You cannot copy content of this page
إجراءات الدعوى أمام المحاكم الإدارية ومحكمة القضاء الإداري
الفصل الأول
إجراءات الدعوى أمام المحاكم الإدارية ومحكمة القضاء الإداري
يمكن الحديث عن هذه الإجراءات من خلال المباحث الآتية :-
المبحث الأول
كيفية رفع الدعوى
يمكن بيان كيفية رفع الدعوى أمام المحاكم الإدارية ومحكمة القضاء الإدارى ، وبيان مراحل هذه الإجراءات وفقا لقواعد قانون مجلس الدولة كما يلى : –
المطلب الأول
إيداع عريضة الدعوى قلم كتاب المحكمة المختصة
وسداد الرسوم المقررة
تبدأ إجراءات الدعوى الإدارية أو المنازعة الإدارية بإجراء معين هو إيداع صحيفة أو عريضة الدعوى قلم كتاب المحكمة المختصة ، فهذا الإجراء وحده هو الذى ينتج الأثر القانونى المترتب على إقامة الدعوى والمتمثل فى قيام أو بدء الخصومة بين أطراف الدعوى ، وذلك على خلاف ما هو مقرر بالنسبة للدعاوى أمام القضاء العادى التى تبدأ الخصومة فيها بإعلان الخصوم .
وعملية إيداع الصحيفة قلم الكتاب قد تتم من المدعى نفسه أو من يوكله فى ذلك أو المحامى الخاص به ، ولا يشترط بالنسبة لعملية الإيداع أن تتم من محام مقبول للمرافعة أمام المحكمة المختصة بنظر الدعوى حيث إن هذا القيد قاصر على التوقيع على عريضة الدعوى فقط ، أما إيداعها فإذا كان من الجائز قبوله من غير المحامين طالما وكل فى ذلك فمن باب أولى أن يقبل الإيداع من محام موكل فى الإيداع ولو لم يكن مقبولا للمرافعة أمام المحكمة المختصة ، ذلك لأن عملية الإيداع لا تعدو أن تكون عملا ماديا لا قانونيا فضلا عن أن القانون لم يتطلب سوى توقيع المحامى المقبول للمرافعة أمام المحكمة المختصة على عريضة الدعوى .
والإيداع هو الإجراء الذى تفتتح به الدعوى أو يقام به الطعن وهو المعول عليه فى قطع الميعاد إن كانت الدعوى دعوى إلغاء ، وفى قطع مدة التقادم فى دعاوى القضاء الكامل ، وما إلى ذلك من آثار تترتب على المطالبة القضائية ، بغير هذا الإجراء لا تقوم للخصومة قائمة و لا يغنى عن الإيداع إجراء سابق أو لاحق كسداد الرسوم أو استصدار قرار الإعفاء منها أو إعلان الخصوم .
وقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأنه لا إلزام على المحامى أن يثبت و كالته عند إيداع عريضة الدعوى نيابة عن موكله ، فقط يتعين إثبات الوكالة عند حضور الجلسة و إذا كان التوكيل خاصاً أودع ملف الدعوى ، وأنه إذا كان التوكيل عاما فيكتفى بإطلاع المحكمة عليه و إثبات رقمه و تاريخه و الجهة المحرر أمامها بمحضر الجلسة ، و للخصم الآخر أن يطالب المحامى بإثبات وكالته حتى لا يجبر على الاستمرار فى إجراءات مهددة بالإلغاء ، و للمحكمة من تلقاء نفسها أن تطالب المحامى بتقديم الدليل على وكالته على أن يتم ذلك فى جلسة المرافعة على الأكثر ، و على المحكمة فى جميع الأحوال أن تتحقق من أن سندات التوكيل مودعة ملف الدعوى و ثابتة بمرفقاته – إذا تبين للمحكمة حتى تاريخ حجز الدعوى أن المحامى لم يقدم سند وكالته عليها أن تحكم بعد قبول الدعوى شكلاً.
بيانات عريضة الدعوى : –
تشتمل هذه البيانات على بيانات عامة تتعلق بأطراف الدعوى من حيث تحديد اسم رافع الدعوى وصفته ومحل إقامته ، والجهة التى قدم الطلب فى مواجهتها وصفتها وعنوانها .
ولا شك أنه ينبغي تحديد المدعى عليه أو الخصم فى الدعوى تحديدا يمكن معه التوصل إليه ، أما إذا كان هذا التحديد مبهما وبحيث لا يمكن التعرف على المدعى عليه لأدى ذلك إلى بطلان صحيفة الدعوى
ولا يترتب البطلان لمجرد الخطأ أو النقص فى أسماء الخصوم وصفاتهم ، بل يجب أن يكون هذا النقص أو الخطأ جسيما بما يشكك فى حقيقة الخصوم واتصالهم بالمنازعة ،
أما إذا كان الخطأ ماديا فإنه لا يؤدى إلى بطلان صحيفة الدعوى سواء تعلق الأمر بالمدعى أو المدعى عليه في الخصومة.
و يترتب على بطلان الصحيفة عدم قطعها للتقادم السارى فى مواجهة المدعى لمصلحة الإدارة وذلك ما لم يتم تصحيح ما أدى إلى بطلان الصحيفة فى المواعيد المقررة ،
ولكن هل يجوز تصحيح شكل الدعوى برفعها على ذى الصفة ؟ وما هو الميعاد الذى يجوز فيه ذلك ؟
استقرت الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا على جواز تصحيح شكل الدعوى لرفعها على ذى الصفة حتى بعد انقضاء المواعيد المقررة للطعن ، غير أن هذا التصحيح يقتضى بطبيعة الحال عدم صدور حكم فى الدعوى فإذا صدر حكم فى الدعوى كان له حجيته ، وامتنع بالتالى تصحيح شكل الدعوى طالما انقضت المواعيد المقررة للطعن ،
وأخيرا وبالنسبة للبيانات الواردة بعريضة الدعوى يجب أن تتضمن موطن الخصم ، غير أنه يلاحظ أن إغفال ذكر موطن الخصم لا يترتب عليه بطلان الصحيفة وإنما بطلان الإعلان الموجه إليه . مع ملاحظة أنه إذا خلت صحيفة الدعوى من تحديد الموطن الأصلى للمعلن إليه على الوجه المقرر قانونا فإن الإعلان الصحيح فى الموطن المختار ينتج آثاره القانونية .
تاريخ تقديم صحيفة الدعوى إلى المحكمة .
والهدف من تطلب هذا الشرط واضح حيث يفيد معرفة ما إذا كان الطعن بالإلغاء قد رفع فى الميعاد أم لا وبالتالى تقبل الدعوى أو لا تقبل ، كما أنه يفيد فى معرفة ما إذا كان الحق فى رفع الدعوى قد تقادم أم لا فضلا عما للتاريخ من أهمية بصفة عامة فى الإثبات .
تحديد موضوع الدعوى ، وبيان عناصرها من محل وسبب ، وإذا كان موضوع الدعوى الطعن فى قرار إدارى يجب أن يرفق بالعريضة صورة أو ملخص لهذا القرار المطعون فيه يبين موضوعه وتاريخ صدوره .
وبالنسبة لدعوى الإلغاء فلا يشترط أن يكون طلب الإلغاء صريحا بل يمكن الاستدلال عليه من خلال ما ورد بصحيفة الدعوى ضمنا تبعا لسلطة المحكمة فى تكييف طلبات المدعى ، كما يمكن للمحكمة تكييف ما جاء بدعوى الإلغاء على أنه دعوى تسوية والعكس .
كما أنه إذا اشتمل طلب الإلغاء على طلب وقف التنفيذ فيجب أن يبين وجه الاستعجال والنتائج التى يتعذر تداركها فى حالة تنفيذ القرار.
وكما يكون التجهيل في أسماء الخصوم أو صفاتهم فقد يكون أيضا في طلبات الخصوم ، وهو ما يمكن أن يؤدى إلى بطلان صحيفة الدعوى إذا استحال على القاضي تكييف هذه الطلبات خاصة وأنه ملزم بألا يحكم بأكثر مما طلبه الخصوم أو بغير ما طلبوا وإلا كان حكمه باطلا
تاريخ التظلم من هذا القرار ونتيجته ، إذا كان هذا القرار مما يجب التظلم منه قبل رفع الدعوى ( وهى الطلبات المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة الثانية عشرة من القانون ) .
بيان بالمستندات المؤيدة للطلب ، وغالبا ما يتم إرفاق هذه المستندات فى حافظة خاصة ، كما يمكن للمدعى تقديم مذكرة شارحا فيها دعواه إذا لزم الأمر.
توقيع محام مقبول للمرافعة أمام المحكمة المقدم إليها عريضة الدعوى على عريضة الدعوى .
ولا شك أن هذا الشرط الغرض منه تحرير عريضة الدعوى من قبل المتخصص الذى يمكنه من عرض طلبه فى صورة قانونية تفهمها المحكمة ، ومما يؤدى إلى إنهاء النزاع بصورة سريعة والتقليل من حجم المنازعات أمام القضاء
واشتراط التوقيع على العريضة من محام مقبول للمرافعة أمام المحكمة شرط وجوبى لا تقبل الصحيفة بدونه ويؤدى إلى بطلان الصحيفة وبالتالى إلى بطلان كافة الإجراءات اللاحقة عليها .
كما أن اشتراط التوقيع على العريضة لا يعنى تحرير الصحيفة من ذات الشخص ، فقد يحررها شخص ويوقع عليها آخر والعبرة بمن وقع عليها وما تطلبه القانون فى ذلك .
وقد يقوم المحامى بالتوقيع بخط يده أو بوضع ختمه على العريضة الذى يقوم مقام توقيعه طالما لم ينكره .
غير أن عدم توقيع المحامى على الصحيفة قد لا يبطلها وذلك إذا ما حضر جلسات التحضير (التى يقوم بعقدها مفوض الدولة مع الخصوم) ، أما إذا لم يوقع المحامى على هذه العريضة ولم يحضر الجلسات لأدى ذلك إلى بطلان صحيفة الدعوى لخلوها من توقيع محام .
والبطلان الذى رتبه الشارع على مخالفة هذا الإجراء يتعلق بالنظام العام ويجوز الدفع به فى أية حالة كانت عليها الدعوى وللمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها ، و يجب على المحكمة أن تبين فى حكمها سند ما انتهت إليه من أن المحامى الموقع على الصحيفة من غير المقررين لديها و إلا كان حكمها مشوبا بالقصور .
وتطلب توقيع المحامي على عريضة الدعوى لا ينطبق على الطعون أمام المحاكم التأديبية ، وفي حالة إحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى بناء على حكم بعدم الاختصاص والإحالة صادر من محكمة تأديبية فيكون على المحكمة المحال إليها أن توجه نظر الخصوم لاستيفاء الإجراءات التى يتطلبها قانون مجلس الدولة ومن ذلك وجوب توقيع محام مقيد بجدول المحامين المقبولين أمامها ضمانا لاستمرار سير الدعوى صحيحة مما يحقق حسن سير العدالة ، ولذا فإن المحكمة لا تقضي بالبطلان رغم عدم التوقيع على عريضة الدعوى من محام مقبول للمرافعة أمامها إذا لم تقم المحكمة بتنبيه الخصم إلى ذلك ، وهو ما يمثل موقفا غير متشدد من المحكمة الإدارية العليا في هذا الشأن ، كما أنها لا تقضي بالبطلان في جميع الحالات إلا إذا نص القانون على ذلك صراحة كما هو الحال بالنسبة للطعون أمام المحكمة الإدارية العليا ، أما الطعون أمام محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية فتميل الحكمة إلى عدم القضاء بالبطلان إذا تحققت الغاية من الإجراء .
وبالنسبة للمحامين بالإدارات القانونية للهيئات العامة والوحدات التابعة لها وشركات القطاع العام فوفقا للقانون رقم 47 لسنة 1973 والقانون رقم 17 لسنة 1983 تبطل صحيفة الدعوى الخاصة بالجهات التابعة لهم ما لم توقع من عضو من أعضاء هذه الإدارات القانونية أو عضو من هيئة قضايا الدولة ، كما لا يجوز لهم – المحامون بالإدارات القانونية – فى غير القضايا المتعلقة بالجهات التى يعملون بها ، التوقيع على صحيفة الدعوى ما لم تكن هذه الدعاوى من الدعاوى المستثناة وفقا للقانون ( كدعاوى الأقارب والأزواج ) ، و إلا أمكن مساءلتهم تأديبيا أمام الجهة التى يعملون بها ، سواء عن طريق إبلاغ المحكمة للجهة بهذه الواقعة أو اتخاذ الإدارة القانونية لإجراءات المساءلة التأديبية والتحقيق معهم ، كما نعتقد أيضا بإمكانية مساءلتهم تأديبيا من جانب نقابة المحامين ، وذلك فضلا عن بطلان العمل المزاول على وجه المخالفة أو الحكم بعدم القبول بحسب الأحوال وذلك تطبيقا لنص المادة 76 من قانون المحاماة .
ولا يجوز للمحكمة أن تتصدى من تلقاء نفسها لعلاقة ذوى الشأن بوكلائهم إلا إذا أنكر صاحب الشأن وكالة وكيله .
وجدير بالذكر أن القضاء ببطلان صحيفة الدعوى لأى سبب – ومنها لعدم توقيع محام مقبول للمرافعة أمام المحكمة – لا يترتب عليه قطع مواعيد دعوى الإلغاء حيث يترتب علي هذا الحكم محو أثر الصحيفة ويزول أثر رفع الدعوى في قطع ميعاد الطعن القضائي ، فإذا أقام المدعي بعد ذلك الدعوى فإنها تكون مقامة بعد انقضاء الميعاد.
وبالإضافة لعريضة الدعوى المقدمة من المدعي يمكن له أيضا أن يقدم مذكرة يوضح فيها الأسانيد المختلفة المؤيدة لما يطلبه .
ويقوم المدعى بإيداع قلم الكتاب عددا كافيا من الصور لأصل العريضة والمذكرات المقدمة بحيث تكفى عدد الخصوم الموجهة إليهم الدعوى وكذلك أعضاء المحكمة ، وذلك مع حافظة للمستندات ويتم ذلك كله فى سكرتارية المحكمة المختصة نوعيا ومحليا و قيميا .
وقد حددت المادة 13 ، والمادة 14 ، الاختصاصات النوعية والقيمية لكل من محكمة القضاء الإدارى والمحاكم الإدارية ، وذلك حيث نصت المادة 13 على اختصاص محكمة القضاء الإدارى بالفصل فى المسائل المنصوص عليها فى المادة العاشرة ( وهى جميع اختصاصات مجلس الدولة باستثناء ما تختص به المحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية ) فضلا عن اختصاصها بالفصل فى الطعون التى ترفع إليها عن الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية .
أما المادة 14 فقد حددت اختصاصات المحاكم الإدارية بما يلى :-
الفصل فى طلبات إلغاء القرارات المنصوص عليها فى البنود ثالثا ورابعا من المادة العاشرة متى كانت متعلقة بالموظفين العموميين من المستوى الثانى والثالث ومن يعادلهم ، وفى طلبات التعويض المترتبة على هذه القرارات .
الفصل فى المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت والمستحقة لمن ذكروا فى البند السابق أو لورثتهم .
الفصل فى المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية متى كانت قيمة المنازعة لا تجاوز خمسمائة جنيه .
هذا عن الاختصاص النوعى والقيمى لكل من محكمة القضاء الإدارى والمحاكم الإدارية ، أما بالنسبة للاختصاص المحلى فيكون للمحكمة التى يوجد بدائرتها الجهة الإدارية التى تتصل بالمنازعة الإدارية حتى لو لم يكن لها الشخصية الاعتبارية المستقلة وذلك بغض النظر عن موطن المدعى عليه أو محل إقامته.
وبالنسبة للدفوع المتعلقة بعدم اختصاص المحكمة ولائيا أو نوعيا أو قيميا فوفقا لنص المادة 109 من قانون المرافعات تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها ، ويجوز الدفع به فى أية حالة كانت عليها الدعوى ، ويجوز إثارته لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا .
ويستفاد من ذلك أن الدفوع المتعلقة بالاختصاص الولائى ، أو النوعى ، أو القيمى ، هى دفوع متعلقة بالنظام العام ، أما الدفوع المتعلقة بالاختصاص المحلى فهى ما تحتاج منا إلى توضيح : –
فالأصل وفقا لقانون المرافعات المدنية والتجارية أن الدفوع المتعلقة بالاختصاص المحلى غير متعلقة بالنظام العام ، والقاعدة فى الاختصاص المحلى وفقا لنص المادة 49 من قانون المرافعات هى موطن المدعى عليه ما لم ينص القانون على غير ذلك ، والأصل أيضا أنه وفقا لنص المادة 62 يجوز الاتفاق على اختصاص محكمة معينة وذلك باستثناء الحالات التى نص عليها القانون .
فهل تطبق هذه القواعد أمام محاكم مجلس الدولة المختلفة ، أو بمعنى آخر هل تعتبر النصوص المتعلقة بالاختصاص المحلى أمام مجلس الدولة متعلقة بالنظام العام مثلها فى ذلك مثل الاختصاص النوعى والولائى ، أم أنها ليست متعلقة بالنظام العام كما هو الحال بالنسبة للاختصاص المحلى وفقا لقانون المرافعات ؟
فى الحقيقة أنه ينبغى التفرقة من – وجهة نظرنا – بين قواعد الاختصاص المحلى أمام محكمة القضاء الإدارى وبين قواعد الاختصاص المحلى أمام المحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية ، ونعتقد أن قواعد الاختصاص أمام محكمة القضاء الإدارى ليست متعلقة بالنظام العام على خلاف قواعد الاختصاص المحلى أمام المحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية ، وسندنا فى ذلك هو نصوص قانون مجلس الدولة ذاتها التى منحت الاختصاص لكل من هذه المحاكم فالمادة الرابعة من قانون مجلس الدولة نصت على أنه << …………. ويكون مقر محكمة القضاء الإدارى مدينة القاهرة ويرأسها نائب رئيس المجلس لهذه المحكمة وتصدر أحكامها من دوائر تشكل كل منها من ثلاثة مستشارين ، ويحدد اختصاص كل دائرة من دوائر محكمة القضاء الإدارى بقرار من رئيس مجلس الدولة .
ويجوز بقرار من رئيس مجلس الدولة إنشاء دوائر للقضاء الإدارى فى المحافظات الأخرى ، وإذا شمل اختصاص الدائرة أكثر من محافظة جاز لها – بقرار من رئيس المجلس – أن تعقد جلساتها فى عاصمة أى من المحافظات الداخلة فى دائرة اختصاصها >> .
كما نصت المادة الخامسة على أن << يكون مقار المحاكم الإدارية فى القاهرة والإسكندرية ……………….، ويجوز إنشاء محاكم إدارية فى المحافظات الأخرى بقرار من رئيس المجلس……… ، وتحدد دائرة اختصاص كل محكمة بقرار من رئيس مجلس الدولة ، وإذا شمل اختصاص المحكمة أكثر من محافظة جاز لها أن تنعقد فى عاصمة أى محافظة من المحافظات الداخلة فى اختصاصها وذلك بقرار من رئيس مجلس الدولة >> .
وأخيرا فقد نصت المادة الثامنة من قانون مجلس الدولة على أن << يكون مقار المحاكم التأديبية للعاملين من مستوى الإدارة العليا فى القاهرة والإسكندرية وتؤلف من دائرة أو أكثر تشكل كل منها من ثلاثة مستشارين ، ويكون مقار المحاكم التأديبية للعاملين من المستويات الأول والثانى والثالث فى القاهرة والإسكندرية وتؤلف من دوائر تشكل كل منها برئاسة مستشار مساعد على الأقل وعضوية اثنين من النواب على الأقل ويصدر بالتشكيل قرار من رئيس المجلس ، ويجوز بقرار من رئيس مجلس الدولة إنشاء محاكم تأديبية فى المحافظات الأخرى ويبين القرار عددها ودوائر اختصاصها بعد أخذ رأى مدير النيابة الإدارية .
وإذا شمل اختصاص المحكمة التأديبية أكثر من محافظة جاز لها أن تنعقد فى عاصمة أى محافظة من المحافظات الداخلة فى اختصاصها ، وذلك بقرار من رئيس مجلس الدولة >> .
ويستفاد من هذه النصوص أن محكمة القضاء الإدارى هى محكمة وحيدة لها دوائر عديدة ، ومن ثم فإننا نرى مع البعض أن تحديد الاختصاص بين دوائر محكمة القضاء الإدارى ليس إلا توزيعا داخليا يستهدف حسن سير العمل وسرعة إنجازه ويترتب على ذلك أن إقامة الدعوى أمام إحدى الدوائر يعد إقامة لها أمام جميع دوائر محكمة القضاء الإدارى ، أى بغض النظر عن الاختصاص المكانى ، وذلك خشية فوات المواعيد .
وهو ما يفهم منه أن الاختصاص المحلى ليس متعلقا بالنظام العام . غير أن اعتبار الاختصاص المحلى أمام محكمة القضاء الإدارى ليس متعلقا بالنظام العام لا يعنى – من وجهة نظرنا – أنه يمكن الاتفاق على مخالفته فيما بين الخصوم كما هو الحال بالنسبة لقانون المرافعات – وذلك لوجود السلطة العامة طرفا فى المنازعة الإدارية – وإنما يقتصر أثره على عدم جواز إعمال الآثار الأخرى المترتبة على اعتبار الاختصاص متعلق بالنظام العام وأهمها تعرض المحكمة له من تلقاء نفسها وإثارته أمام المحكمة الإدارية العليا لأول مرة فهذا غير جائز من وجهة نظرنا .
– والخلاصة أن الاختصاص المحلى أمام محكمة القضاء الإدارى غير متعلق بالنظام العام ، غير أنه ذو طبيعة خاصة.
أما بالنسبة للاختصاص المحلى بالنسبة للمحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية فإننا نرى أنه متعلق بالنظام العام ، وذلك حيث إن المحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية محاكم متعددة ومنتشرة على مستوى الجمهورية وقد أناط بها المشرع اختصاصات معينة ، والعبرة بالنسبة لاختصاص المحاكم التأديبية هى مكان وقوع المخالفة التأديبية والمستوى الوظيفى للعامل ، وبالنسبة للمحاكم الإدارية هى مكان الجهة الإدارية المتصلة بالموضوع لا مجرد تبعية العامل للجهة عند إقامة الدعوى ، وهى الاعتبارات التى تيسر فى النهاية تقديم المستندات والبيانات فى الدعوى وتنفيذ الحكم الصادر فيها ، وهو ما استقرت عليه الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا .
ولما كان الدفع بعدم الاختصاص المحلى لمحاكم مجلس الدولة – المحاكم التأديبية بصفة خاصة – من الدفوع المتعلقة بالنظام العام التى تثار فى أية حالة كانت عليها الدعوى فإن للمحكمة ذاتها ومن تلقاء نفسها أن تبحث فى اختصاصها فإن ثبت لها عدم وجوده تقضى بعدم اختصاصها.
وعلى أية حال فإنه إذا ما رفضت المحكمة الدفع المتعلق بعدم الاختصاص استمرت فى نظر الدعوى ، أما إذا قبلت الدفع بعدم الاختصاص فإنه وفقا لما يقضى به نص المادة 110 من قانون المرافعات<< على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة ، ولو كان عدم الاختصاص متعلقا بالولاية ويجوز لها عندئذ أن تحكم بغرامة لا تجاوز مائة جنيه .
وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها >> .
غير أن الحكم الصادر بعدم الاختصاص والإحالة يمكن الطعن عليه فور صدوره ودون انتظار للحكم المنهى للخصومة وذلك فى المواعيد المقررة للطعن وإلا حاز هذا الحكم قوة الأمر المقضى به ، ومن ثم لا تجوز إثارته مرة أخرى عند الطعن فى الحكم المنهى للخصومة .
وإذا تم الطعن فى هذا الحكم الصادر بعدم الاختصاص والإحالة فإنه يتعين على المحكمة المحال إليها الدعوى وقف الفصل فيها إلى حين الفصل فى الطعن ، ويكون الوقف وجوبيا وذلك تجنبا لتناقض الأحكام وتعارضها.
هذا وتقدير كفاية البيانات الواردة فى عريضة الدعوى من الأمور المتروكة لسلطة المحكمة .
