You cannot copy content of this page
إجراءات الاستدلال والتحقيق فى قانون الاجراءات الجنائية
** المقصود بالاستدلال : –
الاستدلال مجموعة من الإجراءات التمهيدية السابقة على تحريك الدعوى الجنائية تهدف الى جميع المعلومات في شأن جريمة ارتكبت كى تتخذ سلطات التحقيق بناء عليها القرار فيما إذا كان من الجائز – أو من الملائم – تحريك الدعوى الجنائية .
فيتعين من التعريف السابق للاستدلال أن هدفه الأساسي هو جمع المعلومات وذلك لتوضيح الأمور لسلطة التحقيق حتى تتخذ قرار في الدعوى المنظورة أمامها ، وليس هدفه توضيح عناصر الدعوى للقاضي لكى يحكم على نحو معين فتلك مهمة التحقيق الابتدائي .
** الفرق بين الاستدلال والتحقيق الابتدائى : –
1- أن الاستدلال ليس في حقيقته مرحلة من مراحل الدعوى الجنائية ، بل هو مرحلة سابقة على تحريكها ، أما التحقيق الابتدائي فهو يمثل مرحلة هامة من مراحل الدعوى الجنائية ، حتى وإن كان جوازيا في الجنح والمخالفات . (مأمون سلامة ، مرجع سابق)
وقد قضت محكمة النقض بأنه ” إجراءات الاستدلال أيا كان من يباشرها لا تعتبر من إجراءات الخصومة الجنائية ، بل هى من الإجراءات الأولية التي تسلس لها سابقة على تحريكها ” (نقض 5/11/1968 مجموعة أحكام محكمة النقض س19 رقم 26 ص460 ، 2/11/1986 س37 رقم 157 ص812)
2- ولا ينطوي الاستدلال على إجراءات قهر وإكراه تماثل ما يتضمنه التحقيق الابتدائي ، فالفرض أن الاستدلال مجرد جمع معلومات يعتمد فيه الموظف المختص به على مهارته وتعاون الناس معه من أجل كشف الجرائم وتعقب مرتكبيها ، ولا يحول عدم تقديم الشكوى أو الطلب – حيث يشترط القانون ذلك – دون اتخاذ إجراءات الاستدلال ، ولكنه يحول دون اتخاذ إجراءات التحقيق الابتدائي ، ولا تقطع أعمال الاستدلال تقادم الدعوى الجنائية إلا إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو أخطر بها بوجه رسمي ، أما إجراءات التحقيق الابتدائي فتقطع تقادم الدعوى الجنائية دائما ، وبين الأمر بالحفظ الذي قد يعقب أعمال الاستدلال والأمر بأن لا وجه الذي قد ينتهي إليه التحقيق الابتدائي فروق أساسية ، مجملها أنه لا حجية ولا قوة للأول في حين أن للثاني حجيته قوته ، وتفصل ذلك فيما بعد . (محمود نجيب حسني ، مرجع سابق ص378)
3- أعمال الاستدلال لا تتولد عنها أدلة في مدلولها القانون ، ولا يجوز ا، يبنى القاضي حكمه على الاستناد الى محضر الاستدلال ، ولكن يجوز في المقابل أن يكون الاستدلال أساسا لتحقيق يجري في الجلسة ويستخلص منه الدليل ، وعلى استبعاد نشوء الدليل عن أعمال الاستدلال أنه لا تتوافر فيها ضمانات الدفاع المتطلبة لنشوء الدليل . (مأمون سلامة ، مرجع سابق)
** أثر أعمال الاستدلال على تحريك الدعوى الجنائية : –
لا تتحرك الدعوى الجنائية بأعمال الاستدلال حيث أن أعمال الاستدلال ليس من إجراءات الدعوى الجنائية والدعوى الجنائية لا تتحرك إلا بإجراء من إجراءاتها .
وقد قضت محكمة النقض بأنه ” الدعوى الجنائية لا تعتبر قد بدأت بأى إجراء تقوم به سلطات الاستدلال ولو في حالة التلبس بالجريمة ” (نقض 2/6/1969 س20 رقم 158 ص787 ، ورقم 156 ص765 ، و24/11/1975 س26 رقم 42 ص188 ، و24/11/1975 س26 رقم 167 ص755 ، و21/12/1975 س26 رقم 187 ص852 ، و25/10/1979 س30 رقم 166 ص784 ، و3/3/1980 س31 رقم 612 ص322)
هذا وإن كنا نتفق مع ما ذهبت إليه محكمة النقض في الشق الأول من حكمها ، إلا أنه يستوقف النظر تقديره أن الدعوى لا تتحرك بما تقوم به سلطات الاستدلال ولو في حالة التلبس بالجريمة مع أن التكييف الصحيح لهذه الإجراءات التي تتخذها سلطات الاستدلال في حالة التلبس أنها إجراءات تحقيق خولت استثناء لسلطات الاستدلال وهى كافية في ذلك لكى تتحرك بها الدعوى الجنائية .
** شرعية أعمال الاستدلال : –
لقد نص المشرع على شرعية أعمال الاستدلال في المواد 21 من قانون الإجراءات الجنائية وما بعدها .
وأعمال الاستدلال كما سبق أن عرفناها هى في جوهرها جمع معلومات من أجل مصلحة المجتمع ، فليس من شأنها المساس بحقوق الأفراد إذا لا إكراه فيها .
** أهمية الاستدلال : –
لأعمال الاستدلال أهمية ملموسة ، فهى تتيح لسلطة التحقيق أن تتصرف في شأن تحريك الدعوى الجنائية ، وهى على بينة وعلم كافيين بحقائق الأمور . (د/ محمد عودة دياب ، الاختصاص القضائي لمأمور الضبط ، ورسالة دكتوراه جامعة القاهرة 1981 ص124)
كما أن سلطات الاستدلال تتسم بفاعلية ونشاط أكثر مما تتسم به سلطات التحقيق ، ويتيح لها ذلك أن تحصل على معلومات في شأن الجريمة التي مازال أمرها متصفا بالخفاء أو الغموض أكثر مما يتاح للمحقق ، وتسمح مرحلة الاستدلال بحفظ عديد من الشكاوى يتبين أنها غير ذات أساس فيوفر ذلك عناء تحقيقها ، ويتيح تفرغ سلطات التحقيق للدعاوى ذات الجدية .
– المقصود بالسلطة المختصة بالاستدلال : –
هى سلطة الضبط القضائي ، ويطلق عليها كذلك تعبير الضبطية القضائية ، ويطلق على من يباشرون اختصاصها تعبير مأموري الضبط القضائي ، وتعريف الضبطية القضائية مستمد من اختصاصها ، فهى تشمل جميع الموظفين الذين خولهم القانون مباشرة إجراءات الاستدلال ، وواضح من اختصاص هذه السلطة بأعمال الاستدلال أن مهمتها لا تبدأ إلا إذا ارتكبت جريمة ، فتجمع المعلومات في شأنها ، وهى بذلك تختلف عن الضبطية الإدارية التي يسبق دورها ارتكاب الجريمة .
** الفرق بين الضبطية القضائية والضبطية الادارية : –
تختص الضبطية القضائية على ما قدمناه بأعمال الاستدلال ، وهى تفترض جريمة ارتكبت ، ومن ثم كان نشاطها لاحقا على الجريمة ، أما الضبطية الإدارية فوظيفتها اتخاذ الإجراءات المانعة من ارتكاب الجريمة ، ومن ثم كان نشاطها سابقا على ارتكاب الجريمة ، وقد ازدادت أهمية الضبطية الإدارية في الوقت الحاضر نظرا لازدياد الاهتمام بالدور الوقائي للقانون الجنائي ووظيفته في الردع العام .
(محمود نجيب حسني ، مرجع سابق ص381)
ويشرف على نشاط الضبطية القضائية النيابة العامة في حين أن الضبط الإداري يتم مباشرة تحت إشراف السلطات الإدارية .
ولا تبدأ وظيفة الضبط القضائي إلا عند فشل الضبط الإداري في منع وقوع الجريمة ، فهنا يبدأ الضبط القضائي في جمع الاستدلالات اللازمة لإثبات الجريمة ومعرفة مرتكبها لتقديمها الى السلطة المكلفة بتحريك الدعوى الجنائية وهى النيابة العامة . كما أن وظيفة الضبط القضائي تخضع لإشراف السلطة القضائية ، بخلاف وظيفة الضبط الإداري فإنها تخضع لإشراف السلطة الإدارية .
(مأمون سلامة ، مرجع سابق)
** نشكيل الضبطية القضائية : –
تشكل الضبطية القضائية من مجموعة من الأعضاء وهم موظفون عامون ، يميزهم اختصاصهم بالاستدلال ، ويستمد مأمور الضبط القضائي صفته واختصاصه من نص القانون على ذلك ، ومن ثم كان بيان الشارع لمأموري الضبط القضائي بيانا على سبيل الحصر ، ويعني ذلك أن اكتساب الموظف صفة مأمور الضبط القضائي لا تكفي فيه المبادئ العامة في القانون أو نوع اختصاصه العام ، وإنما يتعين أن يقرر ذلك نص تشريعي ، وتعلل هذه القاعدة بالسلطة الواسعة التي خولها الشارع لمأمور الضبط القضائي ، فلا يريد أن يباشرها إلا أشخاص وثق فيهم ابتداء .
** مامورية الضبط القضائى : –
الأصل أن صفة الضبط القضائي لا يكتسبها كافة رجال الضبط الإداري ، فقد منحها القانون على سبيل الحصر لفئات معينة ، وينقسم مأمورو الضبط القضائي الى نوعين : مأمور الضبط القضائي ذوو الاختصاص النوعي العام ، أى الذين يختصون بإجراءات الاستدلال في شأن أية جريمة ، وذوو الاختصاص النوعي المحدود ، أى الذين يختصون بإجراءات الاستدلال في شأن جرائم معينة حددها الشارع على سبيل الحصر .
1- مأمور الضبط القضائى ذو الاختصاص النوعى العام : –
نصت المادة 23 إجراءات المعدلة بالقانون رقم 7 لسنة 1963 والقانون رقم 26 لسنة 1971 على بيان مأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام ، وقد ميزت بين نوعين من هؤلاء المأمورين : الأول : ينحصر اختصاصه في دوائر محددة ، والثاني : يمتد اختصاصه الى جميع أنحاء الجمهورية .
وفيما يلي بيان هذين النوعين :
الأول : مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم
1.أعضاء النيابة العامة ومعاونوها .
2.ضباط الشرطة وأمناؤها والكونستابلات والمساعدون .
3.رؤساء نقطة الشرطة .
4.العمد ومشايخ البلاد ومشايخ الخفراء .
5.نظار ووكلاء محطات السكك الحديدة الحكومية .
ولمديري أمن المحافظات ومفتشي مصلحة التفتيش العام بوزارة الداخلية أن يؤدوا الأعمال التي يقوم بها مأمور الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم .
الثاني : مأموري الضبط القضائي في جميع أنحاء الجمهورية
1.مدير وبضباط إدارة المباحق العامة بوزارة الداخلية وفروعها بمديريات الأمن .
2.مدير الإدارات والأقسام ورؤساء المكاتب والمفتشون والضباط والكونستابلات والمساعدون وباحثات الشرطة العاملون بمصلحة الأمن العام وفي شعب البحث الجنائي بمديريات الأمن .
3.ضباط مصلحة السجون .
4.مديرو الإدارة العامة لشرطة السكة الحديد ، والنقل والمواصلات وضباط هذه الإدارة .
5.قائد وضباط أساس هجانة الشرطة .
6.مفتشو وزارة السياحة . (مأمون سلامة ، مرجع سابق)
وتتمتع هذه الفئات بسلطة الضبط القضائي بالنسبة الى جميع أنواع الجرائم ، ولو لم تكن متعلقة بأعمال الوظائف التي يؤدونها .
ويجوز بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص تخويل بعض الموظفين صفة مأموري الضبط القضائي بالنسبة الى الجرائم التي تقع في دائرة اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم .
وتعتبر النصوص الواردة في القوانين والمراسيم والقرارات الأخرى بشأن تخويل بعض الموظفين اختصاص مأموري الضبط القضائي بمثابة قرارات صادرة من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص . (رمسيس بهنام في الإجراءات الجنائية تأصيلا وتجليلا ص12)
2- مامور الضبط القضائى ذو الاختصاص النوعى المحدد : –
ينحصر اختصاص أعضاء هذه الفئة من مأموري الضبط القضائي في فئة أو فئات محدودة من الجرائم ، وبالإضافة الى حصر الشارع الاختصاص النوعي لأعضاء هذه الفئة في جرائم حددها على سبيل الحصر ، فإنه يغلب أن يحصر اختصاصهم في نطاق إقليمي محدود كذلك ، وقد أشارت إليهم المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية في فقرتها السابقة على الأخيرة في قولها ” ويجوز بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص تخويل بعض الموظفين صفة مأموري الضبط القضائي بالنسبة الى الجرائم التي تقع في دائرة اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم ” ، وأمثلة هؤلاء المأمورين : مهندسو التنظيم ، ومفتشو الصحة ، وبعض موظفي الجمارك ، ورؤساء مكاتب السجل التجاري .
والموظفون الذين يعيهم وزير الشئون الاجتماعية للتحقق من الحالة الاجتماعية للمتهم الصغير والأسباب التي دفعته الى ارتكاب الجريمة ، ورجال خفر السواحل ، وبعض موظفي الجمارك . (نقض 31/10/1966 مجموعة الأحكام س17 رقم 195 س1037 ، 21/11/1967 س18 رقم 48 ص251)
** مراعاة مأمور الضبط لحدود أختصاصة : –
لأن عمل مأمور الضبط القضائي يعد إجراء قانونيا يراد له أن ينتج آثاراً قانونية فلا يكون صحيحا إلا إذا باشره مأمور ضبط مختص .
ويطبق شرط الاختصاص في مجاليه النوعي والإقليمي ، فإذا كان مأمور الضبط القضائي ذا اختصاص نوعي محدود ، تعين عليه أن يلزم حدود اختصاصه النوعي ، فلا يجوز له أن يتخذ إجراء في شأن جريمة لا يختص بها . أما إذا كان مأمور الضبط القضائي ذا اختصاص نوعي عام ، فإنه يتعين عليه أن يلتزم حدود اختصاصه الإقليمي .
وتطبق ذات القاعدة إذا كان مأمور الضبط القضائي ذو الاختصاص النوعي المحدود ملتزما باختصاص إقليمي كذلك ، إذ يتعين عليه أن يلتزم جميع الحدود الموضوعة لاختصاصه .
