You cannot copy content of this page
ما مدي مشروعية تضمين الإعلان عن وظائف أعضاء هيئة التدريس والوظائف المعاونة بكليات الجامعة، شرطًا بقصر التقدم على خريجى الجامعات الحكومية، وكذا مدى مشروعية تحديد حد أقصى لسن المتقدم لشغل تلك الوظائف المُعلَن عنها؟
ما مدي مشروعية تضمين الإعلان عن وظائف أعضاء هيئة التدريس والوظائف المعاونة بكليات الجامعة، شرطًا بقصر التقدم على خريجى الجامعات الحكومية، وكذا مدى مشروعية تحديد حد أقصى لسن المتقدم لشغل تلك الوظائف المُعلَن عنها؟
و قد اجابت الجمعية العمومية لقسمي الفتوي و التشريع علي ذلك بأنها قد استظهرت ، أن الدستور أوجب على الدولة الالتزام بتحقيق تكافؤ الفرص
بين المواطنين، وساوى بين المواطنين فى الحقوق والحريات العامة، ومن هذه الحقوق، الحق فى تولى الوظائف العامة، وأن المشرع فى قانون تنظيم الجامعات المشار إليه حدد وظائف أعضاء هيئة التدريس، والتى تبدأ بوظيفة مدرس، ثم وظيفة أستاذ مساعد، ثم وظيفة أستاذ، أما ما يسبقها من وظائف المعيدين والمدرسين المساعدين فهى ليست من وظائف أعضاء هيئة التدريس وإنما هى من الوظائف المعاونة لهم، واتخذ من التعيين فى الوظيفة الأدنى فى الكلية ذاتها، أو المعهد سبيلاً أصليًا لشغل وظائف أستاذ، وأستاذ مساعد، ومدرس، ومدرس مساعد، فإذا لم يوجد من هؤلاء من هو مؤهل لشغل الوظيفة الأعلى الشاغرة، فيتم الإعلان عنها. أما بالنسبة إلى وظيفة معيد والتى يتم من خلالها شغل وظيفة مدرس مساعد تعيينًا،
فيجرى شغلها أيضًا بالسبيل ذاته عن طريق الإعلان، وذلك هو الطريق الأصلى لشغلها، أما الطريق الاستثنائى فهو طريق التكليف من بين خريجى الكلية فى السنتين الأخيرتين، وفقًا للأحكام التى رسمها المشرع لكل طريق من هذين الطريقين، كما حدد المشرع فى القانون المذكور الشروط العامة لشغل تلك الوظائف جميعًا،
وأجاز لمجلس الجامعة بناء على طلب مجلس الكلية، أو المعهد بعد أخذ رأى مجلس القسم المختص، أن يُضمّن الإعلان عن شغلها شروطًا أخرى بالإضافة إلى تلك الشروط، وذلك فيما عدا وظيفة أستاذ فلم يُجز إضافة شروط أخرى لشغلها غير الشروط التى بينها القانون.
كما استظهرت الجمعية العمومية مما تقدم، أن الإعلان كطريق من طرق شغل الوظائف آنفة الذكر، إنما يكفل تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص، وضمان المنافسة العادلة بين المستوفين لشروط شغل الوظائف المُعلن عنها كإطار عام لا يجوز تجاوزه، وهو ما يتعين معه أن تكون الغاية من الشروط التى تُضيفها جهة الإدارة
عند الإعلان عن حاجتها لشغل تلك الوظائف – وفق السلطة التقديرية المُخوَّلة لها قانونًا فى هذا الشأن –
هى تحقيق المصلحة العامة، وكفالة حسن سير العمل فى المرفق الذى تقوم عليه، وأن تكون هذه الشروط متصفة بالعمومية والتجريد، لا أن تكون شروطًا منطوية على تمييز منهى عنه، أو إخلالاً بالمساواة
أو بتكافؤ الفرص، وهى الأمور المكفولة بنص الدستور للمواطنين جميعًا عند التنافس على شغل الوظائف العامة بوصفها حقًا لهم، كما يلزم أن تكون تلك الشروط متفقة وما تمليه الوظيفة المعلن عنها، محققة مصلحتها،
فضلاً عن عدم مخالفتها أحكام الدستور والقانون، وألا تجافى طبائع الأشياء ومنطقها وعدلها، وإلا استحالت عسفًا بالسلطة المخولة، وانحرافًا بها فى هذا الشأن.