سداد الرسوم المقررة : –
عند إيداع عريضة الدعوى قلم كتاب المحكمة المختصة يجب على المدعى سداد الرسوم المقررة – وذلك ما لم يعف منها على نحو ما سبق بيانه – وإلا استبعدت الدعوى من الجدول وذلك إعمالا لنص المادة 13 من قانون الرسوم القضائية ورسوم التوثيق والذى يقضى بأنه على قلم الكتاب أن يرفض قبول صحيفة الدعوى أو الطعن أو الطلب أو الأمر إذا لم يكن مصحوبا بما يدل على أداء الرسم المستحق كاملا ، وتستبعد المحكمة القضية من جدول الجلسة إذا تبين لها عدم أداء الرسم .
ويترتب على إيداع الرسوم وجوب قبول الصحيفة – طالما توافرت بقية الشروط – كما يترتب عليه قطع التقادم .
وإذا لم يسدد المدعى الرسوم واستمرت الدعوى مستبعدة من الجدول لمدة ستة أشهر جاز للمدعي عليه أن يطلب الحكم بسقوط الخصومة ، وفى جميع الأحوال لا يجوز الحكم بعد قبول الدعوى لعدم سداد الرسوم . وبطبيعة الحال يشترط لاستبعاد القضية من جدول الجلسات ألا يكون قد صدر حكم فى النزاع ، فإذا صدر حكم أصبحت الرسوم واجبة الأداء ، مع ملاحظة أن عدم سداد الرسوم لا يصلح سببا للطعن فى الحكم .
ولكن ما هو الحل فى حالة نظر الدعوى أمام المحكمة وعدم استبعادها من جدول المحكمة على الرغم من عدم سداد الرسم المقرر ؟ هل يترتب بطلان لهذا السبب فى الحكم الصادر فى الدعوى ؟
الواقع أنه لا يترتب بطلان لأن الحكم صدر صحيحا .
هذا وتطبق فى شأن تقدير الرسوم المستحقة ما تنص عليه لائحة الرسوم المعمول بها أمام مجلس الدولة والتى تقضى بتقدير رسوم الدعوى بحسب عدد الطلبات المقدمة حيث يكون لكل طلب مستقل رسم مستقل ، مع ملاحظة أن طلب وقف التنفيذ له رسم مستقل عن طلب الإلغاء .
و وفقا للمادة 12 من لائحة الرسوم المعمول بها أمام مجلس الدولة يمكن المعارضة في تقدير الرسوم القضائية الصادر بها أمر من رئيس الدائرة خلال ثمانية أيام تالية لإعلان الأمر بتقدير الرسوم أمام سكرتارية المحكمة دون غيرها من طرق المعارضة.
والعبرة هى بسداد كامل الرسوم ، ومن ثم لا تثريب على المحكمة إن هي استبعدت بعض الطلبات لعدم سداد الرسوم عنها ، مع ملاحظة أن الدفع باستكمال الرسم القانونى من الدفوع الشكلية المتعلقة بالنظام العام ، وفى حالة دفع رسم أقل من المقرر فإن آثار الدعوى لا تسرى إلا من الوقت الذى يستكمل فيه الرسم ، وأنه إذا تم سداد رسوم أقل مما يقرره قانون الرسوم دون خطأ من جانب المدعى ثم قام المدعى بسداد الجزء الباقى من الرسوم بعد تبين هذا الخطأ فى تقدير الرسوم فإنه فى هذه الحالة فقط يرتب سداد الرسوم أثره من تاريخ سداد الرسوم فى البداية لا من تاريخ استكمال سداد الرسوم ومن هذه الآثار اعتبار الدعوى مقامة من تاريخ إيداع الصحيفة ، أما استكمال سداد الرسوم بعد صدور حكم في الدعوى فإنه لا يمس سلامة الحكم الصادر المبنى على أساس عدم سداد الرسوم ، ومن ثم يتعين رفض الطعن على الحكم لهذا السبب .
المطلب الثانى
الإعلان وإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة
يمر إعلان الدعوى وحتى وصول الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة بالمراحل الآتية :-
إعلان العريضة ومرفقاتها للجهة الإدارية وذوى الشأن :
بعد أن يقوم المدعى بإيداع الصحيفة قلم كتاب المحكمة المختصة يقوم قلم المحضرين بإعلانها ومرفقاتها – كالمذكرة – للجهة الإدارية المختصة وإلى ذوى الشأن ذلك فى ميعاد لا يجاوز سبعة أيام من تاريخ تقديم العريضة
وبهذا الإجراء تنعقد المنازعة وتقع صحيحة مادامت العريضة قد استوفت البيانات الجوهرية و إعلان العريضة ومرفقاتها إلى ذوى الشأن ليس ركنا من أركان المنازعة الإدارية أو شرطا لصحتها وإنما هو إجراء لاحق مستقل لا يقوم به أحد طرفي المنازعة الإدارية ، وإنما تتولاه المحكمة من تلقاء نفسها ، وأن المقصود منه هو إبلاغ الطرف الآخر بقيام المنازعة الإدارية ودعوة ذوى الشأن جميعا لتقديم مذكراتهم ومستنداتهم فى المواعيد المقررة بطريق الإيداع بسكرتارية المحكمة وذلك تحضيرا للدعوى و مؤدى ذلك أن بطلان إعلان العريضة ومرفقاتها إلى أي من ذوى الشأن ليس مبطلا لإقامة الدعوى ذاتها ما دامت قد تمت صحيحة فى الميعاد وبالإجراءات التى حددها قانون مجلس الدولة وأن القياس في هذا المقام على المادة 406 مكررا من قانون المرافعات المدنية والتجارية هو قياس مع الفارق لاختلاف الإجراءات والأوضاع وما يترتب عليهما من آثار فى هذا الشأن بين النظامين
ويتم الإعلان عن طريق البريد وذلك بخطاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول.
ويعتبر مكتب المحامى الموقع على العريضة محلا مختاراً للمدعى ، ما لم يعين محلا مختارا غيره.
ولا يشترط أن يتضمن الإعلان تحديد جلسة للمحكمة لنظر الدعوى – وذلك باستثناء الدعاوى التى تتضمن طلبات مستعجلة – وإنما يتم إخطار الطرفين من قبل قلم الكتاب للحضور أمام هيئة مفوضى الدولة التى تتولى تحضير الدعوى ثم تحيلها إلى المحكمة التى تتولى فيما بعد تحديد الجلسة .
ولا يترتب على بطلان الإعلان لأى سبب من أسباب بطلانه بطلان صحيفة الدعوى ذلك لأن الإعلان مستقل عن إجراء رفع الدعوى وليس ركنا فيه ، وإنما يتم – فى حالة الحكم ببطلان الإعلان – تأجيل نظر الدعوى لإعلان صحيفة الدعوى إعلانا صحيحا .
وإذا ما صدر الحكم رغم بطلان الإعلان كان الحكم باطلا لإخلاله بحقوق الدفاع.
وتطبق فى هذا الصدد نفس القواعد المعمول بها فى قانون المرافعات والتى تقضى بأن الإجراء لا يكون باطلا إلا إذا نص القانون على ذلك أو شاب الإجراء عيب جوهرى يضر بالخصم ، ومع ملاحظة أن لصاحب المصلحة فى التمسك بالبطلان أن يتنازل عنه صراحة أو ضمنا ما لم يكن الإجراء متعلقا بالنظام العام ، كما تطبق القواعد الخاصة بتصحيح البطلان بحضور المعلن إليه .
ويتم إعلان صحيفة الدعوى إلى جهة الإدارة المختصمة فى الدعوى وذلك فى مواجهة هيئة قضايا الدولة (الحكومة) وذلك بوصفها نائبة عن وزارات الحكومة ومصالحها العامة والمحافظين ، وهو إجراء ليس غاية فى حد ذاته وإنما الهدف منه اتصال علم جهة الإدارة المذكورة بالنزاع حتى تتمكن من الدفاع وتقديم المذكرات والمستندات التى تؤيد وجهة نظرها .
وغنى عن البيان أن إعلان المدعى عليه ( جهة الإدارة ) يكون على هيئة قضايا الدولة التى تمثله إذا كان من العاملين بالوزارات ومصالحها أو الإدارة المحلية ، وذلك وفقا لقواعد الاختصاص المحلى
أما بالنسبة لإعلان رؤساء الهيئات العامة أو الجامعات ، فيتم بمقر الجهة التى يتبعونها
ووفقا لقانون هيئة قضايا الدولة فإن الهيئة تنوب عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات الأخرى التى خولها القانون اختصاصا قضائيا ، وتسلم إليها صور الإعلانات الخاصة بصحف الدعاوى والطعون والأحكام المتعلقة بتلك الجهات سواء ما اتصل منها بجهة القضاء العادى أو الإدارى أو أية هيئة أخرى.
وأما بالنسبة للدفاع أو المرافعة عن رؤساء الهيئات العامة ورؤساء الجامعات فالأصل أن يتولى ذلك أعضاء الإدارات القانونية التابعين لهم ، ولا يحضر عنهم أعضاء من هيئة قضايا الدولة ، على أنه من الجائز أن تترافع هيئة قضايا الدولة عن الهيئات العامة أو الجامعات وذلك فى حالة توكيلها للقيام بهذه المهمة مقابل أتعاب خاصة .
كما أنه وفقا لنص المادة 13 من قانون المرافعات فإنه << فيما عدا ما نص عليه فى قوانين خاصة تسلم صور الإعلان على الوجه الآتى :-
ما يتعلق بالدولة يسلم للوزراء ومديرى المصالح المختصة والمحافظين أو لمن يقوم مقامهم فيما عدا صحف الدعاوى وصحف الطعون والأحكام فتسلم الصورة إلى هيئة قضايا الدولة أو فروعها بالأقاليم حسب الاختصاص المحلى لكل منهما .
ما يتعلق بالأشخاص العامة يسلم للنائب عنها قانونا أو لمن يقوم مقامه فيما عدا صحف الدعاوى وصحف الطعون والأحكام فتسلم الصورة إلى هيئة قضايا الدولة أو فروعها بالإقليم حسب الاختصاص المحلى لكل منها .
……………>> .
ويلاحظ أنه بالنسبة للمصالح المتفرعة عن الوزارات يمكن رفع الدعوى فى مواجهتها دون اختصام الوزارة التابعة لها طالما تمتعت بالشخصية القانونية المستقلة ، كما يلاحظ أيضا أنه من الممكن توجيه الدعوى ضد الجهة الرئاسية أو الوصائية للجهة مصدرة القرار ، وأنه ليس ثمة ارتباط بين الجهة مصدرة القرار بالفعل وبين من ترفع عليه الدعوى طالما توافرت الصفة فى مواجهته .
وأخيرا فإن من له صفة فى الدعوى يختلف عن الجهة الإدارية التى يوجه إليها الإعلان ، فصاحب الصفة هو من يختص وفقا لأحكام القانون بتمثيل الشخص الاعتباري ، والأصل أن توجه الدعوى الإدارية ضد الجهة الإدارية مصدرة القرار – كما سبق القول – أما من يوجه إليه الإعلان وفقا لنص المادة 14 من قانون المرافعات فهو شخص مستقل عن صاحب الصفة ، ويترتب على ذلك أن تمثيل من يوجه إليه الإعلان فى الدعوى يجب أن يكون عن صاحب الصفة فى الدعوى ، وإلا كانت الدعوى مرفوعة على غير ذى صفة وأمكن الدفع بذلك فى أى مرحلة كانت عليها الدعوى .
وأما بالنسبة إلى ميعاد الإعلان الوارد فى نص قانون مجلس الدولة فهو ميعاد تنظيمى الغرض منه حث سكرتارية المحكمة على سرعة الإعلان ومن ثم لا يترتب على مخالفة هذا الميعاد ثمة بطلان فى الإعلان .
تقديم المذكرة من الجهة الإدارية فى خلال ثلاثين يوما من تاريخ إعلانها :
بعد إعلان صحيفة الدعوى ومرفقاتها إلى الجهة الإدارية وذوى الشأن تستقر الدعوى فى قلم كتاب المحكمة لمدة ثلاثين يوما – وذلك ما لم يكن بالدعوى شق مستعجل ففى هذه الحالة يعرض الأمر على رئيس المحكمة لتحديد جلسة عاجلة – لتقدم الجهة الإدارية المختصة مذكرة بملاحظاتها على الدعوى مشفوعة بالمستندات والأوراق الخاصة بها .
ويبدأ حساب هذه المدة من تاريخ الإعلان لا من تاريخ إيداع الصحيفة قلم كتاب المحكمة المختصة ، وهو الإجراء الذى تبدأ به الدعوى .
– ولرئيس المحكمة أن يصدر أمرا بتقصير هذا الميعاد – ميعاد تقديم المذكرات من الجهة الإدارية – إلى أقل من ثلاثين يوما وذلك فى أحوال الاستعجال وفى هذه الحالة يجب إعلان هذا الأمر بتقصير هذه المهلة خلال أربع وعشرين ساعة من تاريخ صدوره إلى الجهة الإدارية المختصة وذلك عن طريق البريد ، مع سريان الميعاد المقصر ـ الذى تم تحديده بواسطة رئيس المحكمة – من تاريخ الإعلان للجهة الإدارية المختصة لا من تاريخ صدور القرار بتقصير الميعاد .
مع ملاحظة عدم جواز الطعن فى هذا القرار الصادر بتقصير هذه المهلة – أو هذا الميعاد – بأى طريق من طرق الطعن .
وينبغى التنويه إلا أنه رغم أن نص القانون قد يفهم منه أن هذا الميعاد – الثلاثين يوما – إلزامى أو وجوبى بالنسبة لجهة الإدارة ، إلا أنه فى حقيقة الأمر أن جهة الإدارة قد لا تودع مذكراتها إلا أمام هيئة المفوضين ، ونعتقد أن الأمر يتوقف على مدى موافقة هيئة المفوضين على هذا الأمر ، وذلك لأنه كان أمام جهة الإدارة المهلة التى حددها القانون ولم تحترمها ، ومن ثم لا يحق لها التمسك بضرورة تقديم مذكراتها أمام هيئة المفوضين .
وفى حالة عدم إعلان الأمر الصادر بتقصير الميعاد يؤجل نظر الدعوى إلى حين إعلانه ولا يتعلق الأمر بعدم قبول الدعوى .
وإذا انقضى الميعاد المذكور – سواء بتقديم مذكرات من الجهة الإدارية (أو من ذوى الشأن) أو بعدم تقديمها – قام قلم كتاب المحكمة خلال أربع وعشرين ساعة من انقضاء الميعاد المذكور – الثلاثين يوما أو الميعاد الجديد المقصر – بإرسال ملف الأوراق إلى هيئة مفوضى الدولة بالمحكمة المختصة .
وبعد إرسال ملف الأوراق إلى هيئة مفوضى الدولة بالمحكمة المختصة يكون للمفوض بمجلس الدولة تحديد مهلة لرافع الدعوى للرد على المذكرة المقدمة من الجهة الإدارية ، وذلك إذا ما أراد رافع الدعوى الرد على الملاحظات الواردة بالمذكرة التى أودعتها جهة الإدارة وتكون هذه هى ذات المهلة التى تحدد للجهة الإدارية لإبداء ملاحظاتها على هذا الرد وذلك إذا ما أرادت هى الأخرى التمسك بحقها فى التعليق على هذا الرد فى مدة مماثلة .
ومن الجدير بالذكر أن الدعوى يجب أن ترفع ممن له صفة أو مصلحة فى رفعها على ذى صفة وإلا حكم بعدم قبولها ، وذلك على التفصيل السابق ذكره .
ومن المعروف أن عدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة من النظام العام ، ومن المعلوم أيضا أن كل وزير فى نطاق شئون وزارته ، أو رئيس الفرع أو المصلحة إذا كان هذا الفرع يتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة يمثل الدولة أو جهة الإدارة فى الدعوى الإدارية .
كما يمكن توجيه الدعوى إلى الجهة الرئاسية للجهة مصدرة القرار سواء كانت جهة رئاسية أم جهة وصائية أو إليهما معا .
وفى حالة انتقال تبعية الوحدة التى يعمل بها الطاعن من جهة إلى أخرى خلال نظر الدعوى أو الطعن فإن على الطاعن أن يختصم الجهة الأخيرة ذات الصفة سواء دفع بانتفاء الصفة أم لا ، وإلا قضت المحكمة بعدم القبول لرفع الدعوى أو الطعن على غير ذى صفة .
ومن الجدير بالذكر أنه وفقا لنص المادة 115 من قانون المرافعات فإن << الدفع بعدم قبول الدعوى يجوز إبداؤه فى أية حالة تكون عليها .
و إذا رأت المحكمة أن الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء صفة المدعى عليه قائم على أساس ، أجلت الدعوى لإعلان ذى الصفة ويجوز لها فى هذه الحالة الحكم على المدعى بغرامة لا تجاوز خمسين جنيها .
وإذا تعلق الأمر بإحدى الوزارات أو الهيئات العامة أو مصلحة من المصالح أو بشخص اعتبارى عام أو خاص فيكفى فى تحديد الصفة أن يذكر اسم الجهة المدعى عليها فى صحيفة الدعوى >> .
المبحث الثانى
دور هيئة مفوضى الدولة
من خلال نصوص قانون مجلس الدولة المواد من 27-29 يمكن القول إنه فى سبيل قيام مفوض الدولة بمهمته فى تحضير الدعوى وتهيئتها للمرافعة فقد منحه القانون العديد من السلطات التى تمكنه من تحقيق هذه الغاية بداية من الاتصال بالجهات الحكومية ذات الشأن وباستدعاء ذوى الشأن لسؤالهم عن بعض الوقائع التى يرى ضرورة من تحقيقها ، ولمفوض الدولة إذا ما أراد أن يعقد جلسات مع الخصوم أحدهما أو كليهما فى سبيل الحصول على بيانات معينة ، ولا يشترط حضور أحد من السكرتارية أو الخصمين معا ، كما أن لمفوض الدولة تكليف ذوى الشأن بتقديم مذكرات أو مستندات تكميلية ، وغير ذلك من إجراءات التحقيق فى الأجل الذى يحدده لذلك .
مع مراعاة ضرورة اطلاع الطرف الآخر على ما قدمه الخصم من مستندات و أوراق ، ويقوم المفوض بتحرير محضر بذلك موقعا منه ويطلق على هذه الجلسات جلسات التحضير .
كما أن لمفوض الدولة سلطة فى توقيع غرامة تفرض على المتسبب فى تعطيل تحضير الدعوى بتكرار طلب تأجيلها ، ويتم فرض هذه الغرامة بصورة شخصية على المتسبب فى هذا التعطيل ، بمعنى أن الجهة الإدارية لا تتحملها ما لم يثبت أنها المتسببة فى التعطيل ، بل تفرض على ممثلها أو من ينوب عنها ، كما يجوز للمفوض الرجوع عن قراره فى هذا الخصوص ، ولا يجوز للمحكمة – بعد ذلك – أن تعفي من هذه الغرامة ، وهى بصدد الفصل في الدعوى .
ولمفوض الدولة أيضا أن يقوم بإعذار المدعى بوقف الدعوى وقفا جزائيا وفقا لما تنص عليه المادة 99 من قانون المرافعات المدنية والتجارية من جواز الحكم على المدعى بإيقاف الدعوى لمدة لا تتجاوز شهرا بعد سماع أقوال المدعى عليه وذلك إذا لم يقم المدعى بما يطلبه منه المفوض ، أما الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن – وهو الجزاء المترتب على مرور خمس عشرة يوما من تاريخ انتهاء مدة الوقف دون أن يطلب المدعى السير فى الدعوى أو ينفذ ما أمرت به المحكمة أو المفوض ، فنعتقد أن مفوض الدولة لا يملكه بل لابد من صدور قرار بذلك من المحكمة .
ومما هو جدير بالذكر أنه لا يجوز أن يباشر إجراءات الدعوى وتحضيرها من مفوضى الدولة من هو أقل درجة مما حدده القانون و إلا كان العمل الذى باشره باطلا ، وقد نصت المادة السادسة من قانون مجلس الدولة على أن يكون مفوضو الدولة أمام المحكمة الإدارية العليا ومحكمة القضاء الإدارى من درجة مستشار مساعد على الأقل .
وقد استقرت المحكمة الإدارية العليا على ما يلى ، بالنسبة لهيئة مفوضى الدولة :
هيئة مفوضى الدولة ليست طرفا صاحب مصلحة شخصية فى المنازعات يملك التصرف فيها أو ينوب عن أطرافها فى التعبير عن إرادتهم أو أن تتمسك بدفوع تتعلق بمصالح الخصوم الخاصة ومن ثم ليس لمفوض الدولة التمسك بالدفوع غير المتعلقة بالنظام العام ، كما ليس له التمسك بالدفوع التى يمتنع على المحكمة أن تقضى بها من تلقاء نفسها كتقادم دعوى التعويض عن القرارات الإدارية المخالفة للقانون .
هيئة مفوضى الدولة لا تقوم باختصاصات المحكمة ولا تمارس ولايتها وإنما ينصب اختصاصها على تحضير الدعوى وتهيئتها للمرافعة أمام المحكمة ومن ثم لا يجوز إبداء الطلبات العارضة المتعلقة بطعون الإلغاء أمامها ، وإنما يجب أن تقدم هذه الطلبات إما أمام سكرتارية المحكمة أو أمام هيئة المحكمة ذاتها مكتملة .
تحضير الدعوى من قبل هيئة مفوضى الدولة وتقديم تقرير برأيها القانونى المسبب أمر جوهرى يترتب على عدم توافره بطلان الحكم ، وهذا البطلان لا يمتد إلى الحكم الصادر فى طلب وقف التنفيذ الذى هو إجراء مؤقت بطبيعته إذا لم يتم تقديم تقرير مفوضى الدولة بشأنه
كما لا يمتد البطلان إلى الحكم بعد أن تقوم هيئة مفوضى الدولة بدورها ، وبعد أن تكون الدعوى قد دخلت حوزة المحكمة التى لها أن تستعين أو لا تستعين بعد ذلك بهيئة مفوضى الدولة لاستكمال بعض أوجه القصور أو النقص فى التقرير المقدم منها .
يترتب على تحضير الدعوى من قبل هيئة المفوضين عدم إمكانية تطبيق بعض القواعد المعروفة فى القانون المدنى وقانون المرافعات مثل المعارضة فى الأحكام أو تطبيق قواعد شطب الدعوى لعدم الحضور أو صدور أمر أداء أو غيرها من القواعد التى تستند على غياب الخصوم .
ويكون الحكم بشطب الدعوى أمام القضاء العادى وفقا لما نصت عليه المادة 82 من قانون المرافعات المدنية والتجارية
أما عوارض سير الخصومة التى تطبق أمام القضاء العادى وفقا لنصوص قانون المرافعات المدنية والتجارية فتطبق أيضا أمام القضاء الإدارى مع مراعاة بعض الاستثناءات ، ولنا عودة مرة أخرى إلى هذا الموضوع .
بالإضافة إلى سلطة المفوض فى تهيئة وتحضير الدعوى للفصل فيها ، فإنه يملك أيضا تسوية النزاع صلحا بين الطرفين على أساس المبادئ القانونية التى ثبت عليها قضاء المحكمة الإدارية العليا ، ويتم إثبات هذا الصلح فى محضر يوقع عليه أطراف الدعوى أو وكلاؤهم ، ويكون لمحضر الصلح فى هذه الحالة قوة السند التنفيذى – كما هو الشأن بالنسبة للقضاء المدنى – ويمنح الخصوم صورا منه وفقا للقواعد المقررة لإعطاء صور الأحكام ، وتستبعد الدعوى من الجدول لانتهاء النزاع فيها .
وفى هذه الحالة يجب أن يصدر قرار بذلك من رئيس المحكمة لأنه صاحب الولاية الأصلية فى هذا الشأن ، وذلك على الرغم مما جرى عليه العمل من أن مفوض الدولة هو الذى يصدر ذلك القرار.
أما إذا لم يتم الصلح فيجوز عند الحكم فى الدعوى الحكم بغرامة لا تجاوز عشرين جنيها على الطرف المعترض وتمنح للطرف الآخر ، ونرى أن هذه الغرامة ضئيلة جدا ولا تتفق مع إثقال كاهل القضاء بكم هائل من القضايا ، ومن الأفضل أن يترك تحديد هذه الغرامة إلى تقدير المحكمة المختصة بنظر النزاع .
