You cannot copy content of this page
موانع المسئولية الجنائية وفقآ لقانون العقوبات المصرى " أهلية الاسناد "
الفصل الأول : امتناع المسئولية الجنائية بسبب سن المتهم " امتناع المسئولية الجنائية لانعدام الإرادة "
صغر سن المتهم هو التطبيق الأول لموانع المسئولية الجنائية الناشئة عن انعدام الوعي :
في تحديد المقصود بصغر السن كمانع للمسئولية الجنائية يمكنا القول بأن لما كان قوام المسئولية الجنائية يتمثل في الوعي والإدراك ، فإن الوعي يعني قدرة الشخص عي فهم حقيقة أفعاله وتمييز ما هو مباح مما هو محظور ولا شك في ارتباط الوعي ببلوغ الإنسان سناً معيناً . فإنسان لا يولد متمتعاً دفعة واحدة بملكة الوعي أو التمييز بل تنمو هذه الملكة بقدر ما يشب وينمو . وتنعدم هذه الملكة كلية في السنوات الأولي وهي المسماة بمرحلة الطفولة ، ثم تنمو ملكة الوعي بتقدم السن ، وإن ظلت منقوصة في مرحلتي الطفولة المتأخرة والمراهقة . ولهذا فإن الطفل الذي يرتكب فعلاً يعد جريمة يتخلف حكم المسئولية عنها بحسب المرحلة السنية التي يمر بها .(1)
وقد أخضع المشرع الأطفال لقانون خاص هو قانون الطفل . القانون رقم 31 لسنة 1996 ويمكن القول بأن الحدث أو الطفل يمر بأربع مراحل سنية تختلف عما يقع من جرائم بحسب كل مرحلة .
المسئولية الجنائية فيما دون سن السابعة : –
في هذه المرحلة العمرية يكون الطفل عديم المسئولية الجنائية ، فلا يسأل جنائياً عما يقع منه من جرائم أيا كانت هذه الجرائم وأيا كان مقدار خطورتها .
إذ تنص المادة 94 من قانون الطفل 12 لسنة 1996 علي أنه : تمتنع المسئولية الجنائية على الطفل الذي لم يبلغ من العمر سبع سنين كاملة .
ومؤدي امتناع المسئولية الجنائية للطفل – خلال هذه المرحلة العمرية التي أشار إليها النص – عدم إمكان رفع الدعوى الجنائية عليه بهدف توقيع عقوبة جنائية ، ولا يخالف ذلك إمكان إخضاع هذا الطفل لتدبير احترازى مناسب إذا كان ما آتاه ينم عن تعرضه للانحراف بما يشكف عن خطورة إجرامية .
والتساؤل : –
متي يعد الطفل – خلال هذه المرحلة العمرية – معرضاً للانحراف ..؟
تجيب المادة رقم 96 من قانون الطفل 12 لسنة 1996 نصاً : يعتبر الطفل معرضا للانحراف في أي من الحالات الآتية : –
1 – إذا وجد متسولا، ويعد من أعمال التسول عرض سلع أو خدمات تافهة أو القيام بألعاب بهلوانية وغير ذلك مما لا يصلح موردا جديا للعيش.
2- إذا مارس جمع أعقاب السجاير أو غيرها من الفضلات أو المهملات.
3- إذا قام بأعمال تتصل بالدعارة أو الفسق أو بإفساد الأخلاق أو القمار أو المخدرات أو نحوها أو بخدمة من يقومون بها.
4- إذا لم يكن له محل إقامة مستقر أو كان يبيت عادة في الطرقات أو في أماكن أخري غير معدة للإقامة أو المبيت.
5- إذا خالط المعرضين للانحراف أو المشتبه فيهم أو الذين اشتهر عنهم سوء السيرة.
6 – إذا اعتاد الهروب من معاهد التعليم أو التدريب.
7 – إذا كان سيئ السلوك ومارقا من سلطة أبيه أو وليه أو وصيه أو من سلطة أمه في حالة وفاة وليه أو غيابه أو عدم أهليته، ولا يجوز في هذه الحالة اتخاذ أي إجراء قبل الطفل ولو كان من إجراءات الاستدلال إلا بناء علي إذن من أبيه أو وليه أو وصيه أو أمه بحسب الأحوال.
8 – إذا لم يكن له وسيلة مشروعة للتعيش ولا عائل مؤتمن.
وتضيف المادة رقم 97 من قانون الطفل 12 لسنة 1996 نصاً : يعتبر معرضا للانحراف الطفل الذي تقل سنة عن السابعة إذا توافرت فيه إحدى الحالات المحددة في المادة السابقة أو إذا حدثت منه واقعة تشكل جناية أو جنحة.
كما تضيف المادة رقم 99 من قانون الطفل 12 لسنة 1996 نصاً : – يعتبر الطفل معرضا للانحراف إذا كان مصابا بمرض عقلي أو نفسي أو ضعف عقلي وأثبتت الملاحظة – وفقا للإجراءات والأوضاع المبينة في القانون – أنه فاقد كليا أو جزئيا القدرة علي الإدراك أو الاختيار بحيث يخشى منه علي سلامته أو سلامة الغير، وفي هذه الحالة يودع أحد المستشفيات المتخصصة وفقا للإجراءات التي ينظمها القانون.
المسئولية الجنائية ما بين سن السابعة والخامسة عشر : –
خلال هذه المرحلة العمرية لا يمكن أن يوقع علي الطفل أي عقوبة جنائية عادية ، ونعين العقوبات التي حددها قانون العقوبات ، فطباً للمادة 9 من قانون العقوبات فالجرائم ثلاث أنواع . الأول :الجنايات . الثاني : الجنح . الثالث :المخالفات.
وطبقاً للمادة 10 من قانون العقوبات : الجنايات هي الجرائم المعاقب عليها بالعقوبات الآتية :-
– الإعدام .
– السجن المؤبد .
– السجن المشدد .
– السجن.
وطبقاً للمادة 11 من عقوبات : الجنح هي الجرائم المعاقب عليها بالعقوبات الآتية :
– الحبس.
– الغرامة التى يزيد أقصى مقدار لها على مائة جنية.
وطبقاً للمادة رقم 12 من قانون العقوبات : المخالفات هي الجرائم المعاقب عليها بالغرامة التى لا يزيد أقصى مقدار لها على مائة جنية.
طبقاً لطبقاً لصريح نص المادة 101 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 : يحكم علي الطفل الذي لم يبلغ سنه خمس عشرة سنة – إذا ارتكب جريمة – بأحد التدابير الآتية :
1- التوبيخ.
2- التسليم.
3- الإلحاق بالتدريب المهني.
4- الإلزام بواجبات معينة.
5- الاختبار القضائي.
6- الإيداع في إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية.
7- الإيداع في أحد المستشفيات الخاصة.
وعدا المصادرة وإغلاق المحال لا يحكم علي هذا الطفل بأي عقوبة أو تدبير منصوص عليه في قانون آخر.
– المسئولية الجنائية ما بين سن الخامسة عشر والسادسة عشر : –
خلال هذه المرحلة العمرية يعد الطفل مسئول جنائياً ، لكنها مسئولية جنائية غير كاملة أو مخففة علي حد تعبير جانب من الفقه ، ومؤدي الإقرار بالمسئولية الجنائية هنا مع التسليم بأنها خاصة أو مخففة أنه يجوز إقامة الدعوى الجنائية ضده كما يجوز الحكم عليه ونعني في حالة الإدانة ، فتنص المادة 111 من قانون الطفل 12 لسنة 1996 علي أنه : مع مراعاة حكم الفقرة الأخيرة من المادة 112 من هذا القانون ، إذا ارتكب الطفل الذي بلغت سنه خمس عشرة سنة ولم تبلغ ست عشرة سنة جريمة عقوبتها الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة يحكم عليه بالسجن، وإذا كانت الجريمة عقوبتها السجن يحكم عليه بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة شهور.
ويجوز للمحكمة بدلا من الحكم علي الطفل بعقوبة الحبس أن تحكم بإيداعه إحدى المؤسسات الاجتماعية مدة لا تقل عن سنة طبقا لأحكام هذا القانون.
أما إذا ارتكب الطفل جنحة يجوز الحكم فيها بالحبس فللمحكمة بدلا من الحكم بالعقوبة المقررة لها أن تحكم بأحد التدبيرين الخامس أو السادس المنصوص عليهما في المادة 101 من هذا القانون.
وقد أحال نص المادة 111 من قانون الطفل 12 لسنة 1996 إلي نص المادة 112 من ذات القانون وهو نص هام الأمر الذي نري إيراده معلقاً عليه .
تنص المادة 112 من قانون الطفل 12 لسنة 1996 علي أنه : لا يحكم بالإعدام ولا بالسجن المؤبدة أو المشدد علي المتهم الذي زاد سنه علي عشرة سنة ميلادية ، ولم يبلغ الثامنة عشر سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة.
وفي هذه الحالة إذا ارتكب المتهم جريمة عقوبتها الإعدام يحكم عليه بالسجن لمدة لا تقل عن عشر سنوات، وإذا كانت الجريمة عقوبتها السجن المؤبد يحكم عليه بالسجن الذي لا تقل مدته عن سبع سنوات وإذا كانت الجريمة عقوبتها السجن المشدد يحكم عليه بالسجن.
ولا تخل الأحكام السابقة بسلطة المحكمة في تطبيق أحكام المادة 17 من قانون العقوبات في الحدود المسموح بتطبيقها قانونا علي الجريمة التي وقعت من المتهم.
فيراعي ؛
– عدم جواز الحكم بإعدام الطفل ، وهو الأمر الذي آثار لغطاً كبيراً في القضايا الخاصة بالقتل التي يتهم فيها شخص هو طبقاً للقانون طفل وطالب نفر غير قليل بتعديل سن الطفولة في القضايا الخطرة بتنزيله من 18 سنة إلي 15 سنة وهو ما نراه صائباً .
– جواز تطبيق نص المادة 17 من قانون العقوبات وهي المادة الخاصة باستعمال محكمة الموضوع للرأفة وحقها في إبدال العقوبة (2)
– المسئولية الجنائية ما بين سن السادسة عشر والثامنة عشر : –
هذه المرحلة العمرية استحدثها قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 وطبقاً للمادة 112 من هذا القانون والتي تحكم المسئولية الجنائية هنا فإنه : لا يحكم بالإعدام ولا بالسجن المؤبدة أو المشدد علي المتهم الذي زاد سنه علي عشرة سنة ميلادية ، ولم يبلغ الثامنة عشر سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة.
وفي هذه الحالة إذا ارتكب المتهم جريمة عقوبتها الإعدام يحكم عليه بالسجن لمدة لا تقل عن عشر سنوات، وإذا كانت الجريمة عقوبتها السجن المؤبد يحكم عليه بالسجن الذي لا تقل مدته عن سبع سنوات وإذا كانت الجريمة عقوبتها السجن المشدد يحكم عليه بالسجن.
ولا تخل الأحكام السابقة بسلطة المحكمة في تطبيق أحكام المادة 17 من قانون العقوبات في الحدود المسموح بتطبيقها قانونا علي الجريمة التي وقعت من المتهم.
____________________
(1) د. سليمان عبد المنعم – المرجع السابق – ص 663 وما بعدها .
(2) تنص المادة 17 من قانون العقوبات علي أنه : يجوز فى مواد الجنايات إذا اقتضت أحوال الجريمة المقامة من اجلها الدعوى العمومية رأفة القضاء تبديل العقوبة على عقوبة الإعدام بعقوبة السجن المؤبد أو السجن المشدد .
عقوبة السجن المؤبد بعقوبة السجن المشدد أو السجن .
عقوبة السجن المشدد بعقوبة السجن أو الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ستة شهور.
عقوبة السجن بعقوبة الحبس التى لا يجوز أن تنقص عن ثلاثة شهور.
