You cannot copy content of this page
– أنواع الحراسة : – ذكرنا فيما تقدم أن الحراسة إما أن تكون اتفاقية باتفاق الطرفين، أو تكون قضائية بحكم القضاء وسنعرض لكلاهما بالتفصيل على النحو التالي : –
أ – الحراسة الاتفاقية : ويقصد بالحراسة الاتفاقية تلك التي تتم باتفاق الطرفين؛ فعقد الحراسة الاتفاقية شأنه في ذلك شأن سائر العقود له طرفان : –
الطرف الأول: هو الخصمان المتنازعان أو الخصوم المتنازعون على المال. فهؤلاء كلهم طرف في العقد، وإذا اقتصر أحد الفريقين المتنازعين على التعاقد دون الفريق الآخر لم يكن العقد حراسة اتفاقية، بل هو وديعة عادية، ويجب على المودع عنده أن يرد الوديعة إلى الفريق الذي تعاقد معه دون الفريق الآخر وفقاً للأحكام العامة في الوديعة.
والطرف الثاني: هو الحارس. فالفريقان المتنازعان هم إذن اللذان يقرران مبدأ الحراسة ويختاران شخص الحارس. وإذا مات الحارس الذي عينه المتنازعان أو حجر عليه أو عزل قبل انتهاء النزاع أو تنحى العذر مقبول، ولم يتفق المتنازعان على حارس آخر يحل محله، جاز للمحكمة أو لقاضي الأمور المستعجلة بحسب الأحوال أن يقوم بتعيين حارس آخر (بلانيول وريبير وسافاتييه فقرة 1139). وكذلك يجوز للمحكمة أو لقاضي الأمور المستعجلة عزل الحارس المعين باتفاق الطرفين إذا أساء الإدارة أو ارتكب ما يستوجب عزله (استئناف مختلط 25 يونية سنة 1930 م42 ص585 – محمد عبد اللطيف فقرة 354).
ويتعهد الحارس بموجب عقد الحراسة للفريقين المتنازعين بأن يقوم بحفظ المال وإدارته، ثم رده مع تقديم حساب عنه إلى من يثبت له الحق فيه بعد البت في النزاع أو لمن يتفق عليه الفريقان المتنازعان والغاب أن يكون أحدهما ولكن يصح أن يكون أجنبياً. فالدائن بالرد إذن هو شخص غير معين، ولكنه قابل للتعين. ويمكن أن تتصور حراسة اتفاقية يتفق فيها الخصوم على مبدأ الحراسة دون أن يتفقوا على شخص الحارس، وفي هذه الحالة تبقى الحراسة اتفاقية، وتتولى المحكمة تعيين الحارس الاتفاقي على الوجه الذي تعين به الحارس القضائي، وسيأتي بيان كيف يعين الحارس القضائي (أنظر ما يي فقرة 449 وما بعدها). وهذا ما يقضي به التقنين المدني، إذ تنص المادة 732 من هذا التقنين على أن “يكون تعيين الحارس، سواء أكانت حراسة اتفاقية أم كانت قضائية، باتفاق ذوي الشأن جميعاً، فإذا لم يتفقوا تولى القاضي تعيينه، وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد: “سواء أكانت الحراسة اتفاقية أم قضائية. فهناك مسألتان منفصلتان أولاهما وضع المال تحت الحراسة والثانية تعيين شخص الحارس. والمسألة الأولى هي التي تسبغ على الحراسة صفتها الاتفاقية أو القضائية، أما متى اتفق المتنازعان على مبدأ الحراسة أو حكمت المحكمة بها فإن أمر تعيين الحارس يترك في كلا الحالين إلى المتنازعين إن أمكنهما أن يتفق عليه، وإلا فتقوم المحكمة المختصة (مجموعة الأعمال التحضيرية 5 ص287).
وفي حالة ما يتفق الخصمان على مبدأ الحراسة ويعين القاضي شخص الحارس، يكون هناك عقد أولي (avant Contrat) طرفاه الخصمان وقد اتفقا على الحراسة في ذاتها، وعندما يعين القاضي شخص الحارس فإن قبول هذا الحارس لمهمته يجعله طرفاً في عقد يلي العقد الأول. وهذا العقد الثاني هو عقد الحراسة، أحد طرفيه الخصمان المتنازعان وقد أوجبا عقد الحراسة باتفاقهما على مبدأ الحراسة، والطرف الآخر هو الحارس الذي عينه القاضي وقد قبل هذا الإيجاب بقبوله أن يكون حارساً.