وبالإضافة إلى هذه الاختصاصات فقد منح القانون مفوض الدولة اختصاصا أصيلا بشأن الإعفاء من الرسوم ، وقد سبق لنا تناوله بالتفصيل .
وإذا ما انتهت مهمة هيئة المفوضين فإنه يكون عليها إيداع تقرير برأيها تحدد فيه الوقائع والمسائل القانونية التى يثيرها النزاع مع إبداء رأى المفوض مسببا ، وليس هناك ميعاد محدد لتقديم التقرير المقدم من هيئة المفوضين ، ومن ثم قد يطول أمد النزاع لفترة طويلة ، ولهذا يفضل تحديد ميعاد فى هذا الشأن – ولو تنظيمى – لحث المفوض على سرعة الانتهاء من إيداع التقرير ونظر الدعوى .
ويكون لذوى الشأن الاطلاع على هذا التقرير والحصول على صورة منه على نفقتهم الخاصة .
وفى أثناء تحضير الدعوى يجوز للخصوم تعديل طلباتهم وأسانيدهم القانونية بشرط إعلانها للطرف الآخر ، كما يجوز تطبيق كافة القواعد المقررة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية المتعلقة بترك الخصومة أو وقف الدعوى أو انقطاع سير الخصومة مع قيام مفوض الدولة بإيداع تقريره النهائى فى هذا الشأن ، والمحكمة هى التى تثبت ذلك فى حكمها .
وفى خلال ثلاثة أيام من إيداع التقرير تقوم هيئة المفوضين بعرض ملف الدعوى على رئيس المحكمة الذى يعين تاريخا لجلسة نظر الدعوى ، ويقوم بعد ذلك قلم الكتاب بتبليغ هذا التاريخ إلى ذوى الشأن وذلك وفقا لنص المادة 29 من قانون مجلس الدولة .
ومتى تم إيداع التقرير فلا يجوز إيداع أية مستندات أخرى ، والأمر يتوقف على سلطة المحكمة فى هذا الشأن .
ومن الجدير بالذكر أن الرأى القانونى الوارد بتقرير مفوض الدولة ليس ملزما للمحكمة .
وإذا كان التقرير في الدعوى يقدم من مفوض الدولة فهل يجوز أن يقدم أيضا من رئيس هيئة المفوضين باعتباره رئيسا للهيئة ؟
لقد قضت المحكمة الإدارية العليا بعدم جواز ذلك ، حتى لو أقر مفوض الدولة التقارير الواردة من رئيس الهيئة ، وقضت بضرورة استبعاد التقارير الواردة من رئيس الهيئة من أوراق الطعن لمخالفتهما للنظام العام القضائي لمجلس الدولة ولهيئة مفوضي الدولة ، وهو ما انتقده البعض استنادا إلى سلطة رئيس هيئة مفوضى الدولة فى تنظيم العمل بداخلها ، وإلى الدور الاستشارى لتقرير المفوض عموما
المبحث الثالث
نظر الدعوى والحكم فيها
يمكن تناول هذا الموضوع من خلال المطالب الآتية :
المطلب الأول
سلطة المحكمة
بعد أن تقوم هيئة مفوضى الدولة بإيداع تقريرها المسبب بالرأى القانونى فى الدعوى وفقا لما نصت عليه المادة 27 من قانون مجلس الدولة ، تقوم بعرض ملف الدعوى كاملا على رئيس المحكمة وذلك خلال ثلاثة أيام من إيداع هذا التقرير كى يتم تحديد جلسة لنظر الدعوى (م29) .
ويقوم قلم كتاب المحكمة بتبليغ تاريخ الجلسة إلى ذوى الشأن على ألا يقل ميعاد الحضور عن ثمانية أيام على الأقل ، وإن كان من الممكن تقصير هذا الميعاد إلى ثلاثة أيام فى حالة الضرورة بناء على قرار رئيس المحكمة .
ويمكن لرئيس المحكمة بناء على طلب من ذوى الشأن تقصير ميعاد الجلسة ، ويكون قراره الصادر فى هذا الشأن – بالرفض أو القبول – غير قابل للطعن فيه ، وفقا لما نصت عليه المادة 30 من قانون مجلس الدولة .
وإذا ما تم الإعلان دون أن يتضمن تحديد تاريخ لجلسة نظر الدعوى فإن هذا يؤدى إلى بطلان الإعلان ، وهو ما يؤدى بالتالى بطلان الحكم ، وهو ما سنتناوله بالتفصيل فيما بعد .
ووفقا لقانون مجلس الدولة فإن المحكمة المختصة بنظر النزاع تملك العديد من السلطات التى تمكنها من الفصل فى الدعوى : –
فلرئيس المحكمة أن يطلب من ذوى الشأن أو مفوض الدولة ما يراه لازما لاستجلاء وجه الحقيقة فى الموضوع .
للمحكمة ألا تقبل أى دفع أو طلب أو أوراق مما كان يلزم تقديمها قبل إحالة الدعوى إلى المحكمة لنظرها إلا إذا ثبت لها أن هذه الأمور قد طرأت بعد الإحالة أو أن الطالب كان يجهلها عند الإحالة ، كما يجوز لها الحكم بغرامة لا تجاوز عشرين جنيها فى حالة إهمال الطرف مقدم هذا الطلب أو الورقة ومنحها للطرف الآخر .
وترجع الحكمة في ذلك إلى أن نطاق الدعوى يتحدد أمام المحكمة من حيث موضوعها ومن حيث أطرافها وذلك بما ورد فى صحيفة الدعوى ، ومن ثم فالأصل أنه لا يجوز للمدعى تعديل طلباته أثناء سير الدعوى حتى لا يخل بحق الدفاع الممنوح للمدعى عليه .
ووفقاً لنص المادة 123 من قانون المرافعات يكون تقديم الطلبات العارضة من المدعى أو المدعى عليه إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهة فى الجلسة فى حضور الخصم و يثبت فى محضرها ولا تقبل الطلبات العارضة بعد إقفال باب المرافعة كما لا تقبل الطلبات العارضة بغير هذه الطرق.
وقد حددت المادة 124 من قانون المرافعات الأحوال التى يجوز فيها للمدعى التقدم بطلب عارض وهى : –
ما يتضمن تصحيح الطلب الأصلى أو تعديل موضوعه لمواجهة ظروف طرأت أو تبينت بعد رفع الدعوى.
ما يكون مكملا للطلب الأصلى أو مترتبا عليه أو متصلا به اتصالا لا يقبل التجزئة .
ما يتضمن إضافة أو تغييرا فى سبب الدعوى مع بقاء موضوع الطلب الأصلى على حاله .
طلب الأمر بإجراء تحفظى أو وقائى .
ما تأذن المحكمة بتقديمه مما يكون مرتبطا بالطلب الأصلى .
كما حددت المادة 125 الأحوال التى يجوز فيها للمدعى عليه التقدم بطلب عارض وهى :
طلب المقاصة القضائية وطلب الحكم له بالتعويضات عن ضرر لحقه من الدعوى الأصلية أو من إجراء فيها .
أى طلب يترتب على إجابته ألا يحكم للمدعى بطلباته كلها أو بعضها أو أن يحكم له بها مقيدة بقيد لمصلحة المدعى عليه .
أى طلب يكون متصلا بالدعوى الأصلية اتصالا لا يقبل التجزئة .
ما تأذن المحكمة بتقديمه مما يكون مرتبطا بالدعوى الأصلية .
أما بالنسبة للتدخل فى الدعوى سواء كان انضماميا أو هجوميا فإنه يجب أن يتم بالوسائل التى حددها القانون ألا وهى إما بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة التالية أو بطلبه شفاهة بالجلسة وبحضور الخصوم وقبل إقفال باب المرافعة ؛ حيث لا يقبل التدخل بعد إغلاق باب المرافعة ، ومخالفة هذه القواعد يترتب عليها البطلان وهو بطلان متعلق بالنظام العام لارتباطه بأسس التقاضى ، و تقضى المحكمة من تلقاء نفسها بهذا البطلان و لكل ذى مصلحة التمسك به و لا يصحح البطلان بمجرد حضور الخصم الذى كان غائباً فى جلسات تالية ، ويمكن للمحكمة أن تتعرض له قبل أن تقضى بعدم قبول الدعوى .
ويترتب على عدم إيداع عريضة موقعة من محام لقلم كتاب المحكمة ، أو تدخل فى غيبة الخصوم ، القضاء بعدم قبول التدخل فى الدعوى ، كما لا تقبل طلبات التدخل التى قدمت إلى هيئة مفوضى الدولة لعدم إبدائها أمام المحكمة وفقاً للإجراءات القانونية المنصوص عليها فى القانون .
و لا يجوز للخصم المنضم أن يطعن فى شق من القرار غير الذى طعن فيه المدعى الأصلى أو أن يطلب الحكم بغير ما طلبه هذا المدعى أو أن يستند إلى غير الأسس التى يجوز للمدعى المذكور التمسك بها .
وقد أرست المحكمة الإدارية العليا العديد من المبادئ بالنسبة للتدخل ، حيث قضت بجواز التدخل أمام درجات القضاء الأعلى إذا كان للحكم الصادر حجة على المتدخل ، كما قضت بأن التدخل فى الدعوى مناطه قيام المصلحة فيه و وجود ارتباط بين طلبات المتدخل و الطلبات موضوع الدعوى القائمة سواء فى ذلك التدخل الانضمامى و الذى ينصب على مساعدة أحد طرفى الخصومة للدفاع عن حقوقه و دون أن يطلب القضاء لنفسه بحق ما ، أو التدخل الهجومى و الذى يقوم على المطالبة بحقوق ذاتية في مواجهة طرفي الخصومة ؛ إذ يتعين أن يرد التدخل على خصومة قائمة حتى يرد عليها التدخل
للمحكمة أن تباشر تحقيقا بنفسها أو أن تندب أحد أعضائها أو مفوضا من هيئة المفوضين لذلك.
للمحكمة سلطة كبيرة فى تكييف طلبات المدعى بشرط ألا يصل ذلك إلى حد تعديل طلبات الخصوم بإضافة ما لم يطلبوه صراحة ، كما أن لها حذف العبارات الجارحة من المذكرات ، ويتعين على المحكمة أن تكيف طلبات المدعى تكييفاً صحيحاً فى ضوء ما يستهدفه من وراء هذه الطلبات مع مراعاة أحكام النظام القانونى الذى يستند إليه فى دعواه .
و يتعين على المحكمة ألا تخوض فى الطلبات على نحو يخرجها عن حقيقة مقصود المدعين .
والخطأ فى التكييف يعد سببا لإلغاء الحكم في مرحلة الطعن .
والأصل فى المرافعات أمام القضاء الإدارى أنها تحريرية ومن ثم لا يلزم أن تكون هناك مرافعات شفوية إلا إذا رأت المحكمة ذلك للحصول على بعض الإيضاحات ، ومن ثم لا يجوز للخصوم التمسك بطلب المرافعة الشفوية .
والأصل أيضا أن عبء الإثبات يقع على عاتق المدعى ، غير أن هذا الأصل لا يؤخذ به طالما أن جهة الإدارة تسيطر على الأوراق التى تحت يدها وإذا لم تستجب جهة الإدارة لقرار المحكمة بتسليم هذه الأوراق قامت قرينة قانونية لصالح المدعى وتكون بالتالى للمحكمة سلطة كبيرة فى هذا الشأن .
ومن المعلوم أن طبيعة روابط القانون العام تمنع الأخذ باليمين الحاسمة أمام جهات القضاء الإداري لاعتبارات تتعلق بالنظام العام و بطبيعة الدعوى الإدارية التى تقوم بين طرفين أحدهما الإدارة التى تتصرف بغرض تحقيق المصلحة العامة بمعرفة موظفيها و هو ما يمنع توجيه اليمين الحاسمة إلى موظفيها أمام القضاء الإدارى ، وتسري هذه القاعدة من باب أولى إذا كان الخصم هو أحد قضاة المحكمة أو كان مفوضاً أمام المحكمة مما يعتبر معه عضواً مكملاً للمحكمة .
وفى حالة الطعن على المستند بالتزوير فإنه يجب اتخاذ الإجراءات التى تنص عليها المادة 101 من قانون الإثبات ، ومن ثم فإن تخلف هذه الإجراءات يستوجب من المحكمة الالتفات عن الإدعاء بالتزوير .
ومن المقرر أن نظر الدفوع المتعلقة بالتزوير من اختصاص مجلس الدولة ، وذلك على أساس اختصاص قاضى الأصل بنظر المسائل الفرعية .
وأخيرا تنبغي الإشارة إلى أن قاضى المشروعية لا يملك أن يصدر أمراً إلى الإدارة وذلك نتيجة لاستقلال السلطة التنفيذية عن السلطة القضائية وأيضا لأن السلطة القضائية مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية فى إطار أحكام الدستور وقانون مجلس الدولة – ويترتب على ذلك أنه يقتصر اختصاص قاضى المشروعية على إجراء رقابة المشروعية على ما تصدره الجهة الإدارية أو تمتنع عن إصداره من قرارات متى كانت ملزمة قانونا بذلك فيحكم بإلغاء القرار المعيب فى الحالة الأولى وبإلغاء القرار السلبى بالامتناع فى الحالة الثانية ، و على السلطة التنفيذية المختصة إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ هذه الأحكام نزولاً بما يحقق الشرعية وسيادة القانون.
المطلب الثاني
عوارض سير الخصومة أمام القضاء الإدارى
قلنا سابقا إنه يجوز تطبيق كافة القواعد المقررة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية المتعلقة بترك الخصومة أو وقف الدعوى أو انقطاع سير الخصومة مع قيام مفوض الدولة بإيداع تقريره النهائى فى هذا الشأن ، والمحكمة هى التى تثبت ذلك فى حكمها ، فما هى حدود تطبيق تلك العوارض ؟ وهل تطبق هذه العوارض بنفس الصورة المقررة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية ، أم يكون للخصومة الإدارية تأثير عليها ؟ هذا ما سنعرفه من خلال الإشارة السريعة إلى عوارض سير الخصومة أمام القضاء الإدارى.
وبداية نود أن نشير إلى أن قضاء مجلس الدولة لا يعرف نظام شطب الدعوى جزاء لتخلف المدعى عن متابعة دعواه ، حيث إن نظام شطب الدعوى لا يتفق و طبيعة التقاضى أمام مجلس الدولة، وقد طبق قضاء مجلس الدولة نظام شطب الدعوى فقط بالنسبة للقرارات التى تصدر من اللجان القضائية للإصلاح الزراعي حيث تلزم هذه الأخيرة بقواعد قانون المرافعات .
أولا – سقوط الخصومة : –
يقصد بسقوط الخصومة زوالها واعتبارها كأن لم تكن لعدم السير فيها بفعل المدعى أو امتناعه مدة معينة ، وقد قرر المشرع ذلك كعقاب للمدعى الذى يهمل دعواه وحتى لا تتراكم الدعاوى أمام القضاء وكى تستقر المراكز القانونية أيضا .
ولهذا فقد نصت المادة 134 من قانون المرافعات على أن << لكل ذى مصلحة من الخصوم فى حالة عدم السير فى الدعوى بفعل المدعى أو امتناعه أن يطلب الحكم بسقوط الخصومة متى انقضت سنة من آخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضى >> ، كما نصت المادة 135 على أن << لا تبدأ مدة سقوط الخصومة فى حالات الانقطاع إلا من اليوم الذى قام فيه من يطلب الحكم بسقوط الخصومة بإعلان ورثة خصمه الذى توفى أو من قام مقام من فقد أهليته للخصومة أو مقام من زالت صفته بوجود الدعوى بينه وبين خصمه الأصلى >> ، ونصت المادة 140 على أنه << فى جميع الأحوال تنقضى الخصومة بمضى ثلاث سنوات على آخر إجراء صحيح فيها …..>> وهو ما يطلق عليه أيضا تقادم الخصومة أو انقضائها بمضى المدة .
ولقد ترددت المحكمة الإدارية العليا في تطبيق هذه النصوص إلى أن استقرت على أن الخصومة أمام القضاء الإدارى أيا كانت لا تسقط بمضى سنة من آخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضى ، كذلك لا تنقضى بمرور ثلاث سنوات على آخر إجراء فيها وذلك لتعارض نص المادة 134 ، والمادة 140 من قانون المرافعات مع نظام ومقتضيات القضاء الإدارى وأن المنازعة الإدارية تقوم على روابط القانون العام وتتمثل فى خصومة مردها إلى مبدأ الشرعية وسيادة القانون وتتحرر بالتالى من لدد الخصومة الشخصية التى تهيمن على منازعات القانون الخاص وذلك حيث يهيمن القاضى الإدارى على الدعوى ويوجهها ويكلف الخصوم بما يراه لازما لاستيفاء تحضيرها وتحقيقها وتهيئتها للفصل فيها .
ثانيا : ترك الخصومة : –
أما بالنسبة لترك الخصومة فقد نصت المادة 141 من قانون المرافعات على أنه << يكون ترك الخصومة بإعلان من التارك لخصومه على يد محضر أو ببيان صريح فى مذكرة موقعة من التارك أو من وكيله مع اطلاع خصمه عليها أو بإبدائه شفويا فى الجلسة وإثباته فى المحضر >> .
كما نصت المادة 142 على أنه << لا يتم الترك بعد إبداء المدعى عليه طلباته إلا بقبوله ، ومع ذلك لا يلتفت لاعتراضه على الترك إذا كان قد دفع بعدم اختصاص المحكمة ، أو بإحالة القضية إلى المحكمة مرة أخرى أو ببطلان صحيفة الدعوى أو طلب غير ذلك مما يكون القصد منه منع المحكمة من المضى فى سماع الدعوى >>.
غير أنه إذا أبدى المدعى أمام هيئة مفوضى الدولة عدوله عن إقراره بترك الخصومة واستمراره فى دعواه وجب على المحكمة الاعتداد بالإرادة الحقيقية المبداة أمامها وطرح الادعاء بترك الخصومة .
ونصت المادة 143 على أن << يترتب على الترك إلغاء جميع إجراءات الخصومة بما فى ذلك رفع الدعوى والحكم على التارك بالمصاريف ، ولكن لا يمس ذلك الحق المرفوعة به الدعوى >> .
كما نصت المادة 144 على أن << إذا نزل الخصم مع قيام الخصومة عن إجراء أو ورقة من أوراق المرافعات صراحة أو ضمنا اعتبر الإجراء أو الورقة كأن لم يكن >> .
و أيضا نصت المادة 145 على أن << النزول عن الحكم يستتبع النزول عن الحق الثابت به >>.
وأما بالنسبة للرسوم المستحقة على الدعوى فى هذه الحالة فقد نصت المادة 71 من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أنه << إذا ترك المدعى الخصومة أو تصالح مع خصمه فى الجلسة الأولى لنظر الدعوى وقبل بدء المرافعة فلا يستحق على الدعوى إلا ربع الرسم المسدد . وإذا انتهى النزاع صلحا أمام مجلس الصلح المشار إليه فى المادة 64 يرد كامل الرسم المسدد >> .
وإذا كان ترك الخصومة يمكن التسليم به أمام القضاء الإدارى بالنسبة لدعاوى القضاء الكامل فإنه يثير العديد من الاعتراضات بالنسبة لدعوى الإلغاء نظرا لاعتبارات المصلحة العامة التى تقف عقبة فى طريق الاعتراف بنظام ترك الخصومة أمام القضاء الإدارى وذلك على الرغم من اعتراف المحكمة الإدارية العليا به فى الدعاوى الإدارية بصفة عامة .
والقيد الوحيد الذى أقره القضاء صراحة ورفض إثبات ترك الخصومة هو تعلق الترك بموضوع يتصل بالنظام العام ، حيث قضت المحكمة الإدارية العليا بأنه إذا كان الأصل هو جواز ترك الخصومة فى كل الأحوال متى تنازل المدعى عن خصومته بدون تحفظ متخذا الشكل الذى يقضى به القانون فإن هذا الأصل يرد عليه استثناء لم يتضمنه نص المادة (142) من قانون المرافعات قوامه عدم إجازة الترك إذا تعلق موضوع الدعوى بالنظام العام ، وأساس ذلك أن الحقوق المتصلة بالنظام العام ينبغى ألا تجعل مصيرها متوقفا على اتفاقات متروك أمرها لإرادة الأفراد ، ومثال هذه الحقوق ، الحقوق والحريات العامة التى تنص عليها الدساتير عادة كحرية العقيدة ، وحرية الرأى ، وحقى الترشيح والانتخاب .
ثالثا : وقف الخصومة : –
يقصد بوقف الخصومة عدم السير فيها إذا ما طرأ عليها أثناء نظر الدعوى سبب من أسباب الوقف ، وهى متعددة ، ومنها ما يكون بحكم المحكمة ، ومنها ما يكون بنص القانون ، ومثال النوع الأول ما نصت عليه المادة 129 من قانون المرافعات من أنه << فى غير الأحوال التى نص فيها القانون على وقف الدعوى وجوبا أو جوازا يكون للمحكمة أن تأمر بوقفها كلما رأت تعليق حكمها فى موضوعها على الفصل فى مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم .
وبمجرد زوال سبب الوقف يكون للخصوم تعجيل الدعوى >> .
ومن أمثلة هذا النوع أيضا ما نصت عليه المادة 99 من قانون المرافعات كجزاء يوقع على الخصوم فى حالة تخلفهم عن تقديم المستندات أو القيام بالإجراءات التى تحددها المحكمة وبشرط ألا تزيد مدة الوقف عن شهر.
والوقف بحكم المحكمة أمر متروك الحكم أو عدم الحكم به للمحكمة المختصة .
وأما النوع الثانى وهو الوقف بنص القانون فهو وقف الدعوى المترتب على تقديم طلب رد القاضى وفقا لما تنص عليه المادة 162 من قانون المرافعات حيث يكون الوقف وجوبيا لحين الفصل فى طلب الرد .
وهذان النوعان من أنواع الوقف يطبقان أمام القاضى الإدارى .
وبالنسبة لوقف الخصومة للفصل في مسألة أولية فقد أجازت المحكمة الإدارية العليا جواز الطعن فيه على استقلال أمام المحكمة الإدارية العليا على أساس أن الحكم بوقف الدعوى هو حكم قضائي وليس قرارا ولائيا ، وأن أحكام قانون المرافعات قد استثنت الأحكام الصادرة بوقف الدعوى للفصل في مسألة أولية على الرغم من أنها غير منهية للخصومة ، وأجازت الطعن فيها ، كما قضت بأنه لا مجال للحكم بوقف سير الخصومة إذا كان النزاع قد انتهى صلحا أو تسوية ، ويشترط بطبيعة الحال لوقف سير الخصومة للفصل في مسألة أولية أن تكون هذه المسألة خارجة عن اختصاص المحكمة ، أما إذا لم يكن خارجا عن اختصاص المحكمة وظيفيا أو ولائيا فلا يجوز الحكم بوقف سير الخصومة ، ولا يعتبر انتظار صدور حكم من المحكمة الإدارية العليا فى طعن مقدم فى حكم صادر من محكمة القضاء الإدارى بتحديد المركز القانونى لموظف من بين الأحوال التى تكون فيها للمحكمة أن توقف الدعوى بمقولة أن مركز المطعون عليه لم يكن قد تحدد بصفة نهائية بعد ، ما دام أن هذا المركز قد انحسم فعلاً أمام محكمة القضاء الإدارى .
ولاشك أن الحكم بوقف الخصومة مانع من سقوط أو انقضاء الخصومة.
أما الوقف الاتفاقى والتى تنص عليه المادة 128 من قانون المرافعات من أنه << يجوز وقف الدعوى بناء على اتفاق الخصوم على عدم السير فيها مدة لا تزيد على ستة أشهر من تاريخ إقرار المحكمة لاتفاقهم ولكن لا يكون لهذا الوقف أثر فى أى ميعاد حتمى يكون القانون قد حدده لإجراء ما . وإذا لم يعجل الدعوى فى ثمانية الأيام التالية لنهاية الأجل اعتبر المدعى تاركا دعواه والمستأنف تاركا استئنافه >> فلا يطبق أمام القضاء الإدارى وذلك لأن الدعوى الإدارية تتصل بالمصلحة العامة ومن ثم لا يجوز أن تتوقف على إرادة الخصوم فى الدعوى .
