You cannot copy content of this page

رجوع الكفيل على المدين بدعوى الحلول فى القانون المدنى المصرى

رجوع الكفيل على المدين بدعوى الحلول

” نص المادة 799 و 800 من القانون المدنى المصرى “

هل يحق للكفيل مطالبة المكفول – رفع دعوى على المكفول – متى تسقط الكفالة عن الكفيل

– تنص المادة 799 مدني المصرى على ما يأتي : –

“إذا وفى الكفيل الدين ، كان له أن حل محل الدائن في جميع ما له من حقوق قبل المدين . ولكن إذا ل يوف إلا بعض الدين ، فلا يرجع بما وفاه إلا بعد أن يستوفي الدائن كل حقه من الدين.

– كما تنص المادة رقم 800 من القانون المدنى المصرى على : – 

” ١ – للكفيل الذى وفى الدين أن يرجع على المدين سواء كانت الكفالة قد عقدت بعلمه أو بغير علمه.
٢ – ويرجع بأصل الدين وبالفوائد والمصروفات، على أنه فى المصروفات لا يرجع إلا بالذى دفعه من وقت إخباره المدين الأصلى بالإجراءات التى اتخذت ضده.
٣ – ويكون للكفيل الحق فى الفوائد القانونية عن كل ما قام بدفعه ابتداء من يوم الدفع “.

– ونسير في دعوى الحلول على نفس الخطة التي اتبعناها في الدعوى الشخصية ، فيما عدا البحث في الأساس القانوني الذي تقوم عليه دعوى الحول إذ أن هذه الدعوى ليست إلا تطبيقاً للقواعد العامة في الحلول القانوني فيما إذا قام بالوفاء شخص غر المدين فيحل الموفي محل الدائن إذا كان ملزماً بوفاء الدين عن المدين . ونضيف إلى ما نبحثه موازنة بين دعوى الحلول والدعوى الشخصية . وعلى ذلك نبحث :-

( 1 ) أي كفيل يرجع بدعوى الحلول على المدين .

( 2 ) الشروط الواجب توافرها لرجوع الكفيل على المدين بدعوى الحلول .

( 3 ) ما الذي يرجع به الكفيل على المدين في دعوى الحلول الذات وفي الكفيل الدين كاملا .

( 4 ) ما الذي يرجع به الكفيل على المدين في دعوى الحلول إذا وفى الكيل جزءاً من الدين .

( 5 ) موازنة بين دعوى الحلول والدعوى الشخصية .

– أي كفيل يرجع بدعوى الحلول على المدين : كل كفيل يرجع بدعوى الحلول على المدين ، يستوي في ذلك الكفيل الذي عقد الكفالة لمصلحة المدين سواء كان بأمر المدين أو بعلمه أو بغير علمه ، والكفيل الذي عقد الكفالة لمصلحة المدين بالرغم من معارضة هذا الأخير ، والكفيل عقد الكفالة لمصلحة الدائن( [2] ) . ويستوي في ذلك أيضاً أن تكون الكفالة قد عقدت لمصلحة المدين وحده ، أو لمصلحة الدائن وحده ، أو لمصلحة الاثنين معاً ، أو لمصلحة المدين والكفيل ، أو لمصلحة الدائن والكفيل . وعلى ذلك يستوي الكفيل غير المأجور ، والكفيل المأجور . ويستوي أخيراً الكفيل غير المتضامن مع المدين ، والكفيل المتضامن مع المدين( [3] ) .

– والأصل في ذلك ما نصت عليه المادة 326 مدني من أنه :  – “ إذا قام بالوفاء شخص غير المدين ، حل الموفي محل الدائن الذي استوفى حقه في الأحوال شخص غير المدين ، حل الموفى محل الدائن الذي استوفى حقه في الأحوال الآتية : –

( أ ) إذا كان الموفي ملزماً بالدين مع المدين أو ملزماً بوفائه عنه .

( ب ) . . .” . فالكفيل ملزم بوفاء الدين عن المدين ، ومن ثم إذا وفى الدين للدائن كان أن يحل محل الدائن في جميع ما لهذا الأخير من حقوق قبل المدين .