ويتحدد الاختصاص الإقليمية لمأمور الضبط القضائي – وفقا للقواعد العامة – بأخذ ضوابط ثلاثة : مكان ارتكاب الجريمة أو محل إقامة المتهم أو مكان القبض عليه . م217 من قانون الإجراءات الجنائية . (نقض 6/10/1959 مجموعة أحكام محكمة النقض س10 رقم 164 ص767)
وتطبيقا لذلك ، فإنه إذا ارتكبت الجريمة في دائرة اختصاص مأمور الضبط القضائي كان له أن يباشر الإجراء ، ولو كان المتهم يقيم في دائرة اختصاص أخرى ، وكان قد قبض عليه في دائرة اختصاص ثالثة ، ولمأمور الضبط القضائي أن يباشر الإجراء إذا كان المتهم يقيم في دائرة اختصاصه ، ولو كانت الجريمة قد ارتكبت في دائرة اختصاص أخرى ، وليست العبرة في تحديد الاختصاص الإقليمي لمأمور الضبط القضائي بالمكان الذي يباشر فيه الإجراء ، وإنما هى بأحد الضوابط الثلاثة التي سلف بيانها . فإذا ثبت اختصاص مأمور الضبط القضائي لأن الجريمة ارتكبت في دائرة اختصاصه ، كان له أن يباشر الإجراء في أى مكان ولو كان المتهم لا يقيم فيه ولم يقبض عليه فيه ، ولا يعد ذلك امتدادا لاختصاصه ، وإنما هو مجرد تطبيق للقواعد العامة . (نقض 3/6/1958 مجموعة أحكام محكمة النقض س9 رقم 158 ص621 ، 12/11/1962 س13 رقم 35 ص129 ، 5/11/1963 س14 رقم 21 ص97 ، 25/11/1973 س24 رقم 219 ص1053)
ومن ثم فلا محل لأن يندب لهذا الإجراء زميله المختص بالمكان الذي ينفذ فيه ، ويلاحظ أنه إذا كان الإجراء الذي باشره مأمور الضبط القضائي هو القبض على المتهم في دائرة اختصاصه ، فإن الإجراء يكون صحيحا ولو كانت الجريمة ارتكبت في غير هذه الدائرة وكانت إقامة المتهم كذلك في خارجها ، إذ أن القبض على المتهم سبب لاختصاص مأمور الضبط القضائي . (محمود نجيب حسني ، مرجع سابق ص286)
على أن لمأمور الضبط القضائي أن يباشر وظيفته بعيدا عن اختصاصه المحلي متى كان ذلك في صدد الجريمة التي يختص أصلا باتخاذ الإجراءات بشأنها . (نقض 15/4/1946 مجموعة القواعد ج7 رقم 144 س17 ، 12/1/1948 ج7 رقم 498 ص56)
وعلة ذلك أن مأمور الضبط القضائي يكون في حالة ضرورة إجرائية تبرر له تجاوز حدود اختصاصه المكاني لمباشرة الإجراء المطلوب ، وهى ضرورة سمح بها القانون كمبدأ عام في المادتين 70/2 و3 إجراءات . (د/ أحمد فتحي سرور في اتجاهات محكمة النقض في تطبيق نظرية الضرورة على الإجراءات الجنائية ، المجلة الجنائية القومية ، المجلد الثالث سنة 1960 ص14 وما بعدها)
وقد قضت محكمة النقض بأنه ” إذا صادف مأمور الضبط القضائي المتهم – المأذون له بتفتيشه – أثناء قيامه لتنفيذ إذن التفتيش على شخص ، في مكان يقع خارج دائرة اختصاصه المكاني ، وبدأ له من المظاهر والأفعال التي أتاها ما ينم عن إحرازه جوهرا مخدرا ومحاولة التخلص منه ، فإن هذا الظرف الاضطراري المفاجئ يجعله في حل من مباشرة تنفيذ إذن النيابة بالتفتيش قياما بواجبه المكلف به والذي ليس لديه وسيلة أخرى لتنفيذه ، إذ لا يسوغ مع هذه الضرورة أن يقف مأمور الضبط القضائي مغلول اليدين أثناء تفتيش المتهم المنوط به تفتيشه لمجرد أنه صادفه في غير دائرة اختصاصه مادام قد وجده في ظروف تؤكد إحرازه الجواهر المخدرة ” (نقض 2/4/1962 مجموعة الأحكام س13 رقم 73 ص290)
ويلاحظ في المثال السابق أن مأمور الضبط كان مختصا محليا بهذه الجريمة طالما وقعت في دائرة اختصاصه وهو إذ تجاوز اختصاصه عند تنفيذ إذن التفتيش ، إلا أنه لم يتجاوز اختصاصه الأصلي باتخاذ الإجراءات في هذه الجريمة نظر لاختصاصه أصلا بها. (نقض 15/6/1982 س33 رقم 148 ص716)
واختصاص مأمور الضبط القضائي يتصل بالنظام العام تطبيقا للقواعد العامة في الإجراءات الجنائية ، والأصل أن مأمور الضبط القضائي مختص بالإجراء الذي اتخذه ، وأنه بناء على ذلك صحيح ، ويعد ذلك تطبيقا لمبدأ أن (الأصل في الإجراء الصحة) ولذلك فإن المحكمة لا تلتزم بأن تجرى من نفسها اختصاص المأمور ، وإنما على من له المصلحة في الدفع بعدم اختصاصه أن يثير هذا الدفع . (نقض 11//5/1959 مجموعة أحكام محكمة النقض س10 رقم 113 ص517 ، 31/10/1960 س11 رقم 141 ص742)
وإذا ثبت عدم اختصاص مأمور الضبط القضائي بالإجراءات التي اتخذها تقع إجراءاته باطلة ويصبح مجرد رجل من رجال السلطة العامة .
(نقض 10/5/1960 مجموعة أحكام محكمة النقض س11 رقم 85 ص441 ، 24/11/1982 س33 رقم 52 ص258)
** مأمور الضبط القضائى والنيابة العامة : –
لقد نصت المادة 22 من قانون الإجراءات الجنائية على أن ” يكون مأمورو الضبط القضائي تابعين للنائب العام وخاضعين لإشرافه فيما يتعلق بأعمال وظيفتهم ، وللنائب العام أن يطلب الى الجهة المختصة النظر في أمر كل من تقع منه مخالفة لواجباته أو تقصير في عمله ، وله أن يطلب رفع الدعوى التأديبية عليه ، وهذا كله لا يمنع من رفع الدعوى الجنائية .
يتبين من هذه المادة أن مأموري الضبط القضائي يكونوا خاضعين لإشراف النيابة العامة ، وذلك لأن الضبطية القضائية تباشر عملها من أجل تمكين النيابة العامة – باعتبارها سلطة التحقيق – من مباشرة عملها اللاحق ، واتخاذ قراراها في شأن تحريك الدعوى الجنائية ، أى أن غاية عمل أعضاء الضبطية القضائية هى إمداد النيابة العامة بعناصر التقدير ، ومن ثم كان نشاطها لحسابها . (محمود نجيب حسني ، مرجع سابق)
وهذه التبعية وظيفية بحتة ، وليست تبعية إدارية ، فمأمور الضبط القضائية من الناحية الإدارية يتبع رؤساء الإداريين ويخضع لتعليماتهم ويرجع خضوعه الوظيفي للنيابة العامة الى أن الاستدلال الي يقوم به يرتبط بوظيفة الاتهام التي تباشرها النيابة العامة . كما أن اتصال علم النيابة العامة بالجريمة يتم عادة عن طريق مأمور الضبط ولذلك فإن هذه التبعية الوظيفية تقتصر على الضبط القضائي وما يتصل به من أعمال تنفيذية ضرورية .
وفي إطار هذه التبعية الوظيفية أوجب القانون على مأمور الضبط القضائي ما يلي:
1- أن يبعث الى النيابة العامة فورا بما يتلقاه من التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم . م 24/1 إجراءات . وأن يرسل إليها المحاضر التي يحررها مع الأوراق والأشياء المضبوطة . م24/2 إجراءات . وأن يحول إليها الشكوى التي يدعى فيها المضرور من الجريمة مدنيا مع المحضر الذي يحرره . م27/2 إجراءات . وأن يرسل إليها المتهم المضبوط في مدى 24 ساعة إذا لم يأت بما يبرئه . م36/1 إجراءات .
2- أن يخطر النيابة العامة فورا بانتقاله في الجناية أو الجنحة الملتبس بها . م31/2 إجراءات . وبوضعه الأختام على الأماكن التي بها آثار أو أشياء تفيد في كشف الحقيقة . م53/2 إجراءات .
3- أن يطلب فورا من النيابة العامة أن تصدر أمرا بالقبض على المتهم الذي تحفظ عليه في بعض من الجرائم . م35/1 إجراءات . (مأمون سلامة ، مرجع سابق ص27)
وبناء على هذه التبعية الوظيفية يجوز للنيابة العامة أن تطلب من مأمور الضبط القضائي إجراء الاستدلال في البلاغات أو الشكاوى التي ترد إليها مباشرة ، أو استيفاء ما يقوم به من إجراءات الاستدلال ، أو غير ذلك من الأعمال التي تتصل باختصاصه بالضبط القضائي ، وتعبيرا عن هذه التبعية الوظيفية أجاز القانون للنائب العام أن يطلب الى الجهة المختصة النظر في أمر كل من تقع منه مخالفات لواجباته ، أو تقصير في عمله ، وأن يطلب رفع الدعوى التأديبية عليه ، دون إخلال بحقه في رفع الدعوى الجنائية عند الاقتضاء . م22/2 إجراءات . (د/ أحمد فتحي سرور ، مرجع سابق ص332 : 340)
** مرؤسو مأمورى الضبط القضائى : –
لا يتمتع الشرطة ، كالعساكر والخفراء والمخبرين من مساعدي مأموري الضبط القضائي بصفة الضبط القضائي ، وبالتالي لا يكون لهم أن يمارسوا السلطات التي خولها القانون لمأمور الضبط ، ويعلل ذلك بخطورة هذه السلطات ومساسها بحقوق الأفراد ، وحرص الشارع على حصرها في أشخاص وثق فيهم ، ولكن المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية التي بينت أعمال الاستدلال أوجبت على مأموري الضبط القضائي (وعلى مرءوسيهم أن يحصلوا على جميع الإيضاحات ويجروا المعاينات اللازمة لتسهيل تحقيق الوقائع التي تبلغ لهم أو التي يعلمون بها بأية كيفية كانت ، وعليهم أن يتخذوا جميع الوسائل التحفظية اللازمة للمحافظة على أدلة الجريمة) ويعني ذلك أن الشارع قد خول لهؤلاء المرءوسين القيان بأعمال الاستدلال ، ولم يشترط شروطا لممارسة هذا الاختصاص .
(محمود نجيب حسني ، مرجع سابق ص384)
فلا يشترط أن يكلف به من رئيسه ، ولا يشترط أن يتلقى بلاغا عن الجريمة التي يقوم بعمل الاستدلال في شأنها ، وقد قدر الشارع أنه لا ضرر في ذلك فأعمال الاستدلال لا تنطوي على إكراه ، ولا تمس حريات للأفراد ، ذلك أنها في جوهرها مجرد جمع معلومات ، وللمرءوس أن يحرر محضرا بالإجراء الذي اتخذه . (نقض 10/1/1972 مجموعة أحكام محكمة النقض س23 رقم 12 ص42)
ولم يخول الشارع المرءوس اختصاصا سوى ذلك ففي الحالات التي قرر القانون فيها استثناء لمأمور الضبط القضائي القيام بأعمال تحقيق كالقبض أو التفتيش يتعين فيمن يقوم بها أن يكون مأمور الضبط القضائي نفسه ، فإن قام بها مرءوسيه استقلالا كان عمله باطلا .
ويترتب على انتفاء سلطة الضبط القضائي عند هؤلاء ما يلي :
1.لا يجوز للنيابة العامة انتدابهم للتحقيق .
2.لا يجوز لهم مباشرة إجراءات الاستدلال التي منحها القانون استثناء لمأموري الضبط القضائي في حالة التلبس كالقبض والتفتيش كما لم يتم هذا تحت إشرافهم ورقابتهم ، وإلا كانت الإجراءات باطلة . (نقض 18/1/1960 مجموعة الأحكام س11 رقم 14 ص79)
وكل ما لهم هو إحضار الجاني في الجرائم المتلبس وتسليمه الى أقرب مأمور ضبط قضائي .
(نقض 16/5/1916 مجموعة الأحكام س17 رقم 110 ص613)
3.يخضعون لإشراف رؤسائهم ، ولا يخضعون لإشراف النائب العام كما هو الحال بالنسبة الى مأموري الضبط القضائي . (م22 إجراءات)
** أعمال الاستدلال : –
لقد بينت المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية أعمال الاستدلال حيث نصت على أنه ” يجب على مأموري الضبط القضائي أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم ، وأن يبعثوا بها فورا الى النيابة العامة . فيجب عليهم وعلى مرءوسيهم أن يحصلوا على جميع الإيضاحات ، ويجروا المعاينات اللازمة لتسهيل تحقيق الوقائع التي تبلغ إليهم ، أو التي يعلمون بها بأية كيفية كانت ، وعليهم أن يتخذوا جميع الوسائل التحفظية اللازمة للمحافظة على أدلة الجريمة ، ويجب أن تثبت جميع الإجراءات التي يقوم بها مأمورو الضبط القضائي في محاضر موقع عليها منهم يبين بها وقت اتخاذ الإجراءات ومكان حصوله ، ويجب أن تشمل تلك المحاضر زيادة على ما تقدم توقيع الشهود والخبراء الذين سمعوا وترسل المحاضر الى النيابة العامة مع الأوراق والأشياء المضبوطة ” .
أضافت الى ذلك المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن ” لمأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من تكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها ، وأن يسألوا المتهم عن ذلك ، ولهم أن يستعينوا بالأطباء وغيرهم من أهل الخبرة ويطلبوا رأيهم شفهيا أو بالكتابة ، ولا يجوز لهم تحليف الشهود أو الخبراء اليمين إلا إذا خيف ألا يستطاع فيما بعد سماع الشهادة بيمين ” .
وسوف نبين فيما يلي القواعد العامة التي تخضع لها أعمال الاستدلال ثم نوضح أعمال الاستدلال التي نص عليها القانون .
** القواعد العامة التى تخضع لها أعمال الاستدلال : –
يمكن إجمال القواعد العامة التي تخضع لها أعمال الاستدلال فيما يلي :
عدم النص عليها على سبيل الحصر ، وتجردها من القهر والإجبار ، واستبعاد نشوء أدلة قانونية عنها ، وعدم اشتراط حضور المدافع فيها ، ووجوب تحرير محضر في شأنها .
وسوف نتناول هذه القواعد بشيء من التفصيل على النحو التالي :
أولا : عدم النص عليها على سبيل الحصر : –
فالمشرع لم يورد بيانه لأعمال الاستدلال في المادتين 24 ، 29 من قانون الإجراءات الجنائية على سبيل الحصر ، وإنما ذكر أهمها وأكثرها حصولا في العمل ، ولم يحظر ما عداها . ذلك أن جوهر أعمال الاستدلال أنها (جمع معلومات) ومن ثم فكل عمل من شأنه تحصيل هذه المعلومات بما يحقق غاية الاستدلال ، بإمداد سلطة التحقيق بعناصر التقدير يجب أن يباح لمأمور الضبط القضائي ، وتطبيقا لذلك يجوز له أن يتخفى ويختلط بالمجرمين ليتعرف على أسرارهم ، وأن يبعث مرشدا يأتيه بالمعلومات التي يحتاج إليها ، وأن يستعين بكلب مدرب يشم أثر المجرم .
فقد قضت محكمة النقض بأنه ” لا تثريب على مأموري الضبط القضائي فيما يقومون به من التحري عن الجرائم بقصد اكتشافها ولو اتخذوا في سبيل ذلك التخفي وانتحال الصفات حتى يأنس الجاني لهم ويأمن جانبهم وليتمكنوا من أداء واجبهم ، مادام أن إرادة الجاني تبقى حرة غير معدومة ” (نقض 1/12/1959 مجموعة أحكام محكمة النقض س10 رقم 199 ص970 ، 24/2/1980 س31 رقم 52 ص262)
” إن سلطة مأمور الضبط القضائي لا تقتصر على إتيان أعمال غير ما نص عليه الشارع ، بل له السلطة في ترتيب أعمال الاستدلال والتنسيق بينها ضمن خطة يضعها لتكشف أمر الجريمة :
وقد قضت محكمة النقض بأنه ” لا تثريب على مأمور الضبط أن يصطنع في تلك الحدود من الوسائل البارعة ما يسلس لمقصوده في الكشف عن الجريمة ولا يتصادم مع أخلاق الجماعة ” (23/5/1976 مجموعة أحكام محكمة النقض س27 رقم 17 ص527)
وعمل مأمور الضبط القضائي مقيد بالشرعية فعليه أن يجعل عمله مطابقا للقانون في نصوصه ومبادئه وروحه العامة ، ومن أهم شروط المطابقة للقانون (حسن النية) أى استهداف مأمور الضبط القضائي تحقيق (غاية الاستدلال) المتمثلة في جمع المعلومات في شأن جريمة ارتكبت . أما إذا استهدف بنشاطه (ولو كان عملا رخص له به القانون) شفاء أحقاد أو خدمة غرض حزبي أو سياسي فعمله باطل . (مأمون سلامة ، مرجع سابق ص31)
ثانيآ : تجرد أعمال الاستدلال من القهر والاجبار: –
ضمن القواعد العامة التي تخضع لها أعمال الاستدلال هو تجردها من القهر والإجبار الذي يفرض على المتهم أو الشهود وذلك لأن أعمال الاستدلال في جوهرها مجرد جمع معلومات بأساليب مشروعة ، ولا تنطوي على خرق للحريات أو مساس بحق ما .
