم حضوري قاطعين للدعوي الجنائية , ومن ناحية أخري هل الحكم الحضوري الاعتباري هو حكم نهائي ؟
إن إعلان الدعوي الجنائية إلي شخص المتهم لا يقتصر أثرة علي مجرد كون الحكم حضوري اعتباري ولكن يترتب علي هذا أمور أخري في غاية الأهمية وهي :-
1 :- أن هذا الإعلان قاطع لتقادم الدعوي الجنائية , حيث أن المتهم قد علم وأخطر علي وجه اليقين بالدعوي المقامة ضده والاتهام الموجه إلية .
وعلي ذلك قضت محكمة النقض بأنة ( لما كان الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه أستند في قضائه بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة إلى أن الحكم الغيابي الاستئنافى صدر بتاريخ 27 من مايو سنة 1982 وأن المطعون ضده قرر بالطعن فيه بطريق المعارضة بتاريخ 9 من أكتوبر سنة 1986 دون أن يتخذ قبله أي إجراء قاطع للتقادم ، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة أن المطعون ضده قد أعلن بالحكم الغيابي الاستئنافى المعارض فيه بتاريخ 14 من مايو 1985 مخاطبا مع شخصه ، وكان هذا الإعلان من إجراءات المحاكم القاطعة لمدة التقادم طبقا لنص المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية وقد تم قبل مضى المدة المسقطة للدعوى الجنائية بينه وبين الحكم المذكور ، ومن ثم فإن الدعوى الجنائية بالنسبة للتهمة المسندة للمطعون ضده لم تنقض لمضى المدة القانونية المنصوص عليها في المادة 15 من القانون المشار إليه ، لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، خطأ حجبه عن نظر موضوع الدعوى مما يتعين معه نقضه والإعادة ، وذلك بغير حاجة .إلى بحث الوجه الآخر من الطعن . ( المادتان 15 , 17 من ق الإجراءات ) )
( الطعن رقم 13906 لسنة 59 ق جلسة 1992/2/6 س 43 ص 198 )
2 :- تسري علي الحكم الصادر في تلك الدعوي الأحكام المتعلقة بسقوط العقوبة والمقررة في المواد 460 و 528 و 529 من قانون الإجراءات , ولا يجوز التمسك في حالة مضي أكثر من ثلاث سنوات علي الحكم بالدفع بإنقضاء الدعوي الجنائية حيث أن الحكم الأعتباري ينقل الدعوي من كونها دعوي جنائية إلي عقوبة وأجبة النفاذ , ولا يكون للصادر ضده الحكم الطعن بالإستئناف إلا إذا قد دليل عذر علي عدم الطعن في الميعاد , وفي حالة قبول العذر لا يكون من حق المحكمة أذا قبلت الحق في الاستئناف أن يكون قبولها هذا منسحبا علي ما سبق وتحصن به من أثار قانونية للحكم الحضوري الاعتباري أهمها كون الدعوي الجناية قد أنتقلت من مرحلة الدعوي إلي مرحلة الحكم , وكان يخضع لسقوط العقوبة .
3 :- لا يكون الحكم الصادر حضوري اعتباري قد أستنفد بناء علية المتهم حقه في الاستئناف إلا بعد إعلانه سواء لشخص المتهم أو في محل الإقامة , ولا يجوز الإعلان لجهة الإدارة .
4 :- إذا أعلن الحكم الاعتباري والحكم الصادر في المعارضة وانقضت مواعيد الاستئناف أصبح الحكم نهائي غير قابل للطعن علية بالاستئناف , إلا إذا أثبت المتهم وجود مانع حال بينه وبين الاستئناف في الميعاد طبقا لنص المادة 398 أ . ج .
5 :- يسقط حق المتهم في الاستئناف إذا إعلان الحكم الاعتباري أو الحكم الصادر في المعارضة إلية ولم يستأنف في الميعاد إذا كان الإعلان قد حصل لشخصه , وإذا حصل في محل الإقامة يجوز له أن يثبت للمحكمة عدم علمه بحصول الإعلان , مما يفتح المجال أمامه للاستئناف مرة أخري .
– فإذا كانت تلك الأحكام تتعلق بما يترتب علي الحكم الحضوري الاعتباري فأنه يترتب علية أحكام أخري بالغة الأهمية في الحياة العملية وهي الآثار القانونية التي تتربت علي إعلان الدعوي الجنائية لشخص المتهم وأثرها علي تقادم الدعوي الجنائية ؟
إذا كان القانون قد رتب علي عدم علم المتهم بالدعوي الجنائية التي أقيمت ضده وما تم فيها من إجراءات حتى أن قضي فيها ضده غيابيا , حيث حدد المشرع في المادة 15 من قانون أ . ج علي تقادم الدعوي الجنائية في حالات معينة نص عليها القانون واستقرت علي أرثائها محكمة النقض في العديد من أحكامها , حيث تنقضي الدعوي الجنائية بمضي ثلاث سنوات من تاريخ الواقعة إذا لم يتم اكتشافها من بمعرفة سلطات التحقيق , كما تنقضي بمضي ثلاث سنوات إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء من إجراءات الدعوي والمحاكمة في مواجهه المتهم , وهذا الموضوع سوف يكون محل البحث في الفصل الخامس تفصيلا .
الفصل الثاني
المعارضة
إذا كان الأصل في التجريم هو أن ينال كل جاني عقابه المقرر طبقا للقانون تحقيقا لمبدأ هام وهو حماية المجتمع من الفوضى ولاستقرار والأمن حفاظا علي هيبة الدولة وتفعيلا لسلطاتها وفرض سيادتها علي كافة أراضيها , وحتى ينال الجاني عقابه .
وفي ذات الوقت واحترام لمبدأ أن المتهم بريء إلي أن تثبت إدانته في محاكمة عادله تتوافر له فيها كافة مقومات الدفاع عن نفسه , الأمر الذي جعل المشرع لا يتولي تنفيذ أي أحكام جنائية إلا بعد أن يتمكن المتهم من الدفاع عن نفسه وخاصة إذا كان الحكم قد صدر في غيبته , فكانت أول طريق أو وسيلة للطعن علي الحكم الجنائي الذي قد يصدر من محكمة الجنح وأطلق علي هذا الطريق لفظ المعارضة .
– تعريف المعارضة :-
المعارضة هي الإجراء أو وسيل الطعن الذي يحق للصادر ضده حكم جنائي في غيبته أن يستخدمه للطعن علي الحكم الصادر ضده في غيبته بالإدانة دون أن يقدم أي وجه للدفاع عن نفسه لدفع ما هو منسوب إلية من اتهامات قد تؤدي إلي حبسه وتقييد حريته فترة من الزمن بمقدار ما يقضي به الحكم الصادر ضده .
والمعارضة هي أول طرق الطعن علي الأحكام في مجال التشريع الجنائي ويترتب عليها العديد من الأحكام التي وضعها المشرع لحماية الشخص المتهم مهتديا في ذلك بالمبدأ الدستوري الذي يقضي بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة عادلة يتوافر له فيها كل مقومات المحاكمة العادلة .
– ما يترتب علي المعارضة إن قيام المتهم بالطعن بطريق المعارضة في الحكم الصادر ضده يرتب علي ذلك العديد من الأحكام القانونية تتمثل فيما يلي :-
1 :- عدم جواز تنفيذ الحكم الغيابي .
إن الحكم الصادر من المحكمة الجنائية غيابيا هو مجرد حكم إجرائي لا قيمة له إذا ما طعن علية المتهم بالعارضة الأمر الذي لا يجوز معه اتخاذ ثمة إجراء قانوني ضد المتهم بناء علي هذا الحكم الغيابي , ومن ثمة فأن هذا الحكم ينهار إذا عارض فيه المتهم .
وعلي هذا الأساس لا يجوز حبس المتهم أو تقييد حريته أو تنفيذ هذا الحكم الغيابي ضد المتهم , وكذلك لا يجوز تنفيذ العقوبات التكميلية المترتبة علي هذا الحكم الغيابي .
وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض بأنه :-
إن الحكم الغيابي لا يعتبر أكثر من إجراء من إجراءات التحقيق فإذا مضى علية من حين صدوره أكثر من ثلاث سنوات بغير أن ينفذ0000 فلا يبقى بعد ذلك محل لمتابعة السير في الإجراءات من نظر معارضة أو استئناف أو غيرهما . )
( الطعن جنائي رقم 844 لسنة 3قضائية )
كما قضت محكمة النقض بأنه :-
إن الحكم الغيابي القاضي بإدانة مقترف جريمة الجنحة لا تنقضي به الدعوى الجنائية إذ هو لا يعدو أن يكون من الإجراءات القاطعة لمدة الثلاث سنوات المقررة لتقادم الدعوى الجنائية طبقا للمادتين 15،17 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم فإنه إذا لم يعلن هذا الحكم للمحكوم ولم يتخذ إجراء تال له قاطع لتقادم الدعوى الجنائية فإن هذه الدعوى تنقضي بمضي ثلاث سنوات من تاريخ صدوره ، ومنذ هذا الانقضاء يزول المانع القانوني الذي كان سببا في وقف سريان تقادم دعوى المضرور قبل المؤمن , المواد 382 ، 383 ، 385 مدني و 17 ،15 قانون الإجراءات الجنائية .
( الطعن رقم 2670 لسنة 57 ق – جلسة 1993/1/7 س44 ج1 ص 155 )
2 :- أن لا يضار المعارض من معارضته .
من المبادئ الهامة التي نصت عليها القوانين الإجرائية ومن بينها قانون الإجراءات الجنائية هو مبدأ أن لا يضار الطاعن بطعنة .
وقد جاءت المادة 401 من قانون الإجراءات الجنائية حتى تؤكد علي هذا الحق , حيث جاء نصها :-
( يترتب على المعارضة إعادة نظر الدعوى بالنسبة إلى المعارض أمام المحكمة التي أصدرت الحكم الغيابي ، ولا يجوز بأية حال أن يضار المعارض بناء على المعارضة المرفوعة منه ) .
وهذا المبدأ في الأصل شرع لحماية المتقاضين ولإعطائهم المزيد من الأمن والحماية القانونية عند مثولهم أمام المحاكم الجنائية , بحيث يكون المتهم مطمئن علي أنه لن يتسبب له الطعن المقدم منه علي الحكم الجنائي في المزيد من الضرر فيكون في أمان من أن يقضي علية بعقوبة أشد من العقوبة التي يطعن عليها سواء بالمعارضة أو بالاستئناف .
3 – الحالات التي يجوز فيها تنفيذ الحكم الغيابي .
إذا كان الأصل في الأحكام الصادرة غيابيا هو عدم جواز تنفيذها ما لم تصبح أحكام نهائية إما بفوات مواعيد الطعن عليها أو بانتهاء طرق الطعن العادية المقررة عليها , ولكن القانون جاء ببعض الاستثناءات علي هذا المبدأ مراعاة لبعض الظروف والتي ترتب ببعض القضايا وقد جاء هذا الاستثناء علي سبيل الحصر بحيث لا يجوز التوسع فيه .
طبقا لما ورد في نص المادة 468 والتي تنص علي أنة :-
( للمحكمة عند الحكم غيابيا بالحبس مدة شهر فأكثر إذا لم يكن للمتهم محل إقامة معين بمصر ، أو إذا كان صادرا ضده أمر بالحبس الاحتياطي ، أن تأمر بناء على طلب النيابة العامة بالقبض عليه وحبسه .
ويحبس المتهم عند القبض عليه تنفيذا لهذا الأمر حتى يحكم في المعارضة التي يرفعها أو ينقضي الميعاد المقرر لها ، ولا يجوز بأية حال أن يبقي في الحبس مدة تزيد على المدة المحكوم بها وذلك كله ما لم تري المحكمة المرفوعة إليها المعارضة الإفراج عنه قبل الفصل فيها ) .
وتلك الاستثناءات وردت في المادة 468 إجراءات جنائية علي سبيل الحصر وهي :-
الحالة الأولي :- أن يكون المتهم ليس له محل أقامة في مصر معلوم وأن تكون العقوبة المحكوم بها تزيد عن شهر .
الحالة الثانية :- أن يكون قد صدر ضد المتهم أمر بالقبض علية من النيابة العامة ومحبوس احتياطيا , فأنة يجوز للمحكمة أن تأمر بالاستمرار في التنفيذ إلي حين نظر جلسة المعارضة .
علما بأن تلك الاستثناءات وإن كان الغرض منها النيل من الجاني الأجنبي المقبوض علية ومعاقبته علي الجريمة التي يغلب الظن أنه قد أرتكبها , وكذلك الجاني المصري الهارب من أمر القبض علية , إلا أن هذا الأمر يشكل مخالفة دستورية صارخة لمبدأ افتراض براءة المتهم , ومبدأ تكافئ الفرص ومبدأ مساواة المواطنين أمام القانون وأمام القضاء , وحرمان المتهم من أن ينال محاكمة عادلة قبل أن تنفذ ضده عقوبة في جريمة لم يتمكن من الدفاع عن نفسه مساواة بغيرة من المتهمين .
مواعيد المعارضة :-
تنص المادة 398 علي أنه : – ( تقبل المعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة في المخالفات والجنح وذلك من المتهم أو من المسئول عن الحقوق المدنية في ظرف العشرة أيام التالية لإعلانه بالحكم الغيابي خلاف ميعاد المسافة القانونية ، ويجوز أن يحكم هذا الإعلان بملخص على النموذج الذي يقرره وزير العدل .
ومع ذلك إذا كان إعلان الحكم لم يحصل لشخص المتهم فان ميعاد المعارضة بالنسبة إليه فيما يختص بالعقوبة المحكوم بها يبدأ من يوم علمه بحصول الإعلان وإلا كانت المعارضة جائزة حتى تسقط الدعوى بمضي المدة ).
– إن الحكم الغيابي في الجنح يجوز الطعن علية بالمعارضة من المتهم في عدة حالات وهي :-
1 :- يجوز للمتهم المعارضة من تلقاء نفسه دون حاجة إلي إعلان أو غيرة من إجراءات .
2 :- يجب علي المتهم أن يقرر بالمعارضة في خلال العشرة أيام التالية لإعلان الحكم الصادر في غيبته إذا ما أعلن بهذا الإعلان لشخصه أو في محل إقامته مع أحد القائمين معه أو جيرانه أو أصاهره أو غيرهم مما يقيمون معه , إذا ما قرر المحضر أنه قد أنتقل إلي محل إقامة المتهم ولم يجده وترك الإعلان مع أي شخص مما سبق ذكرهم .
3 :- يكون إعلان الحكم الغيابي صحيح حتى ولو كان من تسلم الإعلان ليس من المقيمين مع المتهم أو من أقاربه علي خلاف ما قرر المحضر , حيث أن جميع الأحكام الصادر في شأن الإعلانات استقرت علي أنة لا يجوز الطعن بالبطلان أو التزوير علي ما قرره المحضر من بيانات في الإعلان لأن المحضر ليس مكلف بأن يطلع علي شخص من سلمه الإعلان , ومعرفته أن من سلمه الإعلان قريب المعلن إلية أو يقيم معه من عدمه .
– وقد قضت محكمة النقض بأنه :-
إن المحضر غير مكلف بالتحقق من صفة الشخص الذي يتقدم له لاستلام الإعلان مادام أن الشخص قد خوطب في موطنه المراد إعلانه.
(نقض جلسة 22/1/1986 س 37 ق 27 ص 127)
المحضر غير مكلف بالتحقق من صفة من يتقدم له لاستلام الإعلان وأنه لطالما أن الثابت من مطالعة أصل ورقة الإعلان أن المحضر أنتقل إلي موطن الطاعن وخاطب من أجاب بأنه تابعه ولغيابه سلمه صورة الإعلان فإن هذا يكفي لصحة الإعلان.
(نقض جلسة 17/1/1977 س 28ق 23 ص 111)
جرى قضاء محكمة النقض بأن المحضر غير مكلف بالتحقق من صفة من يتقدم له لاستلام الإعلان، وأنه طالما أن الثابت من مطالعة أصل ورقة الإعلان أن المحضر انتقل إلي الطاعنة وخاطب من أجاب أنه تابع لها ولغيابها سلمه صورة الإعلان، فإن هذا يكفي لصحة الإعلان، ولا يجدي الطاعنة بعد ذلك الادعاء بأن الصفة التي قررها مستلم الإعلان غير صحيحة مادمت لم تنكر وجود من استلم الإعلان بداخل سكنها عند توجه المحضر ولم تنكر وصول صورة الإعلان إليها وعلمها بتاريخ الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه.
(نقض جلسة 4/11/1969 س 20 ق 243 ص 1216)
4 :- إذا أعلن المتهم بالحكم الغيابي في محل إقامته وانقضي ميعاد المعارضة جاز للمتهم أن يثبت عدم علمه بالإعلان بأي طريق , وبالتالي يجوز له المعارضة فقط في الأحكام التي لا يجوز الطعن عليها بالاستئناف .
