You cannot copy content of this page
مركز الوسيط في جريمة الرشوة
– عرف قانون العقوبات جريمة الرشوة في المادة (103) منه على النحو الآتي : –
(يعد مرتشيًا كل موظف عمومي قبل وعدًا من آخر بشيء ما أو أخذ هدية أو عطية لأداء
عمل من أعمال وظيفته ولو كان العمل حقًا أو لامتناعه عن عمل من الأعمال المذكورة ولو ظهر له أنه غير محق).
و الرشوة إذن هي كما يستفاد من هذا وكما عرفها المرحوم أحمد بك أمين نقلاً عن العلامة جارو (اتفاق على جعل أو فائدة مقابل أداء عمل أو الامتناع عن عمل يدخل في وظيفة المرتشي أو مأموريته).
وعرفها الأستاذ مرقص بك فهمي في مقال قيم له نُشر بمجلة المحاماة السنة التاسعة صـ 713 أنها : –
(تتم بالاتفاق المكون من إيجاب ثم قبول بشرط أن يكون الموظف مختصًا سواء نفذ ما تعاقد عليه أو لم يُنفذ).
وأضيف أنا إلى هذين التعريفين العبارة الآتية : –
(سواء كان العمل المطلوب حقًا أو غير حق).
إذن الرشوة توجد من اتفاق يتكون من إيجاب وقبول، أو بعبارة أخرى هي ثمرة تلاقي إرادتين. فهل يشترط لوجود جريمة الرشوة وتمامها أن تكون الإرادتان صادقتين – أو بعبارة أدق – هل يشترط أن يكون الإيجاب واقعيًا صادقًا وأن يكون القبول واقعيًا وصادقًا أو أن صدق الإيجاب وصدق القبول هما شرط لوجود تمام جريمة الرشوة.
إذا كانت الرشوة ثمرة اتفاق أو ثمرة تلاقي إرادتين وهي عمل واحد بين متعاقدين فلا نظن أن أي خلاف يمكن أن يقوم على اشتراط صدق الإيجاب وصدق القبول – ولا يمكن أن يكون هناك خلاف على أن الإيجاب إن كان صوريًا وأن القبول إن كان صوريًا لا ينعقد بهما عقد الرشوة فإذا تقدم فرد إلى موظف وعرض عليه رشوة رغبة الإيقاع به فقبلها الموظف رغبةً في الإيقاع براشيه فلا يمكن أن توجد جريمة الرشوة.
عرضت لهذا محكمة النقض والإبرام المصرية ابتداءً من سنة 1901 فقضت بأن الراشي يعاقب على شروعه في رشوة الموظف العمومي ولو أن الموظف أخبر رؤساءه بأمر الرشوة من بدء حصولها وظل يوافيهم بما يجري بينه وبين الراشي من المخابرات مع تظاهره للراشي بمظهر المستعد للقبول حتى ضُبطت الجريمة –
(نقض 27/ 4/ 1901 المجموعة الرسمية 2 صفحة 285).
– وكذلك قضت محكمة النقض والإبرام في 24 إبريل سنة 1933 : –
إن جريمة الرشوة لا تتم قانونًا إلا بإيجاب من الراشي وقبول من جانب المرتشي إيجابًا وقبولاً حقيقيين – فإذا كان الشخص الذي قدمت له الرشوة قد تظاهر بقبولها ليسهل على أولي الأمر القبض على الراشي متلبسًا بجريمته فإن القبول الصحيح الذي تتم به الجريمة يكون منعدمًا في هذه الحالة ولا يكون في المسألة أكثر من إيجاب من الراشي لم يصادف قبولاً من الموظف فهو شروع في رشوة منطبق على المادة (96) عقوبات (المادة 11 عقوبات جديد) مجموعة القواعد القانونية للأستاذ محمود عمر – الجزء الثالث صفحة 173.
ونرجو أن يلاحظ أن الهيئة التي أصدرت هذا الحكم كانت مكونة من حضرات عبد العزيز فهمي باشا، ومصطفى محمد باشا، وزكي برزي بك، ومحمد فهمي حسين بك وأحمد أمين بك.