فليست المادة 799 مدني سالفة الذكر إلا تطبيقاً تشريعياً للمادة 326 مدني ، وقد أعطت دعوى الحلول للكفيل في عبارة عامة مطلقة ، بخلاف الدعوى الشخصية المنصوص عليها في المادة 800 مدني فإنها أعطيت للكفيل إذا عقد الكفالة بعلم المدين أو بغير علمه دون الكفل الذي عقد الكفالة بالرغم من معارضة المدين( [5] ) . ويكون حلول الكفيل محل الدائن القانون ، دون حاجة لأن يطلب الكفيل ذلك( [6] ) .

– الشروط الواجب توافرها لرجوع الكفيل على المدين بدعوى الحول :

رأينا( [7] ) أنه يجب توافر شروط ثلاثة لرجوع الكفيل على المدين بالدعوى الشخصية : قيام الكفيل بوفاء الدين عن المدين ، وفاء المدين  بالدين عند حلول أجله ، وإخطار الكفيل المدين قبل الوفاء مع عدم معارضة المدين . والشرطان الأولان من هذه الشروط الثلاثة يجب توافرهما لرجوع الكفيل على المدين بدعوى الحلول ، أما الشرط الثالث المتعلق بإخطار المدين فليس ضرورياً للرجوع بهذه الدعوى( [8] ) .

 

وعلى ذلك يجب توافر شرطين لرجوع الكفيل على المدين بدعوى الحلول ، وهما : –

( الشرط الأول ) قيام الكفيل بوفاء الدين عن المدين : فيجب على الكفيل حتى يرجع على المدين بدعوى الحلول ، أن يكون قد قام بوفاء الدين عن المدين . وقد رأينا( [9] ) المادة 799 تقول : “إذا وفى الكفل الدين ، كان له أن يحل محل الدائن . .” . والكفيل لا يقوم بوفاء الدين عن المدين إلا إذا كان متضامناً معه أو إلا إذا لم يدفع بالتجريد أو فشل في هذا الدفع ، فعندئذ يضطر إلى وفاء الدين للدائن ويحل محله في رجوعه إلى المدين . وقد يقضي الكفيل الدين بما يقوم مقام الوفاء ، كما إذا وفى الدين بمقابل ، أو جدد الدين بتغيير المدين مثلا ، أو قضى الدين بطريق المقاصة . فكل هذه أسباب تقوم مقام  الوفاء فينقضي بها الدين ، ومن ثم يحل الكفيل محل الدائن بمجرد انقضاء الدين( [10] ) . أما إذا لم يف الكفيل الدين أو يقضه بسبب يقوم مقام الوفاء ، كما إذا أبرأ الدائن الكفيل من الكفالة أو تقادم دين الكفيل ، فإن هذا لا يعتبر وفاء للدين ، فلا يحل الكفل محل الدائن . وقد يعمد الدائن إلى التنفيذ على أموال كل من المدين والكفيل ، فعلى الكفيل في هذه الحالة أن يتقدم في التوزيع المفتوح بالنسبة إلى أموال المدين ، حتى إذا استوفى الدائن حقه من أموال المدين وأموال الكفيل معاً ، حل الكفيل محل الدائن ودخل في توزيع أموال المدين بنسبة ما استوفاه الدائن من أمواله هو( [11] ) .

( الشرط الثاني ) وفاء الكفيل بالدين عند حول أجله : فإذا تعجل الكفيل الوفاء بغير رضاء الدائن قبل حلول الأجل الأصلي ، لم يكن له أن يرجع بدعوى الحلول إلا عند حلول هذا الأجل ، أو لم يرجع أصلا إذا جد ما بين وفاء الكفل بالدين وحلول الأجل سبب لانقضاء الدين( [12] ) . وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “فإن كان الوفاء قبل الأجل قد تم بغير رضاء المدين ، فإن الكفيل يعرض نفسه لخطر ضياع حقه في الرجوع على المدين والحلول محل الدائن إذا كان الدين قد انقضى $185 في المدة بين الوفاء وحلول الأجل بسبب المقاصة أو اتحاد الذمة مثلا ، أو كانت لدى المدين دفوع تبرئ ذمته من الدين”( [13] ) .