5 :- لا يجوز تسليم الإعلان للحكم الجنائي بصفة عامة وخاصة الغيابي إلي جهة الإدارة , فإذا تم الإعلان إلي جهة الإدارة أو للنيابة العامة يكون الإعلان غير صحيح لأنة لا يترتب علية أي اثر في مواعيد المقررة للمعارضة , فإذا كان المتهم قد ترك محل الإقامة يجب أن يتم إجراء تحريات عن محل إقامته ثم يعلن في مواجهة النيابة , وباستثناء الإعلانات التي تتم في مواجهته النيابة العامة للمقيمين خارج الدولة , فأن الإعلان يكون صحيح في تلك الحالات وينقضي به الحق في المعارضة إلا إذا أثبت المتهم عدم تسليم الإعلان إلية بالطرق الدبلوماسية عن طريق النيابة العامة .
6:- أمر هام .
إن إعلان الحكم الغيابي إذا أعلن به المتهم لشخصه تنقطع مواعيد انقضاء الدعوي الجنائية , ولا تنقضي الدعوي الجنائية بمضي المدة , وتتحول الدعوي من كونها مجرد دعوي صدر فيها حكم غيابي , إلي حكم وأجب النفاذ فورا إذا أنقضت مواعيد المعارضة ومن بعدها مواعيد الاستئناف , وهذا القول هو بخلاف ما استقر علية العمل في القضاء وبخلاف ما صدر من محكمة النقض في العديد من أحكامها , ومتفق مع العديد من أحكام أخري لمحكمة النقض والتي قررت بهذا المبدأ , وسوف نتحدث عنها في الفصل الخامس .
الفصل الثالث
الاستئناف
وضع القانون طريق ثان للطعن علي الأحكام الجنائية وذلك مراعاة للجاني والذي قد يحتاج إلي الحماية القانونية بأعطائة فرصة أخري لينال محاكمة جديدة أمام محكمة أخري أعلي من المحكمة الأولي والتي قد يكون حكمها مشوب بالخطأ سواء في تطبيق القانون أو في تحصيل وقائع الدعوي والإحاطة بكافة ظروفها وملابساتها ’ الأمر الذي قد يكون سببا في بطلان أو قصور حكمها .
فقد جاء المشرع بطريق الاستئناف حتى ينال المتهم مزيد من الضمانات القانونية والدستورية في محاكمة عادلة تتوافر له فيها كافة المقومات لتقديم كافة طلباته ودفوعة القانونية .
أولا :- تعريف الاستئناف .
هو المرحلة الثانية من طرق الطعن العادية , تتولي نظره دائرة أستئنافية تتكون من ثلاث قضاة من قضاة المحكمة الابتدائية , وتقوم بنظر ما شاب الاستئناف بشقية الموضوعي والقانوني من مخالفات للقانون والواقع .
ثانيا :- ماهية الاستئناف .
إن الاستئناف هو المرحلة الثانية من طرق الطعن العادية علي الأحكام , إلا أنه في الحقيقة يثير العديد من المشاكل القانونية في الحياة العملية من إطالة لأمد التقاضي وإهدار الحقوق تبعا لذلك من أعطاء المتهم مزيد من الفرص للهروب , ومن ناحية أخري فإن ما استقر علية القضاء المصري في جميع المحاكم هو التجاوز والتساهل في مرحلة الاستئناف عن تطبيق صحيح القانون في أغلب الأحكام وتمكين المتهم في معظم الأحوال من إطالة التقاضي في مراحل متعددة تبدأ من المعارضة ثم الاستئناف ثم المعارضة الإستئنافية , والتي هي قمة الفساد في طرق الطعن الجنائي .
إن هذا القول لا يعني التضييق علي المتهمين ولكن إذا كان الجاني له الحق في أثبات براءته إذا كان جادا في ذلك , فإن من حق المجتمع أن ينال الجاني عقابه حماية لحقوق المجني عليه والتي تعدي عليها الجاني بفعلة الإجرامي , فإذا كان من حق المجتمع القصاص فإن التراخي في ذلك يهدر قيمة التجريم والعقاب علي نحو ما يحدث فعلا في الحياة العملية , فنجد أن الجاني قد يحكم علية بحكم نهائي بعد عدة سنوات .
ومن ناحية أخري يوجد تناقض كبير في العديد من أحكام ومبادئ محكمة النقض , مما جعل من أحكام المحاكم العادية أمرا مخالفا لتطبيق صحيح القانون , وأحدث فوضي قانونية وتناقض كبير في الأحكام وقصور نتيجة عدم توحيد المبادئ القانونية التي تصدرها الجمعية العمومية للدوائر الجنائية بمحكمة النقض.
– من له الحق في الاستئناف :-
حددت المادة 402 أ.ج من لهم الحق في الطعن بالاستئناف علي الحكم الصادر من محكمة الجنح فأعطي الحق لكلا من النيابة العامة والمتهم والمدعي بالحق المدني فيما يتعلق بدعواه المدنية وللمسئول عن الحقوق المدنية أن يستأنف الحكم الصادر ضده بالتعويض , وذلك في خلال العشرة أيام التالية للحكم الصادر من محكمة الجنح , ويكون الميعاد ثلاثون يوما للنائب العام أو من يقوم مقامة بدرجة محام عام أول .
– مواعيد الاستئناف :-
تنص المادة 406 أ . ج ) يحصل الاستئناف بتقرير في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم في ظرف عشرة أيام من تاريخ النطق بالحكم الحضوري أو إعلان الحكم الغيابي أو من تاريخ الحكم الصادر في المعارضة في الحالات التي يجوز فيها ذلك .
وللنائب العام أن يستأنف في ميعاد ثلاثين يوما من وقت صدور الحكم وله أن يقرر بالاستئناف في قلم كتاب المحكمة المختصة بنظر الاستئناف .
من هذه المادة يتضح أن ميعاد الطعن بالاستئناف علي الحكم الصادر من محكمة جنح أول درجة يكون عشرة أيام للمتهم وللنيابة العامة الجزئية , وثلاثون يوما للنائب العام علي النحو التالي :-
1 :- من تاريخ النطق بالحكم إذا كان المتهم قد حضر الجلسة المحددة لنظر الدعوي وقضي فيها بحكم حضوري ضد المتهم أمام محكمة أول درجة .
2 :- ويكون الاستئناف وأجب في خلال العشرة أيام التالية لإعلان الحكم الحضوري الاعتباري أو إعلان الحكم الغيابي الصادر في المعارضة باعتبارها كأن لم تكن .
3 :- أمر هام :- إذا تسلم المتهم إعلان صادر في حكم غيابي صادر من محكمة الجنح فإن علية أن يطعن بالمعارضة في خلال العشرة أيام التالية لتاريخ استلامه إعلان الحكم الغيابي وفي حاله عدم التقرير بالمعارضة يكون ملزم بالتقرير بالاستئناف في الحكم الغيابي وذلك لفوات مدة العشرة أيام الأولي المقررة للمعارضة , حيث يبدأ ميعاد الاستئناف للمتهم بانتهاء المدة المقررة للمعارضة , ثم ينتهي حق المتهم في الطعن سوء بالمعارضة أو الاستئناف بمضي عشرون يوما من تاريخ استلامه الإعلان بشخصه , طبقا للقانون ويكون الحكم نهائي وأجب النفاذ , وهذا ما نصت علية المادة 406 أ.ج عندما قررت ) في ظرف عشرة أيام من تاريخ النطق بالحكم الحضوري أو إعلان الحكم الغيابي ) فالنص علي أن يكون الاستئناف في خلال العشرة أيام التالية للحكم الحضوري ثم أعقبت النص بالقول ) أو من تاريخ إعلان الحكم الغيابي ) فالغيابي هنا تعني الحكم الغيابي من أول مرة وليس الغيابي في المعارضة والذي يقضي باعتبار المعارضة كأن لم تكن .
وذلك لأن نص المادة ذكر الحكم الغيابي في المعارضة بعد أن ذكر إعلان الحكم الغيابي للتمييز بين الغيابي الأول والغيابي في المعارضة .
ولكن هذا الأمر لا يحدث في الحياة العملية , فيكون التساهل من القضاء في فتح باب الطعن , ولكن من المفترض أن يؤثر فتح باب الطعن علي الأحكام فيما اكتسبه الحكم من حجية ونهائية في المدة السابقة , وسوف وضح ذلك فيما بعد .
4 :- في جميع الأحوال يكون للنيابة العامة الحق في الطعن بالاستئناف في خلال عشرة أيام أو ثلاثون يوما للنائب العام أو من يقوم مقامة وذلك من تاريخ صدور حكم من محكمة أول درجة سواء كان غيابي أو حضوري اعتباري أو حضوري , ولا يجوز للنيابة أن تقرر بالاستئناف فيما عدا ذلك , فلا يجوز لها أن تقرر بالاستئناف علي الحكم الصادر في المعارضة حتى ولو كان مخالف للقانون نفاذا للمادة 401 من قانون الإجراءات الجنائية والتي تقضي بأنه لا يضار المعارض من معارضته , حيث جاء نصها :-
( يترتب على المعارضة إعادة نظر الدعوى بالنسبة إلى المعارض أمام المحكمة التي أصدرت الحكم الغيابي ، ولا يجوز بأية حال أن يضار المعارض بناء على المعارضة المرفوعة منه ) .
نظم المشرع الإجراءات المتعلقة بالاستئناف والمعارضة الاستئنافية في المواد من 402 وحتى 419 وذلك علي النحو التالي : –
1:- 00000
2 :- في خلال العشرة أيام التالية لتاريخ إعلان الحكم الغيابي سوء الصادر في المعارضة أو الحكم الحضوري الاعتباري .
5 :- جاء ضمن أحكام محكمة النقض حالة مخالفه للقانون تتعلق ببدء ميعاد الاستئناف للحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن
– وبيانه فيما يلي: –
فإذا كان الحكم صادر في معارضة غاب المتهم عن الحضور في الجلسة المحددة لنظرها وقضي باعتبار المعارضة كأن لم تكن يبدأ ميعاد الاستئناف من تاريخ إعلان الحكم الغيابي في المعارضة , وذلك إذا قدم المتهم دليل عذر عن عدم حضوره أمام محكمة أول درجة أثناء نظر المعارضة و ذلك لأن علي المحكمة أن تؤجل المعارضة إذا لم يحضرها المعارضة , ولكن إذا لم تؤجلها وقدم المعارض دليل عذر مقبول علي تخلفه عن حضور الجلسة المحددة للمعارضة يبدأ ميعاد الاستئناف من تاريخ إعلان الحكم الصادر في المعارضة وليس من تاريخ الحكم في المعارضة باعتبارها كأن لم تكن , وهذا القول غير معمول به في المحاكم حاليا .
وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض علي أنه :-
لا يصح في القانون الحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن إذا كان عدم حضور المعارض بجلسة المعارضة راجعاً لعذر قهري ، و في هذه الحالة لا يبدأ ميعاد استئناف الحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن إلا من يوم علم المحكوم عليه به رسمياً من تاريخ صدوره , و إذن فمتى كان يبين من الإطلاع على محضر الجلسة الإستئنافية أن الطاعن عندما سئل عن سبب عدم استئنافه الحكم في الميعاد قرر أنه كان مريضاً بالمستشفى وعولج به عشرين يوماً ثم تردد على عيادته الخارجية أياماً أخرى ، و كان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم قبول استئناف الطاعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد محسوباً من يوم صدور الحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن دون أن يعنى ببحث ما إذا كان عدم حضور المعارض بجلسة المعارضة راجعاً حقيقة لمانع المرض أم لا ، فإن الحكم يكون قاصراً مبنياً على الخطأ في تأويل القانون .
( الطعن رقم 247 سنة 23 ق ، جلسة 1953/4/21 )
دليل العذر في الاستئناف .
إذا قام المتهم بالتقرير بالاستئناف في خلال الميعاد القانوني وبالتالي يكون الاستئناف مقبول من الناحية الشكلية للتقرير به في ميعاد العشرة أيام التالية للحكم الحضوري أو في خلال العشرة أيام التالية لتاريخ إعلان الحكم الاعتباري أو الحكم الصادر في المعارضة .
وهذا الأمر لا يشكل عقبة قانونية أمام المستأنف , ولكن إذا لم يتم التقرير بالاستئناف في المواعيد القانونية فأنه يجب علي المستأنف أن يقدم الدليل علي عدم مراعاته التقرير بالاستئناف في الميعاد .
وقد جري العرف علي أن يقوم المتهم بتقديم دليل عذر عبارة عن شهادة طبية تفيد أنه كان مريض ولا يستطيع مغادرة الفراش في المدة التي تخلف فيها عن التقرير بالاستئناف , وهذه الشهادة من الواجب قانونا أن تكون صادرة من مستشفي حكومي , ولكن جري عرف القضاء علي التساهل عن ذلك وقبول أي شهادة مرضية صادرة من طبيب أو أي مستشفي .
وهذا الأمر في أغلب الأوقات لا يمثل أي مشكلة أمام المتقاضين , ولكن وعند الضرورة قد تتمسك المحكمة بحقها في مراقبة صحة دليل العذر وبالتالي يجب أن يكون هذا الدليل مشتمل علي شهادة الطبيب المعالج أن المتهم كان يعاني من مرض يفض علية أن يلازم الفراش ملازمة تامة ولا يغادره لعدم قدرة المريض علي الحركة ولخطورة ذلك علي صحته .
ومن خلال ما تقدم يجب التأكيد علي أن دليل العذر من الواجب أن يتوافر فيه بعض الشروط والأحكام سوف نوضحها من خلال أحاكم محكمة النقض في هذا الأمر , ومن ناحية أخري سوف نوضح مدي التزام محكمة الاستئناف بدليل العذر المقدم إليها , وذلك علي النحو التالي :-
و قد استقرت أحكام محكمة النقض علي تأكيد هذا الأمر فقضت في العديد من أحكامها علي انه :-
إذا كانت المحكمة قد قضت بعدم قبول الاستئناف المرفوع من المتهم شكلاً مع دفاعه بأنه كان مريضاً في الفترة التالية لصدور الحكم و تقديمه شهادة مرضية قائلة إنه على فرض صحة دفاعه فقد كان في وسعه أن يستأنف بتوكيل لمحاميه – فإنها تكون قد أخطأت في قولها هذا لأن هذا التكليف الذي كلفته به لا سند له من القانون .
( الطعن رقم 614 لسنة 23 ق ، جلسة 18/5/1953 )
كما قضت أيضا محكمة النقض :-
متى كان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم قبول استئناف الطاعن شكلاً للتقرير به بعد الميعاد ورد على دفاعه – القائل بأنه كان نزيل مستشفى الروضة بالقاهرة في المدة من 8 مايو سنة 1969 حتى 24 يوليه سنة 1969 محالاً إليها من جهة عمله – بأنه ثبت للمحكمة أن الطاعن قد مثل أمام الموثق بمأمورية توثيق الزيتون لعمل توكيل خلال الفترة السابقة مما يقطع بكذب دعواه بمرضه خلالها ، و كان ما أورده الحكم لا يصلح رداً على دفاع الطاعن و لا يسبغ رفض المحكمة منحه أجلاً لإثبات عذره في التقرير بالاستئناف بعد الميعاد ، ذلك أن تنقل الطاعن في حدود مدينة القاهرة فترة مرضه لا يكفى وحده للتدليل على أنه كان بمكنته الانتقال منها إلى بلد آخر بعيد عنها هو أسوان و هو مقر المحكمة التي يجب التقرير بالاستئناف فيها . و من ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصر البيان مستوجباً نقضه و الإحالة .
( الطعن رقم 1145 لسنة 40 ق ، جلسة 8/11/1970 )
ولكن عندما ترفض محكمة الاستئناف دليل العذر المقدم إليها يجب أن يرد في أسباب حكمها أن المحكمة تطعن علي التقرير الطبي المقدم من المستأنف بأي مطعن لإسقاط حجيته أو أهدار قيمته كدليل علي أن المستأنف كان مريضا وملازم للفراش كما ورد في هذا التقرير , أو أن المحكمة لم تطمئن أو أنها تتشكك في صحة هذا التقرير حتى يجوز لها طرح التقرير الطبي كدليل للعذر علي عدم التقرير بالاستئناف في الميعاد من جانب المستأنف , وإذا لم يشتمل حكمها علي ما يفيد أن قد طرحت دليل العذر لبطلانه مع توضيح هذا البطلان أو تشككها مع بيانها لأوجه التشكك , يكون حكمها معيب وقاصر لعدم استناده إلي سبب قانوني لطرح دليل العذر .
نخلص من ذلك إلي أن سلطه المحكمة في طرح دليل العذر مقيدة بتطبيق صحيح القانون والذي أعطي للمتهم الحق في التخلف عن التقرير بالطعن سواء بالمعارضة أو الاستئناف أو المعارضة الأستئنافية في الميعاد القانوني إذا ما قدم دليل علي تخلفه عن التقرير في الميعاد طبقا لنص المادة 241 فقرة 2 أ . ج فهذا الحق للمتهم مرد القانون وبالتالي فأن المحكمة ملزمة بتطبيق نصوص القانون علي هذا الدليل .
و قضت محكمة النقض في هذا الشأن بأنه :-
إن كان لقاضي الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى من الأدلة المقدمة وفي وزن الأدلة وتقديرها وترجيح بعضها علي البعض الأخر إلا أنه يخضع لرقابة محكمة النقض في تكييف هذا الفهم بحيث لا يجوز له أن يطرح ما يقدم إليه تقديما صحيحا من الأدلة أو الأوراق المؤثرة في حقوق الخصوم دون أن يدون في حكمه بأسباب خاصة ما يبرر هذا الإطراح .