كما أن أساليب القهر والإجبار قد نص عليها القانون على سبيل الحصر ، وحدد شروط كل منها ، وخولها سلطة التحقيق دون سلطة الاستدلال ، ومن ثم لم يكن جائزا لمأمور الضبط القضائي أن يباشر أيا منها ، إذ لا سند له من القانون يخوله ذلك ، وعليه فلا يجوز لمأمور الضبط القضائي – في مرحلة الاستدلال – أن يفتش مسكنا إلا برضاء حائزه ، وليس له أن يسمع شاهدا إلا برضائه حائزه ، وليس له أن يسمع شاهدا إلا برضائه ، وإذا دعى الشاهد لكى يستمع الى أقواله فرفض الحضور ، أو حضر فرفض الإدلاء بأقواله ، فلا وسيلة لمأمور الضبط القضائي لإكراهه على ذلك ، وحين يرخص القانون لمأمور الضبط القضائي القيام بأعمال تنطوي على الإكراه كن في حالتى التلبس والندب ، فهو لا يأتي هذه الأعمال باعتبارها استدلالا ، وإنما يباشرها كأعمال تحقيق رخص لها بها استثناء . (محمود نجيب حسني ، مرجع سابق ص391)
ثالثآ : لا يتولد عن أعمال الاستدلال أدلة قانونية : –
إن ما يقوم به مأمور الضبط القضائي من أعمال وما يخلص إليه من معلومات لا يترتب عليه نشوء دليل قانوني يمكن أن يعتمد عليه حكم القاضي بالإدانة ، ذلك أن حصيلة الاستدلال مجرد معلومات ما تزال تفتقر الى التمحيص والتحديد والتقييم الذي يجعل منها دليلا . أى أنه لا تتوافر في مرحلة الاستدلال الضمانات التي يقتضيها نشوء الدليل القانوني ، وعلى سبيل المثال فإن الشهود يسمعون دون حلف يمين ، وليس للمتهم حق في أن يصحبه المدافع حين يواجه بأعمال الاستدلال .
ولكن يمكن اعتبار المعلومات التي حصلها مأمور الضبط القضائي في مرحلة الاستدلال أساسا لعمل المحقق أو لمناقشات تجري في مرحلة المحاكمة ،ـ فيتولد بذلك الدليل . (نقض 23/1/1939 مجموعة القواعد القانونية ج4 رقم 339 ص441)
رابعآ : عدم أشتراط حضور المدافع فى مرحلة الاستدلال : –
فالقانون لم يتطلب حضور المدافع بجانب المتهم في مرحلة الاستدلال .
وقد نصت المادة 77 من قانون الإجراءات الجنائية في فقرتها الأخيرة على أن ” للخصوم الحق دائما في استصحاب وكلائهم في التحقيق ” ، يقتصر نطاقها على التحقيق الابتدائي ، ومن ثم لا سريان لها على مرحلة الاستدلال ، وعلى ذلك فإنه إذا منع مأمور الضبط القضائي محامي المتهم من الحضور معه أثناء إدلائه بأقواله ، فلا يترتب على ذلك بطلان المحضر الذي أثبت فيه هذه الأقوال. (نقض 1/5/1961 مجموعة أحكام محكمة النقض س12 رقم 95 ص513)
ولكن إذا سمح مأمور الضبط القضائي للمحامي بالحضور مع المتهم فلا يترتب على ذلك بطلان . أى أن الأمر متروك لتقدير مأمور الضبط القضائي .
خامسآ : تحرير محضر فى شأن أعمال الاستدلال : –
فقد أوجبت الفقرة الثانية من المادة 24 إجراءات ضرورة تحرير محضر في شأن أعمال الاستدلال فنصت على أنه ” ويجب أن تثبت جميع الإجراءات التي يقوم بها مأمورو الضبط القضائي في محاضر موقع عليها منهم يبين بها وقت اتخاذ الإجراءات ومكان حصولها ، ويجب أن تشمل تلك المحاضر زيادة على ما تقدم توقيع الشهود والخبراء الذين سمعوا ، وترسل المحاضر الى النيابة العامة مع الأوراق والأشياء المضبوطة ” .
وعلى اشتراط تحرير المحضر هى القاعدة الإجرائية التي تتطلب إثبات الإجراء كتابة ، وذلك ليستطاع التحقيق من اتخاذه ، وليستطاع بعد ذلك الاحتجاج به حينما يقتضي الأمر ذلك . (مأمون سلامة ، مرجع سابق)
وقد حدد الشارع البيانات التي يتعين أن أن يتضمنها المحضر ، وهى : بيان الإجراء الذي اتخذ ، ووقت اتخاذه ، ومكانه ، وتوقيع الشهود والخبراء الذين سمعوا ، وتوقيع مأمور الضبط القضائي نفسه ، وتحديد الشارع هذه البيانات هو على سبيل الإرشاد ، وقد هدف به ضمان وضوح المحضر ودقته ، ولذلك لا يترتب على إغفال بعضها بطلان المحضر . (نقض 10/11/1981 مجموعة أحكام محكمة النقض س32 رقم 146 ص843)
فقد قضت محكمة النقض بأنه ” أن القانون وإن كان يوجب أن يحرر مأمور الضبطية القضائية محضرا بكل ما يجريه في الدعوى من إجراءات قبل حضور النيابة إلا أن إيجابة ذلك ليس إلا لغرض تنظيم العمل وحسن سيره ، فلا بطلان إذا لم يحرر محضر ” (نقص 18/4/1949 مجموعة القواعد القانونية ج7 رقم 874 ص838 ، وانظر نقض 3/11/1958 مجموعة أحكام محكمة النقض س9 رقم 213 ص866)
وغني عن البيان أن التزيد في بيانات المحضر لا يترتب عليه البطلات من باب ألى ، بل أنه أمر مستحسن لإضفاء المزيد من الوضوح . (د/ محمود نجيب حسني ، مرجع سابق ص515 ، 516)
سادسآ : عدم أشتراط أستصحاب كاتب لتحرير محضر الاستدلال : –
إذا كان المشرع قد تطلب أن يستصحب المحقق كاتبا يدون محضر التحقيق ويوقعه معه . م 73 إجراءات . فإن الملاحظ أن هذه القاعدة خاصة بمحاضر التحقيق الابتدائي ، ومن ثم فهى لا تسري على محاضر الاستدلال ، وعلى ذلك إذا حرر مأمور الضبط القضائي المحضر بنفسه كان المحضر صحيحا ، وإذا استصحب معه كاتبا لحريره كان محضر الاستدلالات صحيحا أيضا من باب أولى .
إذ لا يتصور أن يترتب البطلان على اتخاذ إجراء لم يتطلبه القانون ، ولكن من شأنه توفير المزيد من الضمانات ، ويعني ذلك أن من شأن مأمور الضبط القضائي تقدير ما إذا كان يحرر المحضر بيده أو يستعين على ذلك بكاتب ، وعليه أن يبنى تقديره على ما يتبينه من مصلحة الاستدلال . (نقض 13/3/1939 مجموعة القواعد القانونية ج4 رقم 358 ص486 ، 3/3/1952 مجموعة أحكام محكمة النقض س3 رقم 283 ص758)
ولكن إذا ندب مأمور الضبط القضائي لمباشرة إجراء تحقيق ، فإنه يتعين عليه أن يستصحب كاتبا ليدون المحضر ، ذلك أنه يقوم في هذه الحالة بعمل تحقيق ، فيخضع محضره لما تخضع له محاضر التحقيق من أحكام . (نقض 20/11/1961 مجموعة أحكام محكمة النقض س12 رقم 40 ص233) وإن لم يصحب كاتبا كان محضره مجرد محضر استدلال .
** أعمال الاستدلال التى نص عليها القانون : –
أعمال الاستدلال التي نص عليها القانون هى : قبول التبليغات والشكاوى ، والحصول على الإيضاحات ، وإجراء المعاينة ، واتخاذ الوسائل التحفظية اللازمة للمحافظة على أدلة الجريمة ، وسماع أقوال المتهم والشهود ، وندب الخبراء .
1- قبول التبليغات والشكاوى : –
فقد نصت المادة (24) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه ” يحب على مأموري الضبط القضائي أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يبعثوا بها فوراً الى النيابة العامة ” .
والفرق بين البلاغ والشكوى هو أن البلاغ إخطار بالجريمة يقدمه أى شخص ، أما الشكوى فهى إخطار بالجريمة يقدمه المجني عليه أو المضرور من الجريمة ، وإذا تضمنت الشكوى مطالبة بتعويض سميت (ادعاء مدنيا) وقد نصت المادة (28) من قانون الإجراءات الجنائية على أن ” الشكوى التي لا يدعى فيها مقدما بحقوق مدنية تعد من قبل التبليغات ” ، ويعني الشارع بذلك أنها تخضع لأحكام البلاغ دون أحكام الادعاء المدني .
والبلاغ حق لكل شخص ، فقد نصت المادة (25) من قانون الإجراءات الجنائية على أن ” لكل من علم بوقوع جريمة يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب أن يبلغ النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي عنها ” ، ويترتب على اعتبار البلاغ حقا أن مقدمه يستفيد من (سبب إباحة) فلا يسأل عن جريمة بتقديمه بلاغه ، والبلاغ واجب على الموظف العام بالنسبة للجرائم التي يعلم بها أثناء تأدية عمله أو بسبب تأديته . (نقض 1/6/1959 مجموعة أحكام محكمة النقض س10 رقم 131 ص589 ، 17/11/1959 س10 رقم 189 ص888)
ونطاق الواجب مقتصر على ما يعلم به الموظف أو المكلف بالخدمة العامة أثناء تأدية عمله أو بسببه ، أما ما يعلم به في غير هذه الحالة فالإبلاغ عنه محض رخصة له.
2- أرسال البلاغ أو الشكوى فورأ الى النيابة العامة : –
بعد تلقي مأمور الضبط التبليغات والشكاوى وإثباتها بمحضر تطبيقا للقاعدة العامة باعتبار أن تلقي البلاغ أو الشكوى من أعمال الاستدلال .
يتعين عليه إرسال البلاغ أو الشكوى فوراً الى النيابة العامة وذلك أن غاية الاستدلال لا تقف عند مجرد جمع المعلومات في شأن الجريمة ، وإنما غايته هى إمداد سلطة التحقيق بالعناصر التي تتبح لها اتخاذ قراراها في شأن تحريك الدعوى الجنائية ، ومن ثم تعين على مأمور الضبط القضائي أن يبعث على الفور بالبلاغ أو الشكوى الى النيابة العامة لكن تكون على دراية بالجريمة فتتجمع لديها عناصر التقدير تباعا ، واشتراط الفورية في الإرسال يعلله حرص الشارع على أن يتاح للنيابة العامة اتخاذ إجراءاتها وقرارها في شأن الدعوى في الوقت الملائم ، ولكى لا يترتب على التراخي في الإرسال بطلان في الإجراءات التي تتخذها النيابة العامة بعد ذلك .
وهذا لا يلزم عملا إلا في صورة إخطار ببلاغات الجنايات ، وفيما عدا هذا الإخطار ، لا يكون إرسال التبليغات الى النيابة فوريا لأنه لابد من وقت يطول أو يقصر قبل إنجاز محاضر جمع الاستدلالات الخاصة بالتبليغات والشكاوى عن جرائم .
3- الحصول على الايضاحات : –
يقصد بالحصول على الإيضاحات جمع البيانات والمعلومات عن الجريمة المرتكبة .
وقد أطلق الشارع لمأمور الضبط القضائي سبل الحصول على هذه المعلومات ، فلم يحظر عليه سبيلا منها ، وأطلق له كذلك سلطة ترتيبها والتنسيق بينها في إطار الخطة التي يضعها للاستدلال ، ولكن مأمور الضبط القضائي يتقيد بقيدين : ألا ينطوي عمله على مخالفة للقانون في نصوصه أو روحه ، وألا ينطوي عمله على قهر أو إكراه ، إذ ليس من اختصاصه ذلك ، ويتعين على مأمور الضبط القضائي – تطبيقا للقواعد العامة – أن يثبت الإجراءات التي اتخذها والإيضاحات التي استطاع الحصول عليها في محضر الاستدلال . (د/ توفيق محمد الشادي رقم 422 ص393)
4- إجراء المعاينات : –
رغم أن إجراء المعاينات يعد صورة من صور الحصول الإيضاحات إلا أن المشرع قد خصها بالنص ، وذلك نظرا لأهميتها وعليه الالتجاء إليه في العمل ، وإجراء المعاينة يتطلب الانتقال الى محل الجريمة ، وإثبات حالته وضبط الأشياء التي قد تفيد في إثبات وقوعها ونسبتها الى مرتكبها ، وسلطة مأمور الضبط القضائي في إجراء المعاينة مشروطة بألا يكون إجراؤها في مسكن دون رضاء حائزه ، إذ يعد ذلك تفتيشا فيكون عملا من أعمال التحقيق وليس عمل استدلال .
5- إتخاذ الاجراءات التحفظية : –
فقد خص المشرع مأمور الضبط القضائي باتخاذ جميع الوسائل التحفظية اللازمة للمحافظة على أدلة الجريمة ، حتى تتمكن سلطة التحقيق من الإطلاع عليها ومعاينتها والاستعانة بذلك غيما تتخذه من قرار .
6- سماع أقوال من لديهم معلومة عن الجريمة ومرتكبها وسؤال المتهم : –
قد نصت المادة (29) من قانون الإجراءات الجنائية على أن ” لمأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من تكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك ” .
من نص المادة السابقة يتبين لنا أن القانون قد أعطى مأمور الضبط القضائي الحق في سماع أقوال من لديه معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها كما أعطاه الحق في سؤال المتهم عن ذلك .
ويعد سماع أقوال من لديهم معلومات عن الجريمة أهم أعمال الاستدلال ، فهذه الأقوال مصدر هام للمعلومات التي تقوم أعمال الاستدلال بجمعها .
ولكن سلطة مأمور الضبط القضائي في الاستماع والسؤال ليست مطلقة وإنما محكومة بقواعد معينة .
فمأمور الضبط القضائي لا يملك إكراه أحد على الحضور أمامه فإذا رفض من لديه معلومات عن الجريمة الحضور أمام مأمور الضبط القضائي أو حضر ولكنه رفض الإدلاء بمعلوماته ، فلا يملك مأمور الضبط وسيلة لإكراهه على ذلك ، فلا يستطيع إصدار أمر بضبطه وإحضاره ، كما لا يعد الشخص مرتكبا لجريمة بامتناعه عن الحضور .
ليس لمأمور الضبط القضائي تحليف الشهود أو الجزاء اليمين :
فقد نصت الفقرة الثانية من المادة (29) من قانون الإجراءات الجنائية على أن ” لا يجوز لهم (أى لمأموري الضبط القضائي) تحليف الشهود أو الخبراء اليمين إلا إذا خيف ألا يستطاع فيما بعد سماع الشهادة بيمين ” .
مفاد ذلك أن مأمور الضبط القضائي يسمع الشهادة دون أن تسبقها يمين يؤديها الشاهد ، ولكن إّا حلف الشاهد اليمين فلا يترتب على ذلك بطلان ، وعلة عدم تطلب اليمين قبل أداء الشهادة أن دور اليمين هو إضفاء قيمة خاصة على الشهادة بحيث ترقى الى مرتبة الدليل ، وليس من شأنه مرحلة الاستدلال أن تنتج دليلا .
ولكن الشارع أجاز تحليف الشاهد أو الخبير اليمين (إذا خيف ألا يستطاع فيما بعد سماع الشهادة بيمين) كما لو كان الشاهد مشرفا على الموت أو كان على وشك السفر الى غير عودة محققة ، وعلة هذا الاستثناء مستمدة من (نظرية الضرورة في الإجراءات الجنائية) وحين يستمع مأمور الضبط القضائي للشهادة بعد يمين فهو يعد ذلك قائما بعمل تحقيق ، ويتولد عن هذه الشهادة الدليل . (محمود نجيب حسني ، مرجع سابق ص398)
ليس لمأمور الضبط استجواب المتهم :
فالمشرع قد أعطى مأمور الضبط الحق في سؤال المتهم بشأن المعلومات التي تجمعت لديه عن الجريمة لكنه يعطيه الحق في استجوابه .
والفرق بين السؤال والاستجواب هو أن السؤال مجرد الاستفسار المتهم عن رأيه في الشبهات التي تحيط به ، وبصفة خاصة في أقوال الشهود وتقارير الخبراء ، وإذا كان المتهم قد أدلى بأقوال فإن لمأمور الضبط القضائي أن يستوضحه حقيقة ما يعنيه ، وإذا تضمن قوله اعترافا بالجريمة كانت لهذا الاعتراف قيمته .