– ما الذي يرجع به الكفل على المدين في دعوى الحلول إذا وفى الدين كاملا : قدمنا في الجزء الثالث من الوسيط ، عند الكلام في أحكام الرجوع بدعوى الحلول ، أن الموفى وهو هنا الكفيل يحل محل الدائن . وقد نصت المادة 329 مدني في هذا الصدد على أن “من حل قانوناً أو اتفاقاً محل الدائن كان له حقه ، بما لهذا الحق من خصائص ، وما يلحقه من توابع ، وما يكفله من تأمينات ، وما يرد عليه من دفوع ، ويكون هذا الحلول بالقدر الذي أداه من ماله من حل محل الدائن”( [14] ) . وتؤكد المادة 799 مدني( [15] ) . هذا المعنى ، فتقول : “إذا وفى الكفيل الدين ، كان له أن يحل محل الدائن في جميع ما له من حقوق قبل المدين”( [16] ) .

وعلى هذا يحل الكفيل محل الدائن في حقه ، بما لهذا الحق من خصائص . فإذا كان حق الدائن حاقً تجارياً ، انتقل إلى الكفيل على هذه الصفة حقاً تجارياً( [17] ) . وإذا كان حقا يسقط بالتقادم بانقضاء مدة قصيرة ، خمس سنوات أو أقل ، فإنه ينتقل إلى الكفيل قابلا للسقوط بالتقادم بهذه المدة القصيرة .

– وقد تكون المدة أوشكت على الانقضاء فلا تلبث أن تنقضي بعد انتقال الحق إلى الكفيل ، وفي هذا تتميز الدعوى الشخصية على دعوى الحلول فإن سريان التقادم بالنسبة إلى الدعوى الأولى لا يبدأ إلا من وقت وفاء الكفيل بالدين . وقد يكون حق الدائن الذي انتقل إلى الكفيل ثابتاً في سند رسمي أو في حكم ، فينتقل إلى الكفيل بهذا السند التنفيذي كما كان في يد الدائن . وقد يكون الدائن قد قاضى المدين وسار في إجراءات التقاضي شوطاً بعيداً ، فلا يحتاج الكفيل إلى تجدي هذه الإجراءات بل يسير فيها من حيث وجدها( [18] ) .

ويحل الكفيل محل الدائن في حقه ، بما يلحق هذا الحق من توابع . فلو كان حق الدائن ينتج فوائد بسعر معين ، فإنه ينتقل إلى الكفيل منتجاً للفوائد بهذا السعر ، ويكون للكفيل الحق في تقاضي هذه الفوائد ما استحق منها وما سيستحق . ويعتبر تابعاً للحق دعوى الفسخ ، فلو ضمن الكفيل المشتري في دفع الثمن ، ثم دفع الكفيل الثمن للبائع وفاء لدين المشتري ، انتقل الكفيل حق البائع بما تتبعه من دعوى الفسخ لعدم وفاء المشتري بالثمن( [19] ) . ويعتبر تابعاً للحق أن يكون للدائن حق الطعن في تصرف المدين بالدعوى البولصية ، فإذا وفى الكفيل الحق للدائن وانتقل إليه هذا الحق ، فإنه ينتقل إليه مقترناً بحق الطعن بالدعوى البولصية( [20] ) . ويعتبر تابعاً كذلك الحق في الحبس ، فتنتقل العين المحبوسة من الدائن إلى الكفيل ، ويكون لهذا الأخير الحق في حبسها حتى يستوفي الدين من الدائن( [21] ) . وإذا كان هناك شرط $187 جزائي ، استفاد منه الكفيل كما كان يستفيد منه الدائن( [22] ) .

ويحل الكفيل محل الدائن في حقه ، بما يكفله من تأمينات . فينتقل إلى الكفيل مع حق الدائن ما يكفل هذا الحق من تأمينات عينية ، كالرهن الرسمي وحق الاختصاص والرهن الحيازي على عقار أو منقول وحقوق الامتياز على عقار أو منقول( [23] ) . أما انتقال التأمينات الشخصية ، ككفيل آخر ضمن الدين أو مدينين متضامنين متعددين ، فسيأتي الكلام في ذلك عند بحث رجوع الكفيل على الكفلاء الآخرين ورجوعه على المدينين المتضامنين . والحول في التأمينات يقع بحكم القانون ، فلا يحتاج الكفيل إلى اتفاق مع الدائن على إحلاله محله في رهن أو في أي تأمين آخر أو في أي طلب للدخول في التوزيع بدلا منه ، ولا يجوز للدائن أن ينزل عن الرهن أو عن مرتبة هذا الرهن إضراراً يحق الكفيل الذي حل محله في هذا الرهن( [24] ) .