الفصل الثاني : امتناع المسئولية الجنائية بسبب الجنون " امتناع المسئولية الجنائية لانعدام الإرادة "
– الجنون هو التطبيق الثاني لموانع المسئولية الجنائية الناشئة عن انعدام الوعي : –
تنص المادة 62 من قانون العقوبات علي أنه : لا عقاب علي من يكون فاقد الشعور أو الاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل ، إما لجنون أو عاهة في العقل .
وإما لغيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أيا كان نوعها إذا أخذها قهرا عنه أو علي غير علم منه بها.
المقصود بالجنون الذي يرفع المسئولية الجنائية : –
الجنون هو فقدان الشخص لملكاته العقلية علي نحو يترتب عليه تجرده من الوعي والقدرة علي التمييز ، فجوهر الجنون فقدان الوعي وهو ما ترتفع بسببه المسئولية الجنائية عن المجنون ، وللجنون في حقيقة الحال معنيان ، يقصد بالجنون في معناه الخاص اضطراب في القوى العقلية بعد تمام نموها ، يؤدي إلي اختلاف المصابين به في تصوراتهم وتقديراتهم عن العقلاء . وينشأ هذا الجنون عن أسباب متعددة ، كالإدمان علي المخدرات أو الشهوات ، أو نتيجة لصدمة عنيفة في الحياة ، أو لشدة الانشغال بأمر معين ، وما إلي ذلك . وهذا النوع من الجنون قد يكون مستمرا ، وقد يكون متقطعا يأتي في فترات مختلفة تعقبها فترات إفاقة . ولا يثير الجنون المستمر صعوبة ، فهو يمنع الأهلية وقيام المسئولية ، وكذلك الشأن بالنسبة للجنون المتقطع متى كان معاصرا للجريمة . ولكن الخلاف يقوم في هذه الحالة الأخيرة إذا ارتكبت الجريمة في فترة الإفاقة ، والراجح – متى ثبت ذلك – أن الفاعل يكون مسئولا ، وإن كانت حالته تدعو القضاء إلي الرأفة به.
علي أن الجنون بمعناه العام يشمل العته أيضا ، وهو عدم تمام نمو المدارك أي القـوى العقليـة. ويبحث العلمـاء في هذا الصدد نوعا من الجنون يطلق عليه ” الجنون الخلقي” وهو ما يجمع فيه الشخص بين النقص في ملكاته الذهنية والنقص بالشعور الخلقي أو الاجتماعي ، ولا نزاع في أن المسئولية الجنائية تنعدم في هذه الحالة متى كان إدراك الفاعل منعدما وقت ارتكاب الجريمة . ويجب الاحتراس لعدم الخلط بين هذه الطائفة وطائفة أخرى يتمتع أفرادها بقواهم العقلية كاملة ولكنهم يتميزون بميل شديد إلي الإجرام إلي حد اعتبارهم له هواية ، وذلك تحت تأثير انعدام الشعور بالخلق الطيب.
– العاهة العقلية وهل تعد في حكم الجنون فلا مسئولية جنائية ؛
ساوى المشرع بين الجنون والعاهة العقلية واعتبر أن أيا منهما يتحقق به امتنع المسئولية الجنائية ، وهذا يعني اختلاف مفهوم العاهة العقلية عن الجنون ، وقد أحسن المشرع بذلك لأن الجنون له معني طبي يتعلق بالمخ ، ومعني آخر يتعلق بالجهاز العصبي أو إضطرابات الصحة النفسية ، والمشرع آثر الإفصاح عن الجنون في معناه القانوني عي نحو يشمل كافة صور اضطراب القوى الذهنية لدي الشخص بما يفقده التمييز وحرية الاختيار ، يستوي أن يكون ذلك راجعاً إلي فقد التمييز أو الاختيار راجعاً لمرض يصيب المخ أو خلل في الجهاز العصي .
ومن ذلك الصرع وقد يصطحب بأعراض خارجية تتمثل في نوبات يفقد فيها المريض رشده ، وقد لا يصطحب بأعراض خارجية ، ويسمى بصرع الفكر وهو يمحو الذاكرة أو يضعفها إلي أدني حد ، وقد يندفع المريض أثناء النوبة إلي ارتكاب جريمة ولكنه لا يسأل عنها . ويختلف الصرع عن الهستيريا ، وهي لا تعدم الشعور كلية في معظم الأحوال ، فتكون سببا للتخفيف فقط ، وذلك ما لم تنقلب إلي نوع من الجنون ، فعندئذ لا تقوم المسئولية . ويدخل تحت العاهات العقلية حالة اليقظة النومية ، فالمصاب بها يقوم من نومه ويأتي أفعالا مختلفة قد يكون من بينها جرائم ، وعندئذ لا يكون مسئولا . كما يدخل فيها كذلك حالة ازدواج الشخصية ، فلا مسئولية علي من يرتكب الجريمة وقت تقمص الشخصية العارضة. ومن المسائل التي يثار الجدل فيها حالة التنويم المغناطيسي ، والخلاف منحصر في مدي سيطرة المنوم علي النائم ، وهل في استطاعة الأول أن يؤثر علي الثاني فيدفعه إلي ارتكاب الجرائم علي غير إرادته. وعلي أية حال إذا أثبت العلم أن ذلك في الإمكان فإن مسئولية النائم لا تقوم ، لا علي أساس عاهة عقلية لديه ، وإنما بسبب الإكراه المادي الواقع من المنوم والذي يعدم إرادة النائم كلية.
– لامتناع المسئولية الجنائية جب أن يكون الجنون تاماً ؛
يجب أن يكون الجنون تاما أي أن يكون المرض من الجسامة بحيث يعدم الشعور أو الإدراك كلية. والملاحظ أن المشرع المصري يتكلم علي انعدام الأهلية فقط ، أي علي فقد الشعور أو الإدراك كلية ، ولا يتكلم علي حالة نقص الأهلية . فمن الناس من يصاب باضطراب عقلي ينقص من إدراكه ، بحيث لا يتأتى حسبانه بين العقلاء ولا بين المجانين ، فمثل هذا الشخص يعد مسئولا ، ولكن العدالة تقضي بتخفيف مسئوليته . ومن القوانين ما ينص علي هذا صراحة ، كالقانون الإيطالي ، وفي نفس المعني المشروع الفرنسي ، والمشرع الألماني. وليس في القانون المصري نص من هذا القبيل ، ولكن هذا لا يعني أن المشرع المصري يسوي في الحكم بين العقلاء وأنصاف المجانين ، فهو قد جعل من الجنون مانعا مطلقا من إسناد الفعل ، وترك حالة الإسناد النسبي لتقدير القضاء ، يطبق عليها المادة 17 عقوبات ، فيصل إلي عقوبة تتناسب وحال الفاعل من حيث الإدراك.
علي أنه يجب عدم الخلط بين هذه الحالة وحالة الجنون الجزئي الذي ينبني عليه إسناد جزئي ، وفيه يكون الشخص سليم القوى العقلية ، فيما عدا ناحية خاصة ، فيجد ميلا شديدا لإتيان أفعال إجرامية بعينها كالسرقة والحريق والأفعال المنافية للحياء أو الماسة بالعرض والراجح لدى الفقهاء أن الجنون يعد كاملا في الناحية الخاصة ، فلا يعد الفاعل مسئولا عن الجرائم التي يرتكبها تحت تأثير العلة العقلية الخاصة ، ويكون مسئولا عن أفعاله الأخرى لأنه يرتكبها وهو غير خاضع لتأثير أي اضطراب عقلي. بل إن من الفقهاء من يرى أن مسئولية الفاعل عن النوع الأخير لا تكون كاملة ، وإنما مخففة ، كما في حالـة أنصـاف المجانين ، إذ لا يعقل أن يكون إدراك هذا الشخص كـإدراك العقلاء.
– لامتناع المسئولية الجنائية جب أن يكون الجنون معاصراً لزمن ارتكاب الجريمة ؛
يجب أن يكون الجنون وما إليه معاصرا لوقت ارتكاب الجريمة ، وسيان كان جنونا مستمرا أو جنونا متقطعا ، فالفعل قد ارتكب تحت تأثير عاهة عقلية علي كل حال. ولا يثير هذا الشرط صعوبة بالنسبة للجريمة الوقتية ، ولكنه يقتضي إيضاحا بشأن الجرائم الأخرى. ففي جرائم الاعتياد ، لا يحسب في تكوين العادة سوي الأفعال التي يأتيها الشخص وهو محتفظ بإدراكه وحريته في الاختيار ، وفي الجرائم المستمرة لا يعفي من المسئولية إلا إذا كان تحت تأثير العلة العقلية في مدة الاستمرار كلها ، أما إذا استرجع قواه العقلية في جزء من هذه المدة كان مسئولا ، وفي الجرائم المتتابعة أي التي تكون سلسلة في مشروع إجرامي واحد يكون الإعفاء قاصرا علي ما ارتكب منها تحت تأثير العلة العقلية ، أما الجنون الذي يحدث بعد ارتكاب الجريمة فلا تأثير له علي المسئولية ، وإنما يستتبع إجراءات معينة.
وهناك ما يعرف بالجنون الطارئ وهو ما يكون بعد وقوع الجريمة ، والقاعدة أنه لا يكون للجنون الطارئ بعد ارتكاب الجريمة من أثر في المسئولية الجنائية. ويقتصر أثره في هذه الحالة علي إجراءات الدعوى إذا طرأ في أثنائها أو علي تنفيذ العقوبة إذا حدث بعد الحكم النهائي ، ويكون بوقف الإجراءات أو وقف تنفيذ العقوبة.
والتساؤل : هل يمكن وقف الدعوى الجنائية حينئذ …؟
تنص المادة 339 فقرة 1 من قانون الإجراءات الجنائية علي أنه ” إذا ثبت أن المتهم غير قادر علي الدفاع عن نفسه بسبب عاهة في عقله طرأت بعد وقوع الجريمة يوقف رفع الدعوى عليه أو محاكمته حتى يعود إليه رشده “.
إذن يجب وقف الدعوى الجنائية . ويترتب علي وقف الإجراءات أن تقف جميع المواعيد ، كمواعيد الطعن في الأحكام ، فلو حدثت العاهة بعد الحكم الابتدائي يقف سريان ميعاد الاستئناف حتى يعود إلي المتهم رشده فيكون له أن يستأنف في خلال المدة الباقية من الميعاد. علي أن الوقف لا يشمل جميع الإجراءات ، فتنص المادة 340 من قانون الإجراءات الجنائية علي أن إيقاف الدعوى لا يحول دون اتخاذ إجراءات التحقيق التي يرى أنها مستعجلة أو لازمة. والمقصود بذلك الإجراءات غير المتصلة بشخص المتهم والتي قد لا تتحقق الفائدة منها إذا أجلت حتى يعود للمتهم رشده ، كالمعاينة وانتداب الخبراء والتفتيش وســؤال الشهـود وفيمـا يتعلـق بوقف تنفيذ العقوبـة ، تنص المادة 487 أ. ج علي أنه ” إذا أصيب المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية بجنون وجب تأجيل تنفيذ العقوبة حتى يبرأ ، ويجوز للنيابة العامة أن تأمر بوضعه في أحد المحال المعدة للأمراض العقلية ، وفي هذه الحالة تستنزل المدة التي يقضيها في هذا المحل من مدة العقوبة المحكوم بها ” . ذلك لأن العقوبة المقيدة للحرية لا يتحقق الغرض منها من حيث الزجر في هذه الحالة ، فإذا استرد المحكوم عليه رشده نفذت العقوبة.
