You cannot copy content of this page
حكم المحكمة الإدارية العليا رقم 11711 لسنة 51 قضائية : الإشتغال بالمحاماة خارج البلاد لا يخل بأحقية المحامي في احتساب تلك الفترة بمعاشه
قضت المحكمة الإدارية العليا في ذلك بأنه :-
” و من حيث إن وقائع الطعن الماثل – تخلص – في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 2782 لسنة 58 ق أمام محكمة القضاء الإداري و طلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً و بإلغاء قرار نقابة المحامين السلبي بالإمتناع عن احتساب مدة سبع سنوات قضاها في العمل القانوني خارج الدولة و باحتساب تلك المدة ضمن المدة المستحق عنها معاش التقاعد مع إلزام المدعى عليه بالمصروفات ، مستنداً إلى أنه حاصل على ليسانس الحقوق عام 1961 و قيد بنقابة المحامين برقم 16202 في 19/3/1967 و كان يعمل بالإدارة القانونية بشركة …..للصناعات الكيماوية ، ثم حصل على إجازة بدون مرتب لمدة ثلاث سنوات عمل فيها باحثاً قانونياً بدولة الكويت ثم عمل مستشاراً قانونياً بالسعودية في الفترة من 1/10/1983 حتى 30/9/1987 ، و إذ استوفى شروط استحقاق المعاش المنصوص عليها في المادة 196 من القانون رقم 17 لسنة 1983 و التي لم تشترط مدة العمل داخل البلاد ، هذا فضلاً عن استمراره في سداد الإشتراكات و الإلتزامات المستحقة للنقابة ، و بجلسة 6/3/2005 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء قرار النقابة برفض حساب فترة عمل المدعي بدولتي الكويت و السعودية في المجال القانوني ضمن المدد المستحقة عنها معاش تقاعد مع ما يترتب على ذلك من آثار. و شيدت المحكمة قضاءها على أن المدعي قد استوفى شروط تطبيق حكم المادة 196 من قانون المحاماة وأن المشرع لم يحدد مفهوماً محدداً لممارسة مهنة المحاماة ، خاصة أن المدعي مقيد بجدول المشتغلين و قد مارس أعمال لمحاماة بشركة ……..كما مارس أعمالاً قانونياً في خارج البلاد .
و إذ لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى الجهة المدعى عليها ، فأقامت الطعن الماثل و طلبت الحكم بقبوله شكلاً و بإلغاء حكم محكمة القضاء الإداري و رفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات . و استندت إلى أن الحكم المطعون فيه قد صدر باطلاً ، و ذلك بحسبان أنه صدر عن محكمة غير مختصة و بالمخالفة لأحكام صدرت عن المحكمة الإدارية العليا قضت بأن المشرع قد أولى محكمة النقض ومحكمة استئناف القاهرة اختصاصاً عاماً و شاملاً بنظر الطعون التي حددها فيما يصدر من أجهزة النقابة و لجانها و مجالسها من قرارات يجوز الطعن فيها ، و أن موضوع الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه – القرار السلبي الصادر من مجلس النقابة العامة باستحقاق المطعون ضده للمعاش ، تكون المحكمة المختصة بالفصل فيه هي محكمة جنوب القاهرة ، حيث لا يوجد ثمة قرارإداري ينعقد الإختصاص بنظره للقضاء الإداري ، كما نعت النقابة على الحكم صدوره مشوباً بالقصور في التسبيب حيث إن المطعون ضده لم يعمل بمهنة المحاماة داخل مصر ، و أنه لم يخطر النقابة بسفره بالمخالفة لحكم المادة 181 من قانون المحاماة ، و أن المحكمة لم تفحص أو تمحص مستندات الطاعن بصفته ، و الذي نعى كذلك على الحكم المطعون فيه عدم إلمامه بوقائع الدعوى و ابتنائه على واقعة لا تتفق مع قانون المحاماة حاصلها المساواة بين من عمل داخل مصر أو خارجها.
و من حيث إنه عن الدفع المبدى من الطاعن بصفته بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى – فإن الطاعن – قد التمس أسباب هذا الدفع من وجهين ، الأول : بنظره بتقرير الطعن مؤداه اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى ، و الثاني : ورد بمذكرة دفاعه المقدمة بجلسة 5/12/2009 و حاصله إن اختصاص الفصل في المنازعة باستحقاق المعاش للمحامي معقود لمجلس نقابة المحامين دون سواه.
و من حيث إن المادة 56 من دستور جمهورية مصر العربية تنص على أن : ” إنشاء النقابات و الإتحادات على أساس ديمقراطي حق يكفله القانون و تكون لها الشخصية الإعتبارية …………..”.
و تنص المادة 68 من الدستور على أن : ” التقاضي حق مصون و مكفول للناس كافة ، و لكل مواطن حق الإلتجاء إلى قاضيه الطبيعي ، و تكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين و سرعة الفصل في القضايا “.
