You cannot copy content of this page

شرح المادة رقم 101 من قانون الاثبات

شرح المادة رقم 101 من قانون الاثبات

شرح المادة رقم 101 من قانون الاثبات ” حجية الامر المقضى بة “

شرح المادة رقم 101 من قانون الاثبات

– نصت المادة رقم ١٠١ من قانون الاثبات رقم 25 لسنة 1968 على أن : – 

(( الأحكام التى حازت قوة الأمر المقضى تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا فى نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلا وسبباً.

وتقضى المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها )) .

 

– الأحكام مكانها قانون المرافعات . فلماذا صاغ المشرع هذه المادة بقانون الإثبات ؟

عن الأحكام تتحدث هذه المادة وإن كان ذلك من زاوية خاصة هي حجية هذه الأحكام ، ومن المعلوم أن حجية الحكم تتصل بآثاره بما يعني إجمالاً سيلي تفصليه أن عرض النزاع علي المحكمة يحول ويمنع دون إعادة عرضه عليها مرة أخري عليها ، المهم هنا أن جميع المسائل المتعلقة بالأحكام القضائية المفروض أن يعالجها مجتمعة قانون المرافعات لا قانون الإثبات . فما هو المبرر الذي حدا بالمشرع إلي اقتناص الموضوعات الخاصة بالحجية أي بآثار الأحكام من قانون المرافعات إلي قانون الإثبات .

تفصيلاً نقول : أن قانون المرافعات خصص الكتاب الأول منه للتداعي أمام المحاكم ، وخصص باباً كاملاً للحديث عن الأحكام هو الباب التاسع المعنون ” إصدار الأحكام ” قسمه إلي ثلاث فصول . عنون الفصل الأول في إصدار الأحكام . وعنون الفصل الثاني في مصاريف الدعوى . وعنون الفصل الثالث في تصحيح الأحكام وتفسيرها ، وكان المفترض أن يعالج آثار الأحكام ، ونعني حجية الأحكام القضائية ، ضمن نصوص قانون المرافعات ، وكان الأليق بموضوعات حجية الأحكام أن تعرض ضمن النصوص الخاصة الدفوع وأوجه الدفاع الموضوعي والتي خصص لها قانون المرافعات بالفعل الباب السادس من قانون المرافعات تحت عنوان ” الدفوع – والإدخال – والطلبات العارضة – والتدخل ” وقد خصص الفصل الأول من الباب السادس للدفوع . خلاصة القول أنه كان علي المشرع أن يفعل إلا أنه لم يفعل1 .

كان من اللازم أن يبرر الأمر . يقول السنهوري تبريراً لذلك وبياناً لوجه نظر المشرع . إن حجية الأمر المقضي تكون غلباً في صورة دفع بعدم جواز سماع الدعوى ، أو بعدم قبولها لسبق الفصل فيها ، وكان هذا التكييف يقتضي أن يدرس الموضوع في مباحث قانون المرافعات مع سائر أوجه الدفع بعدم قبول الدعوى . والدفع بعدم جواز سماع الدعوى لسبق الفصل فيها أساسه علي كل حال أساسه قاعدة موضوعية لا قرينة قانونية ، ولكن القانون المدني ثم قانون الإثبات سايرا التقنين المدني السابق والتقنين المدني الفرنسي والتقنينات الحديثة فخرج بحجية الأمر المقضي عن أن تكون قاعدة موضوعية إلي جعلها قرينة قانونية وهي قرينة قانونية قاطعة فقد نص صراحة علي عدم جواز قبول دليل ينقض هذه القرينة ، ولما كان المشرع هو الذي يمسك في يده زمام القواعد الموضوعية والقرائن القانونية ، فيرتفع إن شاء بالقرينة القانونية إلي منزلة القواعد الموضوعية ، ويهبط إن شاء بالقاعدة الموضوعية إلي مرتبة القرينة فلابد إذن من بحث حجية الأمر المقضي متصلة بالقرائن القانونية نزولاً علي حكم القانون2 .

تعليق خاص : ونري من جانبنا صحة إدراج الموضوعات الخاصة بحجية الأحكام ضمن الموضوعات الخاصة بقانون الإثبات لا قانون المرافعات . لما . لأن الحجية تنطوي علي معني الدليل ، صحيح أنها قاعدة من قواعد نظام القضاء وهو ما يبرر لدي الكثير من الفقه ضرورة معالجتها ضمن نصوص قانون المرافعات لا قانون الإثبات ، إلا أن التأمل في الحجية يوصلنا إلي نتيجة مؤداها أنها أقرب إلي الأدلة الكتابية وهو صلب قانون الإثبات ، فالحكم القضائي بما يشتمل عليه من وقائع وأسباب ومنطوق وثيقة رسمية لا تقل في قوة الإثبات عن الأوراق الرسمية الأخرى وهو في هذا المعني حجة علي الكافة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ويتكون الباب التاسع المشار إليه من تسع وعشرون مادة . تبدأ من 166 إلي 193 من قانون المرافعات .
(2) وسيط السنهوري – طبعة نقابة المحامين 2006 تنقيح المستشار مدحت المراغي – الجزء الأول المجلد الثاني – ص 567 و568 .

 

شرح المادة رقم 101 من قانون الاثبات

– الحجية و أجزاء الحكم – المنطوق والأسباب والوقائع – والتساؤل لأيهم تثبت الحجية : –

ورد النص بالمادة 101 من قانون الإثبات علي ثبوت الحجية للحكم ، والمشكلة أن الحكم القضائي هو عمل قانوني مركب ، فهو يتكون من منطوق وأسباب ووقائع والتساؤل . لأي منهم تثبت الحجية فتحول دون إعادة عرضها من جديد علي القضاء. الإجابة توجب التعرض لكل جزء من هذه الأجزاء .

الجزء الأول : المنطوق ، ونعني منطوق الحكم الحائز للحجية ، والأصل أن منطوق الحكم هو الذي تثبت له الحجية لأن الحقيقة القضائية تتمثل فيه ، غير أنه يشترط لثبوت الحجية للمنطوق – علي نحو يمنع دون إعادة عرض النزاع علي القضاء – أن يرد بصيغة الفصل في المنازعة المعروضة عليه علي نحو يفهم منه بشكل واضح ودقيق ما قضت به المحكمة ، وبناء علي ذلك : –
1- ما تورده المحكمة في منطوق حكمها من عبارات غامضة مبهمة لا حجية له لفقده شرط الفصل الصريح في طلبات الخصوم(52) .
2- تثبت الحجية لما فصل فيه بطريق ضمني بشرط أن يكون هو النتيجة الحتمية للمنطوق الصريح(53) .
3- تشمل حجية منطوق الحكم ما فصل فيه بشأن الدعاوى الفرعية والدفوع التبعية(54) .

إذن : فلا تثبت حجية الأمر المقضي لأي منطوق – منطوق الحكم – وإنما لما ورد في منطوق الحكم وكان حاسماً للنزاع بين طرف الخصومة ، والذي كان معروضاً على المحكمة ، وأبدى لكل من طرفي النزاع بشأنه دفاعهم ودفوعهم . فإذا تطرق منطوق الحكم إلى أمور لم تكن معروضة على المحكمة في النزاع بنين الطرفين لم يقدم بشأنها دفاع أو دفوع ، فلا ثبت لها الحجية مثلا : فإذا وضعت المحكمة المدعى عليه المدين بدين مدني بأنه تاجر ، ولم تكن هذه الصفة معروضة علي المحكمة بين عناصر النزاع ، فلا حجية لوصف المحكمة له بصفة التاجر ، ولا حجية لما ورد في منطوق الحكم .

الجزء الثاني : أسباب الحكم ، الأصل أن أسباب الحكم أنه لا حجية لها ، والحجية فقط للمنطوق علي النحو وبالشروط السابقة ، إلا أنه إذا ارتبط المنطوق بالأسباب ارتباطاً لا يمكن الفصل بينهما امتدت الحجية لتشمل المنطوق والأسباب معاً علي أساس أن الأسباب ساعتها تعتبر مكملة للمنطوق .

إذن فتثبت حجية الأمر المقضي به أيضاً لأسباب الحكم التي يرتبط بها المنطوق ، والتي لا يقوم إلا بها ، مثال : إذا انتهى منطوق الحكم إلى أن المدعى عليه يملك الأرض المتنازع عليها ملكية مفرزة غير شائعة ، وكانت أسباب الحم قد أوضحت أن ذلك يرجع إلى قسمة نهائية ، بين المدعى عليه وشركائه على الشيوع ، فإن ما جاء في الأسباب من وقوع القسمة يجوز حجية الأمر المقضي ، فلا يحوز مرة أخرى إعادة عرضة على المحكمة في دعوى جديدة . وقد عرض الأمر علي محكمة النقض فقضت : المقرر في ـ قضاء هذه المحكمة ـ أن المعول عليه في الحكم والذي يحوز منها حجية الأمر المقضي هو قضاؤه الذي يرد في المنطوق دون الأسباب ، إلا أن تكون هذه الأسباب ، قد تضمنت الفصل في أوجه النزاع التي أقيم عليها المنطوق كلها أو بعضها أو متصلة به اتصالاً حتمياً ، بحيث لا يقوم له قائمة إلا بها ، إذ في هذه الحالة تكون الأسباب هي المرجع في تفسير المنطوق وفي تحديده أو في الوقوف على حقيقة ما فصلت فيه المحكمة ، والذي يعتد به منها هي الأسباب الجوهرية الأساسية التي تتضمن الفصل في أمر يقوم عليه المنطوق فتكون مرتبطة به وتحوز الحجية معه ، دون ما يرد بالحكم من تقريرات ، في شأن موضوع لم يكن مطروحاُ بذاته على المحكمة ، ولو كان له صلة بالموضوع المقضي فيه ولما كان البين من الإطلاع على صورة الحكم المقدمة من الطاعنة في الدعوى المشار إليها بسبب النعي أن المطعون عليه اختصاصها طالباً الحكم بتمكينه من الانتفاع بالشقة بإقرار صادر عنه فأجاب المطعون عليه بأنه أكره على توقيعه في ظروف خاصة تأثرت بها إرادته . وقد رفض الحم ما ساقه المطعون عليه من دفاع استناداً إلى تحرير الإقرار أثناء التحقيق الذي كانت تجريه النيابة العامة ، وأنه بذلك ينتفي عنه شبهة البطلان ، وأن له أثره وإن لم يصدر في مجلس القضاء .

لما كان ذلك وكانت هذه الواقعة هي مدار ما تجاذبه الطرفان في الخصومة السالفة ، دفعاً ورداً ، وكان الأخذ بالتنازل الذي جحده المطعون عليه كافياً للقضاء برفض الدعوى ، فإن ما استطرد إليه الحم من أن المطعون عليه يعتبر مستأجراً أصلياً رغم أن زوجته هي التي حرر باسمها عقد الإيجار ، وأنه يستفاد من الإقرار السالف ومن قيامة بتسليم الشقة رضاءه الضمني بفسخ العلاقة الايجارية القائمة بينه وبين الطاعنة ـ ما استطر إليه الحكم لا يعدو أن يكون تزيداً منه في مسالة خارجة عن حدود النزاع المطروح عليه ، ولم يكن به من حاجة للفصل فيه ، وما عرض له في خصوصه لا يكون له حجية الشيء المحكوم فيه55 .

كما قضت محكمة النقض : لما كان ذلك وكان الطاعن قد أقام الالتماس رقم 3947 لسنة 8 ق طعناً على الحكم الصادر بإخلاء الشقة التي يستأجرها من المطعون ضده الأول تأسيساً على أنه بعد الحكم الصادر في الاستئناف تمكن من الحصول على عقد الاتفاق المؤرخ 23/12/1967 وفيه صرح له المطعون ضده بتأجير شقة النزاع مفروشة ، ولم يحصل على هذا الاتفاق إلا بتاريخ _/_/____م ، حيث كان مودعاً عند المطعون ضده الثاني لحين سداد مبلغاً من المال ، ولما حصل هذا الاتفاق بادر برفع الالتماس ، وقدم صورة فوتوغرافية لعقد الاتفاق ، وقضت محكمة الالتماس بقبوله شكلاً ، ثم قضت بتاريخ 17/6/1982 برفضه موضوعياً وتأييد لحكم الملتمس فيه ، وقد أورد الحم في مدوناته وفقاً لتلك الأسباب أن محكمة الالتماس لم تعول على الصورة الفوتوغرافية للمستند التي أنكرها المطعون ضده وانتهت إلى عدم صحة هذا المستند ، وإلا كان قد تمسك به الطاعن عند نظر دعوى الإخلاء ، ومن ثم فإن هذا الحكم تناول في أسبابه المرتبطة بالمنطوق مناقشة المستند المؤرخ 23/1/1967 وطرحه لعدم صحته ، وهو في مقام تقرير الدليل المقدم في دعوى الالتماس ، ولما كان هذا الحكم نهائياً بشأنه مرة أخرى باعتبار أنه قد فصل نهائياً في مسألة تجادل فيها الخصوم ،ولا يغير من ذلك اختلاف الطلبات في الدعويين ، إذ لا يجوز طلب صحة التوقيع على محرر سبق الحكم بعدم صحته بين ذات الخصوم ـ إذ الحكم في الكل الحائز للحجية يمنع إعادة النظر في جزء منه ، وإذ التزم الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر ، وقضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الالتماس رقم 3947 لسنة 98 ق ـالقاهرة فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون .

الجزء الثالث : وقائع الدعوى ، الأصل أن وقائع الدعوى لا حجية لها في ذاتها ، وإنما يمكن أن تستمد الحجية من خلال أسباب الحكم ذات الصلة بالمنطوق والتي تكتسب الحجية بهذه الصلة بالمنطوق56 .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(53) فلا حجية لما قضت به المحكمة بإلزام خصم بتقديم حساب .
فإذا قضت المحكمة بصحة إجراءات التنفيذ فإن ذلك يعني الحكم بصحة السند أساس التنفيذ .
(54) كالفصل في دعوى التزوير الفرعية وكالفصل في الدفع بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى .
(55) الطعن رقم 184 لسنة 48 ق ـ جلسة 14 /3 /1983
(56) الطعن رقم 1122 لسنة 58 ق ـ جلسة 26 /11 /1992

شرح المادة رقم 101 من قانون الاثبات

قانون الإثبات يعتبر الحجية ونعني حجية الأمر المقضي فيه قرينة علي الصحة ونعني صحة الحكم القضائي ، فالأحكام التى حازت حجية الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه مـن الحقوق ، وهي قرينة قانونية لأنها تقررت بنص ، وهي قرينة قاطعة أي لا يجوز إثبات عكسها بأي دليل ولو بالإقرار أو باليمين . ونكرر للأهمية أن المشرع أقام قرينة حجية الأمر المقضي علي أساس قرينة قانونية قاطعة مفادها صحة الحكم القضائي ، فالنص – مادة 101 من قانون الإثبات – يفرض فرضاً غير قابل لإثبات العكس أن الحكم هو عنوان الحقيقة وأن الحقيقية القضائية قرينة علي الحقيقة الواقعة ، وحقيقة الحال أن هذه القرينة قائمة علي الغالب الراجح شأنها شأن جميع القرائن (14) . والتساؤل : كيف برر المشرع ذلك …؟

الإجابة : يبرر ما سبق باعتبارين :-

الاعتبار الأول : أن الحكم متي فصل في خصومة قائمة كان لابد من الوقوف عنده لوضع حد لتجدد الخصومات والمنازعات ، فلا يجوز للخصم المحكوم عليه أن يعيد طرح النزاع علي القضاء بدعوى مبتدأة .