( طعن رقم 237 لسنة 41 ق جلسة 16/11/1977 س 282 ص 1693 )
كما قضت محكمة النقض علي أن :-
مخالفة الثابت في الأوراق التي تبطل الحكم – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هي تحريف محكمة الموضوع للثابت ماديا في بعض المستندات أو تجاهلها هذه المستندات وما هو ثابت فيها، أو أبتناء الحكم على فهم حصلته المحكمة مخالفا لما هو ثابت في أوراق الدعوى من وقائع لم تكن محل مناضلة بين الخصوم .
( جلسة الأحد 29 نوفمبر سنة 1998 الطعن رقم 3279 لسنة 67 )
إن تقدير كفاية العذر الذي يستند إليه المستأنف في عدم التقرير باستئنافه في الميعاد من حق قاضى الموضوع . فمتى قدر القاضي العذر أو رفضه فلا تدخل لمحكمة النقض ، اللهم إلا إذا كانت العلة التي للرفض يستحيل التسليم بها عقلا .
( الطعن رقم 180 لسنة 22 ق ، جلسة 13/3/ 1953 ) .
وقضت محكمة النقض في حكم حديث لها علي أنه :-
لما كان يبين من محضر جلسة …………. التي نظرت بها معارضة الطاعن الإستئنافية ، أنه حضر محام عنه وقدم شهادة مرضية ، غير أن الحكم المطعون فيه قضى باعتبار المعارضة كأن لم تكن استناداً إلي أن الطاعن لم يحضر بتلك الجلسة رغم علمه بها ، ولم يشر إلى حضور محام عنه ، ولا إلي ما أبداه من عذر . لما كان ذلك ، وكان من المقرر انه إذا تقدم المدافع عن المعارض بما يبين عذره في عدم الحضور كان لزاماً على المحكمة أن تعني بالرد عليه سواء بالقبول أو بالرفض ، فإن في إغفال الحكم الإشارة إلى ذلك مساس بحق الطاعن في الدفاع ، مما يعيبه ويستوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن ، ولا يغير من ذلك ما أثبتته المحكمة بمحضر جلسة المعارضة الإستئنافية من أنها لا تطمئن إلى تلك الشهادة التي قدمت لها ، إذ أن ما يرد بمحضر الجلسة خاصاً بما تلاحظه المحكمة في أثناء نظر الدعوى لا يغني عن وجوب اشتمال الحكم على بيان أوجه الدفاع الجوهرية التي يبديها المتهم والأسباب التي تقيم عليها المحكمة قضاءها في شأنه .
(الطعن رقم 10782 لسنة 67ق جلسة 35/3/2007 )
ومن هذا يتضح أن دليل العذر وبوصفة تصرف قانوني وحق للمتهم أن يدعي به إذا ما تعرض لمرض أو أصابه جعلته عاجز عن الحضور أو الطعن علي الدعوي الجنائية المقامة ضده , وله أن يقدم من الأدلة سواء المرضية أو غيرها مما يجب علي المحكمة أن تتعرض له بالبحث , لأنه حق نص علية القانون التفات المحكمة عنه يعتبر إخلال بحق الدفاع وخطاء جسيم في تطبيق القانون , مما يبطل حكمها علي نحو ما سبق بيانه .
استئناف الأمر الجنائي :-
يوجد من بين القضايا الجنائية الأمر الجنائي والذي هو في حقيقة الأمر مخالف للدستور ولكن المحاكم تعمل به وتصدر العديد من الأوامر الجنائية والتي قد تصل في بعض القضايا إلي مبالغ طائلة لا يستطيع المتهم تنفيذها , وهذا الأمر الجنائي مخالف للدستور من عدة أوجه سبق بيانها في بحث خاص بعنوان أوجه عدم دستورية الأمر الجنائي , ولكن الأمر الجنائي تعمل به المحاكم ولا تنتبه إلي أي دفاع يتم إبدائه في شأن عدم دستوريته .
والأمر الجنائي بعد أن صدر تعديل له بالقانون رقم 153 لسنة 2007 والذي عدل بموجبة المشرع الأحكام الخاصة بالأمر الجنائي علي النحو التالي :-
1 :- حيث قام المشرع بإلغاء الطعن بالمعارضة علي الأمر الجنائي الصادر من محكمة الجنح , وجعل الطعن عليه بالاستئناف أمام محكمة الجنح المستأنفة , حيث كان الطعن علية بالمعارضة من قبل .
2 :- جعل القانون الحق في الطعن بالاستئناف علي الأمر الصادر من محكمة الجنح في خلال العشرة أيام التالية لإعلان الأمر الجنائي .
3 :- يجوز لمحكمة الجنح أول درجة أن تقضي الأمر الجنائي في القضايا التي يكون معاقب عليها بالغرامة ولا يجوز أن تقضي بالحبس .
4 :- يخضع الأمر الجنائي إلي جميع الإجراءات التي الخاصة بالمحاكمة أمام محكمة الجنح المستأنفة , بحيث يجب علي المتهم الحضور عند نظر الاستئناف المقدم منه علي الأمر الجنائي الصادر في غيبته .
5 :- يشترط القانون علي المتهم ضرورة الحضور أثناء نظر الاستئناف المقدم منه , وفي حاله تخلفه يكون الأمر نهائي وأجب النفاذ , ولا يقبل الطعن علية بالمعارضة .
6 :- تسري علي استئناف الأمر الجنائي قاعدة عدم جواز أن يضر الطاعن بطعنه , بحيث لا يجوز أن تقضي محكمة الاستئناف بما يزيد علي ما قضت به محكمة أول درجة , وتلك القاعدة القانونية أصدرت العديد من المحاكم أحكام في العديد من الأوامر مخالفة تلك القاعدة , فنجد أن العديد من محاكم الجنح المستأنفة نقوم بإلغاء الأمر الجنائي الصادر من محكمه أول درجة بالغرامة , وتقضي بتعديل الحكم إلي الحبس .
– وهذا الأمر من محكمة الجنح المستأنفة مخالف جسيمة واعتداء صارخ علي القانون للأسباب الآتية :-
أ :- أن المشرع قد نص صراحة في المادة أ.ج فيما يتعلق بتنظيم الأمر الجنائي علي أن لا يجوز أن تقضي المحكمة في الأمر الجنائي بغير الغرامة
ب :- أن قانون الإجراءات الجنائية نص في المادة 401 علي أنة لا يجوز أن يضار المعارض من معارضته , وبالتالي لا يجوز أن يضار المستأنف من استئناف الأمر الجنائي , ولا يحق للمحكمة الاستئنافيه أن تعدل الأمر الجنائي من الغرامة إلي الحبس .
ج :- أن التعديل الذي أحدثه المشرع في الأمر الجنائي بالقانون 153 لسنة 2007 والذي عدل بموجبة الطعن علي الأمر الجنائي وجعله بالاستئناف أمام محكمة الجنح المستأنفة , كما ألغي القانون رقم 74 لسنة 2007 نص الفقرة الثانية من المادة 328 والتي كانت تقضي بأنه :-
إذا حضر الخصم الذي لم يقبل الأمر الجنائي في الجلسة المحددة ، تنظر الدعوى في مواجهته وفقا للإجراءات العادية.
وللمحكمة أن تحكم في حدود العقوبة المقررة بعقوبة اشد من الغرامة التي قضي بها الأمر الجنائي .
أما إذا لم يحضر تعود للأمر قوته ، ويصبح نهائيا واجب التنفيذ .
( الفقرة الثانية ملغاة بالقانون رقم 74 لسنة 2007 بتاريخ 1/10/ 2007 وظل باقي المادة 328 كما هي )
– من هنا يتضح أن الأمر الجنائي قبل تعديله بالقانون رقم 74 لسنة 2007 والقانون 153 لسنة 2007 وكان يتم الطعن علية بالمعارضة أمام ذات المحكمة التي أصدرته وكان من حق المحكمة أن تقضي بالعقوبة المقرر للجريمة ولو بعقوبة أشد وبالتالي فان هذا الأمر كان يتم أمام محكمة أول درجة دون أن يفوت علي المتهم درجة من درجات التقاضي , ولكن لما أصبح الطعن علي الأمر الجنائي هو الاستئناف فقد ألغي المشرع الفقرة الثانية من المادة 328 أ.ج , وأصبح الأمر مقيد بالنصوص العامة المقررة في القانون والتي تقضي بأن لا يجوز أن يضار الطاعن من جراء طعنه .
الحكم في الاستئناف .
– نظم القانون حق المحكمة الاستئنافية فيما يجب أن تقضي به من أحكام عند نظر الاستئناف المقدم من المتهم طبقا للمواد 412 و 417 , وذلك علي النحو التالي :-
أولا :- الأحكام الشكلية :-
1:- أن تقضي بسقوط الحق في الاستئناف إذا كان الاستئناف قد تم التقرير به في الميعاد ولم يحضر المتهم في الجلسة المحددة لنظر الاستئناف.
2 :- وإذا أقيم الاستئناف بعد الميعاد ولم يحضر المتهم تقضي بسقوط الحق في الاستئناف .
3 :- إذا أقيم الاستئناف بعد الميعاد وحضر المتهم ولم يقدم المتهم دليل عذر مقبول علي عدم التقرير بالاستئناف في الميعاد أو قدم ولم تقبله المحكمة , فإنها تقضي بعدم قبول الاستئناف شكلا للتقرير به بعد الميعاد .
4 :- يجب أن تقضي محكمة الجنح المستأنفة بعدم قبول التقرير بالاستئناف المقدم من شخص ليس له صفة في التقرير بالطعن , فإذا طعن شخص بالاستئناف علي حكم وهو غير خاص به تقضي المحكمة بعدم قبول التقرير بالاستئناف للتقرير به من غير ذي صفة .
ولا يجب أن تقضي المحكمة بالبراءة أو بعدم الجواز لأن التقرير من شخص غير ذي صفة هو من الأمور الشكلية التي تتعلق بشكل الاستئناف , وليس من الأمور الموضوعية التي تتعلق بموضوع الجنحة أو من الأمور المتعلقة بجواز أو عدم جواز الاستئناف .
5 :- تقضي محكمة جنح أول درجة بعدم جواز نظر المعارضة إذا كانت مرفوعة عن حكم سبق المعارضة فيه أو حكم حضوري اعتباري , وتقضي محكمة الاستئناف بعدم جواز نظر المعارضة الاستئنافيه إذا كان قد صدر حكم حضوري اعتباري في الاستئناف أو إذا سبق التقرير بالمعارضة الاستئنافية من قبل .
ثانيا :- الأحكام الموضوعية :-
1 :- لمحكمة الجنح المستأنفة أن تقضي في موضوع الاستئناف إذا كان الاستئناف من المتهم لها أن تقضي سوء بالبراءة أو بتعديل حكم الإدانة لصالح المتهم وتخفيف العقوبة أو أن تقضي بالرفض وتأييد الحكم المستأنف .
2 :- إذا كان الاستئناف من النيابة العامة فيجوز أن يقضي بالرفض وتأييد الحكم أو الإلغاء والتعديل , ويشترط أن يكون التعديل بإجماع الآراء إذا كان المتهم قد قضي له بالبراءة من محكمة أول درجة .
3 :- وتقضي محكمة الجنح المستأنفة في الاستئناف المقدم إليها فيما يتعلق بالاختصاص , فإذا طعن الخصوم علي حكم صادر من محكمة أول درجة يتعلق بعدم الاختصاص فأن لها أن تقضي في مسائل الاختصاص طبقا للقانون مثل عدم الاختصاص النوعي والمحلي .
4 :- وإذا كان الاستئناف مقام من النيابة العامة فالمحكمة لها أن تقضي سواء بالرفض أو الإلغاء أو التعديل بعقوبة سالبه للحرية بشرط أن يكون الحكم بإجماع الآراء .
3 :- أمر هام :-
في العديد من قضايا الجنح المستأنفة نجد أن المحكمة تقضي بعدم جواز نظر الاستئناف في حالة عدم حضور المتهم أو لأن المتهم قام بالتقرير بالاستئناف بعد الميعاد , وهذا القضاء من محاكم الجنح المستأنفة في هذه الحالات غير صحيح ولا يصادف تطبيق صحيح القانون للأسباب الآتية :-
أ :- يوجد نوع محدد من القضايا نص عليها القانون لا يجوز الطعن عليها بالاستئناف منها ما يتعلق بالمادة 402 الفقرة الأولي أ.ج والتي تنص علي : – ( ومع ذلك إذا كان الحكم صادرا في إحدى الجنح المعاقب عليها بغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه فضلا عن الرد والمصاريف فلا يجوز استئنافه إلا لمخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله أو لوقوع بطلان في الحكم أو في الإجراءات أثر في الحكم ) .
وكذلك ما ورد في المادة 403 أ.ج إذا كان التعويض المدني المطلوب ضمن النصاب ألانتهائي لمحكمة أول درجة , فلا يجوز للمدعي بالحق المدني أن يستأنف الحكم الصادر من المحكمة فيما يتعلق بالدعوي المدنية فالأمر هنا يتعلق بعدم جوزا استئناف نوع معين من القضايا , لأن القانون لم يعطي للمتهم فيها الحق في الاستئناف .
ب :- أن القول بعدم الجواز يتعلق بنوع الدعوي , بمعني أن جواز أو عدم جواز نظر الجنحة هو من الأمور التي نظمها القانون وحدد اختصاص كل محكمة بحيث لا يجوز للمحكمة أن تفصل في دعوي منعها القانون من النظر فيها , فتقضي بعدم جواز نظر الدعوي لان القانون لا يجيز للمحكمة أن تنظرها , فعدم الجواز هو مانع قانوني يمنع المحكمة من نظر الدعوي وليس مانع للمحكمة من نظر الدعوي لعدم حضور المتهم وسواء حضر المتهم أو لم يحضر فعدم الجواز لا علاقة له بهذا الحضور أو الغياب .
– نخلص من ذلك إلي أن القضاء بعدم جواز نظر الدعوي في حالة عدم حضور الاستئناف هو أمر مخالف لتطبيق صحيح القانون .
الفصل الرابع
المعارضة الاستئنافية
المعارضة الاستئنافيه وهي الطريق الثالث والأخير من طرق الطعن علي الأحكام في الجنح وهذا الطريق وإن كان يعطي المتهم فرصة أخيرة للطعن علي الحكم الجنائي , إلا أنه في حقيقة الأمر طريق ثالث لإهدار العدالة القانونية والقضائية وأري أنه مخالف للدستور الذي جعل العقاب زجر للخاصة وردع للعامة .
إن المشرع عندما قرر طريق ثالث للطعن علي الأحكام في قضايا الجنح و ولم يكتفي بذلك ولكنه جاء بنصوص قانونية في هذا الشأن تؤدي إلي إهدار العدالة وتفرغ سياسية التجريم والعقاب من الغاية التي وضعها الدستور والقوانين العقابية من أجل حماية المجتمع من الاعتداءات التي تحدث علي حقوق والحريات العامة والشخصية .
فإذا كان من حق المتهم أن ينال محاكمة عادلة تتوافر له فيها كل مقومات المحاكمة العادلة ,أن يعطي الفرصة كاملة في أن ينفذ إلي قاضية الطبيعي , فإنه في ذات الوقت يجب أن ينال الجاني عقابه المقرر في القوانين ولا يجوز أن يمنحه القانون فرص متعددة لأن يفر من العقاب المقرر ويتحصن بالقانون من أن ينال عقابه المقرر بالقانون .
إن هذا الأمر في حقيقته لا يمثل تشدد ولكن في الحقيقة هو مخالفة صارخة للحقوق والحريات التي يحميها القانون , فإذا كان الجاني يجب أن يحصل علي كافة حقوقه أمام القانون والقضاء , فإن للمجني علية أن يحصل علي حقوقه طبقا للقانون في أن ينال الجاني عقابه حتى يطمئن المجني علية من وجود دوله القانون , ونحمي المجتمع من طغيان قوة علي أخري , حتى يتحقق الأمن والعدالة القانونية ويسود مبدأ المساواة بين المواطنين .
– مواعيد المعارضة الإستئنافيه .
نصت المادة مادة 418 أ.ج علي أنه : – ( يتبع في الأحكام الغيابية والمعارضة فيها أمام المحكمة الاستئنافية ما هو مقرر أمام محاكم أول درجة ) .
وبالتالي يكون الحق في المعارضة الاستئنافية طبقا لما هو مقرر في المعارضة أمام محكمة أول درجة من أحكام , ولكن هذا الأمر مشروط بأن لا يتعارض مع طبيعة المعارضة الاستئنافية .
وميعاد المعارضة الاستئنافية هو عشرة أيام تبدأ من تاريخ إعلان الحكم الصادر غيابي في الاستئناف , ويكون الحق في المعارضة للمتهم الصادر ضده حكم غيابي , وعلي هذا الأساس لا يكون المتهم في حاجة إلي تقديم دليل عذر عن عدم التقرير بالمعارضة الاستئنافية بعد الحكم بسقوط الاستئناف , ما لم يتم الإعلان للحكم الصادر في غيبته في الاستئناف .
