You cannot copy content of this page

الإجراءات السابقة على رفع الدعوى أمام القضاء الادارى

الإجراءات السابقة على رفع الدعوى الإدارية أمام القضاء الادارى

 

 

الباب الأول

الإجراءات السابقة على رفع الدعوى الإدارية .

 

قبل إقامة الدعوى أمام محاكم مجلس الدولة قد يتعين اللجوء إلى بعض الإجراءات ، وهذه الإجراءات منها ما يكون وجوبيا بحيث لا تقبل الدعوى بغير اللجوء لمثل هذا الإجراء ، ومثال ذلك ، التظلم الوجوبى بالنسبة لبعض القرارات الإدارية ، واللجوء إلى لجان التوفيق المنصوص عليها في القانون رقم 7 لسنة 2000 بالنسبة لبعض المنازعات الإدارية ، ومنها ما يكون جوازيا بحيث تقبل الدعوى دون اللجوء إلى مثل هذا الإجراء ، ومثال ذلك التظلم الاختيارى ، وطلب المساعدة القضائية .

وفيما يلي نتناول هذه الإجراءات .

 

الفصل الأول

التظلم الاختيارى و التظلم الوجوبى

يقصد بالتظلم الإدارى لجوء الفرد إلى جهة الإدارة التى أصدرت القرار أو الجهة الرئاسية للجهة مصدرة القرار طالبا منها رفع الضرر الذى وقع عليه نتيجة لصدور القرار الإدارى محل التظلم ، ويطلق على هذا النوع من التظلم ، التظلم الإدارى تمييزا له عن نوع آخر من التظلم يتم أمام جهة القضاء ويسمى التظلم القضائى ، وثمة فروق عدة بين هذين النوعين سواء من حيث الجهة التى يقدم إليها التظلم أو من حيث أساس الطعن أو من حيث الإجراءات والأشكال أو المواعيد أو سلطة الجهة التى قدم إليها التظلم فى الفصل فيه ، وأخيرا من حيث حجية القرار الصادر بشأن التظلم وكيفية الطعن عليه.

ويتم التظلم الإدارى – عادة – قبل اللجوء إلى القضاء وذلك تجنبا للإجراءات الطويلة والمعقدة ، أو توفيرا للنفقات التى ستصرف على الدعاوى والطعون القضائية ، وأملا فى رجوع جهة الإدارة عن قراراتها التى أصدرتها.

وإذا كان الأصل فى التظلم أنه اختيارى بحيث يكون لذوى الشأن اللجوء إليه أو عدم اللجوء إليه فإنه يكون وجوبيا فى بعض الحالات الأخرى التى نص عليها القانون ، فما هى القواعد التى وضعها المشرع للتظلم الإدارى ( الاختيارى ) ، وما هى حالات التظلم الوجوبى والقواعد التى يخضع لها ؟

 

 

القواعد أو الأحكام العامة التى يخضع لها التظلم الإدارى

نصت الفقرة الثانية من المادة 24 من قانون مجلس الدولة على أنه << ………. وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة الإدارية التى أصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية ، ويجب أن يبت فى التظلم قبل مضى ستين يوما من تاريخ تقديمه ، وإذا صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسببا ، ويعتبر مضى ستين يوما على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه .

ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن فى القرار الخاص بالتظلم ستين يوما من تاريخ انقضاء الستين يوما المذكورة >> .

 يتم تقديم هذا التظلم إلى جهة الإدارة التى أصدرت القرار ، وفى هذه الحالة يسمى التظلم تظلما ولائيا ، أو يقدم التظلم إلى الجهة الرئاسية للجهة مصدرة القرار وفى هذه الحالة يسمى التظلم تظلما رئاسيا ، وفى الحالتين تعتبر جهة الإدارة مختصة بنظر التظلم ، ويترتب على التظلم آثاره القانونية .

وإذا قدم التظلم إلى جهة غير مختصة فلا يترتب عليه قطع ميعاد دعوى الإلغاء ، غير أن التظلم إلى جهة غير مختصة يقطع ميعاد رفع الدعوى متى كان لهذه الجهة ثمة اتصال بموضوع التظلم

و على المتظلم تقديم دليل تظلمه سواء بمستند تسليمه للإدارة أو أى دليل يؤدى الى اقتناع المحكمة بوجوده .

أنه لا يشترط فى التظلم الاختيارى شكل معين ، ومن ثم فإن أية وسيلة يعبر بها المتظلم عن تظلمه من قرار إدارى ما تعد تظلما إداريا ويترتب عليها النتائج القانونية لذلك ، ومن ثم يمكن أن يكون هذا التظلم قد تم شفاهة وأثبت هذا التظلم فى ورقة مكتوبة ، وذلك ما لم ينص القانون على شكل معين للتظلم أمام جهة الإدارة ، ومع مراعاة ما يقضى به القانون بالنسبة للتظلم الوجوبى.

كما لا يشترط أن يذكر المتظلم تاريخ صدور القرار المتظلم منه بل يكفى ذكر الموضوع الذى رفع بشأنه التظلم .

أن التظلم كى يقطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء يجب أن يقدم فى خلال ستين يوما من العلم أو الإعلان للقرار المتظلم منه ، والعبرة فى حساب هذه المدة هى بوصول التظلم إلى جهة الإدارة لا بتاريخ التظلم ، وإن كان الأمر متروكا لتقدير المحكمة فى النهاية ، أما إذا قدم التظلم بعد ذلك فلا يترتب على تقديمه قطع ميعاد دعوى الإلغاء ويكون القرار قد تحصن ضد الإلغاء .

أن القانون قد حدد للجهة الإدارية مدة ستين يوما للرد على هذا التظلم ، فإذا ردت الجهة الإدارية فى أى وقت – قبل انقضاء هذه المدة – فإن ميعاد دعوى الإلغاء يبدأ من تاريخ هذا الرد ، أما إذا لم ترد الجهة الإدارية فى خلال مدة الستين يوما فإن القانون قد اعتبر سكوت الإدارة بمثابة رفض للتظلم ، ومن ثم يبدأ ميعاد دعوى الإلغاء من تاريخ انقضاء المدة المذكورة .

و متى ثبت أن جهة الإدارة قد اتخذت مسلكا إيجابيا للرد على المتظلم لما اعتبر ذلك بمثابة رفض للتظلم ولما بدأ ميعاد لرفع الدعوى بعد ، بل يمتد الميعاد على الرغم من عدم الرد خلال المدة المحددة ( الستون يوما ) ، وبطبيعة الحال فإن من يقدر توافر هذا المسلك الإيجابى هى المحكمة .

غير أنه متى استبان للمتظلم أن جهة الإدارة لن تجيبه إلى طلبه أو تظلمه ، فإن ميعاد الطعن بالإلغاء يبدأ من هذه اللحظة أو ذلك التاريخ الذى تكشف فيه جهة الإدارة عن نيتها فى رفض التظلم .

التظلم الإدارى سواء كان ولائيا أم رئاسيا ـ أى سواء قدم التظلم إلى الجهة الإدارية التى أصدرت القرار أم قدم إلى الجهة الرئاسية لمصدر القرار ـ يقطع ميعاد دعوى الإلغاء .

أن التظلم الذى يقطع ميعاد دعوى الإلغاء هو التظلم الأول فقط ، ولا عبرة بتكرار التظلم حتى لا يكون ذلك ذريعة لإطالة ميعاد رفع الدعوى إلى ما لا نهاية ، أما إذا تعددت التظلمات فإنه لا يكون لها من أثر إلا من حيث قطع تقادم الحقوق .