الاعتبار الثاني : أنه إذا سمح القانون بتجديد النزاع بدعاوى مبتدأة لجاز لكل من الخصمين أن يحصل علي حكم يتعارض مع الحكم الذي حصل عليه الخصم الآخر فتقوم أحكام متعارضة في ذات النزاع وبين نفس الخصوم ولا شك أن هذا التعارض يجعل من المتعذر تنفيذ الأحكام القضائية15 .

 

– ويترتب علي ذلك ما يلي النتائج الآتية . وهي آثار حقاً هامة بل وخطيرة؛

النتيجة الأولي : لا حجية للأحكام المنعدمة . الحجية صفة تثبت للحكم ، فإذا كان الحكم منعدماً فهو ليس حكماً فلا حجية له . فهو ببساطه ليس حكماً . وهو ما يطرح التساؤل . متي يكون الحكم منعدماً ..؟

الإجابة : يكون الحكم منعدماً إذا فقد ركن من أركانه ، وللحكم ثلاث أركان ، الركن الأول أن يصدر من محكمة تتبع جهة قضائية(16) . الركن الثاني أن يصدر في خصومة منعقدة علي نحو صحيح(17) . الركن الثالث أن يكون مكتوباً18 .

ومن الضروري الإشارة إلي أنه يشترط لرفع دعوى مبتدأة بانعدام الحكم توافر شرطين معاً ، الشرط الأول . أن يكون الحكم منعدماً فعلاً بأن يتجرد من أركانه الأساسية أو أحد هذه الأركان ، الشرط الثاني انغلاق طرق الطعن العادية فيه . وتتحم الإشارة هنا إلي قاعدة الغش وما يترتب عليها إذ المقرر أن الغش يفسد كل التصرفات

وفي قضاء رائع لمحكمة النقض بشأن جواز رفع دعوى انعدام حكم قضت : طلب الطاعنة الحكم ببطلان صحيفة الدعوى والإجراءات التالية لها علي سند من إعلانها بالصحيفة في موطن وهمي بطريق الغش والتواطؤ تكييفه الصحيح طلب بانعدام الحكم الصادر في هذه الدعوى . جواز إبدائه بدعوى مبتدأة . قضاء الحكم المطعون فيه برفضه علي أن إعلان الطاعنة في غير موطنها والتلاعب في الإعلانات يبطل الحكم ولا يجعله معدوماً فيظل قائماً ما لم يقض ببطلانه بالطعن عليه بطريق الدعوى المبتدأة . مخالفة للقانون19 .

النتيجة الثانية : حجية الحكم القضائي لا تتعارض مع تصحيح الخطأ المادي الوارد في هذا الحكم ، فالحجية صفة تثبت للحكم ولو كان بهذا الحكم خطأ مادي ، والخطأ المادي بكلتا صورتيه ” الكتابية – الحسابية ” جائز التصحيح .

وطبقاً للمادة 191 من قانون المرافعات : تتولى المحكمة تصحيح ما يقع في حكمها من أخطاء مادية بحتة كتابية أو حسابية وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم من غير مرافعة ويجرى كاتب المحكمة هذا التصحيح على نسخة الحكم الأصلية ويوقعه هو ورئيس الجلسة.

ويجوز الطعن في القرار الصادر بالتصحيح إذا تجاوزت المحكمة فيه حقها المنصوص عليه في الفقرة السابقة وذلك بطرق الطعن الجائزة في الحكم موضوع التصحيح ، أما القرار الذي يصدر برفض التصحيح فلا يجوز الطعن فيه على استقلال20 .

النتيجة الثالثة : لا حجية للأحكام المستعجلة . لأنها ليست أحكام قضائية بالمعني الفني الدقيق . استثناء الحكم الصادر في دعوى إثبات الحالة ؛ فالحكم الصادر في مادة مستعجلة ذي غاية محددة هي في تقديم حماية وقتية للحقوق الي أن يتمكن القضاء بإجراءاته العادية من إنزال حمايته التأكيدية والتنفيذية عليه ، فهي تقدم إسعافاً وقتياً للحق إلى أن يتمكن القضاء من حمايته موضوعياً وتنفيذياً ، وتحدد هذه الوظيفة طبيعة الدور الذي تقوم به أعمال الحماية المستعجلة ، فهو دور مكمل ومساعد لأعمال الحماية التأكيدية والتنفيذية يباشر قبلها أو في أثنائها بغرض ضمان فاعلية الحماية التي تقدمها هذه الأعمال ويهيئ أمامها المجال الذي يسمح لها بأداء وظيفتها . ولذلك توصف أعمال القضاء المستعجل بأنها أعمال حماية تبعية وتكميلية ومساعدة واحتياطية ، وهذه الطبيعة الخاصة لما يقوم به القضاء المستعجل هي ما يدفعنا الي القول بأن ما يصدر عنه ليس أحكاماً بالمعني الدقيق ، بل هي مجرد إجراءات وقتية لحظية تواجه حالة الاستعجال التي يدعيها المدعي وهو من يقيم الدعوى المستعجلة21 .

المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الأحكام الصادرة فى الأمور المستعجلة لا تحوز حجية الأمر المقضي أمام محكمة الموضوع ، باعتبارها أحكاماً وقتية لا تؤثر فى أصل الحق ، ولما كان قاضى الموضوع لا يلتزم بالرد على وجوه الدفاع غير المنتجة فى الدعوى ، فلا يعيب الحكم إغفاله استناد الطاعنة فى دفاعها إلى الحكم الصادر من قضـاء الأمور المستعجلة بطرد المطعون ضدها الأولى من عين النزاع (22) . كما قضت محكمة النقض في ذات الصدد بأنه : قاضي الأمور المستعجلة يختص وفقاً للمادة 45 من قانون المرافعات بالحكم بصفة مؤقتة ومع عدم المساس بأصل الحق في المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت فأساس اختصاصه أن يكون الأمر المطلوب باتخاذ قرار عاجل وألا يمس هذا القرار أصل الحق الذي يترك لذوى الشأن يتناضلون فيه أمام القضاء الموضوعي ، وإذا تبين أن الإجراء المطلوب ليس عاجلاً أو يمس أصل الحق حكم بعدم اختصاصه بنظر الطلب ويعتبر حكمه هذا منهياً للنزاع المطروح عليه بحيث لا يبقي منه ما يصح إحالته لمحكمة الموضوع23 .

وفي بيان حقيقة الدور المنوط بالقضاء المستعجل قررت محكمة النقض هذا الحكم الرائع : الثابت قضاءً أن مأمورية قاضي الأمور المستعجلة ليست هي الفصل في أصل الحق بل إصدار حكم وقتي بحت يرد به عدواناً بادياً للوهلة الأولي من أحد الخصمين علي الآخر أو يوقف مقاومة من أحدهما علي الآخر بادية للوهلة الأولي أنها بغير حق ، أو يتخذ إجراء عاجل يصون به موضوع الحق أو دليلاً من أدلة الحق24 .

النتيجة الرابعة : لا حجية لفتاوى الجمعية العمومية بقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة لأن الجمعية العمومية المشار إليها ليست جهة حكم ؛ إشكالية هذه الفتاوى أنها ملزمة للجانبين الذين ثارت بينهما المنازعة الصادر بشأنها الفتوى ، وهو ما أثار الاعتقاد بأن لها حجية ، وحقيقة الحال أن الحجية لا تثبت إلا لعمل قاضي محدد عينة المادة 101 من قانون الإثبات وهو الأحكام القضائية ، والفتوى ليست حكماً ، وفي هذا الصدد قضت المحكمة الدستورية العليا : تنص المادة 66 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 علي أن ” تختص الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بإبداء الرأي مسبباً في المسائل والموضوعات الآتية ” المنازعات التي تنشأ بين الوزارات أو بين المصالح العامة أو بين هذه الجهات بعضها البعض ، ويكون رأي الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع في هذه المنازعات ملزماً للجانبين ” ومؤدي هذا النص أن المشرع لم يسبغ علي الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع ولاية القضاء في المنازعات التي تقوم بين فروع السلطة التنفيذية وهيئاتها ، وإنما عهد إليها بمهمة الإفتاء فيها بإبداء الرأي مسبباً علي ما يفصح عنه صدر النص ، ولا يؤثر في ذلك ما أضفاه المشرع علي رأيها من صفة الإلزام للجانبين لأن هذا الرأي الملزم لا يتجاوز حد الفتوى ولا يرقي به نص المادة 66 المشار إليها إلي مرتبة الأحكام ، ذلك أن الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع ليست من بين ما يتألف منه القسم القضائي لمجلس الدولة ، ولا تتبع عند طرح المنازعة عليها الإجراءات التي رسمها قانون المرافعات أو أية قواعد إجرائية أخري تقوم مقامهما وتتوافر بها سمات إجراءات التقاضي وضماناته ، كما لا يحوز الرأي الذي تبديه بشأنها حجية الأمر المقضي25 .

النتيجة الخامسة : الحجية في قضايا النفقات والأجور والمصاريف حجية مؤقتة : الحجية تعني عدم جواز طرح النزاع مرتين علي المحكمة ، فالحجية أثر للحكم القضائي علي نحو ما أشرنا ، وتبقي للأحكام الصادرة بالنفقة – خصوصية – ذلك أنها بسبب طبيعتها ذات حجية مؤقتة وأنها مما تقبل التغيير والتبديل وترد عليها الزيادة والنقصان بسبب تغير الظروف كما يرد عليها الإسقاط بتغير دواعيها وأن هذه الحجية المؤقتة تظل باقية طالما أن دواعي النفقة وظروف الحكم الصادر بها لم تتغير26 .

فالنفقة ذات حجية مؤقتة تقبل التغيير والتبديل حسب تغير الظروف ، ومن ثم فإن حجية حكم قد انتهت بتغيير الظروف ، فإن المحكمة تقضى بإبطال النفقة المقررة لإقامته مع والده والإنفاق عليه وذلك من تاريخ رفع الدعوى ، ومن قضاء محكمة النقض في هذا الصدد : وحيث أنه عن الموضوع فإنه ولما كان من المقرر شرعاً أن المطالبة بنفقة الصغير تعتمد استمرار اليد عليه بصرف النظر عن صاحب الحق في الحضانة فإذا زالت اليد على الصغير انتفى موجب المطالبة بالنفقة عنه27 .
كما قضت محكمة النقض : دعوى النفقة والحبس تختلفان في موضوعهما وسببهما عن دعوى التطليق للفرقة لاختلاف المناط في هذه الدعاوى الثلاث ، فبينما تقوم الأولي علي وجوب نفقة الزوجة علي زوجها لاحتباسها لحقه ومنفعته لتحقيق مقاصد الزواج حتي وإن لم يتحقق هذا الاحتباس بسبب من قبل الزوج فإن دعوى الحبس تستند إلي امتناع المحكوم عليه عن أداء النفقة المقررة بحكم واجب التنفيذ ، بيد أن دعوى التطليق المطروحة تؤسس علي إدعاء الإساءة واستحكام النفور بين الزوجين لمدة ثلاث سنوات علي الأقل (28) . كما قضي بأن الأصل فى الأحكام الصادرة بالنفقة – و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أنها ذات حجية مؤقتة ، لأنها مما تقبل التغيير و التعديل ، و ترد عليها الزيادة و النقصان بسبب تغير الظروف ، كما يرد عليها الإسقاط بسبب تغير دواعيها29 .

النتيجة السادسة : حجية الحكم الصادر بعدم الاختصاص القيمي مع الإحالة : يعرف الاختصاص القيمي – أو نصاب المحكمة – بأنه معيار تحديد اختصاص محاكم الدرجة الأولي ، فقيمة الدعوى هي التي تحدد المحكمة التي تتولى الفصل فيها ” جزئية – ابتدائية30 .

والأصل أن قواعد الاختصاص القيمي تتعلق بالنظام العام إلا أن مخالفتها لا تمنع من ثبوت الحجية للحكم الصادر في مسالة الاختصاص القيمي متي صدر من جهة قضائية لها الولاية في إصداره .

شرح المادة رقم 101 من قانون الاثبات

فقضت محكمة النقض : القضاء بعدم الاختصاص والإحالة بحسب قيمة الدعوى تتقيد به المحكمة المحال إليها بتقدير هذه القيمة ولو بني علي قاعد غير صحيحة في القانون(31) . كما قضت محكمة النقض : القضاء بعدم الاختصاص والإحالة . قضاء منه للخصومة كلها . جواز الطعن فيه علي استقلال . عدم الطعن فيه . أثره . وجوب تقيد المحكمة المحال إليها به ولو خالف صحيح القانون . امتناع الجدل من بعد في مسألة الاختصاص(32) . كما قضت محكمة النقض : قضاء المحكمة الجزئية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى والإحالة إلي المحكمة الابتدائية . قضاء منه للخصومة أمامها . عدم الطعن في هذا القضاء . أثره . صيرورته حائزاً قوة الأمر المقض . مؤداه . تقيد المحكمة المحال إليها به ولو كان مبنياً علي قاعدة خاطئة . عدم جواز إثارة مسالة الاختصاص أمام المحكمة المحال إليها33 .

قضاء المحكمة الابتدائية بعدم اختصاصها قيمياً بنظر النزاع وإحالته إلي المحكمة الجزئية تأسيساً علي أن عقد الإيجار ورد علي أرض فضاء ومحدد المدة . صيرورة هذا القضاء نهائياً لعدم استئنافه . أثره . عدم جواز العودة إلي مناقشة طبيعة العقد ومدته . مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك . جواز الطعن فيه بالنقض34 .
كما قضت محكمة النقض : قضاء المحكمة الجزئية بعدم الاختصاص والإحالة إلي المحكمة الابتدائية لخضوع أجرة العين المؤجرة لقوانين الإيجار . اكتساب الحكم حجية الأمر المقضي . أثره . عدم جواز العودة إلي مناقشة أمر خضوع العين لقوانين إيجار الأماكن35 .

النتيجة السابعة : للحكم الصادر بعدم الاختصاص النوعي والإحالة حجية : يعرف الاختصاص النوعي بأنه سلطة المحكمة في الفصل في دعاوى معينه بالنظر الي طبيعة الرابطة القانونية محل الحماية أي إلى نوعها ، بصرف النظر عن قيمتها ، وهو نصيب المحاكم من المنازعات التي تعرض علي المحاكم .
والأصل أن قواعد الاختصاص النوعي تتعلق بالنظام العام إلا أن مخالفتها لا تمنع من ثبوت الحجية للحكم الصادر في مسالة الاختصاص النوعي متي صدر من جهة قضائية لها الولاية في إصداره .

قضت محكمة النقض : قضاء المحكمة الجزئية بعدم الاختصاص نوعياً والإحالة إلي المحكمة الابتدائية لخضوع العين المؤجرة لقوانين إيجار الأماكن . اكتساب الحكم قوة الأمر المقضي . أثره . عدم جواز العودة إلي مناقشة هذه المسألة36 .

النتيجة الثامنة : للحكم الصادر بعدم قبول الدعوى بحالتها حجية موقوتة : استفتح قانون الإثبات المادة 101 من قانون الإثبات بالنص علي أنه ” الأحكام التى حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه مـن الحقوق “.