وقد كانت المادة 476/1 من قانون الإجراءات الجنائية تنص علي أنه ” إذا أصيب المحكوم عليه بالإعدام بجنون يوقف تنفيذ الحكم عليه ويوضع في أحد المحال المعدة للأمراض العقلية بالمكان المخصص للمسجونين بناء علي أمر من النيابة حتى يبرأ “. وقد ألغى هذا النص بمقتضى المرسوم بقانون رقم 116 لسنة 1952 ، ذلك أن عقوبة الإعدام عقوبة استئصال لا وجه لإيقاف تنفيذها علي المجنون ، لأن الجنون لا يتعارض مع تحقيق الغرض منه.
أما العقوبات المالية فلا توقف ، لأن تنفيذها لا يقتضي إجراء ضد شخص المحكوم عليه ، ومنها ما لا يستلزم تنفيذه إجراء كالمصادرة لأن الشيء لا يصادر إلا إذا كان مضبوطا ، وحكم الغرامة إذا أصبح نهائيا صار دينا متعلقا بذمة المحكوم عليه يستوفي منه بوسائل استيفاء الديون العادية. علي أنه لا يجوز تنفيذ الغرامة علي المجنون بطريق الإكراه البدني (انظر المادتين 513 و487 من قانون الإجراءات الجنائية) ، ذلك أن الإكراه البدني إذا نظر إليه علي أنه عقوبة فحكمه يكون كالعقوبات المقيدة للحرية ، وهو يكون فعلا بالحبس البسيط ، وإذا نظر إليه علي أنه وسيلة لإكراه المحكوم عليه علي دفع الغرامة فهو وسيلة غير مجدية في حق المجنون .
والتساؤل : عن التدابير التي تتخذ حينئذ …؟
إذا لم يرتكب المجنون جريمة يكون حجزه بالطريق الإداري . وقد نظم ذلك القانون رقم 141 لسنة 1944 ، كما نظم الإشراف والرقابة علي المحال المعدة لإيداع المجانين.
فنصت المادة الأولي منه علي إنشاء مجلس مراقبة للأمراض العقلية يختص بالنظر في حجز المصابين بأمراض عقلية والإفراج عنهم وفي الترخيص بالمستشفيات المعدة لهم والتفتيش عليها . ونصت المادة الرابعة من هذا القانون علي أنه ” لا يجوز حجز مصاب بمرض في قواه العقلية إلا إذا كان من شأن هذا المرض أن يخل بالأمن أو النظام العام أو يخشى منه علي سلامة المريض أو سلامة الغير ..”.
أما إذا ارتكب المجنون جريمة فإن المادة 342 أ. ج تنص علي أنه ” إذا صدر أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى ، أو حكم ببراءة المتهم , وكان ذلك بسبب عاهة في عقله , تأمر الجهة التي أصدرت الأمر أو الحكم ، إذا كانت الواقعة جناية أو جنحة عقوبتها الحبس ، بحجز المتهم في أحد المحال المعدة للأمراض العقلية إلي أن تأمر الجهة التي أصدرت الأمر أو الحكم بالإفراج عنه وذلك بعد الإطلاع علي تقرير مدير المحل وسماع أقوال النيابة العامة وإجراء ما تراه لازما للتثبت من أن المتهم قد عاد إلي رشده “. وإخلاء سبيل المجنون موقوت بشفائه ، ويصدر الأمر بذلك من السلطة الإدارية ، لأن السلطة القضائية تستنفد سلطتها بالقرار بالأوجه أو بالحكم بالبراءة.
– لامتناع المسئولية الجنائية يجب أن يكون الجنون ثابتاً ؛
من الطبيعي أنه لا يمكن الحديث عن امتناع المسؤولية الجنائية للجنون إلا بثبوت الجنون فعلاً ، وهي مسألة واقع لا قانون أي لا رقابة لمحكمة النقض ، فمحكمة الموضوع هي الخبير الأعلى في كل ما يستدعي خبرة فنية ، فلها أن تتحقق بنفسها من توافر الجنون أو عاهة العقل . ويكون حكمها مسببا تسبيبا كافيا إذا قالت إنها قد استبانت أن المتهم كان فاقد الإدراك أو الشعور وقت ارتكاب الفعل ، ولو لم تدخل المرض تحت وصف من الأوصاف المتعارف عليها في العلم الطبي. فهي ليست ملزمة قانونا بندب خبير ، إذا رأت أن ما لديها من الأدلة والقرائن يكفي للحكم علي حالة المتهم العقلية . ولكن العمل قد جرى في الحالات المشتبه فيها علي ندب الأخصائيين ، ورأي هؤلاء استشاري بحت لا تلتزم به المحكمة ، فمتى ذكرت في حكمها أنها استبانت حالت المتهم العقلية ، بما تجمع لديها من أدلة في الدعوى ، كان حكمها صحيحا ، ولو خالفت به رأي الخبراء. وإذا دفع المتهم بالجنون فلا يجوز لها أن تستند في إثبات عدم جنونه إلي أنه لم يقدم دليلا عليه ، بل إن من واجبها هي أن تتثبت من أنه لم يكن مجنونا وقت ارتكاب الحادث ولا تطالبه هو بإقامة الدليل علي دعواه . كما لا يصح الاعتماد علي أن من يدعى الجنون لم يبد أنه مجنون في الوقت المناسب أثناء المحاكمة ، لأن ذلك لا يصح الاستدلال به إلا في حق من لم يطعن في سلامة عقله.
– الجنون والعاهة العقلية وامتناع المسئولية الجنائية طبقاً لقضاء محكمة النقض ؛
المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية قانونا هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك أما سائر الأمراض والأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سببا لانعدام المسئولية ولما كانت المحكمة غير ملزمة بندب خبير فني في الدعوى تحديدا لمدى تأثير مرض المتهم علي مسئوليته الجنائية إلا فيما يتعلق بالمسائل الفنية البحتة التي يتعذر عليها تقديرها إذ أن تقدير حالة المتهم العقلية ومدى تأثيرها علي مسئوليته الجنائية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى – في قضاء سليم لا مخالفة فيه للقانون إلي أن نوع المرض الذي يدعيه الطاعن – علي فرض ثبوته لا يؤثر في سلامة علقه وصحة إدراكه وتتوافر معه مسئوليته الجنائية عن الفعل الذي وقع منه فإن النعي علي الحكم بمخالفة القانون والإخلال بحق الطاعن في الدفاع يكون غير سديد.
(نقض 26/3/1963 طعن 3 سنة 33ق ، السنة 14 ص254)
الحالات النفسية ليست في الأصل من حالات موانع العقاب كالجنون والعاهة في العقل اللذين يجعلان الجاني فاقد الشعور والاختيار في عمله وقت ارتكاب الجريمة وفقا لنص المادة 62 من قانون العقوبات وقد جرى قضاء محكمة النقض علي أن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة في العقل وتنعدم به المسئولية الجنائية قانونا هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك أما سائر الأمراض والأحوال
النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سببا لانعدام المسئولية.
(نقض 12/3/1972 طعن 117 سنة 42 ق ، س23 ص357)
توجب المادة 342 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1962 علي المحكمة – في حالة الحكم ببراءة متهم بجناية أو جنحة عقوبتها الحبس بسبب عاهة في عقله – أن تأمر بحجزه في أحد المحال المعدة للأمراض العقلية ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أثبت في حق المطعون ضده جريمة القتل العمد انتهى إلي تبرئته منها بسبب عاهة في عقله وقت ارتكابها دون أن تصدر المحكمة أمرا بحجز المتهم في أحد المحال المعدة للأمراض العقلية فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه وتصحيحه وفق القانون.
( نقض 20/3/1972 طعن 122 سنة 42ق – السنة 23 ص445)
سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصا – مادام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلا مع هذا الاستنتاج . ومتى كان الحكم قد استظهر ظرف سبق الإصرار – في قوله ” أن العمد وسبق الإصرار متوافران في حق المتهمين من ذلك التخطيط والتدبير واحتساء الثاني والثالث للخمر حتى يفقدا شعورهما ويقوى قلبهما تأخذهما بالمجني عليه شفقة ولا رحمة وإنهما تدبر الأمر فيما بينهما بهدوء وودية وتؤدة علي ذلك النحو ” فإن ذلك سائغ ويتحقق به ظرف سبق الإصرار كما هو معرف به في القانون.
(الطعن رقم 648 لسنة 39 ق – جلسة 2/6/1969 السنة 20ص832)
المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية قانونا مما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك أما سائر الأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سببا لانعدام المسئولية ومن ثم فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من أن مرض الطاعن (الشخصية السيكوباتية) – بفرض صحته لا يؤثر علي سلامة عقليته وصحة إدراكه وتتوافر معه مسئوليته الجنائية عن الفعل الذي وقع منه صحيح في القانون.
(نقض 31/10/1971 طعن 766 سنة 41 ق ، السنة 22 ص590)
لا يعيب الحكم خطؤه في التسوية بين حالة السيكوباتية ومرض الفصام من حيث أثر كل منهما في قيام المسئولية الجنائية ، مادام الثابت من مطالعة الحكم أن ما تزيد إليه في هذا الصدد لم يكن له أثر في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها ، وأنه لم يورده إلا بعد أن كان قد فرع وخلص – في منطق سائغ واستنادا إلي دليل فني يكفي وحده لحمل قضائه – إلي خلو الطاعن من الأمراض العقلية المؤثرة في مسئوليته أيا كانت مسمياتها وإلي أنه قد ارتكب جريمته باختياره وهو في كامل شعوره وإدراكه واطرح في حدود سلطته التقديرية قالة إصابته بمرض الفصام.
(الطعن رقم 240 لســـنة 43 ق – جلسة 28/4/1973 السنة 24ص586 ، والسنة 22 ص490)
أن مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني شعوره واختياره في عمله وقت ارتكاب الفعل ، هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعا – علي ما تنص عليه المادة 62 من قانون العقوبات – لجنون أو عاهة في العقل دون غيرهما ، ولما كان المستفاد من دفاع الطاعنين هو أنهما كانا في حالة من حالات الإثارة والاستفزاز والغضب تملكتهما عقب الاعتداء علي عمهما وكبير أسرتهما ، فإن الدفاع علي هذه الصورة لا يتحقق به الدفع بالجنون أو العاهة في العقل ، لما كان ذلك وكانت حالات الإثارة والاستفزاز أو الغضب لا تنفي نية القتل ، كما أنه لا تناقض بين قيام هذه النية لدى الجاني وكونه قد ارتكب فعله تحت تأثير أي من هذه الحالات وأن عدت أعذارا قضائية محققة يرجع الأمر في تقديرها إلي محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة النقض.
(الطعن 401 لسـنة 42 ق – جلســـة 13/5/1973 الســنة 24 ص631 ، والسنة 17 ص 1242 ، والسنة 29 ص350)
تقديم الدفاع عن المتهم دفاعا بأن لديه شهادات بأن يعامل موكله معاملة الأطفال ، ثم طلبه تحقيق هذا الدفاع . طلب جوهري وجوب التعرض له والرد عليه ، أما عن طريق خبير أو بأسباب سائغة تطرحه ، وإلا كان الحكم قاصرا.
(الطعن 1294 لسنة 48 ق – جلسة 1/10/1978 ، السنة 29 ص 649)
إن مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني شعوره في عمله وقت ارتكاب الفعل هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعا علي ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل دون غيرهما وكان المستفاد من دفاع المحكوم عليه أمام محكمة الموضوع أنه كان في حالة من حالات الإثارة أو الاستفزاز تمتلكه فألجأته إلي فعلته دون أن يكون متمالكا إدراكه فإن ما دفع به علي هذه الصورة من انتفاء مسئوليته لا يتحقق به الجنون أو العاهة في العقل وهما مناط الإعفاء من المسئولية ولا يعد في صحيح القانون عذرا معفيا من العقاب بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقرونا بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ، ومن ثم فإن الحكم قد أصاب صحيح القانون في هذا الخصوص.