ويشترط بصفة عامة كى ينتج التظلم أثره أن يكون هناك فائدة من تقديمه ، أما إذا كان التظلم لا فائدة ولا جدوى منه فلا يقطع الميعاد ، ومثال هذا التظلم غير المجدى والذى لا فائدة منه التظلم الذى يقدم إلى جهة الإدارة رغم تصريحها المتكرر برفضها لموضوع التظلم أو الشكوى.

وكذلك يعتبر التظلم غير مجد إذا تعلق الأمر بقرارات إدارية لا تملك جهة الإدارة الرجوع فيها أو تعديلها أو إلغاءها ، أو كانت قد استنفدت ولايتها بشأنها ، ومثال ذلك القرارات الخاصة بتقدير درجات الطلاب فى الامتحانات، والقرارات النهائية للسلطة التأديبية كقرارات مجالس التأديب .

يجب أن يتعلق التظلم بقرار إدارى قد صدر بالفعل ، أما إذا كان القرار لم يصدر بعد فلا يعتبر هذا تظلما إداريا ، وإنما قد يعتبر من قبيل تنبيه الإدارة إلى شيء معين عند اتخاذها لقرار معين يتعلق بالموضوع الذى تم مخاطبة جهة الإدارة بشأنه .

 

القرار المنعدم لا يشترط التظلم منه .

وأخيرا فإنه إذا كان الهدف من التظلم الإدارى بصفة عامة هو عدول جهة الإدارة عن قراراتها الإدارية فلا بد أن يتعلق التظلم بقرار إدارى نهائى ، و من ثم لا يعتبر تظلما إداريا يرتب آثار التظلم من حيث قطع ميعاد دعوى الإلغاء إذا تعلق الأمر – موضوع التظلم – بأعمال مادية لجهة الإدارة أو بإجراءات تنفيذية أو قرارات مفسرة لقرارات سابقة أو إذا تعلق الأمر بإجراءات داخلية كالكتب والمنشورات الدورية التى تصدر بقصد توجيه العمل وذلك لأن كل هذه الأعمال لا تتوافر لها صفة القرار الإدارى الذى يتعلق بإنشاء أو تعديل أو المساس بمراكز قانونية معينة من خلال تعبير جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة .

وجدير بالذكر أيضاً أن المشرع قد ينظم في بعض الأحيان طريقا خاصا للتظلم غير ما ورد بقانون مجلس الدولة ، وفي هذه الحالة يجب اتباع ما ينص عليه هذا القانون الخاص ، خاصة فيما يتعلق بميعاد التظلم أو طريقة تقديمه ، ذلك أن القانون الخاص يقيد العام .

أحكام التظلم الوجوبى

إذا كان الأصل فى التظلم – كما سبق القول- أنه اختيارى ، لصاحب الشأن أن يقدمه أم لا ، إلا أن هناك قرارات إدارية معينة أوجب القانون التظلم منها إلى الجهة الإدارية المختصة قبل الطعن أمام القضاء ، ورتب على عدم تقديم التظلم الوجوبى منها وانتظار البت فيه – كمبدأ عام – عدم قبول الدعوى .

وهذا التظلم الوجوبى هو ما عبرت عنه المادة 12 من قانون مجلس الدولة ، والتى نصت على أنه << لا تقبل الطلبات الآتية :-

……..

الطلبات المقدمة رأسا بالطعن فى القرارات الإدارية النهائية المنصوص عليها فى البنود ثالثا ورابعا وتاسعا من المادة ( 10 ) ، وذلك قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التى أصدرت القرارات أو إلى الهيئات الرئاسية وانتظار المواعيد المقررة للبت فى هذا التظلم ، وتبين إجراءات التظلم وطريقة الفصل فيه بقرار من رئيس مجلس الدولة >> .

وهذه القرارات التى تطلب المشرع ضرورة التظلم منها قبل رفع الدعوى هى ما نص عليه فى البند ثالثا ورابعا وتاسعا من المادة العاشرة من القانون.

وهذه القرارات التى يجب التظلم منها قبل رفع الدعوى هى :-

الطلبات التى يقدمها ذوو الشأن بالطعن فى القرارات الإدارية النهائية الصادرة بالتعيين فى الوظائف العامة أو الترقية أو بمنح العلاوات .

مع ملاحظة أن القرار الصادر بسحب قرار الترقية لا يعتبر من هذه القرارات التى يجب التظلم منها قبل رفع الدعوى .

الطلبات التى يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات الإدارية الصادرة بإحالتهم إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبى .

و قد اختلفت الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا فى مدى اشتراط التظلم الوجوبى بالنسبة للقرارات الإيجابية الصادرة بإنهاء الخدمة بكل صورها ومنها قرارات إنهاء الخدمة للاستقالة الضمنية وانتهت إلى أن هذه القرارات لا تخضع للتظلم الوجوبي

أما القرارات السلبية بالامتناع عن إنهاء الخدمة تطبيقا لحكم القانون (مثل ما يقضي به نص المادة 98 من قانون العاملين المدنيين بالدولة) فهي لا تندرج ضمن الحالات التى يتطلب فيها القانون ضرورة التظلم الوجوبي ، مثلها في ذلك مثل القرارات الإدارية السلبية عموما ، وبالتالي يقبل طلب وقف تنفيذها أيضا ، وأساس ذلك أن القرار السلبي بالامتناع عن إنهاء الخدمة ليس من القرارات المنصوص عليها فى البنود ثالثا ورابعا وتاسعا من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة المشار إليه .

 

الطلبات التى يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية .

ولكن هل ينطبق القيد المتعلق بضرورة التظلم الوجوبي على الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام؟

من الجدير بالذكر أن المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 قد حددت المسائل التي تدخل في اختصاص محاكم مجلس الدولة ، ومن بينها البند 13 الخاص بالطعون في الجزاءات الموقعة علي العاملين بالقطاع العام في الحدود المقررة قانونا ، ولم تتضمن أحكام قانون مجلس الدولة ما يفيد ضرورة التظلم من هذه الجزاءات ، بل نصت المادة 42 من القانون على أنه مع مراعاة ما هو منصوص عليه في قانون العاملين بالقطاع العام يعمل عند نظر الطعون المنصوص عليها في البند الثالث عشر من المادة العاشرة بالقواعد والإجراءات المنصوص عليها في الفصل الثالث أولا من الباب الأول من هذا القانون عدا الأحكام المتعلقة بهيئة مفوضة الدولة .

وهذه الإجراءات المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة هى تلك التى تتعلق بالإجراءات أمام محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية ، ومنها نص المادة 24 التى تنص على ميعاد الطعن بالإلغاء ، وانقطاع هذا الميعاد بالتظلم ، ومدة البت في التظلم . أى أن نصوص قانون مجلس الدولة لم يرد بها ما يشير إلى ضرورة التظلم الوجوبي من هذه القرارات المتعلقة بجزاءات العاملين بالقطاع العام ، وإنما فقط نص على ميعاد الطعن ، وانقطاعه في حالة التظلم .

