You cannot copy content of this page

الفرق بين العقود الإدارية والعقود المدنية

الفرق بين العقد الإداري والعقد المدني

 

 

– الفرق بين العقود الإدارية والعقود المدنية : – 

– تتشابه العقود الإدارية مع العقود المدنية في أحكام كثيرة وأهمها أن تنشأ عن توافق إرادتين، ولكن في المقابل هناك فروق بينهما وهي أن العقود الإدارية تخضع للقانون الإداري والقضاء الإداري أما العقود المدنية فتخضع لأحكام القانون الخاص (المدني) والقضاء العام العادي. وفي العقود الإدارية التعاقد يتم بين طرفين غير متساويين فالإدارة تسعى إلى تحقيق المصلحة العامة أما المتعاقد معه من الأفراد او الشركات فيسعى إلى تحقيق مصلحة خاصة. وفي العقود المدنية فالأصل هي المساواة بين طرفي العقد لأن كل منهما يهدف إلى تحقيق مصلحة خاصة.

– وفي العقود الإدارية تتمتع الإدارة بامتيازات وحقوق في تعديل شروط العقد والإشراف على تنفيذه وتوقيع الجزاءات في إنهاء العقد بإرادتها المنفردة خروجاً على مبدأ العقد شريعة المتعاقدين الذي يسري على العقود المدنية. ومن الفروق إيضاً أن الإدارة تخضع لقيود في إختيار المتعاقد معها في إبرام العقد الإداري وهي قيود لا يخضع لها الأفراد في عقودهم الخاصة فالأصل أن للفرد الحرية في التعاقد مع من يشاء.

 

– إذا كانت العقود الإدارية قد خضعت للقضاء الإداري في فرنسا ومصر فلا يعني ذلك إن كل عقد تبرمه الإدارة هو عقد إداري فهناك من العقود ما تخضع للقضاء العادي حيث إن دواعي التعامل تقتضي في بعض الأحيان أن تكون الإدارة طرفا في العقد كأي فرد من الأفراد العاديين وبالتالي فان المنازعات الناشئة عنه تفصل بها المحاكم العادية. ان وجود نوعين من العقود تبرمها الإدارة (عقود مدنية و عقود إدارية ) تبرز هنا مشكلة كيفية تمييز العقد الإداري عن العقد المدني وبالتالي تحديد القضاء المختص لا سيما في البلدان التي يختص القضاء الإداري فيها بالنظر في المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية. إزاء هذه الإشكالية حاول المشرع الفرنسي و المصري تحديد العقود الإدارية بنصوص قانونية وقد أطلق الفقهاء على هذا الأمر تسمية العقود الإدارية بتحديد القانون . ويعتقد الأستاذ الطماوي في هذا الصدد (( إن إسباغ المشرع الصفة الإدارية على عقد يتضمن عناصر العقد الإداري من حيث طبيعته فان هذا النص يأتي مؤكدا له كعقد الأشغال العامة وعقد التزام المرفق العام))(1). ولكن المشكلة تثار عندما ينص المشرع على إدارية عقد ما تكون طبيعته مدنية من حيث هدفه وطريقة إبرامه وموقف المشرع هنا منتقد وذلك على أساس إن المشرع عندما يكيف تصرفا من تصرفات الإدارة عليه أن يأخذ بنظر الاعتبار طبيعة العقد من حيث هدفه وطريقة إبرامه ومضمونه (2).إزاء النقد الموجه إلى التحديد التشريعي للعقود الإدارية فقد ذهب غالبية فقهاء القانون الإداري إلى التعويل على المعيار القضائي في تمييز العقود الإدارية وان اختلف في بعض حيثياته.و إذا رجعنا إلى تعريف العقد الإداري الذي أورده القضاء الإداري الفرنسي أو المصري أو القضاء العادي في العراق و الذي يقول ان العقد الإداري هو الذي يبرمه شخص معنوي عام بقصد تسيير مرفق عام أو تنظيمه وتظهر فيه نية الإدارة بالأخذ بأساليب القانون العام ،

– من خلال هذا التعريف نستخلص معايير تمييز العقد الإداري عن غيره وهي ثلاثة معايير : – 

الأول : معيار الإدارة طرفاً في العقد.

الثاني : معيار ارتباط العقد بالمرفق العام.

الثالث :  معيار الشروط الاستثنائية.