(الطعن رقم 33899 جلسة 16/2/2002 السنة 68)
إن مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني شعوره في عمله وقت ارتكاب الحادث هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعا علي ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل دون غيرها ، وكان دفاع المتهم بانعدام اعترافه لسذاجته وصغر سنه لا يتحقق به دفع بانعدام مسئوليته لهذا السبب أو ذاك بل دفاع يتوافر به عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ، ومن ثم فلا يعيب الحكم قعوده عن الرد علي هذا الدفاع.
(الطعن رقم 31556 جلسة 6/12/2001 السنة 69)
لما كانت المادة (342) من قانون الإجراءات الجنائية تنص علي أنه ” إذا صدر أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية أو حكم ببراءة المتهم وكان ذلك بسبب عاهة في عقله تأمر الجهة التي أصدرت الأمر أو الحكم – إذا كانت الواقعة جناية أو جنحة عقوبتها الحبس – بحجز المتهم في أحد المحال المعدة للأمراض العقلية إلي أن تأمر الجهة التي أصدرت الأمر أو الحكم بالإفراج عنه وذلك بعد الإطلاع علي تقرير مدير المحل وسماع أقوال النيابة العامة وإجراء ما تراه للتثبت من أن المتهم قد عاد إلي رشده ” وإذ كان الحكم المطعون فيه علي الرغم من قضائه ببراءة المطعون ضده من التهمة المسندة إليه لم يأمر بحجزه في أحد المحال المعدة للأمراض العقلية تطبيقا لما توجبه المادة المار ذكرها فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون – ولا يغير في ذلك ما تحدث به الحكم في أسبابه من إيداع المتهم أحد المحال المعدة الأمراض العقلية ما دام لم ينته في منطوقة إلي القضاء بذلك لما هو مقرر من أن حجية الشيء المحكوم فيه لا ترد إلا علي منطوق الحكم ولا يمتد أثرها إلا ما كان مكملا للمنطوق.
(الطعن رقم 10170 جلسة 6/1/2002 السنة63)
من المقرر أن الحالات النفسية ليست في الأصل من موانع المسئولية والعقاب كالجنون والعاهة في العقل ، اللذين يجعلان الجاني فاقد الشعور والاختيار في عمله وقت ارتكاب الجريمة ، وفقا لنص المادة 62 من قانون العقوبات ، وقد جرى قضاء هذه المحكمة علي أن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة في العقل وتنعدم به المسئولية الجنائية قانونا , هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور أو الإدراك ، أما سائر الأمراض والأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره أو إدراكه ن فلا تعد سببا لانعدام المسئولية.
(الطعن 8242 لسنة 58 ق – جلسة 16/3/1989 س40 ص403)
لما كان مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني لشعوره واختياره وقت ارتكاب الحادث هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعا علي ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل دون غيرها وكان المستفاد من دفاع الطاعن أمام المحكمة هو أنه ارتكب جريمته تحت تأثير ما كان يعانيه من حالة نفسية وعصبية فإن دفاعه علي هذه الصورة لا يتحقق به دفع بانعدام المسئولية لجنون أو عاهة في العقل وهما مناط الإعفاء من المسئولية بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقرونا بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم رده علي هذا الدفاع.
(الطعن 15049 لسنة 59 ق – جلسة 20/2/1990 س41 ص397)
إن مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني لشعوره واختياره وقت ارتكاب الحادث هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعا علي ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل دون غيرها وكان المستفاد من دفاع الطاعن أمام المحكمة هو أنه ارتكب جريمته بغير وعي فإن دفاعه علي هذه الصورة لا يتحقق به دفع بانعدام المسئولية لجنون أو عاهة في العقل وهما مناط الإعفاء من المسئولية بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقرونا بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض.
(الطعن 3419 لسنة 62 ق – جلسة 21/11/1992 س44 ص1049)
من المقرر أن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية الجنائية قانونا – علي ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات – هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك ، أما سائر الأحوال النفسية التي تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سببا لانعدام المسئولية ، فإن ما انتهي إليه الحكم المطعون فيه أخذا بتقرير الطبيب الشرعي أن مرض الطاعن وهو الاضطراب العصبي والهبوط العام لا يؤثر علي سلامة عقله وصحة إدراكه وتتوافر معه مسئوليته الجنائية عن الفعل الذي وقع منه يكون صحيحا في القانون.
(الطعن 600 لسنة 62 ق – جلسة 22/12/1993 س44 ص1238)
من المقرر أن مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني شعوره واختياره في عمله وقت ارتكاب الفعل هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعا – علي ما تنص عليه المادة 62 من قانون العقوبات – لجنون أو عاهة في العقل دون غيرهما من حالات الإثارة والاستفزاز أو الغضب ، وكان الحكم المطعون فيه – علي ما يبين من مدوناته – قد أطرح هذا الدفاع تأسيسا علي أنه مجرد دفع بأن المتهم كان في حالة من حالات الإثارة والاستفزاز تملكته فألجأته إلي فعلته دون أن يكون متمالكا إدراكه لما كان ذلك ، وكان دفاع الطاعن الثابت بمحضر جلسة المحاكمة يتحقق به الدفع بالجنون أو العاهة في العقل ، وكان الحكم المطعون فيه قد فهم دفاع الطاعن في هذا الصدد علي غير مرماه وبالتالي لم يرد عليه رغم جوهريته إذ مؤداه لو صح انتفاء مسئولية الطاعن عملا بنص المادة 62 من قانون العقوبات.
(الطعن 1380 لسنة 63 ق – جلسة 14/12/1994 س45 ص1161)
من المقرر أن الحالات النفسية ليست في الأصل من موانع المسئولية والعقاب كالجنون والعاهة في العقل اللذين يجعلان الجاني فاقد الشعور والاختيار في عمله وقت ارتكاب الجريمة ، وفقا لنص المادة 62 من قانون العقوبات ، وقد جري قضاء هذه المحكمة علي أن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة في العقل وتنعدم به المسئولية الجنائية قانونا هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور أو الإدراك ، أما سائر الأمراض والأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره أو إدراكه ، فلا تعد سببا لانعدام المسئولية وكان تقدير حالة المتهم العقلية ومدي تأثيرها علي مسئوليته الجنائية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ومن ثم فإن منعي الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
(الطعن 3072 لسنة 65 ق – جلسة 16/3/1997)
لما كان مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني شعوره واختياره في عمله وقت ارتكاب الفعل هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعا – علي ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات – لجنون أو عاهة في العقل دون غيرهما ، وكان المستفاد مما أورده الطاعن في أسباب طعنه هو أنه كان في حالة من حالات الهياج أو الاستفزاز تملكته من سلوك المجني عليها الأولي فألجأته إلي فعلته دون أن يكون متمالكا إدراكه ، فإن نعيه علي هذه الصورة لا يتحقق به مناط الإعفاء من المسئولية ولا يعد في صحيح القانون عذرا معفيا من العقاب بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مؤذنا بتوفر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليهـا من محكمة النقض.
(الطعن رقم 13338 لسنة 67 ق – جلسة 7/6/1999)
الفصل الثالث : امتناع المسئولية الجنائية بسبب السكر الإضراري
السكر الاضطراري هو التطبيق الثالث لموانع المسئولية الجنائية الناشئة عن انعدام الوعي :
تنص المادة 62 من قانون العقوبات علي أنه : لا عقاب علي من يكون فاقد الشعور أو الاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل ، إما لجنون أو عاهة في العقل .
وإما لغيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أيا كان نوعها إذا أخذها قهرا عنه أو علي غير علم منه بها.
السكر الاضطراري والغيبوبة وامتناع المسئولية الجنائية ؛
من اللازم أن نبدأ الحديث بالتقرير بأن المخدرات والمسكرات من الآفات التي تصيب المجتمع بشر المحن ، من ذلك أنها كثيرا ما تدفع الناس إلي ارتكاب الجرائم ، ولهذا تعني الدول بمكافحتها بطرق شتى . والقانون المصري يعاقب علي الاتجار بالمخدرات وإحرازها بقصد التعاطي (القانون رقم 351 لسنة 1952) ويعتبر من وجد بحالة سكر بين في الطرق العمومية أو في المحلات العمومية مرتكبا لمخالفة. والبحث في هذا المجال مقصور علي تأثير الغيبوبة الناشئة عن تناول مادة مخدرة أو مسكرة علي المسئولية الجناية.
وقد بين الشارع حكم ذلك في المادة 62عقوبات بقولـه ” لا عقاب علي من يكون فاقد الشعور أو الاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل … لغيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أيا كان نوعها إذا أخذها قهرا عنه أو علي غير علم منه بها”.
شروط اعتبار السكر مانعا من المسئولية ؛
الشرط الأول ؛ ومفاده أن يكون الفاعل فاقد الشعور وقت ارتكاب الفعل المكون للجريمة ، أما إذا لم يكن فقد الشعور تاما فإن الجاني لا يعفي من إسناد الفعل إليه ، وإنما تكون حالته ظرفا لتخفيف العقوبة عليه حسبما يراه القاضي وفي حدود سلطته التقديرية ، ولا إعفاء بطبيعة الحال إذا كان فقد الشعور لاحقا لارتكاب الجريمة.
الشرط الثاني ؛ ومفاده أن يكون ذلك لغيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة ، أيا كان نوعها ، إذا أخذها الفاعل قهرا عنه أو علي غير علم منه بها . وعبارة النص تتسع لكل العقاقير التي قد ينشأ عنها فقد الشعور ومنها المواد الكحولية والكوكايين والهروين ، والمورفين في أحوال نادرة . وينص القانون رقم 351 لسنة 1952 علي ما يعتبره الشارع من المواد المخدرة ، ولكن القاضي غير مقيد بما ورد فيه ، فله أن يعتبر من المواد المخدرة ما لم يرد ذكره في هذا القانون أو الكشوف الملحقة به ، كما له أن يعتبر الفاعل مسئولا ولو تناول مادة من المواد المبينة في القانون متى ظهر له أن تناول هذه المادة لم يفقد الفاعل شعوره فقدا تاما . ومتى توافر الشرطان فلا مسئولية علي الفاعل أيا كانت الجريمة ، جناية أو جنحة أو مخالفة ، عمدية أو غير عمدية.
إذن يجب ألا يكون السكر عن علم وإرادة ، فالقانون يعفي من المسئولية الجنائية كل تناول العقاقير المخدرة قهرا أو عن غير علم ، والنتيجة المنطقية لهذا أن يكون مسئولا من يتناولها عن علم وإرادة ولو كان وقت ارتكاب الجريمة فاقد الشعور. هذا هو قصد الشارع بلا نزاع . علي أن الذي يستلفت النظر أن تقرير المسئولية في هذه الحالة يخالف المبادئ التي تقوم عليها المسئولية الجنائية علي العموم ، فهذه المبادئ كانت تقتضي التسوية في الحكم ، متى كان الفاعل فاقدا لشعوره ، بين من يتناول المسكر بإرادته وبين من يتناوله قهرا عنه . ولكن المفسر لا يبغي حقيقة طبيعية وإنما حقيقة قانونية ، فمتى أراد الشارع الخروج علي المبادئ العامة في مسألة من المسائل فلا مفر من النزول علي حكمه. وللخروج في هذه الحالة ما يبرره في خطأ الجاني بتعاطيه بإرادته عقاقير مخدرة يحتمل أن يكون لها من التأثير ما يدفعه إلي ارتكاب الجريمة.
“طريقة إثبات السكر لامتناع المسئولية الجنائية ؛
إثبات السكر وبالأدق إثبات حالة السكر ، سواء من حيث ظروف تناول المادة المخدرة أو المسكرة أو من حيث أثرها في الإدراك ، من المسائل التي تختص بها محكمة الموضوع بغير رقابة من محكمة النقض . وعلي المحكمة إذا ما استظهرت حالة السكر أن تبين مبلغ تأثيره في المتهم وما إذا كان هذا قد أخذ المسكر بإرادته أو بغير إرادته . وإذا كان المتهم لم يدفع أمام محكمة الموضوع بأنه كان فاقد الشعور وقت مقارفة الجريمة ، حتى كان يتعين عليها أن تحقق هذا الدفاع وتفصل فيه موضوعا ، وكان الحكم لا يبين منه أن المتهم كان فاقد الشعور بفعل المسكر ، فلا يكون له أن يثير ذلك لدى محكمة النقض.