وقد ذهب الغالبية من الفقه – وأحكام القضاء – إلى عدم إضفاء وصف الموظف العام على العاملين بالقطاع العام والذى ينظم أوضاعهم القانون رقم 48 لسنة 1978 حيث يختص القضاء العادى يختص بنظر المنازعات المتعلقة بالعاملين فى القطاع العام فيما عدا تأديبهم) ، وينطبق هذا الحكم من باب أولى على العاملين فى الشركات القابضة والشركات التابعة لها والمنشأة طبقا لأحكام القانون رقم 203 لسنة 1991 بإصدار قانون قطاع الأعمال وذلك على الرغم من اعتبار هؤلاء العمال من الموظفين العموميين – وكذلك أموالها تعد من الأموال العامة – فى تطبيق أحكام قانون العقوبات .

كما يلاحظ أنه بعد صدور قانون قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991 ، والذي قسم شركات القطاع العام إلى شركات قابضة وأخرى تابعة، فقد نصت المادة 44 منه على أنه تسري في شأن واجبات العاملين بالشركات القابضة والتحقيق معهم وتأديبهم أحكام المواد من 78 إلى 87 ومن 91 إلى 93 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام وأحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية ، وأحكام قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 ، كما تختص المحاكم التأديبية بمجلس الدولة دون غيرها بالنسبة للعاملين بهذه الشركات المشار إليها بتوقيع جزاء الإحالة إلى المعاش أو الفصل من الشركة بعد العرض على اللجنة الثلاثية ، وكذلك بالفصل في التظلمات من القرارات التأديبية الصادرة من السلطات الرئاسية أو المجالس التأديبية المختصة بالشركة ، ويكون الطعن في أحكام المحاكم التأديبية الصادرة بتوقيع الجزاء أو في الطعون في القرارات التأديبية أمام المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة ، أما العاملون بالشركات التابعة فيسرى بشأن التحقيق معهم وتأديبهم أحكام قانون العمل .

أما بالنسبة للأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا فيبدو أن قضاء المحكمة الإدارية العليا مستقر في هذا الشأن إلى أن التظلم من قرارات الجزاء بالنسبة للعاملين بالقطاع العام هو تظلم اختياري.

و جدير بالذكر أنه يترتب على عدم إجراء التظلم الوجوبى قبل رفع الدعوى عدم قبولها .

ولكن ما هو الحل لو أن صاحب الشأن – الموظف رافع الدعوى أو موكله – لم يكن يعلم أن هذه القرارات من القرارات التى يجب التظلم منها قبل رفع الدعوى وقام برفع الدعوى مباشرة أمام المحكمة المختصة ثم تبين له بعد ذلك أنه كان ينبغى أولا التظلم من هذه القرارات ؟

مما لاشك فيه أن المحكمة سوف تقضى بعدم قبول الدعوى لعدم التظلم قبل رفع الدعوى ، وهذا هو الأصل الذى جرت عليه أحكام القضاء الإدارى .

وما هو الحل أيضا لو أن المتظلم قدم تظلمه إلى جهة الإدارة ولم ينتظر الرد ورفع الدعوى أمام القضاء وذلك قبل انقضاء الستين يوما المقررة للانتظار حتى الفصل فى التظلم ؟

استقرت محكمة القضاء الإدارى ، والمحكمة الإدارية العليا على قبول الدعوى أيضا والنظر فيها ورفض الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم الفصل فى التظلم ، وذلك على أساس أن موقف جهة الإدارة سوف يتحدد أثناء نظر الدعوى ، وعلى ضوء قرار جهة الإدارة فى التظلم يكون الحكم فى الدعوى .

أما بالنسبة لإجراءات التظلم وطريقة الفصل فيه فقد نص القانون على أن يتم تحديد ذلك بقرار من رئيس مجلس الدولة .

وقد أصدر السيد المستشار رئيس مجلس الدولة قراره رقم 72 لسنة 1973 بشأن إجراءات التظلم الوجوبى من القرارات الإدارية وطريقة الفصل فيها محددا فيه هذه الإجراءات .

ومن البديهى أن يتم تقديم التظلم الإدارى بعد صدور القرار الإدارى لا قبله ، ومن ثم فإن الشكوى التى يقدمها صاحب الشأن للجهة الإدارية وذلك قبل صدور القرار لا تغنى عن تقديم التظلم الوجوبى – إذا كان التظلم وجوبيا من هذا القرار – وإذا تم رفع الدعوى قبل إجراء هذا التظلم أو انقضاء المواعيد المقررة لذلك كانت الدعوى غير مقبولة .

ولكن هل هناك ميعاد للتظلم الوجوبى يجب على المتظلم وجوبيا مراعاته ، وإذا كان هناك ميعاد للتظلم الوجوبى ولم يقدم المتظلم تظلمه بمراعاة هذا الميعاد فهل من حق جهة الإدارة أن تقبل هذا التظلم ، وما هو أثر ذلك على قبول دعوى الإلغاء المطروحة أمام القضاء ؟

فى الحقيقة أنه لا يوجد ميعاد محدد منصوص عليه فى القانون للتظلم الوجوبى ، غير أنه من المعلوم وفقا لنص القانون (م 24 من قانون مجلس الدولة) أن دعوى الإلغاء لن تقبل إلا إذا تم رفع الدعوى فى خلال ستين يوما من تاريخ نشر القرار الإدارى المطعون فيه فى الجريدة الرسمية أو فى النشرات التى تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به .

وكل ما يترتب على التظلم الوجوبى هو قطع سريان هذا الميعاد لمدة أخرى قد تصل إلى ستين يوما إذا لم ترد جهة الإدارة على المتظلم ، أو لمدة أقل من ذلك إذا ردت جهة الإدارة صراحة على المتظلم ، وفى الحالتين يترتب على ذلك انقطاع ميعاد دعوى الإلغاء بحيث يجب على المتضرر رفع الدعوى فى خلال ستين يوما جديدة يبدأ حسابها من تاريخ رفض التظلم صراحة أو ضمنا.

ويفهم من كل ما سبق أن التظلم الوجوبي يجب أن يقدم خلال ستين يوما من صدور القرار المتظلم منه ، وبناء عليه فإن عدم تقديم التظلم فى الميعاد (ميعاد رفع دعوى الإلغاء وهو ستون يوما ) يترتب عليه عدم قبول دعوى الإلغاء وذلك لأن ميعاد دعوى الإلغاء ذاته قد انقضى ، أما قبول جهة الإدارة أو عدم قبولها للتظلم على الرغم من انقضاء ميعاد رفع دعوى الإلغاء فلا أثر له على قبول أو عدم قبول الدعوى حيث إن هذا قد أصبح أمرا غير قابل للنقاش حيث تقضى المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد .

وإذا كان التظلم الاختيارى يقطع ميعاد دعوى الإلغاء فيكون من باب أولى هذا الوضع بالنسبة للتظلم الإجباري .

 

مقارنة بين التظلم الاختيارى والتظلم الوجوبى

بعد أن انتهينا من الحديث عن الأحكام العامة للتظلم الإدارى وأحكام التظلم الوجوبى نرى أنه من المفيد عقد مقارنة سريعة بينهما لنتبين أوجه الاتفاق والاختلاف بينهما ، وهى : –

1-     أن التظلم الاختيارى لا يشترط فيه شكل معين ،2-  بينما يتطلب القانون فى التظلم الوجوبى مراعاة بيانات معينة فضلا عن كونه كتابيا .

3-     أن التظلم الاختيارى متروك لحرية المتظلم إن شاء قدمه وإن شاء لم يقدمه ،4-   وإن شاء تركه بعد تقديمه ولجأ للقضاء ،5-     أما التظلم الوجوبى فيترتب على عدم اللجوء إليه عدم قبول الدعوى .