وهذا يعني أن الحجية هي أثر لحكم فصل في موضوع النزاع ، فإذا لم يفصل الحكم في موضوع النزاع فلا حجية لانتفاء محلها وهو الحكم القطعي الصادر في موضوع النزاع ، لكن من المتصور أن تصدر محكمة حكماً بعدم قبول الدعوى بحالتها كأثر لعدم توافر شروط الحكم بقبول الدعوى ، في هذا الصدد قضت محكمة النقض : الحكم بعدم قبول الدعوى بالحالة التي هي عليها يكون له حجية موقوتة تقتصر علي الحالة التي كانت عليها الدعوى حين رفعها أول مرة وتحول دون معاودة طرح النزاع من جديد متي كانت الحالة التي انتهت بالحكم السابق هي بعينها لم تتغير37 .

كما قضت محكمة النقض : المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه وإن كان المعول عليه في الحكم والذي يحوز منه حجية الأمر المقضي هو قضاؤه الذي يرد في المنطوق دون الأسباب إلا أن تكون هذه الأسباب قد تضمنت الفصل في أوجه النزاع التي أقيم عليها المنطوق كله أو بعضها أو متصلة به اتصالاً حتمياً بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها إذ في هذه الحالة تكون الأسباب هي المرجع في تفسير المنطوق وتحديد مداه وفي الوقوف علي حقيقة ما فصلت فيه المحكمة ، لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم الصادر في الدعوى رقم 756 لسنة 1985 مدني السويس الابتدائية وإن كان قد صدر في منطوقه برفض دعوى المطعون ضدهم . إلا أنه يبين من أسبابه المرتبطة بهذا المنطوق أنها لا تنطوي علي قضاء قطعي بأن مستندات المطعون ضدهم لا تثبت مدعاهم إنما يفيد أن المحكمة لم تجد فيها بالحالة التي كانت عليها ما يكفيها لوضع حد في النزاع في جملته بحكم حاسم لا رجوع فيه ، ومن ثم فإن هذا القضاء برفض تلك الدعوى هو رفض لها بحالتها ، إذ من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحكم برفض الدعوى بالحالة التي هي عليها وقت صدوره له حجية موقوتة تقتصر علي الحالة التي كانت عليها الدعوى حين رفضها لا تول دون معاودة طرح النزاع من جديد متي كانت الحالة التي انتهت بالحكم السابق قد تغيرت38 .

النتيجة التاسعة : حجية أحكام التحكيم تحول دون عرض النزاع علي القضاء العادي : يعرف التحكيم بأنه نظام أو طريق خاص للفصل فى المنازعات بين الأفراد والجماعات سواء كانت مدنية أو تجارية عقدية كانت أو غير عقدية ، فالتحكيم يجد قوامه وأساسه في الخروج على طرق التقاضي العادية ، فيعتمد على أن أطراف النزاع هم أنفسهم من يختارون قضاتهم – محكميهم – وتسمى “هيئة التحكيم” وتتكون من محكم واحد أو أكثر حسبما يتفق الأطراف بمشارطة التحكيم أو فى الوثيقة المنظمة للعلاقة التي يتناولها التحكيم .

وقد كان ولا زال التحكيم محل اختلف حول طبيعته فأضفى عليه البعض الطبيعة القضائية انطلاقا من طبيعة عمل المحكم التي تتماثل مع عمل القاضي ،بينما ذهب البعض إلى تبنى الطبيعة العقدية للتحكيم استنادا إلى أن أساس التحكيم هو اتفاق الأطراف ، بينما ذهب رأي ثالث نراه جديراً بالتأييد إلى اعتبار التحكيم ليس اتفقا محض ولا قضاءً محض فهو فى أوله اتفاق وفى وسطه إجراء وفى أخره حكم39 .

 

* وتنص المادة رقم 55 من قانون التحكيم 27 لسنة 1994 علي أنه : –  تحوز أحكام المحكمين الصادرة طبقا لهذا القانون حجية الأمر المقضي وتكون واجبة النفاذ بمراعاة الأحكام المنصوص عليها فى هذا القانون .

يقصد بالحجية في قانون التحكيم المصري تقيد أداة الحكم – هيئة التحكيم – عن المساس بالحكم بعد إصداره ، فلا تملك هيئة التحكيم بعد إصدار حكمها العدول عن حكمها أو التغيير في مضمونه حتى لا تختل الثقة في أحكام المحكمين شأنها في ذلك شأن أحكام القضاء ، وحجية حكم التحكيم قوامها إرادة واتفاق أطراف التحكيم وإطارها مرهون بمشيئتهم واعتبارات مصالحكم الخاصة ، لذا لخصوم التحكيم – بعد صدور حكم التحكيم – إذا لم يرق لهم الحكم الالتجاء الي نفس هيئة التحكيم أو الي هيئة تحكيم أخري دون أي قيد طالما كان ذلك باتفاقهم ، وليس من حق هيئة التحكيم أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم قبول دعوى التحكيم لسبق الفصل في موضوع النزاع40

وقد قضت محكمة النقض في هذا الصدد : إذا عرضت هيئة التحكيم من تلقاء نفسها لتقدير حجية قرار سابق صادر منها في النزاع وانتهت الي قيام هذه الحجية ورتبت علي ذلك قرارها بعدم جواز نظر النزاع لسبق الفصل فيه ، في حين أنه لم يكن للهيئة – هيئة التحكيم – أن تأخـذ من تلقـاء نفسها بقرينة قوة الأمر المقضي41 .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(14) وسيط السنهوري – طبعة نقابة المحامين 2006 تنقيح المستشار مدحت المراغي – الجزء الأول المجلد الثاني – ص 574
(15) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني : …. وقوام حجية الشيء المقضي به هو ما يفرضه القانون من صحة مطلقة في حكمة القاضي ، فهذه الحجية تفترض نزاعاً بين المصالح يستتبع الترافع إلي القضاء ، ولا شك في أن صحة الحكم لا تعتبر حتماً تقتضيه طبيعة الأشياء .ذلك أن القضاة تعوزهم العصمة شأنهن في هذه الناحية شأن البشر كافة . بيد أن المشرع أطلق قرينة الصحة في حكم القاضي رعاية لحسن سير العدالة واتقاء لتأبيد الخصومات . فأساس هذه القرينة هو النص المقرر لحجية الشيء المقضي به .
(16) فينبغي أن يصدر الحكم من قاض له الصفة قبل زوالها ، فإذا زالت صفته انعدم حكمه الذي يصدره بعد زوال الصفة ، الحكم الذي يصدر من شخص لا يعد قاضياً لا يكون حكماً أو من قاض لم يحلف اليمين القانونية أو من قاضي زالت عنه ولاية القضاء بسبب العزل أو الإحالة إلي المعاش أو الاستقالة ، كما يعتبر معدوماً الحكم الصادر من قاض موقوف بصفة مؤقتة عن عمله أو من قاض صدر حكم بالحجر عليه قبل إصدار حكمه ، كما يعتبر حكماً معدوماً الحكم الذي يصدر من محكمة غير مشكلة وفقاً لأحكام القانون ، فإذا صدر من قاضيين في دعوى ينبغي أن تنظرها محكمة مشكلة من ثلاثة قضاة كان معدوماً . أما إذا صدر الحكم من قاض غير صالح لنظر الدعوى لتوافر سبب من أسباب عدم الصلاحية فإنه يكون باطلاً ولا يكون معدوماً . ، كما يعتبر باطلاً الحكم الصادر في دعوى لم تمثل فيها النيابة العمومية في الحالات التي يوجب القانون تمثيلها فيها ، كما أن تخلف أحد القضاة الذين اشتركوا في المداولة من الحضور في جلسة النطق بالحكم دون أن يوقع علي مسودة الحكم يبطله ولا يعدمه ، وفي هذا الصدد نورد ما قررته المحكمة الدستورية العليا فقد قضت : ومؤدي هذا النص أن المشرع لم يسبغ علي الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع ولاية القضاء في المنازعات التي تقوم بين فروع السلطة التنفيذية وهيئاتها ، وإنما عهد إليها بمهمة الإفتاء فيها بإبداء الرأي مسبباً علي ما يفصح عنه صدر النص ، ولا يؤثر في ذلك ما أضفاه المشرع علي رأيها من صفة الإلزام للجانبين لأن هذا الرأي الملزم لا يتجاوز حد الفتوى ولا يرقي به نص المادة 66 المشار إليها إلي مرتبة الأحكام ، ذلك أن الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع ليست من بين ما يتألف منه القسم القضائي لمجلس الدولة ، ولا تتبع عند طرح المنازعة عليها الإجراءات التي رسمها قانون المرافعات أو أية قواعد إجرائية أخري تقوم مقامهما وتتوافر بها سمات إجراءات التقاضي وضماناته ، كما لا يحوز الرأي الذي تبديه بشأنها حجية الأمر المقضي – الحكم الصادر في الدعوى الدستورية رقم 15 لسنة 1 ق تنازع بجلسة 17-1-1981 .
(17) فيتعين أن تنعقد الخصومة بأن تعلن صحيفتها إلي المدعي عليه وأن يكون كل من طرفيها أهلاً للتقاضي وإلا فإنها تكون معدومة ، ومن ثم يعتبر معدوماً الحكم الصادر علي من يعلن إطلاقاً بصحيفة الدعوى ، أو علي من تم إعلانه بإجراء معدوم ، كما إذا ثبت بحكم من القضاء تزوير محضر الإعلان ففقد الإعلان كيانه ووجوده ، ويعتبر معدوماً الحكم الذي الصادر علي من أخرجته المحكمة من الخصومة قبل صدور الحكم فيها ، ويعتبر معدوماً أيضاً الحكم الصادر علي من توفي أو فقد أهليته قبل رفع الدعوى ، ولكن الحكم يكون باطلاً إذا صدر علي من أعلن بصحيفة باطلة فإذا توفي الخصم أو فقد أهليته أثناء نظر الدعوى وصدر الحكم عليه دون أن يمثل في الخصومة من يقوم مقامـه ودون أن يعلن بقيام هذه الخصومة فإن الحكم يعد باطلاً ولا يعد معدوماً .
(18) فيتعين أن يكون الحكم مكتوباً وإلا كان معدوماً ، وكذلك إذا لم يوقع عليه رئيس الهيئة التي أصدرته ، وكذلك الحكم الذي لك يذكر فيه إطلاقاً اسم المحكوم عليه أو المحكوم له .
(19) نقض جلسة 13-3-1996 الطعنان رقما 1600 ، 2440 لسنة 65 ق .
(20) مجال تطبيق نص المادة 123 من القانون المدني ، الغلط فى الحساب و غلطات القلم أي الأخطاء المادية التي تقع من محرر العقد أثناء كتابته وتكشف عنها الورقة بذاتها و لا يترتب على تصحيحها تعديل موضوع العقد فلا يدخل فى هذه الأخطاء التوقيع على الورقة بختم بدلاً من ختم آخر لأن الورقة لا يمكن أن تكشف بذاتها عن هذا الخطأ و لأن تصحيحه يترتب عليه إسناد الورقة إلى غير الموقع عليها و هو ما يخالف نص المادة 394 من القانون المدني التي تقضى بأن الورقة العرفية تعتبر صادرة ممن وقعها – الطعن رقم 457 لسنة 34 مكتب فني 20 صفحة رقم 111 بتاريخ 16-01-1969
(21) د. ماجد رضوان – أعمال القضاء المستعجل – دار الجيل – ط 1999 ، ويقرر سيادته . ويستثني من ذلك الأحكام الصادرة في دعاوى إثبات الحالة فهي تبقي دائماً هي وتقارير الخبراء الذين تم تعينهم محل اعتبار عند الحكم في موضوع الدعوى بأصل الحق .
(22) الطعن 870 لسنة 49 ق جلسة 13/12/ 1984 كما قررت محكمة النقض في حكم آخر لها بأن ” الأحكام الصادرة من قاضى الأمور المستعجلة لا تحوز حجية الشيء المحكوم فيه أمام محكمة الموضوع عند نظر أصل الحق – الطعن 1718 لسنة 52 مكتب فني 40 صفحة 704 بتاريخ 28-06-1989 .
(23) الطعن 772 لسنة 43 ق جلسة 22 /6 /1977 .
(24) نقض 19/12/1953 – مجموعة عمر – الجزء الأول ص 199 .
قضي في الطعن رقم 78 لسنة 33 مكتب فنى 18 صفحة رقم 485 بتاريخ 23-02-1967 : الأحكام الصادرة من قاضى الأمور المستعجلة أحكام وقتية لا تحوز قوة الشئ المقضي فيما قضت به فى أصل النزاع فلا تلتزم محكمة الموضوع بالأخذ بالأسباب التى استند إليها القاضى المستعجل فى الحكم بالإجراء الوقتي – كما قضي في الطعن رقم 99 لسنة 37 مكتب فنى 23 صفحة رقم 1357 بتاريخ 12-12-1972 الأحكام الصادرة من قاضى الأمور المستعجلة ـ و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ هى أحكام وقتية لا تحوز قوة الأمر المقضى فيما قضت به فلا تلتزم محكمة الموضوع عند الفصل فى أصل النزاع بالأخذ بالأسباب التى استند إليها القاضى المستعجل فى الحكم بالإجراء الوقتي . كما قضي في الطعن رقم 219 لسنة 43 مكتب فنى 27 صفحة رقم 1828 بتاريخ 29-12-1976 : إذ كان القضاء فى طلب وقف نفاذ الحكم المستأنف بالتطبيق للمادة 292 من قانون المرافعات قضاء وقتياً لا يحوز قوة الأمر المقضى لأن الفصل فيه إنما يستمد إلى ما يبدو للمحكمة من ظاهر أوراق الدعوى بما يخولها أن تعدل عند الفصل فى الموضوع عن رأى إرتأته وقت الفصل فى طلب وقف التنفيذ ، إذ ليس لحكمها فيه من تأثير على الفصل فى الموضوع ، فإنه لا وجه للتحدى بسبق وقف محكمة الإستئناف تنفيذ حكم المحكمة الإبتدائية . كما قض في الطعن رقم 93 لسنة 02 مجموعة عمر 1ع صفحة رقم 189 بتاريخ 16-02-1933 . القضاء بإجراء أمر وقتى لا يجوز قوة الشئ المحكوم به فى أصل موضوع النزاع . فهو بطبيعته هذه لا يمكن أن يقع تناقض بينه و بين حكم آخر يصدر فى موضوع النزاع المقضي بإتخاذ ذلك الأجراء فيه . فإذا صدر نهائياً من القضاء المستعجل حكم بإيقاف تنفيذ حكم نهائى لحين البت فى مسألة موضوعية فالحكم النهائى الذى تصدره محكمة الموضوع من بعد قاضياً بإعتبار ذلك الحكم الموقف تنفيذه واجب التنفيذ لا يصح الطعن فيه بدعوى أنه خالف الحكم السابق صدوره من القضاء المستعجل . كما قضي في الطعن رقم 3499 لسنة 61 مكتب فنى 43 صفحة رقم 458 بتاريخ 15-03-1992 : الفقرة الثانية من المادة 251 من قانون المرافعات أجازت لمحكمة النقض أن تأمر بوقف تنفيذ الحكم مؤقتا إذا طلب ذلك فى صحيفة الطعن وكان يخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه فإن مناط وقف التنفيذ هو خشية وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه إذا ما ألغى بعد ذلك ولهذا كان حكم وقف التنفيذ حكما وقتيا مرهونا بالظروف التى صدر فيها ولا تتنازل فيه محكمة النقض موضوع الطعن وإنما يقتصر بحثها فيه على تنفيذ الحكم وما إذا كان يتعذر تداركه فى حالة نقض الحكم أم لا يتعذر ومن ثم فإن قضاء محكمة النقض بوقف تنفيذ الحكم لا يحوز قوة الأمر المقضى بالنسبة لموضوع الطعن وليس لهذا الحكم تأثير على الفصل فى موضوعه ولا على الفصل فى طعن آخر يتردد بين الخصوم أنفسهم وأبا بلغ الارتباط بين الطعنين وعلى ذلك فإن اشتراك أحد أعضاء الهيئة التى أصدرت الحكم فى طلب وقف التنفيذ لا يمنع من اشتراكه فى الهيئة التى تفصل فى أي طعن آخر يتردد بين الخصوم أنفسهم عن ذات النزاع ولا محل للقول بأن هذا العضو قد أبدى رأيه فى موضوع الطعن وأنه بذلك قام به سبب من أسباب عدم الصلاحية يمنعه من الفصل فى موضوع الطعن.
(25) الحكم الصادر في الدعوى الدستورية رقم 15 لسنة 1 ق تنازع بجلسة 17-1-1981 .
(26) طعن رقم 21 لسنة 28 ق أحوال شخصية جلسة 27/10/1960 س 11 صـ540 مجموعة القواعد القانونية لخمسة سنوات ، وحكم الأجور والمصاريف هو ذات حكم النفقة من حيث أنها حجية مؤقتة وأنها مما تقبل التغيير والتبديل . راجع كذلك نقض أحوال شخصية 115 لسنة 46 ق جلسة 2-2-1988 .
(27) نقض 28 /6/ 1988 الطعن 15 لسنة 56 ق
(28) نقض أحوال شخصية – الطعن رقم 249 لسنة 62 ق جلسة 23-9-1996 .
(29) الطعن رقم 4 لسنة 40 مكتب فنى 23 صفحة رقم 1003 بتاريخ 24-05-1972
(30)الدفوع في قانون المرافعات – المستشار محمد عزمي البكري – الطبعة الثانية – ص 974
(31) نقض مدني – جلسة 9-5-1972 سنة 23 ص 828 . .
(32) نقض مدني جلسة 31-5-1981 الطعن رقم 408 لسنة 44 ق .
(33) نقض مدني – جلسة 18-2-1993 الطعن رقم 1023 لسنة 62 ق .
(34) نقض مدني – جلسة 20-2-1994 الطعن رقم 2972 لسنة 59 ق .
(35) نقض مدني – جلسة 13-6-1982 الطعن رقم 199 لسنة 42 ق .
(36) نقض مدني – الطع رقم 3177 لسنة 59 ق جلسة 23-3-1994 .
(37) نقض جلسة 21-6-1994 سنة 45 الجزء الثاني ص 1080 .
(38) نقض مدني – الطعن رقم 4922 لسنة 63 ق جلسة 19-1-1995 .
(39) د. محمود سلامة – موسوعة التحكيم والمحكمة الطبعة الثالثة 2014 – المجلد الأول – المقدمة ص 11 .
(40) د . أحمد السيد صاوى – التحكيم طبقاً للقانون رقم 27 لسنة 1994 وأنظمة التحكيم الدولية – ص 262 – وقد أشار سيادته الي اختلاف مفهوم الحجية الخاصة بأحكام التحكيم عن حجية الأحكام القضائية ، فحجية الحكم القضائي تعني أن ما سبق عرضه علي القضاء وتم الفصل فيه لا ينبغي أن يطرح ليفصل فيه من جديد إلا بالطرق وفي المواعيد التي حددها القانون ، فالحجية – ويقصد حجية الأحكام القضائية – ضرورة تتطلبها مصلحة الأفراد كما تقتضيها مصلحة الجماعة ، إذ لا يعقل أن تستمر الخصومات بين الناس لا تقف عند حد ، فتتأبد المنازعات ، الأمر الذي يترتب عليه عدم استقرار الحقوق والمراكز القانونية وتعطيل المعاملات بين الناس .
(41) نقض مدني 30 يونيه 1960 مجموعة النقض السنة 11 صفحة 476 .