ب – الحراسة القضائية : وهي التي تفرض بموجب حكم من القضاء ويجوز أن تفرض الحراسة بحكم القضاء؛ ثم يتفق الطرفان على تعيين الحارس. وقد تعددت تعريفاتها. فقد عرفها بعض الفقهاء بأنها “إيداع الشيء الموضوع تحت يد القضاء عند شخص معين بأمر المحكمة إن كانت المصلحة قاضية بذلك” (أحمد فتحي زغلول باشا- شرح القانون المدني ص314). وهذا التعريف ناقص، لأنه قصر الحراسة على الأشياء الموضوعية تحت يد القضاء، فأخرج من حكمها الأشياء المتنازع عليها التي لا تكون موضوعة تحت يد القضاء (عبد الحميد الشعراوي ص19 – محمد كامل مرسي ص46). وعرفها آخرون بأنها “إيداع شيء متنازع عليه، بأمر القضاء عند شخص معين، حتى ينتهي النزاع” (بلانيول وريبير الجزء الحادي عشر الفقرة 1192 ص483). وهذا التعريف ناقص أيضاً، لأنه قصر الحراسة على الأشياء المتنازع عليها، مع أن الحراسة على الأشياء الخالية من النزاع جائزة أيضاً، وفضلاً عن ذلك فإن التعريف لا يتسع بحيث يصعب أن يدخل فيه حالات الحراسة على “مجاميع الأموال”، وقد أصبحت الحراسة عليها شائعة في العصر الحديث كما نصت على جواز الحراسة عليها القوانين الحديثة، مثل القانون المدني المصري الجديد (عبد الحكيم فراج ص46 هامش 1). ولذلك عرف بعض ثالث الحراسة القضائية بأنها “نيابة يوليها القضاء بإجراء مستعجل ووقتي يأمر به، استناداً إلى نص في القانون، بناء على طلب صاحب المصلحة، إذا رأى القاضي أنها إجراء ضروري للمحافظة على حقوق أصحاب الشأن ومصالحهم. ويعهد القاضي للحارس، بموجب هذا الإجراء، بمنقول أو عقار أو مجموع من المال لحفظه وإدارته ليرده مع غلته المقبوضة لمن يثبت حقه فيه. وقد يعهد القاضي إلى الحارس بتصفية المال وتوزيع ما ينتج منه على أصحاب الحق فيه” (عبد الحكيم فراج ص54). ويمضي هذا البعض قائلاً بأن الحراسة القضائية هي في الواقع نيابة قانونية وقضائية. فهي نيابة قانونية لأن القانون هو الذي يحدد نطاقها ويبين حالاتها ويوضح أركانها ويعين آثارها. وهي نيابة قضائية أيضاً لأن القضاء هو الذي يضفي على الحارس صفته فلا تؤول إليه صفة النيابة إلا بمقتضى حكم منه. والقضاء هو الذي يتولى في غالب الأحوال تحديد نطاق سلطتها وفقاً لنصوص القانون، وهو الذي يؤدي له الحرس حساباً عن عمله، وأخيراً هو الذي ينهي مأمورية الحارس القضائي (عبد الحكيم فراج ص53). ونرى تعريف الحراسة – بتعريف مقارب للتعريف السابق- يتفق ومضمون نصوص القانون – بأنها: “إجراء وقتي يحكم به القضاء بوضع منقول أو عقار أو مجموع من المال يقوم في شأنه نزاع أو يكون الحق فيه غير ثابت، أو إذا كان صاحب المصلحة في منقول أو عقار قد تجمع لديه من الأسباب المعقولة ما يخشى معه خطراً عاجلقد تم الاتفاق على الحراسة، ولكن قبل قيام النزاع، وجعلت الحراسة مشروطة بقيامه، ومثل ذلك أيضاً أن يتفق مؤجر الأرض الزراعية مع مستأجرها على أنه إذا زرع المستأجر محصولاً معيناً منع منه بموجب عقد الإيجار، أو إذا قصر في العناية بالأرض، أو