6-     أن التظلم الاختيارى جائز بالنسبة لكافة القرارات الإدارية ،7- أما التظلم الوجوبى فهو مقصور على بعض القرارات الإدارية الخاصة بالموظفين العموميين ،8-        والتى سبق ذكرها.

9-     أن التظلم سواء كان اختياريا أم وجوبيا يقطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء ،10-      مع ملاحظة أن التظلم الذى يرتب هذا الأثر هو التظلم الأول ،11-       أما إذا تعددت التظلمات فلا تقطع الميعاد ،12-      وإنما يقتصر أثرها على قطع التقادم السارى بالنسبة للحقوق سواء كان هذا التقادم خمسيا أو طويلا .

 

الفصل الثاني

طلب المساعدة القضائية

( الإعفاء من الرسوم )

نصت الفقرة الأخيرة من المادة 27 من قانون مجلس الدولة على أن يفصل مفوض الدولة فى طلبات الإعفاء من الرسوم ، كما نصت المادة التاسعة من المرسوم الصادر بشأن تعريفة الرسوم والإجراءات أمام القضاء الإداري على أن يعفى من الرسوم كلها أو بعضها من يثبت عجزه عن دفعها بشرط أن تكون الدعوى محتملة الكسب .

ونصت المادة العاشرة من هذا المرسوم على أن يفصل فى طلبات الإعفاء أحد مستشارى المحكمة بعد الإطلاع على الأوراق وسماع أقوال الطالب وملاحظة سكرتارية المحكمة .

فما هو المقصود بطلبات الإعفاء من الرسوم ؟ وما هو الأثر المترتب عليها ؟

طلب الإعفاء من الرسوم والسلطة المختصة به وحجية القرار الصادر بشأنه.

من المعلوم وفقا لنص المادة 65 من قانون المرافعات أن على المدعى عند تقديم صحيفة دعواه أن يؤدى الرسم كاملا ، ويترتب على عدم سداد الرسوم المقررة رفض قبول طلب قيد صحيفة الدعوى أو الطلب أو استبعاد القضية من جدول الجلسات إذا تبين عدم سداد الرسوم بعد ذلك ، وهو ما تقضي به المادة 13 من قانون الرسوم القضائية .

ولكن ما هو الحل إذا كان المدعى رافع الدعوى – أمام القضاء الإدارى لا يستطيع سداد الرسوم المقررة لإقامة الدعوى وكذلك أتعاب المحامى الذى سوف يتولى المرافعة عنه والدفاع عن مصالحه ؟ هل يعنى ذلك حرمان هذا الشخص من اللجوء للقضاء لعدم مقدرته المالية على تحمل أعباء ومصاريف الدعوى ؟ لمعالجة هذا الوضع ولعدم حرمان هذا المتقاضى من اللجوء إلى القضاء الإدارى للحصول على حقوقه فقد تقرر السماح له بالتقدم بطلب لإعفائه من هذه الرسوم القضائية وندب أحد المحامين للوقوف أمام القضاء والمرافعة عنه .

ويختص بالنظر فى هذا الطلب مفوض الدولة الموجود بمحاكم مجلس الدولة ، وله فى سبيل النظر فى هذا الأمر وتقرير الفصل فيه طلب المستندات اللازمة والدالة على عدم قدرة المدعى على الوفاء بالرسوم القضائية وأتعاب المحاماة ، وله أن يقرر رفض الطلب ، كما له أن يقرر قبوله ، وفى هذه الحالة الأخيرة يقوم بندب أحد المحامين نيابة عن المدعى .

ولكن هل يشترط للفصل فى طلب الإعفاء من الرسوم استدعاء الخصم أو الطرف الآخر فى الدعوى ( جهة الإدارة ) لسماع وجهة نظره فى هذا الموضوع ؟ ، وهل يتوقف الأمر على قبوله أو رضائه ؟

فى حقيقة الأمر أنه لا يوجد نص صريح بهذا المفهوم فى قانون مجلس الدولة وكل ما ورد يتعلق بحق ذي الشأن فى المعارضة فى تقدير الرسوم لا الإعفاء منها ، وذلك حيث نصت المادة 12 من المرسوم الخاص بتقدير الرسوم أمام القضاء الإداري على أنه << لذى الشأن أن يعارض فى مقدار الرسوم الصادر بها الأمر وتحصل المعارضة بتقرير فى سكرتارية المحكمة فى خلال الثمانية أيام التالية لإعلان الأمر >> .

ومن ثم فلا وجوب لحضور الطرف الآخر فى الدعوى وإن جاز استدعاؤه لسماع رأيه فى طلب الإعفاء ولا يلزم هذا الرأي اللجنة أو مفوض الدولة الذى له أن يقرر الإعفاء إذا ما توافرت مبرراته وأهمها العجز عن الدفع ، واحتمال كسب الدعوى .

وكل ما للطرف الآخر أن يعارض – إذا ما أراد – فى تقدير هذه الرسوم وذلك فى خلال ثمانية أيام من إعلان هذا الأمر .

ولكن ما هو المقصود بالإعفاء من الرسوم ؟ هل معنى الإعفاء من الرسوم الإعفاء منها كلية بحيث لا يجوز مطالبة طالب الإعفاء بها ؟ ، أم يعنى ذلك إرجاء تحصيل هذه الرسوم إلى ما بعد الفصل فى الدعوى ؟

لاشك أن اشتراط احتمال كسب الدعوى كسبب للإعفاء يعنى أنه لو قدر مفوض الدولة أن طالب الإعفاء سيخسر الدعوى فإن عليه رفض هذا الطلب وتكون المغامرة من جانب المدعى إذا ما أراد رفع الدعوى رغم ذلك بتحمله للرسوم .

ولهذا يكون الإعفاء من الرسوم مؤقتا لحين الفصل فى الدعوى وحيث يتوقف الأمر على نتيجة الفصل فى الدعوى فإن كسبها صار الإعفاء نهائيا وتحمل الرسوم الطرف الآخر – ما لم يوجد سبب لإعفائه هو الآخر – أما إذا خسرها المدعى تحمل الرسوم وذلك لأن احتمال كسب الدعوى وهو سبب الإعفاء المؤقت قد أصبح مستحيلا ومن ثم سقط شرط من شروط الإعفاء .

ويمكن تفسير تحمل المدعى للمصاريف القضائية فى حالة الخسارة تطبيقا لقواعد قانون المرافعات التى تقضى بتحمل من يخسر الدعوى لمصاريف إقامتها .

 

أثر تقديم طلب الإعفاء من الرسوم .

استقرت الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا على أن طلب الإعفاء من الرسوم مثله مثل التظلم يقطع ميعاد الطعن بالإلغاء فى القرارات الإدارية الجائز الطعن فيها بالإلغاء .

ومن البديهى أنه لكى ينتج هذا الطلب أثره فى قطع ميعاد دعوى الإلغاء أن يتم تقديمه قبل انقضاء ميعاد رفع دعوى الإلغاء ، وبالتالى يبدأ ميعاد جديد لرفع الدعوى من تاريخ الفصل فى هذا الطلب سواء بالرفض أو القبول ، وذلك ما لم يتوافر سبب آخر من أسباب انقطاع أو وقف ميعاد دعوى الإلغاء ( كرفع الدعوى إلى محكمة غير مختصة أو التظلم ، أو القوة القاهرة ) .