شرح المادة رقم 101 من قانون الاثبات

– الخطأ الذي وقع فيه المشرع بالمادة 101 إثبات – الخلط بين الحجية وقوة الأمر المقضي ؛

استفتح المشرع نص المادة 101 من قانون الإثبات بعبارة نصها ” الأحكام التى حازت قوة الأمر المقضي ” بما يبعث علي التصور بأن المادة محل البحث تتحدث عن الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي . وهذا خطأ. فالمادة 101 من قانون الإثبات تتحدث عن الأحكام التي حازت الحجية لا قوة الأمر المقضي فيه ، وسبب هذا الخطأ كما يقرر السنهوري أنه يجب التمييز بكثير من العناية بين حجية الأمر المقضي وقوة الشيء المقضي ، فكثيراً ما يقع الخلط بينهما في الفقه والقضاء والتشريع وكثيراً ما تستعمل إحدى العبارتين ويكون المقصود بها العبارة الأخرى . والتقنين المدني الجديد نفسه قد وقع في هذا الخلط – الذي انتقل إلي المادة 101 من قانون الإثبات – حين قررت المادة 101 من قانون الإثبات ” الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي ” وهو يقصد ” حجية الأمر المقضي ” فالحكم القطعي نهائياً كان أو ابتدائياً تثبت له حجية الأمر المقضي لأنه حكم قضائي فصل في خصومة . ولكن هذا الحكم لا يحوز قوة الأمر المقضي إلا إذا أصبح نهائياً غير قابل للطعن بالاستنئاف بأن كان في ذاته غير قابل للطعن أو كان قابل الطعن وانقضت مواعيده أو طعن فيه ورفض الطعن ، ففي جميع الأحوال يكون الحكم نهائياً حائزاً لقوة الأمر المقضي ولو كان قابلاً للطعن بطريق غير اعتيادي ، إما إذا كان الحكم قابلاً للاستئناف فإنه لا يحوز قوة الأمر المقضي ، ولكن تكون له حجية الأمر المقضي وتبقي هذه الحجية قائمة ما دام الحكم قائماً حتي لو طعن فيه بالاستئناف ، فإذا ألغي نتيجة الطعن زال وزالت معه حجيته ..
والذي نقف عنده هو حجية الأمر المقضي11، 12 . .

وقضاء النقض يؤكد ذلك ففي حكم رائع لمحكمة النقض قضت : لكل حكم قضائي قطعي حجية الشيء المحكوم فيه من يوم صدوره ولو كان قابلاً للطعن فيه ، وهذه الحجية تمنع الخصوم من رفع دعوى جديدة بادعاءات تناقض ما قضي به هذا الحكم ، ولا يجوز معها للمحكمة التي أصدرته ولا لمحكمة غيرها أن تعيد النظر فيما قضي به إذا تمسك الخصم الآخر بحجيته إلا إذا كانت هي المحكمة التي يحصل التظلم إليها منه باحدي طرق الطعن القانونية ، إلا أن هذه الحجية مؤقتة وتقف بمجرد رفع الاستئناف عن هذا الحكم وتظل موقوفة إلي أن يقضي في الاستئناف ، فإذا تأيد الحكم
عادت إليه حجيته ، وإذا ألغي زالت عنه هذه الحجية13 .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(11) والأحكام النهائية هي الأحكام التي لا يجوز الطعن فيها بالاستنئاف بعد أن ألغيت الأحكام الغيابية ، وإن كان يجوز الطعن فها بالنقض وبالتماس إعادة النظر علي أساس أن الطعن بالنقض وبالتماس إعادة النظر هما طريقان غير عاديين للطعن في الأحكام .
(12) وسيط السنهوري – طبعة نقابة المحامين 2006 تنقيح المستشار مدحت المراغي – الجزء الأول المجلد الثاني – ص 571
(13) نقض مدني جلسة 18-4-1968 مج المكتب الفني السنة 19 ص 795 .

 

 

لا يمكن توصيف أي عمل ولو أصدرته السلطة القضائية بأنه حكم إلا إذا توافرت فيه شروط معينة ، كما أنه الأحكام التي تجوز الحجية هي نوع محدد من الأحكام تسمي الأحكام القطعية ، كما يشترط للتمسك بالحجية أن الاختصاص فلابد أن يكون الحكم صادراً من محكمة مختصة به ، وعلي ذلك فإنه يشترط ما يلي تفصيلاً :

الشرط الأول : أن نكون بصدد حكم قضائي بالمعني القانوني الدقيق ، فالمحاكم لا تصدر إلي جوار الأحكام القضائية العديد من الأعمال التي تسمي بالأعمال الولائية وهذه لا حجية لها . وعموماً يقصد بالحكم القضائي في هذا الصدد الحكم الذي يصدر من سلطة قضائية مشكلة طبقاً للقانون ، ويكون الحكم كذلك سواء كان صادراً من المحاكم العادية بدوائرها المدنية أو التجارية ، أو المحاكم الاستثنائية كالمحاكم العسكرية أو من اللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائي ، لذا لا تعد القرارات الإدارية التي تصدر من السلطات الإداريـة أو القـرارات التي تصدر من النيابة العامة أو من لجان الضرائب ، فهي لا تعتبر أحكام لصدورها من سلطات إدارية بما لها من سلطة بمقتضى القانون45 .

ولكي يكون الحكم قضائياً – علي النحو السابق – يجب أن يكون القرار صدر من
المحكمة بمقتضى سلطتها القضائية في الفصل في المنازعات بين طرفين ، سواء قضى في النزاع كله أو في شق منها فصلاً نهائياً ، ولذا لا تعد القرارات التي تصدر من المحاكم بمقتضى سلطتها الولائية أحكاماً قضائيـة لأنها لا تفصل في نزاع بين طرفين على حق معين ، وإنما هـي تصدر أمر أو قرار لتقرير وضع قانوني معين القرارات أو الأوامر التي تصدر من المحاكم بتعيين وصي أو قيم أو خبير أو تصديق القاضي على محضر صلح بين الخصوم أو الإذن للوصي بمباشرة تعرف من التصرفات التي يجب فيها الحصول على إذن من المحكمة بمباشرتها فمثل هذه الأوامر والقرارات ، لا يكون لها حجية الأمر المقضي.

الشرط الثاني : أن نكون بصدد حكم قضائي قطعي ، والحكم القطعي هو الحكم الذي يحسم موضوع النزاع كله أو شق من أو في دفع من الدفوع الشكلية كالدفــع بعد
الاختصاص أو الدفوع الموضوعية كالدفع بعدم توافر الصفة أو بطلان صحيفة الدعوى ، لذا فالأحكام غير القطعية ، ليس لها حجية الأمر المقضي به .

والأحكام غير القطعية هي الأحكام التي لا تفصل في موضوع النزاع أو شق منه أو في دفع من الدفوع . ومن أمثله الأحكام غير القطعية . الأحكام التحضيرية كالحكم بإحالة الدعوى للتحقيق أو الأحكام التمهيدية كالحكم بتعيين خبير في الدعوى للقيام بإجراء قانوني معيـن أو الأحكام الوقتية كالحكم بتعين حارس قضائي . فكل هذه الأحكام غيـر قطعية لأن المحكمة غير مقيدة بنتيجتها ، ولذات السبب لا يعتبر الحكم القضائي حكم قطعي إذا قضي برفض الدعوى لقيام عقبـة قانونية تحول دون قبولها في الوقت الذي رفعت فيه دون أن يفصل في موضوع النزاع فإن ذلك لا يمنع طرف النزاع من إعادة طرح الموضوع مرة أخرى أمام المحكمة دون أن يكون لأحدهما حق التمسك بقاعدة حجية الأمر المقضي ، لأن الحكم الصادر من المحكمة غير قطعي46 .

في هذا الصدد قضت محكمة النقض : لكي يجوز التمسك بحجية الحكم يتعين كشرط أساسي أن يكون هناك حكم قضائي صادراً من جهة قضائية لها ولاية في النزاع المطروح عليها ، وأن يظل هذا الحكم قائماً ولم يتم إلغاؤه من جهة القضاء المختصة(47) . فالحكم القطعي ـ وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض ـ هو ذلك الذي يضع حداً للنزاع في جملته أو في جزء منها أو في مسألة متفرعة عنه بفصل حاسم لا رجوع فيه من جانب المحكمة التي أصدرته ، ولا حجية للحكم إلا فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بفصه صريحة أو ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق إلا بها48 .

الشرط الثالث : أن يكون الاحتجاج بالحكم القضائي أمام محكمة من الجائز الاحتجاج أمامها بهذا الحكم ، فالحكم القضائي الصادر من جهة قضائية تكون له حجية الأمر المقضي بالنسبة لجهات القضاء التي يتبعها ، أما جهات القضاء الأخرى فإن الحكم لا تكون له حجية الأمر المقضي أمامها . وعلى ذلك فإن الحكم الذي يصدر من المحاكم العادية لا تكون له حجية الأمر المقضي أمام محاكم مجلس الدولة . ولكن يحوز حجية
الأمر المقضي بالنسبة للمحكمة التي أصدرته وغيرها من محاكم الجهة القضائية ذاتها

وقد عرض الأمر علي محكمة النقض فقضت : المحاكم صاحبة الولاية العامة للقضاء فتختص بالفصل في كافة المنازعات أيا كان نوعها ، وأياً كان أطرافها ، ما لم تكن إدارية أو يكون الاختصاص بالفصل فيها مقرراً بنص الدستور أو القانون لجهة أخرى استثنائية لعلة أو لأخرى فليست العبرة بثبوت العلة وإنما بوجود النص … مؤدي نص المادة 92 من الدستور أن اختصاص مجلس الشعب بالفصل في صحة عضوية أعضائه اختصاص استثنائي ، فلا يتوسع فيه ولا يقاس عليه فيقصر على الطعن في صحة العضوية به ، ويكون لقراره في شأنها حجية الأمر المقضي به طبقاً لشروط الحجية المنصوص عليها في المادة 101 من قانون الإثبات(49) . كما قضت محكمة النقض في ذات السياق : الاختصاص بنظر الطعون التي ترفع عن القرارات الإدارية النهائية سواء صدرت من الإدارة أو من الجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي ينعقد ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره ، عدا ما يرى المشرع بنص خاص إعطاء القضاء العادي ولاية نظره ، وإذا تنص المادة الثانية من القانون 272 لسنة 1959 بتنظيم وزاره الأوقاف على أن تشغل بوزارة الأوقاف لجنة شئون الأوقاف وحدها بالمسائل الآتية : أولا : … ثانياً : إنهاء الحكر . ثالثاً : … وتبين اللائحة التنفيذية الإجراءات التي تتبع في هذه المسائل خصوصاً فيما يتعلق بتقديم الطلبات وبحثها وتقدير الأعيان وإجراءات النشر والمزاد … ، مما مفاده أن القانون المذكور ناط باللجنة المنصوص عليها في المادة الثانية من ولاية الفصل في الطعون التي يرفعها ذو الشأن ، عن الإجراءات التي تتبع لإنهاء الحكر ، وأن قرار هذه اللجنة هو قرار إداري نهائي صادر من لجنة ذات اختصاص قضائي ، إذا لم يرد في القانون نص خاص يخول القضاء العادي ولاية الفصل في الطعون التي ترفع عن قرارات اللجنة المذكورة ، فيكون الاختصاص بالفصل فيها ، منعقداً لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري ، وكان البين من مدونات الحكم ، رقم 779 لسنة 12ق ـ إدارية عليا ـ المقدم مفردات الطاعن ـ أن القرار المطلوب إلغائه في تلك الدعوى ، صادر من لجنة شئون الأوقاف برفض طلب مورث الطاعنين الخمسة الأول والطاعنة السادسة ، بأحقيتها وتفضيلها في شراء الأرض الموقوفة ، موضوع الحجة الشرعية ـ في غرة ربيع الأول سنة 1208هـ باعتبار أن لها حق الحكر عليها فيكون الحكم الصادر في تلك الدعوى قد صدر من جهة ذات ولاية ومن ثم تكون له حجية أمام القضاء العادي50 .