ويحل الكفيل محل الدائن في حقه ، بما يرد عليه من دفوع إذا كان الكفيل قد وفى الدين قبل إخطار المدين بعزمه على الوفاء فلم يتمكن المدين من المعارضة في الوفاء . فإذا كان الحق مصدره عقد باطل أو قابل للإبطال ، جاز للمدين أن يتمسك بهذا الدفع تجاه الكفيل كما كان له ذلك تجاه الدائن . وإذا كان الحق قد انقضى بالوفاء أو بأي سبب آخر كالتجديد أو المقاصة أو الإبراء أو التقادم ، جاز للمدين أن يدفع بكل ذلك . وإذا كان الحق معلقاً على شرط واقف لم يتحقق ، أو على شرط فاسخ تحقق ، أو كان حقاً مؤجلا ولم يحل الأجل ، جاز للمدين أن يدفع أيضاً بكل ذلك . أما إذا كان الدائن قاصراً ، فجاز للمدين أن يمتنع عن الوفاء له شخصياً لعدم صحة الوفاء في هذه الحالة ، فإنه لا يستطيع أن يدفع بهذا الدفع الخاص بشخص الدائن تجاه الكفيل إذا كان هذا متوافراً فيه الأهلية لاستيفاء الدين( [25] ) .

على أن العبارة الأخيرة من المادة 329 مدني تنص ، كما رأينا( [26] ) ، على أن “يكون هذا الحلول بالقدر الذي أداه من ماله من حل محل الدائن” . والسبب في ذلك أن الكفيل ، وهو يفي بالدين للدائن ، إنما يقوم بهذا بعيداً عن فكرة المضاربة التي هي في حوالة الحق لصيقة بمن يشتري الدين . ولا بد أن يكون الوفاء هنا قد أحاطت به ملابسات اقتضت أن ينزل الدائن عن جزء من الدين ويستوفي الباقي ، فليس للكفيل أن يرجع على المدين بأكثر مما وفى للدائن إذ هو لا يقصد المضاربة فيما قام به من وفاء ، وإنما هو يلتزم بالدين عن المدين ويريد الوفاء بالتزامه . ولو كان يقصد المضاربة ويريد الرجوع بكل الدين ، فسبيله إلى ذلك أن يشتري الدين من الدائن بالمقدار الذي دفعه ، وعند هذا ينتقل إليه الدين كاملا عن طريق حوالة الحق ويرجع به كله على المدين( [27] ) .

-وعلى ذلك يرجع الكفيل على المدين ، في دعوى الحلول ، بما دفعه الكفيل للدائن لإخلاء ذمة المدين . فيشمل ذلك مقدار الدين في أصله إذا كان قد وفى الدائن مقدار الدين بأكمله ، وإلا فالقدر الذي وفاه من الدين كما قدمنا . وكذلك يرجع بفوائد هذا الدين لو كان الدين ينتج فوائد اتفاقية أو قانونية ، ما دامت هذه الفوائد تدخل ضمن الدين المكفول . ويشمل أصل الدين كذلك ، فيرجع الكفيل به على المدين ، ما يضطر الكفيل إلى دفعه للدائن في نظير المصروفات التي تكبدها هذا الأخير في مواجهة المدين ، كما يشمل بوجه عام كل ما وجب على الكفيل دفعه للدائن لإخلاء ذمة المدين . وهذا كله يرجع به الكفل على المدين أيضاً في الدعوى الشخصية ، كما قدمنا( [28] ) .

ولكن الكفيل لا يرجع على المدين ، في دعوى الحلول ، لا بالفوائد القانونية عن كل ما قام بدفعه ابتداء من يوم الدفع ، ولا بالمصروفات التي أنفقها الكفل في سبيل الوفاء بالتزامه وكل ما حكم عليه به من المصروفات للدائن ، وذلك كمصروفات العرض الحقيقي والإبداع والمصروفات التي أنفقها الكفيل في إرشاد الدائن إلى أموال المدين لتجريدها ومصروفات مطالبة الدائن للمدين ومصروفات رفع الدائن الدعوى على الكفيل ، ولا بالتعويض عن الضرر الذي يكون قد أصاب الكفيل دون خطأ منه بسبب تنفيذ التزامه( [29] ) . وهذا كله يرجع به الكفيل على المدين في الدعوى الشخصية( [30] ) ، بخلاف دعوى الحلول ، وفي ذلك تتميز الدعوى الشخصية عن دعوى الحلول( [31] ) .