رابعا : انقطاع سير الخصومة : –
أما بالنسبة لانقطاع سير الخصومة فقد نصت المادة 130 من قانون المرافعات على أنه << ينقطع سير الخصومة بحكم القانون بوفاة أحد الخصوم ، أو بفقده أهلية الخصومة ، أو بزوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه من النائبين ، إلا إذا كانت الدعوى قد تهيأت للحكم فى موضوعها .
ومع ذلك إذا طلب أحد الخصوم أجلا لإعلان من يقوم مقام الخصم الذى تحقق فى شأنه سبب الانقطاع ، وجب على المحكمة – قبل أن تقضى بانقطاع سير الخصومة – أن تكلفه بالإعلان خلال أجل تحدده له ، فإذا لم يقم به خلال هذا الأجل دون عذر ، قضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة منذ تحقق سببه .
ولا تنقطع الخصومة بوفاة وكيل الدعوى ولا بزوال وكالته بالتنحى أو بالعزل وللمحكمة أن تمنح أجلا مناسبا للخصم الذى توفى وكيله أو انقضت وكالته إذا كان قد بادر فعين له وكيلا جديدا خلال الخمسة عشر يوما التالية لانقضاء الوكالة الأولى >>.
ونصت المادة 132 على أنه << يترتب على انقطاع الخصومة وقف جميع مواعيد المرافعات التى كانت جارية فى حق الخصوم وبطلان جميع الإجراءات التى تحصل أثناء الانقطاع .
وأخيرا نصت المادة 133 على أنه << تستأنف الدعوى سيرها بصحيفة تعلن إلى من يقوم مقام الخصم الذى توفى أو فقد أهليته للخصومة أو زالت صفته ، بناء على طلب الطرف الآخر ، أو بصحيفة تعلن إلى هذا الطرف بناء على طلب أولئك .
وكذلك تستأنف الدعوى سيرها إذا حضر الجلسة التى كانت محددة لنظرها وارث المتوفى ، أو من يقوم مقام من فقد أهلية الخصومة ، أو من يقوم مقام من زالت عنه الصفة وباشر السير فيها >> .
وأخيرا فإن انقطاع سير الخصومة كى ينتج أثره بالضوابط التى سبق ذكرها يشترط أن يقع فى الفترة ما بين رفع الدعوى وقبل أن تصبح الدعوى مهيأة للفصل فى موضوعها . و لا تكون الدعوى مهيأة للفصل فى موضوعها إلا بإبداء الخصوم لأقوالهم وطلباتهم الختامية بالجلسات حتى جلسة المرافعة السابقة على الوفاة ومن ثم إذا لم يكن الخصوم قد أبدوا طلباتهم الختامية قبل الوفاة ، بأن طلب الخصوم فيها المستندات دون إبداء لهذه الطلبات أو كانت الدعوى مؤجلة للإعلان أو ما يماثل ذلك من إجراءات فإن الدعوى لا تكون قد تهيأت للحكم فى موضوعها .
كما لا تعتبر الدعوى مهيأة للفصل في موضوعها قبل قيام هيئة مفوضي الدولة بتحضيرها وتقديم تقرير بالرأي القانوني مسببا فيها ، ولا تستأنف الدعوى سيرها بعد الانقطاع إلا باتخاذ إجراء من الإجراءات المنصوص عليها قانوناً ، ويترتب على ذلك أنه لا يصح اتخاذ أى إجراء من إجراءات نظر الدعوى أثناء فترة الانقطاع وفى غيبة من يقوم مقام الخصم الذى توفى ويصبح الإجراء المتخذ باطلاً بنص القانون .
وأخيراً يلاحظ أن الانقطاع يترتب دون حاجة إلى صدور حكم من المحكمة ودون اشتراط علم الطرف الآخر فى الدعوى بسبب الانقطاع .
الفصل الثانى
الإجراءات أمام المحاكم التأديبية
فى البداية وقبل أن نتعرف على الإجراءات المختلفة أمام المحاكم التأديبية يجب أن نشير إلى اختصاص هذه المحاكم وكيفية توزيع الاختصاص فيما بينها ، وعلى هذا نقسم البحث فى هذا المجال إلى مبحثين ، نتناول فى الأول منهما اختصاص المحاكم التأديبية ، وفى الثانى الإجراءات المتعلقة بالدعاوى والطعون أمام المحاكم التأديبية.
المبحث الأول
اختصاص المحاكم التأديبية
للحديث عن اختصاص المحاكم التأديبية ينبغي عرض النصوص التى أشارت إلى هذا الاختصاص ، ومنها : –
ما نصت عليه المادة 15 من قانون مجلس الدولة من أنه << تختص المحاكم التأديبية بنظر الدعاوى التأديبية عن المخالفات المالية والإدارية التى تقع من :-
أولا: العاملين المدنيين بالجهاز الإدارى للدولة فى وزارات الحكومة ومصالحها ووحدات الإدارة المحلية ، والعاملين بالهيئات العامة والمؤسسات العامة وما يتبعها من وحدات وبالشركات التى تضمن لها الحكومة حدا أدنى من الأرباح .
ثانيا: أعضاء مجالس إدارة التشكيلات النقابية المشكلة طبقا لقانون العمل وأعضاء مجالس الإدارة المنتخبين طبقا لأحكام القانون 141 لسنة 1963 المشار إليه .
ثالثا : العاملين بالجمعيات والهيئات الخاصة التى يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية ممن تجاوز مرتباتهم خمسة عشر جنيها شهريا .
كما تختص هذه المحاكم بنظر الطعون المنصوص عليها فى البندين تاسعا وثالث عشر من المادة العاشرة>>.
أما ما نص عليه البند التاسع من المادة العاشرة فهو المتعلق بالاختصاص بنظر الطلبات التى يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية .
وأما ما نص عليه البند الثالث عشر فهو المتعلق بالاختصاص بنظر الطعون فى الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام فى الحدود المقررة قانونا .
والخلاصة أن اختصاص المحاكم التأديبية وفقا لما نصت عليه المادة 15 من قانون مجلس الدولة يمتد ليشمل الآتى :-
الدعوى الـتأديبية المقامة من النيابة الإدارية عن المخالفات المالية والإدارية التى تقع من العاملين المشار إليهم في المادة 15 من قانون مجلس الدولة ، سواء كانوا من الخاضعين لقانون العاملين المدنيين بالدولة أم لا .
الطعن المقدم من الموظف العام بإلغاء القرار الصادر من سلطة تأديبية نهائية .
الطعن فى الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام .
ما نصت عليه المادة 16 من قانون مجلس الدولة من اختصاص المحاكم التأديبية بالفصل فى طلبات وقف أو مد الوقف للأشخاص المشار إليهم فى المادة 15 عن العمل أو صرف المرتب كله أو بعضه أثناء مدة الوقف فى الحدود المقررة قانونا.
كما تختص المحاكم التأديبية بنظر طلبات التعويض المتعلقة بالطعون التأديبية المنظورة أمامها سواء تعلقت بالعاملين بالحكومة أو العاملين بالقطاع العام .
و تختص المحاكم التأديبية بنظر المنازعات المتعلقة بتحميل العامل بقيمة الأضرار الناجمة عن المخالفات التى ارتكبها ، وسواء كانت هذه المنازعة مقترنة بالطعن بالإلغاء فى الجزاء الموقع على الموظف أم كانت مستقلة عنه ، وبغض النظر عن توقيع جزاء من عدمه .
وبجانب هذه الاختصاصات الواردة في قانون مجلس الدولة فقد نصت المادة 44 من قانون قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991 على أنه : تسري في شأن واجبات العاملين بالشركات القابضة والتحقيق معهم وتأديبهم أحكام المواد من 78 إلى 87 ومن 91 إلى 93 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام وأحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية ، وأحكام قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 .
كما تختص المحاكم التأديبية بمجلس الدولة دون غيرها بالنسبة للعاملين بهذه الشركات المشار إليها بتوقيع جزاء الإحالة إلى المعاش أو الفصل من الشركة بعد العرض على اللجنة الثلاثية ، وكذلك بالفصل في التظلمات من القرارات التأديبية الصادرة من السلطات الرئاسية أو المجالس التأديبية المختصة بالشركة ، ويكون الطعن في أحكام المحاكم التأديبية الصادرة بتوقيع الجزاء أو في الطعون في القرارات التأديبية أمام المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة ، أما العاملون بالشركات التابعة فيسرى بشأن التحقيق معهم وتأديبهم أحكام قانون العمل
كما يسرى اختصاص مجلس الدولة فى هذا الصدد مؤقتا بالنسبة للعاملين بالشركات التابعة ، وحتى صدور اللوائح المنظمة لهذه الشركات ، حيث ستسرى فى هذه الحالة أحكام قانون العمل.
وتطبيقا لهذا فقد قضت المحكمة الإدارية العليا بانعقاد الاختصاص للمحاكم التأديبية بمجلس الدولة بنظر الدعاوى التأديبية وطعون الجزاءات التأديبية للعاملين بالشركات التابعة والخاضعة لأحكام القانون 203/1991 – طالما رفعت قبل صدور اللوائح المنظمة لشئون العاملين بتلك الشركات .
هذه هى مجمل اختصاصات المحاكم التأديبية بمجلس الدولة ، أما عن تحديد المحكمة التأديبية المختصة بنظر الدعوى أو الطعن فيلاحظ أن القانون قد تحدث عن كيفية تحديد المحكمة التأديبية المختصة بنظر الدعوى التأديبية وذلك فى المادتين 17 ، 18 من قانون مجلس الدولة ولم يتحدث عن المحكمة التأديبية المختصة بنظر الطعن بالإلغاء فى قرارات السلطة التأديبية المقدم من الموظف العام ولا عن الطعن بالإلغاء فى الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام .
و بالنسبة لتحديد المحكمة التأديبية المختصة بنظر الدعوى التأديبية المحالة إليها من النيابة الإدارية فقد قررت المادة 17 من قانون مجلس الدولة بأنه << يتحدد اختصاص المحكمة التأديبية تبعا للمستوى الوظيفى للعامل وقت إقامة الدعوى ، وإذا تعدد العاملون المقدمون للمحاكمة كانت المحكمة المختصة بمحاكمة أعلاهم فى المستوى الوظيفى هى المختصة بمحاكمتهم جميعا ، ومع ذلك تختص المحكمة التأديبية للعاملين من المستوى الأول والثانى والثالث بمحاكمة جميع العاملين بالجمعيات والشركات والهيئات الخاصة المنصوص عليه فى المادة 15 >>.
ونصت المادة 18 على أنه << تكون محاكمة العاملين المنسوبة إليهم مخالفة واحدة أو مخالفات مرتبطة ببعضها ومجازاتهم أمام المحكمة التى وقعت فى دائرة اختصاصها المخالفة أو المخالفات المذكورة ، فإذا تعذر تعيين المحكمة عينها رئيس مجلس الدولة بقرار منه >> .
ونعتقد أن نص المادة 17 يمكن أن يطبق أيضا بالنسبة لتحديد المحكمة التأديبية المختصة بنظر الطعن بالإلغاء فى قرارات السلطة التأديبية ، أو الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام ، وذلك على أساس معيار المستوى الوظيفى أيضا ، ونرى أنه كان من الأفضل لو أن النص أضيف إليه كلمة واحدة إلا وهى (أو الطعن) بجوار كلمة إقامة الدعوى لتصبح الصياغة كالتالى << يتحدد اختصاص المحكمة التأديبية تبعا للمستوى الوظيفى للعامل وقت إقامة الدعوى أو الطعن …….
المبحث الثانى
الإجراءات أمام المحكمة التأديبية
قلنا سابقا إن الدعوى المنظورة أمام المحكمة التأديبية قد تكون دعوى تأديبية محالة من النيابة الإدارية ، وقد تكون طعنا بالإلغاء فى جزاء تأديبى نهائى أو طعنا خاصا بالعاملين بالقطاع العام ، أو فصلا فى طلب الوقف أو مد الوقف أو صرف المرتب كله أو بعضه أثناء مدة الوقف ، أو غيرها ، وقد تحدثت عن الإجراءات الخاصة بالدعوى التأديبية المواد من 34 إلى 43 من قانون مجلس الدولة ، أما الإجراءات الخاصة بالطعن بالإلغاء فى قرارات السلطة التأديبية فينطبق عليها ما ينطبق على الدعوى الإدارية بصفة عامة ، أما بالنسبة للطعون الخاصة بالعاملين بالقطاع العام فقد نصت المادة 42 على أنه (( مع مراعاة ما هو منصوص عليه فى قانون نظام العاملين بالقطاع العام المشار إليه ، يعمل عند نظر الطعون المنصوص عليها فى البند الثالث عشر من المادة العاشرة بالقواعد والإجراءات والمواعيد المنصوص عليها فى الفصل الثالث ـ أولا ـ من الباب الأول من هذا القانون عدا الأحكام المتعلقة بهيئة مفوضى الدولة )) .
ولكن هل يجب الالتزام فى تحديد اختصاص المحاكم التأديبية بنظر الطعون في الجزاءات التأديبية ، بالجزاءات الصريحة التى حددها القانون على سبيل الحصر ؟
هذا ما قررته المحكمة الإدارية العليا فى البداية ، وبناء على ذلك فقد قضت بعدم اختصاص المحاكم التأديبية بنظر الطعن فى قرار منح العامل إجازة إجبارية مفتوحة لأنه ليس من الجزاءات التى حددها المشرع ، غير أنه سرعان ما عدلت عن هذا المبدأ القانونى وقررت اختصاص المحاكم التأديبية بنظر هذه الطعون .
أما بالنسبة للإيقاف عن العمل فقد قررت المادة 83 من قانون العاملين المدنيين بالدولة على أنه يجب عرض الأمر فورا على المحكمة التأديبية المختصة لتقرير صرف أو عدم صرف الباقى من أجر العامل وذلك خلال عشرة أيام من تاريخ الوقف وإلا وجب صرف الأجر كاملا ، كما أنه على المحكمة أن تصدر قرارها فى هذا الشأن خلال عشرين يوما من تاريخ رفع الأمر إليها وإلا وجب صرف الأجر كاملا ، وللمحكمة التأديبية المختصة وقف العامل مدة أزيد من مدة الثلاثة أشهر التى حددها القانون كحد أقصى لإيقاف العامل عن العمل بقرار من مدير النيابة أو من السلطة المختصة والتى يترتب عليه وقف صرف نصف الأجر ابتداء من تاريخ الوقف .
وعلى ذلك يمكن قصر البحث فى هذا الموضوع على إجراءات الدعوى التأديبية وذلك على أساس أن الطعون الأخرى تنطبق عليها نفس القواعد والإجراءات التى تنطبق على دعوى الإلغاء وبصفة خاصة مواعيد الطعن والتظلم وإجراءات رفع الدعوى وغيرها ، مع ملاحظة أن الطعون الخاصة بالعاملين بالقطاع العام لا تعرض على هيئة مفوضى الدولة وليس لمفوض الدولة من دور بشأنها وذلك وفقا لنص القانون .
– إجراءات الدعوى التأديبية : –
فى البداية نود أن نذكر إلى ما سبق أن أشرنا إليه من أن الدعوى التأديبية تقام فى مواجهة مرتكبى المخالفات المالية والإدارية والتى حددتهم المادة 15 من قانون مجلس الدولة ، ولا يمتد إلى من تنظم قوانينهم الخاصة أحكام تأديبهم أمام مجالس خاصة للتأديب كأعضاء هيئة التدريس بالجامعات ورجال القضاء وأعضاء مجلس الدولة ، وغيرها ، وإلى أن الأحكام الصادرة من هذه المجالس يطعن فيها مباشرة أمام المحكمة الإدارية العليا مثلها فى ذلك مثل الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية ، وإلى أن من يخضع للمحاكمة التأديبية هو الموظف الذى تربطه بجهة العمل علاقة ما وأنه قبل بدء هذه العلاقة لا يتصور محاكمته تأديبيا وإن كان من الممكن محاكمته تأديبيا بعد انتهاء الخدمة وذلك فى حالتين الأولى بدء التحقيق معه قبل انتهاء الخدمة ، والثانية إذا كانت المخالفة المنسوبة إليه يترتب عليها ضياع حق من حقوق الخزانة العامة وذلك بشرط ألا يكون قد مر على وقوع هذه المخالفة أكثر من خمس سنوات .
وأخيرا فإن السلطة المختصة بالإحالة إلى المحكمة التأديبية هى النيابة الإدارية سواء أقامت الدعوى مختارة أو بناء على طلب من الجهة الإدارية المختصة أو الجهاز المركزى للمحاسبات ، ومن ثم لا تملك أية جهة أخرى الإحالة مباشرة إلى المحكمة التأديبية .
أما بخصوص طلب الجهة الإدارية من النيابة الإدارية إقامة الدعوى التأديبية فقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأن المشرع لم يحدد ميعادا لجهة الإدارة تتولى خلاله إعادة الأوراق للنيابة الإدارية فى حالة رغبتها فى إقامة الدعوى التأديبية ضد العامل ، وذلك على الرغم من نص المادة 12 من قانون النيابة الإدارية التى أوجبت على جهة الإدارة إخطار النيابة الإدارية بنتيجة التصرف فى الأوراق خلال 15 يوما باعتبار أن هذا الميعاد لاحق على قرار الجهة الإدارية التى لم يحدد له المشرع أجلا يتخذ خلاله .
ويمكن الحديث عن إجراءات الدعوى التأديبية من خلال المطلبين الآتيين : –
المطلب الأول
إيداع قرار الإحالة وإعلانه
وفقا لنص المادة 34 من قانون مجلس الدولة تقام الدعوى التأديبية من النيابة الإدارية بإيداع أوراق التحقيق وقرار الإحالة قلم كتاب المحكمة المختصة ، ويجب أن يتضمن القرار المذكور بيانا بأسماء العاملين وفئاتهم والمخالفات المنسوبة إليهم والنصوص القانونية الواجبة التطبيق .
ولاشك أن الحكمة من تحديد فئات العاملين هو معرفة المحكمة التأديبية المختصة نوعيا بنظر هذه الدعوى ، وذلك حيث حددت المادة 17 من قانون مجلس الدولة محكمة تأديبية لمستوى الإدارة العليا ومحكمة تأديبية للعاملين من المستوى الأول والثانى والثالث وجميع العاملين بالجمعيات والشركات والهيئات الخاصة المنصوص عليها فى المادة 15.
وتجدر الإشارة إلى أن توزيع الاختصاص بين محاكم تأديبية لمستوى الإدارة العليا ومحاكم تأديبية عادية لا يعنى اختلافا فى درجة الحكم الصادر من أى منهما ، فكلاهما يمكن الطعن فيه مباشرة أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن المنطقى أن يتم تحديد المستوى الوظيفى للعامل بما هو عليه وقت إقامة الدعوى ، كما أنه إذا تعدد العاملون المقدمون للمحاكمة كانت المحكمة المختصة بمحاكمة أعلاهم فى المستوى الوظيفى هى المختصة بمحاكمتهم جميعا وذلك بطبيعة الحالة إذا كانت المخالفة المنسوبة إليهم جميعا مخالفة واحدة أو مخالفات مرتبطة ببعضها البعض .
وقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأن الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة لشاغلى وظائف الإدارة العليا لا يستتبع الحكم بعدم اختصاص هذه المحكمة أو عدم القبول بالنسبة لشاغلى المستويات الأدنى وذلك على أساس بقاء الاختصاص الشامل للمحكمة بالرغم من عدم قبول الدعوى لمن يشغل وظائف الإدارة العليا لأن احتمال تصحيح الوضع مازال قائما .
أما عن المحكمة التأديبية المختصة محليا أو مكانيا بنظر الدعوى التأديبية فهى المحكمة التى وقع بدائرتها المخالفة التأديبية المنسوبة للعامل وإلا عين رئيس مجلس الدولة المحكمة المختصة وذلك وفقا لنص المادة 18 ، والمقصود بمكان وقوع المخالفة مكان الجهة التى ينتمى إليها العامل لا مكان ارتكاب المخالفة .
وفى حالة تعدد المحالين إلى المحكمة التأديبية واختلاف الجهة التى يتبعونها فيكفى أن تقام الدعوى أمام المحكمة المختصة مكانيا لأى منهم ، وذلك قياسا على قواعد الاختصاص المحلى التى نص عليها قانون المرافعات فى المادة 49 منه .
هذا ويعتبر العامل محالا إلى المحكمة التأديبية من تاريخ طلب الجهة الإدارية لا من تاريخ الإحالة من النيابة الإدارية ما لم تكن هى التى طلبت ذلك .
وبعد إيداع قرار الإحالة وأوراق التحقيق قلم كتاب المحكمة التأديبية المختصة نوعيا ومحليا بنظر الدعوى يتم تحديد جلسة لنظر الدعوى خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إيداع هذه الأوراق قلم كتاب المحكمة من جانب رئيس المحكمة .
و يقوم قلم كتاب المحكمة بإعلان ذوى الشأن بقرار الإحالة وتاريخ الجلسة خلال أسبوع من تاريخ إيداع الأوراق .
ويراعى أن هذه المواعيد مواعيد تنظيمية الغرض منها حث المحكمة على سرعة الفصل فى الدعوى ومن ثم لا يترتب على مخالفته أى جزاء وعلى الأخص البطلان .
وأما بالنسبة لإعلان المحال إلى المحاكمة التأديبية فيكون إما فى محل إقامته ، أو فى محل عمله وذلك بخطاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول ، وذلك خلافا للقواعد المعمول بها فى الإعلان وتسليمه والمنصوص عليها فى المادة 10،11،12،13، من قانون المرافعات المدنية والتجارية ، والتى تقضى بأن تسلم الأوراق المطلوب إعلانها للشخص نفسه أو فى موطنه أو موطنه المختار أو لوكيله أو من يعمل فى خدمته أو من الساكنين معه من الأزواج والأقارب والأصهار وذلك عن طريق المحضر .
أما إعلان أفراد القوات المسلحة ومن فى حكمهم ـ ممن تسرى فى شأنهم أحكام هذا القانون ـ فيتم بتسليمه إلى الإدارة القضائية المختصة بالقوات المسلحة وفقا للقواعد العامة .
ووفقا لحكم المادة 34 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 يتعين أن يقوم قلم كتاب المحكمة التأديبية بإعلان ذوي الشأن بقرار الإحالة وتاريخ الجلسة في محل إقامة المعلن أو في مقر عمله باعتبار أن ذلك إجراء جوهري ، إذ يحاط المعلن إليه بأمر محاكمته بما يسمح له أن يمارس كل ما يتصل بحق الدفاع , ومن ثم فان إغفال هذا الإجراء أو إجراءه بالمخالفة لحكم القانون علي نحو لا تحقق الغاية منه ، ما من شانه وقوع عيب شكلي في إجراءات المحاكمة يؤثر في الحكم ويؤدي إلى بطلانه . وأن المادة 13 فقرة 10 من قانون المرافعات المدنية والتجارية أجازت إعلان الأوراق القضائية في النيابة العامة – مناط صحة هذا الإجراء أن يكون موطن المعلن إليه غير معلوم الداخل والخارج ، وإذا كان للمعلن إليه موطن معلوم في الداخل فيكون تسليم الإعلان لشخصه أو في موطنه – وإذا كان له موطن معلوم في الخارج فيسلم الإعلان إلى النيابة العامة لإرساله لوزارة الخارجية لتتولي توصيله بالطرق الدبلوماسية .
ومن ثم فإن إعلان المحال بغير الطريق الذى رسمه القانون وبغير استيفاء البيانات الجوهرية وأهمها قرار الاتهام المنسوب إليه وتاريخ الجلسة المحددة لنظر الدعوى التأديبية يترتب عليه بطلان الإعلان الذى قد يصححه حضور المحال وذلك إذا تحققت الغاية من الإعلان ، ويصدق هذا على الإعلان بغير تحديد تاريخ الجلسة المقررة لنظر الدعوى .
وأما إذا أعلن المحال إعلانا صحيحا وعلى الرغم من ذلك لم يحضر ولم يقدم عذرا مقبولا يمنعه من الحضور ، ولم يوكل محاميا للدفاع عنه فإنه يمكن للمحكمة أن تفصل فى الدعوى طالما أنه قد أهمل فى الدفاع عن نفسه ، وطالما ارتأت المحكمة أنه لا يلزم حضور المحال شخصيا.