وفي قضاء آخر لمحكمة النقض : متي كان الحكم صادراً من محكمة خارج حدود ولايتها فإن قبوله أو تنفيذه ليس من شأنها أيهما أن يسبغ عليه قوة الأمر المقضي بل إن هذا الحكم يعتبر كأنه لم يكن بحيث يكون للمحكمة ذات الولاية إذا ما رفع إليها النزاع أن تنظر فيه كأنه لم يسبق عرضه علي القضاء51 .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(45) قضت محكمة النقض : القضاء العادي ولايته عامة . له التحقيق عند بحث حجية الحكم الصادر من جهة قضاء أخري من أنه صدر في حدود ولايته القضائية لهذه الجهة . انعدام حجية حكم جهة القضاء متي خرج عن حدود ولايته أمام جهة القضاء صاحبة الولاية – نقض 2-5-1967 مجموعة المكتب الفني سنة 18 ص 913 .

(46) م . محمد شبل – الدفع بعدم الجواز مدنياً وجنائياً – دار الفكر – 2002 ويقرر الحكم الصادر برفض تدخل شخص معين في الدعوى لعدم توافر الصفة لديه ، فإن هذا الحكم لا يمنعه من رفع دعوى مستقبلاً عن ذات النزاع والخصوم ، متى ثبت له هذه الصفة . أو الدعوى التي يرفعها الدائن للمطالبة بدين لم يحل ميعاد استحقاقه فإن الحكم الذي يصدر برفض دعواه لا يحول دون رفع دعوى جديدة عند حلول وقت سداد الدين ، دون أن يكون لخصمه حق التمسك بقاعدة حجية الأمر المقضي به ، لكون الحكم القضائي الصادر غير قطعي

(47) الطعن رقم 306 لسنة 59ق ـ جلسة 29/4/1993
(48)الطعن رقم 501 لسنة 49 ق ـ جلسة 13/1/1983
(49) الطعن رقم 538 لسنة 46 ق ـ جلسة 27/2/1983
(50) الطعن رقم 2479 لسنة 52 ق ـ جلسة 23/1/1986
(51) نقض 23-2-1950 مج النقض في 25 سنة الجزء الأول ص 55 قاعدة 229 .

شرح المادة رقم 101 من قانون الاثبات

أولا : وحدة الخصوم : – 

يقصد بوحدة الخصوم أو اتحاد الخصوم أن يكون النزاع في الدعوى القضائية الأولى الصادر فيها الحكم القضائي القطعي ، والنزاع في الدعوى القضائية الثانية الجديدة بين ذات الخصوم أنفسهم بصفاتهم . أي أنه يشترط فضلاً عن وحدة الخصوم وحدة صفاتهم أيضاً . فالحكم الذي يصدر في الدعوى التي يرفعها النائب أو الوكيل يكون حجة على الأصل ، ولكن ذلك لا يمنع الوكيل أو النائب من رفع دعوى جديدة عن ذات النزاع مستنداً إلى ذات السبب في الدعوى الأولى لكن بصفته الشخصية .

فالقاعدة إذن :
أن الحكم لا تثبت له الحجية إلا بالنسبة لطرفي الخصومة ، ويشترط للتمسك بحجية الحكم أن يكون الخصوم في الدعوى الأولي هم بذواتهم الخصوم قي الدعوى التالية ، فلا تقوم الحجية متي كان الخصمان في الدعوى الأولي قد تغير أحدهما أو كلاهما في الدعوى الثانية .
ومن الطبيعي أن تمتد حجية الحكم القضائي لتشمل خلف الخصم ، سواء أكان خلفاً عاماً كالوراثة أو خلفاً خاصاً كالمشتري للعين . فهؤلاء يكون محكوماً لهم أو عليهم بحسب ما يكون الحكم قد صدر لمصلحة سلفهم أو ضده .

فالقاعدة إذن :
الحكم يعتبر حجة علي الخلف سواء كان خلفاً عاماً أو خاصاً ، ويكون الحكم حجة علي الخلف العام في حدود الحقوق التي يتلقاها عن المورث ، والحكم
حجة علي الخلف الخاص في حدود ما تلقاه منه .

غير أن هذا الحكم ليس مطلقاً ، فالوارث لا يكون الحكم الصادر لمورثه أو ضده حجة له أو عليه إلا في الحقوق التي يتلقاها مباشرة عن المورث وفي حدود نصيبه منها . وعلى ذلك يعتبر الوارث من الغير بالنسبة للتصرفات التي تصدر من مورثه في مرض الموت ، أو التي تنطوي في حقيقتها على وصية ، لأن القانون أعطى الوارث الحق في الطعن فيها ، فلا تنفذ في حقه إلا في حدود الثلث ، فالوارث يستمد حقه في ذلك من القانون ، وليس من مورثه58 .
كما أنه لا حجية للأمر المقضي به إلا بالنسبة للخصوم الحقيقيين في الدعوى ، التي كان النزاع قائما بينهم ، وفصلت فيه المحكمة لصالح أياً منهم ، أما من تم إدخاله في الدعوى سواء من جانب الخصوم الحقيقيين في الدعوى أو المحكمة ، بغير أن توجه إليه طلبات ما ، فهو غير ملزم بإبداء دفاع أو دفوع ، ما دام لم توجه إليه طلبات ، ومن ثم فإن الحكم لا تكون له حجية الأمر المقضي في مواجهة ، فيجوز له رفع دعوى جديدة على ذات الخصوم بذات صفاتهم عن ذات موضوع النزاع محلاً وسبباً ، دون أن يمكن التمسك في مواجهته بقاعدة حجية الأمر المقضي تأسيساً على أنه كان خصم مخل في الدعوى السابقة . لأنه وإن كان خصماً في الدعوى السابقة ، إلا أنه ليس خصـم حقيقي وإنما خصم مدخل لم توجه إليه طلبات .

القاعدة إذن

إن حجية الأحكام القضائية في المسائل المدنية لا تقوم إلا بين من كانوا طرفاً في الخصومة حقيقة أو حكماً ولا يستطيع الشخص الذي قد صدر لمصلحته حكم سابق الاحتجاج به علي من كان خارجاً عن الخصومة ولم يكن ممثلاً فيها .

وإذا تعدد المدينون – المدعي عليهم – في التزام غير قابل لانقسام ، فإن كلاً منهم يعتبر ملزماً استقلالاً بالوفاء بالدين كاملاً قبل الدائن ، فأي مدين من المدينين المتعددين تعتبر ذمته مشغولة قبل الدائن بكل الالتزام ، ولا توجد إنابة تبادلية بينهم ، فلا يمثلون بعضهم البعض أمام القضاء ، ويترتب على ذلك أن الحكم الذي يصدر ضد أحدهم لا يكون حجة على الباقين ، الذين لم يختصموا في الدعوى التي صدر فيها الحكم .

القاعدة إذن : يشترط لوحدة الخصوم ، أن يكون أحد هؤلاء الخصوم خصماً للأخر في النزاع الذي صدر فيه الحكم لا خصماً معه ، فإذا رفعت دعوى على شخصين من شخص ثالث ، فإن الحكم الذي يصدر في الدعوى وإن كان حجة على المدعى عليهما قبل الشخص الثالث ، إلا أنه ليس حجة لأحدهما على الأخر ، إذ لم يكن أحداً منهما خصماً لزميلة .

وقد عرض الأمر علي محكمة النقض فقضت في هذا الخصوص بأنه : يشترط للتمسك بحجية الأمر المقضي ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ اتحاد الموضوع والخصوم والسبب في الدعوى التي سبق الفصل فيها والدعوى المطروحة . وإذ كان الطاعن المطعون ضدها مدعى عليها أمام لجنة الفصل في المنازعات الزراعية ولم يكن أحدهما خصماً للأخر ، فإن شرط اتحاد الخصوم يكون قد تخلف ، ويكون الحكم
المطعون فيه قد أصاب صحيح القانون ، إذ لم يعتد بحجية قرار اللجنة المشار إليها59 .

كما قضت محكمة النقض في هذا الصدد : … ، ويشترط لكي يحوز الحكم حجية الشيء المقضي فيه اتحاد الخصوم والموضوع والسبب ، وإذا كانت دعوى صحة العقد تختلف عن دعوى الفسخ سبباً وموضوعاً ، فإن الحكم بعدم قبول دعوى صحة التعاقد لعدم قيام المشتري بالتزامه بدفع كامل الثمن ، لا يمنع المشتري من العودة إلى دعوى صحة التعاقد ، إذا ما قام بإيفاء الثمن ، ومن ثم فإن هذا القضاء لا يتضمن قضاء ضمنياً بفسخ العقد60 .

كما قضت محكمة النقض في هذا الصدد : من المقرر أن مناط حجية الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي وحدة الخصوم والسبب والموضوع . وكان الثابت بالحكم رقم 2684 لسنة 92 ق القاهرة الذي قضى بعدم جواز الاستئناف المرفوع من بعض المطعون ضدهم عن حكم إيقاع البيع باعتبار أنهم لم يكونوا طرفاً في إجراءاته وبالتالي فإنهم يعتبرون من الغير بالنسبة لهذا الحكم ، ويكون من حقهم التمسك ببطلانه بطريق الدعوى الأصلية ، دون أن يكون لقضائه حجة قبلهم ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ، وقضى على أساسه ببطلان حكم إيقاع البيع ، بالنسبة للعقار جميعه ، فإنه يكون قد صادف صحيح القانون61 .

قضت محكمة النقض في هذا الصدد : في المقرر أن الحكم السابق لا يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة للدعوى اللاحقة ، إلا إذا اتحد الموضوع والسبب في كل من الدعويين فضلا عن وحدة الخصوم . لما كان ذلك البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن القضية السابق الفصل فيها من لجنة الفصل في المنازعات الزراعية ، تختلف في موضوعها وسببها عن موضوع وسبب الدعوى الحالية . فإن التمسك بحجية الحكم السابق يضحى بلا سند قانوني صحيح فلا يعد دفاعا طالما أنه ليست له هذه الحجية ، لما كان ذلك فإن إغفال الحكم المطعون فيه الرد على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها لا يعيبه بالقصور62 .

قضت محكمة النقض في هذا الصدد : من المقرر على ما جرى به قضاء هذه المحكمة ألا تكون للأحكام حجية إلا إذا توافرت في الحق المدعى به شروط ثلاث ، اتحاد الخصوم ووحدة الموضوع والمحل والسبب ، ولا تتوافر هذه الوحدة إلا أن تكون المسألة المقضي فيها مسالة أساسية لا تتغير وبشرط أن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً جامعاً مانعاً ، فتكون
هي بذاتها الأساس فيما يدعيه بالدعوى الثانية .

لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم الصادر في الدعوى رقم … المؤيد بالاستئناف رقم / … ، أن المدعية في هذه الدعوى إقامتها ضد المطعون ضده والطاعة طلبت فيها الحكم بإلزامها متضامنين نتيجة خطأ المطعون ضده ، وإعمالا نص المادة 163مدنى وأساس مسئولية الطاعنة خطأها عن عمل تابعها عملا بالمادة 174 من القانون المدني ، أما الدعوى الراهنة فهي دعوى الحلول التى يرجع بها المتبوع ، وهو في حكم الكفيل المتضامن على تابعه عند وفائه للمضرور ، وبالتالي فإن الدعويين يختلفان في الخصوم والسبب63 .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(58) مستشار عز الدين الدناصوري – المرجع السابق .
(59)الطعن رقم 676 لسنة 48 ق ـ جلسة 20/12/1982
(60) الطعن رقم 963 لسنة 47 ق ـ جلسة 18/3/1982
(61)الطعن رقم 623 لسنة 48ق ـ جلسة 23/11/1982
(62) الطعن رقم 1125 لسنة 48 ق- جلسة 2/5/1979
(63) الطعن رقم 905 لسنة 48 ق – جلسة 1/1/1982

شرح المادة رقم 101 من قانون الاثبات

ثانيآ : وحدة السبب : – 

يقصد بالسبب في مقام الحديث عن شروط الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقـة الفصل فيها الواقعة القانونية التي نشأ عنها الحق المدعى به ، أو المصدر القانوني للحق المطالب به ، وتتعدد الأسباب بتعدد مصادر نشوء الحق ، فقد يكون هذا السبب إرادة منفردة ، كما قد يكون عقد أو عمل غير مشروع أو إثراء بلا سبب أو نصاً في القانون ، والنتيجة الطبيعة لاختلاف السبب في الدعويين ، الدعوى الصادر فيها الحكـم القضائي والأخرى أنه لا محل للدفع بحجية الأمر المقضي به. وبناء علي ذلك : –
1- إذا رفضت دعوى الملكية التي تستند إلى العقد ، فلا يمنع ذلك من رفع دعوى جديدة بكسب الملكية بالحيازة أو الميراث أو بالوصية .

2- إذا رفضت دعوى بإبطال عقد للتدليس ، فلا يمنع ذلك من رفع دعوى جديدة بطلب إبطال العقد للإكراه .

3- إذا قضى برفض الدعوى أو بعدم قبولها لعدم نفاذ الحوالة في حق المدين ، فإن ذلك لا يمنع من الحق في التقاضي بشأن الحق موضوع الحوالة ، متى أضحت نافذة
في حق المدين .

4- وإذا قضى برفض دعوى الإخلاء فإن ذلك لا يمنع من رفع دعوى استرداد الحيازة .
5- إذا رفضت دعوى الشفيع المبنية على الشركة في المال المشفوع فيه جاز له رفع دعوى شفعه جديدة يستند فيها إلى الجوار .
6- إذا رفضت دعوى مطالبة بمبلغ مستندة إلى قرض فإن ذلك لا يكون مانعاً من
المطالبة بالمبلغ ذاته باعتباره متبقياً من ثمن بيع .

القاعدة إذن
إذا نشأ عن ذات السبب الحق في دعويين ، وقام المدعي برفع أحدهما وخسر دعواه ، فالحكم الصادر فيها يحوز الحجية بالنسبة للأخرى .