– ما الذي يرجع به الكفيل على المدين في دعوى الحول إذا وفى الكفيل جزءا من الدين : رأينا( [32] ) أن المادة 799 مدني تنص على ما يأتي : “ولكن إذا لم يوف ( الكفيل ) إلا بعض الدين ، فلا يرجع بما وفاه إلا بعد أن يستوفي الدائن كل حقه من المدين” . وليس هذا النص إلا تطبقاً تشريعياً لبعض ما جاء في المادة 330 مدني التي تنص على ما يأتي “1- إذا وفى الغير الدائن جزءاً من حقه وحل محله فيه ، فلا يضار الدائن بهذا الوفاء ، ويكون في استيفاء ما بقى له من حق مقدماً على من وفاه ، ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك . 2- فإذا حل شخص آخر محل الدائن فيما بقى له من حق ، رجع من حل أخيرا هو ومن تقدمه في الحلول كل بقدر ما هو مستحق له وتقاسما قسمة الغرماء” .

والمفروض هنا أن الكفيل وفي جزءاً من الدين ، فحل محل الدائن فيه فإذا كان المدين قد رهن عقاراً في الدين وكان العقار لا يفي بكل الدين ، وليس للمدين أموال أخرى ، فإن الكفيل وقد حل في الرهن بمقدار ما وفاه والدائن ولا يزال دائناً بالجزء الباقي لا يجدان أمامهما سوى هذا العقار ليستوفي ل حقه منه ، ويتقدمان معاً على سائر الغرماء بما لهما من حق الرهن . وكان ينبغي أن يتعادلا فإن كلا منهما دائن بجزء من دين واحد ، فلا محل لتفصيل أحدهما على الآخر . ولكن النص ، وهو في ذلك يترجم عن الإرادة المحتملة للطرفين ، يفترض أن الدائن لم يكن ليرضى باستيفاء جزء من حقه من الكفيل إلا على أساس أن يتقدم عليه في استيفاء الجزء الباقي . فيتقدم الدائن على الكفيل ويستوفي أولا الجزء الباقي من الدين ، وما بقى بعد ذلك من ثمن العقار يأخذه الكفيل فلا يستوفي به إلا بعض حقه . فالكفيل وقد حل محل الدائن في جزء من حقه لم يعامل معاملة الدائن ، بل فضل الدائن عليه( [33] ) . على أن هذه  القاعدة يحد منها قيدان : –

( 1 ) أنها ليست إلا افتراضاً لما أراده الدائن والكفيل ، فهي ليست قاعدة من النظام العام . ومن ثم يجوز للدائن والكفيل أن يتفقا على غير ذلك ، فلهما أن يتفقا على أنهما يتعادلان فيقتسمان مال المدين اقتسام الغرماء ، بل لهما أن يتفقا على أن الكفيل هو الذي يتقدم على الدائن وما بقي بعد ذلك يأخذه الدائن .

( 2 ) وحتى لو لم يتفق الدائن والكفيل على شيء يخالف القاعدة المتقدمة الذكر وتقدم الدائن على الكفيل ، فهذه ميزة شخصية للدائن وحده ، لا تنتقل منه إلى شخص آخر يفي له بالجزء الباقي من حقه ويحل فيه . وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 330 مدني صراحة على هذا الحكم فضت بأنه “إذا حل شخص آخر محل الدائن فيما بقى له من حق ، رجع من حل أخيراً هو ومن تقدمه في الحلول كل بقدر ما هو مستحق له ، وتقاسما قسمة الغرماء” . ولا يستطيع الدائن ، وهو يستوفي الجزء الباقي من حقه من هذا الشخص الآخر أن يتفق معه على أن يجعله متقدماً على الكفيل ، إذ أن الكفيل ليس طرفاً في هذا الاتفاق فلا يسري في حقه . وإنما يجوز للدائن ، عند استيفاء جزء من حقه من الكفيل ، أن يشترط عليه أنه هو أو من يخلفه في الجزء الباقي يتقدم على الكفيل . وعند ذلك يكون للدائن ، وهو يستوفي الجزء الباقي ، أن يتفق مع الوفي الثاني أن يتقدم هذا على الكفيل ، وهذا ما رضي به الكفيل مقدماً عند اتفاقه مع الدائن( [34] ) .

