You cannot copy content of this page

الفارق بين حجية الامر المقضى وقوة الامر المقضى

الفرق بين حجية الامر المقضى وقوة الامر المقضى للاحكام القضائية

 

– يجب التمييز بكثير من العناية بين حجية الأمر المقضي و قوة الأمر المقضي ، فكثيراً ما يقع الخلط بينهما في الفقه والقضاء والتشريع وكثيراً ما تستعمل إحدى العبارتين ويكون المقصود بها العبارة الأخرى .

الفرق الجوهري بين حجية الأمر المقضي و قوة الأمر المقضي هو مرتبة الحكم القضائي ، فحجية الأمر المقضي فيه تكتسبها جميع الأحكام القضائية وبمجرد صدوها ، إلا أنها تظل قلقة حتي يصير الحكم نهائياً ، فإذا صار نهائياً انقلبت حجية الأمر المقضي فيه إلي قوة الأمر المقضي فيه .

“فالحكم القطعي” نهائياً كان أو ابتدائياً تثبت له حجية الأمر المقضي لأنه حكم قضائي فصل في خصومة . ولكن هذا الحكم لا يحوز قوة الأمر المقضي إلا إذا أصبح نهائياً غير قابل للطعن بالاستنئاف بأن كان في ذاته غير قابل للطعن أو كان قابل الطعن وانقضت مواعيده أو طعن فيه ورفض الطعن ، ففي جميع الأحوال يكون الحكم نهائياً حائزاً لقوة الأمر المقضي ولو كان قابلاً للطعن بطريق غير اعتيادي ، إما إذا كان الحكم قابلاً للاستئناف فإنه لا يحوز قوة الأمر المقضي ، ولكن تكون له حجية الأمر المقضي وتبقي هذه الحجية قائمة ما دام الحكم قائماً حتي لو طعن فيه بالاستئناف ، فإذا ألغي نتيجة الطعن زال وزالت معه حجيته.

 

– لقد فرق الدكتور السنهوري بين حجية الامرالمقضى وبين قوة الامرالمقضي فقال : –  ان حجية الأمر المقضي به معناها أن للحكم حجية فيما بين الخصوم وبالنسبة الى ذات الحق محلاً و سبباً ، وتكون غالبا في صورة دفع بعدم جواز سماع الدعوى أو بعدم قبولها لسبق الفصل فيها ، اما قوة الأمر المقضي فهو المرتبة التي يصل اليها الحكم إذا أصبح نهائيا غير قابل للطعن فيه بطريق من طرق الطعن الاعتيادية ، وان ظل قابلا للطعن بطريق غير اعتيادي .والحكم القطعي نهائيا كان أو ابتدائيا حضوريا أو غيابيا تثبت له حجية الأمر المقضي لأنه حكم قضائي فصل في خصومة ولكن هذا الحكم لا يحوز قوة الأمر المقضي إلا إذا أصبح نهائيا غير قابل للطعن فية بطريق اعتيادي ، فإذا طعن فيه والغي نتيجة الطعن زال وزالت معه حجيته ، أما إذا تأيد بقيت له حجية الأمر المقضي وانضافت لها قوة الأمر المقضي . ومن ذلك يتبين أن كل حكم يحوز قوة الأمر المقضي يكون حتما حائزا لحجية الأمر المقضي ، والعكس غير صحيح .

 

* ماهي حجية الأمر المقضي ، وما هي قوة الأمر المقضي . وعلاقتهما ببعضهم البعض : – 

أوضحنا فيما سبق كيف أن الحجية ونعني تأكيداً حجية الأحكام أقرب إلي الأدلة الكتابية منها إلي القرائن ، فالحجية أثر لحكم قضائي ، والحكم القضائي هو محرر رسمي يحرر وفق نظام قانوني بالغ الدقة . لكن المشرع أرد الحجية كقرينة قانونية قاطعة علي ما هو كائن بنص المادة 101 منق قانون الإثبات محل البحث .

وحين نشرع في تعريف الحجية يصير من الضروري أن نقرر أن حجية الأحكام مصطلح قانوني مركب غير قابل للتجزئة ، وهي تعني بإجمال أن الحكم القضائي هو عنوان للحقيقة .

ولنبدأ بتعريف حجية الأمر المقضي ، فما المقصود بها…؟

الإجابة : مصطلح ” حجية الأمر المقضي ” هو تعبير غير كامل ، والمصطلح كاملاً هو ” حجية الأمر المقضي فيه ” وفهم المصطلح الأخير يحتم البدء بتصور عرض نزاع ما علي المحكمة فيتداول هذا النزاع أمامها علي نحو يسمح للمحكمة بتكوين عقيدتها في النزاع وعلي نحو يسمح أيضاً لكل خصم بعرض ما لديه من وقائع وما تحت يده من مستندات ، فإذا كونت المحكمة عقيدتها في النزاع أصدرت حكماً . هذا الحكم يقضي في النزاع بمعني أنه يفصل فيه بحكم . صحيح أن هذا الحكم قد يجانبه الصواب فيصدر معيباً . إلا أن مجرد صدور الحكم ، ولو كان معيباً يمنحه حجية الأمر المقضي فيه ، بما يمنع إعادة عرضه علي القضاء مرة أخري وإن جاز الطعن عليه لتصحيحه .