ويجب أن يكون إعلان الحكم الصادر في الاستئناف معلن إلي شخص المتهم حتى يترتب علية الآثار القانونية منها فوات مواعيد المعارضة الاستئنافية , ولا يكون للإعلان في محل الإقامة أو جهة الإدارة أي أثر في فوات المواعيد .
أمر هام :-
وهذا الأمر من ضرورة إعلان المتهم بالحكم الصادر في الاستئناف غيابي , وضرورة أن يكون الإعلان لشخصه وتقرير مدة عشرة أيام من تاريخ الإعلان حتى ينتهي ميعاد التقرير بالمعارضة , هذه أمور مخالفة بكل المقاييس للدستور وتشكل خطأ تشريعي جسيم لا يجوز الإبقاء علية في قانون الإجراءات الجنائية للأسباب الآتية :-
1 :- أن القول بأن الحكم الصادر غيابي في الاستئناف لا يبدأ ميعاد التقرير بالمعارضة فيه إلا بعد أن يتم إعلانه فهذا القول يهدر نهائية الحكم الصادر من محكمة أول درجة ويهدر حجية الأحكام الصادرة من محكمة أول درجه سواء كانت حضورية أو باعتبار المعارضة كأن لم تكن , وما حازته من نهائية إذا كان المتهم لم يستأنفه في الميعاد , حيث أن الأحكام التي لم يتم استئنافها في الميعاد تكون قد حازت علي قوة الأمر المقضي فيه بفوات مواعيد الطعن المقررة قانونا أو بالفصل فيها بحكم نهائي , ويتعارض هذا القول مع نص المادة 460 من قانون الإجراءات الجنائية والتي تنص علي أنه : – ( لا تنفذ الأحكام الصادرة من المحاكم الجنائية إلا متى صارت نهائية ، ما لم يكن في القانون نص على خلاف ذلك .
والحكم يكون نهائي بفوات مواعيد الطعن العادية المقررة من معارضة أو استئناف أو معارضة استئنافية ) .
2 :- وهذا القول يتعارض مع نص المادة 467 أ .ج ويخالفها والتي تنص علي أنه : – ( يجوز تنفيذ الحكم الغيابي بالعقوبة إذا لم يعارض فيه المحكوم عليه في الميعاد المبين بالفقرة الأولي من المادة 398 ) .
فهذه المادة جعلت الحكم الغيابي وأجب النفاذ إذا لم تتم المعارضة علية في الميعاد القانوني وجعلت الحكم نهائي لفوات الحق في الطعن علية .
3:- إن المشرع القانوني قد أرتكب خطأ فادح جرت علي تأكيده المحاكم الجنائية , وذلك عندما قرر القانون أن تكون للمعارضة الاستئنافية ذات الأحكام التي تنظم المعارضة أمام محكمة أول درجة , فقد فات المشرع أمر هام لم ينظمه وهو الحضوري الاعتباري في مرحل الاستئناف , فإذا حضر المتهم جلسة من جلسات الاستئناف وتم تأجيل الدعوي ولم يحضر الجلسات التالية , فما هو الحكم المترتب علي ذلك ؟
جري العرف في القضاء علي أن يقضي غيابي بسقوط الحق في الاستئناف , وهذا الحكم مخالف للقانون لأنه لم يعتد لأمر حضور المتهم وعلمه بالاستئناف علي نحو ما يحدث أمام محكم أول درجة , ومن ناحية أخري فأن هذا الأمر يهدر قيمة الأحكام ويطيل أمد التقاضي ويؤدي إلي ضياع حق المجتمع في العقاب .
وبالتالي يجب أن يكون الحكم صادر حضوري بسقوط الحق في الاستئناف , ولا يكون الحكم غيابي بسقوط الحق في الاستئناف , نظرا لأن سقوط الحق في الاستئناف لمن تخلف في أول جلسات الاستئناف وإن كان هذا الأمر خطأ أيضا .
وبناء علي هذا يجب أن تنتهي الدعوي في الاستئناف عند هذا الأمر , ولا يجوز المعارضة في هذا الحكم .
وهذا القول هو المناسب نظرا لأن الأحكام المتعلقة بنظر الاستئناف يجب أن لا تخرج عن الأحكام التي تنظم نظر الدعوي أمام محكمة أول درجة , فإذا كان القانون يرتب أثار قانونية علي حضور المتهم أمام محكمة أول درجة وعلي إعلان المتهم لشخصه بالجلسة المحددة لنظر الدعوي أمام محكمة أول درجة طبقا لنص المادة 238 أ . ج , وكما تقضي المادة 239 أ . ج , علي أن يكون الحكم حضوري اعتباري في حق المتهم الذي حضر احدي الجلسات أمام محكمة أول درجة .
إذا لابد وأن يأخذ بهذا الحكم في الاستئناف ويكون من الواجب علي محكمة الجنح المستأنفة أن تقضي في الدعوي طبقا لما تقضي به محكمة أول درجة لأن أمر الحضور أمام محكمة أول درجة وما يترتب علية قانونا من أثار لا يختلف عن الحضور أمام محكمة مستأنف وما يجب أن يترتب علية من أثار قانونية .
ما يجب أن يقضي به في المعارضة الأستئنافيه :-
تأخذ المعارضة الاستئنافية ذات الأحكام المتعلقة بالاستئناف فيما يجب أن تقضي به المحكمة بعد أن تتأكد المحكمة من أن المعارضة قد استوفت الشروط الشكلية ومنها أن يتم التقي ربها في الميعاد القانوني , وأن التقرير بالمعارضة تم من ذي صفة .
وعندما تتحقق المحكمة من شكل المعارضة تبدأ في البحث في الاستئناف أولا من الناحية الشكلية ثم من الناحية الموضوعية , وللمحكمة أن تقضي بكل ما خولها أن تقضي به من أحكام علي نحو ما سبق بيانه في الاستئناف .
الفصل الخامس
الدعوي الجنائية من التقادم إلي سقوط العقوبة
وضع القانون والفقه تنظيم قانوني للجرائم الجنائية من حيث المراحل التي تمر بها الجريمة أو الواقعة ,
المرحلة الأولي :-
مرحل الدعوي الجنائية والتي تبدأ من لحظه وقوع الجريمة ومرورا باكتشافها ومرحلة جمع الاستدلالات والتحقيق والتي تنتهي بإحالتها إلي المحكمة ثم صدور حكم فيها حضوريا أو غيابي .
والمرحلة الثانية :-
وهي مرحلة الحكم الجنائي الصادر من المحكمة وما يؤول إلية هذا الحكم من نهائية سواء حضر المتهم من أول جلسات المحاكمة أو لم يحضر , والطعن علي الحكم بالاستئناف , إلي حين الفصل فية بحكم نهائي .
كما جعل القانون للإعلان دور هام في المجال الجنائي , حيث جعله سبب في تحول الجريمة من مرحلة الدعوي إلي مرحلة العقوبة أو الحكم وأجب النفاذ .
ولقد رتب القانون علي إعلان المتهم بالدعوي بأمر الإحالة حجية قانونية ضد المتهم وجعل هذا الإعلان قاطع لتقادم الدعوي الجنائية , وكذلك إعلان الحكم الغيابي , ورتب عليهما المشرع انتقال الدعوي الجنائية من مرحلة انقضاء الدعوي إلي مرحلة سقوط العقوبة , وإن كان هذا الأمر هو في الحقيقة محل خلاف بين العديد من الأحكام والمبادئ التي أصدرتها العديد من دوائر محكمة النقض , وهذا ما سوف نتعرض له في هذا الموضوع , وبيان ذلك فيما يلي .
الفرع الأول
مرحلة تقادم الدعوى الجنائية
تنص المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية على أنة : – ( تنقضي الدعوى الجنائية في المواد الجنايات بمضي عشر سنين من يوم وقوع الجريمة وفى المواد الجنح بمضي ثلاث سنين ، وفى مواد المخالفات بمضي سنة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ) .
ونستخلص من هذا النص العديد من الأحكام الهامة وهي :-
1 :- تعريف التقادم :- التقادم هو تحديد القانون مدة تنتهي بعدها الدعوى الجنائية ولا يجوز التعرض لبحث موضوعها بعد انقضاء تلك المدة من تاريخ ارتكاب الواقعة وحتى تاريخ اكتشافها أو تاريخ اتخاذ أخر أجراء صحيح في الدعوي .
2 :- تعريف الدعوى الجنائية :- هي الواقعة أو الجريمة التي يرتكبها الجاني والتي يجرمها القانون ويعاقب مرتكبها بالعقوبات المقررة لكل واقعة على النحو الوارد بالقانون .
والدعوى الجنائية تظل على حالها دعوى جنائية سواء اكتشفتها الجهات المختصة أو لم يكتشفها , كما تظل دعوى طوال مدة نظرها أمام الجهات القضائية إلى حين صدور حكم نهائي في موضوعها أو بفوات مواعيد الطعن المقررة عليها .
ثانيا :- حالات انقطاع الدعوي الجنائية :-
إن الدعوي الجنائية تبدأ من لحظة ارتكابها وتمر بمراحل متعددة تنتهي بصدور حكم في موضوعها أو بفوات طرق الطعن المقررة عليها , وفي كل هذه المراحل تكون الدعوي الجنائية مجرد اتهام لا ينال من حرية المتهم ولا يجوز معاقبته ويكون بريئا إلي أن يحاكم أمام القضاء ويصدر حكم نهائي في موضوع الدعوي بالإدانة أو بالبراءة .
– ومن المقرر قانونا أن الدعوي الجنائية تسقط بمضي ثلاث سنوات من تاريخ ارتكابها أو من تاريخ أخر إجراء صحيح في الدعوي , إلا أن هذا التقادم قد يتعرض للانقطاع طبقا لنص المادة 17 من قانون الإجراءات والتي تنص علي أنه :-
( تنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك بالأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو إذا أخطر بها بوجه رسمي وتسري المدة من جديد ابتداء من يوم الانقطاع .
وإذا تعددت الإجراءات التي تقطع المدة فان سريان المدة يبدأ من تاريخ أخر إجراء ) .
جاءت تلك المادة بعدة حالات تنقطع بها الدعوي الجنائية وهي حالات وردت علي سبيل الحصر فلا يجوز التوسع فيها لأنها تتعلق بالنظام العام , وتلك الحالات هي :-
1 :- تنقطع مدة التقادم بإجراءات التحقيق التي تتم في الدعوي , والتحقيق هو ما تقوم به النيابة العامة أو قاضي التحقيق المنتدب من تحقيقات قضائية في الدعوي , فلا يكون تحقيق ما يتم بمعرفة مأموري الضبط القضائي من إجراءات جمع الاستدلالات .
2 :- وتنقطع بتوجيه الاتهام إلي المتهم سواء كان بإعلان أمر الإحالة إلي المتهم أو بتوجيه الاتهام إلي المتهم أثناء التحقيقات .
3 :- وبإجراءات المحاكمة حيث يتم إحالة الدعوي الجنائية إلي المحكمة للفصل فيها ثم تولي المحكمة نظر الدعوي وصدور حكم غيابي في الدعوي , ذلك لأن الحكم الحضوري تتحول به الدعوي من تقادم دعوي إلي سقوط عقوبة .
4 :- وتنقطع مدة التقادم بصدور أمر جنائي في الدعوي , سواء كان هذا الأمر صادر من المحكمة أو النيابة العامة في الحالات التي ينص عليها القانون , وهذا الأمر يشترط أن يكون الأمر قد صدر غيابي
5 :- كما تنقطع مدة التقادم بأي إجراء من إجراءات الاستدلال التي تتخذ في الدعوي ويشترط أن تكون قد تمت في مواجهه المتهم ,حيث لم يساوي المشرع في هذا الأجراء الذي يتم من مأموري الضبط القضائي والذي يتولي جمع الاستدلالات وبين الإجراء الذي يتم بمعرفة النيابة العامة أو المحكمة مثل إجراءات التحقيق أو الاتهام المحاكمة والتي تتم جميعها بمعرفة جهة قضائية .
وهذه الحالات لانقطاع الدعوي الجنائية وردت في المادة 17 أ . ج علي سبيل الحصر ولا يجوز التوسيع فيها أو القياس عليها .
ومن ذلك يتضح أمر في غاية الأهمية , وهو أن العديد من أحكام محكمة النقض وكذلك جري العمل في جميع الأحكام القضائية الجنائية علي أن الإعلان الذي يتم للحكم الغيابي قاطع لتقادم الدعوي الجنائية , ولا تبدأ مدة التقادم للدعوي الجنائية إلا من تاريخ إعلان الحكم الصادر غيابي .
وفي هذا الشأن تقول محكمة النقض :-
( أن الحكم الغيابي لا يعتبر أكثر من إجراء من إجراءات التحقيق فإذا مضى عليه من حين صدوره أكثر من ثلاث سنوات بغير أن ينفذ أو يصبح حكما نهائيا فقد سقط بذلك الحق في إقامة الدعوى العمومية على المتهم ، ولا يبقى بعد ذلك محل لمتابعة السير في الإجراءات من نظر معارضة أو استئناف أو غيرهما .
( طعن رقم 844 لسنة 3 ق جلسة 26/ 12/ 1932)
كما قضت بأنه :-
( لما كان الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة إلى أن الحكم الغيابي الاستئنافي صدر بتاريخ 27 من مايو سنة 1982 وأن المطعون ضده قرر بالطعن فيه بطريق المعارضة بتاريخ 9 من أكتوبر سنة 1986 دون أن يتخذ قبله أي إجراء قاطع للتقادم ، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة أن المطعون ضده قد أعلن بالحكم الغيابي الاستئنافي المعارض فيه بتاريخ 14 من مايو 1985 مخاطبا مع شخصه ، وكان هذا الإعلان من إجراءات المحاكم القاطعة لمدة التقادم طبقا لنص المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية وقد تم قبل مضى المدة المسقطة للدعوى الجنائية بينه وبين الحكم المذكور ، ومن ثم فأن الدعوى الجنائية بالنسبة للتهمة المسندة للمطعون ضده لم تنقضي لمضى المدة القانونية المنصوص عليها في المادة 15 من القانون المشار إليه ، لما كأن ما تقدم ، فأن الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، خطأ حجبه عن نظر موضوع الدعوى مما يتعين معه نقضه والإعادة ، وذلك بغير حاجة .إلى بحث الوجه الآخر من الطعن, المادتين 15 , 17 من ق الإجراءات )
( الطعن رقم 13906 لسنة 59 ق جلسة 1992/2/6 س 43 ص 198 )
أمر هام :-
أري أن حكم محكمة النقض الموضح عالية والذي جعل تقادم الدعوي الجنائية مازال مستمر حتى في مرحلة الاستئناف , فهذا الحكم مخالف لتطبيق صحيح القانون خاصة ما يتعلق بالحكم الغيابي الإستئنافي والذي لا يجوز نهائيا لمحكمة النقض أن تعتبر الحكم الصادر غيابيا في الاستئناف في حاجة إلي إعلان لصيرورته نهائي أو لبدأ ميعاد الطعن بالمعارضة الإستئنافية عليه , كما وأن الأحكام الصادر من محكمة في شأن اعتبار الإعلان للحكم الغيابي قاطع لتقادم الدعوي الجنائية بوصفة إجراء من إجراءات الدعوي الجنائية هذه الأحكام غير صحيحة ولم تتولي تطبيق صحيح القانون , فلا يجوز اعتبار إعلان الحكم الغيابي قاطع لتقادم الدعوي الجنائية , وإن كان هذا الإعلان يترتب علية أمور أخري هامه للأسباب الآتية :-
1 :- أن حالات انقطاع الدعوي الجنائية وردت في المادة 17 علي سبيل الحصر فلا يجوز التوسع فيها أو القياس عليها , حيث أنها تتعلق بالنظام العام فلا يجوز مخالفتها لأنها تنظم حق أصيل من حقوق التقاضي وضمانة أساسية للحريات , وقد جاء الإعلان القاطع للتقادم وهو إعلان أمر الإحالة – إعلان الدعوي – في سياق الإجراءات القاطعة لتقادم الدعوي , وكذلك إجراءات جمع الاستدلالات إذا تمت في مواجهة المتهم , وبإجراءات التحقيق والإحالة للمحاكمة وبصدور حكم في الدعوي , علما بأن الإعلان القاطع للتقادم للدعوي الجنائية المقصود في المادة 17 إجراءات هو إعلان أمر الاحالة , ولا علاقة بإعلان الحكم الجنائي بالحالات المنصوص عليها في المادة 17 إجراءات .
وفي هذا الأمر قضت محكمة النقض بأنه :-
( تعلق نصوص التقادم بالنظام العام أن نصوص القانون الخاصة بالتقادم تتعلق بالنظام العام لأنها تستهدف المصلحة العامة لا مصلحة شخصية للمتهم ، مما يستوجب إعمال حكمها على الجرائم السابقة على تاريخ صدورها وأن كان في ذلك تسوئ لمركزه ، ما دام أنه لم يصدر في الدعوى حكم نهائي ) .
( الطعن رقم 2442 لسنة 24 ق جلسة 1955/2/1 )
2 :- أن إعلان الحكم الغيابي ليس إجراء من إجراءات الدعوي الجنائية , حيث لم يرد في قانون الإجراءات الجنائية ما يلزم إعلان الأحكام الجنائية , ولم يرتب القانون أي جزاء علي عدم الإعلان , لذلك فأن الدعوي الجنائية تقف عند صدور حكم غيابي فيها ولا يؤثر علي هذا الحكم ولا يبطله سواء أعلن الحكم أو لم يعلن , وبالتالي فإذا ما أعلن الحكم الغيابي لا يكون لهذا الإعلان أي أثر فيما يتعلق بالدعوي الجنائية .