وما قدمناه من أن الكفيل الذي وفى بجزء من الدين يتأخر عن الدائن عند ما يريد هذا استيفاء الجزء الباقي ، إنما يصح إذا رجع الكفيل على المدين بدعوى الحول . أما إذا رجع بالدعوى الشخصي ، فقد رأينا( [35] ) . أنه لا وجه لتفضيل الدائن عليه . فإذا فرض في المثل المتقدم أن المدين لم يرهن عقاراً لضما الدين ، ووفى الكفيل الدائن جزءاً من حقه ، ولم يكن عند المدين مال يفي بكل الدين ، فإن رجوع الكفيل بالدعوى الشخصية على المدين  يجعله يزاحم الدائن في رجوعه على المدين بما بقي من حقه ، ويقتسمان مال المدين اقتسام الغرماء( [36] ) .

– موازنة ين دعوى الحلول والدعوى الشخصية : من ميزات دعوى الحلول على الدعوى الشخصية ، أن الكفيل إذا رجع بدعوى الحلول كان له جميع تأمينات الحق الذي وفاه ، وينتقل إليه الحق بما له من خصائص وما يلحقه من توابع ، وقد تقدم بيان هذا( [37] ) . ولا يشترط في دعوى الحلول أن يكون الكفيل قد أخرط المدين بعزمه على الوفاء ، ويشترط ذلك في الدعوى الشخصية( [38] ) .

ولكن الدعوى الشخصية قد تكون لها ، من جهة أخرى ، ميزات على دعوى الحلول . ونذكر من هذا الميزات ثلاثاً : –

أولا – يستحق الكفل في الدعوى الشخصية الفوائد القانونية على جميع ما دفعه للدائن وفاء للدين من وقت الدفع ، ويرجع الكفيل أيضاً في الدعوى الشخصية بالمصروفات التي أنفقها في سبيل الوفاء بالتزامه وكل ما حكم عليه به من المصروفات للدائن ، كما يرجع بالتعويض عن الضرر الذي يكون قد أصابه دون خطأ منه بسبب تنفيذ التزامه . ولا يرجع الكفيل في دعوى الحلول لا بالفوائد القانونية ولا بالمصروفات ولا بالتعويض ، وهذه هي إحدى الميزات الأساسية للدعوى الشخصية على دعوى الحلول( [39] ) .

ثانياً – إذا رجع الكفيل بالدعوى الشخصية ، فإن حقه يكون قد نشأ منذ الوقت الذي وفى فيه المدين للدائن ، فلا يبدأ سريان التقادم إلا من ذلك الوقت . أما في دعوى الحلول فيرجع الكفيل بنفس حق الدائن ، وقد بدأ $193 سريان تقادم هذا الحق منذ أن استحق أي قبل أن يبدأ سريان التقادم بالنسبة إلى الدعوى الشخصية ، وقد تكون مدة تقادم حق الدائن قد أوشكت على الانقضاء ، فلا تلبث أن تنقضي بعد انتقال الحق إلى الكفيل ، وفي هذا تتميز الدعوى الشخصية على دعوى الحلول( [40] ) .

ثالثاً – إذا كان الكفيل قد وفى الدين وفاء جزئياً وأراد الرجوع بدعوى الحول ، فقد رأينا أنه يتأخر عن الدائن حتى يستوفي الدائن من المدين الباقي من حقه . أما إذا رجع الكفيل بالدعوى الشخصية ، فإنه يتعاون مع الدائن ولا يتقدم الدائن عليه ، ويقتسمان مال المدين اقتسام الغرماء( [41] ) .

( [1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1153 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 867 ، في المشروع النهائي – ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 866 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 799 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 5 ص 541 – ص 546 ) .

ويقابل النص في التقنين المدني السابق م 505/617 : إذا دفع الكفيل عند حلول الأجل ، فله الرجوع على المدين . . . ويحل محل الدائن في حقوقه ، لكن لا تجوز له المطالبة إلا بعد استيفاء الدائن دينه بتمامه إذا كان الكفيل لم يدفع إلا جزءاً من الدين .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 765 ( مطابق ) .

التقنين المدني الليبي م 808 ( مطابق ) .

