You cannot copy content of this page
أوجه بطلان القرارات الصادر من النيابة العامة بالتمكين
لقد أعطي المشرع المصري للنيابة العامة وظيفتين تتولهما في عملها منها الوظيفة الإدارية لمهام النيابة العامة ومنها جزاء من الوظيفة القضائية والتي هي من صميم دور ووظيفة القضاء .
وهذه الوظيفة القضائية تتجلي بوضوح فيما تتولاة النيابة العامة من إصدار أوامر جنائية لها قوة الأحكام الجنائية الصادرة من القاضي الجزئي .
ومنها ما تتولاها النيابة العامة في شأن التحقيقات التي تقوم بها في القضايا الجنائية والتصرف فيها بأوامر لها حجيتها وقوتها وطرق الطعن عليها أمام محكمة الجنح المستأنفة إلي أخري ما يتعلق بهذا الأمر .
وأيضا نجد أن من أخطر ما يتعلق بدور النيابة العامة والذي منحه لها القانون بموجب المادة 44 مكرر من قانون المرافعات وهو إصدار قرارات فيما يتعلق بموضوعات الحيازة الجنائية والمدنية .
وهذا الموضوع هو ما يتعلق بالدعوي الماثلة وهو محل الدفع بالبطلان لمخالفة صريح نص المادة 44 مكرر مرافعات .
أن المشرع عندما منح للنيابة العامة سلطة إصدار قرارات لها قوة الأحكام القضائية بخلاف أنها وأجبه النفاذ فور صدورها حتى علي الرغم من التظلم أمام القضاء علي تلك القرارات وهذا الأمر جعل تلك القرارات في غاية الخطورة علي حقوق المتقاضين ومخالفه للدستور .
وعلي الرغم من ذلك نجد أن العمل قد جري في النيابة العامة علي مخالفة القانون فيما نص علية من ضمانات وردت في المادة 44 مكرر مرافعات وهي ذات المادة التي أعطت للنيابة الحق في إصدار تلك القرارات , إلا أن العمل قد جري في النيابة العامة علي إصدار هذه القرارات دون قيام النيابة العامة بدورها القضائي في هذا الشأن حيث أن المادة 44 مكرر تنص علي أنه :- يجب على النيابة العامة متى عرضت عليها منازعة من منازعات الحيازة ، مدنية كانت أو جنائية ، أن تصدر فيها قراراً وقتياً مسبباً واجب التنفيذ فوراً بعد سماع أقوال أطراف النزاع وإجراء التحقيقات اللازمة ، ويصدر القرار المشار اليه من عضو نيابة بدرجة رئيس نيابة على الأقل وعلى النيابة العامة إعلان هذا القرار لذوى الشأن خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدوره وفي جميع الأحوال يكون التظلم من هذا القرار لكل ذي شأن أمام القاضي المختص بالأمور المستعجلة ، بدعوى ترفع بالإجراءات المعتادة في ميعاد خمسة عشر يوماً من يوم إعلانه بالقرار ، ويحكم القاضي في التظلم بحكم وقتي بتأييد القرار ، أو بتعديله أو بإلغائه، وله بناء على طلب المتظلم أن يوقف تنفيذ القرار المتظلم منه إلى أن يفصل في التظلم .
· لقد أشترط المشرع في تلك المادة علي النيابة العامة قبل أن تقوم بإصدار قررها في منازعة الحيازة أن تتولي إجراء التحقيقات القضائية وليس مجرد استيفاء الأوراق كما يحدث وجري علية العمل في هذا الشأن ولا يستقيم الأمر إلا بأجراء التحقيق بمعرفة عضو النيابة العامة في منازعه وليس بمعرفة موظف الاستيفاء ,
لما كان المشرع قد ألزم النيابة العامة أن تتولي إجراء التحقيقات وسماع الشهود في منازعه الحيازة فأن هذا النص هو وأجب النفاذ علي النحو الوارد وبذات الكيفية التي نص عليها ولا يجوز مخالفته نهائيا ذلك للأسباب الآتية :-
1 :- قرار التمكين عمل قضائي .