أما الاستجواب فهو يعني توجيه الأسئلة التفصيلية الدقيقة الى المتهم ومناقشه فيها واستظهار ما بين إجاباته من تناقض ، أو في تعبير آخر هو (مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة تفصيلية كيما يفندها أن كان منكرا للتهمة أو يعترف بها إذا شاء الاعتراف) .
وقد قضت محكمة النقض بأنه ” لمأمور الضبط القضائي أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستوجبه تفصيلا ، فإذا اعترف المتهم بما نسب إليه ، فلا تثريب على مأمور الضبط القضائي إذا أثبت هذا الاعتراف في محضره ، وللمحكمة أن تعول عليه في حكمها مادامت قد اطمأنت إليه ” (نقض
12/5/1966 مجموعة أحكام محكمة النقض س20 رقم 135 ص659 ، 24/3/1974 س25 رقم 69 ص317 ، 18/1/1983 س34 رقم 18 ص107)
فالمشرع قد منح مأمور الضبط الحق في سؤال المتهم وحظر عليه استجوابه ، وذلك لأن الاستجواب عمل من أعمال التحقيق . كما أن القانون قد ميزه عن سائر أعماله بضمانات خاصة ، وقد يتولد عنه دليل من أهم الأدلة ، وهو اعتراف المتهم بالجريمة ، ولما كان مأمور الضبط القضائي لا يختص بالتحقيق ، فإنه ليس له أن يباشر عم من أعماله ، وعلى خلاف ذلك فإن السؤال مجرد استيضاح ، ومن ثم كان من قبيل التحري وجمع المعلومات الذي يقوم به الاستدلال .
7- ندب الخبراء : –
لقد أجاز المشرع لمأمور الضبط القضائي ندب الخبراء والاستماع الى تقاريرهم الشفوية والكتابية .
ولكن لا يجوز له تحليف الخبير يمينا إلا إذا اقتضت الضرورة ذلك .
وأهم أمثلة لندب الخبراء في مرحلة الاستدلال ندب طبيب للكشف على جثة المجني عليه واستظهار أسباب وفاته ، ورفع البصمات من المكان الذي ارتكبت فيه الجريمة وتحديد صاحبها .
ويعد ندب الخبراء أهم أعمال الاستدلال والأساس الذي تبنى عليه خطة الاستدلال مجموعها .
** أحكام النقض بشأن أعمال الاستدلال : –
-مجرد إشراف النيابة على أعمال رجال الضبط القضائي والتصرف في محاضر جمع الاستدلالات التي يجرونها بمقتضى وظائفهم ، بغير انتداب صريح من النيابة ، ليس من شأنه أن يغير من صفة هذه المحاضر كمحاضر جمع الاستدلالات .
(نقض جلسة 19/3/1956 س7 ق109 ص369)
-مأمور الجمرك من رجال الضبطية القضائية بمقتضى المادة 25 من القانون رقم 66 لسنة 1963 . (نقض جلسة 29/4/1973 س24 ق115
ص559)
-إذا كان الواضح من أمر الندب المكتوب على ذات إشارة الحادث المبلغة إلى النيابة العامة أن المندوب للتحقيق هو من أعضاء النيابة العامة ، فإنه لا يلزم النص صراحة على درجته طالما أن جميع أعضاء النيابة من مأموري الضبط القضائي . (نقض جلسة 30/5/1960 س11 ق97 ص5089)
-المادة 23 إجراءات بعد استبدالها بالقانون رقم 26 لسنة 1971 منحت أمناء الشرطة سلطة الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم ، وتتبسط ولايتهم على جميع أنواع الجرائم حتى ما كان منها قد أفردت له مكاتب خاصة ، قرار وزير الداخلية بتنظيم مصلحة الأمن العام وتحديد اختصاص كل إدارة منها لا يسلب أو يقيد هذه الصفة . (نقض جلسة 30/5/1985 س36 ق129 ص736)
-يبين من استقراء القوانين الجمركية في تواليها أنها لم تغير شيئا من الأحكام الإجرائية التي تضمنتها اللائحة الجمركية وخاصة ما تعلق بحقوق رجال الجمارك في الضبط والتفتيش ، ومخبر الجمارك هو من مأموري الضبط القضائي بوصف كونه موظفا في مدلول المادة 6 من القانون رقم 623 لسنة 1955 . (نقض جلسة 31/10/1966 س17 ق195 ص1037)
-ضابط المخابرات الحربية من أعضاء الضبط القضائي العسكري في دوائر اختصاصهم – وفقا للمادة 12 من القانون رقم 25 لسنة 1966 – ومن حق رجال الضبط القضائي العسكري تفتيش الداخلين أو الخارجين مدنيين أو عسكريين ، في مناطق الأعمال العسكرية وفقا للمادة 20 من القانون ، وعدم التقيد في ذلك بقيود القبض والتفتيش المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية ، ويكفي أن يكون الشخص خارجا أو داخلا من مناطق الأعمال العسكرية لثبوت الحق في تفتيشه ، والعثور أثناء التفتيش على دليل يكشف عن جريمة يترتب عليه صحة الاستدلال به أمام المحاكم في تلك الجريمة .
(نقض جلسة 23/12/1981 س32 ق213 ص1192)
-إضفاء صفة الضبط القضائي على موظف ، في صدد جرائم معينة لا يعني سلب تلك الصفة في شأن هذه الجرائم عن مأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام .
(نقض جلسة 3/12/1993 س61ق)
-من المقرر أن مأمور الضبط القضائي لا يتجرد من صفته في غير أوقات العمل الرسمي ، بل تظل أهليته لمباشرة الأعمال التي ناطه بها القانون – حتى إن كان في إجازة رسمية – ما لم يوقف عن عمله أو يمنح إجازة إجبارية .
(نقض جلسة 5/11/1973 س24 ق213 ص1023)
-قيام الضابط بالقبض على المتهم وتحرير محضر ضبط الواقعة وفقا للقانون يكون صحيحا ، ولا يؤثر في ذلك أن يكون الضابط قد مارس عمله في الوقت المخصص لراحته طالما أن اختصاصه لم يكن معطلا بحكم القانون . (نقض جلسة 20/11/1973 س24 ق213 ص1023)
-لمأمور الضبط القضائي إذا ما تغيب عن مقر عمله لقيامه بعمل آخر أن يصدر أمرا عاما لمساعده باتخاذ ما يلزم من إجراءات الاستدلال وذلك حرصا على حريات الناس التي أراد القانون المحافظة عليها . (نقض جلسة 30/11/1982 س33 ق194 ص937)
– متى صدر إذن النيابة بتفتيش متهم كان لمأمور الضبط القضائي المنتدب لإجرائه أن يفتشه أينما وجده طالما كان ذلك المكان في دائرة اختصاص كل من مصدر الإذن ومن قام بإجراءات تنفيذه . (نقض جلسة 25/10/1987 س38 ق145 ص799)
– ضباط المخابرات الحربية من أعضاء الضبط القضائي العسكري في دائرة اختصاصهم . م12 من القانون 25 لسنة 1996 . حق رجال الضبط القضائي العسكري تفتيش الداخلين أو الخارجين ، عسكريين أو مدنيين من مناطق الأعمال العسكرية دون تقيد في ذلك بقيود القبض والتفتيش المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية . م20 من القانون 25 لسنة 1966 . العثور أثناء التفتيش على دليل يكشف عن جريمة . أثره . صحة الاستدلال به أمام المحاكم في تلك الجريمة . (الطعن رقم 11011 لسنة 63ق جلسة 24/1/1995)
-لا محل للقول بأن حق موظفي الجمارك في مباشرة الضبط والتفتيش لا يكون إلا عند محاولة مغادرة الأسوار الجمركية ، لأن في ذلك تخصيص بلا مخصص ، بهذا الحق يشمل الدائرة الجمركية بأكملها وليس أسوارها فقط . (نقض جلسة 3/6/1968 س19 ق125 ص627)
-اختصاص مأموري الضبطية القضائية مقصور على الجهات التي يؤدون فيها وظائفهم ، فإذا خرج المأمور عن دائرة اختصاصه لا تكون له سلطة ما وإنما يعتبر فردا عاديا ، وهى القاعدة العامة لأداء كل وظيفة رسمية ، ولا يغير من ذلك صدور انتداب من النيابة المختصة إليه في إجراء ذلك التفتيش ، إذ شرط صحة التفتيش الحاصل بناء على هذا الإذن أن يكون من أجراه من مأموري الضبطية القضائية ، وهو لا يكون كذلك إذا ما خرج عن دائرة اختصاصه ، إلا أنه متى استوجبت ظروف التفتيش ومقتضياته متابعة الإجراءات وامتدادها خارج تلك الدائرة أو كانت هناك ظروف اضطرارية مفاجئة أو حالة ضرورة دعت مأمور الضبط القضائي إلى مجاوزة حدود اختصاصه المكاني للقيام بالواجب المكلف به فإن هذا الإجراء منه أو من يندبه له تكون صحيحة . (نقض جلسة 15/6/1982 س33 ق148 ص716)
-لما كان الأصل أن اختصاص مأموري الضبط القضائي مقصور على الجهات التي يؤدون فيها وظائفهم طبقا للمادة 23 إجراءات فإذا خرج المأمور عن دائرة اختصاصه فإنه يعتبر من رجال السلطة العامة الذين أشار إليهم الشارع في المادة 38 إجراءات ، وأنه لا يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يتجاوز اختصاصه المكاني إلا لضرورة ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه لا يواجه دفاع الطاعنين في هذا الصدد وهو دفاع جوهري يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه بالقبول أو الرفض بأسباب سائغة ، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بالقصور .
( نقض جلسة 24/2/1982 س33 ق52 ص258)
-ما يثيره المتهم من تجاوز المخبر حدود اختصاصه الإقليمي مردود بأن الحال لا يمت بصلة إلى إجراء القبض على مرتكبي الجرائم – وهو إجراء من إجراءات التحقيق – وإنما بالبحث عن متهم هارب من التنفيذ يستلزم القانون تعقبه لتنفيذ العقوبة المحكوم بها عليه .
(نقض جلسة 24/10/1960 س11 ق135 ص715)
-أضفى القانون رقم 114 لسنة 1952 على رجال خفر السواحل صفة الضبط القضائي فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الجهات الخاضعة لاختصاص مصلحة خفر السواحل ، وهذه الصفة مازالت قائمة ولصيقة بهم في دوائر اختصاصهم فيما يتعلق بجرائم التهريب حتى بد صدور قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 وقرار وزير الخزانة رقم 71 لسنة 1963 بتحديد موظفي الجمارك الذين لهم صفة الضبط القضائي . (نقض جلسة 21/2/1967 س18 ق48 ص251)
-ليس لموظفي الجمارك حق ما في تفتيش الأشخاص والأماكن والبضائع بحثا عن مهربات خارج نطاق الدائرة الجمركية أو منطقة الرقابة الجمركية . (نقض جلسة 21/2/1967 س18 ق48 ص251)
-إذا كان الأصل أنه اختصاص مأموري الضبط القضائي مقصور على الجهات التي يؤدون فيها وظائفهم طبقا للمادة 23 أ.ج ، إلا أنه من المقرر أيضا أنه إذا صادف مأمور الضبط القضائي المتهم – المأذون قانونا بتفتيشه – أثناء قيامه لتنفيذ إذن التفتيش على شخصه في مكان يقع خارج دائرة اختصاصه المكاني ، وبدا له منه ومن المظاهر والأفعال التي أتاها ما ينم عن إحرازه جوهرا مخدرا أو محاولته التخلص منه ، فإن هذا الظرف الاضطراري المفاجئ يجعله في حل من مباشرة تنفيذ إذن النيابة بالتفتيش قياما بواجبه المكلف به والذي ليست لديه وسيلة أخرى لتنفيذه إذ لا يسوغ مع هذه الضرورة أن يقف مأمور الضبط القضائي مغلول اليدين إزاء المتهم المنوط به تفتيشه لمجرد أنه صادفه في غير دائرة اختصاصه مادام قد وجه في ظروف تؤكد إحرازه الجواهر المخدرة .
(نقض جلسة 2/4/1962 س13 ق73 ص290)
** التصرف فى التهمة بعد الاستدلال : –
بعد الانتهاء من أعمال الاستدلال التي قام بها مأمور الضبط القضائي ومساعدوه ، فهو لا يملك التصرف فيها منفردا ، بل يجب عليه أن يرسل محضر جمع الاستدلالات الى النيابة العامة ، وهى وحدها التي تملك سلطة التصرف فيه.
وتختلف سلطة النيابة العامة في التصرف في محضر جمع الاستدلالات بحسب موضوعه ، فإذا كان هذا المحضر خاص بجناية ، فيجب على النيابة العامة في هذه الحالة تحريك الدعوى الجنائية عن طريق بدء التحقيق الابتدائي في هذه الحالة أو ندب مأمور الضبط القضائي لمباشرة بعض إجراءاته ، حيث أن التحقيق الابتدائي مرحلة إلزامية في الجنايات ، وحينما تنتهي النيابة العامة من تحقيقاتها فلها الخيار بين إحالة الدعوى الى محكمة الجنايات – يشترط أن تكون الإحالة في هذه الحالة من المحامي العام أو من يقوم مقامه . م214/2 إجراءات . أو إصدار أمر بألا وجه لإقامة الدعوى يجب أن يكون الأمر صادرا في هذه الحالة أيضا من المحامي العام أو من يقوم مقامه . م209 إجراءات .
أما إذا كان محضر جمع الاستدلالات ، خاص بجنحة أو مخالفة ، فهما يكون للنيابة العامة الخيار بين ثلاثة وسائل للتصرف في المحضر ، فهى إما أن تبدأ التحقيق الابتدائي بشأن هذه الجنحة أو المخالفة ، وتكون نتيجة التحقيق إما إحالة المتهم الى المحكمة الجنائية المختصة . م214/1 إجراءات .
وإما إصدار أمر بألا وجه لإقامة الدعوى . م209/1 إجراءات . ويلاحظ أن التحقيق الابتدائي جوازى في الجنح والمخالفات ، فأمر القيام به يخضع لسلطة الملائمة المخولة للنيابة العامة .
والسلطة الثانية للنيابة العامة في الجنح والمخالفات هى إحالة المتهم مباشرة الى المحكمة الجنائية المختصة بناء على محضر جمع الاستدلالات بطريق التكليف بالحضور . م63/1 إجراءات . وأخيرا من حقها أن تصدر أمراً بحفظ الأوراق ، إذا رأت عدم ملائمة تحريك الدعوى الجنائية أو إحالتها الى المحكمة . م61 إجراءات . (مأمون سلامة ، مرجع سابق ص47 وما بعدها)
– تحريك الدعوى الجنائية : –
لقد نصت المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية على أن ” إذا رأت النيابة العامة في مواد المخالفات والجنح أن الدعوى صالحة لرفعها بناء على الاستدلالات التي جمعت تكلف المتهم بالحضور أمام المحكمة المختصة ” .
يعني ذلك أن للنيابة العام أن تدخل الدعوى الجنائية مباشرة في حوزة المحكمة المختصة إذا كانت الجريمة مخالفة أو جنحة ، فتبدأ الدعوى مباشرة في صورة المحاكمة دون أن تمر بمرحلة التحقيق الابتدائي . فللنيابة العامة ليسن ملزمة بالتحقيق الابتدائي في المخالفات والجنح ، فإذا قدرت أن المعلومات التي جمعت عن طريق الاستدلال كافية للبدء في مرحلة المحاكمة كان لها أن تقرر رفع الدعوى مباشرة . أما إذا كانت الجريمة جناية ، فليس للنيابة العامة ذلك ، إذ التحقيق الابتدائي إلزامي . (محمود نجيب حسني ، مرجع سابق)
ويترتب على إحالة المتهم الى المحكمة المختصة أن تدخل الدعوى في حوزة هذه المحكمة ، فيصير لها وحدها اتخاذ إجراءات المحاكمة ، ويترتب على ذلك أن تنقضي سلطات النيابة العامة بالنسبة للدعوى ، فقد انقضت المرحلة التي كانت لها فيها على الدعوى سلطات ، فلا يجوز لها أن تجري في شأنها تحقيقا ، سواء بنفسها أو عن طريق ندب مأمور الضبط القضائي ، بل أنه لا يجوز للمحكمة أن تكلفها بإجراء تحقيق فيها. (نقض 16/5/1961 مجموعة أحكام محكمة النقض س12 رقم 110 ص581)
– حفظ الدعوى : –
نصت المادة 61 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه ” إذا رأت النيابة العامة أنه لا محل للسير في الدعوى تأمر بحفظ الأوراق ” ، وأضافت إلى ذلك المادة 62 أنه ” إذا أصدرت النيابة العامة أمرا بالحفظ وجب عليها أن تعلنه إلى المجني عليه وإلى المدعى بالحقوق المدنية . فإذا توفى أحدهما كان الإعلان لورثته جملة في محل إقامته ” .