السكر الاضطراري كمانع للمسئولية الجنائية طبقاً لقضاء النقض ؛
الغيبوبة المانعة من المسئولية علي مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات – هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهرا عنه أو علي غير علم منه بحقيقة أمرها ، فإن مفهوم ذلك أن من يتناول مادة مخدرة مختارا وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولا عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها ، فالقانون في هذه الحالة يجري عليه حكم المدرك التام الإدراك مما ينبني عليه توفر القصد الجنائي لديه ، إلا أنه لما كانت هناك بعض جرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائي خاص فإنه لا يمكن القول باكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد بافتراضات قانونية ، بل يجب التحقق من قيامه من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع ، لما كان ذلك ، وكانت جرائم السرقة مما يتطلب القانون فيها قصدا جنائيا خاصا ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة السرقة بإكراه واقتصر في الرد علي دفعه بانتفاء مسئوليته لتناوله عقاقير مخدرة أفقدته الشعور والإدراك – علي مطلق القول بأن تناول العقاقير المخدرة اختيارا لا ينفي المسئولية الجنائية دون أن يحقق هذا الدفاع بلوغا إلي غاية الأمر فيه – ويبين مبلغ تأثير هذه العقاقير المخدرة في إدراك الطاعن وشعوره علي الرغم مما لهذا الدفاع – لو صح – من أثر في قيام القصد الخاص في الجريمة التي دانه بها أو انتفائه أو يبين أنه كانت لديه النية علي ارتكاب الجريمة من قبل ثم أخذ العقاقير المخدرة لتكون مشجعا له علي اقترافها فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه . وإذ كان هذا الخطأ قد حجب محكمة الموضوع عن تحقيق واقعة تناول العقاقير المخدرة التي قال بها الطاعن وأثرها في توافر القصد الجنائي لديه أو انتفائه فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة.
(الطعن 8210 لسنة 60 ق – جلسة 24/10/1991 س42 ص1067)
الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية علي مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهرا عنه أو علي غير علم منه بحقيقة أمرها , بحيث تفقده الشعور والاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل . وتقدير حالة المتهم وقت ارتكاب الجريمة فيما يتعلق بفقدان الشعور أو التمتع به ، والفصل في امتناع مسئوليته تأسيسا علي وجوده في حالة سكر وقت الحادث أمر يتعلق بوقائع الدعوى يقدره قاضي الموضوع دون معقب عليه.
(الطعن رقم 306 لسنة 38 ق – جلسة 15/4/1968 السنة 19ص424)
يجري القانون حكم المدرك التام الإدراك علي من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة مختارا أو عن علم بحقيقة أمرها مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه في الجرائم ذات القصد العام ومن ثم فإنه يكون مسئولا عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها.
(نقض 13/1/1969 طعن 1772 سنة 28 ، السنة 20 ص104)
لا يتطلب القانون في جريمة الضرب المفضي إلي الموت قصدا خاصا وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن تناول المسكر باختياره – وهو ما لم يجادل فيه الطاعن – فإنه ليس له من بعد أن يعيب علي الحكم قعوده عن بحث درجة هذا السكر الاختياري ومبلغ تأثيره في إدراكه وشعوره في صدر جريمة الضرب المفضي إلي الموت إلي دين بها ، مادام لقانون لا يستلزم فيها قصدا خاصا اكتفاء بالقصد العام.
(الطعن 1772 لسنة 38 ق – جلسة 13/1/1969 السنة 20 ص 104)
حيث أن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن دفع بأنه تناول مادة مخدرة مما أفقده الشعور والإدراك ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد في مدوناته أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر من أنه كان مدرا أو سكرانا وأطرحه استنادا إلي أن القانون يجري حكم المدرك علي من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة وهو عالم بحقيقة أمرها ويكون مسئولا عن الجرائم التي تقع تحت تأثيرها . لما كان ذلك وكان الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية – علي مقتضى المادة (62) من قانون العقوبات – هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهرا عنه أو علي غير علم منه بحقيقة أمرها بما مفهومه أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولا عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها. فالقانون يجرى عليه ، في هذه الحالة حكم المدرك التام الإدراك مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه ، إلا أنه لما كانت بعض الجرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائي خاص لدي المتهم ، فإنه لا يتصور اكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد باعتبارات وافتراضات قانونية ، بل يجب في هذه الجرائم – وعلي ما استقر عليه قضاء محكمة النقض في تفسير المادة (62) من قانون العقوبات – التحقق من قيام القصد الجنائي الخاص من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد تحدث عن إحتساء الطاعن للخمر وتعاطيه المخدر دون أن يبين مبلغ تأثيرهما في شعور الطاعن وإدراكه بالرغم من اتصال هذا الأمر بتوافر القصد الخاطئ ، وأوقع علي الطاعن عقوبة القتل العمد المرتبط بجنحة السرقة وقضى بإعدامه ، فإن الحكم يكون قاصر البيان بما يبطله ويوجب نقضه.
(الطعن رقم 39918 لسنة 72 ق – جلسة 5/2/2003)
متي تحققت محكمة الموضوع أن الجاني قد تعاطي الخمر بمحض اختياره فليس لسكره في هذه الحالة تأثير ما في مسئوليته الجنائية.
(الطعن 1627 لسنة 4 ق – جلسة 29/10/1934)
السكران متي كان فاقد الشعور أو الاختيار في عمله فلا يصح أن يقال عنه أنه كانت لديه نية القتل ، وذلك سواء أكان قد أخذ المسكر بعلمه ورضاه أم كان قد أخذه قهرا عنه أو علي غير علم منه مادام المسكر قد أفقده شعوره واختياره ومثل هذا الشخص لا تصح معاقبته علي القتل العمد إلا إذا كان قد انتوي القتل ثم أخذ المسكر ليكون مشجعا له علي تنفيذ نيته.
(الطعن رقم 732 لسنة 16 ق – جلسة 13/5/1946 مجموعة القواعد القانونية جـ7 ص140)
إذا كانت المحكمة قد استدلت علي توافر نية القتل لدي المتهم لظروف الحادث واستعماله آلة قاتلة وطعنه بها المجني عليه في مقتل معرضة عن حالة السكر التي تمسك الدفاع عنه بقيامها عنده ، بمقولة أنه تعاطي الخمر باختياره فيكون مسئولا قانونا عن فعله ، فإن حكمها يكون معيبا.
(نقض جلسة 23/12/1946مجموعة القواعد القانونية جـ7 ص263)
قد استقر قضاء محكمة النقض في تفسير المادة 62 من قانون العقوبات علي أن السكران ولو شرب باختياره لا يمكن أن يسأل عن القتل العمد لما تستلزمه هذه الجريمة من قصد جنائي خاص يجب أن يتحقق قيامه بالفعل عند المتهم ويجب أن تستدل المحكمة علي قيامه في حكمها ، وهو ما لا سبيل إليه إذا كان السكر قد ذهب بإدراك المتهم وإرادته.
(الطعن رقم 721 لسنة 17 ق – جلسة 21/4/1947)
الغيبوبة الناشئة عن السكر لا تعفي من العقاب إلا إذا أخذ الجاني المسكر قهرا عنه أو علي غير علم منه به فإذا كان الحكم الذي أدان المتهم في جريمة إحداث عاهة لم يذكر أنه كان في حالة سكر شديد بل ذكر أنه كان ثملا مما لا يفيد أنه كان فاقد الشعور أو الاختيار في عمله ، وكان المتهم لم يثر أمام المحكمة شيئا في هذا الصدد فلا يحق له أن يطالبها بالتحدث عن مدي تأثير السكر في مسئوليته مادامت هي قد اقتنعت بمسئوليته جنائيا عما وقع منه.
(الطعن رقم 18 لسنة 18 ق – جلسة 2/2/1948)
إذا كان المتهم لم يدفع أمام محكمة الموضوع بأنه كان فاقد الشعور وقت مقارفة الجريمة حتى كان يتعين عليها أن تحقق هذا الدفاع وتفصل فيه موضوعا وكان الحكم لا يبين منه أن المتهم كان فاقد الشعور بفعل المسكر فلا يكون له أن يثير ذلك لدي محكمة
النقض.
(الطعن رقم 1332 لسنة 20 ق – جلسة 11/12/1950 س2 ص365)
الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية – علي مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات – هي التي تكون ناشئة عن عقاقير تناولها الجاني قهرا عنه أو علي غير علم منه بحقيقة أمرها ، ومفهوم ذلك أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة مختارا وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولا عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها فالقانون في هذه الحالة يجري عليه حكم المدرك التام الإدراك ، مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه إلا أنه لما كانت هناك بعض الجرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائي خاص لدي المتهم فإنه لا يتصور اكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد باعتبارات وافتراضات قانونية ، بل يجب التحقق من قيامه من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع ، وهذا ما استقر عليه قضاء محكمة النقض في تفسيرها للمادة 62 من قانون العقوبات ، وهو المعول عليه في القانون الهندي التي أخذت عنه المادة المذكورة.
(الطعن رقم 626 لسنة 29 ق – جلسة 30/6/1959 س10 ص742)
يجري القانون حكم المدرك التام الإدراك علي من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة مختارا أو عن علم بحقيقة أمرها ، مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه في الجرائم ذات القصد العام ، ومن ثم فإنه يكون مسئولا عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها.
(الطعن رقم 1772 لسنة 38 ق – جلسة 13/1/1969 س20 ص104)
الغيبوبة المانعة من المسئولية علي مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي تلك التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهرا عنه أو علي غير علم بحقيقة أمرها ، ومفهوم ذلك أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة مختارا أو عن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولا عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها ، فالقانون في هذه الحالة يجري عليه حكم المدرك التام الإدراك ، مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي في الجرائم ذات القصد العام.
(الطعن رقم 2388 لسنة 49 ق – جلسة 26/5/1980 س31 ص670)
الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية – علي مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات – هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهرا عنه أو علي غير علم منه بحقيقة أمرها بما مفهومه أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولا عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها ، فالقانون يجري عليه ، في هذه الحالة ، حكم المدرك التام الإدراك ، مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه ، إلا أنه لما كانت هناك بعض الجرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائي خاص لدي المتهم ، فإنه لا يتصور اكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد باعتبارات وافتراضات قانونية ، بل يجب في هذه الجرائم – وعلي ما استقر عليه قضاء محكمة النقض في تفسير المادة 62 من قانون العقوبات – التحقق من قيام القصد الجنائي الخاص من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع. لما كان ذلك وكان الحكم قد تحدث عن احتساء الطاعن للخمر دون أن يبين مبلغ تأثيره في شعور الطاعن وإدراكه بالرغم من اتصال هذا الأمر بتوافر القصد الخاص ، وأوقع علي الطاعن عقوبة القتل العمد المقتـرن بجنحة السرقة ، فإن الحكم يكون قاصر البيان بما يبطله ويوجب نقضه.
(الطعن 4118 لسنة 57 ق – جلسة 12/1/1988 س39 ص122)
الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية علي مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهرا عنه أو علي غير علم منه بحقيقة أمرها بحيث تفقده الشعور والاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل ، وكان تقدير حالة المتهم وقت ارتكاب الجريمة فيما يتعلق بفقدان الشعور أو التمتع به ، والفصل في امتناع مسئوليته تأسيسا علي وجوده في حالة سكر وقت الحادث أمر يتعلق بوقائع الدعوى يقدره قاضي الموضوع دون معقب عليه.