نخرج من هذا على أنه إذا كان الإيجاب معيبًا غير صادق ولا حقيقي وصادف قبولاً غير صادق ولا حقيقي لا توجد جريمة الرشوة فإن كان أحدهما معيبًا والثاني صادقًا تكون الجريمة ناقصة وإذا كانت ناقصة فما هو وضعها القانوني ؟
إذا كان الإيجاب صادقًا وحقيقيًا وكان القبول صوريًا غير حقيقي فلا عناء في وصف هذا النوع من الرشوة لأن محكمة النقض والإبرام وصفت هذه الجريمة بأنها شروع في رشوة يعاقب عليه القانون بالمادة (111) عقوبات ونصها : –
من شرع في إعطاء رشوة ولم تقبل منه أو في الإكراه بالضرب والتهديد ونحوهما ولم يبلغ مقصده يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصري.
وأما إذا كان القبول صحيحًا صادقًا والإيجاب غير صادق فلا يكون هناك إلا عرضًا من جهة الموظف الذي يحاول الرشوة لم يصادف قبول الفرد الذي تطلب منه الرشوة – وبعبارة أخرى،
هل الإيجاب الصادق من ناحية الموظف والقبول الصوري من ناحية الفرد – أو عدم القبول إطلاقًا – يمكن أن يدخل تحت طائلة العقاب.
أو بعبارة ثالثة – إذا كان الشروع في الرشوة من ناحية الفرد يعاقب عليه القانون بمقتضى المادة (111) – فهل الشروع من ناحية الموظف أو من ناحية الوسيط يمكن أن يدخل تحت طائلة العقاب.
أو بعبارة رابعة – هل تحتمل جريمة الرشوة – إن كان صاحب التفكير الأول فيها الموظف أو الوسيط – الشروع أو لا تحتمله.
من الجرائم التي يعاقب عليها قانون العقوبات ما لا يحتمل مراحل الجريمة الثلاث وهي (الأعمال التحضيرية – والبدء في التنفيذ – والتنفيذ) لأن هذه الجرائم تقع بصورة يمتزج فيها البدء بالتنفيذ مع التنفيذ ذاته فلا مبدأ لها ولا نهاية بل هي تقع بصورة لمحية أو وقتية .
وأبرز مثل لهذه الجرائم هو جريمة هتك العرض، وجريمة القذف، وجريمة السب، وجرائم النشر إطلاقًا – فهذه الجرائم لا تحتمل الشروع – ولا يمكن أن يتصور فيها – وعلى نسقها جريمة الرشوة – لأنها إنما تنحصر في أمر معنوي صرف هو تلاقي الإرادتين – إيجابًا – وقبولاً – وعدًا أو عطاءً.
عرض الأستاذ مرقص بك فهمي في المقال السالف الذكر للشروع في جناية الرشوة – وكيف أنه يتحقق – وقارن في بحثه بين القانونين المصري والفرنسي – وانتهى من بحثه إلى أن الشروع لا يتصور في جناية الرشوة إطلاقًا فقال : –
(الواقع إن القانون والعقل وطبيعة العمل – كل هذا يقتضي أن الشروع في الرشوة من جانب الموظف وبمجرد الاقتراح أمر لا يجوز).
ولكن المسيطرين على تطبيق القانون يفهمون دائمًا – مدفوعين بعامل الصلاح والاستقامة – أنهم مسيطرون أيضًا على الآداب العامة فيدفعهم الغضب على من أخطأ إلى تلمس العقوبة من أي طريق – وفي القانون جنايات وشروع – والمفهوم أن لكل عمل شروعًا فالطريق لتطبيق العقوبة نراه سهلاً بسيطًا، ولو تمهل الباحث وأنصف – وحسب للضعف الإنساني حسابه – ونذكر أن لعثرات اللسان مجالاً لغير ميدان الجنايات وتذكر أنه ما من جناية تولد من هفوة كلامية أو من نزعة طائشة انحصر أثرها في كلمة تذهب في الهواء – إذا تذكر شيئًا من هذا وقف أم هذه العقوبة التي تذهب بحياة إنسان وتلصق بأهله العار – بكلمة – قد لا يعلم أحد إن كانت تعبر عما في قلبه أو هي سهم طائش – نقول – لو تذكر هذا لوقف موقف الجزع والشفقة ولا ندري أتقف شفقته عند من قضى عليه أو تصل به إلى الاجتماع كله – فما أسعد الناس إذا اقتصرت جناياتهم على عثرات اللسان.