وتقديم طلب الإعفاء يترتب عليه انقطاع الميعاد حتى لو كان المدعى قد تقدم سابقا بتظلم انقطع معه الميعاد ذلك أنه ليس فى القانون ما يمنع من انقطاع ميعاد رفع الدعوى أكثر من مرة متى تحققت الواقعة المبررة لانقطاع هذا الميعاد .كما أن تقديم طلب المساعدة القضائية من شأنه قطع ميعاد رفع الدعوى و يظل له هذا الأثر قائماً لحين صدور القرار وهو ما يعنى وجوب رفع الدعوى خلال ستين يوماً من تاريخ صدور القرار بالقبول أو الرفض فى طلب المساعدة القضائية .

ولا يمنع القرار الصادر بالرفض من تقديم طلب جديد بالإعفاء أو المساعدة وذلك حيث لا يحوز القرار الصادر بشأن الإعفاء من الرسوم فى الطلب الأول أية حجية لأنه لم يفصل فى خصومة قضائية ـ بل هو قرار ولائى ـ ولهذا يمكن للمدعى تقديم طلب جديد للإعفاء من هذه الرسوم أمام نفس المحكمة – سواء أمام نفس المفوض أو أمام غيره – أو أمام محكمة أخرى بشأن ذات الموضوع ، غير أن هذا الطلب الجديد لا يقطع ميعاد دعوى الإلغاء فى هذه الحالة إذ العبرة بالطلب الأول ، كما هو الحال بالنسبة للتظلم أيضا .

وإذا كان هذا هو أثر تقديم طلب الإعفاء من الرسوم بالنسبة لدعوى الإلغاء فإن تقديم هذا الطلب يترتب عليه أيضا بالنسبة لدعاوى القضاء الكامل قطع مدد التقادم ولذلك يبدأ ميعاد جديد للتقادم من تاريخ صدور القرار بالرفض أو القبول من مفوض الدولة .

وجدير بالذكر أن تقديم طلب الإعفاء بالنسبة للطعن بإلغاء القرار يشمل كذلك طلب التعويض عنه لوحدة الأساس القانوني لكليهما ، وهو عدم مشروعية القرار الإداري .

ولا يعنى تقديم طلب الإعفاء من الرسوم إقامة الدعوى القضائية أو مباشرتها ، وذلك حيث لا ترفع الدعوى إلا بإجراء معين ومختلف وهو إيداع صحيفة الدعوى قلم كتاب المحكمة المختصة-كما نصت على ذلك المادة 25 ، وكما سنبين فيما بعد – وذلك حيث لا ينطوى طلب الإعفاء على معنى التكليف بالحضور للخصم أمام القضاء .

ولهذا أيضا لا يمنع التظلم الوجوبى قبل إقامة الدعوى من تقديم هذا الطلب قبل التظلم أو قبل الفصل فى التظلم لأنه – أى طلب الإعفاء – ليس إلا استعدادا لرفع الدعوى ، وإن كان البعض يرى أن تقديم طلب الإعفاء من الرسوم يغنى عن التظلم الوجوبى ويقوم مقامه ، وهو ما قررته المحكمة الإدارية العليا أيضا .

 

ولكن هل يجوز التقدم بطلب الإعفاء فى أى وقت بالنسبة لمن يرغب فى رفع الدعوى أمام القضاء الإداري؟

لاشك أنه يشترط أن تكون الدعوى أو الطعن قد قدم فى الميعاد الذى يتطلبه القانون سواء بالنسبة لدعوى الإلغاء ( ستون يوما ) أو بالنسبة لمواعيد الطعن فى الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية أو محكمة القضاء الإدارى أو المحاكم التأديبية ، إذ أنه لو قدم بعد هذه المواعيد لما كان هناك جدوى من نظره أو قبوله لأن الدعوى لن تقبل ، ويتولى تقدير ذلك مفوض الدولة الذى يعرض عليه الموضوع .

وإذا كان هناك ميعاد نهائى لا يجوز بعده تقديم طلب الإعفاء – فوات مواعيد الطعن – لأن الدعوى تكون فى هذه الحالة غير مقبولة إلا أنه لا يوجد وقت محدد للتقدم بالطلب ، ومن ثم يجوز التقدم بطلب الإعفاء قبل التظلم إلى الجهة الإدارية – إذا كان التظلم وجوبيا – أو قبل تلقى الرد على التظلم ومن باب أولى قبل رفع الدعوى أو إيداع الصحيفة.

وأخيرا فإن تحديد من يتولى سداد الرسوم فى الدعوى يتوقف على القرار الصادر فى الدعوى فإن صدر لصالح المدعى ( مقدم طلب الإعفاء ) صار الإعفاء المؤقت من السداد نهائيا وأمكن مطالبة الطرف الآخر فى الدعوى به ، أما إذا خسر المدعى دعواه وجب عليه سداد الرسوم وذلك على التفصيل السابق ذكره ووفقا لنصوص قانون المرافعات أيضا .

 

 

الفصل الثالث

ضرورة اللجوء إلى لجان التوفيق فى بعض المنازعات

 

فى 4 /4 / 2000 صدر القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق فى بعض المنازعات الإدارية التى تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها ، و نصت المادة الأولى منه على أنه << ينشأ فى كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة و غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر للتوفيق فى المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التى تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد و الأشخاص الاعتبارية الخاصة >> .

وحسبما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون فإن الهدف من هذا القانون يأتى فى نطاق اهتمام الدولة بتحقيق عدالة ناجزة تصل بها الحقوق إلى أصحابها دون اضطرار إلى ولوج سبيل التقاضى وما يستلزمه فى مراحله المختلفة من الأعباء المادية والمعنوية ، والحد من إساءة استعمال حق التقاضى لإطالة أمد النزاع والخصومات الكيدية ، والتخفيف من على كاهل القضاة وذلك دون المساس بحق التقاضي المكفول دستوريا للمواطنين وفقا لنص المادة 68 من الدستور وهو الأمر الذى لا ينال منه الإلزام بعرض الطلبات فى شأن بعض الحقوق على لجنة ينص عليها القانون وذلك قبل اللجوء للقضاء ، وهو ما سبق أن قررته المحكمة الدستورية العليا .

وفيما يلى نتناول الموضوع فى النقاط الآتية: –

 

المطلب الأول

أطراف المنازعة التى يجب عرضها على لجان التوفيق

 

نصت المادة الأولى من قانون التوفيق على أنه << ينشأ فى كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة و غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر للتوفيق فى المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التى تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد و الأشخاص الاعتبارية الخاصة >> .

وعلى ذلك فإنه يشترط فقط لوجوب عرض المنازعة على لجان التوفيق قبل اللجوء للقضاء أن يكون شخص معنوى عام طرفا فى هذه المنازعة ، ويعنى ذلك أنه يشترط أن يكون أحد أطراف هذه المنازعة إما إحدى أشخاص السلطة المركزية كالوزارات أو أحد أشخاص السلطة اللامركزية سواء الأشخاص المرفقية العامة (الهيئات العامة ) أو الإقليمية (كالمحافظات) ، أو أحد أشخاص القانون العام الأخرى كالنقابات المهنية .

و يستوى فى هذه الشأن أن تكون المنازعة مدنية أو تجارية أو إدارية ، ومن ثم لا أهمية للتعرف على معيار المنازعة الإدارية فى هذا الشأن (ومع هذا فلا يمنع ذلك من الإشارة إلى نص المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة التى تحدد المنازعات الإدارية التى يختص بها مجلس الدولة ) ، إذ يكفى أن يكون طرف المنازعة شخصا من أشخاص القانون العام .