(الطعن 4363 لسنة 61 ق – جلسة 3/11/1992 س43 ص981)
الفصل الرابع : امتناع المسئولية الجنائية بسبب الإكراه " أحد موانع المسئولية الجنائية الناشئة عن انعدام الإرادة "
الإكراه هو التطبيق الأول لموانع المسئولية الجنائية الناشئة عن انعدام الإرادة :
تنص المادة رقم 61 من قانون العقوبات علي أنه : لا عقاب علي من ارتكب جريمة ألجأته إلي ارتكابها ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله ولا في قدرته منعه بطريقة أخري.
دلالات الإكراه الذي يمنع المسئولية الجنائية ؛
الإكراه نوعين ، إكراه مادي وإكراه معنوي ، أما الإكراه المادي فهو الذي تنعدم فيه إرادة الشخص كلية ومثاله من يمسك بيد آخر ويجبره علي التوقيع علي محرر مزور أو علي شيك بدون رصيد ، ومن يدفع شخصاً علي طفل أو كهل فيجرحه أو يقتله . ولا يسأل المكره في هذه الأحوال عن جرائم التزوير أو إصدار شيك بدون رصيد أو الجرح أو القتل لانعدام إرادته . أما الإكراه المعنوي فلا تنعدم فيه إرادة الشخص بل تفتقر فحسب إلي الحرية كمن يهدد آخر بإنزال الأذى به إذا لم يرتكب جريمة سرقة أو زنا .
و نص الشارع علي هذا السبب لامتناع المسئولية في المادة 61 من قانون العقوبات وقد تضمن نص هذه المادة بيانا لشروط امتناع المسئولية سواء تعلقت بالخطر الذي يهدد الفاعل أم بالفعل الذي يرتكبه وتمتنع مسئوليته عنه.
ويبدو لأول وهلة أن هذا النص خاص بحالة الضرورة ، ولكن الحقيقة أنه يشمل الإكراه المعنوي كذلك باعتبار صورة من الضرورة ، أما الإكراه المادي فلا تصدق عليه ألفاظ النص ، ولم يرد في شأنه نص في القانون ، وتعليل ذلك تقدير الشارع أن حكمه من الوضوح بحيث يغني عن نص يقرره صراحة . ولا صعوبة في تبرير امتناع المسئولية بالإكراه المعنوي أو حالة الضرورة ، فالإرادة غير حرة وإن كانت مميزة ، ويعني ذلك أنه قد انتفي عنها أحد الشروط المتطلبة لتكون ذات قيمة قانونية ، ومن ثم فهي غير صالحة ليقوم بها الركن المعنوي للجريمة.
الإكراه المادي وامتناع المسئولية الجنائية وبيان بالشرط اللازمة ؛
الإكراه المادي هو محو إرادة الفاعل علي نحو لا تنسب إليه فيه غير حركة عضوية أو موقف سلبي مجردين من الصفة الإرادية . وبهذا التعريف يتضح الدور القانوني للإكراه المادي : فهو بمحوه الإرادة يمحو الفعل ذاته إذ الإرادة عنصر أساسي فيه. فالحركة العضوية والموقف السلبي غير الإراديين لا يقوم بهما فعل إيجابي أو امتناع في لغة القانون ، وإذا انمحى الفعل زال الركن المادي للجريمة ، إذ لا قيام لهذا الركن بغير فعل ، ومن ثم لا يكون محل للبحث في الركن المعنوي للجريمة . ويعني ذلك أن الإكراه المادي ليس مانع مسئولية ، إذ محل البحث في امتناع المسئولية أن تتوافر الإرادة ثم يثور التساؤل حول مالها من قيمة قانونية . أما إذا كانت الإرادة أصلا غير متوافرة فلا محل للبحث في قيمتها. وعلي هذا النحو يتضح الفرق بين الإكراه المادي من ناحية والإكراه المعنوي أو حالة الضرورة من ناحية أخري : فالأول تنمحي به الإرادة فينتفي الركن المادي ، والثاني تزول فيه عن الإرادة صفة الحرية فينتفي الركن المعنوي.
وتجمع بين الإكراه المادي في كل حالاته استحالة أن ينسب إلي المتهم أنه تصرف علي نحو معين ، أي استحالة أن ينسب إليه أنه أتي فعلا ، فثمة قوة لا سيطرة له عليها أفقدته سيطرته علي أعضاء جسمه فسخرتها في حركة أو امتناع علي نحو معين ، فماديات الجريمة تنسب إلي هذه القوة لا إلي من سيطرت عليه ، فإن كانت قوة إنسانية نسبت الجريمة إلي من صدرت عنه وكان مسئولا عنها ما لم يحل دون ذلك سبب ، أما إذا كانت غير إنسانية فلا قيام لجريمة . ويعني ذلك أنه سواء نوع القوة التي محت الإرادة : فقد تكون قوة طبيعية كالفيضان يقطع المواصلات فيحول بين المتهم وبين الذهاب إلي المحكمة لأداء شهادته أو الرياح تطفئ المصباح الذي وضعه المتهم علي حفرة بالطريق العام أو الإعصار يلقي به إلي شواطئ دولة أصدرت قرارا بإبعاده عن إقليمها ، وقد تكون قوة حيوان كدابة تجمح فيعجز قائدها عن السيطرة عليها فتصيب شخصا بجراح أو الحشرات تتلف غلالا أؤتمن المتهم عليها فيعجز عن تسليمها ، وقد تكون قوة إنسانية كمن يمسك بيد غيره ويحركها علي نحو يثبت به بيانات مخالفة للحقيقة في محرر ، ومن يحمل بين يديه غيره ثم يدفعه علي طفل فيقتله أو يصيبه بجراح ، وسواء كذلك أن تكون القوة خارجة عن جسد المتهم كالوضع في الحالات السابقة أو أن تكون كامنة فيه كما لو أصيب بشلل مفاجئ فوقع علي طفل فقتله أو غلبه النوم في سفر طويل فجاوز المسافة التي دفع أجرها . وعلة المساواة بين مصادر القوة هي اتحاد آثارها باعتبار أن الإرادة تنمحي في كل الحالات فينمحي الفعل وينتفي الركن المادي.
والإكراه المادي يتسع لجميع الحالات التي تسيطر فيها علي جسد المتهم قوة تسخر علي نحو معين ، أي ” قوة قاهرة ” فتنمحي بذلك إرادته ، ومن ثم يكون الإكراه المادي والقوة القاهرة تعبيرين مترادفين ، ولكن تخصص أحيانا دلالة الإكراه المادي فتقتصر علي حالة ما إذا كانت القوة إنسانية ، أما سائر حالاتها كالقوة الطبيعية أو قوة الحيوان فيطلق عليها تعبير ” القوة القاهرة ” ؛ وأهمية هذا التخصيص أن الإكراه المادي في مدلوله الضيق يبقي الجريمة قائمة وأن نسبت إلي من صدر الإكراه عنه دون من خضع له ، أما القوة القاهرة فتنفي الجريمة إطلاقا. والفرق أساسي بين الإكراه المادي أو القوة القاهرة من ناحية وبين ” الحادث الفجائي ” من ناحية أخري ، فالحادث الفجائي لا يمحو الإرادة ، بل أنه لا يجردها من التمييز وحرية الاختيار ، ولكن يزيل عنها العمد والخطأ فيجردها بذلك من الصفة ” الإجرامية ” ، ومن ثم لا يقوم بها الركن المعنوي للجريمة ، مثال ذلك قائد السيارة الذي يصيب شخصا اندفع فجأة من طريق جانبي فكان تفاديه مستحيلا.
أما عن الشروط فهي فترد شروط الإكراه المادي كافة إلي وجوب أن يكون من شأنه محو الإرادة ، ذلك أنه إذا ثبت أن الإرادة كان لها نصيب في السيطرة علي الفعل أو النتيجة الإجرامـية فليس للإكراه المادي محل ، وهذه الشروط اثنان : كون القوة التي صدر الإكراه عنـها غيـر متوقعة وكون مقاومتها مستحيلة : فالشرط الأول يعني ألا يكون المتهم قد توقع خضوعه للقوة التي أكرهته علي الفعل وألا يكون ذلك في استطاعته ، إذ كان متعينا عليه عند التوقع الفعلي أو عند استطاعة هذا التوقع أن يتفادى الخضوع لهذه القوة ، فإن كان لم يفعل فمعني ذلك أنه كان لإرادته نصيب في هذا الخضوع وفي الفعل أو الامتناع الذي صدر عنه ، فلا يكون للإكراه المادي محل : فمن يعلم بخطورة دابة وجموحها عند سماعها أصوات غير مألوفة لها فيمتطيها في طريق مزدحم بالسيارات فتجمح وتصيب شخصا يكون مسئولا عن ذلك ، ومن يضبط في الطريق العام في حالة سكر بين فيقبض عليه فلا يذهب إلي المحكمة لأداء شهادته يسأل عن امتناعه. والشرط الثاني يعني أن يكون من المستحيل علي المتهم أن يتجنب الفعل أو الامتناع الذي تقوم به الجريمة ، أما إذا كان من شأن القوة التي وجهته إلي السلوك الإجرامي أن جعلت اجتنابه أمرا عسيرا عليه فإن الإكراه المادي لا يتوافر بذلك ، إذا ما زال لإرادته وجودها ، وقد كان في وسعه أن يوجهها إلي التغلب علي هذه الصعوبات ، فإن لم يفعل فمعني ذلك أنه قد استعمل إرادته علي نحو ما ، ويناقض ذلك القول بتوافر الإكراه المادي : فمن يستحم فتسرق ملابسه أو تذهب بها الرياح فيظهر عاريا لا ينسب إليه الفعل الفاضح المخل بالحياء ، ولكن من تصرفه صعوبات المواصلات عن الذهاب إلي المحكمة لأداء شهادته يسأل عن امتناعه ، وإذا كان المتهم قام بتحويل عملة أجنبية إلي الخارج وكان ينبغي عليه طبقا للقانون استيراد البضائع التي حولت عنها تلك العملة ، فإن ارتفاع الأسعار في الخارج لا يعتبر قوة قاهرة تعفيه من الالتزام القانوني.
الفصل الخامس : امتناع المسئولية الجنائية بسبب حالة الضرورة
حالة الضرورة هي التطبيق الثان لموانع المسئولية الجنائية الناشئة عن انعدام الإرادة :
حالة الضرورة هي مجموعة من الظروف تهدد شخصا بالخطر وتوحي إليه بطريق الخلاص منه بارتكاب فعل إجرامي معين . والغالب في حالة الضرورة أنها ليست ثمرة عمل الإنسان ، وإنما هي وليدة قوي الطبيعة ، وإذا كانت من عمل إنسان فهي ليست بقصد حمل شخص علي ارتكاب فعل إجرامي معين ، وإنما يتعين علي من يهدده الخطر أن يتصور الوسيلة إلي تفاديه مستوجبا الظروف المحيطة به : ومثال الضرورة أن تغرق سفينة فيتعلق شخصان بقطعة من الخشب طافية ثم يتبين أنها لا تقوي علي حملها معا فيبعد أحدهما الآخر عنها فينجو بنفسه ويهلك زميله ، أو أن تشتعل النار في مبني فيندفع شخص إلي الفرار فيصيب طفلا بجراح أو يقتله ، أو أن يقضي الطبيب علي الجنين إنقاذا لحياة الأم في ولادة عسرة ، أو أن يشهد شخص بناء حاصرت فيه النيران سكانه فيحطم باب مسكن مجاور ويستولي علي الماء المملوك لحائزه ويستعمله في إطفاء الحريق ، أو أن يجري ممرض عملية جراحية لشخص يهدده الموت في ظروف يستحيل فيها الاستعانة بطبيب.