والتكييف الحقيقي لأمر الحفظ أنه قرار بعدم تحريك الدعوى الجنائية ، ويعني ذلك أن الدعوى التي لم تتحرك بعد – باعتبار أن أعمال الاستدلال ليس من شأنها تحريكها – ل ن تتحرك بعد أن انتهت أعمال الاستدلال ، ولأمر الحفظ طبيعة إدارية ، وليس له بناء على ذلك طبيعة قضائية ذلك أنه يصدر عن النيابة العامة بوصفها سلطة استدلال ، ولا يصدر عنها بوصفها سلطة تحقيق ، ولما كانت أعمال الاستدلال ذات طبيعة إدارية فإن القرار الذي تنتهي إليه ويمثل خلاصتها له بالضرورة هذه الطبيعة كذلك . (د/ رءوف عبيد ص319 ، د/ إدوارد غالي الذهبي رقم 236 ص288 ، د/ محمد ذكي أبو عامر رقم 47 ص138)
وقد وصفت محكمة النقض أمر الحفظ بأنه ” إجراء إداري يصدر عن النيابة بوصفها السلطة الإدارية التي تهيمن عنى جميع الاستدلالات ” (نقض 19/3/1956 مجموعة أحكام محكمة النقض س7 رقم 109 ص269 ، 30/6/1976 س27 رقم 148 ص661)
وترتبط بالطبيعة الإدارية لأمر الحفظ قاعدتان : أولاهما : أن أمر الحفظ لا يكون مسبوقا بتحقيق ، وإنما يسبق بأعمال استدلال فحسب ، أما القاعدة الثانية ، فهى أن أمر الحفظ ليست له الحجية أو القوة ، فهاتان من خصائص الأعمال القضائية دون الإدارية ، ومن هاتين الوجهتين يتميز أمر الحفظ عن القرار بأن لا وجه إقامة الدعوى الجنائية .
– أسباب أمر الحفظ : –
قد يستند الأمر بالحفظ الى سبب قانوني ترى النيابة العامة بناء عليه أنه لا يجوز وفقا للقانون تحريك الدعوى الجنائية ، والأسباب القانونية نوعان : موضوعية وإجرائية . فالموضوعية مثالها أن ترى النيابة العامة أن الفعل المسند الى المتهم لا يخضع لنص تجريم أو أن سبب إباحة يسري عليه أو يتبين لها انتفاء أحد أركان الجريمة أو توافر مانع مسئولية أو مانع عقاب . أما الأسباب الإجرائية ، فمجملها انتفاء أحد المفترضات الإجرائية المتطلبة لتحريك الدعوى الجنائية ، كما إذا كانت الشكوى المتطلبة لذلك لم تقدم أو كان الطلب أو الإذن لم يصدر ، أو تبين للنيابة العامة أن الدعوى قد انقضت لسبب من أسباب انقضائها كوفاة المتهم أو استكمال تقادمها مدته أو سبق الفصل فيها بحكم بات ، ومن الأسباب الإجرائية كذلك ألا يتوافر الدليل الكافي – في تقدير النيابة العامة – على وقوع الفعل أو نسبته الى المتهم .
وقد يستند أمر الحفظ الى محضر سبب إداري يجمل في استعمال النيابة العامة سلطتها التقديرية في تقرير (ملائمة تحريك الدعوى الجنائية) ويعني ذلك أن هذا الحفظ لا يستند الى اعتبارات قانونية ، وإنما يستند الى اعتبارات الملائمة ، ويعبر عن الحفظ في هذه الحالة بأنه _حفظ لعدم الأهمية) ويفترض هذا الحفظ أن جميع أركان الجريمة ومفترضات الدعوى متوافرة الدعوى متوافرة ، أى أن الدعوى صالحة – وفقا للقانون – لأن تتحرك ، ولكن النيابة العامة تقدر أن مصلحة المجتمع ترجح عدم تحريكها ، مثال ذلك تفاهة ضرر الجريمة ، وحصول الصلح بين المتهم والمجني عليه ، وأداء المتهم تعويضا كاملا لمن أضرت بهم الجريمة ، وكون المتهم مبتدئا في الإجرام والخشية من أن يفسده تنفيذ العقبة فيه ، وسند الاعتراف للنيابة العامة بسلطة الأمر بالحفظ لعدم الأهمية أن الشارع لم يقيد هذا الحفظ بوجوب استناده الى أسباب محددة ، وإنما ذكر في صياغة عامة أن للنيابة الحفظ (إذا رأت أن لا محل للسير في الدعوى) وعلى خلاف ذلك ، فإن الشارع حينما حدد أسباب الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الذي يصدره قاضي التحقيق اشترط استناده الى أسباب قانونية أو واقعية . (د/ محمد مصطفى القللي ص338 ، د/ رءوف عبيد ص 321 ، د/ عمر السعيد رمضان رقم 173 ص288 ، د/ فوزية عبد الستار رقم 243 ص266 ، د/ محمد ذكي أبو عامر رقم 49 ص142)
– شكل أمر الحفظ : –
لم يتطلب القانون شكل نعين في أمر الحفظ فلم يشترط تضمنه بيانات معينة أو أن يكون مسببا أو ما إلى ذلك وأجاز أن يصدر عن أى عضو من أعضاء النيابة العامة ولكن يتعين أن يكون ثابتا كتابة ، فذلك هو الأصل العام في جميع الإجراءات ، فقد تكون ثمة مصلحة في إثباته ، بالإضافة إلى أن القانون قد تطلب إعلانه ، وهو ما يفترض ثبوته كتابة .
وقد قضت محكمة النقض بأنه ” أوامر الحفظ لا يقبل الاستدلال عليها ، لا بشهادة الشهود ، ولا بالاستنتاج من أعمال أخرى إدارية كانت أو قضائية ” (نقض 30/1/1930 مجموعة القواعد القانونية ج1 رقم 383 ص457 ، ونقض 23/4/1931 سنة 1931 ج2 رقم 246 ص299)
والأصل في أمر الحفظ أن يكون صريحا ، وهو ما يقتضيه الوضوح في تحديد ما انتهت إليه أعمال الاستدلال ، خاصة وأنه قد تتعلق مصلحة ما بهذا الأمر ، بالإضافة الى أن إعلانه يفترض صراحة .
وقد أوجب الشارع إعلان الأمر بالحفظ إلى المجني عليه وإلى المدعى المدني ، وإذا توفى أحدهما كان الإعلان لورثته جملة في محل إقامته . م62 من قانون الإجراءات الجنائية . وعلى ذلك هو تمكين ذي المصلحة من العلم بما انتهى إليه الاستدلال من صدور أمر الحفظ ليتصرف في ضوء ما تمليه عليه مصلحته ، كالتظلم منه أو الادعاء المباشر ، ولم يتطلب الشارع شكلا معينا للإعلان ، ولم يربطه بأجل ، ولم ترتب عليه أثرا .
وقد قضت محكمة النقض بأنه ” إن ما أوجبته المادة 62 من قانون الإجراءات الجنائية من إعلان المجني عليه بأمر الحفظ هو إجراء قصد به إخطاره بما تم في شكواه ليكون على بينة بالتصرف الحاصل فيها ولم يرتب القانون عليه أى أثر بل لم يقيده بأجل معين ” (نقض 19/3/1956 مجموعة أحكام محكمة النقض س7 رقم 109 ص369)
– حجية أمر الحفظ وقوتة : –
أمر الحفظ ليس له حجية أو قوة لأنها من خصائص الأعمال القضائية وليس أمر الحفظ منها .
ويترتب على عدم تمتع أمر الحفظ بالحجية والقوة ما يلي :-
1- يجوز للنيابة العامة في أى وقت أن ترجع عنه ، طالما أن الدعوى لم تنقض بالتقادم ، ولها أن ترجع عنه ، ولو لم يظهر دليل جديد ، ويقبل الرجوع من أى عضو من أعضاء النيابة العامة ، أى أنه لا يشترط أن يلغيه النائب العام.
فالأمر الصادر من النيابة العامة بحفظ الشكوى إداريا الذي لم يسبقه تحقيق قضائي غير ملزم لها ، بل أن لها حق الرجوع فيه بلا قيد ولا شرط بالنظر إلى طبيعته الإدارية ، وذلك قبل انتهاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية . (نقض 3/12/1962 مجموعة أحكام محكمة النقض س13 رقم 197 ص815 ، 29/4/1968 س19 رقم 93 ص490 ، 5/3/1972 س23 رقن 63 ص262 ، 20/6/1976 س27 رقم 147 ص661)
2- لا تنقضي به الدعوى الجنائية ، ولا يحول بين المضرور من الجريمة والادعاء المباشر ، ولا يقبل من المتهم الذي صدر لمصلحته أمر الحفظ ثم أقيمت الدعوى ضده أن يدفعها بعدم جواز نظرها ، وإذا دفع بسبق صدور أمر الحفظ ، فلا تلتزم المحكمة بالرد عليه .
3- لا يجوز الطعن فيه ، إذ لا وجود لمصلحة تبرر الطعن ، ذلك أن الرجوع في الأمر بالحفظ جائز ، والادعاء المباشر جائز كذلك على الرغم منه .
وقد قضت محكمة النقض بأنه ” الأمر بالحفظ لا يقبل تظلما أو استئنافا من جانب المجني عليه ، والمدعى بالحق المدني وكل ما لهما هو الالتجاء الى طريق الادعاء المباشر في مواد الجنح والمخالفات ، دون غيرها ، إذا توافرت شروطه ” (نقض 19/3/1956 مجموعة أحكام محكمة النقض س7 رقم 109 ص369 ، 20/6/1976 س27 رقم 148 ص661)
** الفرق بين أمر الحفظ وبين أمر بالاوجة لاقامة الدعوى الجنائية : –
أولا : الفرق بينهم من حيث المجال : –
الفرق بين أمر الحفظ والأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى التأديبية يكمن في أمر الأمر بالحفظ تسبقه أعمال استدلال فحسب ، وهو يمثل ختامها وخلاصتها . أما الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ، فيسبقه تحقيق ابتدائي مارسته سلطة مختصة به طبقا للقانون ، وهذا الفارق هو الذي يفسر الاختلاف بينهما من حيث الطبيعة . فالطبيعة الإدارية لأمر الحفظ يفسرها أنه ختام مرحلة الاستندلال التي تميزت بطبيعة إدارية ، وهو في حقيقته عمل الاستدلال الختامي ، ومن ثم كانت له بدوره طبيعة إدارية . أما الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية فيصدر بعد تحقيق ابتدائي ، ويمثل ختام هذا التحقيق وأسلوب التصرف فيه ، ومن ثم كانت له طبيعة هذا التحقيق ، وهى طبيعة قضائية خالصة .
وقد قضت محكمة النقض بأنه ” للنيابة العمومية صفتان : صفة إدارية وصفة قضائية ، فإذا ورد لها استعلامات أو تحريات من البوليس ورأت أنها لا تستحق أن تكون أساسا لرفع الدعوى على المتهم فلها أن تؤشر على الأوراق بحفظها ، وإنما الأمر الذي يصدر منها في هذه الحالة ليس له صفة قضائية ، ولها حينئذ أن تعدل عنه في أى وقت شاءت ، بخلاف ما إذا كانت أجرت بنفسها عملا من أعمال التحقيق أو اتخذت ضد المتهم إجراءات جديدة كالقبض عليه أو حبسه فعملها هذا يكون عملا قضائيا يحتاج الى أمر قضائي بالسير في الدعوى أو بحفظ الأوراق ، وفي هذه الحالة الأخيرة يكون لأمر الحفظ القوة التي كانت لأوامر قاضي التحقيق وترتب عليه النتائج التي كانت مترتبة على الأوامر التي كانت تصدر بأن لا وجه لإقامة الدعوى وحينئذ لا يجوز أن تعدل عنه النيابة إلا بظهور أدلة جديدة ” (نقض 24/3/1900 الحقوق س15 ص127 ، نقض 10/4/1956 مجموعة أحكام محكمة النقض س7 رقم 156 ص535 ، 17/4/1956 س7 رقم 168 ص585 ، 17/2/1956 س7 رقم 169 ص591 ، 20/1/1983 س34 رقم 22 ص126)
مما تقدم يتبين لنا أنه إذا قررت النيابة العامة عدم رفع الدعوى أمام المحكمة المختصة ولم يكن قراراها مسبوقا بتحقيق ، فهو أمر حفظ ، أما إذا اتخذت قرارها بعد تحقيق أجرته ، فهو أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى ، ويستوي أن تكون النيابة العامة قد باشرت التحقيق الذي سبق قرارها بنفسها أو عن طريق ندبها لبعض إجراءاته مأمور الضبط القضائي ، ويستوي مباشرة عمل تحقيق واحد أو عددا من الأعمال ، ولكن يتعين أن يكون قد أجرى تحقيق فعلي وصحيح كى يكون ما تصدره النيابة العامة بعد ذلك أمرا بألا وجه لإقامة الدعوى . فإذا أشر عضو النيابة العامة على محضر الاستدلال بإعادته الى الشرطة لإعادة سؤال شاهد ، فإن ما يصدر بعد ذلك هو أمر حفظ ، لأن هذا السؤال هو عمل استدلال . (نقض 15/6/1936 مجموعة القواعد القانونية ج3 رقم 487 ص616 ، 19/10/1959 مجموعة أحكام محكمة النقض س10 رقم 170 ص797 ، 23/11/1965 س16 رقم 166 ص865)
وإذا باشر عضو النيابة عمل تحقيق دون أن يصحبه فيه كاتب فإن ما يصدره أمر حفظ لأن عمل التحقيق لا يكون صحيحا ما لم يدون المحضر كاتبا .
وإذا ندب عضو النيابة العامة مأمور الضبط القضائي لاستجواب المتهم ، فإن ما يصدر بعد ذلك يعد أمر حفظ ، إذ الندب للاستجواب غير جائز ، فلا يعتبر ما قام به مأمور الضبط القضائي بناء على ذلك عمل تحقيق صحيح . (نقض 22/12/1959 مجموعة أحكام محكمة النقض س10 رقم 215 ص1041)
والعبرة في تحديد الوصف الصحيح للأمر هى بتطبيق المعيار السابق ، ولا عبرة باللفظ الذي تطلقه النيابة عليه . فإذا باشرت النيابة التحقيق ثم أصدرت ما سمته (أمر حفظ) فإن وصفه الحقيقي مع ذلك أنه (أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى) . (نقض 10/4/1956 مجموعة أحكام محكمة النقض س7 رقم 156 ص535 ، 23/12/1962 س14 رقم 178 972،20/1/1964 س15 رقم 15 ص71 ، نقض 26/11/1973 س24 رقم 222 ص1079 ، 24/1/1982 س23 رقم 14 ص80 ، 4/12/1984 س35 رقم 192 ص863 ، 27/1/1985 س36 رقم 21 ص159)
ثانيآ : الفرق بينهم من حيث الاثار : –
تجمل هذه الفروق بين الأمرين من حيث الأثر في تجرد الأمر بالحفظ من الحجية والقوة ، في حين يتصف بيهما الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية . (د/ رءوف عبيد س323 ، وانظر نقض 19/3/1956 مجموعة أحكام محكمة النقض س7 رقم 109 ص369 ، 30/1/1983 س24 رقم 22 ص126)
ويترتب على ذلك أنه يجوز للنيابة العامة أن ترجع عن أمرها بالحفظ دون قيود وتقيم الدعوى الجنائية ، ويجوز للمضرور من الجريمة أن يدعى مباشرة أمام المحكمة الجنائية المختصة . أما الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى فتتقيد به النيابة العامة ، فلا يجوز لها أن تعود الى التحقيق أو تقيم الدعوى إلا إذا ظهرت أدلة جديدة . م213 من قانون الإجراءات الجنائية . أو ألغاه النائب العام . م211 من قانون الإجراءات الجنائية . أو ألغى بعد الطعن فيه . م210 من قانون الإجراءات الجنائية . ويتقيد المضرور من الجريمة بالأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى ، فلا يجوز له الادعاء المباشر . م232 من قانون الإجراءات الجنائية .