ولاحظت الجمعية العمومية أن مشروعية تضمين الإعلان عن الحاجة إلى شغل وظائف أعضاء
هيئة التدريس – عدا وظيفة أستاذ – والوظائف المعاونة، شرطًا بالحد الأقصى لسن المتقدم لشغل أى من
هذه الوظائف، والذى يمتنع حال تجاوزه التقدم للمنافسة على شغلها، يتوقف على مضمون هذا الشرط، إذ يتعين ألا يكون تحديد هذه السن تحكميًا فيجرى النزول به نزولاً غير مبرر على نحو يفوت الفرصة على المستوفين لشروط شغل الوظيفة المعلن عنها بحسب المجرى العادى للأمور، وهو ما يشكل إهدارًا لمبدأ تكافؤ الفرص وإخلالاً بالحق فى تولي الوظائف العامة، وإنما يجب أن يكون هذا التحديد وفق قواعد موضوعية منضبطة غايتها فتح الباب – قدر الإمكان – للراغبين فى شغل الوظيفة من المستوفين للشروط المقررة لشغلها
للتزاحم على الفوز بها، من خلال اختيار سن متوازن كحد أقصى يراعى فى تحديده بالنسبة إلى أدنى الوظائف، وهى فى الحالة المعروضة وظيفة “معيد” السن المعتاد للحصول على المؤهل اللازم لشغل الوظيفة،
فى ضوء الظروف الواقعية، من سنوات الدراسة، مراعيًا فى ذلك ما عساه يعترض الطالب العادى من عقبات تؤخر حصوله على هذا المؤهل، وفقًا للسير المعتاد للأمور، ويراعى فى تحديده أيضًا بالنسبة لهذه الوظيفة
أنه يجوز قانونًا شغلها بطريق التكليف من بين خريجى آخر سنتين دراسيتين، مما يقتضى أخذ السن المعتاد
لمن عساه يكلف بذلك فى الاعتبار بغية تجنب التفاوت غير المنطقى بين شاغلى هذه الوظيفة فى السن،
أما بالنسبة للوظائف الأعلى بدءًا من مدرس مساعد وما يعلوها، فيراعى فى ذلك السن الذى يتم تحديده
فى ضوء ما سبق بيانه، والمدة المعتادة للحصول على التأهيل العلمى واستيفاء الشروط اللازمة لشغل الوظيفة الأعلى، بحسب السير العادى للأمور، كما أن من تلك القواعد الموضوعية بالنسبة إلى جميع الوظائف المشار إليها
أن يؤخذ بعين الاعتبار إتاحة السبيل لمن يقع عليه الاختيار لقضاء فترة معقولة بالعمل بالجامعة تسمح له باكتساب الخبرات التراكمية التى تتكون لشاغلى تلك الوظائف على مدار سنوات عملهم، حتى يمكن الاستفادة من هذه الخبرات، باعتبار أن الملكات والخبرات فى مجال البحث العلمى والتدريس تتكون وتتراكم
على مر السنين عامًا بعد عام، وهو ما اتجهت إليه إرادة المشرع فى قانون تنظيم الجامعات بما قرره
من أن الأصل بالنسبة للتعيين فى وظائف أعضاء هيئة التدريس يكون من شاغلى الوظيفة التى تسبقها
فى الكلية ذاتها، أو المعهد، والاستثناء هو شغلها عن طريق الإعلان، وأن يؤخذ كذلك بعين الاعتبار
أن أعضاء هيئة التدريس فى الكلية، أو المعهد سوف يتناوبون فيما بينهم فى شغل المناصب الإدارية
بالأقسام والكليات، وهو ما يقتضى تجنب التفاوت العمرى المبالغ فيه بين شاغلى الوظيفة الواحدة
من هذه الوظائف إذ الأصل وفقًا للمعتاد أن يكون الأكبر سنًا هو الأعلى وظيفة، أو الأقدم فيها.
كما لاحظت الجمعية العمومية أن المشرع فى قانون الجامعات الخاصة والأهلية المشار إليه أجاز إنشاء جامعات خاصة تتكون من أقسام، أو كليات، أو معاهد عليا متخصصة، أو وحدات بحثية، يكون لها
منح الدرجات العلمية والشهادات والدبلومات، وفق الشروط العامة التى يُبيّنها القرار الصادر بإنشاء الجامعة،
وقد نص هذا القانون صراحة على اعتبار الدرجات العلمية والشهادات والدبلومات التى تمنحها الجامعة الخاصة (مُعادِلةً) للدرجات العلمية والشهادات والدبلومات التى تمنحها الجامعات المصرية، وذلك وفقًا للقواعد والإجراءات المقررة لمعادلة الدرجات العلمية، وسرَّى المشرع هذا الحكم على الجامعات الأهلية. كما أخضعت اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات الدرجات الجامعية والدبلومات التى تمنحها الجامعات والمعاهد غير الخاضعة
لهذا القانون، للتقييم بمعرفة لجنة يشكلها المجلس الأعلى للجامعات، بحيث إذا ما انتهت هذه اللجنة
– بعد دراسة المحتوى العلمى والتأهيلى اللازم للحصول على هذه الدرجات الجامعية – إلى التوصية بمعادلتها بالدرجات العلمية المناظرة التى تمنحها الكليات والمعاهد الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات، واعتُمدت تلك التوصية من المجلس الأعلى للجامعات؛ صارت هذه الدرجات الجامعية مساويةً لها فى المرتبة، ومحققةً الأثر القانونى ذاته المترتب على الحصول عليها فى جميع المجالات، ومنها الصلاحية للتعيين فى الوظائف العامة التى تشترط الحصول على هذه الدرجات للتعيين فى الوظيفة. والقول بغير ذلك يؤدى إلى إهدار كل أثر قانونى
لهذه المعادلة، وإفراغ النصوص التشريعية المقررة لها من مضمونها.