أما الطرف الثانى فيستوى أن يكون من الأفراد الطبيعيين أو شخصا من أشخاص القانون الخاص ، ويستوى بالنسبة للأشخاص الطبيعيين أن يكونوا من العاملين لدى الشخص المعنوى العام أو أن يكون من المتعاملين معه .

وبالنسبة للمنازعة الإدارية المتصور قيامها بالنسبة للعاملين لدى الإدارى فيعنى أن الأمر يتعلق بطعون الموظفين سواء من خلال دعوى الإلغاء أو من خلال دعوى التعويض (القضاء الكامل ) ، أما المتعاملين مع الإدارة فيتصور أن تكون المنازعة متعلقة بطعون فى قرارات إدارية من المتعاملين مع الإدارة والمنتفعين بخدماتها ، كما يتصور أن تكون من المتعاقدين مع الإدارة .

وفى هذا الصدد ينبغى أن نشير إلى أنه متى حوى العقد الإدارى نصا يتعلق بالتحكيم فإنه يستبعد اللجوء للقضاء المختص (القضاء الإدارى) ومن ثم يستبعد النزاع من وجوب العرض على لجان التوفيق، أما إذا خلا العقد من شرط التحكيم فإن هذا يعنى اللجوء للقواعد العامة التى تقضى بإمكانية اللجوء للقضاء ، ومن ثم يطبق عليها النص المتعلق بوجوب العرض على لجان التوفيق أولا قبل اللجوء للقضاء .

ولكن هل يشترط أن تكون الإدارة مدعية عليها أم يمكن أن تكون مدعية ويجب عليها اللجوء للتوفيق ؟ .

وماذا بشأن المنازعات التى تنشأ بين الأشخاص العامة بعضها البعض ؟ ، لاشك أن نص قانون التوفيق لا ينطبق عليها ، لأن القانون يطبق فقط فى المنازعات التى يكون الطرف الآخر فى المنازعة من العاملين لدى الإدارة أو من الأفراد أو أشخاص القانون الخاص المتعاملين معها .

فضلا عن أن المنازعات بين الأشخاص العامة وبعضها البعض (الوزارات أو المصالح أو الهيئات أو المؤسسات العامة أو الأشخاص الإقليمية ) تدخل وفقا لنص المادة 66 من قانون مجلس الدولة فى اختصاص الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع التى تبدى رأيا مسببا فى المنازعة ، كما يكون هذا الرأى المسبب ملزما لأطراف النزاع وفقا لنص الفقرة الثانية من البند د من هذه المادة ، مع مراعاة أن هذا الرأى لا يعد حكما ، وأن هذه الجهات يمكنها أيضا اللجوء للتحكيم الاختيارى وفقا لنص المادة الأولى من القانون رقم 27 لسنة 1994 .

 

المطلب الثانى

المنازعات التى تخرج عن اختصاص لجان التوفيق

يستثنى من اختصاص لجان التوفيق أو وجوب العرض عليها :-

المنازعات التى تكون وزارة الدفاع أو الانتاج الحربى أو أى من أجهزتها طرفا فيها صونا لسرية البيانات التى تتعلق عادة بالأمن القومى للبلاد (المادة الرابعة من القانون ).

المنازعات التى توجب قوانين خاصة فضها أو تسويتها أو نظر المنازعات المتعلقة بها عن طريق لجان قضائية أو إدارية أو هيئات تحكيم ، كتلك المنصوص عليها فى قوانين التأمين الاجتماعى والعمل والإصلاح الزراعى والشهر العقارى والسجل العينى و الضرائب وهيئة سوق المال وغيرها ، وأيضا ما نصت عليه المادة 65 ، 66 من القانون رقم 13 لسنة 2004 المعدل للقانون رقم 8 لسنة 1997 بشأن قانون ضمانات وحوافز الاستثمار .

والغرض من هذا الاستثناء هو منع الازدواجية تفاديا لإطالة أمد النزاع (المادة الرابعة من القانون).

المسائل التى يختص بها القضاء المستعجل وكذلك منازعات التنفيذ والطلبات الخاصة بأوامر الأداء والطلبات الخاصة بالأوامر على العرائض وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ ( المادة الحادية عشرة من القانون ) باعتبار أن هذه المسائل مستعجلة بطبيعتها وقد يقتضى الأمر الفصل فيها فى مواعيد أقل من الميعاد المحدد للجنة إصدار التوصية.

وهكذا فإنه بالنسبة لإلغاء القرارات الإدارية يكفى أن تقترن بطلب وقف تنفيذها حتى تبتعد عن نظام التوفيق ، وهو ما يجعلنا نشير إلى القرارات التى يمكن طلب وقف تنفيذها ، إذ ليست كل القرارات الإدارية يمكن طلب وقف تنفيذها ، فقد نصت المادة 49 من قانون مجلس الدولة على أنه (( لا يترتب على رفع الطلب إلى المحكمة وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه ، على أنه يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذه إذا طلب ذلك فى صحيفة الدعوى ورأت المحكمة أن نتائج التنفيذ قد يتعذر تداركها .

وبالنسبة إلى القرارات التى لا يقبل طلب إلغائها قبل التظلم منها إداريا لا يجوز طلب وقف تنفيذها ، على أن يجوز للمحكمة ـ بناء على طلب المتظلم ـ أن تحكم مؤقتا باستمرار صرف مرتبه كله أو بعضه ، إذا كان القرار صادرا بالفصل ، فإذا حكم له بهذا الطلب ثم رفض تظلمه ولم يرفع دعوى إلغاء فى الميعاد اعتبر الحكم كأن لم يكن واسترد منه ما قبضه )).

ومن ثم فالأصل أن القرارات الإدارية النهائية يمكن طلب وقف تنفيذها باستثناء القرارات التى يجب التظلم منها وجوبيا قبل رفع الدعوى ، ومن هذه القرارات الإدارية التى يمكن أن تقترن بطلبات وقف التنفيذ وتخرج بالتالى عن اختصاص لجنة التوفيق ، القرارات الإدارية الصادرة بالاستيلاء أو نزع الملكية للمنفعة العامة ، والقرارات المتعلقة بالعملية الانتخابية .

ويجوز أيضا قبول وقف تنفيذ القرارات الصادرة من النقابات المهنية باعتبارها من أشخاص القانون العام وفقا لما استقر عليه القضاء الإدارى سواء صدرت هذه القرارات فى مسائل التأديب أو فى مسائل القيد أو غيرها ، فهى قرارات إدارية يمكن رفع دعوى الإلغاء بشأنها ومن ثم يمكن تقديم طلب وقف التنفيذ أيضا .

ومع هذا يثور تساؤل بالنسبة لهذه القرارات هل تخرج مباشرة عن نطاق اختصاص لحنة التوفيق ويمكن الطعن عليها مباشرة أمام القضاء حتى لو لم تقترن بطلب وقف تنفيذها ، أم أنه يشترط أن تقترن بطلب وقف التنفيذ حتى يمكن أن تقبل الدعوى ؟.

أجابت عن ذلك صراحة المادة 11 من قانون التوفيق التى تحدثت عن المسائل التى تخرج عن نطاق عمل لجان التوفيق بأنها طلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ ، ومن ثم إذا لم تقترن طلبات الإلغاء بوقف التنفيذ على القاضى أن يحكم بعدم قبولها لعدم عرضها على لجان التوفيق.

وغنى غن البيان حسبما جاء فى المذكرة الإيضاحية للقانون أن خصومة الطعن فى الأحكام مستبعدة من اختصاص لجان التوفيق لأن التنظيم القانونى لعمل هذه اللجان يقتصر على الدعاوى التى ترفع ابتداء بشأن المنازعات الخاضعة لأحكامه .