ويرتبط بذلك أن الأمر بالحفظ لا يجوز الطعن فيه ، في حين يجوز الطعن في الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى ، والأمر بالحفظ لا يقطع تقادم الدعوى الجنائية إلا إذا اتخذ في مواجهة المتهم أو أخطر به بوجه رسمي ، أما الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى فهو يقطع هذا التقادم في جميع الأحوال .
** أحكام النقض بشأن أمر الحفظ وأمر الا وجة لاقامة الدعوى الجنائية : –
-لا عبرة بصفة من يصدر قرار الحفظ أو العدول عنه من أعضاء النيابة .
(نقض جلسة 17/6/1993 ط19562 س59ق)
-الأمر الصادر من النيابة العامة بحفظ الأوراق لا يكون ملزما لها ، بل لها حق الرجوع فيه بلا قيد ولا شرط بالنظر الى طبيعته الإدارية التي لا تكسب المتهم قا أو تقيم حجة على المدني عليه .
(نقض جلسة 17/6/1993 ط19562 س59ق)
-من المقرر أن أمر الحفظ الذي تصدره النيابة العامة بعد قيامها بأى إجراء من إجراءات التحقيق هو في صحيح القانون أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية له بمجرد صدوره حجيته التي تمنع من العودة الى التحقيق إلا في الحالات وبالكيفية التي قررها الشارع في المادة 110 وما بعدها من قانون الإجراءات الجنائية ولو جاء الأمر في صيغة الحفظ الإداري وسواء كان مسببا أم لم يكن .
(الطعن رقم 2505 لسنة 54ق جلسة 4/12/1984 س35 ص863)
-الأمر الصادر من النيابة العامة بحفظ الشكوى إداريا الذي لم يسبقه تحقيق قضائي لا يكون ملزما لها ، بل لها حق الرجوع فيه بلا قيد ولا شرك بالنظر الى طبيعته الإدارية ، وذلك قبل انتهاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية . (نقض جلسة 5/3/1972 س23 ق63 ص262)
-الأمر الصادر من النيابة بالحفظ هو إجراء إداري صدر عنها بوصفها السلطة الإدارية التي تهيمن على جمع الاستدلالات عملا بالمادة 61 إجراءات جنائية وما بعدها ، وهو على هذه الصورة لا يقيدها ويجوز العدول عنه في أى وقت بالنظر الى طبيعته الإدارية البحتة ، ولا يقبل تظلما أو استئنافا من جانب المجني عليه والمدعى بالحق المدني وكل ما لهما هو الالتجاء الى طريق الدعوى المباشر في مواد الجنح والمخالفات دون غيرها إذا توافرت شروطه ، وهذا الأمر الإداري يفترق عن الأمر القضائي بأن لا وجه لإقامة الدعوى الصادر من النيابة بوصفها إحدى سلطات التحقيق بعد أن تجري تحقيق الواقعة بنفسها أو يقوم به أحد رجال الضبط القضائي بناء على انتداب منها على تقضي المادة 209 إجراءات جنائية ، فهو وحده الذي يمنع من رفع الدعوى ، ولهذا أجيز للمجني عليه والمدعى بالحق المدني الطعن فيه أمام غرفة الاتهام .
(نقض جلسة 19/3/1956 س7 ق109 ص369)
-أمر الحفظ الذي يصدر من النيابة إيذانا منها بأنها لم تجد – بحسب تقديرها – من المحاضر أو التبليغات المقدمة لها أن هناك جريمة وقعت لا يعتبر من إجراءات التحقيق ولا يقطع المدة . أما قرار الحفظ المشار إليه في المادة 42 تحقيق جنايات فإنه لما كان حاصلا بعد التحقيق فهو إجراء من إجراءات الدعوى العمومية حدث بعد تحريكها بالتحقيق فيها هو معتبر قانونا أنه هو النتيجة المتممة لدور التحقيق ، فهو إذن من إجراءاته القاطعة للمدة بخلاف أمر الحفظ الأول فإنه من عمل النيابة – لا بصفتها محققة – بل بصفتها رئيسة الضبطية القضائية التي من مأموريتها التحري والاستدلال – وهو إيذان منها بأنه لا محل لتحريك الدعوى العمومية بالشروع في تحقيقها ، ومادامت الدعوى العمومية ولم تتحرك بهذا الأمر ولا من قبله فيما يخالف المنطق أن يقال أن مثله هو إجراء من إجراءاتها قاطع لمدة سقوطها .
(نقض 4/1/1932 مجموعة القواعد القانونية ج2 ق213 ص410)
-مجرد إحالة الأوراق من النيابة العامة الى أحد رجال الضبط القضائي لا يعد انتدابا لإجراء التحقيق ، إذ أنه يجب لاعتباره كذلك أن ينصب الندب على عمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق – فيما عدا استجواب المتهم – لا على تحقيق قضية برمتها ، ومن ثم كان المحضر الذي يحرره مأمور الضبط القضائي بناء على هذه الإحالة هو مجرد محضر جمع الاستدلالات لا محضر تحقيق ، فإذا قررت النيابة حفظه جاز لها رفع الدعوى الجنائية دون صدور أمر من النائب العام بإلغاء هذا القرار ، إذ أن أمر الحفظ المانع من العودة الى إقامة الدعوى الجنائية إنما هو الأمر الذي يسبقه تحقيق تجريه النيابة بنفسها أو يقوم به أحد رجال الضبط القضائي بناء على انتداب منها في الحدود المشار إليها .
(نقض جلسة 23/11/1965 س16 ق170 ص885)
-أمر الحفظ المانع من العودة الى إقامة الدعوى الجنائية إنما هو الأمر الذي يسبقه تحقيق تجريه النيابة بنفسها أو يقوم به أحد رجال الضبط القضائي بناء على انتداب منها ، فإذا كان الحكم المطعون فيه قد ذهب الى اعتبار إشارة وكيل النيابة بإحالة الشكوى الى البوليس لفحصها بمعرفة أحد رجال الضبط القضائي ندبا للتحقيق واعتبر أمر النيابة بحفظ الشكوى إداريا بمثابة أمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية يمنع من إقامة الدعوى مادام لم يلغ قانونا وانتهى من ذلك الى القضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويستوجب نقضه .
(نقض جلسة 19/10/1959 س10 ق170 ص797)
-العبرة في تحديد طبيعة الأمر الصادر بحفظ الشكوى هى بحقيقة الواقع لا بما تذكره عنه النيابة أو بالوصف الذي يوصف به .
(نقض جلسة 24/1/1982 س33 ق14 ص80)
-من المقرر أن العبرة في طبيعة الأمر الصادر بحفظ الشكوى هى بحقيقة الواقع لا بما تذكره عنه النيابة أو بالوصف الذي يوصف به ، فإذا صدر أمر النيابة بمجرد الإطلاع على محضر الاستدلالات الذي تلقته من مأمور الضبط القضائي دون أن يستدعى الحال إجراء تحقيق بمعرفتها فهو أمر بحفظ الدعوى . أما إذا قامت النيابة بأى إجراء من إجراءات التحقيق فالأمر الصادر يكون قرارا بألا وجه لإقامة الدعوى له بمجرد صدوره حجيته الخاصة ولو جاء في صيغة أمر بالحفظ الإداري ، وعلى المحكمة إذا ما أبدى لها مثل هذا الدفع أن تتحرى حقيقة الواقع فيه وأن تقضي بقبوله أو ترد عليه ردا سائغا .
(نقض جلسة 23/12/1963 س14 ق178 ص272)
-من المقرر أن الأمر الصادر من النيابة بالحفظ هو إجراء إداري صدر عنها بوصفها السلطة الإدارية التي تهيمن على جمع الاستدلالات عملا بالمادة 61 إجراءات الجنائية وما بعدها ، وهو على هذه الصورة لا ي قيدها ويجوز العدول عنه في أوى وقت بالنظر الى طبيعته الإدارية البحتة ، ولا يقبل تظلما أو استئنافا من جانب المجني عليه والمدعى بالحق المدني وكل ما لهما هو الالتجاء الى طريق الدعوى المباشر في مواد الجنح والمخالفات دون غيرها إذا توافرت شروطه ، وفرق بين هذا الأمر الإداري وبين الأمر القضائي بأن لا وده لإقامة الدعوى الصادر من النيابة بوصفها إحدى سلطات التحقيق بعد أن تجرى تحقيق ال واقعة بنفسها أو يقوم به أحد رجال الضبط القضائي بناء على انتداب منها ، فهو وحده الذي يمنع من رفع الدعوى ، ولهذا أجيز للمدعى بالحق المدني الطعن فيه أمام غرفة المشورة .
(نقض جلسة 20/6/1976 س27 ق148 ص661)
-ما أوجبته المادة 62 إجراءات جنائية من إعلان المجني عليه بأمر الحفظ هو إجراء قصد به إخطاره بما تم في شكواه ليكون على بينة بالتصرف الحاصل فيها ولم يرتب القانون عليه أى أثر بل ولم يق يده بأجل معين . (الطعن رقم 1999 لسنة 25ق جلسة 19/2/1956 ص639)
-ما أوجبته المادة 62 إجراءات جنائية من إعلان المجني عليه بأمر الحفظ هو إجراء قصد به إخطاره بما يتم في شكواه ل يكون على بينة بالتصرف الحاصل فيها ولم يرتب القانون عليه أى أثر بل ولم يقيده بأجل معين .
( 19/3/1956 أحكام النقض س7 ق109 ص369)
-إسباغ الحكم المطعون فيه الحماية المقررة بالمادة 63 إجراءات على العاملين بشركات القطاع العام . خطأ في القانون .
(نقض جلسة 9/10/1986 س37 ق137 ص723)
-لا يشترط في مواد الجنح والمخالفات إجراء أى تحقيق قبل المحاكمة ، ويجوز للقاضي أن يأخذ بما هو في محضر جمع الاستدلالات على اعتبار أنه ورقة من أوراق الدعوى التي يتناولها الدفاع وتدور عليها المناقشة بالجلسة وذلك بغض النظر عما إذا كان محررها من مأموري الضبطية القضائية أو لم يكن .
(نقض 10/1/1972 مجموعة القواعد القانونية س23 ص42)
-من المقرر أن الدعوى الجنائية لا تعتبر مرفوعة بمجرد التأشير من النيابة العامة بتقديمها الى المحكمة لأن التأشير بذلك لا يعدو أن يكون لأمرا إداريا الى قلم كتابة النيابة لإعداد ورقة التكليف بالحضور ، حتى إذا ما أعدت ووقعها عضو النيابة جرى من بعد إعلانها وفقا للقانون ترتب عليها كافة الآثار القانونية بما في ذلك قطع التقادم بوصفها من إجراءات الاتهام .
(نقض جلسة 13/5/1983 س33 ق121 ص598)
-إن عدم سؤال المتهم في التحقيق لا يترتب علبه بطلان الإجراءات ، إلا لا مانع في القانون يمنع من رفع الدعوى العمومية بدون استجواب المتهم ، بل يجوز رفعها في مواد الجنح والمخالفات مباشرة بدون تحقيق ما .
(جلسة 16/10/1944 مجموعة القواعد القانونية ج6 ق374 ص514)
-لا يوجب القانون في مواد الجنح والمخالفات أن يسبق رفع الدعوى أى تحقيق ابتدائي فهو ليس بشرط لازم لصحة المحاكمة إلا في مواد الجنايات ، كما أن الأصل في المحاكمات الجنائية أن يحصل التحقيق فيها أمام المحكمة . (نقض جلسة 28/3/1971 س22 ق72 ص314)
-إن عدم سؤال المتهم سواء في التحقيق البوليسي أو في النيابة في مواد الجنح والمخالفات لا يعيب إجراءات المحاكمة إلا في مواد الجنايات .
(جلسة 22/5/1939 مجموعة القواعد القانونية ج4 ق396 ص557)
-لا يشترط قانونا لإحالة قضايا الجنح الى المحاكم المختصة بنظرها أن تكون النيابة العامة قد أجرت تحقيقا فيها ، فتصبح إحالتها بناء على تحقيقات البوليس إذا رأت النيابة كفايتها . (جلسة 11/1/1937 مجموعة القواعد القانونية ج4 ق35 ص32)
– من المقرر أنه وإن كان تحريك الدعوى الجنائية قبل الموظف العام مقصور على النيابة العامة وحدها بشرط صدور إذن من النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة العامة وفقا لأحكام المادة 63 إجراءات ، إلا أن ذلك مشروطا بأن تكون الجريمة قد وقعت منه أثناء وبسبب وظيفته .
(جلسة 17/1/1993 ط18445 س59ق)
-إن المادة 63/3 إجراءات جنائية لم تسبغ الحماية المقررة لها في شأن عدم جواز رفع الدعوى الجنائية إلا من النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة إلا بالنسبة الى الموظفين أو المستخدمين العامين دون غيرهم لما يرتكبوه من جرائم أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها .
(نقض جلسة 2/2/1976 س27 ق30 ص152)
-صدور إذن النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة برفع الدعوى الجنائية ضد موظف عام طبقا للمادة 63/3 إجراءات ، ثم مباشرة وكيل النيابة المختص – بعد صدور ذلك الإذن – إجراءات تقديم القضية الى المحكمة وتكليف المتهم بالحضور لا تثريب عليه .
(نقض جلسة 13/6/1971 س22 ق114 ص467)
-من المقرر أنه إذا أذن من له حق الإذن بإقامة الدعوى الجنائية ضد موظف أو مستخدم عام فلا تثيرب على وكيل النيابة المختص إن هو أمر بعد ذلك بتحديد جلسة للمحكمة التي يطرح أمامها النزاع ، إذ أن رفع الدعوى الجنائية ضد الموظف أو المستخدم العام أو أحد رجال الضبط لا يشترط فيه أن يباشره النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة بنفسه بل يكفي إن يكلف بذلك أحد أعوانه بأن يأذن له برفع الدعوى .
(نقض جلسة 15/3/1966 س17 ق62 ص317)
-إقامة الدعوى الجنائية على موظف عام في جنحة وقعت أثناء تأدية وظيفته أو بسببها من وكيل نيابة أمر غير جائز قانونا وفقا لما جرى به نص المادة 63 إجراءات .
(نقض جلسة 6/6/1977 س28 ق148 ص706)
-من المقرر أن الدعوى الجنائية إذا كانت أقيمت على المتهم ممن لا يملك رفعها قانونا وعلى خلاف ما تقضي به المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية ، فإن اتصال المحكمة في هذه الحالة بالدعوى يكون معدوما قانونا ولا يجوز لها أن تتعرض لموضوعها فإن هى فعلت كان حكمها وما بنى عليه من إجراءات معدوم الأثر ، ولا تملك المحكمة الاستئنافية عنه رفع الأمر إليها أن تتصدى لموضوع الدعوى باعتبار أن باب المحكمة موصود دونها وهو أمر من النظام العام لتعلقه بولاية المحكمة واتصاله بالواقعة – وبهذه المثابة يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
(الطعن رقم 3241 لسنة 55ق جلسة 3/3/1986 س37 ص326)
-من المقرر أنه إذا أقيمت الدعوى الجنائية ممن لا يملك رفعها قانونا وعلى خلاف ما تقضي به المادتان 63 ، 232 من قانون الإجراءات الجنائية فإن اتصال المحكمة بهذه الدعوى يكون معدوما قانونا ولا يحق لها أن تتعرض لموضوعها فإن فعلت فإن حكمها وما بنى عليه من الإجراءات يكون معدوم الأثر . (الطعن رقم 29318 لسنة 68ق جلسة 28/7/1999)
** الدفع ببطلان إجراءات الاستدلال أو التحقيق الابتدائى : –
إن مخالفة قواعد الاستدلال والتحقيق الابتدائي تترتب بدورها نسبيا وليس مطلقا .
ومن ثم على المتهم إذا أراد أن يؤسس طعنه بالنقض على مخالفة ضمانات الاستجواب أو المواجهة أن يتبع كل قواعد البطلان المتعلق بمصلحة الخصوم فعليه أن يدفع بالبطلان أولاً أمام محكمة الموضوع دون أن يسوغ له التمسك به لأول مرة في النقض لأنه لا تثار أمام محكمة النقض دفوع جديدة على وجه عام إلا أن تكون مطلقة وغير متطلبة تحقيقا في الموضوع .