وإذا كانت الدعوى التأديبية تقام من النيابة الإدارية ولا تدخل إلى حوزة المحكمة بغير هذا الإجراء ، إلا أن قانون مجلس الدولة أجاز للمحكمة التأديبية أيضا إقامة الدعوى التأديبية ، وذلك حيث نصت المادة 41 على أنه (( للمحكمة أن تقيم الدعوى على عاملين من غير من قدموا للمحاكمة أمامها إذا قامت لديها أسباب جدية بوقوع مخالفة منهم ، وفى هذه الحالة يجب منحهم أجلا مناسبا لتحضير دفاعهم إذا طلبوا ذلك ، وتحال الدعوى برمتها إلى دائرة أخرى بقرار من رئيس مجلس الدولة بناء على طلب رئيس المحكمة )).
غير أن الإحالة فى هذا الصدد تقتضى أن تكون المخالفات المنسوبة إلى هؤلاء العاملين مرتبطة بالدعوى التأديبية الأصلية المنظورة أمام المحكمة التأديبية التى قررت الإحالة إلى دائرة أخرى .
ويترتب على دخول الدعوى التأديبية حوزة المحكمة عدم جواز صدور أى تصرف من جانب أية جهة ولو كانت هى التى طلبت الإحالة إلى المحكمة أو هى التى قررت الإحالة من شأنه سلب اختصاص المحكمة.
وجدير بالذكر أن القرار الصادر بالإحالة إلى المحاكمة التأديبية هو إجراء من إجراءات الدعوى التأديبية لا يرقى إلى مرتبة القرار الإدارى النهائى الذى يختص القضاء الإدارى بالفصل فى طلب إلغائه مستقلاً عن الدعوى التأديبية
وقد جرى القضاء الإدارى على أن عدم توقيع محام على صحيفة الدعوى التى تقدم للمحاكم التأديبية طعنا في القرارات التأديبية ليس من شأنه بطلان صحيفة الدعوى تأسيسا على أن حق التقاضى كفله الدستور ، وأن الأصل أن للمواطنين الالتجاء إلى قاضيهم الطبيعى مباشرة دون أن يستلزم توقيع محام على صحيفة دعواهم ما لم يستلزم القانون هذا الإجراء ، خاصة وأن قانون مجلس الدولة وقانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 لم يستلزم هذا الإجراء .
المطلب الثانى
نظر الدعوى والحكم فيها
إذا ما دخلت الدعوى التأديبية حوزة المحكمة تمتعت المحكمة بالعديد من السلطات التى تمكنها من الفصل فى الدعوى ، وفى سبيل الحسم السريع للدعوى فقد منح القانون المحكمة العديد من السلطات التى تمكنها من تحقيق هذه الغاية كما أوجب عليها مراعاة بعض القواعد ، ولهذا قررت المادة 35 أن (( تفصل المحكمة التأديبية فى القضايا التى تحال إليها على وجه السرعة ، وعلى الوزراء والرؤساء المختصين موافاة المحكمة بما تتطلبه من بيانات أو ملفات أو أوراق لازمة للفصل فى الدعوى خلال أسبوع من تاريخ الطلب .
ولا يجوز تأجيل نظر الدعوى أكثر من مرة لذات السبب على ألا تجاوز فترة التأجيل أسبوعين .
وتصدر المحكمة حكمها فى مدة لا تجاوز شهرين من تاريخ إحالة الدعوى إليها )).
أما بالنسبة لسلطات المحكمة فيمكن القول أن المحكمة التأديبية تملك السلطات التالية :-
للمحكمة التأديبية حق استجواب العامل المحال إلى المحاكمة وسماع الشهود وإحالتهم إلى النيابة العامة وتوقيع جزاءات تأديبية ، وذلك حيث نصت المادة 36 على أنه (( للمحكمة استجواب العامل المقدم للمحاكمة وسماع الشهود من العاملين وغيرهم ، ويكون أداء الشهادة أمام المحكمة بعد حلف اليمين ، ويسرى على الشهود فيما يتعلق بالتخلف عن الحضور والامتناع عن أداء الشهادة أو شهادة الزور الأحكام المقررة لذلك قانونا ، وتحرر المحكمة محضرا بما يقع من الشاهد وتحيله إلى النيابة العامة إذا رأت فى الأمر جريمة .
وإذا كان الشاهد من العاملين الذين تختص المحاكم التأديبية بمحاكمتهم وتخلف عن الحضور بعد تأجيل الدعوى وإخطاره بالجلسة المحددة مرة أخرى أو امتنع عن أداء الشهادة ، جاز للمحكمة أن تحكم عليه بالإنذار أو الخصم من المرتب لمدة لا تجاوز شهرين )).
للمحكمة التأديبية إلزام المحال بالحضور شخصيا أمام المحكمة لسماع أقواله .
وذلك حيث نصت المادة 37 على أنه (( للعامل المقدم إلى المحكمة التأديبية أن يحضر جلسات المحكمة أو أن يوكل عنه محاميا ، وله أن يبدى دفاعه كتابة أو شفاهة ، وللمحكمة أن تقرر حضوره شخصيا )).
للمحكمة التأديبية الإحالة إلى النيابة العامة فى حالة تبين وجود جريمة جنائية سواء كانت هى الواقعة الواردة بقرار الإحالة أم واقعة أخرى ، ولا يشترط انتظار الفصل فى الدعوى الجنائية ما لم يكن الحكم فى الدعوى التأديبية متوقفا على نتيجة الفصل فى موضوع الإحالة إلى النيابة العامة ، أما إذا كان الفصل فى الدعوى الجنائية أمرا ضروريا للفصل فى الدعوى التأديبية أوقفت الدعوى التأديبية واستمر إيقاف العامل عن عمله ، وذلك حيث نصت المادة 39 على أنه (( إذا رأت المحكمة أن الواقعة التى وردت بأمر الإحالة أو غيرها من الوقائع التى تضمنها التحقيق تكون جريمة جنائية أحالتها إلى النيابة العامة للتصرف فيها وفصلت فى الدعوى التأديبية .
ومع ذلك إذا كان الحكم فى دعوى تأديبية تتوقف على نتيجة الفصل فى دعوى جنائية وجب وقف الأولى حتى يتم الفصل فى الثانية .
ولا يمنع وقف الدعوى من استمرار وقف العامل .
وعلى النيابة الإدارية تعجيل نظر الدعوى بمجرد زوال سبب الوقف )).
و يجب على المحكمة التأديبية أن تضع فى اعتبارها الحكم الصادر فى الدعوى الجنائية خاصة إذا كان صادرا بالبراءة لعدم صحة الوقائع أو عدم ثبوتها أما البراءة لعدم كفاية الأدلة فلا يحول دون إدانة الموظف.
كما يمكن إيقاف الدعوى التأديبية أيضا استنادا إلى ما تنص عليه المادة 129 من قانون المرافعات المدنية والتجارية وذلك إذا كان حكم المحكمة في الدعوى يتوقف على الفصل في مسألة معينة ، مثال ذلك أن يتوقف الفصل في المخالفة المنسوبة إلى الموظف المحال إلى المحاكمة التأديبية إلى الفصل في صحة عقد زواج ، وهو ما يخرج عن اختصاص القضاء التأديبي ، وينبغي إيقاف الدعوى للفصل في هذه المسألة من القضاء المختص .
للمحكمة التأديبية حق التصدى ، ويقصد به أن تتعرض المحكمة للفصل فى وقائع لم ترد بقرار الإحالة ، أو إقامة الدعوى على أشخاص لم يشملهم قرار الإحالة ، وأما الحق الأول فهو ما نصت عليه المادة 40 التى قضت بأنه (( تفصل المحكمة فى الواقعة التى وردت بقرار الإحالة ، ومع ذلك يجوز للمحكمة سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب النيابة الإدارية التصدى لوقائع لم ترد فى قرار الإحالة والحكم فيها إذا كانت عناصر المخالفة ثابتة من الأوراق ، ويشترط أن تمنح العامل أجلا مناسبا لتحضير دفاعه إذا طلب ذلك )).
ويشترط لممارسة هذا الحق شرطان ، أما الأول فهو ثبوت أركان المخالفة التأديبية من خلال أوراق الدعوى المطروحة على المحكمة ، والثانى منح أجل مناسب للمحال لتحضير دفاعه عن هذه الواقعة الجديدة ، وبغير مراعاة هذه الشروط يكون التصدى غير جائز .
أما الحق الثانى فى التصدى وهو إقامة الدعوى على أشخاص لم يشملهم قرار الإحالة فهو ما نصت عليه المادة 41 بأنه (( للمحكمة أن تقيم الدعوى على عاملين من غير من قدموا للمحاكمة أمامها إذا قامت لديها أسباب جدية بوقوع مخالفة منهم ، وفى هذه الحالة يجب منحهم أجلا مناسبا لتحضير دفاعهم إذا طلبوا ذلك ، وتحال الدعوى برمتها إلى دائرة أخرى بقرار من رئيس مجلس الدولة بناء على طلب رئيس المحكمة . ))
المرهون بالآتى :-
للمحكمة التأديبية الحق فى إسباغ الوصف والتكييف القانونى السليم للوقائع وعدم التقيد بما ورد فى أمر الإحالة فى هذا الشأن . مع ضرورة تنبيه العامل المحال للمحاكمة بالوصف والتكييف الجديد لإبداء دفاعه وقد قررت المحكمة الإدارية العليا أنه إذا كانت المحكمة التأديبية تتقيد بالمخالفات الواردة فى قرار الاتهام فإنها لا تتقيد بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة الإدارية على تلك الوقائع ويجب على المحكمة أن تمحص الوقائع المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوضاعها لتنزل عليها حكم القانون ، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن أجرت تعديلا فى الوصف القانونى للوقائع دون إسناد وقائع أخرى أو إضافة عناصر جديدة إلى ما تضمنه قرار الإحالة ، وأنه يشترط إخطار العامل بالتعديل الذى أجرته المحكمة متى كان من شأن ذلك التأثير على دفاعه .
يتمتع القاضي التأديبي بحرية كاملة فى مجال الإثبات حيث لا يلتزم بطرق معينة للإثبات و للقاضى أن يحدد بكل حريته طرق الإثبات التى يقبلها و أدلة الإثبات التى يرتضيها وفقاً لظروف الدعوى المعروضة عليه ، و للقاضى التأديبى أن يستند إلى ما يرى أهميته و يبنى عليه اقتناعه و أن يهدر ما يرى التشكك فى أمره و يطرحه من حسابه و أساس ذلك أن اقتناع القاضى التأديبى هو سند قضائه دون تقيد بمراعاة أسبقيات لطرق الإثبات أو أدواته .
للمحكمة التأديبية الحق فى توقيع الجزاء التأديبى المناسب فى حالة ثبوت الإدانة ، والمحكمة هى السلطة الوحيدة التى تملك توقيع جزائى الإحالة إلى المعاش أو الفصل من الخدمة .
ويجب أن تتقيد المحكمة بالعقوبات المنصوص عليها فى القوانين واللوائح فلا توقع عقوبة غيرها ، فضلا عن ضرورة مراعاة تناسب المخالفة مع العقوبة.
ويجب أن يصدر الحكم مسببا ، كما يجب توقيعه من أعضاء المحكمة وإلا كان باطلا وذلك وفقا للقواعد العامة التى نص عليها قانون المرافعات المدنية والتجارية فى المادتين 174 ، 175 ، والتى حرص على تدوينها أيضا قانون مجلس الدولة وذلك حيث نصت المادة 43 على أنه (( لا يجوز تأجيل النطق بالحكم أكثر من مرة ، وتصدر الأحكام مسببة ويوقعها الرئيس والأعضاء )).
وتسرى بشأن رد مستشارى المحكمة التأديبية ذات القواعد والإجراءات التى نصت عليها المادة 53 من قانون مجلس الدولة .
ومن الجدير بالذكر أنه وفقا لنص المادة 91 من قانون العاملين المدنيين بالدولة تنقضى الدعوى التأديبية بمرور ثلاث سنوات من تاريخ ارتكاب المخالفة التأديبية ، وتنقطع هذه المدة بأى إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة ، وأنه إذا تعدد المتهمون فإن انقطاع المدة بالنسبة لأحدهم يترتب عليه انقطاعها بالنسبة للباقين ولو لم تكن قد اتخذت ضدهم إجراءات قاطعة للمدة ، وأنه إذا كون الفعل جريمة جنائية فلا تسقط الدعوى التأديبية إلا بسقوط الدعوى الجنائية ، ومع مراعاة أنه بالنسبة لبعض الجرائم الواقعة من الموظف العام وهى الجرائم المنصوص عليها فى المواد من 112 إلى 119 مكررا من قانون العقوبات فإنه وفقا لنص المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية لا تبدأ مدة تقادم هذه الدعاوى إلا من تاريخ انتهاء الخدمة أو زوال الصفة ما لم يبدأ التحقيق قبل ذلك .
الباب الثالث
الطلبات المستعجلة أمام مجلس الدولة
موضوع القضاء المستعجل أو الطلبات المستعجلة أمام مجلس الدولة يقتضى منا التعرض لموضوعين رئيسيين وهما وقف تنفيذ القرار الإدارى ، ووقف تنفيذ الحكم الإدارى .
ومن ثم نقسم البحث فى هذا الباب إلى ما يلى :-
الفصل الأول : وقف تنفيذ القرار الإداري .
الفصل الثانى : وقف تنفيذ الحكم .
الفصل الأول
وقف تنفيذ القرار الإدارى
يعد وقف تنفيذ القرار الإدارى استثناء على قاعدة الأثر غير الموقف للدعوى ، فالأصل هو نفاذ القرار الإدارى حتى لو طعن فيه بالإلغاء أمام القضاء ، ويرجع تقرير هذا الاستثناء إلى مبررات عديدة ، أهمها أنه قد يجعل الحكم الصادر فى دعوى الإلغاء لا أهمية له إذ أنه قد يصبح تنفيذه مستحيلا فى بعض الأحوال .
وقد وضع قانون مجلس الدولة شروطا وضوابط معينة لقبول طلب وقف تنفيذ القرار ، و للحكم بوقف تنفيذه من المحكمة التى تنظر النزاع ، كما حدد الآثار التى تترتب على تقديم طلب وقف التنفيذ للمحكمة ،
وهو ما سنتناوله بالتفصيل في المباحث الثلاثة الآتية : –
المبحث الأول
شروط قبول طلب وقف تنفيذ القرار الإدارى
نصت المادة 49 من قانون مجلس الدولة على أنه (( لا يترتب على رفع الطلب إلى المحكمة وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه ، على أنه يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذه إذا طلب ذلك فى صحيفة الدعوى ورأت المحكمة أن نتائج التنفيذ قد يتعذر تداركها .
وبالنسبة إلى القرارات التى لا يقبل طلب إلغائها قبل التظلم منها إداريا لا يجوز طلب وقف تنفيذها ، على أن يجوز للمحكمة ـ بناء على طلب المتظلم ـ أن تحكم مؤقتا باستمرار صرف مرتبه كله أو بعضه ، إذا كان القرار صادرا بالفصل ، فإذا حكم له بهذا الطلب ثم رفض تظلمه ولم يرفع دعوى إلغاء فى الميعاد اعتبر الحكم كأن لم يكن واسترد منه ما قبضه )).
من خلال النص السابق ، وما استقرت عليه الأحكام الصادرة من القضاء الإدارى فى هذا الشأن ، يمكن القول بأن شروط قبول طلب وقف تنفيذ القرار الإدارى تتمثل فيما يلى :-
أن يتعلق الأمر بقرار إدارى صادر من الجهة الإدارية يرتب آثارا قانونية معينة ، ومن ثم تستبعد الأعمال المادية الصادرة من جهة الإدارة فلا يجوز طلب وقف تنفيذها ، مثال ذلك صدور حكم جنائى بإزالة عقار ما وقيام جهة الإدارة بتنفيذ هذا الحكم ، حيث تلزم جهة الإدارة بتنفيذ الأحكام القضائية ، كما تستبعد الأعمال التمهيدية أو التحضيرية لصدور قرار إدارى ما لأننا لسنا بصدد قرار إدارى نهائى .
ويجوز أيضا قبول وقف تنفيذ القرارات الصادرة من النقابات المهنية باعتبارها من أشخاص القانون العام ، وفقا لما استقر عليه القضاء الإدارى ، سواء صدرت هذه القرارات فى مسائل التأديب أو فى مسائل القيد أو غيرها ، فهى قرارات إدارية يمكن رفع دعوى الإلغاء بشأنها ومن ثم يمكن تقديم طلب وقف التنفيذ أيضا.
أما القرارات الصادرة من شركات القطاع العام فبما أنها ليست من أشخاص القانون العام فلا تعتبر قراراتها قرارات إدارية ولا يمكن بالتالى رفع دعوى إلغاء أو طلب وقف تنفيذ هذه القرارات .
ويكون هذا هو نفس الأمر بطبيعة الحال بالنسبة للقرارات الصادرة من الشركات القابضة والتابعة الخاضعة لأحكام القانون رقم 203 لسنة 1991 بإصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام لأنها تعد من أشخاص القانون الخاص .
أن يقترن طلب وقف تنفيذ القرار بطلب إلغاء ذات القرار ، ومن ثم لا يجوز قبول طلب وقف التنفيذ إذا قدم مستقلا عن طلب الإلغاء .
وفي حالة تعديل القرار المطعون فيه في وقت لاحق للطعن على القرار ، فإنه يكتفى بطلب وقف تنفيذ القرار الأصلي ، وما تعديل المدعى لطلباته فى الدعوى بالطعن على القرار المعدل للقرار المطعون فيه بإضافة طلب وقف تنفيذ القرار المعدل لعدم اقترانه بطلب إلغائه إلا من قبيل التأكيد حيث تسرى على القرار اللاحق عليه الطلبات التى سبق أن أبداها الطاعن على القرار الأصلى .
هذا ويتحقق اقتران طلب وقف تنفيذ القرار الإدارى بطلب إلغائه فى كل حالة يتضمن فيه طلب وقف التنفيذ طلب إعدام القرار وتجريده من آثاره القانونية وذلك بغض النظر عن الألفاظ التى يعبر بها الطاعن ويقصد من خلالها الوصول إلى إلغاء القرار .
ولكن ما هو الحل لو أن الطاعن قد لجأ إلى القضاء العادى لطلب وقف التنفيذ – جهلا منه بقواعد الاختصاص – ثم أحيلت الدعوى إلى القضاء الإدارى ، هل يقبل طلب وقف التنفيذ استقلالا واستثناء فى هذه الحالة؟ أم يشترط أن يتم تعديل الطلبات من جانب الطاعن بإضافة ما يفيد الطعن بالإلغاء فى القرار ليتحقق الاقتران المطلوب بين وقف التنفيذ وبين الإلغاء ؟ وإذا ما اشترط تقديم طلب جديد يفيد الطعن بالإلغاء هل هناك مدة معينة لإضافة هذا الطلب ، وما هى هذه المدة ؟ ومتى تبدأ ؟
انتهت المحكمة الإدارية العليا إلى أن تقديم طلب وقف التنفيذ أمام القضاء المدنى ينطوى فى ذات الوقت على طلب إلغاء القرار المطعون فيه أمام مجلس الدولة وذلك على اعتبار أن المدعى قد قدم طلباته وفق ما اصطلح عليه فى هذا الشأن أمام هذا القضاء ، وإذ قضت المحكمة المدنية بإحالة الدعوى إلى القضاء الإدارى للاختصاص فلهذا القضاء أن يكيف طلبات المدعى فى ضوء طبيعة دعوى الإلغاء وأحكامها دون التقيد بألفاظ وعبارات هذه الطلبات التى أقيمت بها الدعوى أمام القضاء المدنى لأن العبرة بالمعانى لا بالألفاظ والمبانى ، و بناء عليه لا يجوز النعى على أن الدعوى بعدم القبول لعدم اقتران طلب وقف التنفيذ بطلب الإلغاء أو أن هذا التعديل قد تم بعد مضى ستين يوما من تاريخ أول جلسة لنظرها أمام محكمة القضاء الإدارى .
والخلاصة إذن أنه لا يشترط تقديم طلب جديد بالإلغاء ، ومن باب أولى لا يتقيد تقديم هذا الطلب بمواعيد معينة .
والحقيقة أن ما انتهت إليه المحكمة الإدارية العليا يتفق وحالة الاستعجال التى هى أساس طلب وقف التنفيذ ، كما يتفق وحق المحكمة فى تكييف الدعوى .
غير أن هذا التيسير الذى قضت به المحكمة يتوقف عند هذا الحد ، ألا وهو رفع طلب وقف التنفيذ أمام القضاء المدنى ولا يمكن أن يمتد إلى طلب وقف التنفيذ المقدم أمام القضاء الإدارى وإلا نكون قد أفرغنا شرط الاقتران بين طلب وقف التنفيذ وطلب الإلغاء من مضمونه .
أن يتعلق الأمر بقرار إدارى لا يجب التظلم منه إداريا قبل رفع الدعوى ، فإذا كان القرار المطلوب وقف تنفيذه من القرارات التى يجب التظلم منها إداريا قبل رفع دعوى الإلغاء لما جاز طلب وقف تنفيذها .
ومن المعروف أن القرارات التى يجب التظلم منها قبل رفع دعوى الإلغاء هى القرارات المتعلقة بالموظفين العموميين الخاصة بالتعيين أو الترقية أو منح العلاوات ، أو إحالتهم إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبى أو القرارات النهائية للسلطات التأديبية .
والسؤال الذى يطرح نفسه ، هل يسرى هذا الحكم بالنسبة لكافة قرارات إنهاء العلاقة الوظيفية ، ومنها على سبيل المثال قرارات إنهاء الخدمة الوظيفية للاستقالة الضمنية ؟
فى البداية يلاحظ أن المحكمة الإدارية العليا قد قضت بأنه يسرى حكم المشرع فى هذا الصدد على القرارات الإيجابية الصادرة بإنهاء الخدمة بكل صورها ومنها قرارات إنهاء الخدمة للاستقالة الضمنية فهى من القرارات التى يجب التظلم منها قبل رفع الدعوى ومن ثم لا يقبل وقف تنفيذها. غير أن المحكمة الإدارية العليا قد غيرت مفهومها السابق وذلك حيث قضت بجواز وقف تنفيذ القرارات الصادرة بإنهاء الخدمة للانقطاع عن العمل تأسيسا على أنه لا يدخل فى مدلول الفقرات المنصوص عليها فى المادة العاشرة والتى يجب التظلم منها قبل رفع الدعوى .
وقد انتقد البعض هذا القضاء تأسيسا على أن القرارات الصادرة بإنهاء الخدمة للانقطاع عن العمل تدخل فى مدلول البند رابعا من المادة العاشرة والخاص بإحالة الموظفين إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبى .
ونعتقد أن الأمر يحتاج إلى توضيح : –
فما قضت به المحكمة الإدارية العليا يمكن التسليم به على أساس ما ذكرته المحكمة من أن هذه القرارات لا تدخل فى مدلول الفقرات ثالثا ورابعا وتاسعا من المادة العاشرة ، ومن ثم تقبل طلبات إلغائها دون أن تكون مسبوقة بتقديم تظلم منها إلى الهيئة التى أصدرتها ، وأنه بمفهوم المخالفة يجوز طلب وقف تنفيذها إذا ما توافرت الشروط المقررة قانون ، فضلا عن أن القول بعكس ذلك مؤداه تقييد الحق فى طلب وقف التنفيذ دون نص صريح ، ولاشك أن القياس أو التوسع فى التفسير فى هذه الحالة يعد أمرا غير مقبول .
كما أنه يمكن النظر إلى القرارات الصادرة بإنهاء الخدمة للانقطاع عن العمل على أنها تدخل فى مدلول البند رابعا من المادة العاشرة والخاص بإحالة الموظفين إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبى ، وذلك إذا ما نظرنا إلى نص المادة 49 من قانون مجلس الدولة التى تقضى بأنه << بالنسبة للقرارات التى لا يقبل إلغاؤها قبل التظلم منها إداريا لا يجوز طلب وقف تنفيذها ، على أنه يجوز للمحكمة – بناء على طلب المتظلم – أن تحكم مؤقتا باستمرار صرف مرتبه كله أو بعضه إذا كان القرار صادرا بالفصل ،………………..>> على أن المقصود بالتظلم هو التظلم الوجوبى ، ومن ثم لا يقبل وقف تنفيذ هذه القرارات .