وفي التمييز بين السبب في الدعوى وبين الأدلة أو الوسائل للوصول إلى الحق ، فيجب دائماً التمييز بين السبب في الدعوى وبين الأدلة أو الوسائل للوصول إلى الحق ، فسبب الدعوى هو الواقعة القانونية التي يتولد عنها الحق المطالب به أو المصلحة التي يسعى المتداعي إلى حمايتها . أما الأدلة أو الوسائل فهي آليات الوصول إلى الحق . وعلى ذلك فإنه يتصور وحدة السبب في دعويين على الرغم من اختلاف الأدلة في كل منها . فالعبرة لأعمال قاعدة حجية الأمر المقضي به ، بوحدة السبب لا بوحدة الدليل فإذا حكم برفض دعوى الدائن لعدم اقتناع المحكمة بشهوده على القرض الذي يدعيه ، فلا يجوز له العودة إلى المطالبة بذات الدين ولو قدم محرر مكتوب ، لأن سبب الدعوى واحد في الحالتين وهو عقد القرض . أما الوسائل أو الأدلة فيتصور دائماً تجديدها حسب ما يتوصل إليه ذهن الخصوم ، فالعبرة لإعمال الدفع بحجية الأمر المقضي به بوحدة السبب لا بوحدة الدليل ، كما أن لا يؤثر في وحدة السبب في الدعوى تعدد الحجج القانونية التي يستند إليها الخصم ، فلا اتحد السبب في الدعويين ولكن اختلفت الحجج فلا يؤثر ذلك في وحدة السبب ، واعتماد حجية الأمر المقضي به . مثال ذلك : دعوى المطالبة بالتعويض عن العمل غير المشروع ، سببها العمل الغير المشروع ، فإذا رفضت هذه الدعوى بعد أن أقيمت على أساس المسئولية عن العمل الشخصي ، فلا يجوز رفعها مـرة أخرى على أساس المسئولية عن عمل الغير .

فما لا يمكن للمدعي المطالبة به عن طريق الدعوى الأصلية أي الدعوى المبتدئة لا يمكن المطالبة به عن طريق الدفع .
كذلك لا أثر على سبب الدعوى اختلاف الغرض منها . فمن يطالب بملكية أرض لإقامة بناء عليها ثم ترفض دعواه ، لا يجوز له إقامة دعوى أخرى بالمطالبة بالملكية لنفس السبب إذا عدل في عرضه الأول وأراد أن يقيم مدرسة أو مستشفى ، إذ القانـون لا يعنى بالغرض من الدعـوى ، ولا يرتب عليه أثر على وحدة السبب71 .

 

ويراعي في مقام الحديث عن وحدة السبب كشرط لقبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها :

تنص المادة 124من قانون المرافعات : للمدعى أن يقدم من الطلبات العارضة :-
1. ما يتضمن تصحيح الطلب الأصلي أو تعديل موضوعه لمواجهة ظروف طرأت أو تبينت بعد رفع الدعوى.
2.ما يكون مكملاً للطلب الأصلي أو مترتبا عليه أو متصلا به اتصالا يقبل التجزئة.
3. ما يتضمن إضافة أو تغييرا في سبب الدعوى مع بقاء موضوع الطلب الأصلي علي حالة.
4. طلب الأمر بإجراء تحفظي أو وقتي.
5. ما تأذن المحكمة بتقديمه مما يكون مرتبطا بالطلب الأصلي.

تنص المادة 235 من قانون المرافعات :-  لا تقبل الطلبات الجديدة فى الاستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها.

ومع ذلك يجوز أن يضاف إلى الطلب الأصلي الأجور والفوائد والمرتبات وسائر الملحقات التي تستحق بعد تقديم الطلبات الختامية أمام محكمة الدرجة الأولى وما يزيد من التعويضات بعد تقديم هذه الطلبات.
وكذلك يجوز مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حالة تغيير سببه والإضافة إليه.
ويجوز للمحكمة أن تحكم بالتعويضات إذا كان الاستئناف قد قصد به الكيد.

وتنص المادة 58 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بشأن تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية : تنظر المحكمة الاستئنافية الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط.
ومع ذلك يجوز مع بقاء الطلبات الأصلية على حالها تغيير أسبابها أو الإضافة إليها, كما يجوز إبداء طلبات جديدة بشرط أن تكون مكملة للطلبات الأصلية أو مترتبة عليها أو متصلة بها اتصالا لا يقبل التجزئة.
وفى الحالتين تلتزم المحكمة الاستئنافية بمنح أجلا مناسبا لرد على الأسباب أو الطلبات الجديدة.

قضت محكمة النقض في هذا الصدد : إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن المسألة الواحدة بعينها إذا كانت أساسية فكان ثبوتها أو عدم ثبوتها ، هو الذي ترتب عليه القضاء بثبوت الحق المطالبة به في الدعوى أو بانتفائه ، فإن هذا القضاء يحوز قوة الشيء المحكوم به في تلك المسألة الأساسية بين الخصوم أنفسهم ، ويمنعهم من التنازع بطريق الدعوى أو بطريق الدفع في شأن أى حق آخر يتوقف ثبوته أو انتفاؤه على ثبوت تلك المسألة الكلية السابق الفصل فيها بين الخصوم أنفسهم أو على انتفائها . لما كان ذلك وكان الحكم في الدعوى رقم 2229 سنة 1971 ، كلى جنوب القاهرة والمؤيد في الاستئناف رقم 579 لسنة 91ق القاهرة ، بأحقية المطعون ضده في اقتضاء العولمة من الطاعة بواقع 2% وبأحقيته في صرف مكافأة سنوية ، مكان قوام الدعوى الحالية هو طلب المطعون ضده الحكم بفروق العمولة المستحقة عن المدة عن 1/ 7 /1970 وحتى 28/5/1977 ، والمكافأة السنوية استناداً لذات الأساس الذي أقيمت عليه طلباته في الدعوى السابقة ، والتي حسم الخلاف بين الطرفين بشأنها الحكم النهائي الصادر فيها ، فإن ذلك يمنع الطاعة من إعادة طرح المنازعة بخصوصها سواء بطـريق الدعوى أو بطريق الدفع .
لما كان ذلك وكان السبب في معنى المادة 101من قانون الإثبات ، هو الواقعة التي يستمد منها المدعى الحق في الطلب وهو لا يتغير بتغير الأدلة الواقعة والحجج القانونية التي يستند إليها الخصوم ، وكان الثابت من واقع الدعوى الذي سجله الحكم المطعون فيه ، أنه أخذ بحجية الحكم السابق صدوره لصالح المطعون ضده – والسابق بيانه – في صدد استحقاق العمولة والمكافأة عن المدة من 1/ 7 /1976 وحتى 30 /6/ 1970 ( وهى لاحقة على نفاذ أحكام القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 ، وبعد إصدار المؤسسة العامة للتأمين القرار الجمهوري رقم 15 لسنة 1966 والمنشور رقم 4 لسنة 1967 وإصدار لائحة موحدة للعاملين بالشركات التابعة لها ومن بينها الطاعة ) ، ومن ثم لا يحق للطاعة معاودة طرح هذه المنازعة والمجادلة .
لما كان ما تقدم ، وكان الحكم المطعون فيه – قد التزم هذا النظر ، فإن النعي عليه يكون على غير أساس72 .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(71) مستشار د . أحمد فاضل – الموسوعة العملية في الدفوع – إشعاع للإصدارات القانونية – 2004م
(72) نقض في 26/4/1987 – مجموعة أحكام النقض السنة 38 – الجزء الأول – ص 601

شرح المادة رقم 101 من قانون الاثبات

ثالثآ : وحدة الموضوع : – 

يقصد بمحل الدعوى أو موضوع الدعوى الحق الذي يطلبه الخصم أو المصلحة التي يسعى إلى تحقيقها بالتداعي ، سواء أكان هذا الحق المطلب به أو المصلحة التي يسعى إلى تحقيقها بالتداعي ، متعلقين بشيء مادي أو معنوي . ويشترط لإعمال قاعدة حجية الأمر المقضي به أن يكون موضوع الدعوى الجديدة هو ذات الموضوع الذي فصل فيه الحكم السابق ، أي أن يكون الحكم الجديد سوف يكون تكرار للحكم السابق صدوره . فالحكم برفض دعوى تعويض للضرر ، يمنع الخصم من إعادة رفع دعوى جديدة ، بالتعويض عن ذات الضرر (64) . فموضوع الدعوى هو الحق الذي يطلبه الخصم ، أو المصلحة التي يسعى إلى تحقيقها ، ويجب أن يتوافر وحدة الموضوع بين الدعويين ، ووحدة الموضوع مسألة موضوعية تستقل بالفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها متي اعتمدت المحكمـة مصدرة الحكم علي أسباب من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها(65) .

وقد عرض الأمر علي محكمة النقض فقضت : من المقرر في قضاء هذه المحكمة ، أن المنع من إعادة طرح النزاع في المسألة المقضي فيها ، يشترط فيه أن تكون المسألة واحدة في الدعويين ، ولا تتوافر هذه الوحدة إلا أن تكون هذه المسألة أساسية لا تتغير ، وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى ، واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً جامعاً مانعاً ، وأن تكون هي بذاتها الأساس فيما يدعى به في الدعوى الثانية بين نفس الخصوم .

وكان البين من الإطلاع على القرار الصادر من محكمة الأحول الشخصية بتاريخ _/_/___م أنه لم يصدر في خصومة ما بل صدر بناء على الطلب الذي تقدم به المطعون ضده الثاني لنيابة الأحوال الشخصية للإذن له ببيع عشرة أفدنه من المساحة التي يمتلكها لنجله القاصر ، والتي باعها له توفيقاً لأوضاع ملكية الأسرة ، طبقاً لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 ، وأنه قرر في التحقيقات التي أجرتها النيابة أن هذا البيع كان تبرعاً منه لنجله القاصر . وقد صدر قرار المحكمة متضمناً الإذن له بالبيع مزاداً ، دون أن يتضمن في منطوقة أو في أسبابه أي إشارة ، عما إذا كان عقد البيع سند ملكية القاصر الصادر له من الولي الشرعي يعتبر بيعاً بعوض أو هبة مستترة ، وبدون أن يكون أطراف الخصومة الحالية ـ المشترون لقدر من هذه الأطيان من الولي الشرعي بعقد بيع ابتدائي والمشترون لها بطريق المزاد العلني ـ ممثلين عند نظر حجية تمنع هؤلاء الخصوم من أن يطرحوا على القضاء النزاع حول حقيقة الحكم المطعون فيه حين قضى بأن عقد بيع الأطيان الصادر من الولي لابنه القاصر ، يستر هبة له من والده ، فإنه لا يكون قد خالف قضاء سابقاً حائزاً قوة الأمر المقضي66 .

وعن اختلاف موضوع الدعويين وأثرة علي قبول الدفع بالحجية ، فاختـلاف موضوع الدعويين ، الدعـوى المحكوم فيها مسبقـاً ، والدعـوى الأخـرى المتداولة لا يمكن معه التمسك بحجية الأمر المقضي به ، وعلى ذلك فالحكم بملكية عين لا يمنع من المطالبة من جديد بالإرفاق عليها ، ورفض دعوى إبطال العقد ، لا يمنع الخصم من العودة إلى المطالبة بفسخه والحكم الصادر في طلب الريع عن مدة معينة لا يمنع عن طلب الريع عن مدة لاحقة ،مادام أنها لم تكن محل مطالبة في الدعوى الأولى .

ولكن الحكم برفض ثبوت ملكية عين يمنع الإدعاء من جديد بريع عن هذه العين . والحكم برفض المطالبة بالتعويض عن مدة معنية ، يمنع المطالبة بالتعويض عن مدة لاحقه ، إذا كانت هذه المطالبة مستنده إلى السبب ذاته ، الذي قامت عليه المطالبة بالتعويض في المدة السابقة . فالحكم في شيء حكم فيما يتفرغ عنه .
وتتوافر وحدة الموضوع في الدعويين ، متى كان الأساس فيهما واحد . حتى ولو تغيرت الطلبات فيهما ، فالعبرة بموضوع الدعوى وأساسه لا بنوع الطلبات التي يقدمها الخصوم أو قيمتها فلا يؤثر في وحدة الموضوع كون المبلغ المطالب به في الدعوى الثانية أكبر منه في الدعوى الأولى ، كما لا ينال من وحدة الموضوع إذا أصابه زيادة فيه أو نقص ، ذلك أن وحدة المحل تظل قائمه ، أياً كانت المتغيرات التي تصيب المحل من زيادة أو نقص . فإذا كان موضوع الدعوى المطالبة بملكية عقار مكون من ثلاث طوابق وقضي برفض الدعوى ، فلا يجوز رفع دعوى جديدة تأسيساً على أن العقار أصبح أربعة طوابق أو طابقين ، وإنما يمكن للخصم التمسـك في الدعـوى الجديدة ، بحجية الأمر المقضي به67 .

قضت محكمة النقض : من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المنع من إعادة نظر النزاع المقضي فيه يستلزم أن تكون المسألة واحدة في الدعويين ، ويشترط لتوافر هذه الوحدة أن تكون المسألة المقضي فيها نهائياً مسألة أساسية لا تتغير وأن تكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه في الدعوى الثانية ، وأن مجال إعمال قاعدة الالتزام بحجية الأحكام هي صدور حكم سابق في ذات المسألة المطروحة في دعوى تالية مرددة بين ذات الخصوم ، فيتقيد الحكم الصادر فيها بالحكم السابق68 .

قضت محكمة النقض في هذا الصدد : إذا كان البين من مدونات الحكم رقم 4537 لسنة 96 ق استئناف القاهرة ، أن المطعون هذه الأول سيق أن أقام على الطاعنين الدعوى رقم 628 لسنة 1978 مدني شمال القاهرة الابتدائية يطلب الحكم بتمكينه من استلام الأرض محل النزاع مفرزة على سند من تملكه لها بعقد بيع مسجل الحكم الصادر بصحته ونفاذه ، وقد قضى فيها بعدم قبولها لرفعها قبل الأوان ، على سند أن ما اشتراه هو أرض شائعة وليت له أن يطلب التسليم مفرزا قبل حصول القسمة إلا بموافقة باقي الشركاء جميعا ، فإن هذا الحكم ، يحوز حجية تمنع من نظر الدعوى المطروحة التى اتحدت معها أطرافا ومحلا وسببا ما لم يثبت حصول قسمة رضائية أو قضائية بين الشركاء ، ووقوع المبيع في نصيب البائع للمطعون ضده الأول أو موافقة باقى الشركاء جميعا . وكان البين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه – أنه قد أقام قضاءه برفض الدفع المبدي من الطاعنين بعدم جواز نظر الدعوى السابقة الفضل فيا على قوله : ” عن الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة والقاضي بإلغاء الحكم المستأنف رقم 628 لسنة 1978 وعدم قبول دعوى المستأنف ضده – المطعون ضده الأول – لرفعها قبل الأوان استنادا إلى أن قطعة الأرض المملوكة للمدعى – المدعى ضده الأول – بموجب عقد بيع قضى في الدعوى رقم 5083 لسنة 1974 مدني كلى شمال القاهرة بصحته ونفاذه وسجل الحكم بتاريخ 24/1/1976 برقم 555 لسنة 1976 لم تفرز بعد وأنه لا زالت على الشيوع ” .