الفرق بين الإكراه المعنوي وحالة الضرورة :
الفرق الأساسي بينهما أن الخاضع للإكراه المعنوي يحدد له السلوك المطلوب منه كي يتفادى الخطر المهدد به ، ولكن من يوجد في حالة ضرورة لا يحدد له ذلك ، بل عليه أن يلحظ الظروف المحيطة به ويتصور وسيلة اجتناب الخطر. وثمة فارق آخر : فالإكراه يصدر عن إنسان دائما ولكن ظروف الضرورة يغلب ألا تكون من خلق الإنسان . وتضيق حرية الاختيار عند الإكراه المعنوي أكثر مما تضيق في حالة الضرورة ذلك أن من يصدر عنه الإكراه يعين لمن يخضع له طريقا محددا كي يسلكه ، أما من يوجد في حالة ضرورة فعلية أن يتصور طريق الخلاص منها ، وقد تتعدد الطرق أمامه ويستطيع أن يختار من بينها. ويعني ذلك أن تبرير امتناع المسئولية واضح بالنسبة للإكراه ولكنه أقل وضوحا في حالة الضرورة.
علة وسبب امتناع المسئولية الجنائية وبيان بالشروط :
يعلل امتناع المسئولية بتجرد الإرادة من الحرية ، فإذا هدد الخطر المتهم أو شخصا مقربا إليه ، فإن غرائزه تسيطر عليه وتدفعه إلي الخلاص من هذا الخطر ، وتوصد أمامه كل طريق آخر لا يكون من شأنه هذا الخلاص ، ومن ثم لا يكون أمامه غير طريق واحد أو طرق محددة لا يملك اختيار سواها . أما إذا هدد الخطر شخصا لا تربطه به صلة كالطبيب يقضي علي الجنين إنقاذا للأم أو من يري شخصا تحاصره النيران فيستولي علي الماء المملوك للغير ليطفئها به فإن حرية الاختيار يضيق من الوجهة الاجتماعية نطاقها ، إذ أن تقاليد المهنة أو البيئة أو مجرد الشعور بالتضامن الاجتماعي يحمل الشخص علي اختيار طريق معين ويستبعد عليه اختيار طريق سواه ، ويعني ذلك أن إرادته لا تتمتع بالحرية في الاختيار علي النحو الذي يصلح لتقوم به المسئولية.
شروط الخطر أساس الضرورة؛
أولاً : وجوب أن يكون الخطر واقع علي النفس ؛ وعبارة خطر علي النفس يدخل في معناها ، علي ما تقدم في الدفاع الشرعي ، كل خطر يهدد الحياة أو الجسم ، وكذلك كل خطر يهدد الإنسان في حريته أو عرضه أو سمعته أو اعتباره . فلا مسئولية علي من يغلق عليه الباب بقوة قاهرة أو حادث فجائي فلا يجد وسيلة تخلصه من الاعتقال سوي كسر الباب ، ولا علي من يضطره حريق مشتعل إلي الخروج عاريا في الطريق العام فيمد يده إلي رداء الغير يستر به عورته . فلا يشترط أن يكون الفاعل نفسه مهددا بوقوع الضرر ، بل يصح ارتكاب الفعل لوقاية الغير . فلا مسئولية علي الطبيب الذي يسقط امرأة لإنقاذ حياتها ، أو الربان الذي يلقي بعض الأمتعة في اليم لإنقاذ ركاب السفينة من الغرق ، أو قائد السيارة إذا انحرف إلي اليسار ليتفادى قتل طفل جري إلي السيارة فجأة ، أو الأم إذا سرقت رغيفا لإطعام طفلها إذا لم يكن لإرادتها دخل في حالة العوز.
والأصل أن يكون الخطر حقيقيا ، ولكن طبقا للقواعد العامة في الغلط يصح أن يكون الخطر الوهمي سببا للإعفاء من المسئولية متي كانت هناك أسباب معقولة تدعو الشخص المتوسط إلي الاعتقاد بقيام خطر جدي .
ويخرج من معني الخطر هنا ما يكون منه مشروعا ، وما يكون الموجه إليه ملزما قانونا بمواجهته ، كحالة المحكوم بإعدامه فمن يساعده علي الهرب لا يجوز أن يدفع بحالة الضرورة ، وكحالة الجندي في الميدان فلا يجوز أن يدفع مسئوليته عن الفرار من الميدان بحالة الضرورة.
والمادة 61 من قانون العقوبات صريحة في أنها لا تطبق إلا إذا كان الخطر محدقا بالنفس ، فإذا كان مهددا للمال فلا إعفاء. فالقانون لا يعفي من المسئولية من يضحي بحق الغير في سبيل وقاية المال ، وذلك علي خلاف ما هو مقرر في شأن الدفاع الشرعي حيث يجوز الدفاع عن المال. وهي تفرقة لها ما يبررها في أن الدفاع الشرعي يكون ضد اعتداء ، بينما يقع الفعل في حالة الضرورة علي برئ. ومع ذلك يبدو المبدأ الذي أخذ به الشارع المصري غير مقبول خصوصا إذا كان الفعل واقعا علي مال في سبيل صيانة مال أعلي قيمة ، كما لو شبت النار في مال شخص فاضطر لإخمادها إلي أن يتلف مالا لآخر أو يأخذ ماء من صهريج لآخر. ولذلك تجري التشريعات الحديثة علي التسوية في الضرورة بين الخطر المهدد للنفس وبين الخطر المهدد للمال . علي أن الشارع المصري يشترط للمعاقبة علي بعض جرائم المال ألا يكون هناك مقتض لارتكاب الفعل . من ذلك جرائم قتل الدواب والمواشي والإضرار بها (المادة 355عقوبات) ، وقتل الحيوانات المستأنسة وسمها والإضرار بها (المادة 357) . فلا يرتكب الجريمة من يقتل حيوانا بمقتض ، والمقتضي هو الضرورة الملجئة إلي قتل حيوان أو الإضرار به ، ويتوافر متي كان الحيوان خطرا علي نفس إنسان أو ماله.
وقد اعتبر القانون عدم المقتضي في هذه الجرائم ركنا قائما بذاته مستقلا عن القصد الجنائي ، ولكن الضرورة في المادة 61 تؤثر في الركن المعنوي للجريمة.
ثانياً: وجوب أن يكون الخطر جسمياً ؛ إذ لا يشترط القانون في الاعتداء الذي يبيح الدفاع أن يكون جسيما ، ولكنه يشترط في حالة الضرورة أن يكون الخطر جسيما ، ويبرره أن جريمة الضرورة تقع علي برئ بينما يقع الدفاع علي معتد ، فإذا كان الأذى الذي ينجم عن الخطر ضئيلا فإنه لا يجيز الإعفاء من المسئولية . وجسامة الخطر تقدرها محكمة الموضوع ، وفقا لمعيار مجرد هو معيار الشخص المتوسط الذي يوجد في ظروف المتهم ، فإذا كانت هذه الظروف تلجئه إلي ارتكاب الفعل المكون للجريمة صح تطبيق المادة 61 عليه ، وقد حكم بأنه لا يعفي من المسئولية من كان صغير السن واشترك في جريمة إحراز مواد مخدرة مع متهم آخر من أهله هو مقيم معه ومحتاج إليه ، لأنه ليس في صغر سنه وإقامته مع المتهم الآخر وحاجته إليه ما يجعل حياته في خطر جسيم لو لم يشترك مع هذا المتهم في إحراز المواد المخدرة . وحكم بأنه لا يجوز للمتهم القاصر أن يعتذر عن جريمة ارتكبها بأنه مكره علي ارتكابها بأمر والده.
ثالثاً : وجوب أن يكون الخطر حال ؛ فيشترط أن يكون الضرر واقعا أو علي وشك الوقوع ؛ فلا تكون ثمة ضرورة إذا كان الضرر قد وقع أو كان بعيدا بحيث يمكن توقيه بوسيلة أخري غير الجريمة ، علي تفصيل ما تقدم في الدفاع الشرعي.
رابعاً : وجوب أن يكون الخطر لا دخل لإرادة الفاعل في حلولـه : إذ يشترط القانون ألا يكون لإرادة الفاعل دخل في حلول الخطر المحدق به. وجاء في التعليقات علي هذا الشرط أنه ” قد قصد به الحالة التي يأتمر فيها الجاني مع آخرين لارتكاب جريمة ثم يدعي أنه لم يكن يقصد في آخر لحظة إتيان الجريمة ولكن عاقه الآخرون عن الامتناع “. ولكن هذه الحالة التي ذكرتها التعليقات ليست هي الحالة الوحيدة التي تدخل في حكم النص ، وإنما هي مجرد مثال ، فلا يعفي من إسناد الفعل إليه من يضع النار عمدا في مكان إذا ما أحاطت النيران به واضطر إلي قتل شخص أو جرحه وهو يحاول النجاة ، و لا من يسرق أو يتلف أوراقا للغير خشية نشر ما فيها من فضائح تشينه ، ولا الفتاة التي تحمل سفاحا إذا أجهضت نفسها أو قتلت طفلها خشية العار . والحكمة في كل ذلك واضحة فلا مفاجأة ولا عذر لمن تسبب بنفسه في إحداث الخطر. والنص صريح في أن يكون تدخل الإرادة في حدوث الخطر متعمدا أي أن الجاني أراد عمدا إحداث الخطر ، والعبارة الفرنسية أظهر في الدلالة علي هذا ، وينبني علي هذا أنه إذا كان الخطر قد نشأ عن إهمال الجاني وعدم احتياطه فلا يمنعه ذلك من أن يدرأ مسئوليته عن الجرائم التي يرتكبها دفعا لهذا الخطر بحالة الضرورة . ومثال ذلك من تسبب في حريق بإهمال ثم يرتكب جريمة لتنجيه نفسه من النيران.
حتمية وقوع الجريمة دفعاً للضرر ؛
لزوم الجريمة لدفع الخطر : يتوافر هذا الشرط متي كان من شأن الجريمة دفع الخطر ، وفي توافر هذا الشرط لا يبحث القاضي عما إذا كان الفاعل حسن النية أو سيئ النية ، فالقانون لم يستلزم في المادة 61 حسن نية الفاعل . وعلي ذلك يكون الشخص في حالة ضرورة ولو انتهز فرصة حلول الخطر فارتكب الفعل المكون للجريمة لشفاء أحقاد وضغائن ، فالفعل علي أي حال حصل دفعا لخطر فهو جريمة ضرورة وإن تحقق به غرض ثانوي. أما البحث في الحالة النفسية للفاعل فلا يكون إلا إذا لم يكن هناك خطر حقيقي بل كان هناك خطر وهمي فعندئذ يكون علي القاضي أن يتثبت من صحة اعتقاد الفاعل وأن اعتقاده بني علي أسباب معقولة ، ومتي كان من شأن الجريمة دفع الخطر فإنها تكون جريمة ضرورة ، سواء كانت من جرائم النفس أم المال ، من الجرائم العمدية أم من جرائم التقصير ؛ فمن يحاول النجاة من حريق فيجري بغير احتياط ويتسبب في موت شخص أو إصابته لا يسأل عن الوفاة أو الإصابة.