كما يستبعد الأعمال المادية الصادرة من جهة الإدارة مثال ذلك صدور حكم جنائى بإزالة عقار ما وقيام جهة الإدارة بتنفيذ هذا الحكم ، حيث تلزم جهة الإدارة بتنفيذ الأحكام القضائية ، كما تستبعد الأعمال التمهيدية أو التحضيرية لصدور قرار إدارى ما لأننا لسنا بصدد قرار إدارى نهائى ومن ثم فوصف المنازعة الإدارية غير متوافر .

 

المطلب الثالث

حالات تتعلق بعدم قبول طلب التوفيق

 

(أو شروط قبول طلب التوفيق بالنسبة للقرارات الإدارية النهائية)

بالنسبة للقرارات الإدارية النهائية التى أوجب مجلس الدولة التظلم منها وانتظار مواعيد البت فى التظلم قبل رفع الدعوى بإلغائها أمام مجلس الدولة فقد نصت المادة السادسة /2 من قانون التوفيق على أنه << وتقرر اللجنة عدم قبول الطلب إذا كان متعلقا بأى من القرارات الإدارية النهائية المشار إليها فى الفقرة (ب) من المادة 12 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 إلا إذا قدم خلال المواعيد المقررة للطعن فيه بالإلغاء ، وبعد تقديم التظلم منه وانتظار المواعيد المقررة للبت فيه وفق أحكام الفقرة المذكورة >> .

وذلك تفاديا لاتخاذ طلب التوفيق ذريعة للمساس بمبدأ تحصن القرارات الإدارية النهائية أو الإخلال بالحقوق المكتسبة بسببها وفقا لما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون ) .

و قد نصت المادة 12 من قانون مجلس الدولة على أنه << لا تقبل الطلبات الآتية : –

الطلبات المقدمة رأسا بالطعن فى القرارات الإدارية النهائية المنصوص عليها فى البنود ثالثا ورابعا وتاسعا من المادة ( 10 ) ، وذلك قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التى أصدرت القرارات أو إلى الهيئات الرئاسية وانتظار المواعيد المقررة للبت فى هذا التظلم ، وتبين إجراءات التظلم وطريقة الفصل فيه بقرار من رئيس مجلس الدولة >> .

وهذه القرارات التى تطلب المشرع ضرورة التظلم منها قبل رفع الدعوى هى ما نص عليه فى البند ثالثا ورابعا وتاسعا من المادة العاشرة من القانون.

 

 

 

وهذه القرارات التى يجب التظلم منها قبل رفع الدعوى هى :-

الطلبات التى يقدمها ذوو الشأن بالطعن فى القرارات الإدارية النهائية الصادرة بالتعيين فى الوظائف العامة أو الترقية أو بمنح العلاوات .

الطلبات التى يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات الإدارية الصادرة بإحالتهم إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبي .

الطلبات التى يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية .

وعلى ذلك فالقرارات التى يجب التظلم الوجوبى منها قبل رفع الدعوى هى تلك القرارات المتعلقة بالموظفين العموميين .

غير أنه ليست كل دعوى للموظف العام يجب التظلم الوجوبى قبل رفعها ، وذلك حيث توجد بعض المنازعات لا يشترط التظلم قبل رفع الدعوى بشأنها أمام محاكم مجلس الدولة ، وهى تلك المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات و المكافآت المستحقة للموظفين العموميين أو لورثتهم ، وذلك حيث إن هذه المنازعات لا تدخل ضمن ولاية الإلغاء لمجلس الدولة بل ضمن ولاية القضاء الكامل ، ومن ثم فهى لا تتقيد بمواعيد الطعن بالإلغاء ، وإنما يظل الحق فى رفعها قائما ما بقى الحق نفسه ولم يسقط بالتقادم ( التقادم الخمسى بالنسبة لهذه الحقوق الدورية أو التقادم الطويل بالنسبة لدعاوى تسوية الحالة ) .

والخلاصة أن القرارات الإدارية النهائية المشار إليها فى الفقرة ب من المادة 12 من قانون مجلس الدولة هى القرارات الصادرة بالتعيين فى الوظائف العامة أو الترقية أو منح العلاوات أو الإحالة إلى المعاش أو الاستيداع أو الفصل بغير الطريق التأديبي أو المتعلقة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية للسلطات التأديبية ،

 

ومن ثم لا يقبل طلب التوفيق المتعلق بهذه القرارات إلا بشرطين وهما : –

أولا :  التظلم أمام الجهة الإدارية المختصة و انقضاء المواعيد المقررة للفصل فيه ، أى انقضاء ستين يوما من تاريخ تقديم التظلم .

ثانيا : أن يتم تقديم طلب التوفيق خلال المدة المقررة لرفع الدعوى (الإلغاء) أمام القضاء ، أى خلال المدة المقررة لرفع دعوى الإلغاء وهى ستون يوما من تاريخ انقضاء الستين يوما المقررة للتظلم دون أن ترد جهة الإدارة أو من تاريخ الرد الإيجابى على التظلم .

أما إذا تم تقديم طلب التوفيق دون تقديم التظلم أو دون انتظار الفصل فيه أو دون انقضاء الميعاد المقرر للفصل فى التظلم ، أو بعد انقضاء الميعاد المقرر لرفع الدعوى فإن طلب التوفيق يكون غير مقبول .

اللجوء إلى طريق التوفيق وجوبى للمنازعات التى حددها المشرع من تاريخ العمل بهذا القانون.

وينطبق هذا الأمر بغض النظر عن كون الإدارة مدعية أم مدعى عليها ، يؤكد ذلك نص المادة السادسة من القانون التى نصت على أنه << يقدم ذو الشأن طلب التوفيق >> وصياغة اللفظ بهذه الصورة لا تستبعد أن يكون مقدم الطلب هى الإدارة ذاتها ، كما أن نص المادة الأولى من القانون تتحدث عن المنازعات التى تنشأ بين الجهات وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة ولم تتحدث النصوص عن اشتراط أن تكون الإدارة مدعى عليها، فالإدارة يمكن أن تكون مدعية فى الدعوى الإدارية ، ومن ثم فلها مصلحة تماما مثل الأفراد فى اللجوء إلى التوفيق ، ومن ثم فإنه إذا أقامت الدعوى دون أن تلجأ إلى التوفيق لأدى ذلك إلى الحكم بعدم قبولها

و يترتب على اللجوء للمحاكم مباشرة دون التقدم بطلب للتوفيق فى المنازعات الخاضعة لأحكام هذه القانون الحكم بعدم قبول الدعوى ، إلا إذا أقيمت الدعوى بعد انقضاء المواعيد المقررة لإصدار التوصية ( ستون يوما ) أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبولها ، وذلك حيث نصت المادة الحادية عشر من القانون على أنه << عدا المسائل التى يختص بها القضاء المستعجل ومنازعات التنفيذ والطلبات الخاصة بالأوامر على العرائض والطلبات الخاصة بأوامر الأداء وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ لا تقبل الدعوى التى ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية ، أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول وفقا لحكم المادة السابقة >> .