ولما كان الأمر كذلك فإن هذا الحكم لا يعدو أن يكون فصلا في الموضوع وبالتالي يحوز حجية الأمر المقضي ، فمن ثم يجوز للمدعى – المطعون ضده الأول – أن يقيم دعوى أخرى لذات الموضوع ، سيما وأنه وقد تم إفراز ملكيته من الشيوع ، وذلك طبقا لما أورده الخبير ضده الأول – وعلى خلاف عقده – مفرزة على الطبيعة وهو ما ليس مؤداه موافقة باقي الشركاء أو حصول قسمة بينهم ، فإن الحكم المطعون فيه ، إذ عول على هذا التقرير وحده في قضائه برفض الدفع المبدى من الطاعنين بعدم جواز نظر الدعوى كسابقة الفصل فيها دون أن يعنى ببحث موافقة باقي الشركاء أو حصول قسمة بينهم ورتب على ذلك قضاءه بإجابة المطعون ضده الأول إلى طلبه مناقضا بذلك الحكم السابق ، يكون فضلا عن قصوره ، قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه69

كما قضت محكمة النقض في هذا الصدد : ومن حيث أن هذا السبب مردود أولاً بأنه فضلاً عن كون الشركة الطاعنة لم تقدم دليلاً على أن الحكم السابق حاز قوة الأمر المقضي [ وهو شرط لازم التطبيق المادة 426 مرافعات ] ، فإن الطلب الأول في الدعوى السابقة كان موضوعه إلزام الشركة الطاعنة بأن تطلع المطعون عليه على دفاترها ومستنداتها في مدة لا تتأخر عن ميعاد انعقاد الجمعية العمومية بينما أن الطلب الأول فى الدعوى الحالية الصادر فيها الحكم المطعون فيه موضوعية تكليف الخبير بتحرير محضر يثبت يه إيداع صور من تقرير مجلس الإدارة والميزانية وتسليم أو عدم تسليم المطعون عليه صورا منها ، ويتضح من ذلك أن كلاً من الموضوعين مختلف عن الآخر . ومردود ثانيا : بأن الطلب الثاني وإن كان في الدعويين هو تكليف الخبير بحضور انعقاد الجمعية العمومية للشركة الطاعنة لإثبات ما يدور فيها من مناقشات إلا أن في الدعوى السابقة كان خاصا بانعقاد سابق للجمعية العمومية مما لا يصح معه القول بأن الحكم بعدم اختصاص قاضى الأمور المستعجلة بنظر هذا الطلب في الدعوى السابقة يكون له حجية الأمر المقضي في أية دعوى تالية خاصة بحضور الخبير أى انعقاد آخر للجمعية العمومية ، بعد أن تفاقم النزاع بين مجلس إدارة الشركة والمطعون عليه ، وقامت الخصومة الموضوعية بينهما ، ذلك أن الأحكام التي تصدر من قاض الأمور المستعجلة هي أحكـام بطبيعتها وقتية ، ولا يكون لها حجية متى تغيـرت ظروف الطلب .
ومن حيث أنه لما كان ما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه70 .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(64) الموسوعة العملية في الدفوع – إشعاع للإصدارات القانونية – 2004م
(65) مستشار عز الدين الدناصوري – المرجع السابق .
(66)الطعن رقم 957 لسنة 49 ق ـ جلسة 19/5/1980
(67) المستشار الدكتور / أحمد فاضل – الموسوعة العملية في الدفوع – إشعاع للإصدارات القانونية – 2004م
(68) الطعن رقم 166 لسنة 59ق ـ جلسة 9/12/1993
(69) الطعن رقم 150 لسنة 60 ق – جلسة 6/1/1994
(70) الطعن رقم 107 لسنة 54 ق – جلسة 5/1/1992

 

– حتمية تحول حجية الأمر المقضي فيه إلي قوة الأمر المقضي فيه – السياق الزمني للتحول : – 

انتهينا مما سبق إلي أن الفرق الجوهري بين حجية الأمر المقضي وقوة الأمر المقضي هو مرتبة الحكم القضائي ، فحجية الأمر المقضي فيه تكتسبها جميع الأحكام القضائية وبمجرد صدوها ، إلا أنها تظل قلقة حتي يصير الحكم نهائياً ، فإذا صار نهائياً انقلبت حجية الأمر المقضي فيه إلي قوة الأمر المقضي فيه . وما سبق يطرح مشكلة هامة جداً والتي تثار كتساؤل : ما هو الحل إذا رفعت أكثر من دعوى متحدين خصوماً وموضوعاً وسبباً قبل أن يصبح أحد الحكمين نهائياً …؟

عرض المشكلة : قد يحدث أن يرفع شخص دعوى معينة ويقضي فيها ابتدائياً برفض دعواه فيستأنف الحكم ، وفي الوقت ذاته يرفع دعوى جديدة علي نفس الخصم في الدعوى السابقة وبذات الطلبات ولنفس السبب .

يقرر المستشار عز الدين الدناصوري . وهنا يثور البحث عن حول أثر الحكم السابق علي الدعوى الجديدة . ويستطرد سيادته : أصدرت محكمة النقض في هذا الصدد عدة أحكام محصلها أن رفع الاستنئاف يوقف حجية الحكم المستأنف ، وبالتالي تكون الدعوى الثانية مقبولة ، ويجوز للمحكمة أن تفصل فيها علي خلاف الحكم السابق طالما أن الاستئناف لم يفصل فيه .

ويري سيادته – ونحن نتبنى ذات الرأي – أن قضاء النقض محل نظر ذلك أن المشرع يهدف دائماً إلي منع صدور أحكام متعارضة وألا تنشغل المحاكم بالفصل في نزاع موضوعه واحد وسببه واحد بين ذات الخصوم أكثر من مرة ، وهذه الحكمة من التشريع تناهض ما انتهت إليه أحكام محكمة النقض ، ومن ثم نري اتساقاً مع حكمة التشريع أن تقضي المحكمة التي رفعت إليها الدعوى الأخيرة بوقفها عملاً بالمادة 129 من قانون المرافعات وذلك منعاً من تضارب الأحكام ولحسن سير العدالة ، ولا يقدح في ذلك أن المشرع قد أجاز الطعن بالنقض لتضارب حكمين نهائيين ، فإنه لم يقصد أن يبيح نظر دعويين عن موضوع واحد وبين ذات الخصوم حتي يصدر فيهما حكمان متناقضان ، ولكن المشرع تصور أن يصدر الحكمان من محكمتين خطأ دون أن تدري التي أصدرت الحكم الأخر بالحكم السابق10 .

فالقاعدة إذن :
إذا رفعت دعوى ثانية بذات الخصوم والموضوع والسبب حال تداول الدعوى الأولي ولو كانت الدعوى الأولي تلك تتداول أمام محكمة الاستئناف وجب إعمالاً للمادة 129 من قانون المرافعات وقف الدعوى الثانية حتي يفصل في الدعوى السابقة بحكم نهائي ، فإذا صدر هذا الحكم النهائي صح الدفع بعدم قبول الدعوى الثانية لسبق الفصل فيها إعمالاً للمادة 101 من قانون الإثبات .

وقد ترفع الدعويين في ميقات واحد بمعني ألا يكون أي من الدعويين قد صدر فيها حكم ، في هذه الحالة يتوجب ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد منعاً لإمكان تعارض الأحكام .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(10) وسيط السنهوري – المرجع السابق – المجلد الثاني – ص 732 ، 733 .

شرح المادة رقم 101 من قانون الاثبات

استفتح المشرع نص المادة 101 من قانون الإثبات بالنص علي أنه : –  ” الأحكام التى حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه مـن الحقوق ” وهذا يعني كما نكرر دوماً أن الحديث عن الدفع بالحجية – بمعني سبق عرض النزاع علي القضاء – هو حديث عن أثر الحكم القضائي في حسم المنازعات – فالحجية أثر من آثار الحكم ، لذا يصح القول بأن مفهوم حجية الأمر المقضي به ينصرف إلى ما يضفيه المشرع علي الأحكام القضائية من جلال واحترام يحول دون المساس بها بإعادة طرح موضوع النزاع مرة أخري علي القضاء .

فالحكم القضائي طبقاً لقاعدة حجية الأمر المقضي به يحوز الحجية فيما بين الخصوم فيما فصل فيه من الحقوق ، فلا يجوز لأحد الخصوم أن يعود مرة أخرى إلى المنازعة فيما قضى به الحكم وذلك عن طريق رفع دعوى جديدة على الخصم الأخر عن ذات الموضوع . فإذا حسم الحكم القضائي النزاع بين الطرفين فهو حجة عليهما معاً . أوجزت محكمة النقض هذه القاعدة فيما قررته من قضاء مستقر علي أنه : حجية الحكم . مفادها . امتناع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة الي مناقشة المسألة التي فصل فيها في دعوى تاليه ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولي57 .

والواضح أن غاية الحجية إذن حسم المنازعات على الحقوق بين الخصوم بصفة نهائية دون الحاجة إلى العودة إليها مرة أخرى ، مما يؤدي إلى تأبيد النزاعات مما يحقق الاستقرار في الأمن الاجتماعي . كما أنه يحقق الاحترام الكامل للأحكام القضائية وفينا يلي نتعرض لشروط صحة الدفع بالحجية ، لذا فإن الدفع بحجية الأمر المقضي به يفترض تحقق الشروط الآتية :-

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(57) نقض 23-5-1982 – الطعن رقم 735 لسنة 49 قضائية .

 

* ماهي حجية الأمر المقضي ، وما هي قوة الأمر المقضي . وعلاقتهما ببعضهم البعض : – 

أوضحنا فيما سبق كيف أن الحجية ونعني تأكيداً حجية الأحكام أقرب إلي الأدلة الكتابية منها إلي القرائن ، فالحجية أثر لحكم قضائي ، والحكم القضائي هو محرر رسمي يحرر وفق نظام قانوني بالغ الدقة . لكن المشرع أرد الحجية كقرينة قانونية قاطعة علي ما هو كائن بنص المادة 101 منق قانون الإثبات محل البحث .

وحين نشرع في تعريف الحجية يصير من الضروري أن نقرر أن حجية الأحكام مصطلح قانوني مركب غير قابل للتجزئة ، وهي تعني بإجمال أن الحكم القضائي هو عنوان للحقيقة .

ولنبدأ بتعريف حجية الأمر المقضي ، فما المقصود بها…؟

الإجابة : مصطلح ” حجية الأمر المقضي ” هو تعبير غير كامل ، والمصطلح كاملاً هو ” حجية الأمر المقضي فيه ” وفهم المصطلح الأخير يحتم البدء بتصور عرض نزاع ما علي المحكمة فيتداول هذا النزاع أمامها علي نحو يسمح للمحكمة بتكوين عقيدتها في النزاع وعلي نحو يسمح أيضاً لكل خصم بعرض ما لديه من وقائع وما تحت يده من مستندات ، فإذا كونت المحكمة عقيدتها في النزاع أصدرت حكماً . هذا الحكم يقضي في النزاع بمعني أنه يفصل فيه بحكم . صحيح أن هذا الحكم قد يجانبه الصواب فيصدر معيباً . إلا أن مجرد صدور الحكم ، ولو كان معيباً يمنحه حجية الأمر المقضي فيه ، بما يمنع إعادة عرضه علي القضاء مرة أخري وإن جاز الطعن عليه لتصحيحه .

 

وهنا يراعي للأهمية إيضاحاً لمفهوم الحجية : –

1- أن الفصل في المنازعات ، سواء بين الناس بعضهم البعض أو بين أحد الأجهزة في الدولة وبين آحاد الناس ، هي مهمة موكلة للدولة يمارسها القضاء وسبيله في ذلك إصدار أحكام قضائية يجب أن تلقي احتراماً كاملاً ، ومن صور هذا الاحترام والتقدير عدم جواز عرض ذات النزاع بعد الحكم فيه3 .

2- أن غاية الأحكام هي تحقيق الترضية القضائية لأطراف النزاع بإظهار وجه الحق في النزاع المعروض عليها ، وعلي أطراف النزاع الامتثال لما تقرره الأحكام ، لذا لا يتصور هنا إلا الأحكام القطيعة ، والحكم القطعي هو كل حكم موضوعي يفصل في خصومة أو في جزء منها .
3- أن عرض النزاع يغني عن إعادة عرضه مرة أخري ، بل يوجب عدم عرضه مرة أخري ، فالفرض أن الحكم سبقته إجراءات قانونية عديدة سمحت لكل من طرفي النزاع بعرض رأيه وتقديم ما يدعم هذا الرأي ، فإذا انتهت المحكمة إلي وجهة نظر محددة صاغتها الحكم الصادر عنها فلا يجوز إعادة طرح النزاع وإلا كان ذلك سبيلاً لكم لا ينتهي من المنازعات والخصومات ، صحيح أن التقاضي حق مصون ومكفول للكافة بقوة الدستور ولكن لا يمكن إعادة إثارة ذات النزاع مراراً بدعوى الحق في التقاضي ، فلا تعارض إذن بين الحق الدستوري في التقاضي وبين وجوب إنهاء المنازعات دون تكرار عرضها علي القضاء.
4- أن حجية الأمر المقضي فيه – بمعني أن النزاع قضي فيه – صفة تلازم الحكم بمجرد صدوره لكنها صفة مؤقتة ، وتظل مؤقتة إلي أن يصبح هذا الحكم نهائياً ، محكمة النقض تقرر بشأن توصيف هذه الحجية بأنها مؤقتة : حجية الحكم الابتدائي مؤقتة ، وتقف بمجرد رفع الاستئناف عنه ، وتظل موقوفة إلي أن يقضي في الاستئناف فإذا تأييد الحكم عادت إليه حجيته وإذا ألغي زالت عنه هذه الحجية4 .
5- أن حجية الحكم أقوى من النظام العام ، فلا يجوز للمحكمة أن تمتنع عن الأخذ بقوة الأمر المقضي بحجة أن ذلك يتعارض مع النظام العام لأن قوة الأمر المقضي تسمو علي اعتبارات النظام العام5 .
6- تبقي حجية الحكم قائمة ولو ظهرت أدلة قانونية أو واقعية جديدة ، وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض : متى صدر الحكم و حاز قوة الأمر المقضي فإنه يمنع الخصوم فى الدعوى التى صدر فيها من العودة إلى المناقشة فى المسألة التى فصل فيها بأى دعوى تالية يثار فيها هذا النزاع و لو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها فى الدعوى الأولى أو أثيرت و لم يبحثها الحكم الصادر فيها6 .

وإذا كانت الحجية علي ما سلف قلقة بطبيعتها وهو ما يعارض فكرة الثبوت والاستقرار الذي ينشده أن نظام قضائي . فالتساؤل . متي تستقر هذه الحجية . الإجابة توجب التعرض لمصطلح آخر هو مصطلح قوة الأمر المقضي7 .