و تنص المادة 217 من القانون رقم 17 لسنة 1983 بشأن إصدار قانون المحاماة على أن : ” يختص مجلس النقابة وحده بالفصل في تظلمات ذوي الشأن من قرار لجنة الصندوق ، كما تختص مجالس النقابات الفرعية في الفصل في تظلمات ذوي الشأن من قرارات لجانه الفرعية “.
و من حيث إن المستفاد مما تقدم أن الدستور المصري قد كفل لكل مواطن حق الإلتجاء إلى قاضيه الطبيعي معبداً له سبل السعي بدعواه إلى القاضي المختص بنظرها و وفق طبيعتها ، و هذا الحق المقرر للمواطنين من الحقوق عامة المنح رفيعة الحماية على وجه تتكافأ فيه المراكز القانونية سعياً لرد الإخلال بالحقوق إن وجد ، و لا خلاف على أن الإلتزام الدستوري الملقى على عاتق الدولة بان توفر لكل فرد حق النفاذ الميسر إلى المحاكم المختصة هو السبيل الوحيد للحصول على الترضية القضائية ، و يترتب على ذلك من باب اللزوم القضاء بأن أي تنظيم داخل الجهات الإدارية للفصل في التظلمات لا يمثل مانعاً لصاحب الشان من اللجوء إلى القاضي المختص بالفصل في خصومته مع الجهة التي يعمل أو يتعامل معها ، و في خصوص حالة النزاع الماثل فإن المشرع و سد الإختصاص بالفصل في التظلمات المقدمة من المحامي إلى مجلس النقابة العامة و المجالس الفرعية بحثاً و تقريراً لا يخرج عن كونه نهاية للعمل الإداري داخل النقابة بشأن تظلم يعرض عليها ، هذا الإختصاص لا يسلب في أ ي من حالاته حق المحامي في ولوج طريق القضاء ، إعلاءً لمبدأ سيادة القانون و احتراماً لأحكام الدستور، ولا يحاج على ذلك بما قدمه الطاعن بصفته من صور أحكام قضت بعدم قبول دعاوى لعدم اللجوء إلى مجلس النقابة صادرة عن جهة القضاء العادي بحسبان أن حجية هذه الأحكام تكون فيما فصلت فيه و هو ما لا تعارض فيه مع الإختصاص القضائي بنظر المنازعة .
و من حيث إنه عما استند إليه الطاعن – بصفته – من عدم اختصاص القضاء الإداري و انعقاد ولاية الفصل في المنازعة لمحاكم القضاء العادي على الوجه الوارد بتقرير الطعن ، فإن المحكمة الدستورية العليا قد قضت في القضية رقم 101 لسنة 26 ق – دستورية بحلسة 1/2/2009 بأنه إذا ما قدرالمشرع ملاءمة اسناد الفصل في بعض المنازعات الإدارية إلى محاكم السلطة القضائية فإن سلطته في هذا الشأن تكون مقيدة بعدم الخروج على نصوص الدستور وعلى الأخص تلك التي تضمنتها نصوص المواد (40 ، 68 ، 165 ، 172 ) ، و يتعين عليه التأليف بينها في مجموعها و بما يحول دون تناقضها أو تصادمها ، و من ثم فلا يجوز إيلاء سلطة في منازعات بعينها إلى غير قاضيها الطبيعي إلا في أحوال استثنائية تكون الضرورة في صورتها الملجئة هي مدخلها ……. .
و من حيث إنه و لئن كان الثابت من أحكام قانون المحاماة أنه قد حدد جهة القضاء العادي – المجهة المختصة – بالفصل في بعض المنازعات التي تتصل بقيد المحامين و إجراءات الترشيح و غير ذلك ، و هو اختصاص بشأنها بعضها قد غدا محل نظر بالتعديل التشريعي لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1993 بشأن ضمانات ديمقراطية التظلمات النقابية المهنية ، إلا أن حالة النزاع المعروض تخرج عن الإختصاص المقرر لمحاكم القضاء العادي و لا تماثل الحالات التي استشهد بها الطاعن و صدرت بشأنها أحكام من المحكمة الإدارية العليا أرفق صورها ضمن حافظة مستندات ، و قاطع القول أن المنازعة المطروحة تتعلق بمعاش المطعون ضده و هي من المنازعات الإدارية بين الجهة الطاعنة ( نقابة المحامين ) ، و بين أحد أعضائها وينعقد الإختصاص بالفصل فيها لقاضي المنازعة الإدارية دون سواه ، و تقضي المحكمة من ثم برفض هذا الدفع .
و من حيث إنه عن موضوع الطعن فإن حقيقة طلبات المطعون ضده كما سطرتها بحق صحيفة دعواه الحكم بقبول الدعوى شكلاً و بإلغاء القرار السلبي لنقابة المحامين بالإمتناع عن حساب مدة السبع سنوات التي أمضاها في العمل القانوني لحسابها ضمن المدد المستحق عنها معاش و ذلك طبقاً لأحكام قانون المحاماة مع ما يترتب على ذلك من آثار.
و إذ تنص المادة 17 من دستور جمهورية مصر العربية على أن : ” تكفل الدولة خدمات التأمين الإجتماعي و الصحي ، ومعاشات العجز عن العمل و البطالة و الشيخوخة للمواطنين جميعاً ، و ذلك وفقاً للقانون “.