التقنين المدني العراقي م 1033/2 : ويحل الكفيل محل الدائن في جميع ما لهذا الدائن من الحقوق ، سواء كانت الكفالة بأمر المدين أو بغير أمره .

قانون الموجبات والعقود اللبناني م 1084 : أن الكفيل الذي أوفى الدين على وجه صحيح يحل محل الدائن في جميع حقوقه وامتيازاته على المديون الأصلي بقدر المبلغ الذي دفعه ، وعلى سائر الكفلاء بقدر حصصهم وأنصبتهم . على أن ذلك الحلول محل الدائن ليس من شأنه أن يعدل الاتفاقات الخاصة المعقودة ين المديون الأصلي والكفيل .

( [2] ) ترولون فقرة 329 وفقرة 362 – بون 2 فقرة 267 – أوبري ورو 6 فقرة 427 ص 287 – جيوار فقرة 176 وفقرة 183 – بودري وفال فقرة 111 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 110 – محمد علي إمام فقرة 144 – سليمان مرقس فقرة 120 ص 133 – منصور مصطفى منصور فقرة 54 ص 104 .

( [3] ) عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 110 – منصور مصطفى منصور فقرة 54 ص 104 .

( [4] ) انظر آنفاً فقرة 65 .

( [5] ) انظر آنفاً فقرة 60 .

( [6] ) وكان حلول الكفيل محل الدائن في القانون الروماني لا يتم بحكم القانون ، بل كان الكفيل عند وفاء الدين للدائن يقتضي منه أن ينزل له عن حقوقه . فإذا رفض الدائن النزول عن دعواه للكفيل ، كان لهذا الأخير أن يواجهه بدفع في خصوص ذلك ( cedendarun actionyn ) ، بل كان يفترض في بعض الحالات أن النزول عن الدعوى قد تم فعلا . وكان القانون الروماني ، من جهة أخرى ، يجعل لمن يوفى دينا مضمونا برهن الحق في أن يخلف الدائن في هذا الرهن ( successio in locum creditais ) أو في مرتبته ( جيرار طبعة ثالثة ص 754 – ص 755 وص 776 هوامش 2 و 5 و 6 و 7 ) . أما في القوانين الجرمانية ، فكان الكفل يحل محل الدائن بحكم القانون . وكذلك كان الأمر في القانون الفرنسي القديم ، وإن كان ذلك محلا النزاع ( بودري وفال فقرة 1109 ) .

( [7] ) انظر آنفاً فقرة 62 .

( [8] ) ولذلك جاء ترتيب المواد 789 – 800 مدني معيبا ، فقد بدأت المادة 789 وهي في صدر هذه الموارد تتكلم عن إخطار المدين ، ثم جاءت المادتان 799 و 800 الأولى في دعوى الحلول والثانية في الدعوى الشخصية . وهذا الترتيب يوهم أن إخطار المدين واجب في كل من دعوى الحلول والدعوى الشخصية ، ما دام الإخطار بتقدم كلا من الدعويين . والصحيح أن الإخطار غير واجب إلا في الدعوى الشخصية ، أما دعوى الحلول فلا يجب فيها الإخطار قبل الوفاء ، إذ أن الوفاء دون إخطار المدين به يجعل الكفيل يحل محل الدائن كالوفاء بعد الإخطار سواء بسواء . وكان الواجب أن تتأخر المادة 798 المتعلقة بالإخطار عن المادة 799 المتعلقة بدعوى الحلول ، أو تتقدم المادة 800 المتعلقة بالدعوى الشخصية على المادة 799 المتعلقة بدعوى الحلول ، وتأتي المادة 800 المتعلقة بالدعوى الشخصية عقب المادة 798 مباشرة ، أي عقب المادة المتعلقة بالإخطار ، وبذلك لا يكون الإخطار واجبا إلا في الدعوى الشخصية . ( انظر في هذا المعنى سليمان مرقس فقرة 102 ) .

( [9] ) انظر آنفاً فقرة 66 .

( [10] ) محمد كامل مرسي فقرة 109 ص 149 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 111 ص 171 .

( [11] ) بودري وفال فقرة 1110 .