إن إعلان الحكم الجنائي ليس عمل قضائي أو إجراء قضائي لأنه لا يتم أثناء نظر الدعوي وليس إجراء من إجراءات الدعوي ولا يتم تحت رقابة المحكمة حتى تطلع علي مدي صحته , ولكن هو عمل قانوني نص علية القانون ونظمه لإعلان المتهم بالحكم الصادر ضده وحتى يبدأ سريان مواعيد الطعن علي الحكم الغيابي ويترتب علية في بعض الأوقات صيرورته الحكم الغيابي نهائي غير قابل للطعن علية , كما وأنه ليس له ميعاد محدد يشترط القيام به بعد صدور حكم في الدعوي , الأمر الذي يكون معه إعلان الأحكام بصفة عامة هو إجراء قانوني مقرر لصالح المتهم فإذا ما تم الإعلان كان حجة علي المتهم وإن لم يتم فلا أثر له في تقادم الدعوي أو سقوط العقوبة .
وقضت محكمة النقض في أحكامها علي أنه :-
( الحكم الغيابي الصادر بعقوبة في جنحة يجب إعلانه لشخص المحكوم عليه في ميعاد ثلاث سنوات من تاريخه فإذا لم يعلن المتهم شخصياً في هذه المدة يعتبر الحكم كأنه آخر عمل متعلق بالتحقيق ، وبناء على ذلك يسقط الحق في إقامة الدعوى المدنية طبقاً للمادة 270 أ. ح )
( نقض جلسة 29/9/1908 المجموعة الرسمية س 10 ق 37 )
وقضت أيضا بأنه :-
( أن الحكم الغيابي القاضي بإدانة مقترف جريمة الجنحة لا تنقضي به الدعوى الجنائية إذ هو لا يعدو أن يكون من الإجراءات القاطعة لمدة الثلاث سنوات المقررة لتقادم الدعوى الجنائية طبقا للمادتين 15،17 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم فإنه إذا لم يعلن هذا الحكم للمحكوم ولم يتخذ إجراء تال له قاطع لتقادم الدعوى الجنائية فأن هذه الدعوى تنقضي بمضي ثلاث سنوات من تاريخ صدوره ، ومنذ هذا الانقضاء يزول المانع القانوني الذي كأن سببا في وقف سريان تقادم دعوى المضرور قبل المؤمن .
( المواد 382 ، 383 ، 385 مدني و 17 ،15 قانون الإجراءات الجنائية )
( الطعن رقم 2670 لسنة 57 ق جلسة 1993/1/7 س44 ج1 ص 155 )
3 :- أن المشرع يشترط في الإجراء القاطع لتقادم الدعوي الجنائية طبقا للإجراءات المنصوص عليها في المادة 17 أ.ج , أن يكون القائم بالإجراء أحد رجال السلطة القضائية لكون هذا الإجراء عمل قضائي , وبالتالي فإن الإجراءات الواردة في المادة 17 والتي تقطع التقادم هي أعمال قضائية تنتهي بالحكم القضائي الصادر في الدعوي الجنائية , ولذلك فإن إعلان الحكم الغيابي لا يقطع تقادم الدعوي الجنائية بخلاف ما تقول به العديد محكمة النقض في العديد من أحكامها المتناقضة .
فقضت محكمة النقض بأنه :-
( لا يقطع مدة التقادم مجرد تأشيرة وكيل النيابة تكليف مندوب الاستيفاء ـ وهو ليس من مأموري الضبط القضائي الوارد بيانهم في المادة 24 من قانون الإجراءات على سبيل الحصرـ سرعة الانتقال إلى نيابة الأحداث لبيان ما تم في واقعة السرقة ، إذ أن هذا التكليف لا يجعل له سلطة التحقيق، إذ لا تكون هذه السلطة إلا لمأمور الضبط القضائي بناء على أمر صريح صادر بانتدابه للتحقيق، وعندئذ يكون الأمر قاطعا للتقادم )
(17/4/1986 س 37 ق 99 ص 494)
( مجرد التأشير من وكيل النيابة بحفظ الحكم الغيابي لا يعد من إجراءات قطع تقادم الدعوى الجنائية، لأنه لا يعدو أن يكون أمراً إدارياً بحفظ الأوراق لانقضاء الدعوى الجنائية ) .
(نقض جلسة 7/1/1993 ط. 267 س 57 ق)
4 :- إن إعلان الأحكام بصفة عامة والحكم الغيابي بصفة خاصة ليس من الإجراءات القضائية والتي تتم بأمر أو قرار المحكمة ولكنه إجراء قانوني مصدرة القانون يتولي المحضر القيام به بناء علي طلب النيابة العامة والذي يقتصر دورها هنا علي مجرد طلب الإعلان للحكم بخلاف , أمرها بإعلان الحضور والذي هو تكليف بالحضور لجلسة المحاكمة , وهو أمر وتكليف قضائي بإحالة الدعوي للمحكمة المختصة .
علما بأن إعلان الحكم الغيابي هو مجرد تكليف من النيابة للمحضر بإخطار المتهم بما صدر ضده من حكم قضائي , والأصل في هذا العمل هو نص القانون والذي لم يحدد لهذا الإعلان ميعاد محدد ولم يرتب علي عدم وجودة جزاء معين , حيث ترك المشرع أمر الإعلان للأحكام دون قيد أو شرط .
من هنا يتضح ويتأكد أن إعلان الحكم الغيابي ليس له أي سند قانوني من جعله إجراء قاطع للتقادم للدعوي الجنائية كما استقرت جميع المحاكم الجنائية ومحكمة النقض في جميع أحكامه في هذا الشأن حيث جري العمل علي اعتباره إجراء قاطع لتقادم الدعوي الجنائية .
إن إعلان الحكم الجنائي وإن كان لا يترتب علية قطع تقادم الدعوي الجنائية , ولكن يترتب علية أمور هامة وهو تحول الدعوي الجنائية من مرحله الدعوي إلي مرحلة العقوبة , وهذا ما سوف نتناوله فيما بعد .
الفرع الثاني
مرحل سقوط العقوبة .
تقادم العقوبة أو سقوط العقوبة وهو انتهاء حق المجتمع في تنفيذ الحكم الصادر نهائي بالإدانة للمتهم في المدة التي حددها القانون , وذلك من تاريخ صيرورة الحكم الصادر في الدعوى الجنائية نهائي وواجب النفاذ لإنهاء حق المتهم في الطعن على الحكم الصادر ضده بالطرق العادية المقررة على الأحكام .
وعلي هذا تنص المادة 528 أ . ج علي أنه |: – ( تسقط العقوبة المحكوم بها في جناية بمضي عشرين سنة ميلادية إلا عقوبة الإعدام فإنها تسقط بمضي ثلاثين سنة .
وتسقط العقوبة المحكوم بها في جنحة بمضي خمس سنين. وتسقط العقوبة المحكوم بها في مخالفة بمضي سنتين ) .
وقد حددت المادة 529 أ . ج وقت صيرورته الحكم الجنائي نهائي وأجب النفاذ ونصت علي أنه ) تبدأ المدة من وقت صيرورة الحكم نهائيا ، إلا إذا كانت العقوبة محكوما بها غيابيا من محكمة الجنايات في جناية ، تبدأ المدة من يوم صدور الحكم .
وهنا يجب توضيح أمر هام وهو متى تكون الدعوى الجنائية مجرد دعوى تخضع للتقادم الوارد في المادة 15 من قانون الإجراءات , ومتى تتحول من كونها دعوى إلي حكم وأجب النفاذ يخضع لمبدأ سقوط العقوبة المقرر في المادة 528 إجراءات .
إن الدعوى الجنائية تظل دعوى إلى حين صدور حكم نهائي في موضوعها , أو بفوات مواعيد الطعن المقررة فيها سواء بالمعارضة أو الاستئناف .
إن هاتين الحالتين تتحول بهما الدعوى الجنائية من كونها دعوى جنائية إلى حكم أو عقوبة واجبة النفاذ وتخضع لسقوط العقوبة وليس لتقادم الدعوى الجنائية .
كما يوجد بالإضافة إلى تلك الحالتين ما ورد بنص المادة 238 إجراءات وهى الأحكام التي تترتب على إعلان الدعوى لشخص المتهم .
الفرع الثالث
الانتقال من مرحلة الدعوي الجنائية إلي سقوط عقوبة .
إن الدعوى الجنائية تتحول من كونها دعوى تتقادم إذا مضى على ارتكابها وعدم اتخاذ إجراءات قضائية قاطعة للتقادم فيها أكثر من ثلاث سنوات , أو بصدور حكم غيابي فيها ومضى أكثر من ثلاث سنوات علي هذا الحكم في الجنح – فيما عدا الجنايات والتي تتقادم فيها الدعوي الجنائية بمضي عشرون سنة – وتتحول الدعوي الجنائية من كونها مجرد دعوي إلي حكم وأجب النفاذ ولا تسقط إلا بمضي المدة المقررة لسقوط العقوبة وذلك في الحالات الآتية :-
أولا :- أن يصدر الحكم في الدعوى الجنائية باعتبار المتهم حاضر .. حكم حضوري اعتباري .. وذلك بعد إعلان المتهم لشخصه بإعلان الحضور للجلسة المحددة لنظر الدعوي – أمر الإحالة – وفى هذه الحالة وبصدور حكم حضوري اعتباري يكون الحكم نهائي بعد انتهاء ميعاد الاستئناف وهو مضى عشرة أيام على تاريخ صدور الحكم الاعتباري دون أن يستأنف المتهم .
ثانيا :- أن يصدر حكم غيابي من محكمة الجنح ويتم إعلانه قانونا في محل إقامة المتهم أو لشخصه , ثم لا تتم المعارضة أو استئناف هذا الحكم في المواعيد المقررة , وبالتالي يصبح الحكم الغيابي نهائي وأجب النفاذ ويكون التقادم الواجب هو تقادم الحكم بمضي خمس سنوات ) سقوط العقوبة ) وليس تقادم الدعوى الجنائية , ذلك لان الحكم الذي صدر في تلك الدعوى قد حول الدعوى من كونها مجرد دعوى جنائية لم يتم الفصل فيها بحكم نهائي وأجب النفاذ إلى دعوى قضى فيها بحكم نهائي وأجب النفاذ أو حكم نهائي لفوات مواعيد الطعن علية بعد إعلانه قانونا وانتهاء تلك المواعيد دون الطعن علية بالمعارضة أو الاستئناف .
ثالثا :- أن يصدر حكم حضوري بعد حضور المتهم في الجلسة بوكيل عنة ولكنة لم يطعن علية بالاستئناف في الميعاد وبالتالي يكون الحكم قد صار نهائي لفوات مواعيد الاستئناف ويكون وأجب النفاذ حيث أنة قد صار حكم نهائي ولا يسقط الحكم إلا بمضي خمس سنوات .
رابعا :- في حالة صدور حكم غيابي من محكمة الجنح المستأنفة بسقوط الحق في الاستئناف يكون الحكم نهائي في حق المتهم لان المتهم كان يعلم بجلسة الاستئناف وترك الجلسة ولم يحضر الاستئناف رغم علمه بتلك الجلسة ومن ثمة يكون الحكم الصادر غيابي هو حكم نهائي إذا لم يعارض المتهم فيه في الميعاد المقرر وهو مدة العشرة أيام التالية للحكم بسقوط الاستئناف وبالتالي يكون الحكم نهائي وأجب النفاذ .
خامسا :- أن يصدر حكم من محكمة الجنح المستأنفة نهائي بإدانة المتهم وبالتالي يكون الحكم قد صار نهائي وأجب النفاذ ولا يخضع لتقادم الدعوى ولكنة يخضع لسقوط العقوبة بمضي خمس سنوات حتى ولو تم الطعن على بالنقض لان الطعن بالنقض لا يوقف تنفيذ الحكم ولذلك فان الحكم المطعون علية بالنقض لا يخضع إلا لسقوط العقوبة وليس سقوط الدعوى الجنائية حتى ولو تم الطعن في الميعاد ذلك لان الحكم النهائي هو الذي يجب معه سريان مبدأ سقوط العقوبة على الأحكام الصادرة في الدعوى لان الطعن بالنقض هو طريق استثنائي من الطرق غير العادية للطعن على الأحكام ولا يحول دون تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى الجنائية , الأمر الذي تكون معه الدعوى قد انتقلت من مرحلة كونها دعوى مطروحة أمام المحكمة , إلى حكم وأجب النفاذ له حجيته القانونية الواجبة التنفيذ .
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فان جميع الأحكام القضائية في كافة الدعاوى تكون نهائية بعد صدور أحكام نهائية فيها واجبة النفاذ أو فوات مواعيد الطعن المقررة عليها , علما بان طرق الطعن هنا هي طرق الطعن العادية وليست الاستثنائية أو غير العادية مثل النقض أو التماس أعادة النظر .
وهذا الأمر من وجوب سريان مبدأ سقوط العقوبة على الأحكام التي صارت نهائية حتى ولو تم الطعن عليها بالنقض يتعارض مع العديد من أحكام النقض التي صدرت مخالفة للقانون في هذا الأمر وقد أقرت مبدأ خطأ يخالف القانون , وهو أن الطعن بالنقض إذا مضى على عدم نظر الدعوى المطعون عليها بالنقض أكثر من ثلاث سنوات دون نظر الطعن تقض محكمة النقض فيها بتقادم الدعوى الجنائية لمضى أكثر من ثلاث سنوات على عدم صدور حكم أو اتخاذ إجراء في تلك الدعوى .
وقد استقرت العديد من أحكام محكمة النقض علي تأكيد هذا المبدأ في العديد من أحكامها , فقضت بأنه :-
الحكم الأول :-
( إذا كان قد مضى بين الحكم الغيابي الصادر على المتهم و بين علمه به مدة تزيد على ثلاث سنوات ، أي أكثر من المدة المقررة في القانون لانقضاء الدعوى العمومية بمضي المدة في مواد الجنح ، و كان الثابت في الوقت ذاته أن هذا الحكم قد أعلن في بحر هذه المدة إلى المحكوم عليه في محله مخاطباً مع أخته التي تقيم معه في مسكن واحد ، فإن هذا الحكم لا يسقط بمضي المدة المقررة لسقوط الدعوى العمومية ، و هي ثلاث سنوات ، بل يسقط بمضي المدة المقررة لسقوط العقوبة ، و هي خمس سنين ، محسوبة من تاريخ انقضاء الميعاد العادي المقرر للطعن في الحكم ، و ذلك إلى أن تحصل المعارضة فيه و يثبت المحكوم عليه للمحكمة عدم علمه به ، إذ علمه به يؤيده الظاهر المستفاد من حصول إعلانه في محله مما يجب معه افتراضه في حقه حتى يقيم الدليل على العكس ، و عندئذ تبعث الدعوى العمومية من جديد و يعود معها مضى المدة المقررة لسقوط الدعوى و ذلك بالنسبة إلى المستقبل فقط .
( الطعن رقم 656 لسنة 16 ق ، جلسة 1946/5/21 )
الحكم الثاني :-
لما كان الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة إلى أن الحكم الغيابي الاستئنافى صدر بتاريخ 27 من مايو سنة 1982 وأن المطعون ضده قرر بالطعن فيه بطريق المعارضة بتاريخ 9 من أكتوبر سنة 1986 دون أن يتخذ قبله أي إجراء قاطع للتقادم ، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة أن المطعون ضده قد أعلن بالحكم الغيابي الإستئنافى المعارض فيه بتاريخ 14 من مايو 1985 مخاطبا مع شخصه ، وكان هذا الإعلان من إجراءات المحاكم القاطعة لمدة التقادم طبقا لنص المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية وقد تم قبل مضى المدة المسقطة للدعوى الجنائية بينه وبين الحكم المذكور ، ومن ثم فإن الدعوى الجنائية بالنسبة للتهمة المسندة للمطعون ضده لم تنقض لمضى المدة القانونية المنصوص عليها في المادة 15 من القانون المشار إليه ، لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، خطأ حجبه عن نظر موضوع الدعوى مما يتعين معه نقضه والإعادة ، وذلك بغير حاجة .إلى بحث الوجه الآخر من الطعن .