أن هذا الإجراء الذي نصت علية المادة 44 مكرر هو في حقيقة تكييفه القانوني عمل قضائي خالص وهو من صميم الأعمال القضائية والتي هي في الأصل من اختصاص السلطة القضائية الأمر الذي يجب ولابد علي عضو النيابة العامة أن يتولي إجرائه بنفسه ولا يجوز الإنابة من النيابة العامة لمجرد موظف للقيام بعمل بسماع أقوال الشاكي وسماع الشهود وعمل المعاينة علي العين محل الحيازة , وتقتصر مهمة عضو النيابة علي مجرد متابعة الإجراءات فقط .
إن نص المادة 44 مكرر مرافعات قد جاءت بنص وأضح وصريح يكلف النيابة العامة بسماع الشهود وإجراء التحقيقات اللازمة وتلك التحريات وسماع الشهود لأبد أن يتولهما عضو النيابة العامة بما أعطاه القانون من ضمان للحيدة والنزاهة التي هي للقضاة , وتلك الضمان هي الأساس في تكليف النيابة العامة لإصدار مثل هذه القرارات والتي لا تتوافر لدي موظف الاستيفاء , والتي بدونها يكون القرار الصادر بالتمكين قد جاء باطلا وبني علي غير أساس صحيح من القانون .
· إن المشرع عندما أناط إلي النيابة العامة بعمل هو في أصله من بين الأعمال القضائية فلابد أن يتولي أعضاء النيابة العامة تنفيذ هذا العمل علي النحو الذي نص علية القانون وإذا ما خالفت النيابة العامة هذا النص وأصدرت قرارها دون أن تتولي القيام بأجراء التحقيقات وسماع الشهود وحلفهم اليمين علي شهادتهم , علي نحو ما يحدث في التحقيقات في القضايا الجنائية , فأن القرار الذي يخلو من القيام بالإجراءات القانونية الصحية والتي هي الضمانة الوحيدة للمتقاضين فأن هذا القرار يكون باطلا بطلانا مطلقا يتعلق بالنظام العام لأنه يخالف إجراء جوهر نصت علية المادة 44 مكرر مرافعات من عدم قيام عضو النيابة العامة من إجراء التحقيق القضائي وسماع الشهود دون حلف اليمين , بالمخالفة لما قررته تلك المادة عندما نصت علي أنه ” أن تصدر فيها قراراً وقتياً مسبباً واجب التنفيذ فوراً بعد سماع أقوال أطراف النزاع وإجراء التحقيقات اللازمة ” .
وفي هذا الشأن قضت المحكمة الدستورية العليا بأنه :-
وحيث إنه في شأن الطعن على دستورية الفقرة الأولى من المادة (209) من قانون الإجراءات الجنائية ، فإن ما ينعاه المدعى ، مردود ـ بأنه من المستقر أن التنظيم التشريعي لحق التقاضي لا يتقيد بأشكال جامدة بل يجوز أن يغاير المشرع فيما بينها بأن يقرر لكل حال ما يناسبها ليظل هذا التنظيم مرناً يفي بمتطلبات الخصومة القضائية .
وإذ كان من المقرر ـ وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة ـ أن توفير الضمانات القضائية ، وأهمهـا الحيدة والاستقلال ، يُعَدّ أمراً واجباً في كل خصومة قضائية أو تحكيمية ، وهما ضمانتان متلازمتان ومتعادلتان في مجال مباشرة العدالة ، وتحقيق فاعليتها ، ولكل منهما القيمة الدستورية ذاتها ، فلا تعلو إحداهما على الأخرى أو تجبها ، بل تتضامان تكاملاً ، وتتكافآن قدراً ـ وهاتان الضمانتان تتوافران بلا ريب في أعضاء النيابة العامة باعتبارها جهة قضائية ، أحاطها المشرع بسياج من الضمانات والحصانات على النحو الوارد بنصوص قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 ، على نحو يقطع بتوافر ضمانتي الاستقلال والحيدة لهم ، فضلا عن أن عضو النيابة يمارس أعمال التحقيق ، والتصرف فيه من بعد ، وقد حل محل قاضى التحقيق لاعتبارات قدرها المشرع ، وهو في هذه الحدود يستمد حقه لا من النائب العام بصفته سلطة اتهام ، وإنما من القانون نفسه ، وهو الأمر الذي تستلزمة إجراءات التحقيق باعتبارها من الأعمال القضائية البحتة ، وما يصدر عن عضو النيابة العامة من قرارات وأوامر قضائية في هذا النطاق إنما يصدر منه متسماً بتجرد القاضي وحيدته ، مستقلاً في اتخاذ قراره عن سلطان رئاسة رئيس ، أو رقابة رقيب ـ ما خلا ضميراً لا يراقب إلا الله في عمله ، ويضحى أمر تخويله الاختصاص بإصدار القرارات بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى متفقاً مع أحكام الدستور ، وغير مخالف لأي من نصوصه ، بما يستوجب القضاء برفض الدعوى في هذا الشق منها .