إذا أخل بشروط العقد، وضعت الأرض تحت الحراسة وكلف الحارس بتنفيذ ما اتفق عليه الطرفان في عقد الإيجار. والحراسة في هذه الأمثلة حراسة اتفاقية، ولكنه لا تقوم إلا إذا تحقق شرطها. فإذا ما تحقق الشرط، وجب وضع المال تحت الحراسة تنفيذاً للاتفاق. وعند الخلاف يرفع الأمر إلى محكمة الموضوع، إلا إذا توافر ركن الاستعجال فيرفع الأمر إلى قاضي الأمور المستعجلة. وتخضع الحراسة الاتفاقية للقواعد التي تخضع لها العقود، وبالتالي يجب توافر الأهلية اللازمة في التصرف الذي ترد عليه الحراسة، فإن كان من أعمال التصرف، كالبيع وجب توافر أهلية التصرف، وإن كان من أعمال الإدارة، كالإيجار، وجب أن تتوافر أهلية التصرف أو أهلية الإدارة، كما لو تضمن عقد الإيجار أنه في حالة تأخر المؤجر عن تسليم العين المؤجرة، توضع تحت الحراسة، وحينئذٍ تكفي أهلية الإدارة. كما تخضع الحراسة الاتفاقية، لكافة أسباب الانحلال، كالفسخ والبطلان، فقد تتضمن لتنفيذها قيام الخصم بعمل معين قبل التنفيذ إلا أنه يخل به، مما يجوز معه لخصمه التمسك بفسخها، ولا يبقى إلا الحراسة القضائية إذا توافرت شروطها، وقد يقع المتعاقد في غلط أو تدليس أو إكراه، وبالتالي يجوز له التمسك ببطلان الحراسة، والدفع بعد تنفيذ التزامه إذا كان يوجب عليه تسليم العين. كما ترد الحراسة الاتفاقية على حق احتمالي غير ثابت، كما لو كان مقترناًَ بشرط موقف أو فاسخ، فقد لا يتحقق الشرط الموقف، أو يتحقق الشرط الفاسخ، وفي الحالتين لا يثبت الحق (أنور طلبة ص242).
– الفرق بين الحراسة القضائية والحراسة الاتفاقية : – تختلف الحراسة القضائية عن الحراسة الاتفاقية في عدة نواحٍ هي : –
1- الحراسة القضائية مصدرها نص القانون وحكم القضاء، أما الحراسة الاتفاقية فمصدرها الاتفاق. وهذا يصدق على مبدأ فرض الحراسة فقط أما فيما يتعلق بتعيين الحارس فإنه يكون باتفاق ذوي الشأن جميعاً سواء في الحراسة القضائية أو الاتفاقية، فإذا لم يتفقوا عليه تولي القاضي تعيينه. وجاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي أنه “سواء أكانت الحراسة اتفاقية أم قضائية، فهناك مسألتان منفصلتان: أولهما: وضع المال تحت الحراسة، والثانية: تعيين شخص الحارس. والمسألة الأولى هي التي تسبغ على الحراسة صفتها الاتفاقية أو القضائية، أما متى اتفق المتنازعان على مبدأ الحراسة أو حكمت المحكمة بها، فإن تعيين الحارس يترك في كلا الحالتين إلى المتنازعين إن أمكنهما أن يتفقا عليه، وإلا فتقوم به المحكمة المختصة” (مجموعة الأعمال التحضيرية ص287).
2- الأصل في الحراسة الاتفاقية أن تكون مجاناً ما لم يحصل الاتفاق على تقدير أجر الحارس، بعكس الحراسة القضائية، فالحارس يعين بحكم القضاء فيكون من حقه تقاضي أجراً ما لم يتنازل عنه صراحة.
3- يرجع الحارس القضائي بأتعابه ونفقاته على من يعينه القاضي من الخصوم لتحمل هذه المصاريف، أما الحارس الاتفاقي فإن رجوعه بما قد يستحق له من أتعاب ونفقات تختلف باختلاف الظروف.