 

وهنا يراعي للأهمية إيضاحاً لمفهوم الحجية : –

1- أن الفصل في المنازعات ، سواء بين الناس بعضهم البعض أو بين أحد الأجهزة في الدولة وبين آحاد الناس ، هي مهمة موكلة للدولة يمارسها القضاء وسبيله في ذلك إصدار أحكام قضائية يجب أن تلقي احتراماً كاملاً ، ومن صور هذا الاحترام والتقدير عدم جواز عرض ذات النزاع بعد الحكم فيه3 .

2- أن غاية الأحكام هي تحقيق الترضية القضائية لأطراف النزاع بإظهار وجه الحق في النزاع المعروض عليها ، وعلي أطراف النزاع الامتثال لما تقرره الأحكام ، لذا لا يتصور هنا إلا الأحكام القطيعة ، والحكم القطعي هو كل حكم موضوعي يفصل في خصومة أو في جزء منها .
3- أن عرض النزاع يغني عن إعادة عرضه مرة أخري ، بل يوجب عدم عرضه مرة أخري ، فالفرض أن الحكم سبقته إجراءات قانونية عديدة سمحت لكل من طرفي النزاع بعرض رأيه وتقديم ما يدعم هذا الرأي ، فإذا انتهت المحكمة إلي وجهة نظر محددة صاغتها الحكم الصادر عنها فلا يجوز إعادة طرح النزاع وإلا كان ذلك سبيلاً لكم لا ينتهي من المنازعات والخصومات ، صحيح أن التقاضي حق مصون ومكفول للكافة بقوة الدستور ولكن لا يمكن إعادة إثارة ذات النزاع مراراً بدعوى الحق في التقاضي ، فلا تعارض إذن بين الحق الدستوري في التقاضي وبين وجوب إنهاء المنازعات دون تكرار عرضها علي القضاء.
4- أن حجية الأمر المقضي فيه – بمعني أن النزاع قضي فيه – صفة تلازم الحكم بمجرد صدوره لكنها صفة مؤقتة ، وتظل مؤقتة إلي أن يصبح هذا الحكم نهائياً ، محكمة النقض تقرر بشأن توصيف هذه الحجية بأنها مؤقتة : حجية الحكم الابتدائي مؤقتة ، وتقف بمجرد رفع الاستئناف عنه ، وتظل موقوفة إلي أن يقضي في الاستئناف فإذا تأييد الحكم عادت إليه حجيته وإذا ألغي زالت عنه هذه الحجية4 .
5- أن حجية الحكم أقوى من النظام العام ، فلا يجوز للمحكمة أن تمتنع عن الأخذ بقوة الأمر المقضي بحجة أن ذلك يتعارض مع النظام العام لأن قوة الأمر المقضي تسمو علي اعتبارات النظام العام5 .
6- تبقي حجية الحكم قائمة ولو ظهرت أدلة قانونية أو واقعية جديدة ، وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض : متى صدر الحكم و حاز قوة الأمر المقضي فإنه يمنع الخصوم فى الدعوى التى صدر فيها من العودة إلى المناقشة فى المسألة التى فصل فيها بأى دعوى تالية يثار فيها هذا النزاع و لو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها فى الدعوى الأولى أو أثيرت و لم يبحثها الحكم الصادر فيها6 .

وإذا كانت الحجية علي ما سلف قلقة بطبيعتها وهو ما يعارض فكرة الثبوت والاستقرار الذي ينشده أن نظام قضائي . فالتساؤل . متي تستقر هذه الحجية . الإجابة توجب التعرض لمصطلح آخر هو مصطلح قوة الأمر المقضي7 .