( القضية رقم 163 لسنة 26 قضائية المحكمة الدستورية العليا”دستورية” )
وكذلك قضت محكمتنا الدستورية في العديد من مبادئها الهامة علي أنه :-
وحيث إن من المقرر أن استقلال السلطة القضائية مؤداه أن يكون تقدير كل قاضٍ لوقائع النزاع ، وفهمه لحكم القانون بشأنها ، متحررا من كل قيد ، أو تأثير ، أو إغواء ، أو وعيد ، أو تدخل ، أو ضغوط أياً كان نوعها أو مداها أو مصدرها ، وكان مما يعزز هذه الضمانة ويؤكدها استقلال السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية ، وأن تنبسط ولايتها على كل مسألة من طبيعة قضائية .
وحيث إن استقلال السلطة القضائية واستقلال القضاة وإن كفلتهما المادتان 165 و 168 من الدستور ، توقياً لأي تأثير محتمل قد يميل بالقاضي انحرافاً عن ميزان الحق ، إلا أن الدستور نص كذلك على أنه لا سلطان على القضاة في قضائهم لغير القانون . وهذا المبدأ الأخير لا يحمى فقط استقلال القاضي ، بل يحول كذلك دون أن يكون العمل القضائي وليد نزعة شخصية غير متجردة ، وهو أمر يقع غالباً إذا فصل القاضي في نزاع سبق أن أبدى فيه رأياً ، ومن ثم تكون حيدة القاضي شرطاً لازماً دستورياً لضمان ألا يخضع في عمله لغير سلطان القانون ………….. .
وحيث إن النصين المطعون عليهما يخالفان أحكام الدستور من أوجه عدة أولها : أن اللجنة التي أنشأها المشرع وعهد إليها ولاية الفصل في المنازعات الفردية التي قد تنشأ بين العامل ورب العمل هي لجنة يغلب على تشكيلها العنصر الإداري فهي تتكون من قاضيين وثلاثة أعضاء أحدهما مدير مديرية القوى العاملة المختص أو من ينيبه ، والثاني ممثل عن الاتحاد العام لنقابات عمال مصر ، والثالث ممثل عن منظمة أصحاب الأعمال المعنية ، وأعضاء اللجنة من غير القضاة لا يتوافر في شأنهم – في الأغلب الأعم – شرط التأهيل القانوني الذي يمكنهم من تحقيق دفاع الخصوم وتقدير أدلتهم ، وبفرض توافر هذا الشرط في أحدهم أو فيهم جميعاً ، فإنهم يفتقدون لضمانتي الحيدة والاستقلال اللازم توافرهما في القاضي ، فضلاً عن أن مدير مديرية القوى العاملة المختص بحسبانه رئيس الجهة الإدارية التي تتولى تسوية النزاع ودياً قبل عرضه على تلك اللجنة ، يكون قد اتصل بالنزاع وأبدى فيه رأياً ومن ثم فلا يجوز له أن يجلس في مجلس القضاء بعد ذلك للفصل في النزاع ذاته ، وثانيها : أن القرارات التي تصدر من هذه اللجان لا يمكن وصفها بالأحكام القضائية – حتى وإن أسبغ عليها المشرع هذا الوصف – ذلك أن الأحكام القضائية لا تصدر إلا من المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي وهذه اللجنة – وكما سبق القول – هي لجنة إدارية ، ومن ثم فإن ما يصدر عنها لا يعدو أن يكون قراراً إدارياً ، وليست له من صفة الأحكام القضائية شيء…… .
(القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 26 لسنة 27 قضائية ” دستورية )
عدالة الهيئة الموقرة إن ما أستقر قضاء المحكمة الدستورية علي أرثائه مبدأ هام استقرت علية جميع الدساتير وهو مبدأ حماية حق التقاضي وحرية اللجوء إلي القضاء كضمانه أساسية للحريات , وتوجت محكمتنا الدستورية بمبدأ أخر ملازم للمبدأ السابق لا ينفك أحدهما عن الأخر ولا يستقيم الحال بدون أحدهما , كما لا يتصور أن تستقيم العدالة إلا إذا ما كان هذان المبدآن لازمان متلازمان وهذا المبدأ الأخير هو ضمان أستقلال القضاء وحيدة ونزاهته التي هي الضمانة الوحيدة التي يطمئن إليها المتقاضين .
فإذا ما كان القانون قد جعل للنيابة العامة سلطة إصدار قرارات وقتية فيما يتعلق بمسألة الحيازة فإن علي النيابة العامة أن تقوم بدورها لتحقيق الضمانات التي فرضها الدستورية لحماية حقوق المتقاضين من مساواة وتكافئ الفرص , طبقا لما للنيابة العامة من حيدة ونزاهة واستقلال لا تتوافر للقائم علي استيفاء المحضر محل التظلم وهو موظف عادي يتولي القيام بكل إجراءات المحضر دون علم ودون حيدة ولا نزاهة , وأن دور النيابة العامة في محاضر التمكين يقتصر فقط علي مجرد إصدار القرار , مخالفة بذلك صريح نص الدستور و القانون .
· إن المشرع عندما أعطي للنيابة العامة الحق في إصدار قرارات وقتية واجبة النفاذ و فأن ذلك مردة إلي ما تتمتع به النيابة العامة من سلطات وما تتميز به من حيدة ونزاهة عند قيامه بأداء وظيفتها القضائية منها أو الإدارية , وتلك الضمانات يجب أن تتوفر في قرار التمكين الصادر منها حيث يجب أن يكون صادرا منها بعد تحقيقات قضائية وسماع أطراف النزاع وسماع شهود وحلفهم جميعا اليمين القانونية ضمان لصحة الإجراءات , وكذلك حلف رجل الإدارة اليمين علي شهادة وتحرياته , وأيضا حلف الضابط مجري التحريات , كل ذلك لضمان أن يصدر قرارها في النزاع علي أساس صحيح متفق مع تطبيق صحيح القانون , ومتوافرا فية الضمانات الدستورية التي أناطها الدستور ومنحها لرجل السلطة القضائية دون غيرهم .
· لما كان ما تقدم وكان القرار محل التظلم قد خلي من الشروط التي نصت عليها المادة 44 مكرر مرافعات ولم تتولي النيابه العامة القيام بدورها القضائي الأمر الذي أصاب القرار بالبطلان ومخالفة القانون , وجعل الإجراءات التي قام بها موظف النيابة العامة بعيدا عن بصر وبصير عضو النيابة العامة محل شك وريبة خاصة وأن حقيقة الواقع تؤكد ذلك ولوجود شهود أخرين وهم جيران للعين محل النزاع شهدوا بخلاف ما شهد به الشهود في القرار محل التظلم الماثل , الأمر الذي يؤكد صحة ما جاء في هذا الدفع .
2 :- قرار التمكين وأجب النفاذ فور ا رغم التظلم منه .
نصت المادة 44 مكرر علي أن يتم تنفيذ القرار الصادر بالتمكين وأجب النفاذ فور صدوره ولا يجوز للصادر ضدة القرار إلا أن يتظلم أمام قاضي الأمور المستعجلة ولهذا القاضي أن يأمر بوقف التنفيذ إلي حين الفصل في التظلم .
· وتلك الإجراءات هي في حقيقتها ظالمة وباطلة , حيث أنة لا يجوز الاستشكال أو وقف التنفيذ للقرار الصادر بالتمكين , وهذه الإجراءات هي مخالفة وباطلة هي الأخرى وهي قد أعطت القرار قوة لا نظير لها في الأحكام القضائية الصادرة من القضاء , حتى ولو كان هذا القرار هو إجراء وقتي ولا يحوز حجية في النزاع الموضوعي , إلا أنه قد نال من القوة القانونية ما لا تناله الأحكام القضائية , فكان من الضروري أن يتضمن النص علي وجوب امتناع التنفيذ إذا ما تظلم الصادر ضده القرار , ولا يكون أمر تقدير وقف التنفيذ أمر جوازي لمحكمة الأمور المستعجلة , فكيف لقرار إداري في حقيقته صادر من النيابة العامة أن ينال من القوة والحجية ما لا تناله الأحكام القضائية .