وأما بالنسبة للمنازعات أو الخصومات المنظورة أمام القضاء ولم يبت فيها فقد جعله القانون جوازيا بأن فتح الباب أمام أطراف الخصومة للجوء للتوفيق بشأن المنازعة التى تخضع فى الأصل لأحكامه وذلك بموافقة طرفى الخصومة فى كل دعوى ، كما نظم المشرع إجراءات وقف الدعوى فى هذه الحالة على ذمة التوفيق و استئناف السير فيها بعد انتهاء مدتها والحكم بانتهاء الخصومة فى الدعوى إذا قدم إلى المحكمة ما يثبت حسمها عن طريق التوفيق وذلك حيث نصت المادة 12 من القانون على أنه << عدا الدعاوى التى أقفل فيها باب المرافعة ( يجوز لأى من الطرفين فى الدعاوى القائمة عند العمل بهذا القانون بشأن منازعات خاضعة لأحكامه أن يطلب إلى المحكمة التى تنظر الدعوى – وفى أية حالة كانت عليها – وقف السير فيها لتقديم طلب التوفيق ، فإذا قبل الطرف الآخر أمرت المحكمة بوقف السير فى الدعوى لمدة تسعين يوما وإحالتها إلى اللجنة مباشرة وحددت ميعادا لاستئناف السير فيها غايته الثلاثون يوما التالية لانتهاء مدة الوقف ، وإذا قدم إلى المحكمة ما يثبت حصول التوفيق فى النزاع موضوع الدعوى حكمت بانتهاء الخصومة >> .

وأخيرا ينبغى الإشارة إلى أن المنازعات التى تخرج بطبيعتها عن اختصاص مجلس الدولة تخرج بالتالى عن نطاق تطبيق قانون التوفيق ، فبعض القرارات الإدارية النهائية تخرج عن اختصاص مجلس الدولة بنصوص قانونية خاصة .

 

المطلب الرابع

طبيعة ما يصدر عن لجان التوفيق وحجيته

 

وفقا لما نصت عليه المادة التاسعة من القانون فإن ما يصدر عن لجان التوفيق فى طلبات التوفيق مجرد توصيات تلتزم بإصدارها اللجنة خلال ميعاد لا يتجاوز ستين يوما من تاريخ تقديم طلب التوفيق إليها ، وتحديد هذه المدة الغرض منه الحرص على حقوق المتقاضين وتحقيقا للتوازن بين مطالبتهم باللجوء للجان التوفيق أولا لتسوية المنازعة وحقهم فى اللجوء للقضاء دون تأخير من ناحية أخرى .

ويتوقف قوة ما يصدر من لجان التوفيق على قبول أطراف الخصومة له حيث تعرض التوصية على السلطة المختصة فى الجهة الإدارية والطرف الآخر فى المنازعة خلال مدة معينة فإذا اعتمدتها السلطة المختصة وقبلها الطرف الآخر خلال المدة المقررة تقوم اللجنة بإثبات ما تم الاتفاق عليه فى محضر يوقع عليه الطرفان ويلحق بمحضر الجلسة وتكون له قوة السند التنفيذى ويبلغ للسلطة المختصة لتنفيذه (م 9 من القانون ) .

ووفقا لنص المادة الثالثة من قرار وزير العدل الصادر بتاريخ 6/12/2000 رقم 6223 لسنة 2000 بشأن تنظيم العمل فى لجان التوفيق يتولى قلم كتاب المحكمة الابتدائية الكائن فى دائرتها مقر لجنة التوفيق وضع صيغة التنفيذ المنصوص عليها فى المادة 280 من قانون المرافعات المدنية والتجارية على محاضر اللجنة وأوراقها التى يجعل لها القانون قوة السند التنفيذى .

وتلتزم الجهة الإدارية – متى توافرت الشروط السابقة – بتنفيذ ما جاء بهذه التوصية ، فإن امتنعت عن تنفيذها اعتبرت كما لو كانت ممتنعة عن تنفيذ حكم قضائى واجب النفاذ ، ومن ثم لصاحب الشأن أن يطالب باتخاذ الإجراءات الجنائية ضد المسئول الإدارى الممتنع عن تنفيذ هذا السند التنفيذى وفقا لأحكام المادة 123 من قانون العقوبات . كما له أن يطلب الاستعانة بالقوة الجبرية لتنفيذه ، وهنا نتساءل عن مدى إمكانية تنفيذ الحكم بالقوة الجبرية فى مواجهة الإدارة أو الدولة ؟!.

ويترتب على تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وقف المدد المقررة قانونا لسقوط وتقادم الحقوق أو لرفع الدعوى بها وذلك حتى انقضاء المواعيد التى ينفتح بها باب اللجوء إلى القضاء (المادة10 فقرة 2) .

ووفقا لنص المادة 11 من قانون التوفيق فإن اللجوء إلى المحاكم المختصة بشأن المنازعات التى تخضع لأحكام هذا القانون قبل عرضها على لجان التوفيق يترتب عليه عدم قبول الدعوى ، ومن ثم فحتى تقبل الدعوى أمام القضاء المختص بالنسبة لهذه المنازعات يشترط :-

أولا أن يتم تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة بنظر النزاع فإذا قدم الطلب إلى لجنة غير مختصة أمكن الدفع أمام القضاء بعدم اختصاصه بنظر النزاع لعدم عرض النزاع على لجنة التوفيق المختصة .

ثانيا أن ينقضى الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبولها من أحد أطراف النزاع .

ويكون اللجوء إلى هذه اللجان بغير رسوم (م 4 من القانون ) .

 

ولكن ما هى الطبيعة القانونية للجان التوفيق؟

يرى البعض أنها محاكم من نوع خاص وفقا للمعيار الشكلى لتصنيف المحاكم حيث يترأسها أحد رجال القضاء أو أحد أعضاء الهيئات القضائية وبها عناصر قانونية أخرى وتتبع الإجراءات القضائية وتنظر فى منازعة تنتهى بإصدار توصية ، وأنه حتى يكتمل الشكل القضائى لهذه اللجان ينبغى التقيد بمواعيد الحضور وتمثيل الحضور المنصوص عليها فى قانون المرافعات .

ويثور تساؤل حول مدى سريان أسباب التنحى المنصوص عليها فى المادة 146 من قانون المرافعات وأسباب الرد المنصوص عليها فى المادة 148 من قانون المرافعات بالنسبة لرئيس لجنة التوفيق ، وهل يمكن اتباع الطريق الذى رسمه القانون فى هذه الحالة ؟ يجيب عن ذلك البعض بالنفى نظرا لأن لجنة التوفيق تصدر توصيات ، كما أن عملها مختلف عن عمل المحكمة وأعضاؤها معينون بقرار من وزير العدل والحل الأمثل هو أن يقدم طلب الرد إلى الأمانة الفنية المختصة المنشأة طبقا لقرار وزير العدل رقم 4212 لسنة 2000 ، أو الأمانة الفنية للإدارة العامة لشئون لجان التوفيق المشكلة طبقا لقرار وزير العدل رقم 4579 لسنة 2000، فى حين يرى البعض الآخر أن يقدم طلب الرد إلى اللجنة ذاتها مبينا فيه أسباب الرد خلال خمسة عشر يوما من تاريخ علم طالب الرد بتشكيل هذه اللجنة أو بالظروف المبررة للرد فإذا لم يتنح المطلوب رده خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تقديم طلب الرد يحال الطلب بغير رسوم إلى المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع للفصل فيه بحكم غير قابل للطعن ، ويترتب على تقديم طلب الرد وقف نظر المنازعة وإذا حكم برد العضو اعتبرت الإجراءات – التى اشترك فى نظرها فى النزاع – كأن لم تكن.

 

 

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Howdy,
Search exact
Search sentence
Ad2
Ad1