والتساؤل إذن : فما معني قوة الأمر المقضي …؟

الإجابة : في البدء يجب النطق بالمصطلح كاملاً وهو ” قوة الأمر المقضي فيه ” وفي النطق بالمصطلح كاملاً فائدة من إشارة واضحة ومؤكد إلي أننا بصدد حكم قضائي فصل في موضوع أو نزاع عرض علي المحكمة ، وهذا الحكم صار نهائياً فصار أقوى . وهذه هي قوة الأمر المقضي فيه ، فالحكم كما سلف بمجرد صدوره يكتسب حجية لكنه إذا صار نهائياً اكتسب قوة الأمر المقضي فيه ، فحجية الأمر المقضي فيه مرتبة تتصل بمجرد حكم قضائي ، وقوة الأمر المقضي فيه مرتبة أعلي تتصل بحكم صار نهائياً ، و يقول السنهوري في بيان الفرق بين حجية الأمر المقضي فيه وقوة الأمر المقضي فيه . إن قوة الأمر المقضي مرتبة يصل إليها الحكم إذا أصبح نهائياً غير قابل للطعن عليه بالاستئناف ، أي غير قابل للطعن فيه بطريق من طرق الطعن الاعتيادية ، وإن ظل قابل للطعن فيه بطريق من طرق الطعن فيه بطريق غير اعتيادي ويعني سيادته الطعن بطريق النقض والتماس إعادة النظر (8) . ومحكمة النقض عرض عليها الأمر فقضت : قوة الأمر المقضي صفة تثبت للحكم النهائي9 .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) تنص المادة 97 من دستور 2014 علي أنه : التقاضي حق مصون ومكفول للكافة. وتلتزم الدولة بتقريب جهات التقاضي، و تعمل على سرعة الفصل في القضايا، ويحظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، ولا يحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي، والمحاكم الاستثنائية محظورة. وتنص المادة 98 من دستور 2014 علي أنه : حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول. واستقلال المحاماة وحماية حقوقها ضمان لكفالة حق الدفاع. ويضمن القانون لغير القادرين ماليًا وسائل الالتجاء إلى القضاء، والدفاع عن حقوقهم.
(4) نقض مدني جلسة 10-5-1984 الطعن رقم 1254 لستة 51 ق ، نقض مدني جلسة 25-1-1978 مج المكتب الفني السنة 29 ص 322 .
(5) قضت محكمة النقض : أنه وإن كان يجوز للمطعون عليه ، كما يجوز للنيابة العامة ولمحكمة النقض أن تثير في الطعن ما يتعلق بالنظام العام إلا أن ذلك مشروط بأن يكون وارداً علي ما رفع عنه الطعن في الحكم المطعون فيه ، فإذا قضي الحكم المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلاً ، ثم قض قضاءه في الموضوع ، وكان تقرير الطعن لم يحو إلا نعياً علي ما قضي به الحكم في موضوع الاستنئاف ، فلا يجوز للمطعون عليه أن يتمسك في دفاعه أمام محكمة النقض ببطلان الاستنئاف بناء علي تعلقه بالنظام العام ذلك أن ما قضي به من قبول الاستئناف شكلاً هو قضاء قطعي لم يكن محلاً للطعن فحاز قوة الأمر المقضي وهي تسمو علي قواعد النظام العام – نقض جلسة 21-6-1972 ص 1142 و نقض 16-7-1992 الطعن رقم 933 لسنة 58 ق .
(6) الطعن رقم 484 لسنة 39 مكتب فنى 24 صفحة رقم 201 بتاريخ 8-2-1973
(7) ينتقد البعض من الفقه فكرة الحجية ويري أن الحجية تؤذي العدالة في جوهرها بتأييد الأحكـام القضائية فيما قضت به ولو خالفت قواعد العدالة وروحها ، ونحن لا نري صح هذا الرأي . فالحكم القضائي لا يصدر إلا بعد سماع أطراف الخصومة ودفاعهم ودفوعهم ، وبالأدنى تمكينهم من ذلك ، وما يستندون إليه من أدلة ، ثم تقدر هذه الأدلة وتقيم من جانب المحكمة ، من حيث الواقع والقانون معاً ، ما يؤدي إلى أن يصدر الحكم القضائي في الغالب من الأمور معبراً عن الحقيقة ، صحيح أن الخطأ في الأحكام القضائية أمر وارد ، فهي انتهاءً جهد بشري ، ولكن مبررات الاستقرار توجب التضحية في سبيل استقرار الأوضاع في المجتمع وتحقيق الاستقرار للأفراد في نزعاتهم ، ومن ناحية أخيرة فإن السماح للأفراد بنقض هذه الحجية بتجديد موضوع النزاع مرات ومرات ، يضر العدالة ، فهو يفتح الباب واسعاً أمام محاولات غير مشروعة للحصول علي ما يدعون أنه حق بأي طريق . د . أحمد مأمون – الدفع بالحجية في القانون المدني – رسالة جامعة القاهرة – 1980 – مكتبة الدراسات العليا – ص 21 .
(8) وسيط السنهوري – طبعة نقابة المحامين 2006 تنقيح المستشار مدحت المراغي – الجزء الأول المجلد الثاني – ص 569 .
(9) نقض مدني – جلسة 30-3-1978 الطعن رقم 915 لسنة 44 ق س 29 ص 932 . كما قضت محكمة النقض : قصرت المادة 248 من قانون المرافعات الطعن بالنقض أصلاً علي الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف في الأحوال التي بينتها ، وما قررت المادة 249 من ذات القانون من إجازة الطعن بالنقض استثناء في أي حكم انتهائي – أيا كانت المحكمة التي أصدرته – فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سابق إن صدر بيم الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي ، يندرج ضمن مخالفة القانون باعتباره مخالفة للقاعدة القانونية المنصوص عليها في المادة 101 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 ، ويقصد بها الأحكام الحائزة قوة الأمر المقضي وهي مرتبة يصل إليها الحكم إذا أصبح أثره الملزم نهائياً غير قابل للطعن فيه بطريق من طرق الطعن الاعتيادية وإن ظل قابلاً للطعن فيه بطريق غير عادي – نقض مدني جلسة 2-2-1977 الطعن رقم 770 لسنة 44 ق س 28 ص 359 .

 

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Howdy,
Search exact
Search sentence
Ad2
Ad1