You cannot copy content of this page
المقصود بالعمل الإجرائي الجنائي
– ليس من اليسير تأصيل نظرية عامة للإجراء الجنائي ، ذلك أن الإجراءات الجنائية متنوعة جداً من حيث الطبيعة القانونية ، ومن حيث الأشخاص الذين تصدر عنهم .
– فبعض الإجراءات الجنائية تعبير عن إرادة (كإبداء الطلب أو الدفع) وبعضها مجرد مصدر للمعلومات (كالإدلاء بالشهادة) أو (تقرير الخبير) .
وبعض الإجراءات الجنائية عرض لرأى ، كالحجج القانونية التي يدعم بها أطراف الدعوى طلباتهم أو دفوعهم .
والحكم إجراء ، وجوهره أنه إفصاح وإعمال لإرادة القانون .
– وبعض الإجراءات الجنائية يصدر عن أطراف الدعوى ، كالطلبات والدفوع ، وبعضها يصدر عن القاضي كالحكم ، وبعضها يصدر عن ليسوا من أطراف الدعوى ، كالشهود والخبراء .
– وعلى الرغم من هذا التنوع بين الإجراءات الجنائية ، فإنه يجمع بينها دورها القانوني ، وهذا الدور ذو وجهين :
فمن ناحية ، هى تتضامن لتتكون من مجموعها الدعوى .
– ومن ناحية ثانية ، فإن أثر أى إجراء هو خلق وضع إجرائي معين ، تتقدم به الدعوى خطوة نحو الحكم الفاصل في موضوعها ، ومن شأن هذا الوضع أن ينشئ لدى أطراف الدعوى أملا أو توقعا في أن يصدر القاضي حكمه على نحو معين .
– ولكن يجمع بين الإجراءات الجنائية كافة (وحدة الغاية) فهى على تنوعها تستهدف إنهاء الدعوى الجنائية بالحكم البات الفاصل فيها ، وهذه الوحدة في الغاية التي تشترك فيها جميع الإجراءات الجنائية هى الأساس الذي تقوم عليه (نظرية الإجراء الجنائي) .
– المقصود بالعمل الإجرائي الجنائي : –
هو العمل القانوني الذي يرتب القانون عليه مباشرة أثر في إنشاء الخصومة أو تعديلها أو انقضائها سواء كان داخل الخصومة أو ممداً لها .
أو بمعنى أدق هو عمل له دور قانوني في تحريك الدعوى وسيرها في مراحلها المتعاقبة .
– فالوقائع القانونية تنقسم إلى نوعين هما :-
1-وقائع طبيعية وهى التي تحدث بفعل الطبيعة ويترتب على وقوعها آثار قانونية كالمرض والجنون والوفاة .
2-وقائع إرادية وهى تنقسم بطبيعتها إلى نوعين :-
-أعمال قانونية وهى التي يرتب القانون على مجرد حصولها أثراً دون النظر إلى من قام بهذا العمل فالعبرة فقط هى بمجرد اتجاه الإرادة إلى الواقعة المكونة للعمل وليس للإرادة دخل في تحديد الآثار .
-تصرفات قانونية وهى أعمال إرادية أى أن الإرادة لها دخل كبير في تحديد الآثار المترتبة عليها .
ومن خلال هذا التقسيم يتبين لنا أن الأعمال الإجرائية هى أعمال قانونية بالمعنى الضيق لأنه يترتب على مجرد حدوثها آثار قانونية سواء إرادة من قام بهذا العمل أم لا ، وذلك كتحريك الدعوى الجنائية قبل متهم معين أمام القاضي .
الطبيعة الإجرائية للعمل الإجرائي : –
الأعمال الإجرائية كما قدمنا تترتب عليها آثار قانونية تتمثل هذه الآثار في نشوء الخصومة الجنائية أو سيرها أو تعديلها أو انقضائها فهى آثار إجرائية محضة.
أى أن العمل الإجرائي قد يكون من أعمال الخصومة أو من الأعمال الخارجة عنها لكنه في جميع الأحوال هو الهمل الذي يؤدي الى نشوء الخصومة أو سيرها أو تعديلها أو انقضائها
يشترط لصحة العمل الإجرائي نوعان من الشروط شروط شكلية وشروط موضوعية وهى التي تتعلق بالإرادة والأهلية الإجرائية والمحل والسبب .
فإذا توافر في العمل الإجرائي الشروط القانونية المتعلقة به سواء من الناحية الموضوعية أو من الناحية الشكلية كان صحيحا ومنتجا لآثاره القانونية .
أما إذا تخلف عن العمل الإجرائي شرط من الشروط القانونية فإنه يعتبر مخالفا للقانون ويخرج من محيط الأعمال الإجرائية الصحيحة ليندرج تحت الأعمال الإجرائية المعيبة لمخالفتها للقانون .
غير أن العيوب التي تصيب العمل الإجرائي نتيجة مخالفته للشروط القانونية ليست على مستوى واحد من حيث الآثار التي ترتبها ، وإنما تتوقف هذه الآثار على درجة المخالفة القانونية التي تبدأ من أدنى الدرجات وهى المخالفة البسيطة والتي تدمغ العمل الإجرائي بوصف الإخلال وتنتهي بالمخالفة الجسيمة التي تعدم الوجود القانونية للإجراء ذاته .
وما بين الإخلال البسيط والانعدام توجد درجات متفاوتة من المخالفة القانونية تأخذ في بعضها صورة البطلان المطلق وفي البعض الآخر صورة البطلان النسبي .
أن العيوب الإجرائية التي تصيب العمل الإجرائي تختلف من حيث الأثر القانوني المترتب عليها ، فالمشرع لم يرتب جزاء إجرائيا واحدا في جميع الأحوال التي يصاب فيها العمل الإجرائي بعيب نتيجة عدم مراعاة الشروط القانونية ، فقد فرق المشرع بين الخلل البسيط الذي يصيب العمل الإجرائي من ناحية وبين حالات بطلان أو انعدام العمل الإجرائي وباقي الجزاءات الإجرائية من ناحية أخرى ، ولم يرتب جزاء إجرائيا على الخلل البسيط على حين نظم الأثر المترتب على البطلان واعتد بتوافره بالنسبة للإجراء ذاته وغيره من الإجراءات السابقة واللاحقة عليه . أما الانعدام فقد تركه المشرع للفقه والقضاء لاستخلاص أحكامه وقواعده والآثار المترتبة عليه .
وسوف نوضح فيما يلي المقصود بالبطلان والفرق بينه وبين غيره من الجزاءات الإجرائية .