و سنتناول هذه المعايير في ثلاثة نقاط : –

 

اولا – معيار الإدارة طرفاً في العقد

القاعدة العامة أن العقود الإدارية ومن ظاهر التسمية توجب أن تكون الإدارة أحد أطراف العلاقة القانونية وعليه فان العقد المبرم بين الأفراد العاديين لا يمكن أن يكون عقدا إداريا حتى وان كان احد المتعاقدين هيئة أو مؤسسة خاصة ذات نفع عام(3). ومصطلح الإدارة يدل عادة على السلطة التنفيذية التي تتولى تنفيذ القوانين فضلا عن إدارة مؤسسات الدولة و مرافقها العامة. والسؤال الذي يمكن أن يطرح هنا هو: هل إن اختصاص إبرام العقود الإدارية يقتصر على السلطة التنفيذية وحدها دون السلطات الأخرى كالسلطة التشريعية و القضائية؟ بالنسبة للهيئة التشريعية المتمثلة بالبرلمان فان اختصاصها الأصيل هو سن القوانين و إقرار الميزانية والمصادقة على المعاهدات ، و كذلك إجازة إبرام بعض العقود الإدارية المهمة كعقود الامتيازات النفطية وعقود القرض العام فان هذه العقود لا تبرمها السلطة التشريعية ولكن تجيزها فهي لا تعتبر طرفا فيها (4).و الجهة التي تقوم عادة بإبرام العقود كعقود أشغال عامة تتعلق بإصلاحات قاعات البرلمان أو إبرام عقود توريد أدوات مكتبية هي سكرتارية الهيئة التشريعية باعتبارها الجهاز الإداري للهيئة التشريعية (5). وكذلك الحال بالنسبة للسلطة القضائية فاختصاصها الأصيل هو الفصل في المنازعات فهي لا تبرم عقوداً بل تصدر أحكاما قضائية ، و الجهة التي تبرم العقود هي وزارة العدل أو الجهاز الإداري بالمحكمة. و إذا كان وجود الإدارة طرفا في العقد الإداري يعتبر أمرا بديهيا فان القضاء الإداري لم يعد يتشدد في شرط إبرام الشخص العام للعقد ذاته واخذ يقر بأمكان إبرامه من قبل شخص اخر بالوكالة(6). وبذلك لا يكفي أن يكون احد أطراف العلاقة العقدية شخصا من أشخاص القانون العام لعده عقداً إداريا و إنما يستلزم توافر العنصرين الآخرين أو أحدهما .

 

ثانيا – معيار ارتباط العقد بالمرفق العام

يقصد بهذا المعيار أن العقد الذي تبرمه الإدارة مع الأفراد لا يمكن أن يكون إداريا إلا إذا ارتبط بالمرفق العام سواء وجدت معه عناصر أخرى أم لا . وهناك قرارات قضائية أصدرها مجلس الدولة الفرنسي اكتفت بمعيار المرفق العام وحده لتمييز العقد الإداري، فقد جاء في قضية الزوجين (بيرتان ) الصادر في 20/4/1956 – حيث كان الزوجان مكلفين بإطعام الرعايا السوفيت الذين جمعوا في احد المراكز لإعادتهم إلى بلدهم – انه((.. ولما كان هدف العقد منح المعنيين مهمة تنفيذ المرفق العام فذلك وحده يكفي لاعتبار العقد إداريا دون الحاجة للبحث عن احتوائه على شروط مخالفة…))(7). و قد جاء أيضا في قرار للمحكمة الإدارية العليا في مصر في 24 فبراير 1968 (( مناط العقد الإداري…. أن يتصل بنشاط المرفق العام من حيث تنظيمه وتسييره بغية خدمة أغراضه و تحقيق احتياجاته مراعاة للمصلحة العامة)) . (8). و ارتباط العقد بالمرفق العام يعني ارتباطه بالمفهوم الموضوعي للمرفق العام حيث إن للمرفق مفهوماً عضوياً يتمثل بالأجهزة الإدارية، و مفهوماً موضوعياً يتعلق بنشاط المرفق من حيث التنظيم والإدارة والاستغلال أو المعاونة ، فالمفهوم العضوي للمرفق يعني أن الفرد عندما يرتبط بعقد مع مرفق عام يفيد في هذا الصدد أن الإدارة هي طرف في العقد، و بناءا على ذلك فان فكرة المرفق العام يجب أن تفهم في هذا المجال بالجانب الموضوعي (9). والمتتبع لأحكام القضاء الإداري في فرنسا و مصر يرى أن هناك تذبذبا و عدم استقرار على معيار محدد ، فبعد أن سلم بإدارية العقد بمجرد ارتباطه بالمرفق العام نجد أحكاما قضائية توجب اقتران العقد بالشروط الاستثنائية فضلاً عن المرفق العام ومثال ذلك حكم محكمة القضاء الإداري المصري الصادر في 16 ديسمبر 1956 إذ جاء فيه ((… و من ثم فان المعيار المميز للعقود الإدارية عما عداها من عقود الأفراد وعقود القانون الخاص التي تبرمها الإدارة ليس هو صفة المتعاقد بل موضوع العقد نفسه متى اتصل بالمرفق العام على أية صورة من الصور … مشتركا في ذلك وعلى درجة متساوية مع الشروط الاستثنائية غير المألوفة)) (10).