4- تختلف مسئولية الحارس الاتفاقي باختلاف كونه مأجوراً أو متطوعاً، وتتحدد مسئوليته على أي الحالتين وفقاً للأحكام المحددة لمسئولية الوديع (عزمي البكري ص21) وهناك أنواع أخرى من الحراسة بجانب الحراسة الاتفاقية والحراسة القانونية وهي : –
– الحراسة القانونية: الحراسة القانونية هي التي يقررها القانون بغير حاجة إلى حكم من القاضي أو اتفاق بين الأفراد. وتنظم هذه الحراسة نصوص خاصة واردة سواء في التقنين المدني أو في قانون المرافعات أو في أي قانون خاص آخر. وسنعرض في المبحث التالي لبعض أمثلة الحراسة القانونية.
– الحراسة الإدارية: الحراسة الإدارية هي تلك التي تفرضها جهة الإدارة على المرفق العام الذي يدار بطريق الالتزام في حالة توقف المرفق كلياً أو جزئياً أو عدم قدرة الملتزم على إدارته أو ارتكابه مخالفات جسيمة تهدد سير المرفق وتجعل الملتزم غير أهل لإدارته، وفرض الحراسة في هذه الحالة حق قائم للجهة الإدارية سواء نص عليه في وثيقة الالتزام أم لا، إذ أن الحراسة الإدارية كجزاء تعتبر من الجزاءات التي تتولد عن عقد الالتزام استناداً إلى السلطة اللائحية التي للإدارة في العقود الإدارية ولو لم ينص على ذلك صراحة (المستشار إبراهيم – حراسات الطوارئ سنة1964).
– حراسة الطوارئ : وهي تلك التي تفرض استناداً إلى القرار بقانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ وتعتبر إجراء من إجراءات الأمن تلجأ إليه الدولة عقب إعلان حالة الطوارئ فيها، فقد أجازت الفقرة الرابعة من المادة الثالثة من القرار بقانون (معدلة بالقرار بقانون رقم 37 لسنة 1972) على أن لرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارئ تكليف أي شخص بتأدية أي عمل من الأعمال والاستيلاء على أي منقول أو عقار…الخ. وقد صدرت تشريعات عديدة تتعلق بحراسة الطوارئ منها القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 برفع الحراسة عن أموال وممتلكات بعض الأشخاص والقرار بقانون رقم 49 لسنة 1971 بتصفية الحراسة على أموال وممتلكات الأشخاص الخاضعين لأحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 برفع الحراسة عن أموال وممتلكات بعض الأشخاص، والقرار بقانون رقم 52 لسنة 1972 بتصفية الحراسات المفروضة طبقاً للقانون رقم 150 لسنة 1964 والقرار بقانون رقم 53 لسنة 1972 بتصفية الحراسات السابقة على القانون رقم 34 لسنة 1971 والقانون رقم 69 لسنة 1974 بإصدار قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة، والقرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة. وكان قد صدر القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب وبموجبه أصبح لا يجوز فرض الحراسة على أموال الأشخاص الطبيعيين إلا بحكم قضائي وفي الأحوال الواردة في هذا القانون ووفقاً للضوابط المنصوص عليها فيه (م1). ونصت مادته العاشرة على تشكيل المحكمة التي تختص بالفصل في دعاوى فرض الحراسة.
– حراسة التعبئة: ينظم هذه الحراسة القرار بقانون رقم 87 لسنة 1960 في شأن التعبئة العامة. وتعلن التعبئة العامة بقرار من رئيس الجمهورية في حالة توتر العلاقات الدولية أو قيام خطر الحرب أو نشوب حرب (م1). وللجهة الإدارية المختصة أن تصدر قراراً بكل أو بعض التدابير اللازمة للمجهود الحربي منها الاستيلاء على العقارات أو شغلها والاستيلاء على المحال العامة والمحال الصناعية والتجارية والاستيلاء على العمليات الخاصة بموضوع التزام مرفض عام أو على المحال التي تعمل لحساب الحكومة (م24 – رابعاً وخامساً وسادساً).
مكتب المستشار القانونى / أحمد سيد حسن
” المحامى بالنقض والدستورية والإدارية العليا “
محامى متخصص فى تأسيس الشركات الاجنبية فى مصر
(whats app ) واتس أب : 201220615243+
للتواصل : 201103004317+