( الطعن رقم 13906 لسنة 59 ق جلسة 1992/2/6 س 43 ص 198)
وقضت أيضا :-
الحكم الثالث :-
إذ كانت المادة (17) من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه تنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وذلك بالأمر الجنائي أو إجراءات الاستدلالات إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو إذا اخطر بها بوجه رسمي. وتسري المدة من جديد ابتداء من يوم الانقطاع ، وإذا تعددت الإجراءات التي تقطع المدة فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ آخر إجراء ومفاد هذا النص أن كل إجراء من إجراءات المحاكمة متصل بسير الدعوى أمام قضاء الحكم يقطع المدة حتى في غيبه المتهم ، وكان ما قامت به المحكمة من ندب خبير في الدعوى في الجلسة التي شهد وكيل المطعون ضدهما وفي مباشرة الخبير للمهمة التي ندبته المحكمة لأدائها وحضور أحد المطعون ضدهما بشخصه وحضور الأخر بوكيل عنه أمام الخبير هي جميعها من إجراءات المحاكمة التي تقطع المدة ، ذلك أن إجراءات المحاكمة التي عناها المشرع تشمل كل ما يتعلق بسير الدعوى أمام محكمه الموضوع ومنها إجراءات التحقيق الجنائي سواء باشرتها بنفسها أو باشرها أحد الخبراء يندب منها، ومن ثم فإن الجلسات التي يعقدها الخبير لمباشرة المهمة المندوب لها هي كغيرها من الإجراءات التي تباشرها المحكمة، وكانت مباشرتها لها ترسلها على الزمن الذي لم يبلغ غايته المسقطة للدعوى وقبل أن يمضي على آخر إجراء قامت به المدة المحددة للتقادم، الأمر الذي يجعل الدعوى ما تزال ماثلة في الأذهان ولم تندرج في حيز النسيان الذي جعله الشارع علة السقوط .
(الطعن رقم 30531 لسنة 62 ق جلسة 8/1/2001)
خطأ محكمة النقض وتناقض أحكامها :-
ويوجد العديد من الأحكام الصادرة من محكمة النقض والمخالفة لتطبيق صحيح القانون والتي تجعل من الدعوي أمر مستمر حتى ولو صدر فيها حكم نهائي من محكمة الاستئناف , وتقرر تلك الأحكام مبدأ غير صحيح وباطل وهو أن الدعوي الجنائية تظل دعوي حتى ولو كانت مطعون عليها ومنظورة أمام محكمة النقض , وعلي سبيل المثال الأحكام الأتية :-
الحكم الرابع :-
( لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر في 15 من أكتوبر سنة 1988 بإدانة الطاعنين بجنحة شهادة الزور ، فقررت الطاعنة الأولى بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ 20 من أكتوبر سنة 1988 وقدمت أسباب طعنها بتاريخ 7 من نوفمبر سنة 1988 ، كما قرر الطاعن الثاني بالطعن فيه في 15 من نوفمبر سنة 1988 وقدم أسباب طعنه في 19 من نوفمبر سنة 1988 ، ولكن الدعوى لم يتخذ فيها أى إجراء منذ ذلك التاريخ إلى أن نظرت أمام هذه المحكمة بجلسة اليوم 15 من مايو سنة 1996 ، وإذ كان البين من ذلك أنه قد انقضى على الدعوى من تاريخ إيداع أسباب الطعن مدة تزيد على الثلاث سنوات المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنح دون اتخاذ أي إجراء قاطع لهذه المدة ، ومن ثم تكون الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة عملا بنص المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية
) المواد 15 ، 16 ، 17 إجراءات جنائية)
( الطعن رقم 29351 لسنة 59 ق جلسة 1996/5/15 س 47 ص 644 )
الحكم الخامس :-
لما كان الثابت أنه قد مضى ما يزيد على ثلاث سنوات ابتداء من جلسة الأول من ابريل سنة 1991 التي نظر فيها الطعن أمام محكمة النقض حتى نظرها بجلسة اليوم 27 من فبراير سنة 1995 وكان دون اتخاذ أي إجراء قاطع للمدة ، فإن الدعوى الجنائية تكون قد انقضت بمضي المدة ، دون أن يكون لذلك تأثير على سير الدعوى المدنية المرفوعة معها، فهي لا تنقضي إلا بمضي المدة المقررة في القانون المدني المواد 15،17 ، 259 من قانون الإجراءات الجنائية .
( الطعن رقم 24414لسنة 59 ق جلسة 1995/2/27 س 46 ص 422 )
الحكم السادس :-
لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر في الثامن والعشرين من مارس سنة 1989 بإدانة الطاعن بجنحة دخول عقار في حيازة المدعى بالحقوق المدنية بقصد منع حيازته بالقوة وإلزامه بتعويض مدني . وقرر المحكوم عليه بالطعن فيه بطريق النقض وقدم أسباب طعنه في الثالث من مايو لسنة 1989 ولكن الدعوى لم يتخذ فيها أي إجراء منذ ذلك التاريخ إلى أن نظرت أمام محكمة النقض بجلسة الثالث عشر من ابريل سنة 1998 . وإذ كان يبين من ذلك أنه وقد انقضى على الدعوى من تاريخ التقرير بالطعن وتقديم أسبابه الحاصل في الثالث من مايو سنة 1989 مدة تزيد على الثلاث سنوات المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في مواد الجنح دون اتخاذ أي إجراء قاطع لهذه المدة فتكون الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة دون أن يكون لذلك تأثير على سير الدعوى المدنية المرفوعة معها إلا بمضي المدة المقررة لها في القانون المدني . ( المواد 15 ، 17 ، 2/259 من قانون الإجراءات الجنائية )
( الطعن رقم 44756 لسنة 59 ق جلسة 1998/4/13 س 49 ص 541 )
الحكم السابع :-
( إن توالي تأجيل نظر الطعن حتى جلسة……. لم يتخذ إجراء فيه إلى أن نظر جلسة اليوم……، وكان البين من ذلك أنه قد مضي بين هاتين الجلستين ما يزيد على مدة الثلاث سنوات المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في مواد الجنح دون اتخاذ أي إجراء قاطع لهذه المدة، فإن الدعوى الجنائية تكون قد انقضت بمضي المدة بما في ذلك الشق الخاص بالتعويض باعتبار أن التعويض المنصوص عليه في القانون رقم 133 لسنة 1981 بإصدار قانون الضريبة على الاستهلاك هو عقوبة تكميلية تنطوي على عنصر التعويض ويسري في شأنها القواعد العامة في شأن العقوبات ولا تقوم إلا على الدعوى الجنائية، ومن ثم فإن الحكم ببراءة المتهم أو انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة يشمل حتماً عقوبة التعويض التكميلية. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة ).
( الطعن رقم 818 لسنة 63 ق جلسة 16/4/2002 ) .
الحكم الثامن :-
( لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه صدر في 2 فبراير 1991 وقررت الطاعنة بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ 10 من مارس سنة 1991 وقدمت أسباباً لطاعنها في ذات التاريخ ولكن الدعوى لم يتخذ فيها أي إجراء من تاريخ الطعن إلى أن تأشر بتاريخ 11 من سبتمبر 1999 لتحديد جلسة 17 من يناير 2000 لنظر الطعن، فانقضت بذلك مدة تزيد على الثلاث سنوات المقرر ـ بالمادة (15) من قانون الإجراءات الجنائية ـ لانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنح دون اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق أو الدعوى ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وببراءة الطاعنة مما أسند إليها ).
(الطعن رقم 7605 لسنة 61 ق جلسة 17/1/2000)
الحكم التاسع :-
لما كان البين من مطالعة الأوراق أن المطعون ضده قد طعن بالنقض في الحكم الصادر في الجنحة الرقيمة ……… مستأنف دسوق وقضى في الطعن بجلسة 22 من فبراير سنة 1987 بعدم قبوله شكلاً ومن ثم فإن الحكم الصادر فيها يخضع لمدة السقوط المقررة للعقوبة في مواد الجنح وهى خمس سنوات على ما جرى به نص المادة 528 من قانون الإجراءات الجنائية تبدأ من صيرورة الحكم المستشكل فيه باتاً في التاريخ المار بيانه وآية ذلك أن الدعوى الجنائية لا تنقضي إلا بالحكم الذي تستنفد طرق الطعن فيه، ومن ثم فمن غير المتصور أن تبدأ مدة تقادم العقوبة قبل انقضاء الدعوى الجنائية بصدور حكم بات فيها، ولما كانت هذه المدة لم تنقض بعد بين تاريخ صيرورة الحكم المستشكل فيه باتاً وبين الحكم المطعون فيه الصادر في الإشكال بتاريخ 19 من يونية سنة 1989 فإن الحكم الأخير إذ خالف هذا النظر وقضى بسقوط العقوبة بمضي المدة يكون قد أخطأ في القانون مما يعيبه ويوجب نقضه وتصحيحه بإلغاء ما قضى به من وقف تنفيذ العقوبة.
( الطعن رقم 62597 لسنــة 59 ق تاريخ الجلسة 4/ 3/ 1997مكتب فني 48 الجزء 1ص 276 )
– لقد جانب تلك الأحكام الصادرة من محكمة النقض الصواب للأسباب الآتية :-
1 :- أن تلك الأحكام قد تناست أن الأحكام تكون نهائية وواجبة النفاذ بصدور حكم من محكمة الجنح أو محكمة الاستئناف أو بفوات مواعيد الطعن العادية المقررة علية , وأن الحكم الصادر في موضوع الدعوي يكون منهي للخصومة الموضوعية , ولا يشترط أن يكون الحكم بات بفوات مواعيد الطعن بالنقض علية أو بصدور حكم في الطعن بالنقض .
إن محكمة النقض تحاكم الأحكام ولا علاقة لها بموضوع الدعوي الجنائية التي ينتهي الجدال والدفاع فيها بصدور حكم نهائي في موضوعها , ذلك لأن الدعوي الجنائية تظل دعوي أمام القضاء الموضوعي سواء أمام محكمة جنح أول أو المحكمة الأستئنافية وتنتهي الدعوي ويمتنع الحديث فيها بصدور حكم نهائي , وأن الطعن بالنقض لا يكون طعنا في موضوع الدعوي ولكنه طعنا علي الحكم النهائي الصادر في الدعوي الجنائية , وهذا الطعن علي الأحكام لا يوقف التنفيذ , فضلا عن أن محكمة النقض هي محكمة قانون ولا يجوز لها أن تتعرض لموضوع الدعوي .
وبالتالي فإن الدعوي الجنائية لا يجوز لمحكمة النقض أن تفصل في موضوعها حتى يقال أنه يجوز لمحكمة النقض أن تقضي بتقادم الدعوي الجنائية إذا لم تحدد جلسة لنظر الدعوي وظل الطعن دون أن تتخذ فية أي إجراءات في خلال ثلاث سنوات من تاريخ تقديمة .
وعلي هذا الأساس فان العبرة هي باعتبار الحكم نهائي , فإذا صار الحكم نهائي فإن الحكم لا يخضع إلا لمبدأ سقوط العقوبة وليس لمبدأ تقادم الدعوى والتي انتهت بصدور حكم نهائي يمتنع معه علي أي محكمة أخر أن تتصدي لنظر هذا الموضوع مرة أخري ولو كانت محكمة النقض التي يقتصر دورها علي مجرد بحث ومراقبة مدي تطبيق محكمة الاستئناف للقانون علي وقائع الدعوي القانوني .
مبدأ هام جدا :-
إذا صدر حكم غيابي وأعلن لشخص المتهم ولم يطعن لا بالمعارضة أو الاستئناف صار الحكم نهائي , ولا يجوز فتح باب الطعن للمتهم إلا إذا أثبت بالدليل أنه قد استحال علية أن يطعن علي الحكم بعد تسلمه الإعلان الغيابي لشخصه , وذلك لمرض أو عذر قهري طوال المدة ما بين استلامه الحكم وحتى التقرير بالطعن ولا يجوز أن يقبل طعنه إلا بدليل عذر ومن ثمة تقبل المحكمة عذر المتهم وتفتح باب الطعن له بشرط أن لا يؤثر ذلك علي ما سبق أن أكتسبه الحكم من حجية قانونية في المدة السابقة علي فتح باب الطعن , بمعني أنه لا يقبل أن يدفع المتهم بانقضاء الدعوي الجنائية إذا ما كان قد مضي علي الحكم أكثر من ثلاث سنوات وذلك لأن الحكم في الفترة السابقة علي قبول فتح باب الطعن من المحكمة , كانت تسري علية مدة سقوط العقوبة وليس مدة تقادم الدعوي .
وعلي هذا الرأي أكدت محكمة النقض في العديد من أحكامها بقولها :-
( لما كانت المادة 528 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت في فقرتها الثانية على أنه )وتسقط العقوبة المحكوم بها في جنحة بمضي خمس سنين ) كما نصت المادة 529 من ذات القانون في فقرتها الأولى على أنه ) تبدأ المدة من وقت صيرورة الحكم نهائياً ) وكان من المقرر أن الحكم الصادر في جنحة يعتبر نهائياً بفوات ميعاد الاستئناف ، لما كان ذلك ، وكان البين من الإطلاع على الأوراق أن الحكم الابتدائي القاضي باعتبار المعارضة كأن لم تكن قد صدر في 28 من أكتوبر سنة 1989 ولم يستأنف في ميعاد العشرة أيام التالية لصدوره فإنه يجب في القانون اعتباره حكماً نهائياً قابلاً للتنفيذ كما هو الشأن في سائر الأحكام الصادرة عل شاكلته، ومدة السقوط التي تسري في خصوصه تكون مدة سقوط العقوبة، ولا يمنع من ذلك أن يكون المحكوم عليه قد أستأنفه بتاريخ بعد مضي ميعاد الاستئناف المقرر ثم قبل استئنافه للأعذار القهرية التي تقدم بها وأقام الدليل على ثبوتها، ومدة السقوط هذه تستمر إلى يوم صدور الحكم بقبول الاستئناف، ومن تاريخ هذا الحكم تبدأ مدة سقوط الدعوى العمومية.
(الطعن رقم 14220لسنــة 64 ق تاريخ الجلسة 24 / 07 / 2000 مكتب فني 51 ص 533 )
وقضت أيضا :-
وكان الثابت بالأوراق أن الحكم الابتدائي قد صدر حضورياً في 17 من أبريل سنة 1988 و لم يستأنف في ميعاد العشرة أيام التالية لصدوره فإنه يجب في القانون اعتباره حكماً نهائياً قابلاً للتنفيذ كما هو الشأن قانوناً في سائر الأحكام التي على شاكلته، و مدة السقوط التي تسري في خصوصه تكون إذن مدة سقوط العقوبة ، و لا يمنع من ذلك أن الطاعن قد استأنفه بعد مضي ميعاد الاستئناف المعتاد ثم قبل استئنافه يناء على الأعذار القهرية التي تقدم بها و أثبتها للمحكمة الاستئنافية ، و مدة السقوط هذه قد استمرت حتى يوم 11 يوليو سنة 1991 تاريخ التقرير بالاستئناف ، و من هذا التاريخ فقط عادت مدة سقوط الدعوى العمومية، و لما كانت مدة سقوط العقوبة لم تنقض حتى تاريخ التقرير بالاستئناف لأنها بدأت يوم 28 أبريل سنة 1988 عقب اليوم العاشر من تاريخ صدور الحكم الحضوري الابتدائي ، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ).
( الطعن رقم 3991 لسنة 62 ق جلسة 1/1/2002)
تلخيص وتأكيد علي مبدأ تحول الدعوي إلي سقوط العقوبة عند نهائية الحكم :-
لقد اقرت محكمة النقض في هذا الحكم والعديد من الأحكام الاخرى في هذا الشأن علي مبدأ هام وهو أن الدعوي الجنائية تنتهي بصدور حكم نهائي فيها وتتحول من كونها دعوي إلي كونها حكم جنائي , حيث أنها قد أعتبر الحكم الغيابي الصادر في جناية نهائي رغم كونه غيابي , وقررت أنه يخضع لمبدأ سقوط العقوبة وليس سقوط الدعوي الجنائية .
حيث قضت محكمة النقض بأنة :-
( لما كان قانون الإجراءات الجنائية فى الفصل الثالث من الباب الثالث من الكتاب الثانى الذى عنوانه فى الإجراءات التى تتبع فى مواد الجنايات فى المتهمين الغائبين قد نص فى المادة 394 على أنه لا يسقط الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنايات فى جناية بمضى المدة ، و إنما تسقط العقوبة المحكوم بها و يصبح الحكم نهائياً بسقوطها ،، و نص فى المادة 395 على أنه : – ( إذا حضر المحكوم عليه فى غيبته أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضى المدة يبطل الحكم السابق صدوره سواء فيما يتعلق بالعقوبة أو التضمينات و يعاد نظر الدعوى أمام المحكمة و نصت الفقرة الأولى من المادة 528 من هذا القانون على أنه تسقط العقوبة المحكوم بها فى جناية بمضى عشرين سنة ميلادية إلا عقوبة الإعدام فإنها تسقط بمضى ثلاثين سنة .
و واضح من هذا النصوص أنه ما دامت الدعوى قد رفعت أمام محكمة الجنايات عن الواقعة يعتبرها القانون جناية فإن الحكم الذى يصدر فيها غيابياً يجب أن يخضع لمدة السقوط المقرر للعقوبة فى مواد الجنايات و هى عشرين سنة لما كانت الدعوى الجنائية قد رفعت على المطعون ضده لارتكابه جنايات الاستيلاء على مال الدولة بغير حق و التزوير فى أوراق رسمية و استعمالها وقضى عليه من محكمة الجنايات غيابياً فى 1967/12/25 بحبسه سنة واحدة مع الشغل و تغريمه خمسمائة جنيه ، و إذ يتعين عليه انقضاء عشرين سنه من التاريخ المذكور فإنه كان يتعين إعادة محاكمته من جديد و لو كانت المدة اللازمة لسقوط الدعوى الجنائية قد انقضت إذ لا عبرة بها فى هذا المقام و إذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر و قضى بانقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه .
( الطعن رقم 282 لسنــة 57 ق تاريخ الجلسة 19 / 5/ 1987 – مكتب فني 38 – رقم الجزء 1 )
مادامت الدعوى قد رفعت أمام محكمة الجنايات عن واقعة يعتبرها القانون جناية، فإن الحكم الذي يصدر فيها غيابياً، يجب أن يخضع لمدة السقوط المقررة للعقوبة في مواد الجنايات وهي عشرون سنة، وذلك بغض النظر عما إذا كانت العقوبة المقضي بها هي عقوبة جناية أو عقوبة جنحة. وإذن فمتى كانت الدعوى العمومية قد رفعت على المطعون ضدها لارتكابها جناية اشتراك في تزوير ورقتين رسميتين وقضت محكمة الجنايات غيابياً بتاريخ 21 من مايو سنة 1940 بمعاقبتها بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر، ولما قبض عليها أعيدت محاكمتها فقضت محكمة الجنايات بتاريخ 24 من ديسمبر سنة 1952 بانقضاء الدعوى العمومية لسقوطها بمضي المدة، متى كانت ذلك فإن الحكم يكون قد خالف القانون.
(نقض 9/7/1952 مجموعة أحكام النقض المدنية س 4 ص 1160)
(نقض 22/4/1973 مجموعة القواعد القانونية س 24 ص 538)
الأمر الذي يؤكد صحة ما نقول به من أن الحكم النهائي الصادر في جنحة تسري علية مدة سقوط العقوبة وليس انقضاء الدعوي الجنائية , لأن الحكم النهائي مانع من بحث موضوع الدعوي الجنائية , حتى ولو طعن علية بالنقض .
المستفاد من ذلك :-
إذا كانت المادة 528 أ . ج وما استقرت علية أحكام النقض والتي أعطت للحكمة الغيابي الصادر في جناية حجية ومنحته نهائية تتحول بها الدعوي الجنائية من كونها مجرد دعوي يسري عليها تقادم الدعوي الجنائية وجعلته يخضع لمبدأ سقوط العقوبة ختى ولو تمت أعادة الأجراءات في هذا الحكم ونظرتة مرة أخري محكمة الجنايات .
فكيف لمحكمة النقض أن تحديد عن هذا المبدأ وتقول بأن الدعوي الجنائية لا تزال دعوي حتى ولو صدر فيها حكم نهائي واجب النفاذ ولا يسري عليها مبدأ سقوط العقوبة إلا من تاريخ سريان الحكم بات غير قابل للطعن علية بالنقض .
نخلص من كل ذلك إلى أن العديد من أحكام النقض قد صدرت متضاربة في شان الحكم بالتقادم في الدعوى الجنائية ومتى يجب الحكم ومتى يكون الحكم بسقوط العقوبة هو الواجب التطبيق على النحو سالف البيان , الأمر الذي يجب معه على محكمة النقض أن تضع تعريفا صحيحا ومبدأ موحد لتعريف الفارق بين تقادم الدعوى الجنائية وسقوط العقوبة !!!!! .
2:- ومما يؤكد صحة هذا الأمر أن محكمة أول درجة عندما تقضى حضوريا ضد المتهم يكون الحكم وأجب النفاذ باعتباره حكم نهائي لة حجيته القانونية وأنة يتم فرض كفالة لوقف تنفيذ الحكم لحين النظر في الاستئناف إذا تم في الميعاد فان هذا الأمر من وجوب الكفالة وكون الحكم قد صار وأجب النفاذ وان فرض كفالة هو لتأجيل تنفيذ الحكم مؤقتا لحين البت في الاستئناف مما لا يجوز معه الأخذ بنظام تقادم الدعوى الجنائية بعد أن صار الحكم فيها وأجب النفاذ وأصبح الحكم نهائي فلا يجوز الأخذ بنظام تقادم الدعوى الجنائية ولكن يجب أن تخضع الدعوى لنظام تقادم الحكم الجنائي الصادر فيها نهائي .
3:- كما أن محكمة النقض قد أقرت في العديد من الأحكام أن الحكم النهائي الصادر في الدعوى الجنائية يكون سببا في بدأ سريان سقوط العقوبة وليس تقادم الدعوى , وتلك الأحكام تتعارض مع ما سبق صدوره من أحكام تقضى بما يخالف تلك المبادئ كما هو موضح بالحكم الأتي :-
( لما كانت المادة 528 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت في فقرتها الثانية على أنه )وتسقط العقوبة المحكوم بها في جنحة بمضي خمس سنين) كما نصت المادة 529 من ذات القانون في فقرتها الأولى على أنه ) تبدأ المدة من وقت صيرورة الحكم نهائياً ) وكان من المقرر أن الحكم الصادر في جنحة يعتبر نهائياً بفوات ميعاد الاستئناف ، لما كان ذلك، وكان البين من الإطلاع على الأوراق أن الحكم الابتدائي القاضي باعتبار المعارضة كأن لم تكن قد صدر في 28 من أكتوبر سنة 1989 ولم يستأنف في ميعاد العشرة أيام التالية لصدوره فإنه يجب في القانون اعتباره حكماً نهائياً قابلاً للتنفيذ كما هو الشأن في سائر الأحكام الصادرة عل شاكلته، ومدة السقوط التي تسري في خصوصه تكون مدة سقوط العقوبة، ولا يمنع من ذلك أن يكون المحكوم عليه قد أستأنفه بتاريخ ……. – بعد مضي ميعاد الاستئناف المقرر ــ ثم قبل استئنافه للأعذار القهرية التي تقدم بها وأقام الدليل على ثبوتها، ومدة السقوط هذه تستمر إلى يوم صدور الحكم بقبول الاستئناف، ومن تاريخ هذا الحكم تبدأ مدة سقوط الدعوى العمومية .
(الطعن رقم 14220لسنــة 64 ق تاريخ الجلسة 24 / 07 / 2000 – مكتب فني 51 ص 533 )
• ثابت بهذا الحكم أنة قد أكد على أن الحكم النهائي هو الذي تبدأ معه مدة سقوط العقوبة وليس الحكم البات , علي خلاف ما هو وأرد في العديد من الأحكام الصادرة من محكمة النقض والتي صدرت مخالفة لتطبيق صحيح القانون .
4 :- أن القول بأن الحكم النهائي يكون مازال مجال الطعن علية بالنقض غير منهي للخصومة الموضوعية إذا طعن علية بالنقض , ويجوز أن يقضي في الدعوي المطعون عليها بالنقض إذا لم يتم نظرها في خلال ثلاث سنوات أمام محكمة النقض بتقادم الدعوي الجنائية وهو ما يعني أن الدعوي الجنائية مازالت مطروحة أمام قضاء النقض من حيث موضوعها لا من حيث حكمها , وأن الحكم المطعون علية غير نهائي وغير منهي للخصومة الجنائية وغير مانع للنظر في موضوعها .
فإن هذا الأمر من محكمة النقض وما صدر منها من أحكام في هذا الشأن يتعارض مع نص المادة 460 أ . ج والتي تنص علي أنه ) لا تنفذ الأحكام الصادرة من المحاكم الجنائية إلا متى صارت نهائية ، ما لم يكن في القانون نص على خلاف ذلك ) .
إن النهائية للحكم الجنائي تستوجب تنفيذ العقوبة المضي بها , فتصبح الدعوي الجنائية مجرد عقوبة واجبة التنفيذ وتستنفذ المحاكم جميعها ولايتها علي الدعوي الجنائية بنهائية الحكم ولا يحق لمحكمة النقض أن تنظر إلي الدعوي الجنائية وما يتعلق بها من دفاع أو دفوع لكونها أصبحت حكم نهائي له حجيته القانونية .
كما يتناقض هذه القول مع صحيح نص المادة 467 أ . ج والتي تنص علي أنه ) يجوز تنفيذ الحكم الغيابي بالعقوبة إذا لم يعارض فيه المحكوم عليه في الميعاد المبين بالفقرة الأولي من المادة 398 .
وللمحكمة عند الحكم بالتضمينات للمدعى بالحقوق المدنية أن تأمر بالتنفيذ المؤقت مع تقديم كفالة ولو مع حصول المعارضة أو الاستئناف بالنسبة لكل المبلغ المحكوم به أو بعضه ولها أن تعفي المحكوم له من الكفالة .
وتلك المادة هي الأخرى تؤكد علي أن الحكم يكون نهائي وأجب النفاذ إذا لم يعارض فيه المتهم في الميعاد رغم إعلانه لشخصه , وعلي ذلك تكون الأحكام الصادرة من محكمة النقض بسقوط الدعوي الجنائية أمام محكمة النقض إذا مرت ثلاث سنوات علي عدم تحديد جلسة ونظر الطعن علي الحكم المطعون علية .
هام جدا :-
أمر هام يجب توضيحه وهو أن محكمة جنح أول درجة أذا قبلت المعارضة رغم صيرورة الحكم نهائي لإعلانه وعدم المعارضة فيه في الميعاد أو أن محكمة الجنح المستانفة قد قبلت الاستئناف الذي قام بة المتهم بعد الميعاد وكل ذلك لقيام المتهم بتقديم دليل عزر على عدم قيامة بالطعن بالمعارضة أو الاستئناف أو المعارضة الأستئنافية في الميعاد .
فان قبول المحكمة الطعن لا ينال من الحجية التي كان قد أكتسبها الحكم لكونه قد صار حكما نهائيا وأن المحكمة قد قبلت فتح باب الطعن علية وبالتالي لا يجوز للمتهم أن يطعن على الحكم بتقادم الدعوى الجنائية بعد أن أكتسب الحكم حجيته في المدة السابقة علي قبول محكمة الاستئناف فتح باب الطعن للمتهم علي الحكم ذلك لان قبول الطعن على الحكم لا يجوز لأي محكمة أن تهدر ما كان قد أكتسبه هذا الحكم من حجية ونهائية فيما يتعلق بالمدة السابقة على قبول الطعن شكلا وقبول المحكمة لعذر المتهم في التخلف على الطعن على الحكم في الميعاد , لان المحكمة ليس من حقها أن تمحوا الآثار القانونية والحجية النهائية التي أنزلها القانون على الأحكام النهائية والتي كانت تلك الأحكام قد اكتسبتها بسبب فوات مواعيد الطعن على تلك الأحكام .
هذا وأن كل ما يمكن أن يحدث هو أنة وبعد قبول المحكمة الطعن شكلا أن تقضى في الدعوى دون المساس بالمراكز القانونية التي قد اكتسبتها الأحكام من حجية مؤقتة ذلك لان قبول المحكمة للعذر في التخلف عن الطعن على الأحكام هو طريق استثنائي حتى ولو كان عرف القضاء يأخذ به في كل الجنح لفتح باب الطعن على الأحكام الجنائية .
لذلك فان المحكمة إذا قبلت الاستئناف في الحكم بعد صدور حكم حضوري من محكمة أول درجة ومضى على هذا الحكم أربعة سنوات فان المحكمة لا يجوز لها أن تقضى في الاستئناف بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم بمضي ثلاث سنوات لأنها لا تملك أن تزيل ما كان للحكم من حجية نهائية لمجرد كونها قد قبلت الطعن على الحكم بالاستئناف , ذلك لان قبول الاستئناف في الحكم بعد الميعاد هو مجرد وقف لسير سقوط العقوبة وقاطع لتقادم العقوبة وليس تقاطع لتقادم الدعوى , بمعنى أن قبول الاستئناف شكلا في الحكم هو أجراء تقوم بة المحكمة لتقطع بة وتوقف به إجراءات تنفيذ الحكم على المتهم لكونه قد صار حكم نهائي وأجب النفاذ وأن تمكين المتهم من الطعن على الحكم النهائي هو فقط لتمكين المتهم من نظر طعنة على الحكم النهائي بشرط أن يقدم أسباب صائغة لقبول أسباب طعنة على الحكم بعد فوات مواعيد الطعن علية قانونا , هذا وأنة وبعد قبول المحكمة للاستئناف وفتح باب نظر الدعوي الجنائية للمتهم من جديد فأنة تبدأ مرة أخرى سريان مدة تقادم الدعوى من جديد على الدعوى إلى حين صدور حكم نهائي فيها , فإذا أنقضت مدة أكثر من ثلاث سنوات على الاستئناف بعد قبوله شكلا دون أن يتخذ فيه أجراء قاطع لتلك المدة فأنها تسقط تلك الدعوى بمضي المدة المقررة بتقادم الدعوى ثلاث سنوات .
وقد قررت محكمة النقض بهذا المبدأ في العديد من أحكامها بقولها :-
وكان البين من الإطلاع على الأوراق أن الحكم الابتدائي القاضي باعتبار المعارضة كأن لم تكن قد صدر في 28 من أكتوبر سنة 1989 ولم يستأنف في ميعاد العشرة أيام التالية لصدوره فإنه يجب في القانون اعتباره حكماً نهائياً قابلاً للتنفيذ كما هو الشأن في سائر الأحكام الصادرة عل شاكلته، ومدة السقوط التي تسري في خصوصه تكون مدة سقوط العقوبة، ولا يمنع من ذلك أن يكون المحكوم عليه قد أستأنفه بتاريخ……. ــ بعد مضي ميعاد الاستئناف المقرر ــ ثم قبل استئنافه للأعذار القهرية التي تقدم بها وأقام الدليل على ثبوتها، ومدة السقوط هذه تستمر إلى يوم صدور الحكم بقبول الاستئناف ، ومن تاريخ هذا الحكم تبدأ مدة سقوط الدعوى العمومية.
(الطعن رقم 14220لسنــة 64 ق تاريخ الجلسة 24 / 7 / 2000 مكتب فني 51 ص 533 )
هام :- إن الأحكام النهائية الصادرة من محكمة الاستئناف تخضع جميعها لمبدأ سقوط العقوبة حتى ولو طعن عليها بالنقض , لكون الطعن يكون منصبا علي الحكم لا علي موضوع الدعوي , ولان النقض لا يوقف تنفيذ الحكم وبالتالي لا عبرة هنا لموضوع الدعوى , والعبرة في هذا الشأن لسقوط العقوبة لكون الدعوى قد انتهت وصار الحكم هو الباقي وهو عنوان الحقيقة وواجب النفاذ .
وعلى سبيل الفرض أذا اعتبرنا أن الحكم الذي أقرت فيه محكمة النقض بان سقوط العقوبة لا يكون إلا للأحكام الباتة ورغم خطأ هذا الحكم , إلا أنة ببحث هذا الحكم نجد أنة مخالف لتطبيق صحيح القانون من ناحية أخري , حيث أنة لم يقرر التعريف الصحيح للحكم البات وقد أعتبر أن الحكم البات هو الذي يستنفذ طرق الطعن المقررة قانونا حتى النقض فقط .
وهذا المبدأ أو التعريف لكون الحكم قد صار باتا هو تعريف خاطئ ذلك لان الحكم البات ليس فقط الذي أستنفذ كافة طرق الطعن علية العادية وغير العادية ولكن الحكم يكون باتا أيضا بفوات مواعيد طرق الطعن علية سواء الطرق العادية أو غير العادية .
وهذا يعنى أن الحكم يكون باتا في حالتين :-
الأولي :- أن يتم الطعن على الحكم بالطرق العادية وهى المعارضة والاستئناف , وبالطرق الغير عادية التماس أعادة النظر أو الطعن بالنقض , وعلى ذلك يكون الحكم قد صار باتا.
الثانية :- إذا لم يتم الطعن على الحكم في المواعيد القانونية يصير الحكم نهائي بانتهاء مواعيد الطعن العادية علية , فإذا صدر حكم غيابي وأعلن قانونا إلى المتهم لشخصه أو في محل أقامته بشرط علم المتهم به , يكون هذا الحكم نهائي , أو أذا صدر حكم من محكمة أول درجة حضوري ولم يستأنف في الميعاد , وبعد فوات مواعيد الاستئناف وهى عشر أيام التالية للإعلان للحكم الغيابي أو للحكم الحضوري ويكون باتا بعد فوات مواعيد النقض وهى 60 يوما من تاريخ انتهاء مواعيد الاستئناف .
الفصل السادس
الأشكال في التنفيذ
نظرا لمبدأ احترام حجية الأحكام القضائية وما قضت بة من أحاكم واجبة النفاذ , وفي ذات الوقت قد يحدث بعد صيرورة الحكم القضائي نهائي وبات , فقد يستجد من الأمور ما يقتضي وقف تنفيذ الحكم , الأمر الذي حدا بالمشرع في العديد من القضايا أن ينص علي إمكانية وقف التنفيذ عن طريق المحامي العام فيما يعرف بالفحص المتنوع .
ومن قبل هذا النظام كان يلجأ المتقاضون إلي نظام الأشكال لوقف التنفيذ , ولكن هذا النظام ضيق ولا يكفي لجميع الحالات التي قد تعترض التنفيذ الجنائي , ومن ناحية أخري لم يتم التنظيم القانوني للأشكال الجنائي بصورة كافية , وقد ترك الأمر لاجتهاد كل قاضي في وقف التنفيذ , مما ضيق معه القضاة مفهوم الأشكال فيما يتعلق بالحالات التي يتم فيها التصالح فقط .
