You cannot copy content of this page
جرائم الامتناع والترك فى قانون العقوبات المصرى
– حكم القتل بالترك أو بالامتناع :-
الأصل في القتل أن يقع بفعل إيجابي وقد ثار السؤال هل يقع بالامتناع مثل الأم التي تمتنع متعمدة عن إرضاع صغيرها حتى يموت والممرضة التي لا تعطي متعمدة الدواء للمريض حتى يموت أو رجل ألمطافي الذي يمتنع عن إنقاذ عدوة الذي حاصرته النيران بقصد قتله حيث ذهب الرأي الراجح من الفقه الجنائي ونحن معهم إلي أنه يقع القتل بالامتناع مثل القتل بفعل ايجابي إذا كان الجاني قد اخل بالتزامات قانونية أو تعاقدية بالتدخل لإنقاذ حياة المجني عليه من الموت .
ويترتب على ذلك:- أن الأم التي تمتنع عن إرضاع طفلها أو عن قطع حبله السري بقصد قتله تسأل عن قتله عمد. كما يسأل عن قتل عمد كذلك من يعهد إليه برعاية مريض عاجز عن الحركة فامتنع عمدا عن تقديم الطعام والدواء له فمات، ومعلم السباحة الذي امتنع عمدا عن إنقاذ تلميذه فغرق في مثل هذه الحالات وغيرها نكون إزاء اعتداء على حق الإنسان، أو بالأحرى المجني عليه في الحياة، فيسأل الممتنع عن جريمة قتل عمد ، طالما توافر لديه قصد القتل، أي إرادة إزهاق روح المجني عليه، فإذا انتفى القصد من مسلكه فإنه يعد قاتلا بإهمال.
أما حيث لا يكون على الممتنع التزام قانوني أو تعاقدي بالتدخل لإنقاذ حياة المجني عليه:-
فإنه لا يسأل عن قتل عمد، حتى لو توافر لديه القصد الجنائي، كما لا يسأل كذلك عن قتل مع الإهمال وعلى ذلك لا يعد قاتلا من يرى ضريرا يسير بالقرب من حفرة فلا يحذره وترتب على ذلك أن سقط فيها ومات. كما لا يعد قاتلا كذلك من يرى شخصا يشرف على الغرق، أو إنسانا تحيط به أو حاصرته النيرات ولا يتقدم لإنقاذه. إذ أن القانون لا يفرض على الناس الشجاعة ولا التضحية، خصوصا إذا اقترنت بقدر من المخاطرة ولو يسير .
– أما في خصوص موقف القضاء المصري من مسألة القتل بالترك أو الامتناع،: –
فإن الحالات التي عرضت عليه نادرة يصعب معها استنباط اتجاه قضائي عام في خصوص هذه المسألة، من ذلك ما قضت به محكمة جنايات الزقازيق في 9/2/1925 من براءة أم من تهمة القتل العمد كانت قد تركت وليدها يهلك بعد ولادته مباشرة، فهي – على حد قول المحكمة – لم ترتكب عملا ايجابيا يستفاد منه قصد القتل، بينما قرر قاضى الإحالة بمحكمة المنيا في حادثة أم لم تربط الحبل السري لوليدها حتى مات اعتبار الواقعة جنحة قتل خطأ لأنه رجح انتفاء القصد الجنائي لديها .
وفى إحدى القضايا ذهبت محكمة النقض المصرية إلى :-
أن تعجيز شخص عن الحركة بضربه ضربا مبرحا وتركه في مكان منعزل محروما من وسائل الحياة بنية القتل يعتبر قتلا عمدا متى كانت الوفاة نتيجة مباشرة لتلك الأفعال،
ويري الفقه الراجح لدينا :- والحق أن هذا الحكم لا يعد سابقة مؤكدة تدل على اعتناق محكمة النقض الاتجاه السائد في الفقه، فقد اختلطت أو تداخلت الأفعال والمواقف السلبية المسندة إلى المتهم مع أفعال ايجابية متعددة ، وكلها كان لها دورها الواضح في إحداث الوفاة، وهو ما يرفع عن الحكم دلالته على تجاه المحكمة.