والتساؤل إذن : فما معني قوة الأمر المقضي …؟

الإجابة : في البدء يجب النطق بالمصطلح كاملاً وهو ” قوة الأمر المقضي فيه ” وفي النطق بالمصطلح كاملاً فائدة من إشارة واضحة ومؤكد إلي أننا بصدد حكم قضائي فصل في موضوع أو نزاع عرض علي المحكمة ، وهذا الحكم صار نهائياً فصار أقوى . وهذه هي قوة الأمر المقضي فيه ، فالحكم كما سلف بمجرد صدوره يكتسب حجية لكنه إذا صار نهائياً اكتسب قوة الأمر المقضي فيه ، فحجية الأمر المقضي فيه مرتبة تتصل بمجرد حكم قضائي ، وقوة الأمر المقضي فيه مرتبة أعلي تتصل بحكم صار نهائياً ، و يقول السنهوري في بيان الفرق بين حجية الأمر المقضي فيه وقوة الأمر المقضي فيه . إن قوة الأمر المقضي مرتبة يصل إليها الحكم إذا أصبح نهائياً غير قابل للطعن عليه بالاستئناف ، أي غير قابل للطعن فيه بطريق من طرق الطعن الاعتيادية ، وإن ظل قابل للطعن فيه بطريق من طرق الطعن فيه بطريق غير اعتيادي ويعني سيادته الطعن بطريق النقض والتماس إعادة النظر (8) . ومحكمة النقض عرض عليها الأمر فقضت : قوة الأمر المقضي صفة تثبت للحكم النهائي9 .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) تنص المادة 97 من دستور 2014 علي أنه : التقاضي حق مصون ومكفول للكافة. وتلتزم الدولة بتقريب جهات التقاضي، و تعمل على سرعة الفصل في القضايا، ويحظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، ولا يحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي، والمحاكم الاستثنائية محظورة. وتنص المادة 98 من دستور 2014 علي أنه : حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول. واستقلال المحاماة وحماية حقوقها ضمان لكفالة حق الدفاع. ويضمن القانون لغير القادرين ماليًا وسائل الالتجاء إلى القضاء، والدفاع عن حقوقهم.
(4) نقض مدني جلسة 10-5-1984 الطعن رقم 1254 لستة 51 ق ، نقض مدني جلسة 25-1-1978 مج المكتب الفني السنة 29 ص 322 .
(5) قضت محكمة النقض : أنه وإن كان يجوز للمطعون عليه ، كما يجوز للنيابة العامة ولمحكمة النقض أن تثير في الطعن ما يتعلق بالنظام العام إلا أن ذلك مشروط بأن يكون وارداً علي ما رفع عنه الطعن في الحكم المطعون فيه ، فإذا قضي الحكم المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلاً ، ثم قض قضاءه في الموضوع ، وكان تقرير الطعن لم يحو إلا نعياً علي ما قضي به الحكم في موضوع الاستنئاف ، فلا يجوز للمطعون عليه أن يتمسك في دفاعه أمام محكمة النقض ببطلان الاستنئاف بناء علي تعلقه بالنظام العام ذلك أن ما قضي به من قبول الاستئناف شكلاً هو قضاء قطعي لم يكن محلاً للطعن فحاز قوة الأمر المقضي وهي تسمو علي قواعد النظام العام – نقض جلسة 21-6-1972 ص 1142 و نقض 16-7-1992 الطعن رقم 933 لسنة 58 ق .
(6) الطعن رقم 484 لسنة 39 مكتب فنى 24 صفحة رقم 201 بتاريخ 8-2-1973
(7) ينتقد البعض من الفقه فكرة الحجية ويري أن الحجية تؤذي العدالة في جوهرها بتأييد الأحكـام القضائية فيما قضت به ولو خالفت قواعد العدالة وروحها ، ونحن لا نري صح هذا الرأي . فالحكم القضائي لا يصدر إلا بعد سماع أطراف الخصومة ودفاعهم ودفوعهم ، وبالأدنى تمكينهم من ذلك ، وما يستندون إليه من أدلة ، ثم تقدر هذه الأدلة وتقيم من جانب المحكمة ، من حيث الواقع والقانون معاً ، ما يؤدي إلى أن يصدر الحكم القضائي في الغالب من الأمور معبراً عن الحقيقة ، صحيح أن الخطأ في الأحكام القضائية أمر وارد ، فهي انتهاءً جهد بشري ، ولكن مبررات الاستقرار توجب التضحية في سبيل استقرار الأوضاع في المجتمع وتحقيق الاستقرار للأفراد في نزعاتهم ، ومن ناحية أخيرة فإن السماح للأفراد بنقض هذه الحجية بتجديد موضوع النزاع مرات ومرات ، يضر العدالة ، فهو يفتح الباب واسعاً أمام محاولات غير مشروعة للحصول علي ما يدعون أنه حق بأي طريق . د . أحمد مأمون – الدفع بالحجية في القانون المدني – رسالة جامعة القاهرة – 1980 – مكتبة الدراسات العليا – ص 21 .
(8) وسيط السنهوري – طبعة نقابة المحامين 2006 تنقيح المستشار مدحت المراغي – الجزء الأول المجلد الثاني – ص 569 .
(9) نقض مدني – جلسة 30-3-1978 الطعن رقم 915 لسنة 44 ق س 29 ص 932 . كما قضت محكمة النقض : قصرت المادة 248 من قانون المرافعات الطعن بالنقض أصلاً علي الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف في الأحوال التي بينتها ، وما قررت المادة 249 من ذات القانون من إجازة الطعن بالنقض استثناء في أي حكم انتهائي – أيا كانت المحكمة التي أصدرته – فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سابق إن صدر بيم الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي ، يندرج ضمن مخالفة القانون باعتباره مخالفة للقاعدة القانونية المنصوص عليها في المادة 101 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 ، ويقصد بها الأحكام الحائزة قوة الأمر المقضي وهي مرتبة يصل إليها الحكم إذا أصبح أثره الملزم نهائياً غير قابل للطعن فيه بطريق من طرق الطعن الاعتيادية وإن ظل قابلاً للطعن فيه بطريق غير عادي – نقض مدني جلسة 2-2-1977 الطعن رقم 770 لسنة 44 ق س 28 ص 359 .

شرح المادة رقم 101 من قانون الاثبات

– وبخصوص الدفع بسبق الفصل في النزاع تحكيمياً ، فالفارق الواضح بين حجية الحكم القضائي وحجية حكم التحكيم ترتب الآتي : –

أولا : يجوز لأطراف خصومة التحكيم إعادة طرف موضوع النزاع علي هيئة تحكيم أخري بل علي ذات هيئة التحكيم السابقة ، ولا يكون لهذه الهيئة الحكم بعدم جواز نظر الخصومة التحكيمية لسبق الفصل فيها ، فحجية أحكام التحكيم لا ترتبـط بالنظام العام . المهم أم يحصل التحكيم اللاحق باتفاق أطراف التحكيم .

ثانياً : يجوز لأطراف التحكيم – متي اتفقوا – اللجوء الي القضاء العادي للفصل في نزاعهم الذي سبق أن فصل فيه بحكم تحكيم ، ولا يكون لمحكمة الموضوع المختصة أن تحكم دون دفع بعدم قبول الدعوى لسبق الفصل بحكم تحكيم ، أساس ذلك أنهم – أي أطراف التحكيم – يستخدمون حقهم الدستوري في الالتجاء الي القضاء ، فكأنهم تنازلوا عن الحكم الذي أسفر عنه القضاء الخاص ، وهو استثناء سلكوه بمحض إرادتهم فلا يقيدهم إذا ما اتفقوا علي العودة للأصل42 .

ثالثاً : دون اتفاق أطراف التحكيم لا يجوز إعادة عرض موضوع التحكيم علي قضاء الدولة ابتغاء الفصل فيه ، ولا يرجع ذلك الي حجية حكم التحكيم ذاته أمام القضاء ؛ وإنما مرجع قبول هذا الدفع أن اتفاق التحكيم يترتب عليه طالمـا
تم صحيحاً إقصاء القضاء عن نظر النزاع ، والتالي الفصل من جانب القضاء فيما تم الفصل فيه بالتحكيم43 .

 

وبخصوص دعوى بطلان حكم التحكيم ، فتنص المادة رقم 52 من قانون التحكيم علي أنه : –
1- لا تقبل أحكام التحكيم التي تصدر طبقا لأحكام هذا القانون الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن المنصوص عليها فى قانون المرافعات المدنية والتجارية .
2- يجـوز رفع دعـوى بطلان حكم التحكيم وفقا للأحكام المبينة فى المادتين التاليتين.
فدعوى بطلان حكم التحكيم نظام خاص وأسلوب جامع لمراجعة حكم التحكيم ، فلا يجوز تفسير أسبابها تفسيراً ضيقاً بغير نص باعتبارها السبيل الوحيد لإلغاء حكم التحكيم ، فنحن لسنا مع الفقه في أنه لا سبيل بعد إلغاء المشرع للاستئناف والتماس إعادة النظر وأمام تحديد حالات البطلان وحصرها لمعالجة كثير من العوار الذي يلحق بحكم التحكيم كمسألة أبتناء الحكم علي ورقة مزورة أو علي غش أو ظهور ورقة يتغير بها وجه الحكم كان يحتجزها الخصم أو الخطأ في تطبيق القانون أو عدم رد الحكم علي دفاع جوهري لأحد الخصوم أو القصور في أسباب الحكم الواقعية ذلك أن المشرع في قانون التحكيم اختزل سبل مراجعة حكم التحكيم نظراً لطبيعة التحكيم الخاصة في طريق واحد جامع لما يمكن أن تنطوي عليه سبل الطعن المختلفة هو رفع دعوى ببطلان الحكم توخياً لعدم إطالة أمد النزاع الأمر الذي لا يتفق وما تقتضيه التجارة الدولية من سرعة استقرار الحقوق والمراكز القانونية ، كما أن هيئة التحكيم ليست درجة من درجات التقاضي تعلوها أخري وإنما هي المحطة الأولي والأخيرة التي ينتهي عندها النزاع ، وعليه فإذا كان المشرع اتساقاً مع طبيعة التحكيم ونظام آلية حسم منازعاته قد رسم سبيل إصلاح خطأ ما يصدر عن هذه الآلية وحصرها في دعوى البطلان بناء علي أسباب حددها فإنه يتعين عدم مقارنة هذه الوسيلة بسبل إصلاح الخطأ في النظام القضائي لاختلافه عن نظام التحكيم من حيث أداة الحكم ودور الإرادة والقانون الذي علي أساسه تصدر الأحكام والهدف من سبل الإصلاح ، فبينما في النظام القضائي يقوم التقاضي علي درجتين تعلوهما محكمة النقض ويطبق القضاء نصوص التشريع التي تسري علي الكافة فإن التقاضي في التحكيم لا تعدد درجاته وتطيق هيئة التحكيم القانون الذي اختاره الأطراف ، وبينما تسعي طرق الطعن في الأحكام الي توحيد أحكام القضاء بجمع كلمة القضاء علي كلمة سواء حيال تطبيق القانون وتفسيره تحقيقاُ لمبدأ المساواة أمام القانون يختلف الأمر تماماً بالنسبة لدعوى بطلان حكم التحكيم التي تهدف الي إبطال الحكم إذا ما قام ما يدعوا إليه إشباعاً لغريزة العدالة في نفس الخصوم وليس لتوحيد أحكام القضاء بشأن التحكيم الذي يختلف بإخلاف القانون الذي اختاره الأطراف ، ومن ثم فإنه يتعين تفسير الأسباب التي تقوم عليها دعوى البطلان باعتبارها السبيل الوحيد لمراجعة حكم التحكيم تفسيراً واسعاً ، كما لا يجوز تفسير أسباب هذا البطلان علي ضوء أسباب طرق الطعن في الأحكام وقياسها عليها أو تخصيصها وتقيدها بغير نص فهي أسباب جامعة يمكن أن تتسع لما تصور الفقه أنها لا تتسع له ، وعلي ضوء ذلك فإنه يمكن علي سبيل المثال أن تدخل حالة أبتناء الحكم علي غش أو ورقة مزورة أو ظهور ورقة حاسمة كان يحتجزها الخصم تحت البند ج من الفقرة الأولي من المادة 53 التي تتيح رفع دعوى البطلان إذا تعذر علي أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه لأي سبب خارج عن إرادته وهو ما تجعله اتفاقية نيويورك سبباً لرفض الاعتراف بحكم التحكيم ورفض تنفيذه حيث تنص صراحة في البند ب من الفقرة الأولي من المادة الخامسة علي عدم الاعتراف بالحكم وعدم تنفيذه إذا كان الخصم المطلوب تنفيذ الحكم عليه لم يعلن إعلاناً صحيحاً بتعين المحكم أو بإجراءات التحكيم أو كان من المستحيل عليه لسبب آخر أن يقدم دفاعه لما ينطوي عليه ذلك من إخلال بحث الدفاع ، كما يمكن أن يتسع سبب البطلان المبني علي وقوع بطلان في حكم التحكيم الذي نص عليه البند ذ من الفقرة الأولي من المادة 53 لحالات عيوب التسبيب كقصورها وتناقضها والخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن أن الخطأ في تطبيق القانون علي النزاع يعتبر نوعاً من استبعاد القانون الواجب التطبيق علي موضوع النزاع وهو سبب من أسباب البطلان التي نصت عليه المادة 53 فقرة 1 بند د ، وقد نصت صراحة الفقرة الأولي بند د من المادة 52 من اتفاقية واشنطون علي أن فشل المحكمة في ذكر الأسباب التي لابني عليها حكم التحكيم يجيز لصاحب الِشأن أن يتقدم بطلب كتابي لإلغاء حكم التحكيم الأمر الذي يؤكد عدم صحة استبعاد عيوب التسبيب من نطاق دعوى البطلان . ومما يؤكد سلامة ما انتهيا إليه من أن دعوى بطلان حكم التحكيم هي أسلوب جامع لما يمكن أن تنطوي عليه أسباب الطعن علي حكم التحكيم باعتبارها الأسلوب المناسب لطبيعة التحكيم وآلياته ؛ إنه حتى في الدول التي مازالت تأخذ بنظام الطعن علي حكم التحكيم بالاستئناف مع وإتاحه الفرصة في ذات الوقت أمام أطراف النزاع في رفع دعوى بطلان حكم التحكيم مثل فرنسا ولبنان فإنها حددت ميعاداً واحداً للطريقين هو ثلاثون يوماً ، ووحدت المحكمة المختصة بنظر الاستئناف ودعوى البطلان وجعلتها محكمة الاستئناف التي صدر في نطاقها حكم المحكمين المطعون فيه .

والأهم من ذلك كله أنها تقرر عدم قبول دعوى البطلان إذا كان طريق الطعن بالاستئناف مفتوحاً ، أي أن دعوى البطلان والطعن بالاستئناف ليسا سلاحان منفصلان متتابعان يمكن استخدام كل منهما علي استقلال للطعن في حكم التحكيم مما يعرقل تنفيذه ويقضي علي فاعليته ، وإنما حرص المشرع علي دمجهما واستخدمهما مرة واحدة خلال مدة واحدة أمام محكمة واحده ، الأمر الذي يفهم منه رغبة المشرع في ضرورة مراعاة الطبيعة الخاصة للتحكيم وإيجاد أسلوب واحد لإصلاح خطأ الحكم يتسع لكل عوار حكم التحكيم ، سواء سمي هذا الأسلوب بدعوى البطلان أو بالاستئناف ، إذ الهـدف دائماً واحد وهو إلغاء حكم التحكيم المعيب44 .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(42) د. أحمد السيد صاوى – مرجع سابق – ص 264 .
(43) د . إسلام تبارك – المرجع السابق – ص 405 .
(44) العميد الدكتور أحمد السيد صاوى – المرجع السابق – ص 224 .


مكتب محامى مصر للمحاماة والاستشارات القانونية 

Lawyer Egypt Firm

مكتب المستشار القانونى / أحمد سيد حسن 

” المحامى بالنقض والدستورية والإدارية العليا “

محامى متخصص فى تأسيس الشركات الاجنبية فى مصر

(whats app ) واتس أب :          201220615243+

للتواصل  :              201103004317+

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Howdy,
Search exact
Search sentence
Ad2
Ad1