مواد الإشكال :-
مادة [524 ] كل إشكال من المحكوم عليه فى التنفيذ يرفع إلى محكمة الجنايات إذا كان الحكم صادرا منها وإلى محكمة الجنح المستأنفة فيما عدا ذلك ، وينعقد الاختصاص فى الحالتين للمحكمة التي تختص محليا بنظر الدعوى المستشكل فى تنفيذ الحكم الصادر فيها.
مادة [525 ] يقدم النزاع إلى المحكمة بواسطة النيابة العامة على وجه السرعة ، ويعلن ذو الشأن بالجلسة التي تحدد لنظره ، وتفصل المحكمة فيه فى غرفة المشورة بعد سماع النيابة العامة وذوي الشأن . ولمحكمة أن تجري التحقيقات التي تري لزومها ، ولها فى كل الأحوال أن تأمر بوقف التنفيذ حتى يفصل فى النزاع .
وللنيابة العامة عند الاقتضاء وقبل تقديم النزاع إلى المحكمة أن توقف تنفيذ الحكم مؤقتا.
مادة [526 ] إذا حصل نزاع فى شخصية المحكوم عليه يفصل فى ذلك النزاع بالكيفية والأوضاع المقررة فى المادتين السابقتين.
مادة [527 ] فى حالة تنفيذ الأحكام المالية على أموال المحكوم عليه إذا قام نزاع من غير المتهم بشان الأموال المطلوب التنفيذ عليها ، يرفع الأمر إلى المحكمة المدنية طبقا لما هو مقرر فى قانون المرافعات .
المحكمة المختصة بنظر الإشكال
حددت المادة 524 إجراءات الاختصاص بنظر كل ما يتعلق بالعقبات إشكالات التنفيذ التي قد تتعرض لها مراحل تنفيذ الحكم الجنائية , فكان تحديد المحكمة المختصة علي النحو التالي :-
الاختصاص النوعي :-
تختص نوعيا محاكم الجنايات فيما يتعلق بالإشكالات التي تعوق تنفيذ الاحكام الصادره من محاكم الجنايات , حيث أن محاكم الجنايات هي التي تتولي نظر الأشكال فيما يتعلق بجميع الأشكالات التي تقدم من المستشكل .
وتختص محاكمة الجنح المستأنفة بنظر جميع الاشكالات التي تعرض عليها فيما يتعلق بالأحكام الجنائية التي تصدر في الجنح بشرط أن تكون قد استنفذت كافة طرق الطعن عليها قانونا .
أمر هام :- يوجد بعض القضايا التي يصدر فيها أمر جنائي من النيابة العامة بالغرامة وقد تصل إلي مبلغ كبير , ويتم الاعتراض عليها أمام محكمة الجنح , ثم لا يحضر المتهم وبذلك يكون الأمر الجنائي نهائي وواجب النفاذ , ثم يتمكن المتهم من التصالح , إلا أنه لا يستطيع وقف تنفيذ الحكم الحنائي الصادر في الامر الجنائي , وقد جري العرف علي أنه يتم الاستشكال أمام محكمة أول درجة بوصفها هي المحكمة التي أصدرت الحكم المستشكل فية بسقوط الاعتراض علي الأمر الجنائي , ويصبح الأمر الجنائي نهائي .
ولكن الاستشكال علي الأمر الجنائي علي النحو سالف الذكر فإن هذا الاستشكال غير صحيح طبقا لنص المادة 524 إجراءات لأنها حددت الحق في نظر الاستشكال نوعيا أمام محكمتين الأولي محكمة الجنايات فيما يتعلق بالأحكام الصادرة من محاكم الجنايات , والثانية في محكمة الجنح المستأنفة في باقي الإشكالات التي تعترض الأحكام الجنائية الأخرى مهما كان هذا الحكم المستشكل فية .
شروط وحالات الاستشكال
وردت المواد التي تعلق بالاستشكال في الأحكام الجنائية في المواد من 524 وحتى 527 من قانون الإجراءات الجنائية ومن خلال تلك المواد يتضح أنها لم تحدد شروط محددة لنظر الأشكال في المواد الجنائية , فنجد أن تلك المواد لم تشترط توافر شروط أو حالات بعينها يجوز فيها الأشكال , وذلك بخلاف حالة وأحده وردت في المادة 526 والتي تتعلق بالإشكال المتعلق بالتنفيذ علي شخص غير الصادر ضده الحكم الجنائي الواجب المنفذ بة .
فإذا حدث نزاع في الشخص المحكوم علية بحيث لم يكن هو الشخص الواجب التنفيذ ضده جاز تقديم أشكال في التنفيذ من الشخص المنفذ ضده .
هذه الحالة الوحيدة التي نص القانون عليها صراحة , ولكن باقي الحالات التي قد تعترض التنفيذ وقد يتعرض لها القضاء عمليا , فإن القانون لم يحدد أو يضع شروط بعينها علي نحو ما جاء في القوانين المدنية , كما هو الحال في قانون المرافعات , وهذا الأمر أجده ملائم وصحيح وبيان ذلك فيما يلي :-
أمر هام جدا :-
بالنظر إلي طبيعة المواد الجنائية وما قد يعترض الحكم الجنائي من مشكلات في التنفيذ , فأن النصوص التي تتعلق بالاستشكال علي الرغم من ضيقها وعدم إحاطتها بالعديد من الشروط الواضحة للأشكال الجنائي .
إلا أنني أري أن هذا الأمر أفضل بكثير من وجود شروط بعينها تحدد شروط الأشكال الجنائي , وأري أن المشرع الجنائي قد ترك الأمر علي سعة ومتسع للمحاكم الجنائية ولم يشاء أن يضيق عليها بشروط قد تتنافي مع ما قد يحدث في الحياة العملية وترك تقدير الأمر لكل حالة علي حسب ما يطرح في الأشكال دون قيود علي القاضي الذي ينظر الأشكال ملتزما في ذلك بما لا يتعارض مع حجية الحكم الجنائي المستشكل فية , وبما لا يهدر قيمه الحكم الجنائي ويعطل تنفيذه , بدون مبرر مقبول من القانون .
وهذا الرأي يستخلص من سياق المواد الخاصة بالأشكال والتي أري أن المشرع قد وسع فيها ولم يرد أن يضيق أو يشدد بالنص علي شروط محددة للإشكال الجنائي حتى يكون هناك متسع من الأمر أمام القضاء حتى يوقف التنفيذ متى وجدت مبررات قانونية تسمح بذلك .
وأري أن علي القضاء أن لا يغلق أو يضيق باب أوسعه المشرع للحفاظ علي حقوق المواطنين , وعلي سبيل المثال , وهو أمر هام جدا وضروري يجب أن ينتبه إلية القضاء الجنائي , وهو ما يتعلق بعمل قاضي غير معلوم وغير متداول في أمام كافة المحاكم الجنائية وهو ما يسمي الأشكال القطعي .
الإشكال القطعي
نجد في الحياة العملية أن القضاء يضيق كثيرا من الأشكال , حتى أن الكثيرين من العاملين بالقانون لا يعرفون ما يسمي بالإشكال القطعي , وهذا الأشكال يكون من المحكوم علية عندما يوجد ضده حكم جنائي نهائي ولكن سقطت العقوبة بالتقادم , الأمر الذي يكون معه من حق المنفذ ضده الحكم أن يطلب من المحكمة المختصة وقف تنفيذ العقوبة التي سقطت بالتقادم , حيث أنه لا يجوز طبقا للقانون أن يتم تنفيذ هذه العقوبة ضد المحكوم علية لسقوطها بالتقادم .
المثال الأول :- حالة سقوط العقوبة .
وهذا الأمر يحدث كثيرا خاصة فيما يتعلق بالأحكام التي تعود من محكمة النقض بعد رفضها , وقد يمضي علي تلك العقوبة المدة المحددة لسقوط العقوبة , ولا يستطيع المحكوم علية أن يوقف هذا الحكم , ذلك لأن الكثيرين لا يعرفون أمكانية وقف تنفيذ العقوبة عن طريق الأشكال القطعي والذي يتم بدون الطعن بالنقض علي الحكم المنفذ به , فلا حاجة للطعن بالنقض ليكون مبررا لتقديم الأشكال.
في حين أن بعض المحاكم تعرف هذا النوع من الاشكالات تقضي به , لأن القانون لا يجب أن يطبق فقط علي الجاني ما يتعلق بأسباب العقاب , دون أن يطبق منه مبررات العفو عن العقاب .
هذا وأن علي النيابة العامة أن تعمل سلطاتها القانونية في وقف تنفيذ الأحكام التي سقطت بالتقادم من تلقاء نفسها , ولا تحرم الجاني من أن يستخدم حقه المخول له بالقانون في تقرير سقوط العقوبة التي سقط حق المجتمع في تنفيذها علي الجاني , وأن ينال الرخصة التي منحها له القانون في العفو عن تنفيذ العقوبة التي سقطت بالتقادم .
أحكام نقض في الأشكال القطعي بسقوط العقوبة :-
1:- لما كان الإشكال محل الطعن الماثل وقد استند إلى سقوط العقوبة بمضي المدة إنما هو أشكال قطعي يهدف إلى إيقاف تنفيذ الحكم على وجه نهائي استقلالا عن الفصل البات في موضوع الدعوى ومن ثم فهو جائز ولو كان الحكم قد صار باتاً.
2:- ولما كان البين من مطالعة الأوراق أن المطعون ضده قد طعن بالنقض في الحكم الصادر في الجنحة الرقيمة ……… مستأنف دسوق وقضى في الطعن بجلسة 22 من فبراير سنة 1987 بعدم قبوله شكلاً ومن ثم فإن الحكم الصادر فيها يخضع لمدة السقوط المقررة للعقوبة في مواد الجنح وهى خمس سنوات على ما جرى به نص المادة 528 من قانون الإجراءات الجنائية تبدأ من صيرورة الحكم المستشكل فيه باتاً في التاريخ المار بيانه وآية ذلك أن الدعوى الجنائية لا تنقضي إلا بالحكم الذي تستنفد طرق الطعن فيه ، ومن ثم فمن غير المتصور أن تبدأ مدة تقادم العقوبة قبل انقضاء الدعوى الجنائية بصدور حكم بات فيها، ولما كانت هذه المدة لم تنقض بعد بين تاريخ صيرورة الحكم المستشكل فيه باتاً وبين الحكم المطعون فيه الصادر في الإشكال بتاريخ 19 من يونية سنة 1989 فإن الحكم الأخير إذ خالف هذا النظر وقضى بسقوط العقوبة بمضي المدة يكون قد أخطأ في القانون مما يعيبه ويوجب نقضه وتصحيحه بإلغاء ما قضى به من وقف تنفيذ العقوبة.
(الطعن رقم 62597 – لسنــة 59 ق تاريخ الجلسة 04 / 03 / 1997 مكتب فني 48 رقم الجزء 1 رقم الصفحة 276)
وإن كان هذا الحكم في رأي خطأ من حيث تقريره متي تبدأ مدة حساب سقوط العقوبة , إذا أصبح الحكم نهائي أم بات , فهذا الأمر تكلمنا فية بمناسبة الانتقال من تقادم الدعوي إلي سقوط العقوبة حيث أنه يجب حساب مدة سقوط العقوبة من تاريخ صيرورة الحكم نهائي وليس صيرورته بات .
فالأحكام النهائية تكون هي الواجبة التنفيذ رغم كونها لم تصبح باتة , لذلك يجب أن تبدأ مدة سقوط العقوبة من تاريخ وجوب تنفيذها وليس من تاريخ صيرورتها باتة .
ولكن يأخذ من هذا الحكم أنه أقر الحق في الأشكال للحصول علي وقف لتنفيذ العقوبة بعد انقضاء مدة سقوطها المقررة .
كما قضت محكمة النقض بأنه :-
إذ نصت المادة 528 من قانون الإجراءات الجنائية على سقوط العقوبة المحكوم بها بمضى المدد التى حددتها ، فإن أثر هذا السقوط أنه يحول فقط دون تنفيذ تلك العقوبة و يظل الحكم بها معتبراً يصح إتخاذه أساساً لتوافر الظرف المشدد المنصوص عليه فى المادة 3/26 من قانون الأسلحة و الذخائر ، إلا إذا رد إلى المحكوم عليه اعتباره قضاء أو بحكم القانون .
( الطعن رقم 1396 لسنة 36 ق ، جلسة 1966/12/19 )
التقادم في المسائل الجنائية من النظام العام ذلك أنه يقوم على افتراض نسيان الحكم وأنه ليس من المصلحة أثارة ذكريات جريمة طواها النسيان. فإذا انقضت مدته دون تنفيذ العقوبة المحكوم بها سقطت ولا يجوز قانوناً بعد ذلك تنفيذها ، ويتعين على المحكمة أن تقضى بذلك من تلقاء نفسها ولو لم يطلب المحكوم عليه. ولا يغير من ذلك أن يكون قد تنازل عن التمسك بالتقادم أو قبل تنفيذ عقوبة الغرامة بعد سقوطها ، ما دام السقوط في هذه الحالة يعتبر من النظام العام ، وهو في هذا الخصوص يختلف عن التقادم في المسائل المدنية الذي لابد من التمسك به من المدين حتى ينتج أثره. ويشترط لاعتبار الدين بعد سقوطه التزاما طبيعياً ان لا يكون مخالفا للنظام العام ، فإنه إذا اكتملت مدته لا يختلف عن التزام طبيعي. وإذن فمتى كان الحكم قد قرر أن دفع الغرامة من المحكوم عليه بعد سقوطها بالتقادم يعتبر بمثابة وفاء لدين طبيعي استرداده ، فإن هذا الحكم يكون قد خالف القانون .
(نقض مدني 24/3/1955 مجموعة أحكام النقض المدنية س 6 ص 861)
المثال الثاني :- حالة صدور أمر جنائي .
كثيرا ما يحدث في الحياة العملية أن يصدر أمر جنائي في جنحة يقضي بفرض غرامة مالية قد تصل إلي مبالغ طائلة , ثم يقوم المتهم بالطعن بالاستئناف علي الأمر الجنائي الصادر ضده , وقد لا يحضر المتهم لأي سبب , وبالتالي يصبح هذا الأمر الجنائي نهائي وواجب النفاذ .
وفي هذه الحالة لا يكون أمام المتهم أي مفر إلا القيام بالتصالح مع الجهة محررة المحضر حتى يحصل منها علي إفادة لتقديمها في الجنحة الصادر بها أمر جنائي .
وعلي سبيل المثال :- كما في قضايا المباني بدون ترخيص أو المباني علي أملاك الدولة أو قضايا استئناف المباني , وغير ذلك من القضايا التي يصدر فيها أمر جنائي طبقا للقانون .
فقد يقضي بغرامة مثلي قيمة الأعمال في قضية مباني وقد تكون غرامة طائلة , ولا يستطيع المتهم الحضر في الاستئناف ويصبح الحكم نهائي في الأمر الجنائي , ففي هذه الحالة لا يوجد أمام المتهم إلا القيام بإزالة المباني المخالفة والحصول علي شهادة من الجهة المختصة تفيد قيامة برد الشيء إلي أصلة , ولكن القضاء لا يستطيع أن يوفق التنفيذ لكون هذا الأمر الجنائي لا يجوز الطعن علية بالنقض , وبالتالي لا يجوز للمتهم عمل اشكال وقتي لوقف التنفيذ وتقديم ما يفيد التصالح أو إزالة أسباب المخالفة .
لذلك يجب علي القضاء أن يأخذ بالإشكال الواقف لكون المتهم قد تصالح مع الجهة محررة المحضر أو قام بإزالة أسباب المخالفة , حيث أن الغرض من التجريم حماية الحقوق العامة والخاصة , وعندما يقوم الجاني بالعدول عن جريمته سواء بالتصالح أو غزالة أسباب المخالفة , فلا يكون هناك ضرورة لتوقيع العقوبة علية , ويجب وقف تنفيذ العقوبة المقضي بها في الأمر الجنائي عن طريق الأشكال الواقف والذي يقدمة المجاني إلي المحكمة المختصة ويطلب فية وقف تنفيذ العقوبة المقضي بها علية في الأمر الجنائي , بعد تقديمه ما يفيد التصالح مع الجهة المجني عليها .
• إن الغرض من الأشكال القطعي هو وقف تنفيذ الأحكام الجنائية الواجب وقفها لأسباب ومبررات تقتضيها المصلحة الشخصية للمنفذ ضد الحكم الجنائي , لأن الغرض من التجريم هو حماية الحقوق والحريات وقد يكون من الملائم التصالح مع الجاني خيرا من معاقبتة , وكذلك قد تقتضي المصلحة العامة والحفاظ علي سيادة القانون أن يتم وقف التنفيذ عن الجاني الذي تصالح مع الجهة المعتدي عليها وقام بدفع الغرامة المقرر , ولا يكون هناك مفر عندها من اللجوء إلي وقف التنفيذ تنفيذا للقانون كما هو الحال عند سقوط العقوبة ولا يمكن وقفها إلا بالإشكال القطعي , والقاطع بوقف التنفيذ نهائيا دون الطعن بالنقض , فهو يقطع بحكم قضائي قاطع ونهائي بوقف التنفيذ , بخلاف باقي الإشكالات الأخرى الواقفة والتي تقضي بوقف التنفيذ لحين البت في الطعن النقض .