ونعتقد أيضا أن التظلم يكون وجوبيا بالنسبة لقرار إنهاء الخدمة فى هذه الحالة إذا ما أراد الموظف التقدم بطلب إلى المحكمة لصرف مرتبه كله أو بعضه ، أما إذا لم يرغب فى ذلك فلا شك أنه يمكنه الطعن مباشرة على القرار دون التوقف على التظلم ، ومن ثم يمكن قبول طلب وقف التنفيذ فى هذه الحالة .
وما انتهينا إليه نعتقد أنه يوفق بين كلا الرأيين ، فالمحكمة قد قضت بجواز وقف تنفيذ قرار إنهاء الخدمة على أساس أنه لا يدخل فى عداد القرارات التى يجب التظلم منها قبل رفع الدعوى ، كما أنه ينظر إلى هذه القرارات باعتبار عدم جواز وقف تنفيذها على أساس أن التظلم يكون وجوبيا فى حالة التقدم بطلب لصرف المرتب ، وهو ما يعنى عدم جواز قبول طلب وقف تنفيذه وفقا للقانون ، وأنه تفاديا لهذه النتيجة فقد سمح القانون استثناء بالنسبة للقرار الصادر بالفصل أن تأمر المحكمة بناء على طلب المتظلم باستمرار صرف مرتبه كله أو بعضه ، وهو ما يعنى استثناء جواز طلب وقف التنفيذ دون اقترانه بطلب إلغاء القرار . على أن قبول طلب وقف التنفيذ فى هذه الحالة لا يعنى عدم التقيد بالقيود المفروضة لقبول دعوى الإلغاء وأهمها التظلم الوجوبى ، ولهذا – نرى – أنه يشترط فى هذه الحالة أن يكون طالب وقف التنفيذ قد تظلم بالفعل من قرار فصله ، فإن لم يكن قد تظلم فعلا فلا يجوز للمحكمة أن تقبل طلبه أو أن تحكم له بما يريد ، وإن جاز لها أن تقبل الطلب فلا يجوز لها الحكم فيه إلا إذا ثبت بالفعل أنه قد تظلم من القرار.
وإذا حكم لطالب وقف التنفيذ باستمرار صرف مرتبه كله أو بعضه ، غير أن تظلمه قد رفض فإن عليه أن يرفع دعوى لإلغاء القرار فى الميعاد ، فإذا لم ترفع دعوى الإلغاء أو رفعت بعد انقضاء الميعاد اعتبر الحكم الصادر باستمرار صرف المرتب كأن لم يكن ، ولا يكتفى بذلك ، بل يسترد منه ما كان قد قبضه استنادا إلى الحكم الصادر من المحكمة .
والخلاصة أننا نرى أن لفظ الفصل الوارد فى نص المادة 49 من قانون مجلس الدولة والذى يجوز معه – استثناء – طلب استمرار صرف المرتب هو القرار الصادر بإنهاء العلاقة الوظيفية استنادا إلى انقطاع الموظف عن العمل ( الاستقالة الضمنية أو الحكمية أو الاعتبارية ) ، ولا يحمل نص القانون – من وجهة نظرنا – معنى آخر للفصل غير هذا ، وذلك على الرغم من تسليمنا أن هذه القرارات – القرارات الصادرة بإنهاء العلاقة الوظيفية بسبب الانقطاع عن العمل – ليست من القرارات التى يجب التظلم منها وجوبيا قبل رفع الدعوى ، ومن ثم فمن المفترض أن النص لا يقصد به أى من القرارات التى يمكن طلب وقف تنفيذها ، وإنما قرار من القرارات التى لا يقبل وقف تنفيذها وأن القانون لهذا السبب أجاز استثناء تقديم طلب استمرار صرف المرتب نتيجة لصدور هذا القرار ، وأن القول بغير ذلك يفرغ الاستثناء من مضمونه.
وفى النهاية يجب على المحكمة وهى بصدد قبول طلب وقف التنفيذ أن تتصدى لمسألة الاختصاص حتى لا تفصل فى طلب وقف التنفيذ حال كون الدعوى برمتها تخرج عن اختصاص القضاء الإدارى .
المبحث الثانى
شروط الحكم بوقف تنفيذ القرار الإدارى
إذا توافرت شروط قبول طلب وقف التنفيذ على النحو السابق فإنه كى تقضى المحكمة بوقف تنفيذ القرار بالفعل ينبغى أن تتوافر الشروط الآتية :-
طلب صاحب الشأن وقف تنفيذ القرار ، وذلك تطبيقا للقواعد العامة التى تقضى بأن المحكمة لا تقضى إلا بما يطلبه الخصوم فى الدعوى .
أن يقدم طلب وقف تنفيذ القرار فى نفس صحيفة دعوى الإلغاء ، وهو ما يستفاد من نص المادة 49 من قانون مجلس الدولة ، مع ملاحظة ما سبق أن أوضحناه بخصوص إحالة الدعوى من القضاء العادى للقضاء الإداري المختص .
يشترط للحكم بوقف تنفيذ القرار توافر ركنى الجدية والاستعجال .
والعلة من ذلك هى تفادى تعطيل صدور القرارات الإدارية بدون سبب مقنع ، ومن ثم يجب أن تكون هناك جدية فى طلب وقف التنفيذ فضلا عن الاستعجال الذى يتمثل فى وقوع نتائج يتعذر تداركها فى حالة تنفيذ القرار ولذا يكون هناك ضرورة لقبول هذا الطلب ، وفى حالة عدم توافر هذين الركنين ترفض المحكمة القضاء بوقف تنفيذ القرار .
ويعنى ركن الجدية أن يكون القرار معيبا بحسب الظاهر من الأوراق مما يرجح معه إلغاؤه ، وأما الاستعجال فهو أن يترتب على تنفيذ القرار الإدارى نتائج يتعذر تداركها .
والأمر مرده إلى السلطة التقديرية للمحكمة التى تحكم فيها من خلال ظاهر الأوراق ودون تغلغل فى بحث أسباب الطلب وأوجه المشروعية فيه أو البت فيها من جهة الاختصاص .
والخلاصة أن أى قرار إدارى أيا كان مجاله يمكن الحكم بوقف تنفيذه طالما توافر ركنا الاستعجال والجدية فى هذا الطلب .
ولكن هل تتوافر الشروط السابقة لقبول طلب وقف التنفيذ بالنسبة لبعض الدعاوى الإدارية التى لا تقترن بالإلغاء ، بمعنى آخر هل يجوز طلب وقف التنفيذ بالنسبة لدعوى استحقاق معاش أو بالنسبة لدعاوى الموظفين بصفة عامة ؟ وما هو الموقف بالنسبة للعقود الإدارية ؟
من المعروف أن المنازعات المتعلقة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة للموظفين العموميين أو لورثتهم من دعاوى القضاء الكامل التى يملك حيالها القضاء سلطة واسعة تشمل الحكم بالحقوق المالية والحكم بالإلغاء ، وقد استقر القضاء الإدارى على عدم قبول وقف التنفيذ على أساس عدم توافر ركن الاستعجال ، فالمنازعات التى تدور حول حقوق مالية ينتفى فيها تصور وقوع نتائج يتعذر تداركها من تنفيذ ما قد يصدر بشأنها من قرارات تأسيسا على أنه بعد حسم موضوع النزاع سوف يسترد كل صاحب حق حقه ، وإذا كان القانون قد أجاز بالنسبة للمرتبات فى حالة صدور قرار بالفصل أن يقدم طلب استمرار صرف المرتب كله أو بعضه إلى المحكمة المختصة ، إلا أن الأمر جد خطير بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالمعاشات ويجب إعادة النظر فيه ؛ إذ لا يمكن ترك الموظف وأسرته التى يعولها دون دخل لحين الفصل فى الموضوع حيث إن ذلك يستغرق وقتا طويلا لا يمكن أن يتحمله الموظف .
وأما بالنسبة لدعوى التعويض فلا يقبل معها طلب وقف التنفيذ ، ذلك أن شروط وقف التنفيذ لا تتوافر بالنسبة لدعوى التعويض (ضرر أو نتائج يتعذر تداركها ) .
وبطبيعة الحال فإن زوال النتائج التى يتعذر تداركها أثناء الفصل فى الطلب أو تنفيذ القرار المطعون فيه يترتب عليه رفض طلب وقف التنفيذ لعدم توافر ركن الاستعجال .
وأخيرا و بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية فلاشك أن ما سبق قوله ينطبق أيضا على القرارات الإدارية النهائية التى يطلق عليها القرارات القابلة للانفصال أو القرارات المستقلة عن العملية العقدية ، أما القرارات التى تصدر تطبيقا وتنفيذا للعملية العقدية والتى يختص بنظرها القضاء الإدارى بولاية القضاء الكامل لا الإلغاء فمما لاشك فيه أن قاضى الأصل يختص بنظر الفرع ، ولذا يختص القضاء الإدارى بهذه الولاية بنظر الطلبات المستعجلة التى ترتبط بدعوى القضاء الكامل العقدية ، غير أن هذه الطلبات المستعجلة لا يشترط أن تقدم مع الدعوى الأصلية – كما هو الحال بالنسبة لطلبات وقف التنفيذ المقترنة بالإلغاء – بل يمكن تقديمها على استقلال وبعد نظر الدعوى الأصلية .
المبحث الثالث
أثر تقديم طلب وقف تنفيذ القرار الإدارى
و حجية الحكم الصادر فى الشق المستعجل
الأصل أنه لا يترتب على مجرد تقديم طلب وقف تنفيذ القرار الإدارى المطعون فيه بالإلغاء وقف تنفيذه بل يستمر سريانه إلى أن تأمر المحكمة بوقف التنفيذ ، وإذا ما توافرت شروط الحكم بوقف التنفيذ فإن على المحكمة أن تقضى فى الشق المستعجل بوقف التنفيذ لا أن تأمر بوقف الدعوى .
ومما لاشك فيه ونظرا لطبيعة الاستعجال التى يقتضيها نظر طلب وقف التنفيذ فإن الأمر لا يستلزم العرض على هيئة مفوضى الدولة لتحضير الدعوى إدراكا لطبيعة هذا الطلب ، بل يقوم قلم الكتاب مباشرة بعرضها على رئيس المحكمة الذى يحدد لها جلسة معينة ، وذلك فضلا عن إمكانية تقصير المواعيد المنصوص عليها فى قوانين مجلس الدولة والمتعلقة بإيداع المذكرات من جانب الجهة الإدارية ، أو الخاصة بالحضور أمام المحكمة ، وأخيرا بالنسبة لتنفيذ الحكم الصادر فى طلب وقف التنفيذ حيث يمكن تنفيذه بغير الصورة التنفيذية وبغير إعلان وذلك طبقا للقواعد المعمول بها فى قانون المرافعات بشأن تنفيذ الأحكام الصادرة فى المواد المستعجلة .
ومن الطبيعى أن تتصدى المحكمة للمسائل الأولية المتعلقة بالاختصاص أو القبول مع ملاحظة إمكانية إرجاء الفصل فى هذه الدفوع إلى حين الفصل فى الدعوى الموضوعية .
أما بالنسبة لحجية الحكم الصادر فى هذا الشأن ، فلاشك أن الحكم الصادر فى طلب وقف التنفيذ هو حكم قطعى له حجيته ، وهذه الحجية تقيد محكمة الموضوع فى بعض الأحوال مثل الاختصاص أو قبول الدعوى ، غير أن هذه الحجية حجية مؤقتة تتوقف على الحكم الصادر فى الموضوع ومن تاريخ صدور هذا الحكم .
ولكن هل يجوز الطعن فى الحكم الصادر فى الشق المستعجل ( وقف تنفيذ القرار الصادر من المحكمة ) الصادر بالرفض أو القبول ، أى الصادر بوقف تنفيذ القرار الإدارى ، أو رفض وقف تنفيذه وذلك رغم عدم صدور حكم فى الموضوع؟
فى الحقيقة أنه إذا كان من المقرر عدم جواز تقديم طلب وقف التنفيذ استقلالا عن طلب الإلغاء ، إلا أنه يجوز الطعن فى الحكم الصادر بوقف التنفيذ أو رفضه استقلالا عن طلب الإلغاء ، ويكون الطعن فى الحكم أمام المحكمة الأعلى درجة فإذا كان وقف التنفيذ صادرا من المحكمة الإدارية يكون الطعن أمام محكمة القضاء الإدارى ، وإذا كان الحكم صادرا من محكمة القضاء الإدارى أو المحكمة التأديبية يكون الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا .
ويكون الطعن مقررا لذوى الشأن ورئيس هيئة مفوضى الدولة وذلك فى خلال ستين يوما من تاريخ الحكم الصادر فى طلب وقف التنفيذ .
فالحكم الصادر فى الشق المستعجل له مقومات الأحكام وخصائصها ، ومنها جواز الطعن فيه على استقلال أمام المحكمة الأعلى درجة ، ويتميز الحكم الصادر بوقف التنفيذ ببعض الخصائص أهمها أنه حكم قطعي ، كما أنه حكم مؤقت ، فهذا الحكم هو حكم قطعي كبقية الأحكام يحوز حجية في خصوص ما صدر فيها ، وهذه الصفة لهذه الأحكام هى ما تسمح بالطعن على الحكم الصادر بوقف التنفيذ على استقلال دون انتظار الفصل في الموضوع .
كما أنه حكم وقتى أو مؤقت لا يمس أصل النزاع ، ومن ثم فهو لا يقيد المحكمة عند نظر الموضوع ، ويزول أثر هذا الحكم برفض الطعن على القرار التى سبق للمحكمة أن قضت بوقف تنفيذه ، فهو حكم وقتى بطبيعته ، أى يقف أثر هذا الحكم فى تاريخ صدور الحكم فى موضوع الدعوى .
الفصل الثانى
وقف تنفيذ الحكم ( و إشكالات التنفيذ )
إذا ما صدر الحكم من المحكمة المختصة بالفصل فى المنازعة الإدارية أصبح واجب النفاذ بمجرد صدوره ، وهو ما يستفاد من نص المادة 50 من قانون مجلس الدولة التى نصت على أنه << لا يترتب على الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه إلا إذا أمرت دائرة فحص الطعون بغير ذلك ، كما لا يترتب على الطعن أمام محكمة القضاء الإدارى فى الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية وقف تنفيذها إلا إذا أمرت المحكمة بغير ذلك >> ، وما يستفاد أيضا من نص المادة 51 التى نصت على أنه << يجوز الطعن فى الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية ، والمحاكم التأديبية بطريق التماس إعادة النظر ………………….
ولا يترتب على الطعن وقف تنفيذ الحكم إلا إذا أمرت المحكمة بغير ذلك ..>>.
ويستفاد من ذلك أنه لا يترتب على مجرد الطعن وقف التنفيذ ما لم تأمر به المحكمة أو دائرة فحص الطعون – بحسب الأحوال – وهذا بخلاف القضاء العادى الذى لا يكون الحكم الصادر منه قابلا للنفاذ إلا بعد صيرورته نهائيا .
ولكن هل يجب أن تتوافر ذات الشروط المتطلبة لقبول وقف تنفيذ القرار الإدارى وأهمها اقتران طلب وقف التنفيذ بصحيفة الطعن ، وكذلك شروط الحكم بوقف التنفيذ وأهمها توافر ركنى الجدية والاستعجال ؟
لاشك أن المحكمة لن تقضى بوقف التنفيذ إلا إذا طلب الطاعن ذلك – وذلك تطبيقا للقواعد العامة – وهو ما أكدته المحكمة الإدارية العليا في العديد من أحكامها حيث تتطلب اقتران طلب وقف تنفيذ الحكم بطلب الإلغاء .
هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإنه يمكن التساؤل حول مدى تطلب اقتران طلب وقف التنفيذ بطلب إلغاء الحكم على نحو ما هو مقرر بالنسبة للطعن في القرار الإداري ؟
نرى أنه يجب أن يقدم طلب وقف التنفيذ فى نفس صحيفة الطعن أسوة بما هو معمول به بالنسبة لوقف تنفيذ القرار الإدارى .
أما بالنسبة لاشتراط توافر ركنى الجدية والاستعجال فلاشك أنه رغم أن النص لم يذكرهما إلا أن منطق وقف التنفيذ يقتضى توافرهما للحكم بوقف التنفيذ ، والأمر مرده إلى السلطة التقديرية للمحكمة كما سبق القول .
وأخيرا وبالنسبة لميعاد الطعن بوقف تنفيذ الحكم فيلاحظ أنه رغم عدم نص القانون على ميعاد خاص للطعن بوقف التنفيذ فإنه يسرى الميعاد المنصوص عليه فى الفقرة الثانية من المادة الثالثة والعشرين ، وهو ستون يوما.
هذا وقد أثار البعض بحق تساؤلا حول مدى إمكانية القضاء بوقف تنفيذ القرار من جانب دائرة فحص الطعون إذا ما قضت بوقف تنفيذ الحكم ، خاصة إذا ما طلب الطاعن هذا الطلب ؟
وقد أجاب سيادته بالإيجاب استنادا إلى أن من يملك الأكثر يملك الأقل ، وأن حرمان دائرة فحص الطعون من هذه السلطة يمثل إخلالا واضحا بحق التقاضي لحرمانه طائفة من المتقاضين من الاستفادة بنص القانون .
أما عن موقف المحكمة الإدارية العليا من هذه المسألة فقد قضت في بعض أحكامها برفض منح سلطة وقف تنفيذ القرار لدائرة فحص الطعون استنادا إلى أن القرار المطعون عليه في هذه الحالة يخرج عن اختصاص دائرة فحص الطعون .
هذا عن وقف تنفيذ الحكم بحكم يصدر من المحكمة المطعون أمامها ، وهو ما نص عليه صراحة قانون مجلس الدولة ، ولكن هل يعرف القضاء الإدارى نظام الإشكال فى تنفيذ الحكم الذى يعرفه القضاء العادى والذى نظمه قانون المرافعات المدنية والتجارية فى المواد من 312 إلى 315 ؟
من خلال استعراض نصوص قانون المرافعات المشار إليها يتضح لنا ما يلي :-
أن الإشكال أمر يهدف إلى وقف تنفيذ الحكم أو استمراره ، ومن ثم فهو غير جائز إذا تم التنفيذ .
أن الإشكال يقدم إلى المحضر الذى يقوم بعملية التنفيذ والذى له أن يوقف التنفيذ أو يمضى فيه إلى حين مثول الخصوم أمام القاضى المختص بنظر الإشكال .
أن الإشكال قد يقدم من الطرف الملتزم بالتنفيذ وقد يصدر من غيره ، وفى الحالتين لابد من اختصام الطرف الملتزم بالتنفيذ ( من صدر فى مواجهته السند التنفيذى ) ، وإلا حكم بعدم قبول الإشكال .
يترتب على تقديم الإشكال لأول مرة وقف التنفيذ ولا يترتب على أى إشكال آخر ما لم يحكم به القاضى .
يحوز الحكم الصادر بوقف إجراءات التنفيذ حجية مؤقتة رهينة بالظروف التى صدر فيها ، ولهذا يجوز إصدار حكم بالاستمرار فى التنفيذ إذا وجدت الظروف التى تبرر ذلك ، ولا يقيد الحكم الصادر بوقف التنفيذ المحكمة المختصة بنظر الموضوع وفقا للقواعد العامة .
والآن هل يمكن تطبيق هذا النظام بالنسبة للمنازعات الإدارية ؟ ، وهل يختص بنظره القضاء العادى أم القضاء الإدارى بالنظر إلى عدم وجود قاض للتنفيذ بالقضاء الإدارى ؟
جدير بالذكر أن المادة 275 من قانون المرافعات المدنية والتجارية قد نصت على اختصاص قاضي التنفيذ دون غيره بالفصل فى جميع منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية وإصدار القرارات المتعلقة بالتنفيذ ، وأن محاكم القضاء العادى قد استندت في بعض أحكامها إلى هذا النص وقضت باختصاصها بنظر هذه الإشكالات ، وقد ساعدها في ذلك تردد الأحكام الصادرة من محاكم القضاء الإداري في تبنى موقف واضح من هذه المسألة على نحو ما سنتعرض له بعد قليل .
فقد تعرضت محكمة القضاء الإدارى لهذه المشكلة – فى البداية – وانتهت إلى رفض الأخذ بنظام إشكالات التنفيذ وذلك لأسباب عديدة ، منها أن نظام قاضى التنفيذ غير معمول به فى قانون مجلس الدولة ، واختلاف طبيعة المنازعة المدنية عن الإدارية التى لا تحتمل الأخذ بهذا النظام وإلى أن نظام وقف التنفيذ يغنى عن الأخذ بنظام الإشكال فى التنفيذ ، بل أن المحكمة قد ذهبت إلى أبعد من ذلك عندما قررت اختصاص قاضى التنفيذ المدنى بنظر كافة إشكالات التنفيذ عن سائر الأحكام مدنية أو تجارية أو إدارية .
وقد قوبل هذا الاتجاه بالاعتراض من جانب الفقه على أساس اختلاف مجال وقف التنفيذ عن مجال إشكالات التنفيذ وعلى أساس الفهم غير الصحيح لمعنى الإشكال الذى يستند على قيام وقائع لاحقة على صدور الحكم و الحصول على السند التنفيذى وتعلقه بإجراءات التنفيذ وذلك بعكس وقف التنفيذ الذى ينعى على الحكم ذاته .
وقد أكدت المحكمة الدستورية العليا على اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر منازعات التنفيذ الناتجة عن الأحكام الصادرة من محاكم مجلس الدولة دون القضاء العادي ؛ حيث قضت بأن ( الدستور إذ عهد فى المادة 172 منه إلى مجلس الدولة كهيئة قضائية مستقلة بالفصل فى المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية فقد دل بذلك على أن ولايته فى شأنها ولاية عامة وأنه أضحى قاضى القانون العام بالنسبة إليها وقد رددت المادة 10 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 هذه القاعدة الدستورية مفصلة بعض أنواع المنازعات الإدارية واتساقا مع ذات القاعدة نص قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 فى الفقرة الأولى من المادة 15 منه على أنه (فيما عدا المنازعات الإدارية التى يختص بها مجلس الدولة تختص المحاكم بالفصل فى كافة المنازعات).
وقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأن << المنازعة فى تنفيذ الحكم سواء كانت وقتية أو موضوعية يتعين ألا تؤسس على أمر من الأمور السابقة على صدور الحكم بما يمس حجيته وأنه إذا بنى الأشكال على اعتراض إجرائى أو موضوعى سابق على صدور الحكم فيجب على قاضى التنفيذ أن يقضى برفضه وأنه تنطبق ذات القاعدة على الإشكال المبنى على بطلان الحكم حتى لو اتضح لقاضى التنفيذ من ظاهر الأوراق صحة المطاعن التى ينسبها المستشكل للحكم المستشكل فى تنفيذه ، وذلك على أساس أنه متى حاز الحكم حجية فإنه يصبح عنوانا للصحة والحقيقة و لا يجوز لقاضى التنفيذ أن يمس هذه الحجية >> .
وأن بناء الإشكال على اعتراض إجرائى أو موضوعى سابق على صدور الحكم يستوجب القضاء برفضه – الاعتراضات التى تثار بعد إتمام التنفيذ لا تعتبر إشكالات فى التنفيذ حتى لو كانت وقتية بالتنفيذ .
كما قضت بأن رفع الإشكال إلى محكمة غير مختصة ولائيا لا يشكل عقبة طارئة فى سبيل تنفيذ الحكم تبرر رفع استشكال مقابل ، وأن سبب الإشكال هو وقوع أسباب جديدة لاحقة على صدور الحكم لا سابقة عليه وإلا كان طعنا فى الحكم بغير الطريق القانونى ، وأنه لا يعد الامتناع العمدى من جانب الإدارة عن تنفيذ الحكم مبررا لقبول الإشكال فى التنفيذ لطلب استمراره ، ذلك أن الامتناع الإدارى العمدى عن تنفيذ الحكم قد يتضمن قرارا صريحا أو ضمنيا بالامتناع عن تنفيذ الحكم مما يجوز طلب إلغائه ووقف تنفيذه والتعويض عنه ، وليس الإشكال فى التنفيذ هو الطريق الصحيح لمجابهة هذا الامتناع .