أراد الأستاذ مرقص بك فهمي أن يدعم رأيه الذي ساقه في مقاله السالف الذكر فقال : –
(إن أصحاب البنديكت وجارو كانوا يرون أن عرض الموظف أخذ رشوة – إذا لم يقبل هذا العرض – يكون شروعًا إلا أن جارو رجع عن رأيه فيما بعد وقال هذا الرأي يظهر لنا إنه نتيجة لمبادئ الشروع العامة ولكن يجب علينا أن نلاحظ أن العلماء لم يرد في مباحثهم إمكان الشروع في الرشوة من جهة الموظف).
ثم قال الأستاذ مرقص بك فهمي إن جارو تقدم بعد ذلك خطوة إلى الأمام فكتب في الجزء الرابع من مؤلفه طبعة ثانية صفحة 75 ما نصه : –
المادة (177): (وهي تقابل المادة 108 عقوبات مصر) إنما تقرر العقوبة على قبول العرض أو الوعد للغرض المعين فهي بذلك تجعل الجريمة في اتفاق الإرادتين وعلى هذا فإن طلب نقود – إذا لم يقبله من طلب منه – لا يعتبر إلا شروعًا في جنحة الاتجار بالوظيفة وهي جنحة لا عقوبة عليها بنص في القانون، ومعنى هذا الرأي الذي انتهى إليه جارو أنه لا شروع في جناية الرشوة مطلقًا.
لم يكن هذا هو رأي الأستاذ مرقص بك فهمي – ولا رأي جارو فقط – بل هو أيضًا رأي محكمة النقض والإبرام المصرية في حكم صدر منها بتاريخ 3 يناير سنة 1929 ونشر بمجموعة الأستاذ محمود عمر (الجزء الأول صفحة 97) وقبل أن نسوق هذا الرأي ونعلق عليه ونستخرج منه النتائج التي تتفق مع رأينا نرجو أن يلاحظ أن الهيئة التي أصدرت هذا الحكم كانت مكونة من (عبد العزيز فهمي باشا – ومحمد لبيب عطية باشا – ومسيو سودان – وزكي برزى بك – وحامد فهمي بك).
– قال الحكم المذكور : –
(جريمة ارتشاء الموظف المنصوص عليها في المادة (89) من قانون العقوبات تتحقق أما بقبول الموظف وعدًا بشيء ما لأداء عمل من أعمال وظيفته أو لامتناعه عن عمل من أعماله – وأما بأخذه عطية أو هبة لأي هذين الغرضين، فتنفيذ هذه الجريمة إنما يكون بإيقاع ذلك القبول أو هذا الأخذ – وفي كل من القبول أو الأخذ ينحصر مبدأ التنفيذ ونهايته، وإذن فالوعد – أو الإعطاء – من جانب الراشي مهما يكونا محرمين واقعًا جانيها تحت العقاب – فإن كليهما بالنسبة لجريمة ارتشاء الموظف عمل تحضيري بحت، ومثلهما الاستيعاد والاستعطاء الحاصلان لذي الحاجة من جانب الموظف – بل هذان أشد من الوعد أو الإعطاء تغلغلا في باب التحضيريات من قبل أنهما أسبق زمانًا منهما من مبدأ التنفيذ) .