كما تنص المادة 196 من القانون رقم 17 لسنة 1983 بشأن إصدار قانون المحاماة على أن : ” للمحامي الحق في معاش كامل إذا توافرت فيه الشروط الآتية :
1- أن يكون اسمه مقيداً بجدول المحامين المشتغلين .
2- أن يكون قد مارس المحاماة بصفة فعلية مدة ثلاثين سنة ميلادية متقطعة أو متصلة بما فيها مدة التمرين على ألا تزيد على أربع سنوات .
3- أن يكون قد بلغ ستين سنة ميلادية على الأقل ، و يعتبر في حكم بلوغ سن الستين وفاة المحامي أو عجزه عجزاً كاملاً مستديماً .
4- أن يكون مسدداً لرسوم الإشتراك المستحق عليه ما لم يكن قد أعفي منها طبقاً لأحكام هذا القانون .
و من حيث إن المستفاد مما تقدم أن الدستوردعماً للتأمين الإجتماعي باعتباره من الحقوق الدستورية للمواطنين ناط بالدولة بمعناها الواسع كفالة الخدمات التأمينية الإجتماعية و الصحية بما في ذلك حقهم في تقرير معاش لمواجهة بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم وفق أنظمة متعددة أظهرها مشاركة الدولة للمواطنين في صناديق التأمين الإجتماعي و المعاشات ، و نقابة المحامين باعتبارها إحدى الهيئات العامة التي تقوم على رعاية شئون جموع المحامين غدت ملزمة وفق أحكام قوانينها المتعاقبة بالمساهمة في التأمين الصحي و الإجتماعي للمحامين ، و قد حددت أحكام المواد (2 ، 3 ، 7 ) و غيرها تعريف المحامي و أعمال المحاماة بأن المحامي هو كل من يقيد بجدول المحامين التي ينظمها قانون المحاماة ، و اعتبر المشرع من أعمال المحاماة الحضورأمام المحاكم وهيئات التحكيم والقيام بأعمال المرافعات و الإجراءات القضائية ، و إبداء الرأي و المشورة القانونية و صياغة العقود و اتخاذ الإجراءات اللازمة لشهرها أو توثيقها و فحص الشكاوى و إجراء التحقيقات الإدارية و صياغة اللوائح و القرارات الإدارية ، بالنسبة لمحامي الإدارات القانونية ، و يمارس المحامي هذه الأعمال إما منفرداً أو شريكاً مع غيره، و للمحامي أن يمارس مهنة المحاماة في الإدارات القانونية و للهيئات العامة و شركات قطاع الأعمال و الشركات الخاصة و المؤسسات الصحفية و البنوك و الجمعيات ، و هذا الإتساع التشريعي لعمل المحاماة يتسق مع طبيعة المهنة و آدابها التي تقوم على أنها مهنة حرة تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة و تأكيد سيادة القانون وكفالة حق الدفاع عن المواطنين و حرياتهم .
و من حيث إن المشرع تنظيماً لحق المحامين في الحصول على الرعاية الصحية و الإجتماعية قررإنشاء صندوق للرعاية الإجتماعية و الصحية و جعل من أهم اولوياته ترتيب معاشات للمحامين عند تقاعدهم و للمستحقين عنهم في حالة الوفاة ، وقد حددت أحكام المادة 196 سالفة الذكر شروط استحقاق المحامي للمعاش تحديداً حصرياً تنصرف إلى قيده بجدول المحامين المشتغلين و الممارسة الفعلية للمحاماة المدة المقررة قانوناً سواء كانت متقطعة أو متصلة بما فيها مدة التمرين ، هذا فضلاً عن شرط اساسي مؤداه سداد المحامي رسوم الإشتراكات المستحقة عليه ما لم يكن قد أعفي منها ، و لزومية هذا الشرط ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالطبيعة المالية لصندوق المعاشات باعتباره الجهة المنوط بها داخل النقابة صرف المعاشات الخاصة بالمحامين و أن الإشتراكات هي المصدر الرئيسي لتمويله .
و من حيث إن الثابت من أوراق الطعن – و هو ما لم تنكره الجهة الطاعنة – أن المطعون ضده مدرج اسمه بالجدول العام اعتباراً من 19/3/1967 و أنه قد سدد كافة الإشتراكات المستحقة و بلغ سن الستين ، و يستحق من ثم صرف معاشه عن كامل المدة المسدد عنها الإشتراك بما فيها المدة التي قضاها المطعون ضده خارج البلاد باعتبار أن هذا الحق عند توافر شرائطه مستمد من القانون ، فإن الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه منطوقه يكون قد صدر متفقاً و أحكام القانون و من ثم يضحى الطعن الماثل فيما ورد به من أسباب لا ينال من صحته و سلامته لكون العبرة في ذلك هو سداد الإشتراكات التي يتحدد على ضوئها المعاش المستحق قانوناً ” .
(( المحكمة الإدارية العليا الطعن رقم 11711 لسنة 51 ق – جلسة 10 / 4 / 2010 ))