You cannot copy content of this page
مذاهب البطلان الجنائى
أولا : مذهب البطلان القانونى : –
مؤدى هذا المذهب أنه لا بطلان بدون نص قانوني يقرره . فالمشرع نفسه ، لا سواه ، هو الذي يرتب بطلان العمل الإجرائي وفقا لما يراه من اعتبارات ، وبالنظر الى ما يستهدفه من خلال الإجراء من غايات . (سليمان عبد المنعم ص156 ، مرجع سابق)
ومن ثم لا يجوز للقاضي أن يقرر البطلان جزاء لمخالفة قاعدة لم يقرر الشارع لها الجزاء ، كما لا يجوز له أن يمتنع عن تقرير البطلان حيث يكون الشارع قد قرره .
ويتميز هذا المذهب بالضبط والتحديد فلا مجال فيه للخلاف في الرأى حول نصيب الإجراء من الصحة أو البطلان ، فقد استبعد الشارع ابتداء السلطة التقديرية للقاضي في هذا الشأن ، ولكن عيب هذا المذهب هو استحالة أن يحصر الشارع الحالات التي يتعين أن يقضي فيها بالبطلان ، فيتبين عند تطبيق القانون أن القائمة التي حاول الشارع أن يحصر فيها حالات البطلان ناقصة ، وأن ثمة حالات يقتضب المنطق القانوني والمصلحة الاجتماعية تقرير البطلان فيها ، فلا يجد القاضي الوسيلة الى ذلك ، هذا بالإضافة الى أن القانون قد يقرر البطلان في حالة ، ولكن يتبين للقاضي – بالنظر الى الظروف الواقعية لهذه الحالة – أنه لا مقتض لهذا البطلان ، وأن ثمة جزاء أقل منه يمكن الاكتفاء به .
( محمود نجيب حسني ، مرجع سابق ص258)
موقف المشرع المصري من هذا المذهب :
فقد حرص المشرع المصري أن ينص صراحة على بطلان بعض المخالفات الإجرائية والتي اعتبر البطلان الذي يلحقها متعلقا بالنظام العام ، وفي هذا تنص المادة 332 أ.ج مصري على أنه ” إذا كان البطلان راجعا لعدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بتشكيل المحكمة أو بولايتها في الحكم في الدعوى أو باختصاصها من حيث نوع الجريمة المعروضة عليها أو بغير ذلك مما هو متعلق بالنظام العام ، جاز التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى ، وتقضي به المحكمة ولو بغير طلب .
(سليمان عبد المنعم ، مرجع سابق)
ثانيآ : مذهب البطلان الذاتى : –
مؤدى هذا المذهب أن الحكم ببطلان إجراء ما ليس متوقفا بالضرورة على النص القانوني الذي يقرر البطلان ، ولكن للقضاء سلطة تقديرية في الحكم ببطلان الإجراء إذا خالف قاعدة جوهرية من قواعد قانون الإجراءات ، وعدم الحكم به إذا حدثت المخالفة لقاعدة غير جوهرية .
فهذا المذهب يقر بعدم إمكان حصر أحوال البطلان مقدما ولذلك يترك الأمر للقضاء حتى يقدر مدى جسامة المخالفة بدلا من أن يكون طوعا لنصوص جامدة .
يتبين إذاً أن ميزة هذا المذهب هى المرونة وقياس الجزاء على قدر أهمية القاعدة وجسامة المخالفة ، بالإضافة الى ما ينطوي عليه من ثقة في القضاء واعتراف به بسلطة تقديرية ، وما يؤدي إليه تطبيقه من تفادي احتمال تعطيل سير الدعوى وفرار المجرم من العقاب ، ولكن عيب هذا المذهب هو صعوبة التمييز بين القواعد الجوهرية والقواعد غير الجوهرية ، واحتمال اختلاف الآراء في شأنه ، وعدم استطاعة القطع مقدما بما إذا كان القاضي سينطق بالبطلان أم لن ينطق به ، مما يعني نوعا من الغموض يحيط بتطور الدعوى ومصيرها . (محمود نجيب حسني ، مرجع سابق)
موقف المشرع المصري من هذا المذهب :
فقد ميز الشارع بين مخالفة القواعد الإجرائية الجوهرية ومخالفة القواعد الإجرائية غير الجوهرية (أو الإرشادية) وجعل البطلان جزاء أولى دون الثانية ، فنص في المادة 331 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه ” يترتب البطلان على عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بأى إجراء جوهري ” .
ثالثآ : مذهب البطلان الشكلى : –
مؤدى هذا المذهب أن البطلان يقع نتيجة مخالفة جميع قواعد الإجراءات الجنائية التي تنظم إجراءات الخصومة الجنائية .
أى أن هذا المذهب يعتبر كل مخالفة لأى قاعدة إجرائية ترتب البطلان . فالقواعد الإجرائية إذن كلها سواء ، وعلى نفس الدرجة من الأهمية . ولا حاجة إذن لأن ينص المشرع بنفسه على حالات البطلان . فعلى القضاء أن يبطل من تلقاء نفسه أى إجراء يثبت أنه اتخذ بالمخالفة لقاعدة إجرائية أيا ما كانت طبيعة هذه القاعدة ، أو أهميتها . (سليمان عبد المنعم ، مرجع سابق)