إذن يجب ألا يكون في قدرة الفاعل منع الضرر بوسيلة أخري : فلم يشترط القانون أن يكون هناك تناسب بين جريمة الضرورة والضرر المدفوع ، وعلي ذلك يصح مبدئيا أن يكون الضرر المدفوع أقل من ضرر الجريمة ، علي أن القانون يشترط من جهة أخري أن تكون الجريمة التي وقعت هي الوسيلة الوحيدة لتفادي الضرر ، بمعني أن الفاعل لا يكون في حالة ضرورة إذا كان في إمكانه تفادي الضرر بغير الالتجاء إلي جريمة أو بالالتجاء إلي جريمة أخف. فالخطر الذي يهدد النفس يجوز دفعه بجريمة من جرائم المال ، كما يجوز دفعه أيضا بجريمة من جرائم النفس ، ولكن لا يجوز الالتجاء لواحدة من الأخيرة متي تيسر الإفلات من الخطر بواحدة من الأولي . فإذا أوشكت سفينة علي الغرق يلقي ما بها من البضائع أولا ، وإذا أمكن دفع الخطر بجريمة أقل جسامة فلا يعفي من المسئولية من لجأ إلي جريمة أشد . وإذا كان يسهل تطبيق ذلك علي جرائم الأموال ، فإن الأمر لا يكون بهذه السهولة في الاعتداء علي النفس . ولكن يمكن القول إنه إذا دعت الضرورة إلي تضحية نفس لوقاية نفس أخري فالإعفاء واجب إذ للأنفس قيمة واحدة في نظر القانون ، وسواء كان من ارتكب الفعل هو المهدد بالخطر أو تطوع بالعمل مؤثرا نفسا علي أخري . ولكن هل ترتفع المسئولية عمن يرتكب جريمة تودي بأرواح عديدة اتقاء لخطر التهديد بقتل نفس واحدة ؟ ومثال ذلك أن يهدد شخص بالقتل إذا لم يلق قنبلة في جمع من الناس . أن القانون لا يفرض التضحية علي الناس في الظروف العادية ، ولذلك يتوقف الحل في هذه الأمور علي ما تقضي به غريزة الإنسان ، فالغريزة تدفع الشخص إلي إيثار نفسه أو شخص عزيز لديه علي أية تضحية مهما كانت جسيمة بالنسبة للآخرين ، ومتي كان الأمر كذلك فلا يمكن القول إن الفاعل كان متمتعا بحرية الاختيار ، فلم يكن أمامه سوي السبيل الذي لجأ إليه . ولكن مجال الاختيار يتسع عندما يكون الخطر مهددا شخصا لا يرتبط بالفاعل بصلة تدفعه إلي إيثاره علي أكثر من نفس ، فعندئذ لا يعفي من المسئولية . وفي بعض الظروف الاستثنائية ، كما في حالة الحرب مثلا ، تفرض التضحية علي الأفراد ، وفي هذه الحالة تعلو مصلحة الوطن علي أية مصلحة فردية ، فلا يعذر من يضحي بالجنود في سبيل تنجية نفسه أو عزيز لديه.
يترتب علي توافر الإكراه المعنوي أو حالة الضرورة بالشروط السابقة أن تمتنع مسئولية من ارتكب الفعل ، ويستفيد من امتناع المسئولية كل شخص آخر ساهم في هذا الفعل ، وليست علة ذلك كون مانع المسئولية عام الأثر ، وإنما العلة أن شروط الإكراه أو الضرورة يغلب توافرها بالنسبة لكل من يساهم في الفعل ، إذ أن القانون يجعل درء مرتكب الفعل الخطر الذي يهدد غيره سببا لامتناع مسئوليته بنفس الصورة التي تمتنع بها مسئوليته لو ارتكب هذا الفعل لدرء خطر يهدده نفسه. ويعني ذلك أن القانون يقرر لكل مساهم سببا خاصا به لامتناع مسئوليته.
إثبات حالة الضرورة أساس امتناع المسئولية الجنائية ؛
القول بتوافر شروط الإكراه أو حالة الضرورة أو انتفاء هذه الشروط من شأن قاضي الموضوع ، إذ يتطلب ذلك بحثا في وقائع الدعوى وظروفها ، ولا يشترط ” أن يتحدث الحكم عن كل ركن من أركان حالة الضرورة …. في عبارة مستقلة ، بل يكفي أن يكون ذلك مستفادا من الظروف والملابسات طبقا للواقعة ” . ويلتزم القاضي بالرد علي دفع المتهم بالإكراه أو الضرورة باعتباره دفعا جوهريا ، ولا يلام حين يغفل الرد إلا إذا دفع المتهم بأحدهما أو كان واضحا من وقائع الدعوى كما بينها الحكم ، ولا يجوز إبداء هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ، ويجوز للقاضي من تلقاء نفسه أن يعتبر حالة الضرورة أو الإكراه متوافرا ، إذ أنه يلتزم قبل إدانة المتهم أن يتحقق من توافر كل أركان الجريمة وشروط المسئولية عنها.
امتناع المسئولية الجنائية بسبب الضرورة في ضوء قضاء محكمة النقض ؛
يشترط في حالة الضرورة التي تسقط المسئولية الجنائية أن تكون الجريمة التي ارتكبها المتهم هي الوسيلة الوحيدة لدفع الخطر الحال به ولما كان قرار الطاعن من مركز الشرطة لم يكن ليسوغ له أن ينطلق في الطريق فيدفع المارين تلك الدفعة التي ألقت بالمجني عليه في طريق السيارة خاصة وأن الطاعن لا يدعي أن المجني عليه حاول منعه أو الإمساك به ولم يرد بالأوراق ولا بمدونات الحكم أو تقرير أسباب الطعن شئ من ذلك ، ومن ثم فإن دفاعه بقيام حالة الضرورة في هذه الصورة إنما يكون دفاعا قانونيا لا يستأهل من المحكمة ردا.
(نقض 30/3/1964 طعن 11 سنة 34 ق ، السنة 15 ص221)
الأصل أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلي الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله. كما أنه ليس للمرء أن يرتكب أمرا محرما ثم يقارف جريمة في سبيل النجاة منه. كما أنه ليس للطاعن أن يثير لأول مرة أمام النقض بأنه كان في حالة ضرورية ألجأته إلي عرض الرشوة تخلصا من خطر القبض عليه.
( الطعن رقم 462 لسنة 41 ق – جلسة 13/6/1971 السنة 22 ص472)
الأصل أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلي الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله ، فليس للمرء أن يرتكب أمرا محرما ثم يقارف جريمة في سبيل النجاة مما ارتكبه . فلا يسوغ من المتهم القول باضطراره إلي ارتكاب الجرم انصياعا لرغبة رؤسائه في العمل حتى يتستروا علي ما ارتكبه مادام أن أفعال الاختلاس والتزوير والاستعمال التي أتاها من قبل عمدا واتجهت إليها إرادته واستمر موغلا في ارتكابها وانتهت المحكمة إلي إدانته بها – هي أعمال غير مشروعة ونية الإجرام فيها واضحة مما لا يشفع للمتهم ما يدعيه من عدم مسئوليته.
(الطعن 1913 لسنة 38 ق – جلسة 6/1/1969 السنة 20 ص24)
أنه يشترط لتوافر حالة الضرورة أو حالة الإكراه الأدبي التي تمنع المسئولية الجنائية ، أن يثبت أن الجاني قد أراد الخلاص من شر محيق به وأنه كان يبغي دفع مضررة لا يبررها القانون. ولا يتصور أن يكون الطعن في حكم صادر ضد مصلحة الدولة بالطرق القانونية المقررة للطعن في الأحكام ، عملا جائزا يتغيا المتهم منعه أو الخلاص منه باقتراف جريمة.
(الطعن 1580 لسنة 39 ق – جلسة 18/1/1970 س21 ص94)
إذا كان الحكم قد ذهب إلي أن تهديد المطعون ضدهم بالوضع تحت الحراسة وأيلولة أرضهم للإصلاح الزراعي يعد حالة ضرورة معفية من العقاب مع أنه انصب علي المال فحسب فإنه يكون قد انطوي علي تقرير قانوني خاطئ لأن حالة الضرورة تستلزم أن يكون الخطر مما يهدد النفس.
(الطعن 150 لسنة 42 ق – جلسة 27/3/1972 السنة 23 ص479)
إن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلي الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره وأن تكون الجريمة التي ارتكبها الطاعن هي الوسيلة الوحيدة لدفع الخطر الحال به ، وإذ كان قصارى ما أورده الدفاع عن الطاعن أن المجني عليها هددته بفضح علاقتهما الآثمة إذا ما أقدم علي قطعها وكان هذا القول بفرض صحته لا يوفر حالة الضرورة ولم يقترن بخطر جسيم علي النفس فلا يعيب الحكم أن يلتفت عنه لأنه دفاع ظاهر البطلان بعيد عن محجة الصواب.
(الطعن رقم 23095 – جلسة 10/5/2000 السنة 69)
يشترط في الحادث القهري ألا تكون للجاني يد في حصول الضرر أو في قدرته منعه ، فإذا اطمأنت المحكمة إلي توافر الخطأ في حق الطاعن وأوردت صورة الخطأ الذي وقع منه ورتبت عليه مسئوليته فإن ذلك مما ينتفي به القول بحصول الواقعة عن حادث قهري.
(الطعن رقم 1007 لسنة 46 ق – جلسة 1/11/1977 السنة 28 ص337)
من المسلم به أنه ليس للإنسان أن يرتكب أمرا مجرما ثم يقارف جريمة في سبيل النجاة مما أحدثه بيده ، ولما كان الثابت من الحكم أن الطاعن أما قدم الرشوة ليتخلص من جريمة الإخفاء التي ارتكبها فإن الدفاع الذي يستند إليه الطاعن من أنه كان في حالة ضرورة ألجأته إلي دفع الرشوة تخلصا من خطر القبض عليه هو دفاع قانوني ظاهر البطلان لا يستأهل ردا ً.
(الطعن رقم 2612 لسنة 30 ق – جلسة 13/3/1961 س12 ص330)
من المقرر أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلي الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله ، ويشترط في حالة الضرورة التي تسقط المسئولية الجنائية أن تكون الجريمة التي ارتكبها المتهم هي الوسيلة الوحيدة لدفع الخطر الحال به.
(الطعن 6533 لسنة 52 ق – جلسة 24/3/1983 س34 ص432)
لما كان الأصل في القانون أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلي الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله. وكان قصارى ما أورده الدفاع عن الطاعن تبريرا لقيام حالة الضرورة أنه كان في حالة فقر أثناء وجوده في الأردن . وكان الفقر بمجرده لا تتحقق به حالة الضرورة ما لم يقترن بالخطر الجسيم وبشرط ألا يكون لإرادته دخل في حلوله وهو ما لم يدعه الطاعن ولا يعيب الحكم أن يلتفت عنه لأنه دفاع ظاهر البطلان بعيد عن محجة الصواب.
(الطعن 3390 لسنة 55 ق – جلسة 30/10/1985 س36 ص957)
الأصل في القانون أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلي الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله . وكان قصارى ما أورده الدفاع عن الطاعن الخامس أنه كان في عرض البحر بصحبة مسلحين وكان هذا القول – بفرض صحته – لا يوفر حالة الضرورة ما لم يقترن بالخطر الجسيم وبشرط ألا يكون لإرادة الطاعن دخل في حلوله وهو ما لم يزعمه الطاعن فلا يعيب الحكم أن يلتفت عنه لأنه دفاع ظاهر البطلان بعيد عن محجة الصواب.
(الطعن رقم 54 لسنة 60 ق – جلسة 15/1/1991 س42 ص67)
من المقرر أن حالة الضرورة التي تسقط المسئولية هي التي تحيط بشخص وتدفعه إلي الجريمة ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم علي النفس علي وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله ويشترط في حالة الضرورة التي تسقط المسئولية الجنائية أن تكون الجريمة التي ارتكبها المتهم هي الوسيلة الوحيدة لدفع الخطر الحال به.
(الطعن رقم 1133 لسنة 45 ق – جلسة 3/11/1975 السنة 26 ص675)
– موانع المسؤولية الجنائية في القانون المصري – المسؤولية الجنائية في القانون المصري
– موانع المسؤولية الجنائية في الشريعة والقانون pdf – بحث عن موانع المسؤولية الجنائية
– موانع العقاب في قانون العقوبات المصري – الإكراه كمانع من موانع المسؤولية الجنائية
– كتاب المسؤولية الجنائية pdf – موانع المسؤولية الجنائية في القانون المغربي