وبطبيعة الحال يجب أن يكون موضوع الإشكال هو وقف تنفيذ الحكم وذلك من جانب المحكوم ضده ، ومن ثم لا يقبل الإشكال فى الحكم إذا ما قدم من المحكوم لصالحه بهدف مجابهة امتناع المحكوم ضده عن تنفيذ الحكم ، ذلك أن هذا أمر لا صلة له بموضوع بالعقبات التى تعترض تنفيذ الحكم والتى يقوم على أساسها الإشكال فى الحكم الصادر من المحكمة ، فضلا عن أن تنفيذ الحكم والاستمرار فى تنفيذه من الواجبات الثابتة بحكم القانون ما لم تأمر جهة مختصة قانونا بوقف تنفيذه ، ومن ثم فلو تم الطعن أو الإشكال أمام أية جهة قضائية أخرى فإن ذلك لا يمنع من الاستمرار فى تنفيذ الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى إلى أن تقضى الجهة المختصة قانونا بوقف تنفيذ الحكم .
وقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأنه إذا وقع المحكوم لصالحه إشكالا مضمونه الاستمرار في التنفيذ، لمجابهة امتناع المحكوم ضده عن تنفيذ الحكم هو أمر لا صلة له في الحقيقة بعقبات التنفيذ التى يقوم عليها الإشكال وإنما هو في جوهره يتغيا الإجبار علي التنفيذ الذي يستهدف قهر إرادة المحكوم ضده في الامتناع عن التنفيذ وإجباره علي التنفيذ نزولا علي حكم القانون ولا يضيف الإشكال للمستهدف للاستمرار في التنفيذ قهراً للامتناع عن التنفيذ جديدا في هذا الصدد وذلك أن تنفيذ الحكم والاستمرار في ذلك هما واجبان ثابتان بحكم القانون القاعدة العامة في قبول الإشكال في التنفيذ أن يكون سببه قد جرى بعد صدور الحكم باعتباره منصبا علي إجراءات التنفيذ فمبناه دائما وقائع لاحقة علي صدور الحكم .
و أيضا قضت بأن مناط الأشكال فى التنفيذ أن يكون مبناه وقائع حدثت بعد صدور الحكم تمثل عقبة تحول دون تنفيذه ولا يجوز البتة إعادة طرح ما سبق أن فصل فيه الحكم لما فى ذلك من مساس بحجيته لا يتأتى إلا من خلال الطعن عليه قانونا .
ونرى أنه لا مانع من الأخذ بنظام الإشكال فى تنفيذ الحكم وذلك لاختلاف العلة من تقديم الإشكال عنها بالنسبة لطلب وقف التنفيذ أمام محكمة الطعن ولا ينهض عدم وجود قاض للتنفيذ منصوص عليه فى قانون مجلس الدولة حائلا دون الأخذ بهذا النظام – مع تقديرنا لضآلة حجم إشكالات التنفيذ أمام القضاء الإدارى عنها أمام القضاء المدنى – ولاشك أنه بالنظر إلى استقلال المنازعة الإدارية عن المنازعة المدنية فمن الطبيعى أن يتعرض للفصل فى هذه الإشكالات القضاء الإدارى.
ولاشك أن تعلق الدعوى بأمر يدخل فى حدود الاختصاص الولائى للقضاء المستعجل أمر ضرورى ، ولهذا فإنه إذا كان المطلوب اتخاذ إجراء وقتى يتعلق بمنازعة إدارية فإن ذلك يعنى خروج هذا النزاع وما يتفرع عنه من ولاية القضاء العادى الذى يتبعه القضاء المستعجل ودخوله فى ولاية القضاء الإدارى .
ولهذا فإن محاكم مجلس الدولة تختص وحدها دون غيرها بنظر المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام الصادرة من القضاء الإدارى ،
والخلاصة أننا نرى أنه ليس صحيحا ما ذكره البعض من أن قانون مجلس الدولة قد استعاض عن إشكالات التنفيذ بنظام وقف تنفيذ الأحكام المطعون عليها.
وحسما للخلاف في هذا الشأن ولمنع اختصاص القضاء العادي من نظر الإشكال المتعلق بتنفيذ أحكام صادرة عن محاكم مجلس الدولة فإنه ينبغي النص صراحة على اختصاص محاكم مجلس الدولة وحدها دون غيرها بنظر هذه الإشكالات وذلك سواء بإصدار قانون خاص في هذا الشأن أو عند إصدار قانون خاص ينظم الإجراءات القضائية أمام محاكم مجلس الدولة ، حتى لو أدى ذلك إلى الأخذ بنظام قاضي التنفيذ بالنسبة للأحكام الصادرة من محاكم مجلس الدولة على غرار ما هو منظم في قانون المرافعات .
أما عن المحكمة المختصة بنظر الإشكال فنرى أنها المحكمة التى أصدرت الحكم وليست المحكمة التى يمكن الطعن أمامها نظرا لما لهذه المحكمة من دراية بموضوع الدعوى ، على أساس اتصال الإشكال في التنفيذ بالمنازعة الأصلية ، وأن الحكم الصادر في المنازعة الأصلية هو الذى منح هذا الحق ، ومن ثم فالإشكال في التنفيذ لا يعد خصومة جديدة .
ولا يخضع تقديم الاستشكال لميعاد معين غير أنه بطبيعة الحال يجب ألا يقدم بعد تمام التنفيذ .
هذا ويترتب على تقديم الإشكال فى تنفيذ الحكم أمام المحكمة المختصة إيقاف تنفيذ الحكم ، ويقتصر هذا الأثر بطبيعة الحال على الإشكال الأول ، وإن كانت هذه القاعدة لا تطبق بالنسبة لإشكالات التنفيذ فى الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية حيث يتوقف الأمر على السلطة التقديرية للمحكمة استنادا إلى أن قواعد قانون الإجراءات الجنائية هى التى تطبق فى هذا الصدد لا قواعد قانون المرافعات.
ويبقى الأثر الواقف للاستشكال منتجا لآثاره فى وقف التنفيذ إلى أن تفصل المحكمة فيه باعتبارها محكمة للأمور المستعجلة .
وأخيرا يجوز الطعن فى الحكم الصادر فى الإشكال أمام المحكمة الأعلى درجة من المحكمة التى أصدرت حكمها فى الإشكال تطبيقا للقواعد العامة .
الباب الرابع
إجراءات الطعون أمام مجلس الدولة
للحديث عن الطعون أمام مجلس الدولة ينبغى الإشارة إلى الأحكام التى يجوز الطعن فيها ، وبيان الجهة القضائية المختصة بنظر هذا الطعن ثم بيان إجراءات هذه الطعون وصورها .
ولما كانت الطعون فى الأحكام الصادرة من محاكم مجلس الدولة قد تكون طعنا فى الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية ، وقد تكون طعنا فى الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإدارى أو المحاكم التأديبية ، وقد تكون طعنا بطريق التماس إعادة النظر .
لذا سوف نقسم البحث فى هذا الباب إلى الفصول الآتية :-
الفصل الأول : الطعن فى الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية .
الفصل الثانى : الطعن فى الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإدارى والمحاكم التأديبية .
الفصل الثالث : الطعن بطريق التماس إعادة النظر .
الفصل الأول
الطعن فى الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية
نصت المادة 13 من قانون مجلس الدولة على أن الطعن فى الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية يكون من ذوى الشأن أو من رئيس هيئة مفوضى الدولة وذلك خلال ستين يوما من تاريخ صدور الحكم ، وذلك أمام محكمة القضاء الإدارى .
كما نصت المادة 50 من قانون مجلس الدولة على أن الطعن أمام محكمة القضاء الإدارى فى الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية لا يترتب عليه وقف التنفيذ إلا إذا أمرت المحكمة بغير ذلك ، وهو ما يعنى أن الحكم الصادر من المحاكم الإدارية يكون واجب التنفيذ .
ووفقا للقواعد العامة و المعمول بها أمام المحكمة الإدارية العليا فإنه يقدم الطعن من ذوى الشأن بتقرير يودع قلم كتاب المحكمة موقع من محام من المقبولين أمامها ، ويجب أن يشتمل التقرير علاوة على البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم ومواطن كل منهم على بيان الـحكم المطعون فيه وتاريخه وبيان الأسباب التى بنى عليها الطعن وطلبات الطاعن ، فإذا لم يكن الطعن على هذا الوجه جاز الحكم ببطلانه .
و لا يجوز الطعن مباشرة فى الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية أمام المحكمة الإدارية العليا .
أما بالنسبة لأسباب الطعن فهى ذات الأسباب التى نص عليها القانون للطعن أمام المحكمة الإدارية العليا فى المادة 23 من قانون مجلس الدولة ، و تتمثل هذه الأسباب فيما يلي :-
إذا كان الحكم المطعون فيه مبنيا على مخالفة القانون أو خطأ فى تطبيقه أو تأويله .
إذا وقع بطلان فى الحكم أو بطلان فى الإجراءات أثر فى الحكم .
إذا صدر الحكم على خلاف حكم سابق حاز قوة الشيء المحكوم فيه سواء دفع بهذا الدفع أو لم يدفع .
ويعد الطعن فى الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية طعنا بطريق الاستئناف ، على حين لا ينطبق هذا الوصف على الطعن فى الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإدارى والمحاكم التأديبية .
وإذا كانت محكمة القضاء الإدارى تختص بنظر الطعن بالاستئناف فى الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية فإن الاختصاص يمتد ليشمل الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية بصورة مستعجلة ، كما هو الشأن بالنسبة للأحكام الصادرة فى طلبات وقف التنفيذ ، وتكون مدة الطعن هى ذات المدة المقررة للطعن فى الأحكام العادية وذلك على خلاف ما هو مقرر بالنسبة للطعن فى المواد المستعجلة أمام القضاء المدنى .
ويلاحظ على تاريخ احتساب مدة الطعن بالاستئناف أنها تبدأ من تاريخ صدور الحكم لا من تاريخ الإعلان به وذلك على أساس أن هذه الأحكام تصدر حضورية – سواء واقعيا أو اعتباريا – وهذه المدة هى ستون يوما وذلك على خلاف المدة المقررة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية والمحددة بأربعين يوما للأحكام العادية وخمسة عشر يوما فى المواد المستعجلة ، وستين يوما بالنسبة للنائب العام أو من يقوم مقامه ( وفقا لنص المادة 227 من قانون المرافعات ) .
ويترتب على انقضاء المدة المقررة للطعن بالاستئناف دون الطعن سقوط الحق فى الاستئناف وفقا للقواعد العامة .
وكما سبق القول يتم الطعن من ذوى الشأن أو من رئيس هيئة مفوضى الدولة ، ولا يجوز كقاعدة عامة إدخال من لم يكن خصما فى الدعوى الصادر فيها الحكم المستأنف وذلك ما لم ينص القانون على غير ذلك ( وفقا لنص المادة 236 مرافعات ) وقد نصت المادة 13 من قانون مجلس الدولة على حق رئيس هيئة مفوض الدولة فى الطعن على الأحكام وذلك بوصفه الأمين على الدعوى الإدارية.
وتطبق القواعد المعمول بها بالنسبة لترك الخصومة الإدارية على ترك الاستئناف .
ويترتب على الاستئناف نقل الدعوى بحالتها إلى المحكمة المنظور أمامها الاستئناف وذلك على الحالة التى كان عليها قبل صدور الحكم المستأنف وذلك بالنسبة لما تم الاستئناف عنه ( وفقا لما تنص عليه المادة 232 مرافعات ) .
وتملك المحكمة النظر فى اختصاص محكمة الدرجة الأولى وقبول الدعوى شكلا أمام محكمة أول درجة ، كما تملك النظر فى قبول الاستئناف شكلا ثم تتولى بعد ذلك بحث الموضوع فى ضوء طلبات المستأنف ، مع ملاحظة عدم جواز إبداء طلبات جديدة أمام المحكمة الاستئنافية ( وفقا لما تنص عليه المادة 235 مرافعات) وتبحث المحكمة الموضوع فى ضوء ما يقدم لها من أدلة و دفوع جديدة وما كان قدم إلى محكمة الدرجة الأولى ( وفقا لما تنص عليها المادة 233 مرافعات ) .
وإذا كانت المادة 234 من قانون المرافعات تنص على أنه يجب على المحكمة إذا ألغت الحكم فى الطلب الأصلى أن تعيد القضية إلى محكمة الدرجة الأولى لتفصل فى الطلبات الاحتياطية فنعتقد أن محكمة القضاء الإدارى تملك التصدى للموضوع أسوة بما هو متبع بالنسبة للمحكمة الإدارية العليا عند نظر الطعن فى الأحكام المنظورة أمامها وذلك طالما كانت الدعوى مهيأة للفصل فيها .
الفصل الثانى
الطعن فى الأحكام الصادرة
من محكمة القضاء الإدارى والمحاكم التأديبية
قبل أن نتعرض لإجراءات الطعون فى الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإدارى والمحاكم التأديبية يجب أن نشير بداية إلى الأحكام التى يجوز الطعن فيها ، ومن له حق الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا ثم نتعرض لميعاد الطعن وكيفية إجرائه ، وأخيرا نتبين مدى جواز الطعن فى الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا .
الأحكام التى يجوز الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا: –
فى البداية نوضح أنه إذا كانت الأحكام التى يجوز الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا هى الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإدارى والأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية ، إلا أنه ينبغى التنويه إلى أن هناك طائفة من الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإدارى لا يجوز الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا وهى تلك الأحكام الصادرة فى الطعون المتعلقة بالطعن على القرار الصادر برفض الإعادة إلى الخدمة حيث يعتبر الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى هذا الشأن حكما نهائيا غير قابل للطعن فيه وذلك تطبيقا لنص المادة التاسعة من القانون رقم 28 لسنة 1974 بشأن إعادة العاملين المدنيين المفصولين بغير الطريق التأديبى إلى وظائفهم ، ومنها أيضا الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري في الطعن في القرارات الصادرة من اللجان المشكلة وفقا للمادة 16 من قانون مباشرة الحقوق السياسية ، ويطلق عليها لجان الفصل في الاعتراضات – والتى تختص بالفصل في نظر طلبات رفض القيد في الجداول الانتخابية أو الحذف منها – حيث قررت المادة 19 من قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية رقم 73 لسنة 1956 المعدلة بالقانون رقم 220 لسنة 1994 ، أن الأحكام التى تصدر من محكمة القضاء الإداري في هذا الشأن غير قابلة للطعن بأي طريق من طرق الطعن .
كما أن الأحكام التى يجوز الطعن فيها ، هى الأحكام المنهية للخصومة ، وفقا لما تنص عليه المادة 212 من قانون المرافعات المدنية والتجارية المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 ، أما الأحكام التى تصدر قبل الفصل فى موضوع الدعوى ولا تنهى الخصومة – كالأحكام التى تصدر أثناء نظر الدعوى ، فيمكن الطعن فيها من خلال الطعن فى الحكم الصادر فى الموضوع .
ويستثنى من هذه القاعدة ، وفقا لنص المادة المذكورة أيضا ، الأحكام الصادرة بعدم الاختصاص والإحالة ، والأحكام الوقتية والمستعجلة الصادرة بوقف الدعوى ، والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري .
وقد نصت المادة 22 من قانون مجلس الدولة على أنه << أحكام المحاكم التأديبية نهائية ، ويكون الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا فى الأحوال المبينة فى القانون >> .
وتختص المحكمة الإدارية العليا بنظر الطعون فى الأحكام الصادرة من المحكمة التأديبية سواء كان الحكم التأديبى صادرا فى دعوى تأديبية مقامة من النيابة الإدارية أو طعنا بالإلغاء فى جزاء تأديبى موقع على الموظف أو غيرها من الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية .
كما يشمل أيضا الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا ، الطعن فى قرارات مجالس التأديب
كما تشمل هذه الأحكام ، الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإدارى بهيئة استئنافية ، حيث تعتبر المحكمة الإدارية العليا في هذه الحالة كمحكمة ثالث وآخر درجة ، وإن كان قانون مجلس الدولة قد قيد الطعن في هذه الحالة بعدم قبوله إلا من رئيس هيئة مفوضى الدولة ، وفى حالتين محددتين على نحو ما سنتعرض له بعد قليل .
من له حق الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا .
وفقا لنص القانون فإن حق الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يكون لذوى الشأن ولرئيس هيئة مفوضى الدولة فى الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإدارى .
والأصل هو عدم جواز الطعن فى الأحكام إلا من المحكوم عليه باعتباره صاحب المصلحة فى الطعن و يتوافر شرط المصلحة لمن اختصم أمام محكمة القضاء الإدارى ولو لم يبد دفاعاً فى موضوع الدعوى ، وذلك على أساس أن مدار الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا هو أمر مشروعية القرار المطعون فيه الذى يجوز عرضه عليها من أى من ذوى الشأن .
هذا بالنسبة للأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري ، وهو ما ينطبق أيضا على الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية ، ومع هذا ، وبالنسبة للأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية أيضا فقد نصت المادة 22 من قانون مجلس الدولة على أنه << ويعتبر من ذوى الشأن فى الطعن الوزير المختص ورئيس الجهاز المركزى للمحاسبات ومدير النيابة الإدارية >> .
وبناء على ما سبق فقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأنه فى حالة الطعن على الحكم الصادر من المحكمة التأديبية أمام المحكمة الإدارية العليا من جانب النيابة الإدارية لا يجوز للجهة الإدارية التدخل أمام المحكمة الإدارية العليا فى هذا الطعن سواء أقامته النيابة الإدارية ، أم أقيم ضدها .
وهو ما يعنى أن الطعن على الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية أمام المحكمة الإدارية العليا أصبح مقصورا على النيابة الإدارية وحدها بما لها من ولاية شاملة فى إقامة الدعوى التأديبية ومباشرتها أمام المحاكم التأديبية وكذلك إقامة الطعن فى الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية فى تلك الدعاوى ، وذلك بخلاف صاحب المصلحة الأصلى فى الدعوى التأديبية .
أما فيما يتعلق بالطعن فى الأحكام الصادرة من مجالس التأديب أو الصادرة من المحكمة التأديبية فى دعوى الإلغاء الموجهة ضد قرار رئيس الجامعة بتوقيع جزاء فلا شك أن نص المادة 22 من قانون مجلس الدولة يعنى اقتصار حق الطعن على الوزير المختص دون غيره ، ويعتبر الوزير المختص فى هذا الشأن هو رئيس الجامعة بصفته.
وأما بالنسبة للأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإدارى فيلاحظ أن الطعن فى الأحكام الصادرة من هذه المحكمة كدرجة استئنافية لأحكام المحاكم الإدارية أمام المحكمة الإدارية العليا لا يجوز إلا من رئيس هيئة مفوضى الدولة وذلك فى حالتين ، الأولى هى صدور الحكم على خلاف ما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا ، وأما الثانية فهى إذا كان الفصل فى الطعن يقتضى تقرير مبدأ قانونى لم يسبق لهذه المحكمة تقريره .
وتستقل هيئة مفوضى الدولة عن أصحاب المصلحة فى الدعوى فى التقرير بالطعن من عدمه ، ويترتب على ذلك أنه إذا ما تقاعست الهيئة عن تقديم الطعن فى الميعاد القانونى فليس لها أن تتمسك بعدم علم المحكوم ضده بالحكم فى تاريخ لاحق لميعاد الطعن لأن سريان ميعاد الطعن يكون من تاريخ صدور الحكم لا من تاريخ علم صاحب الشأن به .
هذا وقد قضت الحكمة الإدارية العليا بجواز التدخل الانضمامي لأول مرة أمام الإدارية العليا إذا تعدى أثر الحكم المطعون فيه للمتدخل .
كما قضت بعدم جواز طعن الخارج عن الخصومة أمام المحكمة الإدارية العليا حيث استقرت الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا على أنه لا يجوز للخارج عن الخصومة أن يطعن فى الحكم الذى تعدى أثره إليه أمام المحكمة الإدارية العليا وعلى الطاعن أن يسلك طريق التماس إعادة النظر طبقا لنص المادة 51 من قانون مجلس الدولة .
وذلك حيث ألغى المشرع فى قانون المرافعات هذا الطريق من الطعن وأضافه إلى حالات التماس إعادة النظر وبشروط معينة ( البندان 7 ، 8 من المادة 241 من قانون المرافعات ) ومن ثم لا يجوز الطعن فى أحكام محكمة القضاء الإدارى أمام المحكمة الإدارية العليا من قبل الغير ممن لم يكونوا خصوما فى الدعوى التى صدر فيها الحكم أو أدخلوا أو تدخلوا فيها ممن يتعدى أثر الحكم إليهم .
ورغم استقرار المحكمة الإدارية العليا على عدم جواز طعن الخارج عن الخصومة إلا أنها قد خالفت هذا القضاء المستقر فى حكم شهير لها، حيث قضت بجواز الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا متى اتصل بالحقوق الدستورية العامة اللصيقة بالمواطن وفي مقدمتها حق الانتخاب وحق الترشيح وأن لم يجر اختصامه أمام محكمة القضاء الإداري وبعدم تقيد المحكمة الإدارية العليا في الطعن الماثل بقضاء دائرة توحيد المبادئ في الحكم الصادر بجلسة 14-4-1987 في الطعنين رقمي 3382 و 3387 لسنة 29 ق ع ، على أساس ذلك أن هذه المحكمة هي قاضي المشروعية الأول .
– ميعاد الطعن وكيفية إجرائه : –
نصت المادة 44 من قانون مجلس الدولة على أن ميعاد رفع الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ستون يوما من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه .
وأن هذا الميعاد لا يسرى إلا فى حق الخصم الذى علم بتاريخ الجلسة المحددة لنظر الدعوى أصلاً أو الذى أصبح محققا تمكنه من العلم بتاريخ الجلسة والتى سوف يصدر فيها الحكم ليستطيع متابعة صدوره ليتمكن من مباشرة حقة فى الطعن فيه بعد علمه به علماً يقيناً .
و التوكيل فى إقامة الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يفيد العلم اليقينى بصدور الحكم المراد الطعن فيه وما صدر به هذا الحكم من قضاء بحيث يمكن اعتبار تاريخ صدور هذا التوكيل بداية تاريخ علم الطاعن بالحكم المطعون فيه ) .
وينقطع هذا الميعاد برفع الطعن إلى محكمة غير مختصة ( كما لو رفع الطعن فى قرارات مجلس التأديب إلى المحاكم التأديبية لا إلى المحكمة الإدارية العليا أو رفع طعن فى حكم صادر من المحكمة الإدارية أمام المحكمة الإدارية العليا مباشرة من قبل ذوى الشأن وهو غير جائز ) ، ويظل هذا الميعاد مقطوعا حتى يفصل فى الطعن ولو من المحكمة الأعلى درجة ويترتب على ذلك أنه يتعين على صاحب الشأن أن يلجأ إلى المحكمة المختصة بعد أن تبينها سواء إبان قطع الميعاد أو خلال جريانه ثانية طالما لم ينصرم بعد .
و بالنسبة لميعاد الطعن فى الأحكام التأديبية فيلاحظ ما قضت به المحكمة الإدارية العليا من أنه يجوز لمن فاته ميعاد الطعن فى الحكم التأديبى أن يطعن منضما إلى أحد زملائه متى كان الحكم التأديبى الصادر فى موضوع الدعوى غير قابل للتجزئة وذلك استنادا إلى أن الهدف من توقيع الجزاء التأديبى وهو كفالة حسن سير المرفق العام لا يسمح بأن يكون الاتهام الواحد أو المخالفة التأديبية الواحدة غير القابلة للتجزئة المنسوبة لعدد من العاملين موجبا لتوقيع الجزاء فى حق البعض ومحوه بالنسبة للبعض الآخر .
ويعد تطبيق هذه القاعدة تطبيقا لاستقلال الإجراءات أمام مجلس الدولة عن قانون المرافعات المدنية والتجارية .
ويقدم الطعن من أصحاب الشأن بتقرير يودع قلم كتاب المحكمة موقع من محام من المقبولين أمامها ، ويجب أن يشتمل التقرير علاوة على البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم ومواطن كل منهم على بيان الـحكم المطعون فيه وتاريخه وبيان الأسباب التى بنى عليها الطعن وطلبات الطاعن ، فإذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه جاز الحكم ببطلانه .
وقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأنه بالإضافة إلى البيانات التى يجب أن يشملها الطعن كأسماء الطاعنين وموطنهم وصفاتهم فيجب أن يبين الطاعن وجه المصلحة فى التمسك ببطلان إعلانه ولا يقبل ادعاؤه ولو كان الإعلان باطلا .
ويجب على ذوى الشأن عند التقرير بالطعن أن يودعوا خزانة المجلس كفالة مقدارها عشرة جنيهات تقضى دائرة فحص الطعون بمصادرتها فى حالة الحكم برفض الطعن ، ولا يسرى هذا الحكم على الطعون التى ترفع من الوزير المختص وهيئة مفوضى الدولة ورئيس الجهاز المركزى للمحاسبات ومدير النيابة الإدارية )).
كما أنه وفقا لنص المادة 90 من قانون العاملين المدنيين بالدولة تعفى من الرسوم الطعون التى تقدم ضد أحكام المحاكم التأديبية .
ووفقا لنص المادة 45 من قانون مجلس الدولة (( يجب على قلم كتاب المحكمة ضم ملف الدعوى المطعون فى الحكم الصادر فيها قبل إحالتها إلى هيئة مفوضى الدولة )) ، وهذه الأخيرة تقوم بدورها بعرض الطعن على دائرة فحص الطعون التى تنظر الطعن بعد سماع إيضاحات مفوضى الدولة وذوى الشأن إن رأى رئيس الدائرة وجها لذلك ، وإذا رأت دائرة فحص الطعون أن الطعن جدير بالعرض على المحكمة الإدارية العليا ، إما لأن الطعن مرجح القبول أو لأن الفصل فى الطعن يقتضى تقرير مبدأ قانونى لم يسبق للمحكمة تقريره أصدرت قرارا بإحالته إليها ، أما إذا رأت ـ بإجماع الآراء ـ أنه غير مقبول شكلا أو باطل أو غير جدير بالعرض على المحكمة حكمت برفضه .
و يكتفى بذكر القرار أو الحكم بمحضر الجلسة وتبين المحكمة فى المحضر بإيجاز وجهة النظر إذا كان الحكم صادرا بالرفض ، ولا يجوز الطعن فيه بأى طريق من طرق الطعن .
وإذا قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا يؤشر قلم كتاب المحكمة بذلك على تقرير الطعن ويخطر ذوى الشأن وهيئة مفوضى الدولة بهذا القرار ( وفقا لنص المادة 46 من قانون مجلس الدولة).
ودائرة فحص الطعون هى إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا لكنها تتكون من ثلاثة مستشارين لا خمسة (وفقا لما تنص عليه المادة الرابعة من قانون مجلس الدولة ) كما هو الشأن بالنسبة للدائرة التى تنظر الطعن بعد إحالته إلى المحكمة ، والحكم الصادر منها برفض الطعن لا يجوز الطعن عليه بأى طريق من طرق الطعن باعتبار أنه صادر من المحكمة الإدارية العليا .
وقد نصت المادة 47 على أنه (( تسرى القواعد المقررة لنظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا على الطعن أمام دائرة فحص الطعون ، ويجوز أن يكون من بين أعضاء المحكمة الإدارية العليا من اشترك من أعضاء دائرة فحص الطعون فى إصدار قرار الإحالة )) .
وأخيرا فإنه لا يترتب على الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ما لم تأمر بذلك دائرة فحص الطعون ، ويمكن وقف تنفيذ الحكم دون طلب ذلك من الخصوم حيث لم تتطلب المادة 50 من قانون مجلس الدولة هذا الأمر ، وإن كانت المحكمة الإدارية العليا تقضى بعكس ذلك حيث تتطلب اقتران طلب وقف تنفيذ الحكم بطلب الإلغاء .
وإذا ما قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا فإن ذلك لا يعنى انتهاء المنازعة الإدارية بل تعتبر إجراءات المنازعة متصلة ومكملة لبعضها البعض ومن ثم إذا شاب إجراء من الإجراءات عيب أمام دائرة فحص الطعون أمكن تصحيحه أمام الدائرة الأخرى للمحكمة الإدارية العليا المكونة من خمسة مستشارين سلطة المحكمة الإدارية العليا عند نظر الطعن
إذا كان القانون قد أعطى لدائرة فحص الطعون سلطة واسعة فيما يتعلق برفض الطعن لأسباب أغلبها شكلية ، فلا شك أن تقدير توافر أسباب الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا أمر يقتصر دون شك على هذه المحكمة ، ولا شك أيضا أن دور المحكمة الإدارية العليا يختلف عن دور محكمة النقض فى نظر الطعن حيث لا يقتصر دور المحكمة الإدارية العليا على رقابة القانون بل والواقع أيضا ، وذلك نظرا لاحتلاف طبيعة الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا عنه أمام المحكمة الإدارية العليا ، وتطبيقا لذلك فإن المحكمة الإدارية العليا تملك الفصل فى موضوع الدعوى دون إحالته إلى المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه متى كانت الدعوى صالحة للفصل فيها ، ولا تحيل المحكمة الإدارية العليا للمحكمة التى أصدرت الحكم إلا إذا كان الحكم المطعون فيه صادرا بعدم الاختصاص .
غير أنه لا يجوز للمحكمة الإدارية العليا التصدى لموضوع الدعوى متى كان الحكم المطعون فيه باطلا لمخالفته للنظام العام وذلك لعدم الإخلال بمبدأ التقاضى على درجتين وتفويت درجة منها .
أما إذا تعلق الأمر بإغفال الحكم فى بعض الطلبات الموضوعية والتى كان من الممكن لصاحب الشأن أن يعلن خصمه للحضور أمام المحكمة التى أغفلت إصدار الحكم لنظر الطلب والفصل فيه ، فإنه يمكن للمحكمة الإدارية العليا إذا ما طعن أمامها فى هذا الحكم أن تتصدى مباشرة لطلب التعويض الذى لم تفصل فيه محكمة أول درجة وذلك على أساس أن الحكم فى طلب المشروعية ينطوى على قضاء فى طلب التعويض سواء بقبوله أو برفضه.
وإذا كان المشرع فى قانون المرافعات ( وفقا لنص المادة 253) قد حظر التمسك بسبب من أسباب الطعن غير تلك التى ذكرت فى صحيفة الطعن ما لم تكن مبنية على النظام العام فإن قانون مجلس الدولة لم يقرر هذا الحظر نزولا منه عن طبيعة المنازعات الإدارية التى تخضع لأحكام القانون العام بما يجعلها أكثر تعلقا بالنظام العام وبناء على ذلك يجوز للطاعن استكمال أسباب الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا ، كما يجوز لهيئة مفوضى الدولة إضافة أسباب أخرى باعتبارها طرفا محايدا ينوب عن المجتمع فى الدفاع عن القانون وإعلاء كلمته .
وإذا كانت سلطة المحكمة الإدارية العليا مقصورة على رفض الطعن أو قبوله إلا أنها فى بعض الأحيان قد تتعدى ذلك إلى تعديل القرار التأديبى لمصلحة الطاعن وذلك إذا ما توافرت شروط تصديها لهذا الموضوع ، ومن ثم يكون لها توقيع الجزاء المناسب .
وأخيرا فقد نصت المادة 54 مكرر على أنه (( إذا تبين لإحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا عند نظر أحد الطعون أنه صدرت منها أو من إحدى دوائر المحكمة أحكام سابقة يخالف بعضها البعض ، أو رأت العدول عن مبدأ قانونى قررته أحكام سابقة صادرة من المحكمة الإدارية العليا تعين عليها إحالة الطعن إلى هيئة تشكلها الجمعية العامة لتلك المحكمة فى كل عام قضائى من أحد عشر مستشارا برئاسة رئيس المحكمة أو الأقدم فالأقدم من نوابه .
ويجب على سكرتارية المحكمة أن تعرض ملف الدعوى خلال ثلاثة أيام من صدور قرار الإحالة إلى رئيس المحكمة ليعين تاريخ الجلسة التى ستنظر فيها الدعوى.
ويعلن الخصوم بهذا التاريخ قبل حلوله بأربعة عشر يوما ـ على الأقل ـ وتصدر الهيئة المذكورة أحكامها بأغلبية سبعة أعضاء على الأقل )) .
مدى جواز الطعن فى الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا.
المحكمة الإدارية العليا هى خاتمة المطاف وأعلى محكمة طعن فى القضاء الإدارى ، ومن ثم فأحكام هذه المحكمة باتة ولا يقبل الطعن فيها بأى طريق من طرق الطعن ، والحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا سواء بحسم النزاع فى موضوع برمته أو فى شق منه أو فى مسألة قانونية أو واقعية متعلقة به كمسألة الاختصاص هو حكم قطعى يجوز حجية الشيء المحكوم فيه كقرينة قانونية حاسمة بصحته ، ولا يغير من هذه الحجية صدور حكم لاحق مغاير من ذات المحكمة بالهيئة المشكلة طبقا للمادة (54) مكررا من القانون رقم 47 لسنة 1972 وذلك على أساس أن اختصاص هذه الهيئة يقتصر على الطعون التى تحال إليها من دوائر المحكمة الإدارية العليا لترسى فيها مبدأ يستقر عليه ومن ثم لا تنال من حجية أو قوة الأحكام السابق صدورها من دوائر المحكمة الإدارية العليا ولا تمس ما حسمته هذه الأحكام الباتة .
وإذا كان للحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا هذه الحجية فهل يعنى ذلك عدم جواز الطعن فيه بأية وسيلة أخرى ؟
لما كان المشرع قد حصر طرق الطعن فى الأحكام ووضع لها آجالا محددة وإجراءات معينة فإنه لا سبيل إلى الطعن فى أحكام هذه المحكمة إلا استثناء بدعوى البطلان الأصلية وهو ما لا يكون إلا إذا تجرد الحكم من أركانه الأساسية و فقد صفته كحكم .
ولأن قانون مجلس الدولة قد خلا من تنظيم الطعن بالبطلان فى أحكام المحكمة الإدارية العليا ، فمن ثم يتعين الرجوع فى هذا الشأن إلى قانون المرافعات المدنية والتجارية ، خاصة فيما يتعلق بدعوى المخاصمة والتى تضمنتها المواد (499،494) من قانون المرافعات المدنية والتجارية .
وقد قضت المحكمة الإدارية العليا بسريان هذه القواعد على الأحكام الصادرة من القضاء الإداري
و قضت أيضا بأن ( دعوى البطلان الأصلية هى دعوى ترفع فى حالات انعدام الحكم ، وأنه إذا بلغ العيب المنسوب للحكم درجة الانعدام جاز إقامة هذه الدعوى أما إذا لم يبلغ هذه الدرجة فلا تجوز إقامتها احتراماً لما للأحكام من حجية ، وأن هذه الدعوى لها طبيعة خاصة و توجه ضد أحكام نهائية لا يجوز المساس بحجيتها و بذلك تقترب من طرق الطعن غير العادية كالتماس إعادة النظر ، وأنه إذا كانت القاعدة هى عدم جواز الطعن بالالتماس فى حكم سبق الطعن فيه بهذا الطريق ، فهذه القاعدة مهيأة للتطبيق بالنسبة لدعوى البطلان الأصلية و لو لم يجر بها نص خاص وأنه لا وجه للقول بأن دعوى البطلان الأصلية هى دعوى و ليست طعناً فالغرض من القاعدة السابقة هو تحقيق الاستقرار فى الأحكام و وضع حد للتقاضى سواء تعلق الأمر بدعوى أو بطعن كما أن تطبيق هذه القاعدة جائز سواء جرى بها نص خاص أو لم يجر .
غير أن دعوى البطلان الأصلية التى أجازها القانون للطعن فى الأحكام الصادرة بصيغة انتهائية هو استثناء لا يقاس عليه ولا يجوز التوسع فيه ومن ثم يجب أن يقف عن الحالات التى نص عليها قانون المرافعات وهى تلك الحالات التى ينطوى الحكم فيها على عيب جسيم وتمثل إهدارا للعدالة يفقد فيها الحكم وظيفته
ومن أبرز حالات البطلان نظر الدعوى من قاض غير صالح لنظر الدعوى لتحقق حالة من حالات عدم الصلاحية المقررة قانونا .
الفصل الثالث
الطعن بطريق التماس إعادة النظر
يمكن الحديث عن موضوع الطعن بالتماس إعادة النظر من خلال النقاط الآتية : –
أولا : الأحكام التى يجوز الطعن فيها بالتماس إعادة النظر : –
نصت المادة 51 من قانون مجلس الدولة على أنه (( يجوز الطعن فى الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإدارى والمحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية بطريق التماس إعادة النظر فى المواعيد والأحوال المنصوص عليها فى قانون المرافعات المدنية والتجارية أو قانون الإجراءات الجنائية ـ حسب الأحوال ـ وذلك بما لا يتعارض مع طبيعة المنازعة المنظورة أمام هذه المحاكم .
ولا يترتب على الطعن وقف تنفيذ الحكم إلا إذا أمرت المحكمة بغير ذلك ، وإذا حكم بعدم قبول الطعن أو برفضه جاز الحكم على الطاعن بغرامة لا تتجاوز ثلاثين جنيها فضلا عن التعويض إذا كان له وجه )) .
ويلاحظ على هذا النص أنه قد سمح بالطعن بطريق التماس إعادة النظر فى الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية وذلك رغم أن الأحكام التى يجوز الطعن فيها بطريق التماس إعادة النظر وفقا لنص المادة 241 من قانون المرافعات المدنية والتجارية هى الأحكام الصادرة بصفة انتهائية – أى غير قابلة للاستئناف – أما الأحكام الصادرة من محاكم أول درجة فلا يقبل الطعن فيها بهذا الطريق ولو صار الحكم بعد ذلك نهائيا بفوات مواعيد الطعن .
كما يلاحظ أن لفظ الأحكام قد جاء عاما ليشمل كل ما يصدر من المحاكم الإدارية ومحكمة القضاء الإدارى والمحاكم التأديبية ومن ثم يدخل ضمن هذه الأحكام التى يجوز الطعن فيها بطريق التماس إعادة النظر الأحكام الصادرة من هذه المحاكم بصورة مستعجلة كوقف التنفيذ استنادا إلى أنها تعد أحكاما بالمعنى القانونى وقد تتوافر بها إحدى الحالات التى تجيز الطعن بالتماس إعادة النظر .
أما الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا فلا يجوز الطعن عليها بطريق التماس إعادة النظر وهو أمر مسلم به فقها وقضاء ، واستقرت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا فى تفسير حكم المادة 51 من قانون مجلس الدولة المشار إليها سابقا .
والأصل هو عدم جواز الطعن بالتماس إعادة النظر إلا بعد استنفاذ طرق الطعن و يتعين ملاحظة الفرق بين التماس إعادة النظر وبين النقض باعتبار أن نقض الحكم هو هجوم على الحكم وطعن فيه لخطأ قانونى شاب أسبابه أو منطوقه ـ لكل من الطعن بالنقض والتماس إعادة النظر أسبابه الموضوعية و مؤدى ذلك: أن أحدهما لا يغنى عن الآخر ، وأن ولوج أحدهما لا يحول دون ولوج الآخر
ومع هذا فقد أجازت المحكمة الإدارية العليا التقدم بالتماس لإعادة النظر أمام محكمة الموضوع ، وفي ذات الوقت قبل الطعن أمامها فى الحكم الصادر من محكمة الموضوع (المحكمة التأديبية التى قضت بمجازاة عامل ) ، ولما كانت المحكمة الإدارية العليا قد قضت في موضوع الطعن بإلغاء الحكم المطعون فيه وببراءة العامل مما نسب إليه ، وكانت المحكمة التأديبية قد قضت فى الالتماس برفضه فطعن العامل على الحكم الأخير فإن المحكمة الإدارية العليا قد قضت بإلغاء الحكم المطعون فيه ، والقضاء بانتهاء الخصومة فى طلب التماس إعادة النظر .
وبما أن قانون مجلس الدولة قد أحال على قانون المرافعات المدنية والتجارية ، وقانون الإجراءات الجنائية بشأن المواعيد والأحوال الخاصة بطريق التماس إعادة النظر فإنه يكون من المنطقى التعرف على هذه النصوص .
ثانيا : أسباب الطعن بإعادة التماس النظر : –
هذه الأسباب عديدة ومنها ما نص عليه قانون المرافعات ، ومنه ما نص عليه قانون الإجراءات الجنائية ، وقد نصت المادة 241 من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أنه << للخصوم أن يلتمسوا إعادة النظر فى الأحكام الصادرة بصفة انتهائية فى الأحوال الآتية :-
إذا وقع من الخصم غش كان من شأنه التأثير فى الحكم .
إذا حصل بعد الحكم إقرار بتزوير الأوراق التى بنى عليها أو قضى بتزويرها .
إذا كان الحكم قد بنى على شهادة شاهد قضى بعد صدوره بأنها مزورة
إذا حصل الملتمس بعد صدور الحكم على أوراق قاطعة فى الدعوى كان خصمه قد حال دون تقديمها .
إذا قضى الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه .
إذا كان منطوق الحكم مناقضا بعضه لبعض .
إذا صدر الحكم على شخص طبيعى أو اعتبارى لم يكن ممثلا تمثيلا صحيحا فى الدعوى وذلك فيما عدا حالة النيابة الاتفاقية .
لمن يعتبر الحكم الصادر فى الدعوى حجة عليه ولم يكن قد أدخل أو تدخل فيها بشرط إثبات غش من كان يمثله أو تواطئه أو إهماله الجسيم >> .
وقد نصت المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية على الحالات التى يمكن معها الطعن بالتماس إعادة النظر وهى بطبيعة الحال تخص الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية ، وهى :-
إذا حكم على المتهم فى جريمة قتل ثم وجد المدعى قتله حيا .
إذا صدر حكم على شخص من أجل واقعة ثم صدر حكم على شخص آخر من أجل نفس الواقعة وكان بين الحكمين تناقض بحيث يستنتج منه براءة أحد المحكوم عليهما .
ذا حكم على الشهود أو الخبراء بالعقوبة لشهادة الزور أو إذا حكم بتزوير ورقة قدمت أثناء نظر الدعوى ، وكان للشهادة أو تقدير الخبير أو الورقة تأثير فى الحكم .
إذا كان الحكم مبنيا على حكم صادر من محكمة مدنية أو من إحدى محاكم الأحوال الشخصية وألغى فيما بعد أو ظهرت من الحكم وقائع أو إذا قدمت أوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة وكان من شأنها ثبوت براءة المحكوم عليه .
وجدير بالذكر أن هذه الحالات لن يؤخذ منها فى مجال الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية إلا ما يتفق وطبيعة هذه الأحكام .
ثالثا: ميعاد تقديم الطعن وإجراءاته : –
أما بالنسبة لميعاد تقديم الطعن بالتماس إعادة النظر فقد نصت المادة 242 من قانون المرافعات على أنه << ميعاد الالتماس أربعون يوما ولا يبدأ فى الحالات المنصوص عليها فى الفقرات الأربع الأولى من المادة السابقة إلا من اليوم الذى ظهر فيه الغش أو الذى أقر فيه التزوير فاعله أو حكم بثبوته أو الذى حكم فيه على شاهد الزور أو اليوم الذى ظهرت فيه الورقة المحتجزة .
ويبدأ الميعاد فى الحالة المنصوص عليها فى الفقرة السابعة من اليوم الذى يعلن فيه الحكم إلى من يمثل المحكوم عليه تمثيلا صحيحا .
ويبدأ الميعاد فى الحالة المنصوص عليها فى الفقرة الثامنة من اليوم الذى ظهر فيه الغش أو التواطؤ أو الإهمال الجسيم >> .
فالمشرع إذا قد خرج على القاعدة العامة فى بدء احتساب مواعيد الطعن ، إذ الأصل أنها من تاريخ صدور الحكم ، غير أنه لاعتبارات معينة ورعاية لمصلحة المحكوم ضده خرج على هذه القاعدة ، وهذا الخروج فى الحقيقة تقتضيه قواعد العدالة والمنطق ويختلف باختلاف سبب الالتماس على نحو ما هو وارد بالنص .
ووفقا لنص المادة 234 فإنه يقدم الطعن بالتماس إعادة النظر إلى المحكمة التى أصدرت الحكم بصحيفة تودع قلم كتابها وفقا للأوضاع المقررة لرفع الدعوى ، ويجب أن تشتمل صحيفته على بيان الحكم الملتمس فيه وتاريخه وأسباب الالتماس وإلا كانت باطلة .
وتطبيقا لذلك فقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأن ( التماس إعادة النظر هو طريق طعن غير عادى يرفع إلى ذات المحكمة التى أصدرت الحكم الملتمس فيه إذا توافرت إحدى الحالات التى أوردها القانون على سبيل الحصر ، و لا يجوز اللجوء إلى التماس إعادة النظر إذا تيسر سلوك طريق الطعن العادى – أساس ذلك: أنه يجب استيفاء طرق الطعن العادية قبل اللجوء إلى طرق الطعن غير العادية .
ويجب على رافع الالتماس فى الحالتين المنصوص عليهما فى الفقرتين السابعة والثامنة من المادة 241 أن يودع خزانة المحكمة مبلغ خمسين جنيها على سبيل الكفالة ولا يقبل قلم الكتاب صحيفة الالتماس إذا لم تصحب بما يثبت هذا الإيداع .
و يجب تحضير الالتماس من قبل هيئة مفوضى الدولة ، وإلا بطل الحكم الصادر في الالتماس ، فالدعاوى والطعون الإدارية لا يسوغ الحكم فيها إلا بعد أن تقوم هيئة مفوضى الدولة بتحضيرها وتقديم تقرير بالرأى القانونى مسبباً فيها ، وقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأن هذا الإخلال بهذا الإجراء الجوهرى يؤدى إلى بطلان الحكم وإبقاء الآثار المترتبة عليه ، وأنه لا ينال مما سبق أن المحكمة ضمت الطعن بالالتماس إلى الإشكال الخاص بوقف التنفيذ ليصدر فيها حكم واحد ، و أساس ذلك: أن ضم الالتماس إلى أية دعوى أخرى لا يفقده ذاتيته كطعن من الطعون الإدارية يتعين البت فيه على استقلال .
ويجوز أن تكون المحكمة التى تنظر الالتماس مؤلفة من نفس القضاة الذين أصدروا الحكم .
أما بالنسبة لأثر تقديم الالتماس فإنه كما هو الحال بالنسبة للطعن أمام المحكمة الإدارية العليا ، وكما نصت المادة 51 من قانون مجلس الدولة لا يترتب على رفع الالتماس وقف تنفيذ الحكم ، ووفقا لنصوص قانون المرافعات فإنه يجوز للمحكمة التى تنظر الالتماس أن تأمر بوقف التنفيذ متى طلب ذلك وكان يخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه ، ويجوز للمحكمة عندما تأمر بوقف التنفيذ أن توجب تقديم كفالة أو تأمر بما تراه كفيلا بصيانة حق المطعون عليه (م244) .
رابعا : نظر الالتماس والفصل فيه : –
أما بالنسبة لنظر الالتماس والفصل فيه فقد نصت المادة 245 على أنه << تفصل المحكمة أولا فى جواز قبول التماس إعادة النظر تم تحدد جلسة للمرافعة فى الموضوع دون حاجة إلى إعلان جديد ، على أنه يجوز لها أن تحكم فى قبول الالتماس وفى الموضوع بحكم واحد إذا كان الخصوم قد قدموا أمامها طلباتهم فى الموضوع ، ولا تعيد المحكمة النظر إلا فى الطلبات التى تناولها الالتماس >> .
كما نصت المادة 246 << إذا حكم برفض الالتماس فى الحالات المنصوص عليها فى الفقرات الست الأولى فى المادة 241 يحكم على الملتمس بغرامة لا تقل عن ثلاثين جنيها ولا تجاوز مائة جنيه وإذا حكم برفض الالتماس فى الحالتين المنصوص عليهما فى الفقرتين الأخيرتين تقضى المحكمة بمصادرة الكفالة كلها أو بعضها ، وفى جميع الأحوال يجوز الحكم بالتعويضات إن كان لها وجه >> .
وأخيرا فقد نصت المادة 247 على أن << الحكم الذى يصدر برفض الالتماس أو الحكم الذى يصدر فى موضوع الدعوى بعد قبوله لا يجوز الطعن فى أيهما بالالتماس >>