ترى محكمة النقض والإبرام إذن أن الوعد أو العطاء من ناحية الراشي والقبول أو الأخذ من ناحية الموظف هما مبدأ التنفيذ ونهايته – ومعنى هذا أن جريمة الرشوة تقع وتتحقق بالقبول أو الأخذ – وأن لا مبدأ لتنفيذهما – حتى يقال إن هناك شروعًا – لأن مبدأ التنفيذ، والتنفيذ ذاته – يمتزج أحدهما بالآخر امتزاجًا لا يجعل لواحد منهما حياة مستقلة يحيا بها فيقال إن هناك مبدأ تنفيذ يمكن أن يكون شروعًا – وأن هناك تنفيذًا يمكن أن تتم به الجريمة.
– ويقول الحكم كذلك : –
(إن الوعد أو الإعطاء إذا لم يقبلهما الموظف لا يكونان بالنسبة له جريمة ما بل هما يكونان بالنسبة للراشي جريمة الشروع في الرشوة المنصوص عنها في المادة (111) فإن كان الاستيعاد أي طلب الوعد – أو الاستعطاء – أي طلب الإعطاء واقعان من جانب الموظف فلا يكون ذلك إلا عمل تحضيري).
وخلاصة هذا الحكم أن جريمة الرشوة – إذا لم تتم – فلا تحتمل الشروع اللهم إلا ذلك الشروع الذي نص عنه صراحةً في المادة (111) من قانون العقوبات وهو بالنسبة للراشي، ونرجو أن يلاحظ أن هذا الذي سمي (شروعًا) في المادة (111) لم يكن شروعًا بالمعنى القانوني الصحيح لأنه عين الوقائع المادية التي تكونه – ومعنى هذا أنه لا عقاب على الراشي إذا شرع في رشوة وخاب أثر جريمته بسبب خارج عن إرادته غير عدم القبول الذي نص عنه في المادة (111) – فمثلاً إذا وضع في يده مالاً وذهب إلى أحد الموظفين ليقدمه له – وضُبط وهو يمد يده بهذا المال إلى الموظف – أي قبل أن تظهر نية الموظف في القبول أو عدم القبول فلا شروع ولا عقاب.
وخلاصة جميع ما تقدم أن الشروع لا يتصور إطلاقًا في جريمة الرشوة اللهم إلا ذلك الذي نص عنه في المادة (111) من قانون العقوبات – أو بعبارة أخرى إذا نص عن الشروع في المادة (111) بالنسبة للراشي ولم ينص عنه بالنسبة للمرتشي أو الوسيط فلا عقاب على هذين الآخرين في حالة الشروع.
هل يمكن أن يتصور الشروع بالنسبة للوسيط
الشروع من ناحية الراشي نص عنه في المادة (111) عقوبات.
الشروع من ناحية الموظف لم يعرض له القانون وترك أمره للقواعد العامة.
ومعنى ذلك أن الشروع من ناحية الموظف يعاقب عليه كجناية – إن احتملت جناية الرشوة الشروع – ولا يعاقب عليه إذا لم تحتمل هذه الجناية الشروع – وقد سبق لنا التدليل على أن هذه الجناية لا تحتمل الشروع.
– بقي أن نبحث مركز الوسيط : –
نص على عقاب الوسيط في المادة (108) عقوبات فجعل شأنه شأن الراشي وشأن الموظف المرتشي عند تمام الجريمة.
فإذا كانت الجريمة ناقصة – هل يمكن أن يكون هناك شروع في وساطة.
عرض المرحوم أحمد أمين بك لهذا في كتابه شرح قانون العقوبات صفحة 5 فقال: –
(وقد يتوسط بين الراشي والمرتشي شخص ثالث وهو (الرائش) – وقد سماه القانون في المادة (93) (المتوسط) ولم يضع له الشارع الفرنسي حكمًا خاصًا – وهو عند الشراع الفرنسيين والمحاكم الفرنسية شريك لمن كلفه الوساطة).