 

ثالثا – معيار الشروط الاستثنائية

– لقد تبين أن وجود الإدارة طرفا في العقد الإداري لم يعد يكفي لكي يعتبر عقدا إداريا وكذلك الحال بالنسبة لارتباط العقد بالمرفق العام بل يلزم فوق ذلك أن يكون الطرفان قد اتبعا أسلوب القانون العام دون أسلوب القانون واهم وسيلة يعتمد عليها القضاء الإداري للكشف عن نية الإدارة في اختيار وسائل القانون العام هوان يتضمن العقد على شروط استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص ومن ابرز الأمثلة على ذلك حكم مجلس الدولة الفرنسي في 19 يناير1973 حيث جاء فيه ((…أن العقود التي تبرمها كهرباء فرنسا تكون خاصة لنظام استثنائي وتبدو فيه خصيصة العقد الإداري …)). وقد عرفت الشروط الاستثنائية بأنها(( تلك التي تمنح احد المتعاقدين حقوقا أو تحمله التزامات غريبة في طبيعتها عن تلك التي يمكن أن يوافق عليها من يتعاقد في نطاق القانون المدني أو التجاري )) .

بينما عرفها آخرون (( بأنها الشروط التي تكون باطلة إذا ما وجدت في عقود القانون الخاص لمخالفته النظام العام))و لعل التعويل على معيار الشروط الاستثنائية لتمييز العقد الإداري ناجم عن كون هذه الشروط تعتبر من مظاهر السلطة العامة التي ليس لها مثيل في عقود القانون الخاص وعند استعانة الإدارة بهذه المظاهر يفهم ضمنا نيتها بإخضاع العقد للقانون الإداري وليس للقانون المدني . والشروط الاستثنائية التي ترد في العقود الإدارية كثيرة فقد تكون هذه الشروط امتيازات تتمتع بها الإدارة في مواجهة المتعاقد كحق الإدارة في إجراء تعديلات على العقد دون موافقة المتعاقد معها وقد تصل هذه الامتيازات إلى فسخ العقد إذا رأت أن المصلحة العامة تقتضي ذلك وما للمتعاقد إلا طلب التعويض عن ذلك ، ومن جانب آخر قد تمنح الإدارة

– المتعاقد معها امتيازات لا نظير لها في عقود القانون الخاص كتخويلها للمتعاقد امتيازات السلطة العامة تجاه الغير كنزع الملكية للنفع العام وفرض الرسوم على المنتفعين أو بحرمان الغير من منافسة المتعاقد مع الإدارة أو غيرها من الأمور. والسؤال الذي يمكن طرحه هنا إذا كانت الشروط الاستثنائية التي يتضمنها العقد تعتبر قرينة على انصراف نية الإدارة بإخضاع العقد للقانون الإداري ، وبالتالي اعتباره عقدا إداريا ، فما هو الحكم في حالة خلو العقد من هذا الشرط؟ لقد جرى القضاء الإداري الفرنسي على اعتبار العقد إداريا إذا كان من شأنه إشراك المتعاقد نفسه في تسير المرفق العام .والحقيقة إن مجرد إشراك المتعاقد نفسه يعد في ذاته شرطا استثنائيا غير مألوف في عقود القانون الخاص وقد استقر الفقه على هذا الأمر. و من جانب آخر اعتبر بعض الفقهاء الشروط الاستثنائية هي المعيار الحقيقي والفعال في تمييز العقد الإداري ، بعكس فكرة المرفق العام التي لم تعد فكرة منتجة لآثار قانونية(16). وهذا الرأي مغالى فيه كونه متأثر إلى حد بعيد بالاتجاه الداعي إلى اعتبار السلطة العامة أساس القانون الإداري ومعياره الوحيد وإذا كانت فكرة المرفق العام قد وجهت إليها بعض الانتقادات فإنها مع ذلك مازالت تعد من الأفكار المؤسسة للقانون الإداري فضلا عن أن أحكام القضاء الإداري التي تجعل من الشروط الاستثنائية المعيار الوحيد تعد قليلة بالقياس إلى الأحكام التي تقرن المعيارين معا ، المرفق العام والشروط الاستثنائية .خلاصة القول إن تميز العقد الإداري عن عقود القانون الخاص لا يمكن الاعتماد فيه على معيار دون المعايير الأخرى ، فالمعايير جميعها تشكل شبكة مجتمعة يكمل بعضها البعض ، و يمكن أن نشير بهذا الصدد إلى موقف القضاء العراقي المتمثل بمحكمة التمييز التي تبنت المعيار المزدوج في كثير من أحكامها، فقررت في حكمها الصادر في 28/7/1966 انه ((… تبين أن العقد الذي تبرمه الحكومة مع الشركة المميزة هو عقد إداري لأنه يستهدف إدارة مرفق عام من مرافق الدولة ويحتوي على شروط غير مألوفة وتجري فيه الحكومة على أسلوب القانون العام وتخضع فيه بحكم القوانين والأنظمة……))

 

 

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Howdy,
Search exact
Search sentence
Ad2
Ad1