من أجل هذه الخطورة والأهمية كان من الواجب علي النيابة العامة أن تتولي تحقيق القرار الصادر بالتمكين للمدعي علية الأول , حيث أن هذا القرار يمثل ضرر وخطورة جسيمة علي مصلحة المدعين , وعندما خالفت النيابة العامة في القرار محل التظلم القيام بالتحقيق وسماع الشهود والخصوم علي النحو الموضح بالمادة 44 مكرر مرافعات فإن هذا القرار يكون باطلا ومخالف للقانون .
3 :- القرار له حجيته كسبب من أسباب كسب الحيازة .
إن قرار التمكين الصادر من النيابة العامة هو في حقيقة الأمر يكون سبب قانوني لكسب الحيازة القانونية للصادر لصالحة القرار حتى ولو كان هذا القرار باطلا أو مخالفا للقانون .
ذلك لأن صدور القرار وتنفيذه وتحصينه سواء بعدم التظلم منه أو التظلم ورفض التظلم , يكون هذا القرار وما يترتب علية من تنفيذ حيازة جديدة للصادر لصالحة , وحتى يتمكن الصادر ضده القرار من تصحيح الوضع أو استرداد الحيازة لا يجوز له ذلك إلا بدعوي موضوعية للمطالبة بأصل الحق المتنازع علية , فلا يجوز اللجوء إلي دعاوي الحيازة ( استرداد الحيازة أو الطرد للغصب أو عدم التعرض ) لأن وضع يد الصادر لصالحة القرار أصبحت لها سندها من القانون بصدور قرار بالتمكين حتى ولو مكان هذا القرار خطأ , أو كان هذا القرار وقتي لا يحوز حجية أمام القضاء الموضوعي .
فإذا كان القانون المدني قد أوجد ضمن مواده دعاوي الحيازة الثلاث وهي دعاوي موضوعية تتناول بحث النزاع بشكل موضوعي وأمام القضاء ويكون للمتقاضين الحق في سماع الشهود وتعيين الخبراء لبحث حقيقة النزاع , فلماذا يلجأ المتقاضين إلي الحصول علي قرارات تمكين من النيابة العامة ؟
الإجابة :- هي أن قرارات الحيازة الصادرة من النيابة العامة هي من السهولة واليسر والتحايل علي الإجراءات لإجرائها بمعرفة موظف , ولعدم إتمام تلك الإجراءات بمعرفة عضو النيابة العامة طبقا للمادة 44 مكرر , وذلك تجنبا ولتفادي وقوع أي توطئ في الإجراءات علي نحو ما حدث في القرار محل التظلم .
ونتذكر جميعا ما كان يحدث في دعاوي التسليم والتي عدل المشرع نصوصها وفرض شروط هامه بخصوص تلك الدعوي , وهذا الأمر يجب أن يحدث في قرارات الحيازة والتي يجب أن تلغي ويكون للمتقاضين اللجوء إلي دعواي الحيازة الواردة في المواد من 958 إلي 967 من القانون المدني .
4 :- قصور دور القضاء المستعجل عند نظر التظلم من قرار التمكين .
نصت المادة 44 مكرر مرافعات علي أنة :-
” وفي جميع الأحوال يكون التظلم من هذا القرار لكل ذي شأن أمام القاضي المختص بالأمور المستعجلة ، بدعوى ترفع بالإجراءات المعتادة في ميعاد خمسة عشر يوماً من يوم إعلانه بالقرار ، ويحكم القاضي في التظلم بحكم وقتي بتأييد القرار ، أو بتعديله أو بإلغائه، وله بناء على طلب المتظلم أن يوقف تنفيذ القرار المتظلم منه إلى أن يفصل في التظلم ” .