وترتيبًا على ما تقدم، وإذ أعلنت جامعة بورسعيد عن شغل بعض وظائف أعضاء هيئة التدريس والوظائف المعاونة لهم بكليات الجامعة، وضمنت الإعلان بعض الشروط، من بينها أن يكون المتقدم لشغل
أى من هذه الوظائف من خريجى الجامعات الحكومية دون غيرها، وكان هذا الشرط ينطوى على تمييز
بين من تتوفر فيهم الشروط اللازمة لشغل الوظائف المُعلن عنها، ومن ثمَّ يُخِلُّ بمبدأى المساواة وتكافؤ الفرص، ويُفضى إلى إهدار الأثر القانونى المترتب على معادلة الدرجات العلمية والشهادات التى تمنحها الجامعات والمعاهد غير الخاضعة لأحكام قانون تنظيم الجامعات بالدرجات العلمية والشهادات التى تمنحها الجامعات الخاضعة لأحكامه، على النحو الذى نظمته النصوص سالفة البيان؛ ذلك أنه متى تمت هذه المعادلة
وفق القواعد والإجراءات المقررة فى هذا الشأن يتعين المساواة بين الحاصلين على الدرجة العلمية من الجامعات والمعاهد غير الخاضعة لأحكام قانون تنظيم الجامعات وبين الحاصلين على الدرجة العلمية من الجامعات الخاضعة لأحكام هذا القانون، فى الصلاحية للتقدم لشغل الوظيفة التى تتطلب هذه الدرجة العلمية لشغلها،
بما يكون مع ذلك الشرط شرط مانع من منافسة خريجى الجامعات الخاصة والأهلية على شغل الوظائف المعلن عن الحاجة إلى شغلها، وهو ما يجعله غير مشروع لمخالفته صحيح أحكام الدستور والقانون.
ومما يؤكد ذلك، أن المشرع فى المادة (66) من قانون تنظيم الجامعات اعتدَّ بالدرجات العلمية
التى تُمنح من غير الجامعات الخاضعة لأحكامه مادامت معادلة للدرجات الممنوحة من هذه الجامعات
وفق الأحكام الواردة فى القوانين واللوائح المعمول بها، وأجاز للحاصلين على تلك الدرجات شغل وظائف أعضاء هيئة التدريس، حيث اشترطت هذه المادة فيمن يعين عضوًا فى هيئة التدريس أن يكون حاصلا على درجة الدكتوراه، أو ما يعادلها من إحدى الجامعات المصرية فى مادة تؤهله لشغل الوظيفة، أو أن يكون حاصلا من جامعة أخرى، أو هيئة علمية، أو معهد علمى معترف به فى مصر، أو فى الخارج على درجة يعدّها المجلس الأعلى للجامعات معادلة لذلك مع مراعاة أحكام القوانين واللوائح المعمول بها.
وفيما يخص ما تضمنه الإعلان المشار إليه من اشتراط ألا يتجاوز عمر المتقدم لشغل الوظائف
المعلن عنها السن المحددة لكل وظيفة، وهى: 30 عامًا بالنسبة لوظيفة معيد، و35 عامًا بالنسبة لوظيفة مدرس مساعد، و40 عامًا بالنسبة لوظيفة مدرس، و45 عامًا بالنسبة لوظيفة أستاذ مساعد، فلما كان هذا التحديد جاء موافقًا للضوابط الموضوعية سالفة البيان، ومن ثم يكون مسلك الجامعة بإدراج هذا الشرط ضمن الإعلان
قد جاء مشروعًا، ما دامت قد التزمت ما أوجبه المشرع من أن يكون تقرير هذا الشرط بقرار من مجلس الجامعة بناء على طلب مجلس الكلية، أو المعهد بعد أخذ رأى مجلس القسم المختص. أما ما تضمنه ذلك الإعلان
من اشتراط ألا تُجاوزَ سن المتقدم إلى وظيفة أستاذ 50 عامًا فهو شرط غير مشروع، بحسبان أن المشرع
فى قانون تنظيم الجامعات المشار إليه لم يُجِزْ عند الإعلان عن الحاجة لشغل وظائف الأساتذة
إضافةَ شروط أخرى إلى الشروط العامة التى بيَّنها القانون، حسبما سبق بيانه.
(في هذا المعني :- فتوي الجمعية العمومية لقسمي الفتوي و التشريع ، ملف رقم 86 / 4 / 1868 ، جلسة 8 / 2 /2017)