ومما تقدم يتبين أنه لا يدفع بالبطلان إلا من تعلق به الإجراء الباطل من المتهمين دون باقيهم ولو كانوا مقيدين من البطلان بصورة من الصور والتنازل عن الدفع بالبطلان . إذا صدر من صاحب صفة في إبدائه يقيد صاحبه فلا يجوز العدول عنه ولا تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها بل يجب أن يدفع به حتى نقضي به .
– مناط مصلحة المتهم فى الطعن ببطلان إجراءات الاستدلال أو التحقيق الابتدائى : –
مناط مصلحة المتهم في الطعن ببطلان أى إجراء من إجراءات الاستدلال أو التحقيق الابتدائي هو توافر أمرين :
أولهما : أن يكون الإجراء الباطل قد أسفر عن ظهور دليل من الأدلة قبله .
ثانيهما : أن تكون محكمة الموضوع قد عولت على الدليل الباطل في إدانته ، أى استمدت منه عنصرا أو أكثر من عناصر الإثبات الرئيسية في الدعوى .
ذلك أن القاعدة هى أن بطلان الإجراء يستتبع بالتالي بطلان جميع الآثار المترتبة عليه مباشرة (م336 إجراءات) فلا يجوز بحال أن تعول المحكمة على الدليل الذي أسفر عنه الإجراء الباطل وإلا كان حكمها بدوره باطلا .
وقد قضى بأنه ” الحكم الذي يؤسس على محضر تفتيش باطل ، وعلى أقوال رجل البوليس الذي أجرى التفتيش وعلى ما نسب الى المتهم من الاعتراف أمام نفس هذا المحقق ، ولم يكن له سند في إدانة المتهم غير هذه العناصر يعتبر حكما باطلا ” (نقض 12/3/1934 قواعد النقض ج1 رقم 252 ص422) وبأنه ” لا يصح الاعتماد على الدليل الذي أسفر عنه تفتيش باطل ، لا يصح للمحاكم الاعتماد عليه بل ولا على شهادة من أجروه لأن مثل هذه الشهادة تتضمن إخبارا منهم عن أمر ارتكبوه مخالف للقانون ، فلاعتماد على مثلها في إصدار الحكم اعتماد على أمكر تمقته الآداب وهو في ذاته جريمة منطبقة على المادة 128 ع ، وإذن فيكون باطلا الحكم الذي يؤسس على مثل هذا التفتيش الباطل قانونا وعلى أقوال رجال البوليس الذين أجروه ولم يكن له سند في الإدانة غير محضر هذا التفتيش وهذه الشهادة ” (نقض 27/12/1933 قواعد محكمة النقض ج1 رقم 251 ص422) وبأنه ” إذا كانت المحكمة قد قضت ببطلان التفتيش واستبعدت ما أسفر عنه كدليل إثبات في الدعوى ، ومع ذلك أدانت المتهم بناء على ما قالته من أنه قد قرر في جميع أدوار الدعوى هو وزوجته أن المادة التي يحاكم عن إحرازها قد ضبطت بين طيات فراشه ، وأنه قد ثبت من التحليل أنها حشيش فإن حكمها يكون معيبا لأن هذا القول من المتهم وزوجته لا يعد اعترافا وإنما هو مجرد تقرير للتفتيش الباطل ولما نتج عنه ” (نقض 30/3/1942 قواعد النقض ج1 رقم 255 ص422) وبأنه ” الدليل المستمد من مناقشة المتهم في شأن مخدر ضبط بمنزله بناء على تفتيش باطل يكون باطلا كذلك ، ولا يصح الاستشهاد به عليه لأن تلك المناقشة إنما كان مدارها مواجهة المتهم بما أسفر عنه التفتيش الباطل من نتيجة ” (نقض 5/5/1941 قواعد النقض ج1 رقم 254 ص422) وبأنه ” إذا دفع المتهم بأن الاعتراف المنسوب له في محضر التحقيق لم يصدر منه فردت المحكمة بأنها لا تعبأ بدفاعه لأنه معترف في التحقيق ، فذلك لا يعد منها ردا ، ويكون الحكم بالإدانة الذي قوامه مثل هذا الاعتراف معيبا بالقصور ” (نقض 11/1/1943 القواعد القانونية ج6 رقم 69 ص94) وبأنه ” إذا كان دفاع المتهم مبنيا على أن الاعتراف المعزو إليه في التحقيقات كان وليد إكراه وقع عليه ، وكان المستفاد مما قالته المحكمة أنها عولت على هذا الاعتراف وهونت من شأن ما ادعاه المتهم من أنه كان نتيجة وقوع الإكراه عليه قائلة إن الآثار الطفيفة التي وجت بالمتهم والتي أثبتها الكشف الطبي ليس من شأنها أن تدعو الى أن يقر بجريمة لها عقوبة مغلظة بهذا منا لا يكفي ردا على ما تمسك به ، إذ هى مادامت قد سلمت بوقوع الإكراه على المتهم يكون عليها أن تعني ببحث هذا الإكراه وسببه وعلاقته بأقوال المتهم فإن الاعتراف يجب ألا يعول عليه ، ولو كان صادقا متى كان وليد إكراه كائنا ما كان قدره ” (نقض 15/2/1947 القواعد القانونية ج7 رقم 452 ص418) وبأنه ” مادامت إدانة المتهم قد أقيمت على دليل مستمد من محضر تفتيش باطل وعلى الاعتراف المنسوب إليه في هذا المحضر ، والذي أنكره فيما بعد ، فإنها لا تكون صحيحة لاعتمادها على محضر إجراءات باطلة ” (نقض 28/11/19850 قواعد النقض ج1 ر قم 256 ص422) وبأنه ” إذا كان المتهم قد تمسك أمام المحكمة بأن العبارات التي فاه بها أثناء تعرف الكلب البوليس عليه إنما صدرت منه وهو مكره لوثوب الكلب عليه دفعا لما خشيه من أذاه ، ومع ذلك فإن المحكمة قد عدتها إقرارا منه بارتكاب الجريمة وعولت عليها في إدانته دون أ، ترد على ما دفع به وتفنده ، فإن حكمها يكون مشوبا بالقصور ” (نقض 26/12/1949 أحكام النقض س1 رقم 71 ص203) وبأنه ” لا يصح الاستدلال على الزوجة بالاعتراف المسند الى شريكها في الزنا والمثبت في محضر التفتيش الباطل ، مادام ضبط هذا الشريك في المنزل لم يكن إلا وليد إجراء باطل ، وكان اعترافه منصبا على واقعة وجوده في المنزل وقت التفتيش ” ( نقض 22/11/1951 أحكام النقض س6 رقم 67 ص201) وبأنه ” إذا كانت الواقعة المراد الاستدلال عليها بمحضر التفتيش الباطل واحدة فسواء وصفت أنها دعارة أو زنا فأثر البطلان ينسحب عليها ويشملها بكافة أوصافها ” (نقض 22/11/1951 أحكام النقض س6 رقم 67 ص201)
– أنتفاء المصلحة بالطعن ببطلان الاجراءات : –
سبق أن ذكرنا فيما تقدم إن مناط المصلحة في الطعن ببطلان إجراءات الاستدلال أو التحقيق الابتدائي هو في توافر شرطين : أولهما : أن يكون الإجراء المدفوع ببطلانه قد أسفر عن دليل منتج من أدلة الدعوى ، وثانيهما : أن يكون الحكم المطعون فيه قد عول بصفة أصلية على هذا الدليل ولو ضمن باقي أدلة الدعوى .
فإذا انتفى أى من الشرطين فقد انتفت المصلحة في الطعن ببطلان الإجراء – إذا كان باطلا ، وقلما يحتاج الأمر في العمل إلى الكلام في انتفاء الشرط الأول منهما لأنه مفهوم ضمنا ، ولأنه إذا كان الإجراء الباطل لم يسفر عن أى دليل فقد انتفت بالتالي حاجة المتهم إلى الكلام حتى في مبدأ البطلان ، بل تكون مصلحته بالأكثر في التغاضي عن البطلان لأن انتفاء الدليل الذي كان يصح أن يسفر عنه الإجراء الباطل قد يكون قد بعض الأحيان من قرائن البراءة التي يستفيد منها .
أما انتفاء الشرط الثاني فهو الأمر الذي كثيرا ما يؤدي في العمل الى تقرير انتفاء المصلحة في الطعن ببطلان إجراء ما من إجراءات الاستدلال أو التحقيق الابتدائي ، فبطلان القبض يبطل التلبس ، وبطلان التلبس يبطل تفتيش شخص المتهم ومسكنه وضبط أى شيء ذي صلة بالجريمة ، وبطلان التفتيش يبطل اعتراف المتهم المترتب عليه ، وكذلك يبطل الحبس الاحتياطي المترتب على القبض الباطل مهما تولد عنه من تلبس فتفتيش فضبط أشياء فاعتراف ، وعندئذ تكون للطاعن مصلحة محققة في ا لتوصل إلى بطلان القبض وهو الإجراء الأول .
وإذا كان القبض باطلا ، لكن ظهر فيما بعد تلبس مقطوع الصلة به ، لأنه ظهر بعد فترة كافية منه ، وأمام سلطة أخرى ، فإن التلبس يكون صحيحا ، وكذلك إذا كان التفتيش باطلا ، لكن صدر من المتهم فيما بعد اعتراف مقطوع الصلة بالتفتيش الباطل فعندئذ لا يؤدي بطلان القبض أو التفتيش بحسب الأحوال الى بطلان الأدلة الأخرى المستمدة من التلبس أو الاعتراف .
وعني عن البيان أيضا أن المصلحة في الطعن ببطلان أى إجراء من إجراءات التحقيق أو الاستدلال لا تكون متوافرة إذا كان البطلان نظريا بحتا ، أو إذا كان الإجراء المدعى ببطلانه قد صححه إجراء آخر صحيح . (نقض 9/6/1953 قواعد محكمة النقض ج2 رقم 253 ص1131 ، 9/6/1958 س9 رقم 162 ص638 ، 5/5/1958 س9 رقم 123 ص450)
وتطبيقا لذلك قضى بأنه ” متى كانت المحكمة قد اعتمدت في إدانة المتهم على شهادة مفتش المباحث التي أدلى لها أمامها في جلسة المحاكمة مع سائر أدلة الإثبات الأخرى التي أوردتها في حكمها ، ومن بينها اعتراف المتهمين في تحقيق النيابة واعتراف المتهم الآخر بتلك الجلسة على نفسه وعلى ذلك المتهم ، فإنه لا يجدى من التمسك ببطلان محضر جمع استدلالات حرره مفتش المباحث المذكور بعد أن تولت النيابة التحقيق في القضية ، ودون أن يصدر من وكيل النيابة المحقق أمر بندبه لإجراء تحقيق معين ” (نقض 8/4/1958 أحكام النقض س9 رقم 104 ص381) وبأنه ” لا مصلحة للطاعن في الجدل فيما إذا كان تخليه عن قطعة المخدر التي ألقاها على الأرض قد تم باختياره بحيث تقوم حالة التلبس التي تجيز القبض عليه وتفتيشه ، أو أن إلقاءها كان وليد إجراء غير مشروع لا يجيز ذلك – طالما كان من حق رجال الضبطية القضائية إجراء هذا القبض والتفتيش بناء على الإذن بتلك الذي ثبت صدوره من النيابة فعلا ” (نقض 9/10/1961 أحكام النقض س12 رقم 149 ص774) وبأنه ” لا يجدى المتهم تمسكه ببطلان التفتيش مادام دليل وجود المضبوطات قد تحقق باعترافه في التحقيقات اعترافا اطمأنت المحكمة الى صحته بضبط الأمتعة والمنقولات الأخرى المختلسة في حجرته ” (نقض 9/6/1958 أحكام النقض س9 رقم 162 ص638) وبأنه ” إذا كان الثابت بالحكم أن رجال البوليس قد دخلوا منزل المتهم بالحيلة ، ولكن المتهم هو الذي قدم المادة المخدرة إليهم بنفسه وبمحض إرادته ، فلا يسوغ له بعد ذلك أن يطعن ببطلان الإجراءات ارتكانا على دخول رجال الضبطية القضائية مسكنه في غير الأحوال التي نص عليها القانون ” (نقض 31/12/1934 قواعد النقض ج2 رقم 238 ص1129)
– سلطة محكمة الموضوع فى تقدير الصلة بين الاجراء الباطل والتدليل على الاتهام : –
لمحكمة الموضوع أن تقدر الصلة التي قد بدفع بتوفرها بين الإجراء الباطل من إجراءات التحقيق الابتدائي ، وبين الدليل الذي قد يرتكن عليه الاتهام ، فإذا رأت أن الصلة متوافرة قضت ببطلان الأمرين معا . الإجراء نفسه وما أسفر عنه من دليل ، وإلا كان لها عند انتفاء الصلة التعويل على الدليل القائم في الدعوى بوصفه إجراءً مستقلا بذاته ، فلا ينسحب إليه بطلان الإجراء أو الإجراءات الأخرى المدفوع ببطلانها .
وهذا التقدير هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها المحكمة حسبما ينكشف لها من ظروف الأمرين معا : الإجراء المدفوع ببطلانه ، والدليل المقول بأنه يترتب عليه ، وفصلها هذا نهائي لا رقابة عليه لمحكمة النقض إلا في الحدود العامة التي تراقب فيها هذه الأخيرة المسائل الموضوعية ، وفي الجملة أن يكون بيان الصلة – أو نفيها – بأسباب كافية مستمدة من الأوراق ، وأن يكون استظهارها باستنتاج سائغ في المنطق مقبول . (إيهاب عبد المطلب ، مرجع سابق)
وتقدير الصلة بين الإجراء الباطل من قبض أو تفتيش وبين الاعتراف المسند الى المتهم مسألة تخضع لتقدير قاضي الموضوع حتى ولو كان قد صدر أمام نفس الضابط الذي قام بالإجراء الباطل ، ومن باب أولى إذا در أمام غير من أجراه .
** أختصاص سلطة الضبط القضائى فى التحقيق الابتدائى : –
تختص سلطة الضبط القضائي كما قدمنا بأعمال الاستدلال ولكن المشرع قد خول سلطة الضبط القضائي الاختصاص ببعض أعمال التحقيق الابتدائي .
وهذا الاختصاص استثنائي بحت ، إذ ينطوي تحويل سلطة ما لا تختص به أصلا ، وقد قررته نصوص صحيحة ، فلا يتصور استنتاجه ضمنا ، أو الرجوع في استخلاص حالاته على القواعد العامة ، وبالنظر على الطبيعة الاستثنائية لهذه النصوص فإنه يتعين عدم التوسع في تفسيرها ، ولا يجوز القياس عليها .
وقد حدد المشرع سلطة الضبط القضائي ببعض أعمال التحقيق الابتدائي في حالتين هما : التلبس بالجريمة ، والندب لعمل من أعمال التحقيق .
أولا : النظرية العامة فى التلبس بالجريمة : –
هو تقارباً زمنياً بين لحظة وقوع الجريمة ولحظة اكتشافها . (د/ توفيق ممد الشاوي رقم 232 ص288 ، د/ عمر السعيد رمضان رقم 175 ص293 ، د/ عوض محمد رقم 292 ص315)
أى أن التلبس هو حالة تتعلق باكتشافها لا بأركانها القانونية ، وتعتمد إما على مشاهدتها وقت ارتكابها أو بعده بوقت يسير . فالمشاهدة الفعلية للجريمة أو التقارب الزمني بين كشفها وقوعها هو مناط حالة التلبس . (مدحت عبد العزيز ، مرجع سابق ص63)
– حالات التلبس : –
لقد نصت المادة 30 من قانون الإجراءات على أن ” تكون الجريمة متلبسا بها حال ارتكابها أو عقب ارتكابها ببرهة يسيرة ، وتعتبر الجريمة متلبسا بها إذا تبع المجني عليه مرتكبها ، أو تبعته العامة مع الصياح إثر وقوعها ، أو إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملا آلات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراقا أو أشياء أخرى يستدل منها على أنه فاعل أو شريط فيها ، أو إذا وجدت به في هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك ” .
يتبين من هذه المادة أن حالات التلبس هى :
أولا : إدراك الجريمة حال ارتكابها .