أعطي المشرع للصادر ضده قرار التمكين أن يتظلم من هذا القرار في خلال 15 يوم من تاريخ الإعلان أمام محكمة القضاء المستعجل , وهذا التظلم لا يوقف تنفيذ القرار من ناحية ومن ناحية أخري فإن التظلم أمام محكمة القضاء المستعجل يمثل ضرر بالغ وجسيم بمصلحة الصادر ضده القرار , كما أنه يشكل أهدار لحق المتظلم في أثبات أو نفي بخلاف ما تم من إجراءات قد تكون باطلة أثناء استيفاء المحضر وقبل صدور قرار بالتمكين .
إن القضاء المستعجل وكما نعلم أن وظيفته تقتصر علي مجرد بحث ظاهر الأوراق مدي سلامة وصحة الإجراءات للمحضر المتظلم منه , ولا يجوز للقضاء المستعجل أن يعيد من جديد بحث تلك الإجراءات من سماع شهود أو طلب تحريات أو سماع رجل الإدارة أو القيام بأي يعمل من الأعمال أو الإجراءات التي قد يكون من شأنها أعادة النظر فيما تم من إجراءات , الأمر الذي يجعل من نظر هذا التظلم محدود وقاصر .
وقد قضت محكمة النقض في هذا الشأن بأنه :-
أن الأصل في الأحكام الصادرة من القضاء المستعجل انها ذات حجية موقوتة إذ أنها تتحسس النزاع من ظاهر الأوراق دون المساس بالحق ومن ثم فهي لا تقيد محكمة الموضوع وهى تفصل أصل الحق إلا أن هذا لا يعنى جواز لثارة النزاع المؤقت الذي فصل فيه الحكم المستعجل من جديد متى كان مركز الخصوم والظروف التي انتهت بالحكم هي بعينها لم يطرأ عليها أي تغيير إذ هو يضع الحكم المستعجل طرفي الخصومة في وضع ثابت واجب الاحترام بمقتضى حجية الأمر المقضي بالنسبة لنفس الظروف التي أوجبته ولذات الموضوع الذي كان محل البحث في الحكم السابق صدوره فان طرا تغيير مادي أو قانوني في مراكز الخصوم أو في إجراءات الطلب وملابساته سقطت حجية الحكم السابق وصاغ للقاضي أن يفصل في النزاع بما يواجه الحالة الطارئة الجديدة دون أن يعد ذلك فصلا في نزاع خلافا لحكم سبق صدوره بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي على النحو الذي قصدته المادة 249 من قانون المرافعات . ( المادة 249 و 101 اثبات )
( الطعن رقم 2482 لسنة 55 ق جلسة 29 /2 / 1996 س 47 ج 1 ص397 )
· لما كانت الأحكام المستعجلة وقتية لا تمس أصل الحق فلا تجوز حجية أمام محكمة الموضوع التي تفصل في أساس الحق المتنازع عليه ، وبالتالي فإنها لا تتقيد بما انتهى إليه قاضى الأمور المستعجلة في قضائه الوقتي القائم على مجرد تلمس الظاهر من الأوراق . المادة 178 مرافعات ــ المادة 101 إثبات
( الطعن رقم 1290 لسنة 58 ق جلسة 1995/4/17 س 46 ج 1 ص 637 )
قاضي الأمور المستعجلة يختص وفقاً للمادة 45 من قانون المرافعات بالحكم بصفة مؤقتة ومع عدم المساس بأصل الحق في المسائل المستعجلة التي يخشي عليها من فوات الوقت فأساس اختصاصه أن يكون الأمر المطلوب باتخاذ قرار عاجل وألا يمس هذا القرار أصل الحق الذي يترك لذوى الشأن يتناضلون فيه أمام القضاء الموضوعي ، وإذا تبين أن الإجراء المطلوب ليس عاجلاً أو يمس أصل الحق حكم بعدم اختصاصه بنظر الطلب ويعتبر حكمه هذا منهياً للنزاع المطروح عليه بحيث لا يبقي منه ما يصح إحالته لمحكمة الموضوع .
( الطعن 772 لسنة 43 ق جلسة 22/6/1977 0 مجموعة المكتب الفني س 28 ج1 ص 1470 )
من جماع ما تقدم يتضح أن قرار التمكين محل التظلم قد صدر مخالفا لتطبيق صحيح القانون الأمر الذي يجعله باطلان بطلان مطلق لعدم تطبيق الإجراء الجوهرية التي تنص عليها المادة 44 مكرر مرافعات .