ولكن الشارع المصري عنى بالنص عليه في معرض تقرير العقاب – فهل أراد بذلك أن يجعل من فعله جريمة خاصة كجريمة الراشي، ليس ثمة ما يبرر القول بذلك لأن الرائش ليس له عمل مستقل في جريمة الرشوة بل هو رسول أحد الطرفين إلى الآخر وقد يكون رسولاً مشتركًا بينهما وعلى كل حال فالواجب أن تكون جريمته معلقة بمصير جريمة من كلفه الوساطة سواء في حالة التمام أو الشروع أو الانعدام إلا ما اُستثنى في حالة الإعفاء المنصوص عليها في ختام المادة (93) من قانون العقوبات، ومعنى هذا أن جريمته لا يتصور وجودها منفصلة فيتعين إذن اعتباره شريكًا لمن كلفه الوساطة أو فاعلاً أصليًا معه في جريمة واحدة، والرأي الأول أرجح.
ثم أراد أحمد بك أمين أن يتحدث عن عقوبة الوسيط صفحة 31 فقال : –
لم يترك القانون حكم الرائش (أي الوسيط) لقواعد الاشتراك العامة – بل نص على عقابه في المادة (93) عقوبات فجعله مساويًا لعقاب الراشي والمرتشي أي السجن مع غرامة تساوي قيمة ما أعطى أو وعد به.
أما في حالة الشروع فيختلف عقابه بحسب ما إذا كان وسيطًا للراشي أو للمرتشي – فإذا كان يعمل لصالح المرتشي فيعد شريكًا له ويعاقب على الشروع بالمادة (93) من المادتين (45) و(46) عقوبات – وإذا كان يعمل للراشي فيعاقب معه بالمادة (96) عقوبات.
ذلك هو رأي المرحوم أحمد بك أمين – ونحن ندين بهذا الرأي.
أولاً: لأن هذه التسمية (الوسيط) لم ترد إلا في المادة (108) عند تقرير العقوبة وفي حالة تمام الجريمة – فلا يمكن أن يسمى من ساهم في الجريمة الناقصة باسم الوسيط – بل يجب أن يلحقه وصف آخر من تلك الأوصاف التي عينها القانون – وهو أما أن يكون فاعلاً أصليًا أو شريكًا أو مفاعلاً.
ثانيًا: إن القانون في ذكر (الوسيط) على التعيين في (108) خرج على نصوص القانون الفرنسي الذي كان ينقل عنه وأراد أن لا يترك في هذه الحالة المعينة – وهي حالة تمام الرشوة – أمر الوسيط لقواعد الاشتراك العامة فقد ينقصه ركن من أركان ذلك الاشتراك وبهذا يفلت من العقاب فوضعه مع الراشي والمرتشي وسماه وسيطًا وجعل عقابه هو عقاب الراشي والمرتشي سواء بسواء – فلا يمكن قياس الجريمة الناقصة على هذه الحالة المعينة بالذات وهي الجريمة التامة – لأن القواعد العامة تقضي بأن لا عقوبة إلا بنص في القانون.
إذن – الوسيط لا يمكن أن يسمى وسيطًا في غير الجريمة التامة ويبقى أنه إن ساهم في عمل الراشي – إذا كانت الجريمة ناقصة – عوقب عقاب هذا الراشي كشريك أو مفاعل – وإن ساهم في عمل الموظف عوقب بعقاب هذا الموظف إن كان القانون يسمح بهذه العقوبة في الجريمة الناقصة وقد سبق لنا القول بأن جريمة الرشوة لا تحتمل الشروع من ناحية الموظف مطلقًا ولا عقاب عليه إن استعطى أو استوعد كما سبق لمحكمة النقض إن قررت ذلك في حكم 3 يناير سنة 1929.
على أن تعيين الناحية التي يساهم فيها الوسيط فيكون شريكًا لصاحبها تتعين بوقائع الدعوى أو بصاحب المصلحة، فإن كان لا يعمل لواحد منهما ويعمل لنفسه كان عمله بعيدًا عن جريمة الرشوة إطلاقًا لا يمت لها بصلة مطلقًا – فقد يكون نصبًا إذا توفرت أركانه – وقد يكون غير ذلك – وتتعين المصلحة بين الراشي والمرتشي بصاحب الغنم الأكثر من الاثنين في هذا الاتفاق غير المشروع.