ثانيا : إدراك الجريمة عقب ارتكابها ببرهة يسيرة .
ثالثا : مشاهدة المدني عليه يتبع مرتكب الجريمة .
رابعا : تعقب العامة لمرتكب الجريمة بالصياح إثر وقوعها .
خامسا : مشاهدة مرتكب الجريمة بعد وقوعها بوقت قريب حاملا آلات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراقا أو أشياء أخرى يستدل منها على أنه فاعل الجريمة أو شريك فيها ، أو أن توجد به في هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك ,
فالحالة الأولى من حالات التلبس وهى إدراك الجريمة حال ارتكابها : هى أن يعاين مأمور الضبط الجريمة وهى تقترف ، وذلك عن طريق أية حاسة من حواسه الخمس ، فقد يكون ذلك بطريق البصر كما إذا شاهد الجاني وهو يغمد في صدر المجني عليه خنجرا أو بطريق السمع كما لو طرق أذنيه عويل امرأة واعتداء رجل عليها وكان عويلها معبرا عن أنين عميق واستغاثة من جراح تثخنها وطعنات تتوالى عليها ، أو بطريق الشم كما لو تنسم رائحة مخدر نبعث من جوزة يدخنها المتهم ، أو بطريق اللمس كما لو أحس تيارا كهربائيا يسري في أسلاك لشخص ليس متعاقدا مع مؤسسة الكهرباء ، أو بطريق التذوق كما لو شاهد بائع لين يبيع كمية منه لمواطن عرضها بعد تسلمها عليه لتذوقها فأحس من طعن اللبن بأنه مغشوش . (رمسيس بهنام ، مرجع سابق ص35)
الحالة الثانية : إدراك الجريمة عقب ارتكابها ببرهة يسيرة : تفترض هذه الحالة أن مأمور الضبط القضائي لم يشاهد الجريمة حال تحقق العناصر التي يتكون منها النشاط الإجرامي ، فالفرض أن هذا النشاط قد تحقق بعناصره جميعا ، وإنما تفترض أنه قد عاين نتيجة الجريمة أو آثار هذه النتيجة ، ويعني ذلك أن آثار الجريمة ما تزال ساخنة ، ومثال ذلك أن يشاهد مأمور الضبط القضائي جثة القتيل والدماء ما تزال تنزف منها ، أو أن يشاهد النار مشتعلة في المبنى الذي وضع المتهم النار فيه ثم انصرف .
وقد تطلب القانون أن تكون معاينة الجريمة عقب ارتكابها ببرهة يسيرة ، ويعني ذلك ألا يكون قد انقضى غير وقت يسير بين ارتكاب الجريمة ومعاينتها ، ولم يحدد القانون الضابط في اعتبار هذا الوقت يسيرا ، ومن ثم كان تقديره في شأن قاضي الموضوع ، ويمكن حيث آثارها ما تزال واضحة . (محمود نجيب حسني ، مرجع سابق)
وتطبيقا لذلك فإنه إذا انتقل المأمور الى محل الجريمة عقب علمه بها مباشرة حيث عاينها كان التلبس متحققا ، وإن استغرق الانتقال زمنا ، طالما أنه لم يضيع في ذلك وقتا . (نقض 16/3/1936 مجموعة القواعد القانونية ج3 رقم 449 ص583 ، 12/1/1953 مجموعة أحكام محكمة النقض س4 رقم 151 ص391)
الحالة الثالثة : تتبع الجاني أثر وقوع الجريمة : تتحقق حالة التلبس بتتبع المجني عليه أو العامة لمرتكب الجريمة مع الصياح إثر وقوعها . مثال ذلك أن يشاهد مأمور الضبط القضائي بعض المارة يجرون وراء الجاني وهم يصيحون (حرامي ، حرامي) .
وقد قضت محكمة النقض بأنه ” لمحكمة الموضوع في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى الاستدلال بحالة التلبس على المتهم مادامت قد تبينت أنه شوهد وهو يجري من محل الحادث بعد حصوله مباشرة والأهالي يصيحون خلفه أنه القاتل وهو يعدو أمامهم حتى ضبط على مسافة 150 مترا من مكان الحادث ” (نقض 22/1/1951 مجموعة الأحكام س2 رقم 202 ص527)
ويتعين لقيام حالة التلبس في هذه الحالة أن يثبت أن هذا التتبع مع الصياح قد تم إثر وقوع الجريمة ، أى منذ ارتكابها بوقت قصير . فلا يتوافر التلبس إذا ثبت أن الجريمة قد ارتكبت في اليوم السابق ، فلما شاهد المجني عليه الجاني تتبعه بالصياح في الطريق العام للإمساك به ، ويلاحظ في هذه الحالة أن التتبع والصياح معا لا غنى عنهما ، فلا يكفي مجرد التتبع مجردا عن الصياح ولو كان مبعثه إشاعة عامة بأن أحد الأشخاص هو مرتكب الجريمة ، وتقدير هذا الوقت القصير هو مسألة موضوعية متروكة لمحكمة الموضوع دون رقابة لمحكمة النقض . (مدحت عبد العزيز ، م رجع سابق)
الحالة الرابعة : مشاهدة أدلة الجريمة : عبر الشارع عن هذه الحالة بأن مرتكب الجريمة وجد بعد وقوعها بوقت قريب حاملا آلات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراقا أو أشياء أخرى يستدل منها على أنه فاعل أو شريك فيها ، أو إذا وجدت به في هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك ، وتؤصل هذه الحالة بردها الى صورتين : الأولى : أن يشاهد المتهم حاملا أشياء ، والثانية : أن توجد به (أى في حبسه أو ملابسه) آثار أو علامات ، وعلى اعتبار هذه الحالة إحدى حالات التلبس أن حيازة هذه الأشياء أو وجود هذه العلامات قرينة قوية على أن من يحوز الأشياء أو توجد به العلامات هو مرتكب الجريمة .
ويجمع بين الصورتين السابقتين – (دلالة) الأشياء أو العلامات على أن المتهم قد ارتكب الجريمة ، سواء كفاعل لها أو شريك فيها ، وتعني الدلالة الاحتمال القوي على مساهمة المتهم في الجريمة ، ويقدر مأمور الضبط القضائي هذه الدلالة ، ومراقبة في ذلك النيابة العامة ومحكمة الموضوع .
وقد اشترط القانون أن تكون مشاهدة هذه الأشياء أو الآثار بعد وقوع الجريمة بوقف قريب ، وعلة هذا الشرط هى الحرص على التحقق من الصلة المباشرة بين الجريمة وهذه الأشياء أو الآثار ، أى الاطمئنان الى أن هذه الأشياء ليس لها مصدر آخر غير الجريمة ، إذ بهذا الشرط يستخلص منها الاحتمال الغالب بإسناد الجريمة الى المتهم ، وهذا الشرط زمني بحت ولم بتطلب القانون شرطا مكانيا يتمثل في التقارب بين مكان الجريمة والمكان الذي ضبط فيه المتهم. (محمود نجيب حسني ، مرجع سابق)
– الشروط العامة فى التلبس بالجريمة : –
لقد تطلب الشارع في التلبس – متى توافرت إحدى حالاته السابقة – شروطا هدف بها الى حصر نطاقه في المجال الذي تتحقق فيه مصلحة المجتمع المتمثلة في التنسيق بين اعتبارين : أولهما : الحرص على مباشرة الإجراءات في الوقت الملائم ، أى قبل أن تضيع معالم الجريمة ، أما ثانيهما : فهو الحرص على حماية الحريات الفردية ، بحيث لا تباشر الاختصاصات الواسعة التي خولها الشارع لمأموري الضبط القضائي في غير المجال الذي ترسم علة التلبس معالمه .
وقد تطلب الشارع شرطين : أن يكون مأمور الضبط القضائي قد عاين حالة التلبس بنفسه ، وأن تكون معاينته لها قد تحققت عن طريق مشروع .
– معاينة مأمور الضبط القضائى لحالة التلبس بنفسة : –
لما كان مأمور الضبط القضائي يقول بتوافر التلبس بالجريمة على مسئوليته خاضها في ذلك لرقابة محكمة الموضوع ، فقد اقتضى ذلك أن يتحقق بنفسه من توافر إحدى حالات التلبس بالجريمة ، أى أن يعاين الحالة بإحدى حراسه شخصيا ، ويعني ذلك أنه لا يكفي علمه بتوافر حالة التلبس (رواية عن الغير) أى أن يذكر له شخص توافر حالة التلبس ، وهذا الشرط يبرره حرص الشارع على الضبط والتحديد ، إذ من المحتمل أن تكون الرواية كاذبة ، فتصير الإجراءات التي اتخذها مأمور الضبط القضائي غير مستندة الى أساس من القانون ، وحرصه – من الوجهة العملية – على أن يبقى التلبس في النطاق المحدود الذي تقتضيه المصلحة العامة .
وقد قضت محكمة النقض بأنه ” يجب لكى يخول لمأمور الضبطية القضائية بعض سلطة التحقيق أن يكون قد شاهد بنفسه الجريمة ، وهى في حالة من حالات التلبس ، فلا يكفي أن يكون المأمور قد تلقى نبأ التلبس عن طريق الرواية عمن شاهده ” (نقض 15/11/1943 ج6 رقم 357 ص333 ، 16/10/1966 ج6 رقم 375 ص515) وبأنه ” لا يمكن اعتبار ورثة المادة المخدرة التي حملها المرشد الى مأمور الضبط القضائي عقب البيع أثرا من آثار الجريمة يكفي لجعل حالة التلبس قائمة فعلا وقت انتقال المأمور ” وقد عللت ذلك بأن ” الآثار التي يمكن اتخاذها أمارة على قيام حالة التلبس إنما هى الآثار التي تنبئ بنفسها عن أنها من مخلفات الجريمة والتي لا تحتاج في الأنباء عنها الى شهادة شاهد ” (نقض 27/5/1935 مجموعة القواعد القانونية ج3 رقم 381 ص483) وبأنه ” حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو إدراكها بإحدى حواسه ، ولا يغنيه عن ذلك أن يتلقى نبأها عن طريق الرواية أو النقل عن الشهود ، طالما أن تلك الحالة قد انتهت بتماحى آثار الجريمة والشواهد التي تدل عليها ” (نقض
30/12/1963 مجموعة أحكام محكمة النقض س14 رقم 184 ص1011 ، 1/3/1966 س17 رقم 42 ص221 ، 17/5/1979 س30 رقم 124 ص584 ، 25/5/1973 س34 رقم 138 ص687 ، 9/11/1983
س34 رقم 186 ص934 ، 8/10/1984 س35 رقم 139 ص632 ،
3/4/1985 س36 رقم 88 ص524)
– معاينة مأمور الضبط القضائى لحالة التلبس بطريق مشروع : –
إذا كان التلبس مصدر سلطات واختصاصات يخولها القانون لمأمور الضبط القضائي ، فلا يتصور أن يكون سند هذه السلطات والاختصاصات واقعة غير مشروعة ، وبالإضافة الى ذلك فسلطات مأمور الضبط القضائي تنطوي على مساس بالحريات الفردية ، وقد أراد الشارع أن يكون هذا المساس عبر طريق مطابق تماما للقانون . (علي ذكي العربي ج1 رقم 843 ص249 ، محمود محمود مصطفى رقم 179 ص233 ، رءوف عبيد ص358 ، توفيق محمد الشاوي رقم 238 ص293 ، حسن صادق المرصفاوي رقم 125 ص325 ، عمر السعيد رمضان رقم 183 ص301 ، أحمد فتحي سرور ص360 ، ادوارد الذهبي رقم 255 ص326 ، فوزية عبد الستار رقم 273 ص303 ، محمد ذكي أبو عامر رقم 69 ص182)
وبناء عليه فلا يجوز إثبات التلبس بناء على أعمال غير مشروعة ، أو تنطوي على افتتات على حقوق الأفراد دون سند من القانون . مثال ذلك . إثبات التلبس بناء على تلصص مأمور الضبط من خلال ثقوب الأبواب ، لما في ذلك من اعتداء على حرمة المساكن وحق أصحابها في السرية .
ولا يجوز لمأمور الضبط القضائي المأذون له بتفتيش أحد المساكن بحثا عن أسلحة أن يفض ورقة صغيرة لا يعقل أن تحتوي على شيء مما يجري البحث عنه ، لما ينطوي عليه هذا الفعل من اعتداء على حق المتهم في السرية الذي لم يمسه إذن التفتيش إلا في حدود البحث عن الأسلحة وحدها . كما يكون التلبس غير مشروع إذا كان نتيجة لتدخل الشرطة في خلق الجريمة بطريق الغش والخداع أو التحريض على مقارفتها . (نقض 27 أبريل سنة 1959 مجموعة الأحكام س10 رقم 106 ص478 ، 26 فبراير سنة 1985 س36 رقم 88 ص306 ، وانظر الدكتور / أحمد فتحي سرور في التحريض على ارتكاب الجرائم كوسيلة لضبط الجناة ، المجلة الجنائية القومية س6 سنة 1963)
وأخيرا فإن التلبس لا يكون مشروعا إذا كان ثمرة لإجراءات باطلة كالقبض الباطل الذي يعقبه تخلي المتهم عن المخدر الذي يحمله تحت وطأة الإكراه الواقع عليه ، وضبط أدلة الجريمة بناء على التفتيش الباطل .
وإذا كان استيقاف الشخص المريب جائزا لمأمور الضبط القضائي ، فإن حدود سلطاته بناء على الاستيقاف تقف عند استكناه أمر ذلك الشخص ، أى التحري عن شخصيته ووجهاه والتحفظ عليه إذا اقتضى الأمر ذلك ، فإذا جاوز هذه الحدود فقبض عليه وفتشه فعثر في ملابسه على مادة مخدرة ، فلا يتحقق التلبس بذلك ، إذ القبض والتفتيش غير مشروعين . (نقض 20 أبريل سنة 1942 مجموعة القواعد القانونية ج5 رقم 385 ص645 ، وكانت الواقعة أن مأمور الضبط القضائي ارتاب في أمر المتهم فاقتاده الى مركز الشرطة ، وبمجرد وصوله إليه استأذن المأمور النيابة في تفتيش المتهم فأذنت ، وعند تفتيشه وجد لديه مخدرا ، فإن هذا المتهم لا يصح القول عنه بأنه وقت القبض عليه كان في حالة تلبس ، وإذن فالقبض باطل والإذن بالتفتيش باطل كذلك ، لأن استصداره كان لتمكين المأمور من الحصول على دليل لم يكن في قدرته الحصول عليه لولا ذلك القبض ، وانظر كذلك نقض 8 أكتوبر سنة 1957 مجموعة أحكام النقض س8 رقم 205 ص765)
وإذا كان جائزا تعقب إنسان شاهده مأمور الضبط يبيع مخدرا في الطريق العام وهرب هو ومن اشترى منه المخدر ، فلحق به هذا المأمور حتى رآه يدخل منزله ففتش هذا المنزل ووجد به مخدرات ، فإنه ليس من الجائز لمأمور الضبط أن يفتش منزل إنسان لمجرد أن الشائعات تنسي إليه الاتجار في المخدرات ، ودون إذن من النيابة ، فيضبط فعلا مخدرات بمنزله لأن هذا يعد إيجادا لحالة التلبس بعنف على الأشياء يعتبر في واقع الحال غير مشروع .
وكما أن العنف على الأشخاص والأشياء غير جائز حيث يراد به الكشف عن حالة تلبس ليست بادية من تلقاء ذاتها ، وحيث لا يكون هناك إذن من النيابة بهذا العنف ، ليس من الجائز كذلك اتباع أسلوب ينافي حسن الآداب في سبيل الكشف عن تلك الحالة ، كأسلوب النظر خلال ثقب الباب تجسسا على من يوجدون داخل المكان ومشاهدتهم يتعاطون الأفيون ، فهنا لا يعتبر الكشف عن حالة التلبس حادثا بأسلوب مشروع ، وبالتالي لا يسوغ الاحتيال بعدئذ لفتح الباب والقبض على الحاضرين بمقولة أنهم في حالة تلبس .
أما حيث يوجد إذن من النيابة بدخول المكان وتفتيشه ، فإنه يدخل ضمن مقتضيات تنفيذ هذا الإذن أحيانا النظر خلال ثقوب الأبواب تطلعا وتحوطا ، فلا يكون في هذا النظر ما يعتبر إخلالا بحسن الآداب .