( [12] ) بودري وفال فقرة 1112 – محمد كامل مرسي فقرة 109 ص 151 – سليمان مرقس فقرة 120 ص 134 – وإذا امتد الأجل الأصلي باتفاق بين المدين والدائن أو بمنح القاضي للمدين نظرة المسيرة ، فإنه يبدو أن الكفيل ، وقد حل محل الدائن ، لا يستطيع الرجوع بدعوى الحلول إلا عند حلول الأجل الجديد بعد امتداده ، لأن الدائن نفسه كان لا يستطيع الرجوع على المدين قبل ذلك ( جيوار فقرة 252 – محمد كامل مرسي فقرة 109 ص 151 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 115 ص 174 هامش 2 – انظر عكس ذلك وأن الكفيل يرجع بدعوى الحلول الأجل الأصلي ولا ينتظر حلول الأجل الجديد : بودري وفال فقرة 1112 .

( [13] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 5 ص 544 – ص 545 .

( [14] ) انظر التكييف القانوني للحلول والنظريات الثلاثة المختلفة في هذا التكييف ، وهي : ( 1 ) بقاء التأمينات وحدها دون الحق . ( 2 ) بقاء الحق نفسه وانتقاله إلى الموفي . ( 3 ) الوفاء مع الحول وفاء للحق إلى الدائن وانتقال للحق بالنسبة إلى المدين : الوسيط 3 فقرة 402 – فقرة 405 .

( [15] ) انظر آنفاً فقرة 65 .

( [16] ) وإذا أبرأ الدائن أحد المدينين المتضامنين من التضامن فقط ولي يبرئه من الدين ،ودفع الكفيل المتضامن الدين ، فله الرجوع على المدين الذي أبرئ من التضامن بكل ما دفع ( مصر الكلية 5 فبراير سنة 1933 المحاماة 14 رقم 17 ص 32 ) .

( [17] ) بودري وفال فقرة 1116 مكررة – ويظهر أنه حق تجاري في الإثبات والاختصاص وسعر الفوائد القانونية .

( [18] ) الوسيط 3 فقرة 392 – ويرجع الكفيل على المدين بقيمة الأخشاب التي حجز عليها الدائن وتركها المدين تفلت من الحجز( نقض فرنسي 10 مارس 1936 سيريه 1936 – 1- 190 – أوبر ورو 6 فقرة 427 ص 287 هامش 1 .

( [19] ) جيوار فقرة 185 – بودري وفال فقرة 1114 ص 586 – بلانيول وريبير وسافاتييه فقرة 1541 ص 993 .

( [20] ) للوسيط 3 فقرة 392 ص 690 – منصور مصطفى منصور فقرة 55 ص 107 .

( [21] ) الوسيط 3 فقرة 393 .

( [22] ) منصور مصطفى منصور فقرة 55 ص 107 – ولو ضمن الكفيل المستأجر في دفع الأجرة ، ثم دفعها للمؤجر وفاء عن المستأجر ، حل محل المؤجر في حقه بما يتبع هذا الحق من طرد المستأجر من العين المؤجرة فليس طرد المستأجر إلا ضربا من فسخ الإيجار ، وقد قدمنا أن دعوى الفسخ تعتبر من توابع الحق ( جيوار فقرة 185 – بودري وفال فقرة 114 – عكس ذلك بلانيول وريبير وسافاتييه فقرة 1541 ص 993 هامش 1 ) .

( [23] ) بودري وفال فقرة 114 ص 586 – ويستوي أن تكون هذه التأمينات قد حصل عليها الدائن قبل عقد الكفالة أو بعد هذا العقد ، ففي الحالتين يحل الكفيل فيها محل الدائن ( ترولون فقرة 376 – بون 2 فقرة 272 – جيوار فقرة 184 – بودري وفال فقرة 113 ) .

( [24] ) الوسيط 3 فقرة 394 – وقد رأينا ( انظر آنفاً فقرة 51 ) أن المادة 787/2 و 3 مدني تنص على ما يأتي : “3- فإذا كان الدين مضمونا بمنقول مرهون أو محبوس ، وجب على الدائن أن يتخلى عنه للكفيل . 3- أما إذا كان الدين مضموناً بتأمين عقاري ، فإن الدائن يلتزم أن يقوم بالإجراءات اللازمة لنقل هذا التأمين ، ويتحمل الكفيل مصروفات النقل على أن يرجع بها على المدين” .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Howdy,
Search exact
Search sentence
Ad2
Ad1