You cannot copy content of this page

 هل يحق تعويض المحبوسين احتياطيا بعد حصولهم على البراءة ؟

 هل يحق تعويض المحبوسين احتياطيا بعد حصولهم على البراءة ؟


– أن القضاء المصري ظل مخلصا وبشدة لمبدأ أن الدولة لا تسأل عن أعمال السلطة القضائية لدرجة أدت عملا إلي عدم تطبيق الحالات الاستثنائية للمسئولية التي أدخلت علي هذا المبدأ وهي : –

1- التعويض نتيجة الخطأ المهني الجسيم للقاضي في دعوي مخاصمة القضاة

2- التعويض في حالة إنكار العدالة.

القاعدة العامة: –

عدم مسئولية الدولة عن أعمال السلطة القضائية علي أساس الخطأ مهما كانت الإضرار الناشئة عن هذا الخطأ وتستند هذه القاعدة إلي عدة مبررات ونظريات هي : –

النظرية الأولى : حجية الأحكام وقوة الشيء المقضي به

وتعتبر هذه أهم النظريات والتبريرات لعدم مسئولية الدولة ومفادها أن الحكم يعتبر عنوان الحقيقة فيما قضي به، ولذا فإن السماح للإفراد بالمطالبة بالتعويض عن الإحكام القضائية بحجة أن تلك الإحكام مخطئة يتعارض مع فكرة الحجية، ولكن هذه الحجة لا يمكن التسليم بها لانها من ناحية لا تعتبر كل احكام القضاء احكاما تحوز قوة الشيء المقضي به كالاحكام التمهيدية والتحضيرية، من ناحية اخري طلب التعويض عن الحبس الاحتياطي بعد الحصول علي حكم البراءة لا يتعارض مع حجية هذا الحكم.

 

– النظرية الثانية: سيادة القضاء

استند جانب من الفقه الي فكرة السيادة كمبر لعدم مسئولية الدولة عن اعمال السلطة القضائية وذلك علي اساس ان المسئولية تتنافي مع السيادة بما لها من ارادة ذاتية تسمو علي ارادة الافراد وبالتالي لا يمكن مساءلتها .

ولكن هذه النظرية لا يمكن التسليم بها مطلقا خاصة وان التطور التشريعي اتجه الي مسئولية الدولة عن اعمال السلطة التنفيذية ( الحكومة ) والتشريعية ( مجلس النواب ) وبالتالي المسئولية عن اعمال السلطة الثالثة ( القضائية)

 

النظرية الثالثة: استقلال السلطة القضائية.

بعض الفقهاء اعتنقوا ايضا هذه النظرية علي اساس انه لا يجوز ان تترتب مسئولية الحكومة عن أعمال القضاة لأن الحكومة تسال عن أخطاء موظفيها فقط لما لها عليهم من سلطة التوجية والاشراف والرقابة، وهو ما لا تملكه بالنسبة للقضاة فالعلاقة بين الحكومة والقضاء ليست علاقة سيد بخادم او متبوع بتابع.. ولكن هذه النظرية لها ما يدحضها ايضا مثل سابقيها فمرفق القضاء هو سلطة من سلطات الدولة والحكومة عندما تقوم بدفع التعويضات انما تفعل ذلك كونها المديرة لأموال الدولة والحارسة عليها، وكنوع من العدالة الاجتماعية للأفراد.

 

النظرية الرابعة : المركز السامي للقضاه

ذهبت بعض الآراء الفقهية واحكام المحاكم ذاتها حول المركز السامي للقضاه كمسوغ لعدم المسئولية كون القاضي ليس شخصا عاديا وإنما يتميز بخصوصية تميزه عن غيره.. غير أن هذه الحجة لم تدم طويلا ايضا لأن القاضي ليس الا بشرا يخطيء ويصيب وهو مثل كل من يمارس عملا يتمتع بسلطة من اجل اداء واجبه، لذلك لم يعد القاضي بعيدا عن المساءلة الجنائية اذا ما خالف القانون.

 

النظرية الخامسة : الاعتبارات العملية.

ذهب البعض ايضا الي القول بان مسئولية الدولة عن اعمال القضاء من شأنه ان يؤدي الي تردد رجال القضاء في الاحكام والخوف من المسئولية وهذا من شأنه عرقلة سير العدالة …. إلا أن تلك الحجة لم تسلم من النقد أيضا لأن المسئولية هنا ليست مسئولية القاضي الشخصية بل مسئولية الدولة عن أعمال السلطة القضائية كسلطة من سلطاتها.

 

اسباب المسئولية عن اعمال السلطة القضائية.

لاشك ان استمرار مبدأ عدم مسئولية الدولة الا بصفة استثنائية «دعوي المخاصمة وانكار العدالة» هو امر تأباه الدالة ويتنافي مع فكرة الدولة الديمقراطية الحديثة … عكس القضاء الفرنسي الذي طبق هذه المسئولية واخذ بها منذ امد ليس بالقليل.

واخيرا وبعد ثورتين عظيمتين جاء الدستور المصري العظيم وهو دستور الحقوق والحريات الصادر عام 2014 ودحض كل هذه النظريات ونص في المادة 54 منه علي التزام الدولة بأن تؤدي تعويض في حالتين 1/ عن الحبس الاحتياطي 2/ عن تنفيذ عقوبة صدر حكم بات بالغاء الحكم المنفذة بموجبه… ولكن إلي الأن لم يصدر القانون الذي ينظم كيفية والية التعويض وفقا لما جاء بالدستور.

ولكن استقرت محكمة النقض علي أن : الدستور هو القانون الوضعي الرسمي صاحب الصدارة وعلي ما دونه من التشريعات النزول عند أحكامه فإذا ما تعارضت هذه وتلك وجب التزام أحكام الدستور وإهدار

ما سواها …فإذا ما اورد الدستور نصا صالحا بذاته للاعمال بغير حاجة الي سبق تشريع ادني لزم اعمال هذا النص من يوم العمل به ويعتبر الحكم المخالف له في هذه الحالة قد فسخ ضمنا بقوة الدستور نفسه.

أيضا هناك اتفاقية دولية للحقوق المدنية والسياسية التي وقعت عليها مصر عام 1967 والتي اقرتها الهيئة العامة للأمم المتحدة بتاريخ 16/12/1966 ، وقد صدر القرار الجمهوري رقم 536 لعام 1981 بالتصديق علي هذه الاتفاقية وقد صدر بها قرار وزير الخارجية المصري بنشر الاتفاقية في الجريدة الرسمية والعمل بها اعتبارا من 14/4/1982.. وهذه الاتفاقية تضمن التعويض أيضا.

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Howdy,